بسم الله الرحمن الرحيم
أدلة من الفيزياء علي خلق الكون من العدم
كلنا كمسلمون مؤمنون تماماً بأن الله سبحانه وتعالي خلق هذا الكون من العدم .. من الذرة إلي المجرة .. حيث قال له كن .. فكان كوناً بديعاً ومتناسقاً ومنظماً إلي أبعد حدود العقل البشري والذي لا يستطيع إدراكها .. أو تخيلها ... أو التعامل معها.


وكم كنت أدهش حينما أحاول أن أتخيل كيف خرج الكون من هذا العدم القاسي .. حاولت تصور الموقف .. ولكن عجزت مخيلتي عن وضع تصور لتلك الحقيقة الرائعة .. ليس إنكاراً مني لتلك الحقيقة .. ولكن لكي أحاول أن أدرك مدي عظمة وبديع صنع الله في الكون.


كانت عيني عاجزة أن تري تلك الحقيقة مع أنها كانت أمامي مباشرة في عدة مشاهدة كونية وفيزيائية رائعة.


كانت بداية توصلي لتلك المشاهدات .. هو أمين معمل كان يعمل معي منذ عدة سنوات .. كان هذا الرجل البسيط ذو المستوي التعليمي المتوسط .. والذي نشأ في قرية بسيطة جداً .. يحب البحث والاطلاع ... واعتقد أنه خدع بي وظن أني ذو عقلية علمية عبقرية فذة ..... !!!!!!!


كان دائماً يحب الاستماع إلي وأنا أحاوره عن الكون ونشأته .. ووضع تساؤلات عن بعض الظواهر الكونية والعلمية .. ومحاولاتي العديدة لربط العلم بالدين .. وذات يوم طلب مني أن أحاول الوصول إلي معادلة تثبت أن الكون خلق من العدم .. وبشيء من الأسف أعلنت له ضعف قدراتي الرياضية .. وأن هذا المطلب يحتاج إلي مهارات رياضية عبقرية .. والتمكن من فروع الرياضيات عالية جداً لم أدرسها .. وحتى لا أطيل عليكم وعدته بالبحث.


لم يدم الأمر كثيراً .. فبعدها بعدة شهور .. قرأت مقال علمي عن نظرية مجال هيجز Higgs field وكيف أنها تحاول وصف كتل الجسيمات.


الكتلة .. هو ما يجعلنا نقول أن هناك مادة .. وأن الأشياء هي أشياء بالفعل .. ولكن ما ينقصنا هو تفسير آلية اكتساب الجسيمات الأولية لكتلتها ... وللإجابة علي هذا التساؤل يجب أولاً أن نجاوب علي التساؤل التالي:


ما هي الكتلة ..؟؟؟ ولماذا توجد ..؟؟؟


قد يبدو الأمر بسيطاً للبعض .. لكن في واقع الأمر هو من أكثر المشاكل صعوبة وتحدياً في عالم الفيزياء .. والذي حاول الفيزيائي البريطاني الشهير بيتر هيجز الإجابة عليه.


افترض هيجز أن الكون يملأه مجال أطلق عليه مجال هيجز .. تكتسب جميع الجزيئات كتلة بالتفاعل مع هذا المجال أثناء عبورهم فيه .. وهذا يعني أن جميع الجسيمات الأولية ليس لها كتلة في الأصل .. في حين أن الجسيمات عديمة الكتلة مثل الفوتون لا تتفاعل مع مجال هيجز .. لذا لا تكتسب كتلة .. وقد يفسر ذلك لماذا تستطيع هذه الفوتونات المرور بسرعة الضوء في الكون.


إن مجال هيجز يصاحبه جسيم مصاحب له يسمي بوزون هيجز وحتى الآن لا تعرف كيف اكتشاف هذا المجال سوي من خلال تتبع تحلل هذا البوزون والذي أطلق عليه ليدرمان جسيم الرب.


إن مجال هيجز قد يحل مشكلة مروعة خاصة بفقدان الكتلة في النموذج القياسي للجسيمات standard model of particles .. فهذا النموذج يضم 16 جسيم أولي .. وعندما حاول الفيزيائيين إضافة الكتلة لتلك الجسيمات في المعادلات الخاصة بها .. انهارت تلك المعادلات وأنتجت لا نهائيات .. وهو أدي إلي اعتراف الفيزيائيين بأن الجسيمات الأولية ليس لها كتل في الأصل .. أي أنها عدم .. لذا يقول الفيزيائيين أن هذا النموذج يصف الجسيمات الأولية بشكل رائع بشرط أنها عديمة الكتلة علي الإطلاق .. !!!!!


وهذا هو الشاهد هنا .. فهذه الجسيمات خلقت من العدم.


الشاهد أو الحقيقة الأخرى .. وكثير منا يعرفها .. وهي حقيقة ناتجة عن مبدأ عدم التيقن لهيزنبرج Uncertainty principle .. حقيقة الجسيمات الافتراضية Virtual particles .. فهذه الجسيمات طبقاً لهذا المبدأ تنشأ من العدم خلال فترة زمنية قصيرة في مكان محدد .. وتخرج هذه الجسيمات في صورة أزواج متضادة .. بمعني في لحظة ما .. في مكان معين .. يخرج إلي النور من ظلمات العدم الكوني .. زوج إلكترون – بوزيترون .. لا نعرف كيف ذلك ...؟؟؟



ولكن هذا أحد الأدلة الواقعية والمشاهدة علي خلق الله الكون من العدم .. فكم هو مثير حقاً أن نري ذلك بأعيننا .. وكيف أن هذا المبدأ انطوي علي تلك الحقيقة الرائعة .. بل ومن الأكثر من ذلك ألمح هذا المبدأ .. الذي أعتقد أنه أعظم مبدأ فلسفي صنعه البشر .. أن الكمال لله وحده .. حيث تخبرنا تلك النظرية أنه لا شيء في الكون يمكن قياسه بدقة 100% فلا بد من وجود خطأ ما تحت أي ظرف من الظروف مهما حاولنا التدقيق .. أثناء تعامل البشر مع تلك النظرية .. لذا يبقي الكمال لله وحده .. سبحانه وتعالي عما يشركون.

إِنَّ فِي خَلْقِالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍلِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًاوَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِوَالْأَرْضِ)آل عمران: 190-191(



مع وافر احترامي وتقديري