اختي هذا موضوع تحدث عن موضوع الليزر وعلاقته بمعالجة السرطان
لقد كان استخدام الليزر في معالجة بعض الأمراض الجلدية قبل 45 سنة بمثابة شرارة أشعلت هذا التقدم ،غير أن عيوب الليزر (القديم) ومضاعفاته أخرت هذا التقدم لثلاثين سنة قبل أن يتم تدارك إصلاح بعضاً من هذه العيوب ليبدأ تطبيق الليزر (الجديد) منذ أقل من عقدين في علاج الأمراض الجلدية.
قد يتساءل المتسائلون :ماهو الليزر ،كيف يعمل،وما هو التقدم الذي ندعيه ؟
إن الليزر عبارة عن ضوء كضوء المصباح الكهربائي الذي نستخدمه في منازلنا مع فروق معينة ،فقوة ضوء الليزر تفوق قوة ضوء المصباح بملايين المرات ،وبينما يتميز المصباح الكهربائي بكل أطياف الضوء تنحصر موجة الضوء في الليزر بطول معين ،وأخيرا ينتشر ضوء المصباح في كل الاتجاهات بينما نرى انتشاره في حالة الليزر في اتجاه معين بحيث يمكن تسليطه على نقطة معينة دون غيرها .

لتبسيط ما ذكرنا من نقاط فيزيائية غير مفهومة نقول بأن بإمكانية الليزر الحديث تسليط قوة هائلة من الطاقة على نسيج معين مولدا حرارة عالية قاتلة لهذا النسيج مما يؤدي الى إتلافه وفي الوقت نفسه لا يتم الإضرار بالأنسجة المجاورة أي أن إصابة ضوء الليزر للنسيج المراد معالجته تكون انتقائية دون التأثير بالأنسجة المحيطة. وهذا هو السر في تقدم الليزر في السنين الماضية .
يمكننا الآن مثلا استخدام الليزر لإغلاق أوعية دموية جلدية متوسعة كما يحدث في بعض الوحمات الدموية مع الحفاظ في الوقت نفسه على تلون الجلد الطبيعي أو بصيلات الشعر المتواجدة فيه ،وهي ميزة أدت لمعالجة مزيد من الأمراض الجلدية بعدما تمكنت شركات تصنيع الليزر من الوصول بتكنولوجيا الليزر الى مستوى غير مسبوق.


ماذا يعالج الليزر ؟
لقد توسعت استخدامات الليزر في الأمراض الجلدية ،بحيث غطت معظم الأمراض الجلدية ،وأهم استخداماته الحالية هي :
1. معالجة الوحمات الدموية وتوسع شعيرات الجلد الدموية : لقد كانت الوحمة الدموية من نوع PORTWINE STAIN اول الأمراض الجلدية التي عولجت بالليزر منذ 45 سنة. ولا بد أن مرضى هذه الوحمة الذين عولجوا بالليزر هم الأكثر تقديرا لمثل هذه التكنولوجيا التي ساعدتهم للخلاص من التشوه التجميلي الذي تسببه هذه الوحمات.وهناك أيضا أمراض جلدية أخرى مثل وردية الوجه التي تتظاهر بتوسع في شعيرات الجلد ،وهي أيضا تعالج بالليزر ، ويستخدم نفس جهاز معالجة الأوعية الدموية أيضاً لمعالجة الثآليل الفيروسية حيث يعطي نتائج إيجابية عالية وبأضرار أقل للجلد من وسائل المعالجة الأخرى .
2.ازالة الشعر الزائد :يظهر الشعر الزائد في بعض الفتيات والسيدات نتيجة لعامل الوراثة أو لخلل هورموني أو كلاهما ،اضافة الى تأثير بعض العقاقير الطبية وبعض المستحضرات الموضعية والتي قد تنشط نمو بصيلات الشعر.تتم ازالة الشعر وقتيا باستخدام الشمع أو الخيط وآليات اخرى وهي كلها معاناة متكررة على مدى الشهور والسنين .اما الازالة بالتحليل الكهربائي فقد كانت تتم باستخدام الابرة الموصولة بتيار كهربائي ضعيف ،مستهدفا حرق بصيلات الشعر واحدة تلو الأخرى ،مما كان يستلزم وقتا طويلا ومعاناة مؤلمة إضافة لعدد نسبة كبيرة من الشعر فيما بعد.

باستخدام الليزر وبعدد جلسات معدودة يتم التخلص تدريجيا من الشعرالزائد. لماذا العديد من الجلسات ؟
يؤثر ضوء الليزرفقط على بصيلات الشعر في اولى مراحل نموها المتكرر ،أي حين تكثر فيها المادة الصباغية والتي تدعى (الميلانين) والتي تشكل الهدف المثالي لضوء الليزر ،وحينما تقل المادة الصباغية في مراحل نمو الشعرة النهائية يقل معها تأثير الليزر على بصيلة الشعرة مما يستدعي الانتظار لفترة محددة لحين ازدياد صبغة الميلانين في البصيلة مرة أخرى .أما في حالة الشعر الأبيض فان انعدام المادة الصباغية يسبب انعدام تأثير الليزر على بصيلة الشعر ،وعدم استفادة المريض في هذه الحالة .
في الأسبوع القادم سنتابع التحدث عن الاستخدامات الأخرى لليزر.


v أمراض الجلد المصطبغة :تظهر تصبغات الجلد أي تلونه نتيجة عوامل خلقية كما في الوحمات الصباغية (وحمة OTAمثلا، والتي تظهر عادة في الوجه وخاصة حول العينين كتبقع مائل للون أزرق)،وقد تظهر التصبغات بعد تعرض طويل ومستمر لأشعة الشمس كالبقع الشمسية (تظهر على ظاهر اليدين والوجه كبقع بنية).
يؤثر ضوء الشمس على أغلب أنواع التصبغات الجلدية فيتسبب بظهورها أو بزيادة حدتها ،ويمكن ازالة جميع أنواعها تقريبا باستخدام الليزر باستثناء الكلف . وهناك أنواع مختلفة من الليزر تختلف بأطوال موجاتها ومنها على سبيل الذكر ( ليزر الـ Alex والـ Nd-YAG Q-Switch ).
v إزالة الوشم : لم يكن من الممكن سابقا ازالة الوشم بألوانه وأنواعه المختلفة دون الاضرار بالجلد بصورة أو بأخرى.مع وجود الليزر أصبح بالامكان.
التخلص من أنواع مختلفة من الوشم والمحافظة في الوقت نفسه على الجلد في صورة طبيعية .
v التجاعيد والندب :لقد جمعنا هذين المرضين مع اختلاف مسبباتهما لامكانية معالجتهما بجهاز ليزر واحد،فالتجاعيد تظهر نتيجة عوامل عديدة أهمها الوراثة والتعرض للشمس وتحرك عضلات الوجه الزائدة ،بينما تظهر الندوب كمضاعفات محتملة لأمراض جلدية كحب الشباب وجدري الماء (العنقز) اضافة للحوادث والجروح .ورغم توفر الوسائل الحديثة المتعددة لمعالجة التجاعيد الا أن أغلبها وقتي المفعول أوتعيبه استخدام مواد أو وسائل قد تؤدي لاضرار على المدى الطويل ،مما يجعل ازالة التجاعيد بالليزر أحد الوسائل الفعالة قليلة الأضرار.

وينطبق نفس المبدأ على الندب حيث يستخدم الليزر لوحده أو اضافة لمعالجات أخرى لاعادة شكل الجلد الى وضع أقرب ما يكون للوضع الأصلي له .

v معالجة سرطان الجلد بالـ Photodynamic Therapy :
يظن البعض أن الليزر يسبب السرطان وهو ظن لا أساس له ،بل وعلى العكس تماما تظهر الابحاث الحالية امكانية معالجة . إن بعض أنواع سرطان الجلد وباستخدام مواد كيماوية معينة تمتصها الخلايا السرطانية بقوة ومن ثم يتم تسليط ضوء الليزر عليها مما يؤدي الى موت الخلايا السرطانية .


ظهرت في السنوات القليلة الماضية أنواع جديدة من الليزر تقوم بتقنية مختلفة عن التقنيات السابقة ومعظمها متخصصة بعلاج شد الوجه دون جراحة مثل ليزر Thermage وليزر الـ Fraxel لمعالجة الندبات بشكل عام والكلف ولكن قلة النشرات والمقالات المنشورة في المجلات الطبية ومقارنة هذه الأنواع من الليزر مع المعالجات التقليدية الأخرى تجعلنا أن نكون حذرين حتى تكون الصورة أكثر وضوحاً.


ومن المهم في نهاية الحديث أن نؤكد على درجة أمان الليزر العالية :فالليزر لا يسبب السرطان ،والليزر لا يضر المرأة الحامل أو الجنين .

ويبقى أن يعلم مرضانا الأعزاء أن هناك حدودا لما يمكن معالجته بالليزر، قد يكون ذلك ،في بعض الحالات ، مخيبا لآمال المريض أو مقللا لتوقعاته ،فهذا الجهاز رغم تقدمه الحالي ليس جهازا سحريا ،ولكنه يبشر بالمزيد لتحسين أدائه في معالجة الأمراض الحالية ،وفي امكانيته المساهمة لمعالجة أمراض جديدة ان شاء الله !!