حروف : أنت وما تملك ...!

ما أعجب الإنسان ...! يرى الكون وكأنه تحت قدميه مع أنه لا يكاد يرى - بضم الياء- من شدة ضآلته . ويظن الإنسان – أحيانا - أنه يملك شيئا في الكون وهو مجرد من كل ملكية فكيف هذا ..؟!
أنظر لنفسك وأنت في الطائرة هل تملك من أمرك شيئا ..؟ إنك مجرد كائن بلا أية إرادة تقوده الطائرة أينما ولت وجهها و حتى لو ذهبت إلى أعماق المحيط ستذهب معها فأين إرادتك هنا..؟!
وأنت في الطائرة لو تخيلت نفسك على الأرض ونظرت إلى الطائرة التي تستقلها الآن ربما يصيبك الإغماء . وبالرغم من أنك وأنت في الطائرة تدرك أنك في خطر إلا أنك تحاول النسيان وإذا نظرت من الطائرة إلى أملاكك التي تسعدك في الدينا ستراها على حقيقتها أو ربما لا تراها أبدا فذلك بيتك الكبير وتلك قطعة الأرض التي اشتريتها بملايين الجنيهات هل تراهما..؟!
هكذا هو حال الإنسان في الدنيا يعيش في خطر دائم ويتجاهل ذلك ليعيث فسادا بين الناس وكأنه سيعمر ألف عام. رغم وعد الله له بألا يزحزحه عن العذاب أن يعمر. ولماذا نذهب بعيدا فالناس يملأون المحاكم وهم يتنازعون على فتات الدنيا ويوكلون محامين ويدفعون رسوما للقضايا وكل منهم يعلم تماما إن كان ما يطالب به هو من حقه أم انه يدعيه زورا وبهتانا. ولو تخيل الإنسان يوما ما حجمه الحقيقي في هذه الدنيا لما مشى في الأرض مرحا ولو علم ما سيلاقيه في حياته من أفراح وأحزان لظل ينتظر في كل يوم أفراحه المنتظرة في شوق ولهفة ، ولسهر ليله يفكر في أحزانه القادمة حتى ولو كانت ستأتيه بعد مائة عام.
فعجبا لكل هؤلاء الذين يقتتلون على حطام الدنيا ، ويملأون الدنيا بضجيجهم ومشاكلهم فما أبعدهم عن حقيقة هذه الحياة ..! ولسوف تعجب ان يعودوا إلى رشدهم وتحل جميع قضاياهم لو حكم عليهم قاض بأن تأخذهم طائرة إلى الأعلى لينظروا إلى ما يتصارعون عليه من فوق وليس من تحت أقدامهم .. !

مجدي الشاذلي ــ صحيفة الشبيبة العمانية