قصته و يحيى بن معين مع عبد الرزاق: ‏
إرتحل يوماً الإمام أحمد من العراق هو يحيى بن معين قاصداً المحدث الكبير عبد الرزاق في اليمن لطلب الحديث منه. ‏فلما وصلا مكة وأخذا يطوفان حول البيت، فإذا بهما يريان الإمام عبد الرزاق فقال يحيى بن معين لأحمد تعال نسأله ‏أن يحدثنا بدلاً من أن نلحق به إلى اليمن فقال الإمام أحمد: " خرجتُ من بغداد وأنا قاصد أن أرحل إلى دار عبد ‏الرزاق بن الهمام اليمني صاحب المصنف في اليمن من أجل مزيد من المثوبة والأجر فلن أفسد هذه النية ". حاول ‏عبد الرزاق أن يصل أحمد ببعض المال وهو في ديار الغربة فرفض وصمم أن يكسب عيشه و عمل نساخاً. ‏
وكان أشد ما أتعب الإمام أحمد وأرهقه من العلماء هو عبد الله بن المبارك الذي ظل أحمد يسعى وراءه هنا وهناك ‏ليلقاه ولكن من غير جدوى. وكان ابن المبارك فقيهاً محدِّثاً واسع العلم وواسع الغنى وكان من أزهد الناس. وتعلَّم ‏أحمد من ابن المبارك حقيقة الزهد وكان يُطعِم الفالوذج و يأكل الخبز وإذا اشتهى طعاماً طيباً لم يأكله إلا مع ضيف ‏ويقول: بلغنا أنَّ طعام الضيف لا حساب عليه. وقيل له قلَّ مالُك فقلِّل من صلة الناس فقال: إن كان المال قلّ فإنَّ ‏العمر قد نفد. وأصبح يعتبره أحمد أستاذه في الحديث والسلوك. وحاول أن يصله مثل عبد الرزاق ولكن أبى أحمد و ‏قال: أنا ألزمك لفقهك وعلمك لا لمالك. ‏
وتلقى الحديث عن هُشيم بن بشير واستفاد منه أكثر ما استفاد من غيره وتعلم منه الهمة العالية في الحديث. وتلقى ‏الفقه وأصوله عن الشافعي.‏