الإمام وكيع بن الجراح







هو الحافظ الامام محدث العراق ولد سنة تسع وعشرين ومائة‏.‏

فكان يصوم الدهر‏(‏ الا ما يحرم صومه كالعيدين‏)‏ ويختم القرآن كل ليلة‏.‏



وكان الثوري يدعوه وهو غلام ويقول له اي شئ سمعت فيسرد عليه الحديث وسفيان يبتسم ويتعجب من حفظه‏.‏

يحفظ الحديث جيدا ويذاكر بالفقه مع ورع واجتهاد ولا يتكلم في احد‏.‏



وكان مجلسه وقورا وكانوا في مجلسه كأنهم في صلاة فاذا انكر من امرهم شيئا اخذ نعله ودخل الي بيته‏.‏

وخرج علي اصحابه وعليه ثياب اشتغل بغسلها عنهم ففزغوا من النور رأوه يتلألأ في وجهه‏.‏



وكان اذا قام الي الصلاة لا يتحرك منه شئ ولا يميل علي رجل دون الاخري وكان كريما جوادا

وجاءه رجل يناظره في شئ من المعاش او الورع فقال له وكيع من أين تأكل قال ميراثا ورثته عن ابي فقال له من اين هو لأبيك قال ورثه عن ابيه قال من اين هو كان لجدك قال لا ادري فقال له لو ان رجلا نذر لا يأكل الا حلالا ولا يلبس الا حلالا ولا يمشي إلا في حلال لقلنا له اخلع ثيابك وارم بنفسك في الفرات ولكن لا تجد الا السعة‏-‏ ثم قال له‏:‏ لو ان رجلا بلغ في ترك الدنيا مثل سلمان الفارسي وابي الدرداء وابي ذر ما قلنا له زاهد لأن الزهد لا يكون الا علي ترك الحلال المحض‏.‏



فانزل الدنيا بمنزل الميتة خذ منها ما يقيمك فإن كانت حلالا كنت قد زهدت فيها وان كانت حراما ما كنت قد اخذت منها ما يقيمك لانه لا يحل لك من الميتة الا قدر ما يقيمك وان كانت شبهات كان فيها عتاب يسير‏.‏

وقال وكيع انما العاقل من عقل الله امره ليس من عقل امر دنياه‏..‏ وكان يؤتي بطعامه وشرابه ولباسه ولا يسأل عن شئ ولا يطلب من اهله شيئا ولا يستعين بأحد فاذا اراد الوضوء احضر الماء لنفسه وكان يفطر يوم الشك والعيد اتباعا للسنة ويشتكي من الفطر لتعوده علي الصيام وكان صديقا لحفص بن غياث فلما ولي القضاء ابتعد عنه وقال ابن مهدي وهو قرينه وكيع شيخنا وكبيرنا ومن حملنا عنه العلم مات وهو راجع من الحج سنة ثمان وتسعين ومائة‏.‏ رحمه الله‏.