موضوع طويل لكن مهم ويستاهل ان تقف طويلاً امامه


إن منظومة الأسلحة غير التقليدية في إسرائيل تهتم بإنتاج الأسلحة الكيميائية والحيوية ذلك أن إنتاج وتطوير تلك الأسلحة أسهل وأرخص، ومن هذا المنطلق سعت إسرائيل إلى توفير قاعدة علمية متقدمة تخدم هذا المجال
أما المعاهد والجامعات الإسرائيلية العاملة في المجال النووي فإن أهمها:
- معهد إسرائيل التقاني (التخنيون): وهذا المعهد تم افتتاحه عام 1934 أي قبل أن توجد دولة إسرائيل حيث أسسه المهاجرون اليهود أيام الانتداب البريطاني على فلسطين وقد هدف اليهود من إقامته جعله معهداً علمياً يخرج الحرفيين والفنيين واستمرت إسرائيل في تطويره حتى أصبح اليوم من أكبر المؤسسات العلمية المهمة بمجال العلوم والتكنولوجيا وهو اليوم يشمل قسماً للهندسة النووية يخرج متخصصين في فيزياء المفاعلات النووية.
- معهد وايزمان للعلوم: وقد أنشئ هذا المعهد أيضاً عام 1934 وأداره د. حاييم وايزمان. ويهتم هذا المعهد اليوم بمجال الفيزياء النووية وأبحاث النظائر المشعة، والإلكترونيات، والرياضيات التطبيقية، والكيمياء العضوية، والفيزياء الحيوية.
- الجامعة العبرية في القدس: وقد تم إنشاء هذه الجامعة عام 1925 أي قبل قيام دولة إسرائيل بحوالي 23 سنة وهي أقدم جامعة إسرائيلية ومن أهم أقسامها اليوم أقسام الفيزياء النووية والتطبيقية والكيمياء الفيزيائية. وتختص هذه بدراسة كل ما يتعلق بالذرة فيزيائياً وكيميائياً. وقد تخرج في تلك الجامعة العديد من العلماء الإسرائيليين العاملين في المجال النووي والذري هناك.
- جامعة تل أبيب وبها قسم يهتم بالعلوم النووية ومشتقاتها.
- المركز الرئيسي للإشعاع والنظائر في تل أبيب وهو يهتم بهذين التخصصين وفروعهما.
- معمل الفيزياء الإسرائيلي في القدس وله اهتمامات كبيرة في مجال الطاقة النووية.
- جامعة بن جوريون في النقب ويوجد بها عدد من المعامل والعلماء والأقسام ذات العلاقة.
- جامعة بار - إيلان في رامات غان.
- جامعة حيفا.
وقد عملت جميع تلك المعاهد والجامعات والمراكز في إسرائيل في إطار متكامل لبناء الكوادر العلمية والفنية التي يحتاجها البرنامج النووي الإسرائيلي ويساندهم في ذلك الاتصال والتعاون مع المراكز العلمية والبحثية والجامعات المتحققة في الدول المتقدمة مثل أمريكا وفرنسا وجنوب أفريقيا قبل تخلي الأخيرة عن برنامجها النووي العسكري. وقد اهتمت إسرائيل بإرسال البعثات المبرمجة والمتخصصة في مجال الكيمياء الإشعاعية والتفاعلات النووية والتحليل النيتروني والإشعاعات النووية والنظائر المشعة وذلك إلى كل من ألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا، وأمريكا.
كما أن المؤسسات والجامعات والمعاهد والمراكز المهتمة بالطاقة النووية وعلومها قامت باستقطاب العلماء المتميزين في مجال الطاقة النووية ودعوتهم لزيارة إسرائيل وإلقاء محاضرات متخصصة والمشاركة في البرنامج النووي الإسرائيلي ومن ذلك أن العالم اليهودي إوبرت اوبنهايمر (أبو القنبلة الذرية الأمريكي) وكذلك العالم اليهودي ادوارد تيللر قاما بزيارة إسرائيل عام 1965 وأشرفا على بعض تجارب الانشطار النووي للذرات الثقيلة في المختبرات الإسرائيلية، وقد أشاد بالبرنامج النووي الإسرائيلي في ذلك الوقت فما بالك مما هو عليه اليوم؟
وعلى أية حال فإن إسرائيل قد اقامت عدداً كبيراً من المفاعلات النووية لتستفيد من تطبيقاتها العسكرية في بناء مؤسساتها النووية وتستفيد من تطبيقاتها السلمية في تحلية المياه وتوليد الكهرباء وغيرها من الفوائد ولعل أهم المفاعلات النووية الإسرائيلية المعروفة ما يلي:
٭ المفاعل النووي ريشون ليزيون: وهو مفاعل حراري غير متجانس قامت بتصميمه شركة اتوماكس الأمريكية عام 1954 وبدأ تشغيله عام 1958 وقد تم تطويره على عدة مراحل أخذت بعين الاعتبار آخر ما توصل إليه العلم والبحث من تقنيات.
٭ مفاعل نحال سوريق: وهذا يقع في وادي سوريق بالغرب من قرية ناحال سوريق وهو أمريكي وقد تم تطويره بعد ذلك وحدثت مهامه ومعداته بحيث تواكب كل مستجد.
٭ مفاعل ديمونة: وهذا أنشأته فرنسا بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وذلك مكافأة لإسرائيل نظير مشاركتها في العدوان الثلاثي وهو الآخر خضع للتحديث والتطوير.
٭ مفاعل النبي روبين: وهذا تم إنشاؤه عام 1966 بخبرة أمريكية وتم تطويره أيضاً.
وعلى العموم فإن الغموض يكتنف أنشطة هذه المفاعلات وغيرها من المفاعلات الإسرائيلية ذلك أن البرنامج النووي الإسرائيلي محاط بسرية تامة.
وقد استفادت إسرائيل من هذه المفاعلات ومن المسرعات النووية التي تملكها أيضاً حيث تمكنت إسرائيل وعلماؤها من الحصول على كثير من المعلومات المفيدة من خلال الأبحاث المشتركة مع العلماء الذين تتم دعوتهم لزيارة إسرائيل ومؤسساتها النووية أو من خلال الاستفادة من مؤسسة الطاقة الذرية الأمريكية حيث يتم تدريب العلماء الإسرائيليين في معامل ومراكز الأبحاث والجامعات الأمريكية على أحدث التقنيات التي تم التوصل إليها في المجال النووي.
وعلى أية حال فإن إسرائيل قد اهتمت بجميع أنواع أسلحة الدمار الشامل وهي الأسلحة النووية، والأسلحة الكيميائية، والأسلحة الحيوية وحيث إننا قد تحدثنا عن الأسلحة النووية وبنيتها التحتية في إسرائيل فإن الحديث يجب أن يشمل أسلحة الدمار الشامل الأخرى. وقد ساعدت شبكة العلماء اليهود المنتشرين في جميع أنحاء العالم وخصوصاً في الدول المتقدمة مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا. البرامج الإسرائيلية التي تهدف إلى تطوير وإنتاج وتخزين أسلحة الدمار الشامل وذلك من خلال بناء صلات وثيقة بين المؤسسات العسكرية والعلمية الإسرائيلية ومراكز الأبحاث فيها مع شبكة العلماء اليهود وغيرهم في الدول المتقدمة حيث إن العلماء اليهود من أكثر وأنشط العلماء في دول الغرب ومن خلال مراكزهم يعملون بكل جد من أجل استقطاب الشباب اليهودي وتعليمه وإيصالهم إلى المراكز المتقدمة في الجامعات ومراكز الأبحاث ناهيك عن دعم إسرائيل ومراكز أبحاثها بكل مستجد على الساحة العلمية خصوصاً العسكرية منها. وإسرائيل إن لم تستطيع الحصول على مرادها من خلال القنوات المتعارف عليها ومن خلال الطرق الرسمية فإنها تلجأ إلى سرقة الأسرار العلمية والعسكرية من خلال جواسيسها وعملائها ومن خلال أجهزة مخابراتها التي تلقى العون والمساندة من قبل أجهزة ووكالات المخابرات الغربية المخترقة من قبل أبناء الشتات اليهود الذين يتمركزون في كل قطاعات الدول الغربية الاقتصادية والعسكرية والاستخباراتية وغيرها.
نعم إن تنمية الصناعات النووية والكيميائية والحيوية يسير منذ قيام إسرائيل على قدم وساق ويلقى الدعم المادي والمعنوي ممن يوفرون لها كل المعونات المادية والمعنوية والذين يقدمون أمن وسلامة إسرائيل على أمن وسلامة دولهم وشعوبهم.
إن منظومة الأسلحة غير التقليدية في إسرائيل تهتم بإنتاج الأسلحة الكيميائية والحيوية ذلك أن إنتاج وتطوير تلك الأسلحة أسهل وأرخص، ومن هذا المنطلق سعت إسرائيل إلى توفير قاعدة علمية متقدمة تخدم هذا المجال. وبناءً على ذلك فإن إسرائيل تملك عدداً هائلاً من المنشآت والمصانع الكيميائية ذات الاهتمامات العسكرية إلا أن بعضاً منها يحمل أسماء ذات اهتمامات مدنية وذلك للتمويه أو الإنتاج المزدوج وذلك مثل مصانع الأدوية ومصانع المبيدات الحشرية ولعل من أهم المنشآت والمصانع الكيميائية في إسرائيل ما يلي:
٭ مصنع إنتاج الغازات الحربية: الذي يقع في منطقة شرق الناصرة ولعل أهم الغازات الحربية التي تنتجها إسرائيل: غازات الأعصاب، الغازات المحرقة والخانقة، والغازات النفسية، ومواد شل القدرة، والغرق البري وغيرها من أنواع الأسلحة الكيميائية.
٭ مصنع مختئيم لإنتاج الكيميائيات والمبيدات الحشرية ويقع هذا المصنع في تل أبيب.
٭ مصنع إيفي للأدوية في رامات عان، كما أن لهذا المصنع نشاطاً مرافقاً.
٭ مصنع دوريت للكيميائيات في القدس ويدخل ضمن منظومة المصانع المشبوهة.
٭ كما يوجد مصانع أخرى للكيميائيات في كل من القدس، وحيفا، وبني براق وبتاح تكفا وغيرها من المدن والأراضي في إسرائيل التي تعج بالمصانع الكيميائية.
أما الأسلحة الحيوية في إسرائيل فإن تنميتها تتواكب مع تنمية القدرات الكيميائية فيها حيث تملك إسرائيل برنامجاً متقدماً لإنتاج الأسلحة الحيوية فهناك أكثر من معمل متخصص يعمل بها عدد من العلماء الذين يتابعون أحدث ما توصل إليه العلم من تطبيقات، وأهم هذه المعامل تملكه الحكومة وتابع لوزارة الدفاع ويقع بالقرب من تل أبيب.
ومن المعروف أن هناك تعاوناً وثيقاً بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية في مجالات استنباط سلالات جديدة من التوكسينات والفطريات.. كما أن التعاون يشمل تقنية الهندسة الوراثية. وتقوم إسرائيل بإنتاج العناصر الممرضة من الفطريات والبكتريا والفيروسات. ومن أهم الأنواع الممرضة الجمرة الخبيثة والجدري والطاعون، والكوليرا والحمى الصفراء بالإضافة إلى إنتاج التيفوس وميكروبات مقاومة للامصال واللقاحات المضادة.
أما اهتمام إسرائيل بوسائل نقل وتوصيل السلاح النووي وغيره من أسلحة الدمار الشامل إلى أهدافها فقد أولي أهمية قصوى، لذلك سعت إسرائيل إلى امتلاك منظومة متكاملة من وسائل النقل والتوصيل بحيث شمل ذلك الطائرات القتالية الحديثة التي يمكن تحويلها إلى قاذفات. كما عملت إسرائيل على توسيع المجال الذي تستطيع منظومتها الجوية تغطيته والذي يُطلق عليه الإسرائيليون المجال الحيوي والذي يمتد من المغرب غرباً إلى باكستان شرقاً ومن تركيا شمالاً إلى اليمن والصومال جنوباً، وقد تم تحديد المجال الجوي الحيوي لإسرائيل بما يتوافق مع امكانياتها التي وفرتها لها منظومة الأسلحة الحديثة التي تملكها والتي تحصل عليها من الولايات المتحدة الأمريكية ناهيك عن المساعدات اللوجستية التي تقدمها القوات البحرية الأمريكية المتمركزة في كل من البحر الأبيض المتوسط والخليج العربي. ومن الجدير بالذكر هنا أن جميع الأسلحة التي تحصل عليها إسرائيل من أمريكا مزودة بمواصفات خاصة غير متكررة بالإضافة إلى التحسينات والإضافات التكنولوجية التي وفرتها التقنية الإسرائيلية الذاتية.. وعلى العموم فإن أهم وسائل نقل وإيصال أسلحة الدمار الشامل في إسرائيل ما يلي:
٭ الطائرات: تملك إسرائيل أنواعاً مختلفة من الطائرات صممت بحيث يسمح مداها وسرعتها ومخزونها من الوقود وقدرتها التحميلية من الوصول إلى الهدف المرسوم لها ولعل من أهم انواع تلك الطائرات المقاتلات الهجومية (اف - 15) والتي تنتج في أمريكا بمواصفات خاصة لإسرائيل وهي تستعمل لحملة أسلحة تقليدية ونووية ويصل مداها إلى (1850)كلم ويمكن أن يصل ذلك المدى إلى (2500)كلم في حالة توفر التموين الجوي للوقود. هذا بالإضافة إلى طائرات (اف - 16) أو طائرات (اف - 4) وغيرها من أنواع الطائرات التي يستخدمها سلاح الجو الإسرائيلي.
٭ الصواريخ: قامت إسرائيل وتقوم بتطوير قدرتها في مجال الصواريخ قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، ولعل تطوير صواريخ «اريحا - 2» وهي صواريخ بالستية يتراوح مداها من (120)كلم إلى (1500)كلم. كما تعمل إسرائيل حالياً على تطوير جيل جديد من صواريخ أريحا يسمى «اريحا - 3» وهذه يصل مداها إلى 2500كلم ومن ناحية أخرى تعمل إسرائيل على امتلاك صواريخ كروز الدقيقة التوجيه.
٭ النظم التكتيكية: وهذه تشمل صواريخ من نوع لانس بالإضافة إلى أنواع ومقاسات خاصة من المدفعية يأتي في مقدمتها الهاوتزرات العملاقة التي تشمل قياس (203)ملم و(155)ملم.
٭ أما مناطق تمركز وسائل ايصال ونقل أسلحة الدمار الشامل فإنها توجد في مواقع قريبة من مواقع الإنتاج والتخزين ومن أهم تلك المواقع والقواعد كل من بلماحيم، يودفات، منطقة بئر يعقوب، منطقة كفار زخاريا، منطقة تيمليا في الجليل شمال إسرائيل.
ولا شك أن البرنامج النووي الإسرائيلي مكلف إلا أن المساعدات النقدية المباشرة لذلك البرنامج التي يتم الحصول عليها من يهود الشتات والذين لديهم استثمارات ضخمة وكذلك من الدعم الأمريكي المباشر الذي يكلف دافع الضرائب الأمريكي الكثير بالإضافة إلى الدعم غير المباشر الذي يأتي على شكل معدات ومنح دراسية وتدريبية للعاملين في المجال النووي الإسرائيلي خصوصاً في المراكز البحثية العالمية التي يديرها أو يتواجد فيها يهود، وما أكثرهم في دول الغرب وبالأخص في الولايات المتحدة الأمريكية التي تقدم حكومتها أمن وسلامة إسرائيل على أمن وسلامة الولايات المتحدة وشعبها، وخير شاهد على ذلك تصريحات الرئيس الأمريكي خلال الأسابيع الماضية والتي قال فيها إن الولايات المتحدة لن تساوم على أمن وسلامة إسرائيل مهما كلف ذلك الأمر من تضحيات.
وعلى العموم فإن دولة إسرائيل وقياداتها والمنظمات اليهودية والصهيونية الداعمة لها تنطلق في جميع تصرفاتها من حتميات ما يفرضه عليها الواجب تجاه شعبها ومصالحها الآنية والمستقبلية بعيدة المدى وهي بذلك تعتمد على خطط استراتيجية يقوم عليها جهابذة العلم في السياسة والاقتصاد والأمن والمخابرات والقدرات العسكرية وتستمد كل ذلك من مراكز متخصصة في الدراسات الاستراتيجية داخل إسرائيل وخارجها، كما أن تلك المراكز يستعين في كثير من اطروحاتها على نخبة من أساتذة الجامعات ذوي التوجهات المناصرة لإسرائيل في جميع أنحاء العالم.
نعم إنهم يدرسون جميع أنواع الثغرات الجغرافية والطبوغرافية والديموغرافية والنفسية والاجتماعية والعرقية والطائفية والاثنية والسياسية والاقتصادية للعالم العربي ويدخل في ذلك كل من الحاكم والمحكوم. وهذا يمكنهم من اللعب على حبال الخلاف والتناقض والتنافس لزرع روح الفرقة حتى يحققوا القول المأثور «فرق تسد» وحتى يحققوا بالتآمر ما يسهل الأمر عليهم في المستقبل.
نعم العالم العربي تنقصه ملامح الجدية في كل عمل يقوم به فهو يدير أموره على قاعدة يوم بيوم وكأنه يقول «غداً بظهر الغيب واليوم لي» فالتخطيط معدوم واستشراف المستقبل غير موجود والمراكز الاستشارية غير مهمة، والخوف من المستقبل مهمش. والجراحات والنكسات التي تحل بالأمة دواؤها الشجب والاستنكار وكل دولة عربية تسبح في فلك مغاير ومضاد لذلك الفلك الذي تسبح فيه الأخرى. فاسعدي يا إسرائيل ونامي قريرة العين.
أليس حري بالدول العربية حتى ولو كل واحدة لوحدها أن تقوم بتقليد العدو والاستفادة من جديته في العمل والبناء والتشييد؟ أليس حري بالتحدي الذي تواجهه هذه الأمة أن يخلق حافزاً للعمل لحماية الأرض والعرض وقبل ذلك المقدسات وكذلك الثروات التي يخطط الأعداء للإحاطة بها مستعينين بفرقة الأمة وضعفها وهوانها على الناس.. والله المستعان