إن الأجيال الجديدة من البطاريات ستكون مدهشة بكل المقاييس، فهناك نوع سيعمل بالطاقة النووية ويستمر عشر سنوات دون الحاجة لإعادة شحن مع ضخ طاقة أكبر عشرة أضعف عن البطاريات الحالية، ونوع آخر يعمل بأيون الليثيوم يمكن إعادة شحنه في ثلاث دقائق فقط.

بطارية نووية

تعمل جامعة روتشستر حاليا على تطوير بطارية نووية يمتد عمرها الافتراضي لعدة عقود، حيث اكتشف العلماء وسيلة تصنيع جديدة تؤدي إلى زيادة كفاءة توليد الطاقة عشر أضعاف البطاريات الحالية، وبمرور الوقت ستصل قوة الكهرباء المولدة إلى 200 ضعف البطاريات التقليدية السائدة لمدة خمسين عاما كان يشغل بال العلماء قضية تحويل المخلفات النووية إلى طاقة نافعة، ولكن النتائج كانت دائما مخيبة للآمال إلى أن اكتشف فريق العلماء وسيلة لجعل التفاعل في البطارية أكثر كفائة، مما يمهد الطريق لتطوير نوع جديد من البطاريات يمكنها أن تضخ الطاقة لسنوات عديد.
وإذا كانت هذه البطارية قادرة على ضخ الطاقة الازمة لمدة عشر سنوات دون توقف أو استبدال، فمعنى ذلك أنها ستكون ملائمة للأجهزة الطبية الحيوية مثل أجهزة تنظيم نبضات القلب وتنشيط عضلة القلب وغيرها من الأجهزة التي تزرع في الجسم وتتطلب جراحة لاستبدالها أو اصلاحها. وبالمثل ستستفيد من هذه التكنولوجيا مجسات الفضاء العميق أو أعماق البحار التي تكون بمنأى عن الإصلاح أو الشحن مرة أخرى.
تعرف الطريقة التي تستخدمها البطارية الجديدة باسم بيتافولتايكس betavoltaics، وهي موجودة منذ نصف قرن، ولكن نطاق استخدامها كان محدودا بسبب ضعف التيار الكهربي الناتج، وقد حققت تكنولوجيا البطاريات الجديدة نجاحا ملحوظا من خلال زيادة مساحة السطح التي يتم فيها إنتاج تيار الكهرباء، وبدلا من محاولة اختراع مواد جديدة أسرع في التفاعل، ركز فريق روتشستر على تحويل سطح المادة المعتاد الأفقي إلى سطح ثلاثي الأبعاد. وفيما يشبه الطريقة التي تعمل بها الألواح الشمسية من خلال التقاط الفوتونات من أشعة الشمس وتحويلها إلى تيار كهربي، تستخدم تقنية البيتافولتايكس السيلكون في التقاط الإلكترونات التي يبثها الغاز المشع مثل التريتيوم ليكون تيارا كهربيا، وعندما تصطدم الإلكترونات بزوج خاص من طبقات السليكون، يتم توليد التيار الكهربي.
ما كان يمثل مشكلة في هذه البطاريات هو انخفاض مقدار التيار الكهربي المتولد بسبب تدهور جزيئات غاز التريتيوم، حيث إن نصف هذه الجزيئات ينطلق في اتجاه لا يصطدم بالسيلكون، ويشبه ذلك أشعة الشمس التي تنطلق في كل اتجاه بغلاف الأرض، ولهذا قرر فريق روتشستر التقاط المزيد من المخلفات المشعة باستخدام سطح السيلكون يحتوي على حفر عميقة بدلا من السطح المنبسط. ويشبه تكوين السيلكون المليء بالحفر التي تمتلئ كل منها بغاز التريتيوم المشع إسقاط أشعة الشمس على بئر عميقة مبطنة بالألواح الشمسية، بحيث تقع الأشعة على حائط البئر، ولا يتسرب فقط سوى الأشعة المستقيمة التي تقع على قاع البئر، وبهذه الكيفية ابتكر فريق العلماء وسيلة لإحداث حفر في قطعة ميكروسكوبية من السيلكون. ويبلغ اتساع الحفر أو الآبار ميكروبا واحدا (جزء من أربعة آلاف جزء من البوصة) أما العمق فيصل إلى 40 ميكروبا، وبعد حفر السطح السيلكون بهذا الإسلوب، يتم طلاء الجوانب الداخلية بمادة لتشكل نقطة اتصال سمكها عشرة ميكرونات وهو أفضل سمك لإحداث تيار كهربي. ويؤدي ذلك إلى زيادة قدرها عشرة في المائة في التيار الكهربي، ويعمل الفريق حاليا على ابتكار أسلوب أو طريقة لإنشاء حفر بطريقة أكثر تجانسا وتماثلا بحبث تتم زيادة الطاقة التي تولدها البطارية بنسبة 150 في المائة عن الطاقة الحالية.