جاءت الاخبار عام 1989م كالصدمة في عالم متعطش للحصول على نتائج جيدة . كانت صورة محطات توليد القوى التي تعمل بحرق البترول صورة مظلمة و مهلكة ، و كان تفاعل الاندماج - المصدر المحتمل لطاقة - يبدو بعيداً بعد النجوم التي كانت هي الولدات الوحيدة في الافق التي تعمل بالاندماج . ثم جاء ستانلي بونز و مارتن فليتشمان ، المتخصصان في الكيمياء الكهربائية من جامعة يوتا، ليعلنا انهما قد حققا تفاعل اندماج في كاس بالمعمل و باستخدام كيماويات عادية و تياراً كهربائياً متوسط . و يستدعى الامر تفجيرا ذريا ليقدح تفاعل الاندماج بالقنبلة الهيدروجينية ، و لذلك فان العالم شعر بالغبطة عندما سمع بامكان حدوث الاندماج بواسطة مصدر للطاقة يمكن توصيله باي مصدر للكهرباء و قد كان الاعلان عن هذا الاكتشاف في مؤتمر صحافي و ليس عن طريق التحكيم العلمي للنشر و كانت درجة السرور و الغبطة عظيمة لدرجة ان الباحثين في جميعه انحاء العالم تركوا كل ما في ايديهم و اندفعوا في محاولات لتكرار النتائج المعلنة . فالتجربة كانت سهلة . كان بونز و فليتشمان قد اعلنا انهما مررا تيارا كهربائيا في خلية مزودة بقطبين من البلاديوم و من البلاتين و بها ماء ثقيل ( يحتوي على الديتيريوم) ، فنتجت عن ذلك حرارة زائدة و اشعة جاما - تبعا لقولهما- .
كان فليتشمان كهروكيميائيا من اصل تشيكوسلوفاكي ، وصل الى انجلترا طفلا عندما فرت اسرته من الاحتلال النازي . و بحلول عام 1989 م كانت سمعته طيبة ، و انتخب عضوا في الجمعية الملكية . قابل بونز -فليتشمان عندما التحق بمجموعته البحثية لاستكمال دراسته العليا . و يروي عن بونز - و هو اصلا من جنوب الولايات المتحدة- انه انسان ظريف و كريم و لغته مستفيضة و هاديء الطباع . انقطع عن الدراسة و التاريخ العلمي لمدة عشر سنوات ليعمل في ميدان عمل الاسرة ، لكنه عندما حصل على الدكتوراة بدا نجمه يصعد .
حصل على وظيفة في جامعة يوتا و اخذ ينشر بمعدل هائل ابحاثه العلمية .استمر هو و فليتشمان في التعاون العلمي و اخيرا توصلا الى محاولة تحقيق فكرة كانت قد طرات لفيتشمان في السبعينيات لكنه لم يحاول تجربتها و لم يعرض من قبل على احد فكرة الاندماج على البارد .
قام بونز و فليتشمان بتمويل التجارب الاولية بانفسهما معتقدين ان الفكرة خارقة حتى ليصعب ان يجدا تمويلا لها من احد . اعدا الخلية ، و بدآ التحليل الكهربائي لعدة اشهر كان فيها جوى بونز – الابن الاصغر لستانلي بونز – هو الذي يراقبها فقط. و ذات ليلة ، بينما لم يكن احد بجوارها، حدث انصهار . لقد حدث شيء ما لان الشهود قالوا فيما بعد ان الطاولة قد اصابها بعض التحطيم في المكان الذي كانت الخلية موجودة فيه ، لكن تفسير هذا الامر كان محل السؤال في النهاية . و نظرا لخوفهما من ان يسبقهما احد الباحثين ، و هو ستيفن جونز من جامعة بيرجهام ( في مركز يوتا كذلك) ، اقنع بونز و فليتشمان جامعة يوتا ان توظف ضباط امن لحراسة المعمل ، و قاما بتغطية النوافذ في ابواب المعمل باوراق سوداء . و عقدا مؤتمرا صحفيا جاء بيانه :
قام عالمان باجراء تفاعل اندماج نووي ذاتي الدعم بنجاح في درجة حرارة الغرفة و في احد معامل الكيمياء في جامعة يوتا . و يعني هذا التقدم الفجائي ان العالم قد يتمكن في يوم ما من الاعتماد على الاندماج من اجل طاقة نظيفة من مصدر لا ينضب عمليا .

لكن التفاصيل كانت بطيئة . كان بونز يحذر الناس من محاولة اجراء التفاعل لاحتمال حدوث انفجار ، و عندما سئل كيف يمكن تجنب الانفجار اجاب " بتجنب التيار المرتفع و الحواف الحادة" . و على الرغم من نشر ما يؤكد ذلك بواسطة بعض المجموعات الا ان الامر كله اخذ يتراجع و ينكمش . شاهدت بعض المجموعات ارتفاعات في درجة الحرارة ، لكنها لم تحصل على اي دليل اخر لحدوث شيء نووي ، فهي لم تسجل اي نيوترونات منبعثة من الخلية .
فسر بونز عدم وجود النيوترونات بان الاندماج بارد " تفاعل نووي غير تقليدي" . ثم اشار بعضهم الا ان بيانات اشعة غاما من تجارب بونز و فليتشمان لا تمتع بالصفات المميزة التي يجب ان تكون عليها ، و ان هذه البيانات تشبه نتائج تجارب مفتعلة و ليست حقيقية . كان الانصهار و الحرارة موجودين ، لكن حتى هاتان الظاهرتان كان تفسيرهما يتغير دوريا .
كان البلاديوم ، الحافز لتفاعل الهيدروجين مع الاكسجين ، يتوهج بسهولة حتى الاحمرار – اثناء العملية – و في خلية تحليل تحتوي على الماء يمكن ان يوجد الاكسجين و الهيدروجين ايضا .
صعفت الامال و الحماس الا ان بونز و فليتشمان لم يتخليا عن ادعائهما
طورت الكيمياء الكهربية اكثر من مجرد الاندماج على البارد فقد طورت مراكم كهربية للسيارات الكهربية و خلايا شمسية . و قدمت مسارات جديدة للتخليق العضوي و غير العضوي