توصل العلماء الى آلية جديدة تسمح للوحدات الكم في ان تبقى في درجة حرارة الغرفة لمدة 39 دقيقة متواصلة بدون انقطاع في استقرار الوضعية التي تتواجد فيها، الامر الذي يعتبر انجازا علميا كبيرا لم يسبق ان توصل اليه الباحثون برغم المحاولات الكثيرة في هذا المجال. وقبل هذا الاكتشاف كانت وضعية الكم الهشة في حالتها الاعتيادية يمكنها ان تبقى لوقت قصير جدا، لكن ما تحقق في التجارب التي قام بها فريق البحث يعتبر رقما قياسيا لهذه الوضعية ويبلغ 39 دقيقة متواصلة مما سيمكن العلماء من تجاوز حاجز مهم في بناء حواسيب كمية فائقة السرعة يمكن ان تحدث ثورة في عالم الكمبيوتر.
وقال باحثون من جامعة اكسفورد البريطانية ان اختبارا اجراه متخصصون من الجامعة مع علماء اخرين من جامعة سيمون فريزر الكندية، ادى الى وضع وحدات كمية يطلق عليها تسمية الكوابايت في وضعية خارقة يمكن فيها ان تكون عبارة عن تسلسلات لرقمي (صفر- واحد) في الوقت نفسه مما يسمح لها بالقيام بالكثير جدا من العمليات الحسابية في ذات الوقت وهو امر لم يكن ممكنا قبل هذا الوقت.
وتسلسلات الصفر والواحد هي التسلسلات المستخدمة في المعالجات التي تستخدمها الحواسيب لاجراء العمليات الحسابية التي تعد اساس كل عملية حاسوبية.

تجارب ونتائج

وخلال التجارب التي قام بها فريق البحث، جرت زيادة درجة حرارة المنظومة التي تمثلت في معلومات مضمنة في جزئي يحتوي ذرات فسفور مدمجة في مادة السليكون، من 269 درجة تحت الصفر الى 25 درجة مئوية ،حيث تبين ان هذه الوضعية الفائقة للكم استمرت لفترة 39 دقيقة.
وكانت الفترة الزمنية القياسية التي سجلت للوضعية نفسها خارج السليكون للبقاء في درجة حرارة الغرفة، هي ثانيتان فقط.
ووجد فريق البحث ايضا انه يمكنه التلاعب بالكوابايتات الموجودة مع زيادة درجة الحرارة الخاصة بالمنظومة، كما انهم كانوا متفائلين فيما يتعلق بهذه المعلومت المضمنة في الكوابايتات حيث انها يمكن ان لا تعود الى طور التجمد اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان التقنيات المستخدمة في قراءة الكوابايتات تعمل في درجات الحرارة المنخفضة فقط.
وقد تبدو الدقائق التسع فترة ليست بالطويلة، لكن الامر يتطلب فقط واحدا بالمئة الف من الثانية لانقلاب الدوران النووي لايون الفسفوروس وهي العملية المستخدمة في تشغيل الحسابات الرياضية الكمية مما يعني بان هنالك نحو مليوني عملية رياضية يمكن تطبيقها في واحد بالمئة فقط من الوقت الذي يتطلبه انتهاء الوضعية الخارقة للكم وهو الوضع الذي تكون فيه الجزيئات عبارة عن تسلسلات مترابطة من الصفر والواحد.
وفترة الحياة الطويلة لهذه للايونات يمكن ان يساعد اي شخص يعمل على بناء حاسوب كمي بحسب ما تقوله ستيفاني سايمونس من قسم دراسة المواد في جامعة اكسفورد.

خرق علمي

ويقول مايكي ثيوالت من جامعة سايمون فرايز ان هذا الخرق العلمي سيفتح الباب امام احتمالية التوصل الى خزن طويل الآمد للمعلومات في درجة حرارة الغرفة.
وابتدأ الفريق عمله باستخدام شظايا من السليكون المغمسة بمقادير قليلة من عناصر اخرى تتضمن الفسفوروس. وتم تضمين المعلومات الكمية في نويات ذرات الفسفوروس حيث ان كل واحدة تمتلك خاصية كمية جوهرية تسمى السبين او المغزل الذي يعمل عمل القضيب المغناطيسي المصغر عند وضعه في حقل مغناطيسي ما. ويمكن التلاعب بالمغازل او السبينات او مناقلتها من نقطة الصفر العليا الى نقطة الواحد السفلى او اية زاويا بين النقطتين مما ينتج عنه تمثيل للوضعية الخارقة للحالتين.
وقام الفريق بتهيئة انموذجه الاولي عند اربع درجات مئوية فوق نقطة الصفر المئوي المطلق وهي درجة حرارة 269 تحت الصفر، ومن ثم قاموا بوضع الانموذج في حقل مغناطيسي. واستخدمت نبضات لحقول مغناطيسية اخرى لحرف اتجاه الغزل النووي وخلق حالات متعددة للوضعية الخارقة. وعند احتجاز الانموذج عند هذه الدرجة المجمدة، كان الغزل النووي لنحو 37 بالمئة من الايونات- وهو العلامة الفارقة النموذجية لقياس تماسك الكم- بقيت في الوضعية الخارقة الخاصة بها لمدة ثلاث ساعات. والشظية نفسها بقيت لمدة 39 دقيقة عند رفع درجة حرارة المنظومة الى 25 درجة مئوية.
وتقول ستيفاني سيمونز ان هذه الفترة الزمنية هي اطول بعشر مرات عن الفترات التي جرى قياسها في التجارب السابقة، فضلا عن توصل العلماء الى منظومة لم تنتج اي ضوضاء مما يشير الى انها تحتوي كوابايتات عالية الاداء.
ولم يزل هنالك الكثير من العمل قبل ان يتمكن الفريق من القيام بعمليات حوسبة كمية واسعة النطاق.
فالغزل النووي لعشرات المليارات من ايونات الفسفوروس المستخدمة في هذه التجربة، قد وضع في الوضعية الكمية نفسها. ومن اجل القيام بالعمليات الحسابية سوف يكون الفيزيائيون بحاجة الى وضع كوابايتات مختلفة في وضعية كمية مختلفة من اجل ان تتمكن الكوابايتات من الاتصال ببعضها البعض. ويقول سيمونز ان هذا الامر يمثل التحدي الاخير امام العلماء لانتاج الحواسيب الكمية الفعالة.
عن موقع نيوز ديلي