السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعضاء المنتدي الكرام
هذا الموضوع منشور بمجلة العلوم عدد مارس 2002

قياس درجة الحرارة
المعايرة بالتبرّد
يشرح <Sh.كارلسون> كيفية إجراء موالفة دقيقة لمقياس حرارة يستخدم في المختبر.

بعد أن عشت معظم حياتي في جو كاليفورنيا المنعش، انتقلت توّا إلى رود آيلند. أنا أحب المكان؛ ولكن الطقس القارس هنا يتطلب التعود عليه نوعا ما. وقد اضطرني قضاء الشتاء في الشمال الشرقي إلى أن أتحقق من أداء بعض أجهزتي المختبرية، وخاصة مقاييس الحرارة الإلكترونية التي أستخدمها في الهواء الطلق.

تتم عادة معايرة مقياس الحرارة بتحديد قراءتيه عند درجتي حرارة معلومتين، ثم إجراء الاستكمال الخطي interpolation بينهما. وحتى الآن كنت دائما أعاير مقياس الحرارة عندي حتى درجة حرارة الصفر السيلزية. وكانت هذه الاستراتيجية تسير جيدا، لأن الطقس المحيط بمنزلي السابق في سان دييگو نادرا ما كانت حرارته تنخفض إلى ما تحت درجة التجمد. ولكن الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى نيو إنگلاند. وعليه فعندما تكون الدقة مطلوبة، يكون على هواة الأرصاد الجوية الذين يعيشون في مناخات أبرد أن يتمكنوا من القيام بالمعايرة عند درجات حرارة صقيعية chilly فعلا.

يعتمد قياسي لدرجة الحرارة ضمن محطة أرصادي الخاصة على مزدوجة حرارية thermocouple من النمط J (انظر الشكل في الصفحة 84). وتكلف البكرة من سلك المزدوجة الحرارية 10 دولارات (ماركة أوميگا؛ انظر الموقع www.omega.com أو اتصل بالهاتف 9436-872-800). ويكفي نزع العازل عن النهايتين وجدل إحداهما بالأخرى للحصول على محساس sensor. ويبلغ ثمن الدارة المتكاملة التي تتصل بها المزدوجة نحو 24 دولارا (Analog Devices AD594CQ، المتوفرة لدى Pioneer-Standard Electronics، انظر الموقع: www.ied.pios.com/onestop/ أو اتصل بالهاتف 8500-720-440). وهو ثمن قد يبدو مرتفعا نوعا ما، إلا أنه يستحق كل بنس يصرف عليه، لأن الجهاز يعوض أوتوماتيا عن عدة تأثيرات دقيقة، كانت ستُعقِّد قياسات المزدوجة الحرارية من دون هذا الجهاز. إن هذه التركيبة البسيطة توفر دقة في قياس درجة الحرارة تصل إلى نحو درجة واحدة، عند إجرائك الاستكمال الخطي من جدول درجات الحرارة الموجود في الصفحة 84.


ترمس واسع الفوهة يحوي محلولا من الكحول وثنائي أكسيد الكربون المجمد يجري فيه تبريد أنبوب اختبار مملوء بالزئبق حتى يصل إلى نقطة تجمده التي هي 34.8- درجة سيلزية. وهكذا يعمل هذا الجهاز البسيط كمعاير قياسي لدرجات الحرارة المنخفضة في مقياس حرارة دقيق.

ولكنك تستطيع أن تحسن أداءك عشر مرات إن أنت عايرت مقياس الحرارة الموجود في حوزتك. فقد كان إجرائي المعهود يعتمد على تسجيل ڤلطية الخرج من الدارة حين تكون المزدوجة الحرارية مغمورة أولا في مزيج من الماء المقطر والجليد المجروش مما يعطي درجة الصفر السيلزية، ثم في ماء مقطر يغلي وهو ما يعطي درجة المئة السيلزية. وتكمن أهمية هذه الدرجة الأخيرة في أنها تمثل نقطة المعايرة النهائية. ولكن يجب الانتباه إلى أن درجة غليان الماء تتوقف على الضغط الجوي (الذي يتغير مع الارتفاع ومع الطقس). وعليه فإنك تحتاج إلى أن تعرف قيمة الضغط البارومتري لكي تحدد بالضبط درجة غليان الماء، ويمكنك أن تستعمل من أجل ذلك إحدى الآلات الحاسبة المفيدة المتيسرة على الإنترنت (مثلا على الموقع:
www.biggreenegg.com/boilingPoint.htm).

ولكي أتعلم كيفية الحصول على معيار حقيقي لدرجات الحرارة المنخفضة، لجأت إلى صديقي العزيز<G.شميرموند>. فبعد أن بلغ شميرموند درجة الكمال في إنتاجه لخلية النقطة الثلاثية للماء [انظر: «هواة العلم»،مجلة العلوم، العدد10(1999) ، ص65]، بدأ بإعداد درجات حرارة معيارية أخرى، تعتمد إحداها على نقطة تجمد الزئبق التي تقع عند -34.8 درجة سيلزية. ولكن الزئبق باهظ الثمن نوعا ما (ستحتاج إلى نحو 500 غرام من الزئبق وسيكلفك ذلك أكثر من 100 دولار)، ولكنه متوفر بكثرة (جرّب Thomas Scientific: الموقع www.thomassci.com أو استعن بالهاتف رقم 2100-345-800). وعلى الرغم من أن الزئبق سمّ زعاف أيضا، فإنه يمكن التعامل معه بأمان كامل إذا اتبعت القليل من احتياطات الحس السليم بصرامة.

ابدأ بملء ترمس thermos واسع الفوهة مصنوع من الفولاذ الذي لا يصدأ (من النوع المستعمل لحفظ الحساء ساخنا) إلى نحو نصفه بمحلول كحول أيزوالپروپيل بنسبة 91 في المئة (هذا هو النوع الأقل تخفيفا الذي استطاع<شميرموند> شراءه من مخزن الأدوية المجاور له). ثم أحضر قطعة صغيرة من ثلج ثنائي أكسيد الكربون (المتجمد) من أي مخزن مشروبات قريب. (ابحث في الصفحات الصفراء من دليل الهاتف تحت عنوان «جليد جاف» عن عنوان أحد الموردين المحليين). لف الكتلة المتجمدة داخل منشفة واجرشها بمطرقة إلى شظايا صغيرة. انقل بعض هذه القطع إلى الترمس بملقط، وحرّك الخليط concoction ببطء باستخدام ملعقة خشبية إلى أن يتوقف انطلاق الفقاقيع.


الدارة المتكاملة AD594CQ Analog Devices، تحوِّل مزدوجة حرارية من النمط J إلى مقياس حرارة عالي الدقة يستعمل في محطة أرصاد جوية منزلية.

يولد هذا الفوران غمامة سريعة الالتهاب من بخار الكحول، لذلك يجب أن تعمل حيث توجد مروحة تنفخ تيارا قويا من الهواء النقي فوق منطقة عملك. ومن الواضح جدا أن السگاير وجميع أنواع اللهب المكشوف يجب أن تترك بعيدة جدا. ضع الترمس داخل وعاء لدائني يستعمل لحفظ الأغذية لكي يتجمع فيه أي سائل قد ينسكب. وتجدر الملاحظة بأن عليك ألا تصب أبدا كحولا بدرجة حرارة الغرفة في المحلول البارد. فالسائل المبرد يحتوي على كمية من غاز ثنائي أكسيد الكربون، فإذا تم تسخينه فجأة بإضافة المزيد من الكحول فإن بخار غاز ثنائي أكسيد الكربون سوف يندفع خارج المحلول محدثا رغوة مزبدة تخرج من الترمس.

وقبل أن تجهد نفسك في إنتاج السائل البارد، ستحتاج إلى ابتكار شكل أنيق «لبئر مقياس الحرارة» ـ أي إلى شيء يحمي مزدوجتك الحرارية عند غمرها في الزئبق. يمكنك شراء القطعة المناسبة تماما كجزء من مجموعة أوانٍ زجاجية لدى جمعية هواة العلم (SAS)، أو يمكنك صنعها بنفسك من أنبوب پيركس رفيع باتباع الخطوات اللازمة لصنع أنابيب الاختبار التي شرحت في هذا الباب من عدد 5/1964 (من النسخة الإنگليزية).

يمكن بسهولة إجراء معايرة درجة الحرارة عند نقطة تجمد الزئبق عن طريق الاختيار الملائم لبئر مقياس الحرارة والمغطس البارد. ويتعين الحصول على أنبوب اختبار كبير مع سدادة مطاطية ملائمة من عند أحد موردي التجهيزات العلمية (وأحدهم هو Fisher Scientific على الموقع: www.fisher scientific.com أو الهاتف 7000-766- 800). تأكد من أن السدادة مثقوبة ثقبا بحجم مناسب تماما لاستقبال بئر مقياس الحرارة، بحيث تبقى البئر بعيدة عن قعر أنبوب الاختبار بعدا كافيا قدره سنتيمتران، واملأ ثلثي أنبوب الاختبار بالزئبق. اسكب بعض الكحول في البئر وأدخل المزدوجة الحرارية بحيث تبقى على بُعْد نحو سنتيمتر واحد من القعر ولا تلامس الزجاج، إذا أمكن. ثم اغمر البئر في الزئبق واكبس السدادة بإحكام. وأخيرا ضع المجموعة بكاملها بلطف في الترمس الذي يحوي محلول الكحول المبرّد.


يرجى الانتباه! إذ إن ضغط بخار الزئبق عند درجة حرارة الغرفة يكون عاليا بالقدر الذي يمكن أن يسبب أذى للدماغ لمن يتعرض له طويلا. لا تدع الأطفال والنساء الحوامل يقتربون، واعمل فقط في مكان جيد التهوية، وارتدِ ملابس واقية ونظارات حماية. واحتفظ بحاويات الزئبق مغلقة بإحكام. ولما كانت تناثرات الزئبق صعبة التنظيف، عليك أن تفكر منذ البداية بجميع الوسائل التي يمكن أن تتسبب في وقوع الحوادث. تأكد مثلا من أنك تستطيع احتواء أي تناثر قد يقع، بأن تضع أنبوب الاختبار المملوء بالزئبق قريبا من سطح المنضدة وفوق وعاء كبير من أوعية حفظ الأغذية. وعندما تتلوث المادة اللدائنية التي يصنع منها الوعاء لا يمكن أبدًا تنظيفها تماما، لذلك يجب أن تلصق على الوعاء بطاقة واضحة لا يمكن نزعها ويكتب عليها «خطر! ملوث بالزئبق ـ لا تستخدم للأغذية.»

ويجب أن أُشدِّد على أن الزئبق مصنف فعلا من النفايات الخطرة التي يجب التخلص منها ـ بحكم القانون ـ بسلام وأمان. ولما كانت اللوائح تختلف من منطقة إلى أخرى، يجب الاتصال بالمكتب المحلي للمواد الخطرة في دائرة الإطفاء التي تتبعها للحصول على التوجيهات الإرشادية.

ولكي تنجز المعايرة يجب أن تراقب خرج مقياس الحرارة لديك بكل عناية أثناء انخفاض درجة الحرارة بسرعة. وعندما يبدأ الزئبق بالتجمد تبقى الڤلطية الكهربائية ثابتة تقريبا، ولن تعود إلى الانخفاض ما لم يتجمد الزئبق بكامله. وعندما تلاحظ أن الڤلطية عادت لتنخفض من جديد، انقل أنبوب الاختبار إلى حامل ثابت مستقر. ثم سجل خرج الدارة الكهربائية أثناء انصهار الزئبق مرة أخرى. وينبغي أن يستقر هذا الخرج مرة ثانية عند ڤلطية واحدة لفترة معينة. فإذا استقرت الڤلطية عند القيمة نفسها التي استقرت عليها في المرة الأولى، يمكنك الوثوق بأن الحرارة قد استقرت عند الدرجة -34.8 سيلزية.

أما إذا كانت قيمتا الڤلطية عند التجمد وعند الانصهار مختلفتين، فهذا يدل على أن الزئبق ملوث وغير نقي. ولكي تقوم بتنقيته اغمر أنبوب الاختبار في الكحول المبرّد وانتظر إلى أن يتجمد نصف المعدن تقريبا، ثم اسكب السائل المتبقي في وعاء منفصل مخصص لاحتواء فضلات الزئبق. وبعد تكرار هذه الخطوات مرة ثانية ينبغي أن تحصل على زئبق نقي بنسبة 99.99 في المئة على الأقل. اعمل على إنتاج ما يسدّ حاجتك منه ثم أنجز المعايرة كما هو موضح.

وبعد أن تحدد قيم ڤلطية الخرج المكافئة لنقطة تجمد الزئبق ونقطتي تجمد الماء وغليانه، تحقق من هذه الأرقام بمقارنتها بالجدول المبين في الصفحة 84. وستكشف هذه المقارنة فورا التصويبات التي يجب إدخالها على القيم الموجودة في الجدول مقابل الدرجات السيلزية -34.8 وصفر و100. وبعد ذلك تستطيع بالاستكمال الخطي أن تدخل جميع التغييرات المناسبة على جميع الدرجات الواقعة في هذا المدى، الذي سيتضمن حتى أبرد ليالي الشتاء المقدر حدوثها على الإطلاق في رود آيلند. والآن، عادت محطة الأرصاد الجوية الموجودة في منزلي إلى العمل من جديد مادمت لن أقرر أبدا الانتقال إلى القطب الجنوبي.