كيف هو شكل النواة ؟

صغر حجم النواة، فإننا لا نستطيع تحديد شكلها بالضبط ، فالذي نستطيع
تحديده من النواة هو طاقتها وكتلتها ، كما أن تصميم نموذج للذرة أسهل بكثير
من تصميم نموذج للنواة ، فكلنا نعلم الطاقة الكهرمغناطيسية التي تربط بين
النواة والإلكترونات ، فالموجب يرتبط بالسالب ، ولكننا لانعلم سوى القليل
عن الطاقة التي تربط بين جسيمات النواة ، كم أن قطر الذرة أكبر بكثير من
قطر النواة ، لذلك من الصعب تحديد شكل النواة الخارجي ، وهناك من العلماء
من قال بما أن الطاقة التي تربط بين جسيمات النواة أقوى بكثير من أي قوة
مؤثرة خارجية ، فإننا من الأفضل أن نقترح أن النواة تميل إلى كونها كروية
الشكل ، فأنتجت النظريات بعض النماذج عن النواة ، فكما ناقشنا نماذج الذرة
سنناقش الآن نماذج النواة ، فكر العلماء في أن من الممكن أن تكون علاقة
طاقة الترابط النووي مع النيوكلونات مشابهة لعلاقة الطاقة الكهرمغناطيسية
بالإلكترونات ، ففكروا بنموذج يسمى بالنموذج القشري ، ويقول هذا النموذج ،
أن النواة تتكون من قشريات أي مستويات ، وكل مستوى يدور فيه عدد معين من
النيوكلونات ، وعندما يمتلئ مستوى فإن المستوى الثاني يبدأ بالإمتلاء
،وعندما طرحت ماريا ماير فكرة الأعداد السحرية ، ازداد الدعم لنموذج
القشريات ،ولكن ما هي الأعداد السحرية ؟ ،إكتشفت الدكتورة ماير أن الأنوية
التي يكون عدد نيوتروناتها أو عدد بروتوناتها أو كليهما ، أحد الأرقام
التالية(2،8،20،28،50،82،126) فإنها تكون مستقرة نووياً ، فتمت إضافة بعض
الفروض إلى النموذج القشري ، منها أن هذه الأعداد السحرية هي أرقام
الإمتلاء في المستويات ، وكما أن الذرات التي عدد إلكتروناتها
(2،10،18،36،54،86) تكون مستقرة كيميائياً ، كذلك النواة ، كما أن هذا
النموذج يقول بأن هذه القشريات صلبة ومن الصعب الإنتقال بالطاقة من مستوى
إلى آخر ، كما أن التي يكون في مستواها الأخير نيترون وحيد فإنها تميل إلى
فقد أكثر من ميلها عندما يكون هذا النيوترون في قشرة متكاملة ، وقد حقق هذا
النموذج نجاحات كبير واستطاع أن يتنبأ بالكثير من الخصائص ، ولكنه أغفل
نقطة مهمة وهي الشحنة الكهربائية ، مما جعل آخرين ينتجون نموذجاً آخر ألا
وهو نموذج قطرة السائل ، حيث أن النواة في هذا النموذج مثل قطرة السائل ،
فالكثافة موزعة بالتساوي وكذلك الشحنة ، وتصبح هذه الكثافة صفر عند السطح
،وتتموج هذه القطرة (النواة) مع التأثيرات الخارجية ، كما أن غلاف النواة
متماسك أكثر من اللب ، وذلك لأن النيكلون في داخل النواة يكون مرتبط مع
البقية النيوكلونات من جميع الجهات ، أما النيوكلون الموجود على السطح فإنه
يكون مرتبطاً مع النواة من جهة واحدة فقط وهي جهة مركز النواة أما الجهة
الأخرى فتكون عبارة عن فراغ ، وهذا يشبه إلى حد ما التوتر السطحي عند
السوائل ، ولكن هذا النموذج مع سهولته ودقة نتائجه ، أخطأ في كثير من
الأشياء وخاصة عن الإستقرار النووي ، وهذا النموذج مرتبط بشكل كبير مع طاقة
الترابط النووية التي سنأخذها بالتفصيل إن شاء الله في المحاضرة القادمة
وقبل أن أختم المحاضرة أريد أن أضيف أنه في منتصف الخمسينات طرح العالم
الفيزيائي أيج بوهر وعدد من زملائه ، نموذجه الموحد عن النواة ، وهذا
النموذج دمج فيه النموذج القشري مع قطرة السائل ، بحيث تكون القشريات
متموجة وليست صلبة ، كما أنه قال في هذا النموذج أن النواة ليست كروية
دائماً ، فهي كروية في حالة الإستقرار النووي التام، ومشوهة في حالة عدم
الإستقرار ، كما أنها ثابتة في حالة الإستقرار ومهتزة في حالة عدم
الإستقرار ، فلاقى هذا النموذج أكبر الموافقة خاصة في التجارب المعملية ..