بسم الله الرحمن الرحيم

أعضاء المنتدي الكرام

هذا المقال منشور بمجلة العلوم عدد سبتمبر - اكتوبر 2002



فن التصغير في صنع الأشياء(*)
يعمل الباحثون على اكتشاف أساليب رخيصة وفعالة لصنع بنى
لا تتجاوز أبعاد الواحدة منها بضعة أجزاء من بليون من المتر.
<M .G. وايتسايد> ـ <Ch .J. لَڤ>

«اصنعها صغيرة!» أمر غيّر العالم. إن تطور الإلكترونيات الميكروية (الصغرية) microelectronics ـ الترانزستورات أولا ومن ثم تجميع الترانزستورات في معالجات ميكروية (صغرية) microprocessors، وشيپات ذاكرات memory chips، ومتحكمات controllers ـ أحدث وفرة من الآلات التي تعالج المعلومات عن طريق سريان الإلكترونات في السيليكون. وتعتمد الإلكترونيات الميكروية على تقنيات تصنع بشكل روتيني بنى structures يضاهي صغرها 100 نانومتر (أي جزء من بليون من المتر). إن هذا الحجم صغير جدا بمعايير الخبرات اليومية ـ نحو واحد في الألف من عرض شعرة إنسان ـ لكنه يعد كبيرا بمقياس الذرات والجزيئات، إذ إن قطر سلك عرضه 100 نانومتر يمتد فوق نحو 500 ذرة من السيليكون.

إن فكرة صنع «بُنى نانوية» nanostructures تتكون من ذرة واحدة أو من ذرات قليلة، فكرة جذابة جدا كتحد علمي ولأسباب عملية على حد سواء. تمثل بنية بحجم الذرة حدا أساسيا: فصنع أي شيء أصغر قد يتطلب منابلة أنوية ذرية ـ وهذا من حيث الجوهر تحويل عنصر كيميائي إلى آخر. وفي السنوات الأخيرة، عرف العلماء تقنيات مختلفة لصنع بنى نانوية، لكنهم بدؤوا مؤخرا بالتحري عن صفاتها وتطبيقاتها الممكنة. لقد حلّ عصر الصناعة النانوية، وبزغ فجر عصر العلم النانوي nanoscience، لكن عصر التقانة النانوية ـ أي إيجاد استخدامات عملية للبنى النانوية ـ لم يبدأ بعد في واقع الأمر.

النهج المعهود(**)
قد يقوم الباحثون بتطوير بنى نانوية كمركبات إلكترونية، غير أن التطبيق الأكثر أهمية قد يكون مختلفا جدا؛ فعلى سبيل المثال، قد يستخدم علماء البيولوجيا أجزاء نانوية كمجسات صغيرة جدا للتحري عن الخلايا. ولأن العلماء لا يعرفون أي نوع من البنى النانوية سيحتاجون إليها في نهاية المطاف، فإنهم لم يحددوا حتى الآن الطرائق الأفضل لإعدادها. فالليثوغرافيا الضوئية photolithography، وهي التقانة المستخدمة لصنع الشيپات الحاسوبية وافتراضيا معظم نظم الإلكترونيات الميكروية الأخرى، يمكن أن تصقل من أجل صنع بنى أصغر من 100 نانومتر، لكن القيام بذلك أمر في غاية الصعوبة فضلا عن أنه مكلف وغير مُيسر. وفي سعيهم لإيجاد بدائل أفضل، اعتمد باحثو الصناعات النانوية فلسفة «دع ألف زهرة تتفتح.»

في بداية الأمر، لنتعرف محاسن الليثوغرافيا الضوئية ومساوئها. يستخدم الصانعون هذه التقانة لإنتاج ثلاثة بلايين ترانزستور في الثانية الواحدة في الولايات المتحدة وحدها. وتعد الليثوغرافيا الضوئية بشكل أساسي امتدادا للتصوير الضوئي. يقوم المرء أولا بصنع ما يكافئ صورة ليثوغرافية سلبية تحتوي على النموذج اللازم لجزء من دارة شيپة ميكروية. بعد ذلك تُستخدم هذه الصورة السلبية التي تسمى القناع maskأو النسخة الرئيسية master في نسخ النموذج في معادن وأشباه موصلات شيپة ميكروية. وكما هي الحال في التصوير الضوئي، قد يكون من الصعب عمل الصورة السلبية، غير أن عمل نسخ متعددة أمر سهل لأنه يمكن استخدام القناع مرات عدة. لذا، تنفصل العملية إلى مرحلتين: تحضير القناع (حدث يقع مرة واحدة ويمكن أن يكون بطيئا ومكلفا)، واستخدام القناع في عمل نسخ مطابقة (ويجب أن يكون ذلك سريعا وغير مكلف).

ولصنع قناع لجزء من شيپة حاسوبية، يقوم المصنع أولا بتصميم نموذج دارة بمقياس كبير ملائم ويحوِّله إلى نموذج لفيلم معدني غير منفِذ (عادة من الكروميوم) على صفيحة شفافة (عادة من الزجاج أو السيليكا). وبعد ذلك تقوم الليثوغرافيا الضوئية بتخفيض قياس النموذج في عملية شبيهة بتلك المستخدمة في غرف التصوير الضوئي المظلمة [انظر الشكل في الصفحة 23]. وينبعث شعاع ضوئي (يكون عادة من الأشعة فوق البنفسجية المنبعثة من مصباح قوسي زئبقي mercury arc lamp) من خلال القناع المصنوع من الكروم، ويمر بعد ذلك من خلال عدسة تبئر focus الصورة في طبقة مطلية حساسة للضوء مصنوعة من الپوليمر العضوي (يسمى مقاوم الضوء photoresist) على سطح رقاقة wafer سيليكونية بطريقة تكرر نَسْخ النموذج الأصلي.

أنماط انعراج متعقدة تكونت بوساطة حلقات عرضها نانوي القياس (لا ترى لشدة صغرها) على سطح أنصاف كرات من الپوليمر الصافي تمتد سنتيمترا واحدا. وقد قام طالب دراسات عليا لأحد مؤلفي هذه المقالة بتكييف الحلقات في طبقة رقيقة من الذهب على أنصاف الكرات وذلك بتقنية تصنيع نانوي تسمى ليثوغرافيا لينة.

لماذا لا تستخدم الليثوغرافيا الضوئية في عمل بنى نانوية؟ تواجه هذه التقانة عقبتين؛ الأولى هي أن أصغر طول موجي للضوء فوق البنفسجي المستخدم في السيرورات الإنتاجية هو نحو 250 نانومترا. ومحاولة عمل بنى أصغر من نصف هذا الحجم هي كمحاولة قراءة حروف مطبوعة متناهية في الصغر؛ فانعطاف الضوء (الحيود) diffraction يطمس معالم هذه الحروف ويمزج بعضها في بعض. وقد مكنت تحسينات تقنية مختلفة من دفع حدود الليثوغرافيا. فأصغر البنى التي عُملت في إنتاج بالجملة هي أكبر بعض الشيء من 100 نانومتر، وقد عُملت بنى إلكترونية ميكروية معقدة بسمات بُعْدها لا يتجاوز 70 نانومترا. غير أن صِغر هذه البنى مازال غير كافٍ لاكتشاف بعض أكثر النواحي إثارة للاهتمام في العلم النانوي.

والعقبة الثانية، تتبع الأولى، إذ إنه من الصعب تقنيا عمل مثل هذه البنى الصغيرة باستخدام الضوء، كما أنه أمر مكلف جدا. فالأدوات الليثوغرافية الضوئية التي ستستخدم في صنع شيپات بسمات أقل بكثير من 100 نانومتر ستكلف كل منها عشرات إلى مئات الملايين من الدولارات. وهذه التكلفة قد تجد، أو لا تجد، قبولا لدى الصانعين، لكنها تقف في وجه استخدام هذه التقانة من قبل علماء البيولوجيا وعلماء المواد والكيميائيين والفيزيائيين الذين يودون تقصي العلم النانوي باستخدام بنى من تصميمهم.

الشيپات النانوية المستقبلية(***)
تبدي الصناعة الإلكترونية اهتماما عميقا في تطوير طرائق جديدة في الصناعة النانوية كي تستطيع أن تمضي في منحاها الطويل الأمد نحو صنع أجهزة أصغر وأسرع وأقل تكلفة. وسيكون تطورا طبيعيا للإلكترونيات الميكروية أن تصبح إلكترونيات نانوية؛ لكن لما كانت الليثوغرافيا الضوئية المعهودة تغدو أكثر صعوبة حين تصبح أبعاد البنى صغيرة، فإن الصانعين يتقصون تقانات بديلة لصنع الشيپات النانوية المستقبلية.

وتعد ليثوغرافيا الحزم الإلكترونية electron-beam lithography أحد المنافسين الرئيسيين. في هذه الطريقة تكتب نماذج الدارات على فيلم رقيق مصنوع من الپوليمر بواسطة حزمة من الإلكترونات. إن حزمة الإلكترونات لا تحيد في المقياس الذري، لذا فهي لا تسبب طمس حافات المعالم. وقد استخدم الباحثون هذه التقنية في كتابة سطور عرضها نانومترات قليلة في طبقة من مقاوم الضوء على طبقة تحتية من السيليكون. غير أن أدوات الحزم الإلكترونية المتوافرة حاليا باهظة التكاليف وغير عملية للتصنيع على نطاق واسع. وبسبب الحاجة إلى حزم إلكترونات لصنع كل بنية، فإن هذه العملية شبيهة بعملية نسخ مخطوطة باليد، كل سطر على حدة.

إذا لم تكن الإلكترونات هي الجواب، فما هو؟ منافس آخر هو الليثوغرافيا باستخدام الأشعة السينية (أشعة إكس) بأطوال موجية تتراوح بين 0.1 و 10 نانومترات، أو ضوء فوق بنفسجي أقصى بأطوال موجية تتراوح بين 10 و 70 نانومترا. ولأن لهذه الأشكال من الإشعاعات أطوالا موجية أقصر من الأطوال الموجية للضوء فوق البنفسجي المستخدم في الليثوغرافيا الضوئية، فهي تقلل من الطمس الذي يسببه انعطاف الضوء إلى الحد الأدنى؛ غير أن هذه التقانات تواجه مجموعة خاصة بها من المصاعب: العدسات التقليدية غير شفافة للضوء فوق البنفسجي المتطرف ولا تُبئر الأشعة السينية. كذلك فإن الأشعة النشطة تُلحق الضرر بسرعة بالعديد من المواد المستخدمة في الأقنعة والعدسات. لكن الصناعة الإلكترونية الميكروية تفضل بوضوح صنع شيپات متطورة باستخدام امتدادات لتقانة مألوفة، لذا فإن هذه الطرائق تخضع حاليا للتطوير بشكل فعال. ومن المحتمل أن تصبح بعض التقنيات (على سبيل المثال، تقنية الليثوغرافيا فوق البنفسجية المتقدمة لإنتاج الشيپات) حقيقة تجارية؛ لكنها لن تعمل بنيً نانوية غير مكلفة ولن تسهم بالتالي في توفير تقانة نانوية لمجموعة أكبر من العلماء والمهندسين.

نظرة إجمالية إلى إنتاج بنى نانوية(****)
• سيعتمد تطور التقانة النانوية على قدرة الباحثين على أن يصنعوا بفاعلية بنى أبعادها أصغر من 100 نانومتر (100 جزء من بليون جزء من المتر).
• يمكن تعديل الليثوغرافيا الضوئية، وهي التقانة المستخدمة حاليا في صناعة الدارات في الشيپات الميكروية، لإنتاج بنى نانوية المقياس، لكن هذه التعديلات ستكون صعبة من الناحية التقنية وباهظة التكاليف.
• يمكن تقسيم طرائق الإنتاج النانوي إلى قسمين: طرائق نزولية، تنقش أو تضيف جملة من الجزيئات لسطح ما، وطرائق صعودية تجمع الذرات أو الجزيئات في بُنى نانوية.
• ثمة مثالين على طريقتين نزوليتين واعدتين هما الليثوغرافيا اللينة وليثوغرافيا غطس الريشة. يستخدم الباحثون الطرائق الصعودية في إنتاج نقاط كمومية يمكن أن تُستخدم كأصبغة بيولوجية.

لقد حفزت الحاجة إلى طرائق أبسط من أجل عمل بنى نانوية أقل تكلفة البحثَ عن مقاربات غير معهودة لم تستقص في السابق من قبل الصناعة الإلكترونية. لقد بدأ اهتمامنا في هذا الموضوع في مطلع التسعينات حينما كان علينا عمل البنى البسيطة اللازمة في النظم الميكروية السائلة microfluidic systems، وهي شيپات ذات قنوات وحجرات لحفظ السوائل. وقنوات الشيپات الميكروية السائلة microfluidic chips تُعتبر ضخمة بمعايير الإلكترونيات الميكروية: عرضها 50 ميكرونا (أو000 50 نانومتر) عوضا عن 100 نانومتر. غير أن التقنيات المستخدمة في إنتاج هذه القنوات متعددة الاستعمالات. يمكن أن تصنع الشيپات الميكروية السائلة بشكل سريع وغير مكلف، والعديد منها يتكون من پوليمرات عضوية ومواد هلامية gels ـ وهي مواد لا توجد في عالم الإلكترونيات. ولقد اكتشفنا أنه باستطاعتنا استخدام تقنيات مشابهة لعمل بنى نانوية.

إلى حد ما شكلت هذه الطرائق خطوة نحو الوراء في التقانة. فعوضا عن استخدام أدوات الفيزياء ـ الضوء والإلكترونات ـ استخدمنا عمليات ميكانيكية مألوفة في الحياة اليومية؛ كالطباعة والختم stamping والقولبة molding والنقش البارز embossing. وتدعى هذه التقنيات ليثوغرافيا لينة soft lithography بسبب اشتراكها في كتلة من الپوليديميثيل سيلوكسان polydimethylsiloxane PDMS، وهو الپوليمر المطاطي المستخدم في سد التسربات حول أحواض الاستحمام. (غالبا ما يشير الفيزيائيون إلى مثل هذه المواد الكيميائية العضوية «بالمواد اللينة» soft matter.

ولتنفيذ الإنتاج باستخدام الليثوغرافيا اللينة، يُصنع أولا قالب أو ختم. والطريقة الأكثر شيوعا هي استخدام الليثوغرافيا الضوئية أو ليثوغرافيا الحزم الإلكترونية لإنتاج نموذج في طبقة من مقاوم الضوء على سطح رقاقة سيليكونية. تولد هذه السيرورة نسخة رئيسية ذات نقش ضئيل النتوء bas-relief master تبرز فيها جزر من مقاوم الضوء من السيليكون [انظر الشكل العلوي في الصفحة 24]. بعد ذلك تُصب مادة كيميائية تُشكل الختم PDMS، وتلك المادة عبارة عن سائل يجري بحرية فوق النسخة الرئيسية، وتحفظ في الجسم الصلب المطاطي. وتكون النتيجة ختما PDMS يطابق تماما النموذج الأصلي بشكل مثير للدهشة: ينتج الختم سمات من النسخة الرئيسية يضاهي صغرها نانومترات قليلة. ولما كان تكوين نسخة رئيسية ذات نقش ضئيل النتوء مكلف لأنه يتطلب ليثوغرافيا الحزم الإلكترونية أو تقنيات أخرى متطورة، فإن نسخ النموذج على أختام PDMS رخيص وسهل. وبمجرد توافر الختم، يمكن استخدامه في طرق مختلفة غير مكلفة لعمل بنى نانوية.

تسمى الطريقة الأولى ـ التي طورها أصلا <A. كومار> [طالب دراسات في مرحلة ما بعد الدكتوراه في مجموعتنا بجامعة هارڤارد] طباعة التلامس الميكروي microcontact printing. «يُحبّر» inked الختم PDMS بمحلول كاشف يتكون من جزيئات عضوية تسمى ثيولات (كبريتات) thiols [انظر الشكل الأوسط في الصفحة 24]. وبعد ذلك يوضع الختم على صفيحة مناسبة من «الورق» ـ غشاء رقيق من الذهب على صفيحة من الزجاج أو من السيليكون أو من الپوليمر. تتفاعل الثيولات مع السطح الذهبي مشكلة غشاء مرتبا ترتيبا عاليا [يسمى طبقة أحادية مجمعة ذاتيا self-assembled monolayer SAM] يكرر نَسخ نموذج الختم. ولما كان حبر الثيول ينتشر بعد ملامسته للسطح بفترة وجيزة، فإن انحلال الطبقة الأحادية لا يمكن أن يكون كبيرا بقدر ذلك الخاص بالختم PDMS. ولكن يمكن لطباعة التلامس الميكروي عند استخدامها على النحو الصحيح أن تنتج نماذج بمعالم يضاهي صغرها 50 نانومترا.

الليثوغرافيا الضوئية المعهودة(*****)


وثمة طريقة أخرى من طرائق الليثوغرافيا تسمى القولبة الميكروية في الشعريات capillaries وتتضمن استخدام الختم PDMS في قولبة النماذج. يوضع الختم على سطح صلب حيث يجري الپوليمر السائل بالفعل الشعري بين التجاويف الموجودة بين السطح والختم [انظر الشكل السفلي في الصفحة 24]. بعد ذلك يتصلب الپوليمر مشكلا النموذج المطلوب. وتستطيع هذه التقنية أن تكرر نسخ بنى أصغر من 10 نانومترات. وهي مناسبة جدا لإنتاج أجهزة ضوئية تحت طول موجية subwavelength وموجهات الموجة wave guides ومستقطبات ضوئية optical polarizers، حيث يمكن أن تستخدم جميعها في شبكات الألياف الضوئية، وربما في نهاية المطاف في الحواسيب الضوئية. وهناك تطبيقات محتملة أخرى تقع في مجال السوائل النانوية وهي امتداد للسوائل الميكروية، وقد تتضمن إنتاج شيپات لأبحاث الكيمياء الحيوية لا يتجاوز عرضها نانومترات قليلة. عند هذا المقياس، قد يسمح علم تحريك السوائل بإدخال طرق جديدة لفصل مواد مثل أجزاء الدنا DNA.

الليثوغرافيا اللينة(******)
يمكن للطباعة والقولبة ولعمليات ميكانيكية أخرى منفذة باستخدام ختم مرن أن تنتج نماذج ذات معالم بمقياس النانو. وتستطيع مثل هذه التقنيات أن تصنع أجهزة يمكن استخدامها في الاتصالات الضوئية أو أبحاث الكيمياء الحيوية.


وهذه الطرائق لا تتطلب معدات خاصة، ويمكن في الواقع حملها باليد في مختبر عادي. فالليثوغرافيا الضوئية المعهودة يجب أن تُجرى في منشأة غرفة ـ نظيفة خالية من الغبار، فإذا ما حطت قطعة من الغبار على القناع، فستكوّن بقعة غير مرغوب فيها على النموذج. ونتيجة لذلك، قد يخفق تصنيع الجهاز المطلوب (وفي بعض الأحيان الأجهزة المجاورة له). وتعد الليثوغرافيا اللينة عموما أكثر تسامحا لأن الختم PDMS مرن. وإذا ما علقت قطعة من الغبار ما بين الختم والسطح، ينضغط الختم في أعلى القطعة، ولكنه يحافظ على التلامس مع بقية السطح. وهكذا ينتج النموذج بشكل صحيح باستثناء الموضع الذي علقت عنده المادة الملوثة.

إضافة إلى ذلك، تستطيع الليثوغرافيا اللينة أن تنتج بنى نانوية بطيف واسع من المواد بما في ذلك الجزيئات العضوية المعقدة اللازمة للدراسات الحيوية. وتستطيع التقنية أن تطبع أو تقولب نماذج على أسطح منحنية أو مستوية على حد سواء. لكن هذه التقنية ليست مثالية لصنع المنشآت اللازمة للإلكترونيات النانوية المعقدة. وحاليا تتألف جميع الدارات المتكاملة من طبقات مكدسة من مواد مختلفة. ويمكن أن ينتج من تشوه والتواء الختم PDMS اللين أخطاء صغيرة في النموذج المكرر واختلاف في محاذاة النموذج مع أي نموذج أصلي سبق إنتاجه. ويمكن لأدق التشوهات أو عدم المحاذاة أن تدمر جهازا نانومتريا متعدد الطبقات. لذا، لا تعد الليثوغرافيا اللينة مناسبة لإنتاج بنى ذات طبقات متعددة يجب أن تتكدس بدقة بعضها فوق بعض.

لا تتطلب هذه الطرائق تجهيزات خاصة،
وفي واقع الأمر، يمكن تنفيذها يدويا في مختبر عادي.
غير أن الباحثين وجدوا طرائق لتصحيح هذا القصور ـ جزئيا على الأقل ـ وذلك باستعمال ختم صلد عوضا عن الختم المرن. وفي تقنية تسمى ليثوغرافيا طبع وميض-و-خطوة(1) المطورة من قبل <G .C. ويلسون> [من جامعة تكساس] تُستخدم الليثوغرافيا الضوئية في حفر نموذج في صفيحة من الكوارتز مما يعطي نسخة رئيسية ذات نقش قليل النتوء. وقد ألغى <ويلسون> خطوة صنع الختم PDMS من النسخة الرئيسية؛ وعوضا عن ذلك تُضغط النسخة الرئيسية نفسها على غشاء رقيق من الپوليمر السائل الذي يملأ تجاويف هذه النسخة. ثم تُعرَّض هذه النسخة الرئيسية إلى ضوء فوق بنفسجي مما يصلب الپوليمر ويؤدي إلى تكوين هذه النسخة المكررة المطلوبة. وهناك تقنية أخرى ذات صلة تسمى ليثوغرافيا الطباعة الضوئية nanoimprint lithography طورها <Y .S. شو> [من جامعة پرنستون]، تستعمل أيضا نسخة رئيسية صلدة لكنها تستخدم غشاء من الپوليمر جرى تسخينه مسبقا إلى درجة حرارة قريبة من نقطة انصهاره، وذلك من أجل تسهيل عملية النقش الناتئ. وتستطيع كلتا العمليتين أن تنتجا بدقة جيدة بنى ثنائية البعد؛ لكن من غير المؤكد مدى مناسبة هاتين التقنيتين لتصنيع أجهزة إلكترونية.