علمتني الحياة
علمتني الحياة أن أتوقع الغدر من أقرب الناس، ولا أثق بشخص كامل الثقة وعلمتني أن أقرب الناس إليك قد يكونون هم سبباً أساسياً في جرحك.
علمتني الحياة أن أبحث دائما عن الجانب الجيد حتى في المصائب وأحاول أن أرى الأمل دائما حتى وإن كان خيطاً رفيعاً بالكاد أراه.
علمتني الحياة أن وجوه الناس تلبس دائما الأقنعة، ولا تخلع ذلك القناع إلا في لحظات قليلة عندها ستخلع أنت قناعك، ونتحدث دون حواجز وموانع، ولكن تلك لحظات نادرة في حياة الإنسان.
علمتني الحياة أن الإحباط هو أكبر همي، فتراكم الأحباط يولد شعورا مريراً داخل النفس يشبه كثيرا الصبر بلا أمل يشبه العلقم يشبه الأشياء التي ليس لها حل.
علمتني الحياة أن الأشياء المزيفة كثرت في عالمنا إلى أن باتت مشاعر غير مزيفة وتصرفاتهم مزيفة وكلامهم مزيف، وذلك رغبة منهم في كسب مصلحة أو منصب أو مال.
علمتني الحياة أن هناك أشخاصاً لا تعرفهم ولكن يدعون لك بالخير دائما، وهناك أشخاص لا تعرفهم أيضا يحاولون بشتى الطرق تشويه سمعتك لدى الغير، وتخريب ما يمكن تخريبه دون سابق معرفة واستغرب الحالتين، ولا أقوى أن أجد لهم تفسيرا مقنعاً!
علمتني الحياة ألا استغرب الحزن بلا سبب وأن استغرب السعادة بلا سبب، وعلمتني أن هناك من لا يعرفون الاثنين لا سعادة ولا تعاسة مشاعرهم في حالة استقرار دائم لا شيء يسعدها ولا شيء يحزنها، وأعجب لحالهم وأشفق عليهم أيضا!
علمتني الحياة أن الجرح قريب والفرج بعيد، فما أطول الليالي التي تنتظر فيها زوال الهم، وما أطول ذلك اليوم المنتظر لزواله هذا إن أتى وعندما يأتي الفرج تأتيك مصيبة على غفلة يا الله!
علمتني الحياة أن عمر الانسان ما هو إلا رقم، والشباب يكمن في الروح، كم من عجوز تجده يملك روحا مليئة بالمرح والشباب، وكم من شاب روحه مثقلة بهموم ويتعامل معها بسلبية جعلته يكبر ألف عام.
علمتني الحياة أن الحزن ليس له سقف وليس له حد، وعلمتني الحياة أن السعادة هي ذلك الشعور المحفوف بمخاطر أن يعكر صفوه أحد، فنحن البشر نخاف من الفرح ونخاف من أن نضحك خوفاً من أن يزول.
علمتني الحياة أن الصداقة ليست بعدد سنينها، ولكنها قوية بمقدار تلاقي أرواح الأصدقاء وقدرتهم على التواصل والاتصال مع بعضهم وعلمتني أن الأعمار بين الأصدقاء لا تعني شيئا، فالصداقة هي العلاقة الوحيدة التي لا تهم فيها الأعمار بقدر ما يهم فيها التقاء الأفكار.
علمتني الحياة أن لا شخص يحبني مثل أمي، ولكنه حب من نوع لا أعرفه وأشعر به في لحظات الشتات وفي لحظات ضياع أغلى الأشياء، وعلمتني الحياة أن لا رجل يشبه أبي فمن الأفضل ألا أبحث عن شخص يشبهه ليس لشيء، بل لأن أبي شخص أعظم من أن يشبهه بشر!
علمتني الحياة أن أتوقع غير المتوقع، ورغم ذلك مازلت لا أتوقعه، وما زلت أصدم بما أتوقعه، ولكن لا أدع أي فرصة تفوتني دون أن استفيد من أخطائي رغم أنني أخطئ وأكررها ! هكذا حال البشر على ما يبدو.
علمتني الحياة أن الوداع قد يعني بداية جديدة، وأن نهاية الأشياء قد تكون هي البداية لمرحلة أجمل من التي ودعتها، ولكننا بشر ومازال الوداع يؤلمنا أو أننا شرقيون ومتهمون بعاطفتنا!
وأخيرا علمتني الحياة أنه مهما تعلمت سأظل أخطئ، وأنه مهما حاولت أن أكون حكيمة وعقلانية سأرتكب الحماقات، ومازال لدى الكثير لأتعلمه بعد
رد مع اقتباس
مواقع النشر (المفضلة)