السلام عليكم ورحمة الله
لقد قرأت هذا الموضوع وأردت أن تقرأوه
صلوا على رسول الله خير الخلق

الانفجار الكبير بين العلم والقرآن
ما أكثر المشككين بكتاب الله تعالى والذين يحاولون نقد إعجاز القرآن الكريم والتشكيك بالسبق العلمي لهذا الكتاب العظيم. وهذا الأمر ليس غريباً، ولكن الغريب أن ترى بعض المسلمين يحاولون التشكيك بالقيمة العلمية العالية التي يتميز بها كتاب الله عز وجل، فتجدهم يقولون بأن القرآن ليس كتاب علوم أو فلك أو طب أو رياضيات! وأن القرآن لم يأت ليتحدث عن هذه النظرية العلمية أو تلك، إنما جاء فقط ليكون دستوراً إلهياً وكتاب هداية وتشريع!!
كيف يعجز رب العالمين أن يتحدث عن كل شيء وهو القائل عن كتابه العظيم مخاطباً خير البشر محمد صلى الله عليه وسلم: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)[النحل: 89]. وتأمل معي أخي الحبيب كيف رتّب الله تعالى أهداف إنزال القرآن حيث بدأ بالتأكيد على أن القرآن فيه بيان لكل شيء! وشتّان بين كلمة (إشارات علمية) التي يفضل بعضهم إطلاقها على القرآن، وبين الكلمة القرآنية: (تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) والتي تعني أن القرآن فيه بيان واضح ومفصّل لكل شيء يخطر ببالك.

وفي آية أخرى نجد التأكيد الإلهي على أن القرآن يحوي حقائق مفصّلة عن كل شيء وليس مجرّد إشارات، يقول تعالى: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [يوسف: 111]. وفي هذه الآية العظيمة لم يقل جلّ شأنه (إشارة لكل شيء)، بل قال (وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ) أي أن الحقائق العلمية الواردة في القرآن مفصّلة، ألا يدل هذا على أن القرآن يحوي من العلوم أكثر مما نتصوّر، ولكن أين من يرى هذه العلوم؟!!
المعجزة المتجدِّدة

يتميَّز كتاب الله تعالى بأنه يخاطب العقل والروح معاً، فيتحدث عن الحقائق العلمية وبالوقت نفسه يدعم هذه الحقائق بالهدف منها، وهو الوصول إلى الله تعالى، أي يتخذ من الحقيقة العلمية وسيلة للتقرب من الخالق جلَّ شأنه. وكلما اكتشف العلماء حقائق علمية جديدة كان للقرآن السَّبق في ذلك، فنحن في كتاب الله أمام معجزة متجددة تناسب كل زمان ومكان، فالقرآن كتاب مُعجزٌ للبشر جميعاً كلٌّ حسب اختصاصه.
أمل معي هذا النص القرآني الرائع عن التفكر في مخلوقات الله تبارك وتعالىويتفكّرون في خلق السماوات والأرض) [آل عمران: 191]. هذه دعوة من الله تعالى لكل ذي لبّ أن يتفكر في خلق السماوات وخلق الأرض، ونحن نستجيب لنداء الحق سبحانه لنعيش رحلة ممتعة من التفكر في آيات الله الكونية والعلمية.

وهذا خليل الرحمن سيدنا إبراهيم عليه السلام ينظر في ملكوت السماواتوالأرض ليزداد يقيناً بالله تعالى: (وكذلك نُري إبراهيمَ ملكوتَ السماواتِ والأرض وليكون من الموقنين) [الأنعام: 75]. هذه الآية العظيمة تؤكد بأن رؤية مخلوقات الله في السماء والأرض والتفكر فيها يجعل المؤمن من الموقنين، وما أحوجنا في عصر كهذا لمزيدمن اليقين والثقة والإيمان بالله عز وجل ولقائه.

القرآن يتحدث عن تمدد الكون

حتى بداية القرن العشرين كان العلماء يظنون بأن هذا الكون ثابت لا يتغيَّر، وُجد هكذا وسيستمر إلى مالا نهاية على ما هو عليه. فالشمس تطلعكل يوم من الشرق وتغيب من الغرب، والقمر أيضاً له منازل محددة طيلة الشهر، وفصول السنة من شتاء وصيف وربيع وخريف تتعاقب باستمرار، والنجوم هي هي.

في ظل هذه الرؤية، من كان يتخيَّل بأن حجم الكون يكبر ويتوسع باستمرار؟ هل يمكن لعقل بشري أن يتصور بأن السماء كلها تتمدَّد وتتوسع؟ ولكن في النصف الأول من القرن العشرين تم اختراع أجهزة دقيقة قادرة على تحليل الضوء القادم من النجوم البعيدة، وكانت المفاجأة التي أذهلت العالم هي انحراف هذا الضوء نحو اللون الأحمر، ولكن ماذا يعني ذلك؟

إذا نظرنا إلى نجم عبر التلسكوب المكبِّر وقمنا بتحليل الطيف الضوئي الصادر عنه، لدينا ثلاثة احتمالات:

1ـ إذا كانت المسافة التي تفصلنا عن هذا النجم ثابتة نرى ألوان الطيف الضوئي القادم منه كما هي.

2ـ إذا كان النجم يقترب منا فإن الطيف الضوئي في هذه الحالة يعاني انحرافاً نحو اللون الأزرق باتجاه الأمواج القصيرة للضوء، وكأن هذه الأمواج تنضغط.

3ـ إذا كان النجم يبتعد عنا فإن طيفه الضوئي ينحرف نحو اللون الأحمر،باتجاه الأمواج الطويلة للضوء، وكأن هذه الأمواج تتمدد.

والنتيجة التي حصل عليها علماء الفلك أن معظم المجرات البعيدة عنا تهرب مبتعدة بسرعات كبيرة قد تبلغ آلاف الكيلومترات في الثانية الواحدة! لذلك نجد ضوءها منحرفاً نحو اللون الأحمر. وبعد تطور أجهزة القياس والتحليل وباستخدام برامج الكمبيوتر تم تأكيد هذه الحقيقة العلمية، حتى إننا نجد اليوم أي بحث كوني ينطلق من هذه الحقيقة اليقينية.



شكل (2) يعتقد جميع العلماء اليوم بأن الكون يتوسع بسرعات مذهلة، وهذا الرسم المأخوذ من موقع وكالة ناسا للفضاء يوضح أن الكون بدأ من نقطة واحدة هي الانفجار الكبير وتوسع ولا زال يتوسع، وهذا ما نجده في قول الحق عزّ وجل: (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون).

والآن نأتي إلى كتاب المولى عزَّ شأنه، ماذا يخبرنا عالم الغيب والشهادة؟يقول تعالى عن توسع السماء: (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون) [الذاريات:47].وتأمل معي كلمة (لموسعون) التي تعبر بدقة تامة عن توسع الكون باستمرار، فالكون كان يتوسع في الماضي وهو اليوم يتوسع وسوف يستمر كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وهذه التوسعات للكون في الماضي والحاضر والمستقبل تجمعها كلمة واحدة هي(لموسعون).

في هذه الآية يضيف البيان القرآني شيئاً جديداً قبل الحديث عن التوسع وهو الحديث عن البناء، وهذه حقيقة كونية أثبتها العلم مؤخراً، وهي أن الكون هو بناء متكامل لا وجود فيه للفراغ أبداً. فالطاقة والمادة تملآن المكان كله، ونجد مصطلحاً علميّاً هو (الفضاء)، هذا الفضاء لا وجود له حقيقة، بل كل نقطة من نقاط الكون مشغولة بالطاقة وبأجسام أصغر من الذرة بكثير تسمَّى الأشعة الكونية.

وهنا يتفوق القرآن على العلم من جديد، فالعلم يتحدث عن (فضاء)والقرآن يتحدث عن (بناء)، وكلمة (بناء) هي الكلمة الأنسب علمياً لوصف السماء. كما أن القرآن تحدث عن إمكانية معرفة بنية السماء، يقول تعالى: (أفلم ينظروا إلى السماء كيف بنيناها وزيّنّاها) [ق: 6].

حتى إن علماء الفلك اليوم يطلقون على مادة الكونمصطلح (النسيج الكوني)، بعدما ثبت لهم أن الكون ذو بنية نسيجية، وقد لا نعجب إذا علمنا أن هنالك علماً يدرس بناء الكون أو بنيته النسيجية هذه. هذه البنية النسيجية تحدث عنها القرآن أيضاً بوضوح! ولكن ما هي الآية التي تقرر هذا النوع من بنية الكون؟ نحن نعلم بأن النسيج يُحبك حبكاً ليصبح متيناً وقابلاً للاستعمال. فالإنسان لا يستفيد شيئاً من خيوط النسيج إذا لم تكن محبوكة ومترابطة لتشكل له لباساً يحتمي به.

لذلك نجد القرآن يتحدث عن البنية النسيجية بكلمة واحدة هي (الحُبُك)يقول تعالىوالسماء ذات الحُبُك) [الذاريات:7]. إذا نظرنا إلى الكون من الخارج رأينا نسيجاً رائعاً متماسكاً ومحبوكاً بدقة فائقة يتألف من آلاف الملايين من المجرات والغبار الكوني وأشياء يعجز العلم حتى الآن عن إدراكها... كل هذا وصفه الله تعالى بثلاث كلمات (والسماء ذات الحُبُك).

القرآن يتحدث عن بداية للكون

هل للكون بداية؟ وكيف بدأ الكون؟ وكيف كان شكله؟ ومتى بدأ؟وإلى أين يسير؟ هذه أسئلة طرحها الإنسان منذ القديم، ولكن لم تبدأ الإجابة عنها بشكل علمي إلا منذ بداية القرن العشرين، فماذا يخبرنا علماء الفلك، وما هي الحقائق العلمية التي وصلوا إليها؟

منذ نصف قرن تقريباً بدأ العلماء يرصدون الأمواج الكهرطيسيةالقادمة إلى الأرض، وقاموا بتحليل هذه الأمواج وتبين أنها تعود لآلاف الملايين من السنين! معظم العلماء الذين درسوا هذه الظاهرة أجمعوا على أن هذا النوع من الأشعة ناتج عن بقايا انفجار عظيم وعادوا بذاكرتهم إلى بداية الكون وتوسُّعه فاكتشفوا أن الكون كله قد بدأ من نقطة واحدة!

بما أن الكون اليوم يتوسع باستمرار فلا بد أن حجمه كان أصغر حتى نعود لنقطة البداية، ومن هنا برزت للوجود نظرية الانفجار العظيم التي تفسِّر نشوء الكون من كتلة ذات وزن عظيم جداً، انفجرت وشكلت هذه المجرات ولا يزال الانفجار مستمراً حتى يومنا هذا.

هذه النظرية أصبحت اليوم حقيقة علمية يقينية تؤكدها كل الظواهر والمكتشفات، ولا أحد يستطيع اليوم أن ينكر حركة المجرات مبتعدة عنا والتي تبلغ سرعتها أكثر من عشرة آلاف كيلو متراً في الثانية الواحدة! هذه الحقيقة العلمية نجد حديثاً دقيقاً عنها في كتاب الله تعالى الذي فيه تفصيل كل شيء. يقول عز من قائل: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) [الأنبياء: 30]، وهنا يتفوق البيان القرآني على حقائق العلم الحديث. فالعلم الحديث يسمى بداية الكون (كتلة) وهذه تسمية غير صحيحة علمياً، فالكتلة لا تشير إلى أي نوع من أنواع البناء أو الحركة.

بينما القرآنيعطينا مصطلحاً دقيقاً وهو (الرتق) وفي هذه الكلمة نجد إشارة إلى البنية النسيجية للكون، وفيها إشارة إلى وجود النظام منذ بداية الخلق وليس كما يصفه العلماء بأن الكتلة الابتدائية التي خُلِق منها الكون كانت تعجّ بالفوضى!

وفي كل يوم نجد العلماء يعدلون مصطلحاتهم ويغيرونها بما يتناسب مع جديد الاكتشافات، ولكن الله تعالى خالق هذا الكون والذي يعلم السرَّ وأخفى حدَّد المصطلحات الدقيقة والثابتة منذ بداية نزول القرآن.

يتابع القرآن تفوقه على العلم من خلال كلمة (فَفَتَقْنَاهُمَا) ففي هذه الكلمة يتجلّى كل النظام في عملية فتق الكون وتشكيل هذه المجرات التي نراها. فالعلم يسمي هذه العملية بالانفجار وكلمة (انفجار) لا تفيد إلا الفوضى، فلا يمكن للانفجار أن يكون منظماً أبداً. بينما الكلمات التي يستخدمها خالق هذا الكون والخبير بأسراره هي كلمات واقعية: (الرَّتق) و(الفتق)، فالنسيج الكوني كان رتقاً ففتقه الله تعالى بقدرته.

وتأمل معي كلمة (فَفَتَقْنَاهُمَا)كيف تعبر عن طاقة وقدرة عظيمة وصفها الله تعالى ليبدأ بها خلق السماوات والأرض، وإن الكلمات التي يستخدمها العلماء لتعجز فعلاً عن وصف حقيقة الأمر. فكلمة (انفجار) لا تعبر تماماً عن ضخامة الحدث، ولا عن حقيقة هذا الحدث، بينما نجد كلمات الله تعالى تعطي الدقة في وصف الحقيقة العلمية:إذن بكلمتين: الرتق والفتق، وصف الله تعالى نشوء الكون، بينما نجد آلاف الأبحاث العلمية في هذا المجال وبالرغم من هذا الكم الضخم من المؤلفات لم يتمكن العلماء من تلخيص نظريتهم عن بداية الكون بكلمات قليلة.

وهنا تتجلى عظمة وإعجاز القرآن بيانياً وعلمياً، فالإعجاز القرآني لا يقتصر على عرض الحقائق العلمية فحسب، بل يصف هذه الحقائق بدقة بالغة يعجز البشر عن الإتيان بمثلها. وفي هذه الآية أمر لا بد من ملاحظته وهو بداية الخطاب في الآية، فالله تعالى يخاطب بها الذين كفروا، وفعلاً تم اكتشاف بداية الكون على يد غير المؤمنين. فإذا كان القرآن من عند بشر وهو النبي الأمي عليه الصلاة والسلام، كيف علم بأن هذه الحقيقة ستُكشف من قِبَل الملحدين فوجَّه الخطاب لهم؟
إذن هذه الآية تمثل معجزة علمية، فقد بدأت بخطاب الكفار بحقيقة كونية هم من سيكتشفها، ثم وصَفَت الحقيقة الكونية هذه بأقل عدد ممكن من الكلمات. وخُتمت الآية بالهدف من هاتين الحقيقتين وهو الإيمان بالله تعالى: (أفلا يؤمنون)!؟
شكل (3) نرى فيه قصة الكون منذ البداية وحتى العصر الحاضر، وكيف أن الكون بدأ بانفجار عظيم منذ 13.7 بليون سنة، ثم بدأت الذرات بالتشكل ثم النجوم الأولى ثم المجرات ثم مجموعتنا الشمسية ثم أخيراً تأتي مرحلة خلق الحياة على الأرض.

القرآن يتحدث عن نهاية للكون

توسع الكون لن يستمر للأبد، بل سيأتي ذلك اليوم عندما يتوقف هذا التوسع ويعود الكون ليتقلَّص ويصغر حجمه لينتهي عند النقطة التي بدأ منها. هذا ما تدل عليه بعض الدراسات اليوم عن مستقبل الكون من خلال دورة كونية بدأها الكون من كتلة ثقيلة انفجرت وشكلت كل ما نراه اليوم في هذا الكون من كواكب ومجرات وإشعاعات وغازات وغيرها. وسوف تنطوي هذه الأجزاء على بعضها لتعود مرة أخرى فتقترب من بعضها وتشكل كتلة واحدة من جديد، ولكن كيف بدأت قصة هذه النظرية؟

في أواخر القرن العشرين بدأ العلماء يلاحظون وجود مادة معتمة تنتشر في أرجاء الكون وبين المجرات وبكميات ضخمة. وقدّروا حجم هذه المادة بأنها أضخم بكثير من الكون الذي نراه. إذن المادة التي لا تُرى حجمها أكبر بكثير من المادة التي نراها.

هذه المادة المظلمة ذات جاذبية تبلغ أضعافاً مضاعفة لجاذبية الكون المرئي.وفي ظل وجود هذه المادة لن تستطيع أجزاء الكون أن تُفلت وتذهب بعيداً، ولن يستمر توسع الكون للأبد، بل عند نقطة حرجة من التوسع سوف يتوقف هذا التوسع، وسوف تبدأ المجرات بالتسارع وتعكس اتجاه حركتها لتعود من حيث بدأت.

والآن نأتي إلى آية صريحة تحدثنا تماماً عن هذه النهاية ولكن بدقة أكبر،يقول تعالى عن ذلك اليوم: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)[الأنبياء:104]. سبحان الله العلي العظيم! ما هذه الدقة الفائقة في تحديد نهاية الكون؟ إنها المصطلحات العلمية الدقيقة، إنها فعلاً عملية طيّ لأجزاء الكون، هذا ما تقوله آخر الأبحاث الكونية.

جميع علماء الكون يصرِّحون بأن الخطوط المستقيمة لا وجود لها في هذا الكون، بل كل شيء منحنٍ. جميع أجزاء الكون من كواكب ونجوم ومجرات ونيازك ومذنبات وإشعاعات وثقوب سوداء... جميعها تتحرك بأفلاك منحنية. لذلك من المنطقي أن تكون نهاية الكون منحنية تماماً كما تُطوى الورقة.

إن العلماء اليوم يتصورون الكون على أنه مسطح وليس كروياً. والسبب في هذا التصور الظواهر الكونية التي يشاهدونها والتي تدل على ذلك. فالمجرة التي نعيش فيها والتي تُعتبر الشمس أحد نجومها، ليست كروية الشكل، بل هي على شكل قرص قطره أكثر من مئة ألف سنة ضوئية، وسماكته بحدود الثلاثين ألف سنة ضوئية.

وهكذا جميع المجرات تأخذ أشكالاً حلزونية أو اهليليجية ولكن تبقى قريبة من الشكل المسطَّح.فالسِّجِلّ هو الورقة المكتوب عليها، وعندما تُطوى هذه الورقة فإنها تطوي بداخلها الكلمات المكتوبة وتلفّها لفّاً، وهذا ما سيحدث فعلاً للمجرات عند نهاية الكون حيث ستلتفّ حول بعضها كما تُلَفّ الورقة. يتساءل المرء عن هذه الدقة في وصف مستقبل الكون في كتاب الله تعالى، هل جاءت من عند بشر أم هي بتقدير العزيز العليم؟

في قوله تعالى: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ)، نجد إشارة إلى أن بداية الكون يمكن تشبيهها بورقة من النسيج الكوني كانت ملتفَّة على بعضها ففتقها الله تعالى وباعد بين أجزائها، وهي لا تزال تُفتح وتتمدَّد حتى يأتي ذلك اليوم لتعود وتلتف وتُطوى.





شكل (4) يؤكد العلماء اليوم أن الخطوط المستقيمة لا وجود لها في هذا الكون، إنما جميع الأشكال منحنية، وأن المجرات تتوضع على شبكة نسيجية محبوكة حبكاً محكماً، وهذا النسيج يشبه شبكة العنكبوت.

وأخيــــراً...

وفي هذا المقام نوجه سؤالاً إلى أولئك الذين لا تقنعهم آيات الله عز وجل: إذا كان القرآن من صنع محمد عليه الصلاة والسلامأو أصحابه، فمن أين جاءوا بهذا العلم؟ إن فكرة البنية النسيجية أو (ذات الحُبك) لم يتم طرحها إلا في أواخر القرن العشرين، أي بعد نزول القرآن بأربعة عشر قرناً، كذلك فكرة البناء الكوني وكذلك توسع الكون وتمدده. ووجود هذه الحقائق في كتاب الله ألا يعني أنه كتاب حقّ بكل ما جاء فيه؟

فهل ندرك بعد هذه الحقائق قدرة الله تعالى وأنه هو الواحد الأحد؟ وأن القرآن هو كلام الحق عز وجل؟ وهل ندرك أن القرآن هو كتاب الحقائق العلمية؟ وهل تخضع أعناقنا أمام عظمة كلام الحق تبارك شأنه؟







يا سبحان الله أفلا يعلم من خلق