نعلم ان قوة الجاذبية تزداد بزيادة كتلة الجسمين المتجاذبين وتتناقص مع مربع المسافة بين مركزيهما هذا هو قانون الجذب العام. ومع ان كتلة الشمس تشكل ما يقارب 99.8% من كتلة المجموعة الشمسية وتبعد عن الكرة الارضية حوالي 150 مليون كيلومتر، إلا أنها لا تزال تؤثر على القمر الذي يبعد عن الأرض بمقدار 348,000 كيلومتر بقوة جاذبية تعادل ضعف قوة جذب الأرض للقمر. إذا كان هذا هو الحال فلماذا لا تستطيع الشمس سرقة القمر من الأرض؟ ولماذا لا يترك القمر الأرض ويدور حول الشمس بدون الأرض؟
في الحقيقة ان مصطلح قمر الارض وكل أقمار الكواكب الاخرى هو مصطلح غير دقيق وقد يكون مضللا بعض الشيء لانه يعطي انطباع ان القمر لا يدور حول الشمس وانا يتبع الأرض او الكواكب الاخرى. ولكن في الواقع فان القمر يدور حول الشمس وفي نفس اللحظة يدور القمر ايضا حول الأرض. وكل أقمار المجموعة الشمسية تدور حول الشمس. ولو نظرنا إلى الأرض والقمر من مكان بعيد سنجد ان الأرض تدور حول الشمس، وكذلك القمر يدور حول الشمس بنفس المعدل، ولكنه يقوم بحركة حلزونية حول الأرض كما هو موضح في الفيديو في نهاية هذا المقال عند الثانية 43.
مسار القمر حول الارض ومسار الارض حول الشمس وكلا من القمر والارض يدوران حول الشمس
وللإجابة على سؤال هذا المقال، لماذا لا تستطيع الشمس سرقة القمر؟ بمعنى لماذا لا يستطيع القمر الإفلات من جاذبية الأرض والانجذاب نحو الشمس سوف نقوم بالاستعانة بما يعرف بنموذج بئر الجاذبية.
يمكن تشبيه مجال الجاذبية المحيط بالشمس والكواكب الاخرى بالبئر العميق، ولان الشمس لها الكتلة الأكبر في النظام الشمسي فان بئر الجاذبية لها سوف يكون الأكثر عمقا.
يكون سلوك دوران الأجسام الصغيرة حول الشمس كما لو ان هذا الجسم يسقط في بئر، وكلما كان البئر أعمق كلما كان اشد انحدارا وكلما كانت سرعة سقوطه اكبر وكلما كان من الصعب تسلق البئر او الافلات منه. لنتخيل ان للشمس بئر يحيط بها وان الكواكب تسقط فيه بلا حول ولا قوة.
يوضح الخط الابيض بئر جاذبية الأرض وفيه القمر ويوضح ايضا بئر جاذبية الشمس وفيها الارض والقمر
على اي حال فان للكواكب أيضا جاذبية ولها حجم كبير لكن ليس بحجم الشمس، ولهذا فإنها تكون محاطة ايضا ببئر جاذبية ولكن اقل عمقا من بئر جاذبية الشمس. ودوران القمر حول الأرض هو أيضا سقوط في بئر جاذبية الأرض. بمعنى ان القمر يسقط في بئر جاذبية الأرض ومستمر في السقوط، وكلا من القمر والأرض يسقطان في بئر جاذبية الشمس ومستمرين في السقوط ولهذا السبب فان كلا من القمر والأرض يدوران حول الشمس بنفس المعدل، وبهذا يكون القمر يسقط في بئر داخل بئر اخر.
لهروب القمر من الأرض الأرض عليه يتحرك بسرعة أكبر من سرعة الافلات او سرعة الهروب، اما اذا كانت سرعته أقل من سرعة الهروب فإنه لن يكون قادرا على الهروب من الأرض وسيستمر في دورانه حول الأرض (أو السقوط في بئر جاذبية الأرض).
وحيث ان سرعة دوران القمر حول الأرض تبلغ 1 كيلومتر في الثانية وهي أقل من سرعة الهروب والتي تساوي 1.2 كيلومتر في الثانية، فإن القمر لن يهرب من الأرض إلى الشمس.
قد يبدو لنا هذا الفارق بين سرعة هروب القمر وسرعته الفعلية 0.2 كيلومتر في الثانية صغيرة، إلا إنها كافية لمنع الشمس من سرقة القمر.