[align=center][/align]

نحكي اليوم قصة جديدة، ربما تقولون أنها قديمة، لكنكم ستكتشفون معنا معلومات جديدة وقصص غريبة ..
يجمع الكثيرون بين المذنبات، والشهب والنيازك في سلة واحدة، ربما لأن الكتاب المدرسي يوردها دوما في ذات الفصل!، أو لأنها كلها ظواهر مقترنة كما يبدو لنا..لكن الأمر ليس كذلك.
ما هو الاختلاف؟؟الإجابة كما هي العادة،
ابقوا معنـــا..
[align=center][/align]

[align=center] [/align]

بالتأكيد سمعت بالمذنبات، ولو لم تعرفها - وهذا بعيد – فإنك على الأقل ستفهم لماذا سميت بهذا الاسم؛ فالواضح أنها شيء ما يملك(ذنبا) ! ..
ربما تذكر الرحالة الصغير، الذي كان يعيش فوق كوكب صغير، وكلما أراد زيارة الأرض، اخرج شبكة الصيد، وتعلق برأس المذنب، وجاء إلينا!!..
لكن ما أصل تلك الحكاية كلها؟..ربما تستغربون ان التفاصيل تحوي كثيرا من التعقيد أكبر مما يوحي الشكل..
فلنسافر مع الرحالة الصغير، لنعرف جزءا بسيطا عن حياة وسيلة التنقل الممتعة هذه
لاحظ القدماء المذنبات وتخوفوا منها، وكانوا يظنون أنها مصدر الشر والأوبئة والطاعون الذي يصيب بني البشر، وكلما رصد أحدها أو لوحظ فإن الكنائس كانت تمتلئ بالمتضرعين، الرافعين أيديهم بالدعاء:" ربنا احمنا من الطاعون والترك والمذنب"..
حتى اسم المذنب لم يكن واضحا، الكتابات التاريخية للنورمانديين وغيرهم كانت تسميه كرة الدم، النجم الأحمر، أو النجم ذو الذيل..
أول من حاول أن يجد تفسيرا علميا لهذه الظاهرة هو العالم البريطاني الشهير هالي المولود عام 1656 ، والذي كان معاصرا لنيوتن، حيث كان مرتحلا إلى جزيرة القديسة هيلانة في جنوب المحيط الأطلسي ليدرس النجوم التي لا يمكن رؤيتها من القارة الأوروبية..وقد درس التتابع التاريخي لكل السجلات التي تحدثت عن ظهور المذنب، فسمي باسمه، وهو مذنب هالي الشهير..
[align=center]

مذنب هالي الشهير[/align]

تعددت النظريات التي تفسر منشأ وأصل المذنبات، وكل منها يملك الكثير من الأدلة لدعمه. لكن النظرية الأكثر انتشارا وقبولا الآن هي نظرية الهالة السديمية.
أصل المذنبات
كما نعرف جميعا، تكونت مجموعتنا الشمسية من سديم كوني، وهو سحابة هائلة من الغبار والغاز تكاثفت وكونت نجمنا والكواكب التي حوله. بعدما تكونت المجوعة الشمسية من كواكب وأقمار، بقيت مخلفات السديم على الحافة مكونة من غازات وغبار كوني..
وأثناء الحركة الدورانية للسديم ذاك حول نفسه، تشكلت كرات ضخمة متجمدة، مؤلفة من ذلك الغبار الكوني وغازات مختلفة متنوعة ( مثل: الهيدروجين، الهيليوم، الازوت،الأوكسجين) وبعض الجزيئات الغبارية المعدنية( مثل الحديد، والكروم، الألمنيوم، المغنيسيوم). تجمعت هذه الكرات على الحافة مشكلة هالة حول المنظومة الشمسية، وقد قدّر عددها بـ 100 مليار كرة تبعد 10 آلاف مليون كيلومتر عنها..
اختلفت الآراء حول زمن تشكل هذه المذنبات، لكن الرأي الغالب هو أنها تشكلت في زمن يلي تشكل الشمس والكواكب، وأن ما دفع هذه الغازات والأتربة إلى الحافة هو الرياح الشمسية القوية.

وتعمل عوامل الجذب الكوني المختلفة على على إخراج بعض هذه الكرات من المدار الذي تسلكه الهالة الكونية تلك، لذا تتخذ الكرات احد المدارات التالية الثلاث:
مدار خارج المنظومة الشمسية، حيث تندفع الكرة إلى خارج المنظومة إلى غياهب الفضاء فلا ندري عنها شيئا،
2. أو تندفع في مدار اهليجي شديد الاستطالة حول الشمس،
3. والحالة الأخيرة أن تسلك الكرة مدارا على شكل قطع زائد مفتوح، وهذا يعني أن تدور مرة حول الشمس ثم تخرج من المنظومة نحو الفضاء، في رحلة بلا عودة.

[align=center][/align]

الآن، كيف يتشكل المذنب؟
تنطلق الكرة المتجمدة من حافة المنظومة، في طريقها إلى الشمس، على شكل كرة غير منتظمة مشوهة، مليئة بالثقوب والممرات والحفر، يترواح قطرها بين (5 – 30) كيلومترا.
الان، عندما تقترب الكرة أكثر فأكثر من الشمس، تبدأ تأثيرات الحرارة على الكرة الغازية المتجمدة، فيتحول جزء من كتلتها الصلبة إلى غاز متسام ممزوج بالغبار على سطح الكرة، وبعضه الاخر يخرج من داخل الكرة عبر الشقوق على شكل نوافير.
يأخذ الغبار الكوني بالتمدد كلما اقتربت الكرة من الشمس، وذلك بفعل الحرارة والرياح الشمسية، ويأخذ جزء من تلك الغازات بالاندفاع نحو الاتجاه المعاكس للشمس مكونا ذيلا..ولهذا سمي المذنب، مذنبا!.

وحتى نتعرف الصورة التفصيلية لمكونات المذنب، دعونا نلق نظرة أكثر تفحصا:
أقسام المذنب
يتكون المذنب من قسمين أساسيين، هما:
1. الرأس :
يشتمل رأس المذنب على ثلاث أقسام، هي النواة، والعباءة، والسحابة الحاجبة للنواة.
النواة: كرة صلبة غير منتظمة تكثر فيها الحفر والشقوق، قلبها هش اسفنجي حيث تكثر فيه الممرات والدهاليز.
العباءة: أو الكوما، هي كرة غازية تحيط بالنواة، وهي التي نراها بالعين المجردة مثل الكوكب الدري المتألق.
هذه العباءة ناتجة من الغازات الخارجة من سطح الكرة، وكلما اقترب المذنب من الشمس قل سمكها كما هو مفهوم، حيث تدفع الرياح الشمسية هذه الغازات المتوهجة نتيجة الضغط بعيدا في الاتجاه المعاكس.

[align=center]
العبــــــاءة (الكوما)[/align]

السحابة الحاجبة للنواة: تتشكل عندما يقترب المذنب كثيرا من الشمس حتى مسافة (150 - 300) مليون كيلومتر، حيث تقوم حرارة الشمس عندها بإثارة الغازات المنطلقة من النواة ، لتتحول إلى سحابة كثيفة تحيط بالنواة وتحمي باطنها من الرؤية، ومن الحرارة كذلك؛ حيث يظل الباطن باردا للغاية في حدود -150 رجة مئوية.

2. الذيل
عرفنا الآن كيف يتشكل الذيل مع اقتراب الكرة المتجمدة تلك من الشمس ، حيث تضغط الرياح الشمسية العباءة الغازية ، فيندفع منها في البداية ذنب مؤلف من مزيج من الغازات والغبار الكوني، وهو الأكثر.
هذا الذيل يتصف بأنه طويل ومنحني، ولونه مائل للحمرة.

[align=center] [/align]

أما الذيل الناشئ من الغازات المثارة من النواة فيكون قصيرا نوعا، ومستقيمان بينما يميل لونه إلى البياض المزرق..
[align=center] [/align]

وعلى كل لا يشترط وجود ذيلين في المذنب، ويتراوح طوله الذيل من عشرات الملايين من الكيلومترات إلى مئات الملايين من الكيلومترات.

[align=center][/align]

متفرقـــــــــــــــــــات:
1. ربما استنتجت هذه المعلومة؛ وهي أن المذنبات قليلة الكثافة للغاية، فهي كتلة غبارية غازية - كما قلنا - مليئة بالفراغات، وكثافته لا تزيد عن 0.05 كثافة الماء!، هذا يعني أن لو كتب على المذنب ان يبلغ سطح الماء لطفى على سطحه كما تطفو الفقاعات عليه!.

2. لو قدّر لك أن تمسك مذنبا كما فعل الرحالة الصغير، فإنك ستتكهرب!، حيث دلت الدراسات التي أجريت على ذيول المذنبات على وجود كهرباء فيها، حيث تثير الرياح الشمسية وحرارتها الذرات وتأينها .

3. قد يتساءل البعض عن سبب ظهور المذنب بهذا الشكل المتألق، والجواب هو أشعة المذنبات: حيث يضيء رأس المذنب وذيله لسببين، أولها هو عندما يعكس الرأس أشعة الشمس عن سطحه، والسبب الثاني هو تأين الذرات مما يجعلها تطلق تلك الفوتونات الضوئية، فيشاهد الرائي عن سطح الأرض ما يشبه الكوكب الدري المضيء.

4. قد تضطرب حركة المذنب أثناء اقترابه من الشمس، حيث تؤدي الحرارة إلى تحول مادة الرأس الهشة إلى غاز وغبار يندفع عبر الشقوق على شكل نوافير قوية مما يسبب رد فعل عنيف يجعل المذنب (يترنح) في مداره.

5. هناك الكثير من المذنبات الشهيرة، منها مذنب مودهاوس: هذا المذنب كان غريبا ملفتا للنظر، حيث كان ذيله ينفصل عن الرأس ثم يعود للالتحام معه!. يقول العلماء أن في هذا دليل على اقتراب نهاية عمر المذنب.

[align=center] [/align]
[align=center]انفصال الذيل والتحامه[/align]

هناك مذنب آرند – رونالد، الذي تميز بصغر حجم رأسه وذيله الذي بدا كصفيحة للراصد، لكن الأمر لم يتعدى اختلاف زاوية النظر اليه.

[align=center] [/align]

ومذنب سيكي – لين و سيكي - ايكا. وكما هو واضح تسمى المذنبات على اسم مكتشفها كتشجيع على مراقبة السماء واكتشاف المزيد.

[align=center][/align]

انفجـــــار المذنبات:
أشهر الحوادث التي رصدت لانفجار مذنب على سطح الأرض هي حادثة مذنب إنكي أو مذنب تونجوسكا، والأخيرة هي منطقة في سيبيريا التي كانت تابعة للاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت.
عندما تدور المذنبات حول الشمس فإنها تقترب مرتين من الكواكب؛ الأولى عندما تقترب من الشمس لتلف حولها، والثانية عندما ترجع عائدة إلى الفضاء الخارجي. فإذا صادف وجود كوكب في نقطة التقاطع هذه فإن هذا معناه أن يصطدم المذنب بالأرض لا محالة، وهذا ما حصل في تونجوسكا.
أبلغ الأهالي عن رؤيتهم كرة نارية ضخمة تهوي فوق رؤوسهم، لم تلبث أن اصطدمت بالأرض محدثة صوتا كهزيم الرعد، وتطاير الناس ليقذفوا أرضا، بينما تحطمت النوافذ وكفت الأبقار عن ادرار اللبن.
ولكن لم يهتم أحد ببلاغات الفلاحين البسطاء في تلك المنطقة، في ظل النظام الشيوعي، وبعد فترة ليست بالقليلة قدم فريق لفحص المنطقة، فوجدوا دائرة ضخمة اختفى كل ما فيها، واقتعلت النباتات والأشجار من جذورها حولها، لكن من دون أي أثر أو اشعاع..
[align=center]


كوارث تونجوسكا[/align]

كانت التفسيرات التي وضعت له هو ارتطام نيزك بالأرض، لكن لم يوجد أي نوع من الصخور في منطقة الاصطدام، ولا حتى أي نوع من الاشعاعات، واقتنع الكثير أن طبقا طائرا هوى ليصطدم بالأرض هناك..
التفسير العلمي الذي تم التوصل إليه هو انفجار مذنب: حيث أن اقتراب رأس المذنب الهش المكون من غازات وغبار من سطح الأرض يجعله يتبخر سريعا خلال عبوره في الغلاف الجوي، وبفعل الاحتكاك فإنه (يشتعل) ويصبح كأنه كتلة نارية متوهجة تهوي بسرعة.
عند اقتراب الرأس الداخلي للمذنب من الأرض، فإنه يدفع أمامه الغازات التي يواجهها ، حتى إذا ما اقترب كثيرا من سطح الأرض أصبحت موجة الغازات المضغوطة بينه وبين سطح الأرض، أقوى من أن يحتملها، انفجر محدثا دويا هائلا وموجة صدمة هائلة واسعة الأبعاد من الهواء الساخن اللافح، حيث يقصف الأشجار ويقتلعها من جذورها محترقة. وقد يتواجد قطع صغيرة من الماس!، نتيجة الضغط والحرارة المريعة مما يحول الفحم الموجود في تركيب المذنب إلى ماس.

[align=center][/align]

عمر المذنبات:
يستمر المذنب في مسيرته حتى تتبخر مادته، أو ينفجر نتيجة اصطدامه بكوكب كما حدث في تونجوسكا، لكن الأمر لا يحدث سريعا كما يتوقع البعض، فعلى سبيل المثال تؤكد الدراسات أن مذنب هالي سيستمر في دورته حول الشمس، وهو الذي يرى كل 76 سنة مرة، سيستمر 2300 مرة أخرى حتى يختفي!!، مع العلم أن أول اشارة له كانت قديمة للغاية ووردت في الكتابات الصينية قبل ما يزيد عن 3 آلاف عام!.

حتى رحلة أخرى، فلكية، ممتعة، تقبلوا تحيات اسرة البرنامج
والسلام عليكم