بسم الله الرحمن الرحيم
أعضاء المنتدي الكرام
هذا المقال منشور بمجلة العلوم عدد يناير 2002
كشف النقاب عن الثقوب السوداء(*)
حتى وقت قريب كانت الدلائل على وجود الثقوب السوداء عَرَضية
وغير مباشرة. أما الآن فقد وجد الفلكيون على الأرجح، برهانا مباشرا:
تختفي الطاقة في بعض مناطق الفضاء من دون أن تترك وراءها أي أثر.
<J-.P. لاسوتا>
يعتقد الفلكيون أن الثقوب السوداء موجودة في جميع أرجاء الكون. وتقع هذه الأجسام الخلابة في مراكز العديد من المجرات (بما فيها مجرتنا، درب التبانة)، حيث تتزاوج مع نجوم عادية أخرى لتشكل منظومات ثنائية؛ وقد تسير الثقوب منفردة في الفضاء بين النجوم (البينجمي). وتحتوي هذه الأجسام، وهي الأكثر تراصّا في الكون، على المادة في أغرب حالاتها المعروفة علميا ـ حيث تتجمع كتلة لامتناهية في الكبر في حجم لامتناهٍ في الصغر ـ حجم يكاد يشكل نقطة من الناحية الرياضياتية. لذلك فإن هذه الأجسام تُشكِّل تحديا قويا للراصدين، إذ إنها حقا سوداء، فهي لا تُصدر أية إشعاعات كهرمغنطيسية (كالضوء مثلا) ـ على الأقل ليس على المستوى الذي يمكن استشعاره.
هبوط غازي محفوف بالأخطار في ثقب أسود، تعتمد نتائجه على ما إذا كان الغاز الهابط سميكا (النصف الأيسر) أو رقيقا (النصف الأيمن). فإذا كان الغاز سميكا، تتصادم الجسيمات بكثرة ـ مطلقةً فوتونات، مما يؤدي إلى تحويل حركة الهبوط إلى حركة عشوائية (تُعرف بالحرارة) وإشعاع. وعندما تخترق الجسيمات الأفق الحدثي للثقب تكون هذه الجسيمات قد فقدت جُلَّ طاقتها. وتفقد الفوتونات الخارجة بعض الطاقة بسبب تآثرها مع المادة. أما إذا كان الغاز رقيقا، فتكون التصادمات نادرة الحدوث، والفوتونات نادرًا ما تتآثر مع المادة. وعندما تسقط الجسيمات عبر الأفق، فإنها تأخذ طاقتها الحركية معها. وفي هذه الحالة تكون قدرة الثقب (كنقطة انفرادية singularity) على ابتلاع الطاقة سهلة المشاهدة.
ولكي يستطيع الباحثون استنتاج وجود هذه الثقوب، وجب عليهم الاعتماد على نوعين من الحجج غير المباشرة. أولا: تتحرك النجوم في المناطق القريبة من مراكز المجرات بسرعة عالية لدرجة تجعلها تطير بعيدا في الفضاء لولا وجود كتلة مركزية هائلة ـ ما يعادل بليون كتلة شمسية ـ تجذبها بفعل الثقالة نحو الداخل. ولا بد للجسم الذي يحتوي على هذه الكتلة الهائلة أن يكون ذا كثافة عالية حقا، ولا يعرف العلماء النظريون جسمًا بهذه الخاصية سوى الثقب الأسود. وثانيا: يقوم العديد من مراكز المجرات والمنظومات النجمية الثنائية بإطلاق كميات من الإشعاعات والمادة بمعدلات هائلة. لذا لا بد أن تحتوي هذه الأجسام على آلية فعالة وغير مألوفة لإنتاج الطاقة، والأداة الأكثر فاعلية في ذلك هي الثقب الأسود نفسه ـ من الناحية النظرية، على الأقل.
هذه الأدلة جميعها تبرهن فقط على وجود جسم ما مُتَراص، ولكنها لا تؤكد وجود الثقوب السوداء اعتمادا على أي من خصائصها الفريدة ـ إذ إن إثبات وجود الثقب هنا لا يأتي إلا من غياب البديل. بل إن الغموض يكتنف التحقق في حالة المنظومات النجمية الثنائية، حيث يعلم الفلكيون بوجود جسم متراص له بعض خواص الثقب الأسود، وهو النجم النتروني Neutron star. ويمثل هذا الجسم أيضا حالة متطرفة من حالات المادة ـ مرصوصة بفعل الثقالة إلى كثافات هائلة ـ حتى إنها تشبه نواة ذرية ولكن بحجم مدينة كاملة! وتُمثِّل هذه الحالة نهاية الحياة للعديد من النجوم ذات الكتل العالية. ثم إن نصف قطر نجمٍ نتروني ذي كتلة تساوي كتلة الشمس هو نحو 30 كيلومترا وهذا يعادل "أفق الحدث" event horizon الذي يعين تخوم ثقب أسود ذي 10 كتل شمسية. ولكن الخصائص المرصودة، مثل درجة حرارة المادة التي تسقط نحو الجسم، لا تستطيع التمييز بين الجسمين ـ الثقب الأسود والنجم النتروني. وهكذا بقيت المشكلة الرئيسية في دراسة الثقوب السوداء هي في اكتشاف الطرائق الصحيحة للتمييز بينها وبين النجوم النترونية.
تشكِّل النجوم الحية والميتة بؤرة النزاع بين الثقالة ونوع ما من الضغط نحو الخارج، ويحدد توازن هذه القوى مع بعضها حجم النجم. (الأجسام الثلاثة المرسومة تحت الشمس في الشكل ـ لها جميعًا كتلة الشمس نفسها). وفي نجم حي عادي كالشمس، يكون مصدر الضغط هو الغاز، الذي ينجم عن التفاعلات النووية في قلب النجم. أما في القزم الأبيض - وهو "جسد" كثيف متوهج لنجم ميت يشبه الشمس- فالضغط انحلال كمومي يحدثه التراص الشديد للإلكترونات. أما في نجم نتروني، وهو من مخلفات احتراق وانفجار نجم ذي كتلة هائلة، فتكون الذرات قد تحطمت وبقيت النوى مكدسة فوق بعضها. وأخيرا في حالة ثقب أسود، ليس ثمة أي ضغط نحو الخارج؛ ومن ثم ليس ثمة أي معارضة للثقالة، وينهار النجم نحو الداخل إلى نقطة رياضياتية تقريبًا داخل سطح لا عودة منه يسمى أفق الحدث.
ولعل الفلكيين اكتشفوا طريقة لذلك، وهي طريقة تعتمد على اختلاف واضح بين النجوم النترونية والثقوب السوداء: فالنجوم النترونية لها سطوح قاسية يمكن أن تتراكم عليها المادة المنجذبة نحو الجسم؛ أما المادة التي تسقط على الثقوب السوداء فتُبتلع وتختفي إلى الأبد. ويؤدي هذا الاختلاف إلى تغير دقيق في الأشعة المنبعثة من المنطقتين المحيطتين بهذين الجسمين، مما يتيح للفلكيين أن يبرهنوا على أن الثقب الأسود ـ الجسم الأكثر غرابة في الكون ـ هو حقيقة واقعة.
عبر السميك والرقيق(**)إن الثقالة الشديدة داخل الثقوب السوداء هي التي تجعل منها محركات فعَّالة. وأفق الحدث هو سطح يحيط بالثقب ولا يسمح بهروب أي شيء منه، حتى لو بلغت سرعة هذا الشيء سرعة الضوء. وتنجذب الأجسام نحو الأفق بسرعة عالية مناسبة، وتتعرض في طريقها للتصادم بأجسام أخرى وتتحطم، مما يؤدي إلى تسخين المواد قرب الثقب. ولما كانت هذه الأجسام تتحرك بسرعة عالية تُقارب سرعة الضوء، فإن الطاقة الحركية التي يمكن تحويلها إلى حرارة تُقارب الطاقة الملازمة للكتلة الساكنة (الطاقة = الكتلة مضروبة بمربع سرعة الضوء، E = mc2) 1). وحتى يعود الجسم إلى موقعه الأول، بعيدا عن الثقب، سيحتاج الجسم إلى أن يتنازل عن جزء كبير من كتلته، محولاً إياه إلى طاقة صرفة. وهكذا فإن الثقوب السوداء تستطيع تحويل الكتلة الساكنة إلى طاقة حرارية.
وتعتمد فعالية هذا التحويل على سرعة دوران الثقب الأسود حول نفسه؛ إن الزخم الزاوي angular momentum هو إحدى الخواص القليلة التي لا تفقدها المادة عندما تصبح جزءًا من الثقب. ومع أنه لا يمكن مشاهدة الدوران مباشرة، إلا أن هذا الدوران يفتل twists الزمكان space-time في المنطقة المجاورة للأفق. ومن ناحية أخرى لا يستطيع الثقب الأسود أن يدوَّم spin بسرعة عالية غير محددة، إذ إنه عندما تفوق السرعة الدورانية قيمة عظمى معينة، فإن سطح الثقب الأسود يتقلص ثم يختفي تماما. وهكذا فإن الثقب الذي يدوَّم قرب سرعته العظمى يستطيع تحويل 42 في المئة من الكتلة الساقطة عليه إلى طاقة، في حين أن ثقبا ساكنا يستطيع تحويل 6 في المئة فقط. وبالمقارنة فإن فعالية التحويل في الاندماج النووي الحراري thermonuclear fusion في النجوم العادية هي مجرد 0.7 في المئة، وفي انشطار اليورانيوم، تبلغ نسبة التحويل 0.1 في المئة فحسب.
تَفجُّر إشعاعات سينية من مصدر عابر بلغ ذروته في 13/8/1975؛ وعلى مدى بضعة أسابيع تضاعفت الشدة (المحور الرأسي) بمعامل 10000 على الأقل. هذا المصدر السيني، المعروف بـ A0620-00، والواقع في كوكبة وحيد القرن Monoceros، هو الأكثر سطوعًا على الإطلاق. وقد شاهد الفلكيون تفجرا في الضوء المرئي من المنطقة نفسها قبل 58 عاما، لكن المكاشيف السينية لم تكن معروفة في ذلك الوقت.
لو استطاعت الجسيمات الموجودة حول الثقب أن تتقاسم الطاقة فيما بينها ـ بالتصادم، مثلا ـ لكانت المادة الهابطة ساخنة إلى درجة تفوق التخيل. فدرجة حرارة پروتون ما خارج منطقة الأفق، والتي تعادل تحويل جزء كبير من كتلته إلى طاقة حرارية صرفة، هي نحو 1013 درجة. وتتوهج المادة في مثل هذه الدرجات مُطلِقةً أشعة گاما rays -&. ومع أنه يسهل تسخين الپروتونات (والأيونات، بصورة عامة)، فإنها لا تشع الطاقة بصورة جيدة، إذ إنها غالبا ما تنقل طاقتها، بالتصادم، إلى مصادر إشعاع أفضل منها وخاصة الإلكترونات، التي تطلق فوتونات ذات طاقات منخفضة، مثل الإشعاعات السينية(2). ولهذا ينبغي أن يشاهد الفلكيون دفقًا قويًا من الإشعاعات السينية من منطقة غنية بالإلكترونات.
وهذا بالضبط ما يرصده الفلكيون فعلا في بعض منظومات الثنائيات النجمية السينية(3) x-ray binary systems. وقد تم اكتشاف أول منظومة من هذا النوع عام 1962، ومنذئذ تحقق الفلكيون من هوية عدة مئات من هذا النوع من الثنائيات: إنها أكثر مصادر الإشعاعات السينية سطوعًا في السماء. ويُعتقد أنها تتألف من نجم عادي يتحرك في مدار حول جسم غير مرئي. وبعضها يُطلق إشعاعًا باستمرار، في حين يُشِعُّ بعضها الآخر من حين إلى آخر ولفترة إشعاعٍ تقدر بالشهور أو تكاد (وتسمى الأشعة السينية العابرة x-ray transients)؛ لكنها تقضي معظم عمرها في حالة هامدة، مُطلقةً القليل من الأشعة السينية، بل إن معظم هذه النظم لم تُرَ سوى مرة واحدة. وفي حالة التفجر، فإن هذه الأجسام تطلق من 3010 إلى 10 31واط من الإشعاعات السينية ـ أي ما يعادل 100000 ضعف من الخرج output الكلي للشمس.
إن توزع الطاقة في هذا الإشعاع يكاد يشبه شكل طيف ما يعرف بـ «الجسم الأسود» black body، أي إنه يماثل (ولكنه أشد بكثير من) الطيف المنبعث من أجسام عديدة متنوعة كالشمس، والفحم المتوهج، وحتى جسم الإنسان. وينبعث طيف الجسم الأسود من وسط ذي «سماكة ضوئية» عالية، أي وسط ذي كثافة مرتفعة، بحيث إن الفوتونات المتولدة داخل الوسط لا تستطيع أن تغادره إلا بعد أن تصطدم مرات عديدة بالإلكترونات. وتؤدي هذه التصادمات إلى بعثرة الفوتونات أو تدميرها، أو إلى إنتاج فوتونات جديدة، مما يعني إخفاء المنبع الأصلي للفوتون من جهة وإعطاء قيمة وسطية لكل تآثر من جهة أخرى. وهكذا فإن الطيف الناتج يعتمد فقط على درجة الحرارة والمساحة الكلية للسطح المُشِع. وبالمقابل فإن الفوتونات المنبعثة من جسم غازي، أي وسط «رقيق ضوئيا»، لا تتآثر إلا نادرا مع الوسط قبل الإفلات منه، لذا فإن طيفها الانبعاثي يعتمد على الخواص والدقائق التفصيلية للمادة (أي الغاز).
إن درجة الحرارة المرتقبة للثنائيات السينية هي نحو 710 درجة، وهي درجة متوافقة مع تلك المتوقعة من وجود ثقب أسود. ولكي يولِّد الانبعاث المرصود، فإن على الثقب أن يبتلع (أي يتنامى)، نحو 9-10 إلى 8-10 كتلة شمسية في العام، وهو ما يتفق مع تقديرات كمية الكتلة التي يفقدها النجم العادي بانتقالها إلى رفيقه (في الثنائية). وهكذا فقد تشكل الثنائيات السينية الآن أفضل برهان على وجود الثقوب السوداء(4).
جس النبض(***)إلا أن الحجج نفسها تنطبق أيضا على النجم النتروني، الذي يشكل محركًا مدهشًا في غاية القوة؛ وإن كان أضعف من الثقب الأسود. وتستطيع المواد أن ترتطم بسطح النجم بنصف سرعة الضوء، مثلا، متحولة بذلك إلى طاقة بكفاءة 10 في المئة تقريبا ـ وهي ليست بالبعيدة عن الكفاءة في حالة ثقب نموذجي.
ويعرِف الفلكيون حقا أن الجسم المتراص compact في العديد من المنظومات الثنائية ليس ثقبا أسود، ويعتقدون أن النباضات pulsars الراديوية الموجودة في الثنائيات، مثلها مثل النوابض المنفردة، ليست سوى نجوم نترونية ممغنطة تدور بسرعة كبيرة. أما الثقوب السوداء الفلكية فلا يمكن أن يكون لها حقل مغنطيسي، وإنما هي عبارة عن أجسام مسطحة featureless، ولا تستطيع توليد النبضات المنتظمة التي تطلقها النباضات النجمية. كذلك لا يمكن أن يختلط الأمر بالنسبة إلى النباضات السينية المنفردة، فهي لا يمكن أن تكون ثقوبًا سوداء، حيث إن إشعاعًا نبضيًا منتظمًا ومستقرًا يستبعد وجود الثقب؛ وحتى التفجرات السينية غير المنتظمة تدل على وجود نجم نتروني، فهو يوفر سطحا يمكن أن تتراكم عليه المادة تدريجيا، وتنفجر من حين لآخر(5).
ثلاثة أساليب لتنامي المادة تُصدِر إشعاعات بطرق مختلفة. عندما يسقط الغاز لولبيًا فوق نجم نتروني، فإنه يطلق معظم طاقته عند الارتطام بالسطح (في اليسار). أما الغاز الساقط لولبياً نحو ثقب أسود، فإنه لا يرتطم بشيء، وإنما يختفي عبر الأفق. وفي هذه الحالة، إما أن يطلق الغاز طاقته قبل وصوله إلى الأفق (الوسط) كما يفعل إذا كانت كثافته عالية، بحيث تتصادم ذرات الغاز، وإما أن يحمل الطاقة معه إلى "القبر" (في اليمين). وهكذا يستطيع الفلكيون أن يستخدموا نوع الإشعاع الصادر لتحديد نوع الجسم الموجود في الداخل.
ولسوء الحظ، فإن العكس ليس صحيحا، فغياب النبضات أو التفجرات لا يعني وجود الثقب الأسود بالضرورة، فليس من المتوقع، على سبيل المثال، أن يُنتِج نجم نتروني تزداد المادة فيه بمعدل عالٍ جدًا تفجرات سينية. لكن معدلات ازدياد المادة تتغير مع الزمن، مما يؤدي إلى حدوث مفاجآت. على سبيل المثال، كان الفلكيون يظنون أن المنظومة سيرْسينَس Circinus X-1تحتوي على ثقب أسود، ولكن ذلك انتفى عندما ظَهر أنها تطلق تفجرات سينية.
تتميز الثقوب السوداء بخاصيتين يمكن استخدامهما للتأكد من وجودها في المنظومات الثنائية: وجود كتلة كبيرة غير محدودة، وعدم وجود سطح صلد حول الجسم. فكتلة الثقب محددة بطريقة تكوينه ـ وخصوصا بكتلة النجم الذي تطور الثقب منه ـ وأيضا بكمية المادة التي ابتلعها الثقب. وليس ثمة أي مبدأ فيزيائي يُعيِّن حدا أعلى لكتلة الثقب؛ خلافا لما عليه الحال في الأجسام المرصوصة الأخرى، كالنجوم النترونية، حيث لها حدود عظمى في الكتلة لا يمكن تجاوزها.
إن كتلة أي جسم فلكي، عدا الثقب الأسود، محددة بقدرته على التماسك تحت وطأة وزنه. ففي النجوم العادية، تُولِّد الحركة الحرارية للجسيمات ـ حيث تأتي طاقتها من الاندماج النووي الحراري ـ الضغط اللازم لمنع انهيار النجم. أما النجوم الميتة، مثل النجوم النترونية والأقزام البيضاء، فإنها لا تولِّد أي طاقة، ومن ثم فإن الضغط (نحو الخارج) المعاكس للشد الثقالي هو نتيجة ما يسمى التردي degeneracy الكمومي، وهذه الظاهرة تُولِّد قوة خاملة passive، ناتجة من تآثرات ميكانيكية كمومية، تَظْهر بصفة خاصة في حالات الكثافة العالية جدا.
طبقا لمبدأ پاولي للإقصاء Pauli exclusion principle، هناك حد أعلى لعدد الفرميونات fermions (إحدى طائفتين من الجسيمات الأولية، التي تشمل الإلكترونات والپروتونات والنترونات)(6) التي يمكن أن تتراص في حجم معين من الفراغ. ففي نجم من نوع الأقزام البيضاء، تحاول الإلكترونات أن تتوضع في أدنى مستويات الطاقة الممكنة، ولكنها، بسبب مبدأ پاولي المذكور، لا تستطيع أن تكون كلها في المستوى الأدنى. فالمبدأ لا يسمح إلا لإلكترونين فقط باحتلال مستوى ما من الطاقة. لذا فإن الإلكترونات تتراكم في مستويات الطاقة زوجا تلو الآخر، وبداية من المستوى الأدنى، إلى أن يصل آخرها (الأزواج) إلى مستوى أعلى مناسب، تعتمد قيمته على كثافة الجسم موضع الدراسة. ويُحدث هذا التراكم ضغطًا معاكسًا للثقالة. (يمنع نفس المفعول مستويات الإلكترونات في الذرة من الانهيار فوق بعضها بعضًا). وهكذا فإن كتلة القزم الأبيض لا بد أن تكون أقل من 1.4 مرة كتلة شمسية، وفقًا لما برهنه <S. شاندراسيخار> عام 1930.
مواقع النشر (المفضلة)