هل لدى المسلمين في مصادر التشريع الأساسية من الضوابط ومن التشريعات والأخلاقيات والمبادئ التي يمكن أن تكفل علاقات إنسانية راقية في المجتمع الدولي بحيث تغني عن المصادر الموجودة الآن والتي تتصف بالانحياز والظلم للأمم المستضعفة؟
الدكتور الشيخ يوسف عبد الله القرضاوي اسم المفتي
المسلمون لديهم قواعد ومبادئ تؤدي إلى إنسانية راقية ومتعاونة ومتعارفة.
ومن هذه المبادئ والقواعد، المساواة الإنسانية :ـ فالقرآن الكريم يقول (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
ولقد رأينا كيف فضل الناس بعضهم بعضاً، وفاضلوا بين الناس بأسباب عرقية أو لونية أو لغوية أو طبقية؛ ولكن الإسلام لم يفرق بين الناس بأي سبب من هذه الأسباب، واعتبر الإنسانية كلها واحدة، أسرة واحدة، اشتركوا في العبودية لله والبنوة لآدم، فأنا أقصد المساواة في أصل التكليف وفي الكرامة الإنسانية، (ولقد كرمنا بني آدم)، وأصل التكليف (يا أيها الناس) خطاب للجميع والنبي صلى الله عليه وسلم قال (أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد) فمعناها أنهم اشتركوا في العبودية لرب واحد والبنوة لأب واحد لآدم (كلكم لآدم وآدم من تراب) فهذه هي الأصل الأول والمبدأ الأول الذي يقدمه الإسلام للإنسانية.
هناك مبدأ ثانٍ هو العدالة، عدل الله لجميع عباد الله، العدل في الإسلام ليس للعرب دون العجم، ليس لأهل الشرق دون أهل الغرب، ليس للمسلمين دون غير المسلمين العدل للجميع، القرآن يقول (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) فنزلت حوالي 9 آيات في سورة النساء تدافع عن يهودي اتهم ظلماً في جريمة لم يرتكبها، فالعدل الإسلامي لكل الناس.
مبدأ ثالث وهو: السلام لمن يسالم، لا حرب إلا لمن يحارب، حتى أنه من حارب ثم جنح للسلم، كما قال القرآن (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم).
مبدأ رابع هو : الدفاع عن المستضعفين في الأرض (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً، واجعل لنا من لدنك نصيراً).
مبدأ خامس هو : التعاون على البر والتقوى، وتحريم التعاون على الإثم والعدوان، أن نقف جميعاً في وجه المعتدين والظالمين والجبارين في الأرض، المسلمون يفتحون ذراعهم ويتعاونون مع كل من يقف معهم في هذه الناحية.
هناك مبادئ كثيرة في هذا المجال؛ فالمسلمون أصحاب دعوة عالمية ورسالة عالمية، فالرسالة المحمدية لم تجئ للعرب وحدهم ولا لأهل إقليم دون إقليم، ولا لأهل جيل دون جيل، هذه رسالة عامة خالدة، ليكون للعالمين نذيراً (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
مواقع النشر (المفضلة)