السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية اود ان اشير الى ان الموضوع منقوووول من موقع معابر وفد صادفته اثناء تجوالي على الشبكه العنكبوتيه فاردت ان انقله لكم للفائدة ان شاء الله .

على الرغم من بعض الإخفاقات في البداية بدأ المصادم الكبير للهادرونات LHC المبني قرب جنيف في مراكمة المعطيات في درجات عالية جدًا من الطاقة لم يسبق الوصول إليها. والهدف من ذلك هو ملاحظة ورصد بوزون هيغز. كان هيغز قد تخيل وجود هذا الجسيم عام 1964، وسرعان ما أصبح له مكانة مركزية في فهمنا لبنية المادة. مع ذلك، وفي الوقت الذي بدا فيه أن الفيزيائيين بدأوا يلامسون هدفهم، راح بعضهم يشكك بالمسألة برمتها، فماذا لو لم تكن بوزونات هيغز سوى محض خيال؟ لا شك أن ذلك سيؤدي إلى انهيار عدد كبير من النظريات المعاصرة. وفي المقابل، فإن ذلك سيفتح أمام العلماء حقلاً لم يسبق له مثيل من إعادة بناء التصورات والأفكار، ولعل ذلك هو الأكثر تحفيزًا وحماسة.
تخيلوا أنكم فيزيائيون مختصون بالجسيمات الدقيقة وأن نحو 20 دولة وضعت بين أيديكم عدة مليارات من اليوروات لبناء جهاز ضخم الهدف منه هو سبر سر أصل الكتلة، هذا الشيء الذي لا يوصف والذي يبقى جسمًا في حالة حركة منتظمة طالما أن قوة خارجية لا تشوش على مسيرته. إن تعريفكم لمفهوم الكتلة يرتكز على وجود جسيم جديد، سمي "بوزون هيغز"، يفترض أن يستطيع جهازكم الكشف عنه. وبعد نحو عشرين سنة من التحضيرات يأتي النهار المنتظر. أفلا تشعرون أن الخوف يسيطر عليكم خشية أن تكونوا قد أخطأتم؟ وماذا لو كانت بوزونات هيغز غير موجودة أصلاً؟
في الحقيقة، هناك العديد من الفيزيائيين المختصين بالجسيمات الدقيقة يعترفون بخوفهم من أن الآلة الجديدة – مصادم الهادرونات الكبير LHC الواقع في المركز الأوروبي للبحث النووي CERN قرب جنيف – ستكتشف بوزونات هيغز لكن دون أي شيء آخر! لأن فيزياء الجسيمات في هذه الحالة يمكن أن تجد نفسها في نوع من الطريق المسدود. بل إن بعضهم يمضي بالقول إنه سيكون من المفضل ألا يكتشف المصادم شيئًا على الإطلاق.
خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي طوَّر فزيائيو الجسيمات الدقيقة نظرية سميت النظرية المعيارية للجسيمات، وهي إضافة إلى أنها لا تأخذ بعين الاعتبار قوة الجاذبية فإنها تشتمل على نقاط ضعف أخرى، لكنها سمحت بتفسير مجمل الأرصاد التي تمت في مسرعات الجسيمات الدقيقة. ومع ذلك فإن هذه الأرصاد لم تقدم سوى القليل من المعلومات حول وجود نظرية كامنة غير ظاهرة بعد أكثر جوهرية من النظرية المعيارية. ومن جهة أخرى، وعلى المستويات من الطاقة التي تم الوصول إليها بواسطة LHC فإن تنبؤات النموذج المعياري تقود إلى احتمالات رياضية ليس لها أي معنى من وجهة النظر الفيزيائية. ولهذا، لكي يتمكن العلماء من التقدم على المستوى النظري فإنه من الضروري والمنتظر أن يكشف الـ LHC عن بعض الأشياء أو الجسيمات الأخرى غير بوزونات هيغز. فإذا لم يتم ذلك، فإن العصر الذهبي الجديد الذي أعلن عنه للفيزياء يمكن أن ينتهي بشكل مبكر جدًا بعد أن بدا أنه انطلق.
يقول أحد النظريين العاملين في المركز الأوروبي للبحث النووي CERN، جوناثان إليس Jonathan Ellis، أن ذلك "سوف يكون أسوأ السيناريوهات". وهو سيعني بطلان وفراغ البحث في كل فيزياء جديدة حتى مستوى طاقة بلانك – وهي طاقة مرتفعة بشكل لا يصدق حيث تصبح كثافة قوة الجاذبية مكافئة لكثافة التفاعلات الأساسية الثلاثة الأخرى في الفيزياء: القوتان النووية الضعيفة والشديدة والقوة الكهرمغنطيسية.
ومن جهة أخرى، إذا لم يكتشف الـ LHC أي جسيم جديد، ولا حتى جسيمات هيغز، فإنه لا بد عندها من إعادة النظر في قوانين الفيزياء الكوانتية والنسبية الخاصة لأينشتين على حد سواء. "فكل ما اعتقدنا أننا نعرفه حول قوانين الفيزياء سوف ينهار عندها" كما يؤكد هارفي نيومان Harvey Newman، الذي يعمل في الحقل التجريبي في معهد التكنولوجيا في كاليفورنيا. ويضيف إنه من المستحيل بشكل أساسي ألا يرصد الـ LHC شيئًا جديدًا.
لكافة هذه الأسباب يشكل الـ LHC نوعًا من التحدي، حيث يأمل كثيرون أن يستخصلوا منه أعظم النتائج في محصلة هذا البحث الطويل نحو معرفة البنية الجوهرية الأدق للمادة.
وفي هذا الاتجاه، تشكل جسيمات هيغز بلا أدنى شك أشهر الجسيمات التي يجب اكتشافها ولم تكتشف بعد، وقد سماها ليون لدرمان Leon Lederman، الحائز على جائزة نوبل للفيزياء عام 1988، "جسيمات الله"، الأمر الذي يعبر عما يراه فيها العلماء كلبنات أولية لبنى الوجود والمادة. وفي الواقع، فإن هذا الجسيم يمثل حلاً لمسألة طرحها النموذج المعياري: كيف تكتسب الجسيمات الكتلة التي تميزها؟
تحمل هذه المسألة بشكل خاص على أصل كتلة جسيمين يسميان "بوزون W" و"بوزون Z"، وهما ينقلان القوة الضعيفة. ووفقًا للنموذج المعياري، فإن القوتين الكهرمغنطيسية والضعيفة تشكلان وجهين للظاهرة الفيزيائية نفسها. وبالطبع فهما ليستا قابلتين للتبادل (متعاوضتين): فالأولى يمكن أن تُلحظ نتائجها على مسافات ما بين النجوم، في حين أن تأثير الثانية محدود بنوى الذرات. ويفسَّر هذا الاختلاف في مدى التأثير بواقع أن الفوتونات، التي تؤلف الحقل الكهرمغنطيسي، تملك كتلة معدومة. بالمقابل، فإن الجسيمات التي تشكل حقول القوة الضعيفة، البوزونات W وZ، لها كتلة أعلى بـ 86 و97 مرة على التوالي ضعف كتلة البروتون.
وللأسف فإن النموذج المعياري لا يعود صحيحًا إذا حاولنا إعطاء كتلة للبوزونات W وZ، كما وللجسيمات الأخرى. فبشكل أو بآخر، يجب أن تنتج هذه الجسيمات من تفاعل بين جسيمات لها هي نفسها كتلة معدومة.
في الستينيات من القرن السابق وضع النظري البريطاني بيتر هيغز Peter Higgs فرضية وفقها يجب أن يكون الفراغ الذي تسبح فيه كافة أنماط المادة مليئًا بحقل قوة. ويستطيع هذا الحقل أن يتفاعل بشدة مختلفة مع الجسيمات، مكسبًا إياها عطالة معينة بحسب شدة التفاعل، وبعبارة أخرى كتلاً ذات قيم مختلفة. ويتألف هذا الحقل من جسيم جديد، هو بوزون هيغز، المختبئ بشكل افتراضي في كامل الفضاء "الفراغ".
وقد استطاع الفيزيائيون بالارتكاز على هذه النظرية التنبؤ بكتلتي البوزونين W وZ. وفي عام 1983 تم التحقق في المركز الأوروبي للبحث النووي من أن هاتين الكتلتين كانتا موافقتين لتنبؤات الفيزيائيين، وذلك بفضل المصادمات ذات الطاقة الكافية لإصدار البوزونين W وZ من الفراغ.

ونتابع .........