لميكانيكا الكلاسيكية (بالإنجليزية: Classical mechanics‏) هي الفرع الأقدم في علم حركة الأجسام (الميكانيكا)، وهي تهتم بدراسة القوى الواقعة على الجسم وحركته ونظم الجسيمات في فضاء إقليدي ثلاثي الأبعاد ومحاولة صياغة تلك العلاقات في قوانين فيزيائية، تسمح باستنتاج سير الحركة المستقبلية على أساس معرفة الظروف الابتدائية. [1] . توارد مصطلح الميكانيكا الكلاسيكية للدلالة على المنظومات الرياضية التي أرساها إسحاق نيوتن، بشكل أساسي، ويوهانز كبلر وغاليليو غاليلي والتي ظلّت سائدة منذ القرن السابع عشر حتى ظهور النسبية الخاصة والنسبية العامة التي صاغها أينشتاين خلال السنوات 1905 - 1916 وميكانيكا الكم التي اشترك في صياغتها ماكس بلانك وهيزنبرج وشرودنجر وديراك في بداية القرن العشرين بين 1900 - 1928.
في البداية كانت الميكانيكا الكلاسيكية والمشار إليها بالميكانيكا النيوتنية تهتم بصفة أساسية بتفسير حركة الكواكب والأجسام على الأرض بواسطة أساليب التحليل الرياضياتي، ولا سيما الحساب التفاضلي، التي وضعها نيوتن بنفسه بالتوازي مع لايبنتز. وفي ما بعد قام لاغرانج وهاميلتون بإعادة صياغة وتبسيط حسابات الميكانيكا الكلاسيكية وذلك بالاعتماد على أن حركة الجسم تخضع لوجود حد أدنى من الطاقة الكامنة دون اللجوء إلى توازن القوى والتسارع (قانون نيوتن الثاني). كما تدخل النظريات الخاصة بتأثير الحرارة على الغازات والأجسام والمعروفة الديناميكا الحرارية ومن العاملين في هذا المضمار بويل وبولتزمان وكذلك صياغة نظرية الكهرطيسية على يد ماكسويل كلها تنتسب إلى الميكانيكا الكلاسيكية ونظرية النظم الديناميكية.
وقوانين الميكانيكا الكلاسيكية تنجح في وصف حركة الأجسام عند السرعات البطيئة والصغيرة بالنسبة إلى سرعة الضوء. وتبلغ سرعة الضوء 300.000 كيلومتر/ساعة. أما إذا اقتربت سرعة الجسم من سرعة الضوء، فيجب الحساب باستخدام النظرية النسبية حتى لا تحدث فروق بين الحساب والمشاهدة إذا اتبعنا طريقة نيوتن. وكذلك لا تأخذ الديناميكا الكلاسيكية التأثيرات الكوموية في الحسبان. وتلك التأثيرات الكمومية لا بد من أخذها في الاعتبار عند دراستنا لخواص المادة وحركتها في الحيز المجهري أي عند تعاملنا مع الجسيمات الذرية وتحت الذرية.
في الفيزياء، تعتبر الميكانيكا الكلاسيكية إحدى الحقول الرئيسية للدراسة في علم الميكانيكا، التي تهتم بحركاتِ الأجسامِ، والقوى التي تحركهم. أما الحقل الآخر فهو ميكانيك الكم.
طورت الميكانيكا الكلاسيكية تقريباً في السنوات الـ400 منذ الأعمالِ الرائدة ل : براه، كيبلر، وغاليلي، بينما لم يتطور ميكانيك الكم إلا ضمن السنوات الـ100 الأخيرة، بَدْء بالاكتشافاتِ الحاسمة بنفس الطريقة مِن قبل بلانك، آينشتاين، وبور.
تعبير "كلاسيكية" قد يكون مشوّشا جداً، حيث أنَ هذا التعبيرِ يُشيرُ إلىِ العصر القديمِ الكلاسيكيِ عادة في التاريخ الأوروبيِ. لكن على أية حال، ظهور الميكانيكا الكلاسيكية كان مرحلة حاسمة في تطويرِ العلم، وفق المعنى الحديث للكلمة. ما يميز هذا الفرع، قبل كل شيء، إصراره على الرياضيات (بدلاً مِنْ التخمينِ)، واعتماده على التجربة (بدلاً من الملاحظة). في الميكانيكا الكلاسيكية التي أسست كيفية صياغة تنبؤات كمية نظرياً، وكيفية اختبار هذه الصياغات الرياضية بأدوات قياس مصممة بعناية. مما أدى عالمياً إلى مسعى تعاوني على نحو متزايد للفحص والاختيار الأقرب وأدت إلى ترافق كلا من النظرية والتجربة. شكلت الميكانيكا الكلاسيكية عنصر أساسي في تأسيس معرفة أكيدة وخدمة المجتمع، وتكوين مجتمع يعتمد على تربية النظرة الاستقصائية والنقدية.
في المرحلةَ الأولية في تطويرِ الميكانيكا الكلاسيكيةِ في أغلب الأحيان كانت تدعى باسم ميكانيكا نيوتن، وتتميز بالطرقِ الرياضية التيِ اخترعتْ مِن قبل نيوتن بنفسه، بالإشتراك مع لايبنتز، وآخرون. هذه توْصف أبعد في الأقسامِ التاليةِ. ملخص أكثر، وتتضمن طرقَ عامة مثل ميكانيكا لاغرانج وميكانيكا هاميلتون.
تعطي الميكانيكا الكلاسيكية نَتائِج دقيقة جداً توافق التجربة اليومية. تم تحسين الميكانيكا الكلاسيكية عبر النسبية الخاصة لملائمة الأجسامِ التي تتحرّك بالسرعة الكبيرة، تقارب سرعة الضوء.
الميكانيكا الكلاسيكية تستعمل لوصف حركة الأجسامِ الكبيرة التي تقارب حجمِ إنسانَ، مِنْ المقذوفاتِ إلى أجزاءِ الأجسام المرئيةِ، بالإضافة إلى الأجسامِ الفلكيةِ، مثل المركبة الفضائيةِ، الكواكب، النجوم، والمجرات، والأجسام المجهرية مثل الجزيئات الكبيرة. إضافةً إلى هذا، تتنبأ بالعديد مِنْ الخاصيّاتِ الفيزيائية، عندما يتعاملُ مع الغازات، السوائل، والمواد الصلبة. لذا تشكل واحدة من أكبر المواضيع في العلم والتقنية.
بالرغم من أن الميكانيكا الكلاسيكيةِ منسجمة كثيراً مع النظريات "الكلاسيكية" الأخرى مثل نظرية التحريك الكهربائية والتحريك الحراري الكلاسيكي، فإن بَعْض الصعوباتِ واجهت الميكانيكا الكلاسيكية في أواخر القرن التاسع عشرِ عندما إندمج مع التحريك الحراري الكلاسيكي، حيث يُؤدّي الميكانيكا الكلاسيكية إلى مفارقة جبس التي يكون فيها الإعتلاج entropy كمية غير محددة كما أدت إلى الكارثة فوق البنفسجية التي يتوقع فيها لجسم أسود بث كميات لانهائية من الطاقة. بذلت محاولات عدة لحَلّ هذه المشاكلِ أدّتْ في النهاية إلى تطويرِ ميكانيك الكم.