أشرنا أول أمس لإعلان ناسا اكتشاف شكل جديد من أشكال الحياة في بحيرة مونو في كاليفورنيا، ونعود اليوم لهذا الخبر بمزيد من التفصيل:
لكن قبل أن نستوعب أهمية الاكتشاف الجديد دعونا نعود لوحدة البناء الأساسية التي نتكون منها:
نتكون أنا وأنت وكل من نعرف وجميع الكائنات الحياة بدءاً من البكتيريا فائقة الصغر وحتى الحيتان العملاقة من الخلايا الحية، وتعتمد هذه الخلايا في بنيتها الأساسية وتفاعلاتها الكيميائية على ست عناصر هي الكربون, الهيدروجين, النيتروجين, الأكسجين, الفسفور والكبريت، وهي المواد التي تشكل العناصر الأساسية للحياة كما نعرفها، والتي تشكل معنى كلمة “حياة” من الناحية العلمية، وهنا أتى الاكتشاف المذهل الجديد:

ليس في كواكب أخرى أو أجرام تبعد عنّا مئات السنين الضوئية، بل بجوارنا على كوكب الأرض اكتشف العلماء نوعاً من أنواع البكتيريا التي تتغذى على الزرنيخ (أكثر المواد سميّة لأغلب الكائنات الحية!!!)، وتقوم هذه البكتيريا بتحويل هذه السموم إلى بروتينات وجينات وراثية في حمضها النووي DNA !!
أي أننا نستطيع تلخيص ذلك الاكتشاف الثوري في جملة واحدة: الزرنيخ “السام” عنصر من عناصر بناء الكائن الحي!!
وما معنى ذلك؟
يعني ذلك الكثير:
1- أننا لا نعرف إلا القليل والقليل جداً عن أشكال الحياة على كوكب الأرض!!
2- أننا نحتاج لتعديل مناهج العلوم حول حقيقة عناصر الحياة التي اكتشفنا للتو أن معلوماتها عنها ناقصة!!
3- أنننا مقبلون على تغيير جذري في طريقة تفكيرنا بالنسبة لأشكال الحياة في الكون، لأن بحث العلماء الدائم عن حياة في الكون على كواكب أخرى كان مرتكزاً على البحث عناصر الحياة الموجودة على كوكب الأرض، لكن إذا كانت الحياة على كوكبنا يمكن أن توجد بصور لا تخطر على بالنا على الإطلاق، فكيف سيكون الحال بالنسبة للكون بأسره؟!!
تقول الدكتورة فيليسا وولف سايمون التي قادت فريق الباحثين:”إن اكتشافنا تذكير بأن الحياة كما نعرفها يمكن أن تكون أكثر مرونة مما نفترضه أو نتصوره عمومًا”!!
كانت الفكرة قد بدأت عام 2009 مع الدكتورة فيليسا وزميلها أرييل أنبار من جامعة أريزونا والباحث بول ديفيز عندما طرحوا بحثاً يتحدث عن إمكانية استخدام الزرنيخ بدل الفسفور في أشكال الحياة البدائية، ليكون ذلك البحث بدايةً لدراسة الكائنات الحياة في بحيرة مونو الغنية بالزرنيخ، وحينها فوجئوا بوجود بكتيريا استطاعت استبدال الفسفور بالزرنيخ كغذاء لها!!