هل نسيت إطفاء أنوار المنزل؟ لا توجد مشكلة! فقط ارفع يديك، ولوح بإصبعك بالهواء، وإذا بالأضواء تنطفئ. وإذا رغبت في تغيير القطعة الموسيقية التي تستمع إليها، فقط حرك يدك إلى اليمين، وقلب بين الأغنيات حتى تجد مرادك.

قام علماء الكومبيوتر في جامعة واشنطن في أميركا، بتطوير تقنية التعرف على الحركات والإيماءات، بحيث باتت أقرب إلى الحقيقة الواقعة. فقد أثبت هؤلاء أن بالإمكان التأثير على إشارات «واي - فاي» التي تحيط بنا، للتعرف على حركات معينة، من دون الحاجة إلى تركيب مستشعرات، أو كاميرات على الجسم. وعن طريق استخدام جهاز توجيه الإشارات «واي - فاي» (راوتر)، وبضعة أجهزة لاسلكية في غرفة الجلوس، سيكون بمقدور المستخدمين التحكم بأجهزتهم الإلكترونية والمنزلية، من أي غرفة بالمنزل، عن طريق حركة أو إيماءة بسيطة. ويقول شيام غولاكوتا كبير الباحثين في الجامعة المذكورة، وأستاذ علوم الكومبيوتر وهندستها إن «هذه إشارات لاسلكية يمكن إعادة تشكيل الغرض الأصلي منها، التي يمكن أن تكون موجودة وفق أساليب جديدة، إذ يمكن في الواقع استخدام الموجات اللاسلكية المتوفرة فعلا للتعرف على الحركات، من دون الحاجة إلى إعادة نشر المزيد من المستشعرات».



* رصد الحركات

* وكان هذا الفريق الذي ضم أيضا شويتيك باتيل، الأستاذ المساعد لعلوم الكومبيوتر والهندسة الكهربائية ومختبره، قد نشر نتائج البحث أخيرا على الشبكة، وقدمت إلى المؤتمر الدولي السنوي التاسع عشر لعلوم الكومبيوتر الجوالة والتشبيك تحت اسم تقنية «واي سي» (WiSee).
والمبدأ هنا مشابه إلى تقنية «كينيكت» في جهاز ألعاب «إكس بوكس» من مايكروسوفت الذي يستخدم الكاميرات للتعرف على الحركات. لكن تقنية جامعة واشنطن بسيطة ورخيصة، ولا تتطلب أن يكون المستخدمون في الغرفة ذاتها مع الجهاز الذي يودون التحكم به، وذلك لأن إشارات «واي - فاي» يمكنها تجاوز الجدران، ولا يتحكم بها خط النظر، أو القيود الصوتية.
وكان الباحثون هؤلاء قد شيدوا جهاز استقبال ذكيا يمكنه «الإصغاء» إلى البث اللاسلكي جميعه الصادر عن الأجهزة في المنزل، بما فيها الهواتف الذكية، واللابتوب، والأجهزة اللوحية. ويمكن تكييف جهاز توجيه الإشارات ليعمل كجهاز استقبال. فلدى تحرك الشخص تحصل «خلخلة» أو تغيير بسيط في الترددات اللاسلكية، فتحريك اليد، أو القدم، يجعل جهاز الاستقبال يكتشف نمطا من التغيير يعرف بتحول ذبذبات «دوبلر».
وتغيرات الذبذبات أو الترددات هي طفيفة جدا بحدود هيرتزات قليلة لدى مقارنتها مع إشارات «واي - فاي»، التي هي بنطاق 20 ميغاهيرتز، وتعمل بسرعة 5 غيغاهيرتز. وقد طور الباحثون خوارزميات لتحري هذه التحولات الطفيفة، وفقا لما نقله موقع «فيز.أورغ» الإلكتروني. وتقوم هذه التقنية أيضا بحساب الفجوات والثغرات بالإشارات اللاسلكية عندما لا تقوم الأجهزة بالبث.



* دقة عالية

* ويمكن لهذه التقنية التعرف على تسع حركات مختلفة للجسم البشري، التي تتراوح بين الدفع والسحب والتحرك بطول الجسم. وقام الباحثون باختبار هذه الحركات الصادرة عن خمسة أشخاص موجودين في شقة مكونة من غرفتين، وفي مكتب أيضا. ومن أصل 900 حركة مختلفة، تمكنت تقنية «واي سي» من تصنيف 94 في المائة منها، بدقة بالغة.
وهذه هي التقنية ألأولى التي تعمل في المنزل من دون الحاجة إلى آلات ومستشعرات، أو كاميرات موزعة هنا وهناك في الغرف، كما يقول غيفان بيو التلميذ الزائر في الجامعة المذكورة والمتعاون في مشروع البحث. ولا يتطلب النظام سوى جهاز استقبال واحد، مع الكثير من الهوائيات. ويقوم كل هوائي بالتوالف حدسيا مع حركات معينة للمستخدم، مما يتيح قيام خمسة أشخاص بالتحرك في وقت واحد في المسكن ذاته، من دون التشويش على جهاز الاستقبال. وإذا رغب أحدهم باستخدام «واي - سي»، عليه أن ينجز حركات تكرارية محددة، بغية الوصول إلى جهاز الاستقبال. وفكرة وجود «كلمة سر» أو «مرور» من شأنها الحفاظ على أمن النظام والحيلولة دون قيام الجار، أو أي متطفل بالتحكم بالجهاز في منزلك. وحال قيام جهاز الاستقبال اللاسلكي بالاستقرار على حركات المستخدم، يمكن للأخير القيام بالحركات العادية، للتفاعل مع الأجهزة المنزلية. ويمكن برمجة جهاز الاستقبال لفهم حركة معينة تخص جهازا معينا.
وكان المساهمان في المشروع هذا باتيل وسيدهانت غوبتا طالب الدكتوراه في علوم الكومبيوتر وهندسته، قد عملا مع «قسم الأبحاث» في «مايكروسوفت» على مشروعين تقنيين مماثلين، وهما «ساوند وايف» الذي يستخدم الصوت، و«هيومانتينا» الذي يستخدم الإشعاعات الصادرة عن الأسلاك الكهربائية. وكلا النظامين يتحسس حركات الجسد. لكن «واي سي» مختلف، نظرا لأنه لا يتطلب من المستخدم وجوده في الغرفة ذاتها الموجود بها جهاز الاستقبال، أو الجهاز المراد التحكم به. وبذلك يصبح المنزل الذكي حقيقة واقعة، مما يتيح تشغيل الفرن عن طريق إشارة بسيطة من اليد، أو تشغيل غلاية القهوة من السرير. ويخطط الباحثون النظر مستقبلا على إمكانية التحكم بأجهزة متعددة مرة واحدة، وكان العمل الأولي قد مول من قسم علوم الكومبيوتر وهندسته في الجامعة المذكورة.