تحتاج التجربة الى حزمة كثيفة ونشيطة من نيوترينو ميو لقطع مسافة تصل إلى مئات الكيلومترات لنحصل في النهاية على نيوترينو تاو، وحالياً يحصل العلماء على هذه الحزمة القوية نتيجة اصطدام البروتونات المسرعة من خلال المسرعات إلى سرعات عالية جداً ومن ثم صدمها بمادة اسمها الغرافيت ( الكربون الصافي) فنحصل على عدد كبير من الجسيمات الأولية وخصوصاً البيونات والكايونات ( جسيمات أولية تتألف من مجموعة من الكواركات وتندرج تحت اسم الهادرونات وهي من فئة البروتونات والنترونات ) في الاتجاه المطلوب للدراسة والتجربة.
وتبدأ هذه الجسيمات بالإضمحلال اشعاعياً (تطلق النيترينو وتتحول لجسيمات أخرى بسبب نصف عمرها الصغير ) وتتحول إلى ميونات ونيترينوات وهذه الجسيمات بدورها تحافظ على اتجاه الجسيمات الاساسية .
مسرع سيرن تم تجهيزه لهذه التجارب بين عام 2000 إلى 2005 وبدأت التجربة صيف 2006 والآن حصلنا على النتائج .

تقول المجموعة المسؤولة عن التجربة إنها كانت حذرة جدا فيما تدعيه، فقد قال العالم انطونيو ايريديتاتو الذي وضع التقرير حول التجربة لبي بي سي: "لقد حاولنا ايجاد تفسير لهذه الظاهرة، وبحثنا عن اي اخطاء إن كانت تافهة او معقدة ولكننا لم نعثر على شيء من ذلك."، واضاف: "وعندما لا تجد تفسيرا، فعليك ان تسأل بقية زملائك العلماء ان يدققوا في الامر."
يذكر أن هذه الجسيمات توجد بعدة اشكال، ويمكنها التحور من شكل الى آخر، وقد قاس الفريق هذه الظاهرة 15 الف مرة، وتوصل الى نتيجة تعتبر في المحافل العلمية اكتشافا رسميا.
ولكن مجموعة البحث تعترف بأن من شأن "الاخطاء المنهجية" ان تعطي نتائج خاطئة، ولذا قررت نشر النتائج التي حصلت عليها، إذ يقول العالم ايريديتاتو "حلمي ان تتوصل تجربة مستقلة اخرى الى النتيجة ذاتها، عندئذ استطيع ان أخلد الى الراحة."
وفي تفاصيل اضافية فإن النيوترينوات اجتازت 730 كيلومترا تفصل بين جنيف ومختبر سان غراس في(ايطاليا) بسرعة 300006 كيلومترات في الثانية اي 6 كيلومترات في الثانية اكثر من سرعة الضوء.

واوضح المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي «بكلام آخر اذا كان لدينا سباق للمسافات الطويلة على مسافة 730 كيلومترا فان النيوترينو ستجتاز خط الوصول متقدمة 20 مترا» على الضوء، والنتيجة لم تأت ثمرة اختبار وحيد، فالنتائج التي نشرها سيرن والمركز الفرنسي هي ثمرة ثلاث سنوات من البيانات والمراقبة لاكثر من 15 الف حالة.
وأوضح داريو اوتييرو الباحث في معهد الفيزياء النووية في ليون والمسؤول عن تحليل قياسات اوبرا «لم اكن اتوقع كل هذا، امضينا ستة اشهر ونحن نكرر التجربة من الصفر في كل مرة».
تمت الاستعانة بكبار الخبراء المستقلين لضبط اجهزة القياس وتم التأكد مرارا وتكرارا من المعطيات الطوبوغرافية ومن نفق الجزيئيات.....حتى ان انحراف القارات وزلزال لاكويلا المدمر اخذا بالاعتبار.

وحاول العلماء الدوليون رصد اي قصور او خلل في تجربتهم من دون التوصل الى اي نتيجة مختلفة، فيبدو ان النيوترينو سافرت فعلا اسرع من الضوء متحدية نظرية اينشتاين حول النسبية.
وشدد المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي قائلا «نظرا الى التأثير الهائل لنتيجة كهذه على الفيزياء فمن الضروري القيام بقياسات مستقلة وحينها يتم دحض النتيجة التي رصدت او تأكيدها رسميا»، واضاف المركز الفرنسي «لذا فان الباحثين في اطار مشروع اوبرا رغبوا في اخضاع النتيجة لفحص اوسع من قبل اوساط الفيزيائيين» وقاموا بنشرها، وفي حال تأكيد هذه القياسات فإن انعاكساتها لاتزال تفوق الادراك.
ويقول بيار بينيتروي مدير مختبر الجزيئيات الفلكية في باريس ان ذلك قد يعني «ان جزيئية قد وجدت طريقا مختصرا في بعد آخر» وانه يوجد في الكون اكثر من ابعاد اربعة (الابعاد الثلاثة التي يضاف اليها الزمن).
وهو يضيف «يمكن ايضا الا تكون سرعة الضوء هي الحدود» مشددا في الوقت ذاته على ان السرعة القياسية التي سجلها النيوترينو لا تعني ان «اينشتاين قد اخطأ»، ويؤكد ستفاروس كاتسانيفاس المدير المساعد لمعهد الفيزياء النووي ان «اينشتاين لم يثبت ان نيوتن اخطأ بل وجد نظرية اكثر شمولية» اضيفت الى نظرية نيوتن.

ونقلت صحيفة الغارديان عن العالم انطونيو ارديتاتو الذي شارك في التجربة أن النتيجة أدهشت الباحثين "ولكن النتيجة لا تكون اكتشافا إلى أن يؤكدها آخرون".
وقال سوبير سركار رئيس قسم نظرية الجسيمات في جامعة اوكسفورد انه إذا تأكدت النتيجة فأنها ستكون حدثا ضخما، "فهي أمر لم يكن يتوقعه احد" موضحا "أن ثبات سرعة الضوء هو الأساس الذي ينهض عليه فهمنا للمكان والزمان والسببية، أي الحقيقة القائلة إن السبب يأتي قبل النتيجة"، وقال: "إن السبب لا يمكن أن يأتي بعد النتيجة وهذا أساسي بشكل مطلق لبنائنا الكون المادي،وإذا لم تكن لدينا سببية نكون في مأزق حقيقي".