-10-
طاقة الترابط الديناميكي اللونى:
الذرة تتكون من الالكترونات والنواة وترتبط الالكترونات السالبة الشحنة بالنواة الموجبة عن طريق القوى الكهرومغنطيسية و يوجد جسيم ليست له كتلة و متعادل كهربياً يحمل التفاعل الكهرومغنطيسي وهو الفوتون. الان نفس هذا السناريو ينسحب على الكواركات فمثلاً البرتون يتكون من ثلاثة كواركات و هذه الكواركات المشحونة لونياً ترتبط مع بعضها البعض عن طريق القوة النووية القوية و توجد جسيمات عديمة الكتلة تحمل هذا التفاعل وهى تسمى الغولونات.
اذن نجد ان الميزون مثلاً يتكون من كوارك وكوارك مضاد و غولونات تعمل على ترابطهما ( تزكر ان الغولونات تعلب دور قوى اللصق التى تحدثنا عنها سابقاً ) اما الباريون فيتكون من ثلاثة كواركات و غولونات تعمل على الترابط بينها.
اذن من هنا يجب علينا ان نفرق بين مجموع كتل الكواركات داخل الهادرون (ميزون او باريون) و بين كتلة المحتوى الكواركى اى كتلة الكواركات و الغولونات التى تحيط بها. ولكن نحن قلنا ان الغولونات ليست لها كتلة سكون.... اذن ما الذى نعنيه بمساهمة الغولونات فى الكتلة الكلية للهادرون؟ حسناً هناك نظرية انشتاين فى النسبية الخاصة و التى تقول ان الطاقة تكافئ الكتلة و لما كانت الكواركات ترتبط مع بعضها البعض عن طريق القوى النووية القوية (الشديدة) فان هناك طاقة كبيرة تحملها الغولونات التى تتبادلها الكواركات فى مابينها وهذه الطاقة تكافئ مقدار من الكتلة و ذلك حسب معادلة انشتاين الشهيرة E=mc^2
وهكذا نجد ان اغلب كتلة الهادرون تأتى من الغولونات التى تربط الكواركات داخل الهادرون اى تأتى من طاقة الترابط الديناميكي اللوني. فمثلاً نجد ان كتلة البرتون تعادل 938MeV/c^2 بينما ان مجموع كتل السكون للكواركات الثلاثة التى تكون البرتون يساوى 11MeV/c^2 اى ان الـ 927MeV/c^2 ناجمة عن مساهمة الغولونات فى الكتلة. وهنا قد يتبادر للذهن السؤال التالى.: لماذا تساهم الغولونات بـ 96% تقريباً من مجمل كتلة البرتون الكلية بينما ان مساهمة مجموع كتل الكواركات التى تشكل البرتون لا تتعدى الـ 4% ؟
دعنا نأخذ مثال الذرة مرة اخرى.
اذا جمعنا كتلة الالكترونات وكتلة النوة فاننا سوف نجد ان هذا المجموع يساوى تقريباً كتلة الذرة اى ان طاقة الترابط الكهرومغنطيسي التى تحملها الفوتونات لاتكاد تساهم فى الكتلة الكلية للذرة. اذن ما الذى يجعل لطاقة الترابط الديناميكى اللوني مساهمة فى الكتلة الكلية للهادرون اكبر بكثير جداً من مساهمة طاقة الترابط الكهرومغنطيسي فى الكتلة الكلية للذرة؟ بالطبع السبب هو شدة وطبيعة القوى , و لان شدة القوة النووية القوية اكبر بكثير من شدة القوى الكهرومغنطيسية لذلك نجد ان نسبة الطاقة التى تحملها الغولونات الى الطاقة المكافئة لكتل الكواركات داخل الهادرون اكبر بكثير جداً من نسبة الطاقة التى تحملها الفوتونات الى الطاقة المكافئة لمجموع كتل الالكترونات و النواة داخل الذرة
اذن لو سالنا صديقنا غير الفيزيائى: اذا كانت كتل الكواركات المكونة للبرتون تعادل 4% فقط من كتلة البرتون الكلية, فمن اين جاءت بقية الكتلة؟هل جاءت من العدم؟ فسوف نخبره بوجود نظرية تقول بتكافؤ الكتلة والطاقة و ان طاقة الغولونات داخل الهادرون تساهم بالقدر الاعظم من كتلة البرتون. وان لم يصدق صديقنا وجود طاقة الترابط النووى و لم يقتنع بالنسبية الخاصة فسوف نحكى له كيف انتهت الحرب العالمية الثانية....
مواقع النشر (المفضلة)