تشغيل طائرات المستقبل من الأرض بواسطة شعاع الليزر

نيويورك: كينيث تشانغ

كان صنع طائرة ورقية تشغل بشعاع الليزر يبدو وكأنه مبدأ رائع للعبة جديدة. ولكن العلماء في معهد التكنولوجيا في اليابان، يملكون أفكارا أوسع مثل تصميم طائرات صغيرة دون طيار تشغلها أشعة الليزر من الأرض، يمكنها أن تحوم بشكل دائم فوق بركان ما أو مراقبة تغيرات المناخ. وعلى المدى الطويل، يقول العلماء إن أشعة ليزر منطلقة من الأقمار الصناعية أو من مناطيد تحوم على ارتفاع عال، قد تشغل طائرات تطير بسرعة تفوق سرعة الصوت بعدة أضعاف، على ارتفاعات يكون الهواء فيها خفيفا كثيرا، ليتمكن المحرك النفاث من العمل فيها.

ولكن في الوقت الحالي فان لديهم طائرة ورقية تشغلها أشعة الليزر! وفي إصدار 10 يونيو (حزيران) من دورية «رسائل الفيزياء التطبيقية» وصف العلماء الطائرة المطوية التي بلغ امتداد الجناحين لها بوصتين(5 سنتمترات تقريبا)، وتزن أقل من واحد في المائة من الأونصة (0.3 غرام تقريبا). وفي ظهر الطائرة قاموا بوصل مواقع (أهداف) من الألمنيوم تقوم بعكس شعاع الليزر.

* الدفع بالليزر

* وتقوم جسيمات الضوء الصغيرة التي تنعكس عن أهداف الالمنيوم، بتوجيه قوة صغيرة ربما تشابه قوة تدفق ماء من خرطوم للمياه على كرة صغيرة. ولكن هذه القوة تعتبر ضئيلة جدا للقيام برفع شيء ما حتى وإن كان صغيرا مثل هذه الطائرة الورقية.

ولهذا قام العلماء بوضع قطرة ماء على الألمنيوم. وعندما ضرب شعاع الليزر الألمنيوم سخنه لدرجة حرارة مرتفعة أدت لتبخر قطرة الماء بسرعة مثل الغاز المندفع من محرك صاروخي. ويقول الدكتور تاكاشي يابي وهو أستاذ الهندسة الميكانيكية في معهد طوكيو انه يصعب قياس سرعة الماء نظرا لسرعة تبخرها. وقدر أن بخار الماء تحرك بسرعة تقدر بحوالي مائتي ميل بالساعة. وبهذا الدفع ارتفعت الطائرة الورقية عن المنضدة في المختبر وانزلقت للأرض. ويعتبر مبدأ التشغيل بالليزر فكرة جذابة، لأن الليزر، وهو مصدر الطاقة، سيكون موجودا على الأرض وليس على الطائرة مما يعني تقليل وزنها. ويمكن لأسلوب مشابه أن يوفر طريقة رخيصة لإطلاق الأقمار الصناعية الى الفضاء، وهي فكرة اقترحها أولا الدكتور أرثر كانرويتز الذي يعمل الآن أستاذ هندسة في جامعة دارتموث.

وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2000 قام ليزر يعمل على ثاني أكسيد الكربون، في ميدان الصواريخ في وايت ساندز في نيومكسيكو، بدفع مركبة بشكل البلوطة وبحجم الكرة مسافة 233 قدما في الهواء.وما يزال هذا الرقم القياسي للارتفاع لصاروخ يعمل على الليزر، ودامت الرحلة حوالي 13 ثانية.

ويرى الدكتور ميك مايرابو وهو أستاذ الهندسة الميكانيكية في معهد رانسيلار في نيويورك ومصمم المركبة الخفيفة التي تعمل على الليزر ان المصممين سيصلون الى ارتفاع أعلى في المستقبل. وقد يكون شعاع ليزر أقوى بعشر أو مائة ضعف قويا لدفع المركبة بسرعة تساوي حوالي ستة أضعاف سرعة الصوت لتصل نحو حافة الفضاء. ويقول إن هذا ما يبينه الكومبيوتر وأن هذا سيغير كل شيء حول الفضاء. وفي نموذج عام 2000 من المركبة الفضائية قامت مرآة في قاع المركبة بتركيز شعاع الليزر على طبقة من البوليمر مؤدية لتبخره وموفرة دفعا عموديا. وتم تصميم المحرك بحيث إذا قامت الرياح بدفع المركبة عن خطها المباشر مع شعاع الليزر فان نظم الدفع تقوم تلقائيا بتعديل وضع المركبة.

ولكن بالنهاية قد يكون شيء شبيه بالمحرك النفاث أكثر كفاءة باستخدام طاقة الليزر، بدلا من حرق الوقود لتسخين الهواء لدى مروره خلال المحرك. وفي الارتفاعات العالية قد يصبح الماء أو الهيدروجين السائل وقودا.

ويقول جون كول وهو مدير مشروع البحث بالدفع المتقدم في وكالة «ناسا» الفضائية، أن المزايا المحتملة هي إمكانية إرسال الحمولات للفضاء بتكلفة الطاقة فقط. وستكون تكلفة الطاقة بضعة دولارات لكل كيلوغرام مقارنة مع تكلفة الصواريخ الحالية ذات الوقود الكيميائي، التي تكلف حوالي 10000 دولار لكل كيلوغرام. وحتى مع احتساب الطاقة التي تمتصها جزيئات الهواء وغيرها، فمن المحتمل أن تخفض هذه التكنولوجيا التكاليف بعامل 100 أو 1000. ويقول كول إن التكنولوجيا ما زالت في طور التطوير والتحديث إذ لا توجد ليزرات قوية كفاية لتطبيق هذه النظريات.

ويجب على نبض الليزر أن يكون أقصر لنقل الطاقة للصاروخ بكفاءة. ويقوم العلماء بدراسة استخدام الليزر لدفع الأقمار الصناعية في الفضاء. ويقول الدكتور أندرو باكوموف وهو أستاذ فيزياء في جامعة آلاباما إن عكس أشعة الليزر قد يعمل كدافع صغير لتعديل موقع واتجاه القمر ااصناعي بدقة أكثر من الدافعات الكيميائية.

ويمكن استخدام الليزر لتوفير دفع لأقمار صناعية صغيرة لا يمكن استخدام الصواريخ الدافعة التقليدية فيها. وكان الدكتور يابي وزملاؤه ضمن العلماء الذين وجدوا استخداما لفكرة الطاقة المرسلة. وفي رسالتهم وصف العلماء طائرة ورقية أخرى استخدمت أهدافا من الألمنيوم مطلية بالبلاستيك وبالتالي موفرة دفعا كافيا لدفع الطائرة بالهواء. ولكن الماء يعتبر وقودا أفضل. واستهلكت الطائرة الورقية كمية الماء بسرعة، ويعتقد الدكتور يابي أن الطائرات الأكبر التي ستستخدم هذه التكنولوجيا ستقوم بتجديد كمية الماء فيها من الهواء.

ولتجربتهم التالية سيقوم العلماء باستخدام الليزر لدفع منطاد يحتوي على غاز الهيليوم. ويمكن لليزر أن يوجه الطائرة، وذلك بتغير شكل الأجنحة وهي بالجو. ومن الاستخدامات المحتملة للطائرات التي تعمل على الليزر، مراقبة ثاني أكسيد الكربون ودوره في عملية تسخين الارض. وسيوفر شعاع الليزر الدفع، وبقياس كمية الشعاع التي تم امتصاصها قبل انعكاسه نحو الأرض يمكن معرفة تركيز ثاني أكسيد الكربون.

المصدر : جريدة الشرق الأوسط

إعداد : محمد إحسان الطويل