هل استطيع ان اتحدث عن الاستاذ بدون مثالية لو سمحتم؟؟
هذا موضوع قرأته وهزني، ربما شعرنا بمثله...

لست استطيع اكتابة بصراحة في تفاصيل المعلم المثالي لأنني لااعتبر نفسي واحدا منهم،،
ثم، كيف تكتب عن شيء تكرهه؟

المعلمون،،،في سنة أولى تدريـــس!!!

مازالت كريستين سيمبسون تتذكر توقفها عن العمل بعد أن ولى أحد طلاب الصف الثالث الابتدائي الأدبار من فصلها، ومازالت تتذكر أياماً كثيرة للغاية وقفت فيها أمام فصلها وانخرطت في البكاء، كما و تذكر كريستين، أن "الإحباط كان هائلاً للغاية"، وتعني بذلك تجربتها كمعلمة في السنة الأولى بمدرسة كارولينا الشمالية الابتدائية، وتقول عن هذه التجربة "لم أكن أعرف ماذا أفعل، ولم يقدم لي أي امرئ آنذاك أي مساعدة".
إن كريستين سيمبسون ومعلمات جديدات أخريات يشكلن تلك القصة المنسية أحياناً في قضية نقص المعلمين التي تلقى تغطية إعلامية ضخمة. فالخريجون، الحاصلون على درجات علمية حديثة للغاية وقدر ضئيل جداً من الخبرة، يتزايد عددهم في صفوف مهنة التدريس، حيث يشكلون أكثر من ثلثي العاملين الجدد سنوياً، وفي الوقت نفسه يترك عدد لا بأس به هذه المهنة كل عام، وهو الأمر الذي تقول عنه السيدة كريستين إنها تفكر فيه ملياً يومياً.
ووفقاً للإحصائيات المتوفرة، فإن 17.1% من المعلمين الجدد بالمدارس الحكومية (العامة) يهجرون مهنة التدريس خلال السنوات الأربع الأولى لشغلهم الوظيفة، بل إن 9.3% منهم يترك تلك الوظيفة بعد عام واحد فقط. وتسجل دراسات أخرى أن معدل الاستنزاف يتراوح ما بين 30% و50% في السنوات الخمس الأولى للعمل بمهنة التدريس.
استئجارالمعلمين
إن كثيراً من الأنظمة التعليمية تعتمد على عدد من الأشخاص المستأجرين خلال فترة معينة للاستعاضة عن المعلمين المتخلفين عن العمل، وفي ظل هذا الاضطراب المستمر وتدني مستوى الأجور لهؤلاء المستأجرين، تضمن المدارس توفر عمالة رخيصة نسبياً لتعويض أجور المعلمين المتمرسين ذوي الخبرة، ويذكر البعض أن هذا سبب كاف لتغاضي المناطق التعليمية عن المشكلات التي يواجهها المعلمون الشباب. ومثل هذا الحل الدوار - مدرس للصف الأول لمدة عام واحد، ثم وكيل تأمين في العام الذي يليه - يضر المعلمين والأطفال والمدارس نفسها على السواء. فالحل المذكور غير فعال ويفسد الأخلاق ويوقع الفوضى، ويتسبب في وقوع مثالب خطيرة ومؤكدة في ثقافة كثير من المدارس حيث لا يتوفر غالباً الوقت الكافي أو حتى أقل حافز للتعاون.
استعداد المعلم
وتتحمل كليات التربية جزءاً من اللوم لأنها لا تهيئ طلابها وخريجيها للواقع الذي سيواجهونه في الفصل المدرسي، علاوة على ذلك تعمد كثير من المدارس - على ما يبدو - إلى جعل وظيفة التدريس القاسية أكثر صعوبة.
فالمدارس تتعاقد مع المدرسين الجدد قبل أيام أو أسابيع قليلة من بدء العام الدراسي الجديد، مما لا يتيح وقتاً كافياً للمعلمين للتهيؤ والاستعداد للمهمة المنوطة بهم في الفصل لأول مرة، وعلى المنوال نفسه أيضاً تكلف المدارس المعلمين الجدد بالقيام بعدد الحصص نفسها التي يقوم بها نظراؤهم من المعلمين الأكثر خبرة وتمرساً، ثم يطلبون منهم القيام بعمل مضاعف كتولي تدريب فريق الكرة أو العمل كمستشار صحفي لجريدة المدرسة مما جعل عامهم الدراسي الأول بمنزلة ماراثون محطم للأعصاب.
أما بالنسبة للتحضير والاستعداد، فلا تعطي كثير من المدارس إلا أياماً قليلة معدودة للمدرس لتولي منصبه التدريسي الجديد وذلك في بداية العام الدراسي، ثم تترك هؤلاء المعلمين الجدد ليتصرفوا وفق اجتهاداتهم الشخصية.
شراسة الطلاب
وقد كانت تجربة السيدة كريستين سيمبسون نموذجاً متكرراً لما ذكرناه. وغالباً ما يواجه المدرسون المعينون لأول مرة صعوبة في تحقيق الانضباط والنظام داخل الفصل، خصوصاً أن ذلك ليس بالأمر الذي يتعلمونه في كليات التربية، على حد اعتراف المعلمين الشباب بذلك.
علاوة على ذلك، يتم تكليف هؤلاء المعلمين الشبان، مثلما حدث مع السيدة كريستين، بالتدريس للصفوف التي عرف المدرسون القدامى المتمرسون كيف يتهربون منها، وقد وصفت السيدة كريستين مشكلات النظام والانضباط التي واجهتها قائلة: "إن الطلاب كانوا شرسين".
ولم تتح للسيدة كريستين فرصة تذكر لطلب مساعدة الآخرين، فقد كانت تدرس داخل مقطورة على شكل فصل متحرك قائم على عجلتين أو أربع ورابض على أرض المدرسة. وكان أقرب مصدر تطلب منه المساعدة مدرس آخر مستجد مثلها في فصل مجاور مشابه.
وتذكر كريستين سيمبسون أن "الأمر كان أشبه بإنسانة محبوسة داخل ناد للفتيات وتعرضت للإنهاك والإرهاق الشديدين"، وقد تركت كريستين مدرستها في نهاية العام الدراسي لتشغل وظيفة أخرى في مدرسة ابتدائية أخرى.
تجربة أخرى
وقد تعرضت شيلي تيمبل، البالغة من العمر 23 عاماً، وتعمل مدرسة لأول مرة في أوكلاهوما، لتجربة مشابهة، أصابتها بالإرهاق والتعب الشديدين. ونظراً لصغر سنها، تعامل معها طلاب المدرسة العليا التي تدرس فيها كما يتعاملون مع أخت أو زميل لهم، ولم يعاملوها كمدرسة، وزاد الطين بلة أن جدولها الدراسي تضمن حصصاً مسائية لطلبة التعليم المهني مما جعلها تمكث في بعض الأيام في المدرسة من السابعة صباحاً حتى العاشرة مساءً. وعلى الرغم من أن السيدة تيمبل كانت تدرس الرياضيات والحاسب الآلي، إلا أن المدرسة ساوت بينها وبين معلم خاص تخصصه دراسات متقدمة في اللغة الإنجليزية.
تركت السيدة شيلي تيمبل وظيفتها معبرة عن رغبتها في عدم العودة إلى هذه المهنة. وتعمل الآن لدى شركة تقدم توجيهاتها الخاصة بالحاسب الآلي لطلاب مرحلة ما قبل المدرسة.
ويصف مدرسون جدد آخرون الصعوبات المشابهة التي واجهوها في بداية عملهم، والتي تتمثل في مديري المدارس الذين ليس لديهم الوقت أو الخبرة في التعامل مع المدرسين الجدد، وأولياء الأمور الذين لا يعيرونهم احتراماً يذكر، وزملائهم المعادين لأي تغيير، وجداول الحصص التي توقعهم في مصيدة الفصول طول الوقت.
وتقول السيدة كريستين سيمبسون "في المدارس، كل شخص مشغول بعمله ونفسه فقط". ومن ثم فإذا أردنا أن يواصل المدرسون الجدد عملهم، وينجحوا ويزدهروا بقوة، فما علينا إلا أن نكسر طوق العزلة المفروض حولهم بوجه خاص والذي يسود العمل الدراسي بوجه عام.
وقد سعت عدة برامج أعدتها الجامعة، مثل جماعات مساندة المعلمين الجدد بجامعة نورث كارولينا، والتي انضمت إليها السيدة كريستين سيمبسون، إلى تجميع المعلمين الجدد معاً خارج إطار المدرسة، وبدأت شبكات الكمبيوتر والبريد الإلكتروني في تدمير تلك الجدر والحواجز القائمة بين المدرسين الجدد والواقع المدرسي.
لكن المعلمين الجدد يطالبون بأشياء أخرى مثل الحاجة إلى الشعور بالجماعة في مدارسهم، وهو أمر صعب تحقيقه مادامت العملية التدريسية تتم خلف أبواب الفصول المغلقة، ويأمل المعلمون الجدد في بعض المساندة مثل تخفيف العبء التدريسي المنوط بهم القيام به وتكليفهم بالتدريس لفصول ذات كثافة طلابية أقل، وذلك خلال عامهم المهني الأول، ولكن هذا المطلب لن توفره المناطق التعليمية التي تعاني نقصاً في ميزانيتها المالية.
والآن دعونا ندق جرس الإنذار ونقول إنه بدون إجراء التغييرات المذكورة، فإن أحدث جيل من شباب المدرسين الخريجين لن يكونوا الفئة الوحيدة التي تفر من مهنة التدريس بل سيتبعها الحماس، والنشاط، والمثالية، والاستمرارية وهي أمور لا تطيق المدارس فقدانها وضياعها.