بعد مرور وقت قليل ، أشعل أندرسون عود ثقاب ومرره فوق فتحة الاسطوانة , فظهر لهب على سطح الماء . إن روعة اكتشاف أيوجين أندرسون هي المعضلة الحقيقية لمادة الـ CRB السحرية والغامضة , إنها تقوم بتفكيك الماء إلى هيدروجين وأكسيجين دون استخدام طاقة خارجية يمكن استهلاكها في هذه العملية .

إنه من المستحيل لمادة الـ CRB أن تعمل ، والطاقة اللازمة للحصول على الهيدروجين من الماء يجب أن تأتي من مكان ما , على الرغم من إدّعاء أندرسون بالعكس , يشك منتقدوه أن قطعة الـ CRB التي يستخدمها في التجربة يتقلص حجمها بعد انتهاء التجربة ، و بالتالي فليست هي الكمية نفسها المستخدمة في البداية .

هذا يعني أن تآكل القطعة هو المسبب الرئيسي لإنتاج الهيدروجين و ليس تفاعل القطعة مع الماء كما يدعي اندرسون .

بداية القصة

رأى أندرسون وخاله "ماريون ماك كوري" أن المشكلة الأساسية للـ CRB هي إيجاد مادة يمكنها إنتاج الهيدروجين دون أن تنفجر , من المعروف أن الصوديوم يحرر الهيدروجين من الماء لكن هذه العملية سريعة الاشتعال . بدأ ماك كوري و أندرسون بتهدئة التفاعل بعد خلط الصوديوم مع مواد أخرى مؤثرة في هذا العمل (التخفيف من تأثير الصوديوم ) . وأخيراً , عندما قاموا بصنع المزيج كانت مهمة أندرسون أن يختبره في مختبر المرآب .

كان ماك كوري يملك بضعة محركات فائضة من أيام الحرب (محركات 4 سيلندر) وقد حوّلها لتعمل بالهيدروجين.
يُظهر دفتر العمل اليومي لأندرسون دليلاً على الصعوبات المتعددة التي كان يواجهها خلال الإختبارات( كانت الأشياء تتفجر دائماً ) . لكن يظهر أيضاً ملاحظات كثيرة تؤكد أن هذه السبيكة (CRB) يمكنها إنتاج طاقه كافية لتشغيل المحركات . في الفترات اللاحقة سيقوم الناس بفحص ملاحظات أندرسون و يعيدون النظر في صحتها .

لقد تشكك المراقبون المطلعون من أن يكون أندرسون قد استطاع فعلاً تشغيل المحرك لسبع ساعات كما ادعى . و لكن إذا كانت الملاحظات صحيحة فإن التفاعلات المذكورة تصف مادة يمكن أن تكون ذات قيمة عظيمة حتى في حالتها النقية .




تم ترتيب تجربة أخرى في ربيع عام 1978 , هذه المرة في مختبر الأبحاث التابع للبحرية في واشنطن . جلب أندرسون قطعة سميكة من الCRB بحجم قبضته و وضعها في مغسلة مثبتاً فوقها قمعاً فمر الغاز عبر القمع و قام أندرسون بإشعاله مصدراً لهباً ضعيفاً ذات اللون الأزرق . أعتقد معظم العلماء في المختبر أن أندرسون كان محتالاً , لكن البروفيسور هومر كارهارت الذي كان الممثل الرئيسي للبحرية لم يكن متسرعاً في إلغاء التجربة و طرده .

أراد كارهارت أن يعطي أندرسون الفرصة لكن أندرسون ما كان ليسمح لخبراء البحرية بتحليل المادة . فقد كان متكتماً جداً حتى أنه دمر القطعة خشية أن يجدوا أجزاء صغيرة من المادة و يقوموا بتحليلها .

سحر براءة الاختراع مع جيمس.ج.لينغ

كان لينغ أكثر من شخص مولع بفكرة التطور التكنولوجي و كل ما هو جديد . و فيما يتعلق باتفاقيته مع أندرسون ، فقد كان لديه فترة ستة أشهر لعرض المزيد من معدات و وسائل جديدة أكثر إقناعاً . بعد عدة أسابيع تم ترتيب اختبار نهائي في معهد أبحاث في جنوب غربي سان أنطونيو . و قد تم إنتاج الهيدروجين و الأوكسجين .

لكن كمية الأكسيجين كانت ، حسب تقرير المعهد ، أقل بكثير من المستوى المتوقع فيما لو كانت هذه الغازات ناتجة عن تفكيك الماء . هذا يعني أن الأكسيجين جاء من مادة الـ CRB نفسها بدلاً من الماء





في أيار عام 1981م ، اتصل بي أندرسون خلال وجودي في محطة التلفزيون في دالاس حيث أعمل كمراسل و قال أن لديه اختراع قد يثير اهتمامنا . ذهبت برفقة مصوّر إلى ويلز بوينت حيث حيّانا أندرسون بسرعة و بدأ العمل تحت غطاء سيارة الكرايزلر موديل 1970 قائلاً أنه يضع عناصر الـ CRB . لم نعرف عن ماذا كان يتكلم لكننا بقينا واقفين بينما كان يتابع عمله .

قال أنه بواسطة محرك الهيدروجين الذي يعتمد على الـ CRB جعل السيارة أن تسير مسافة 44 ميلاً بالغالون الواحد . هذا ما شرحه لنا . قادنا أندرسون إلى مختبره و قام بإشعال الغازات الناتجة عن الـ CRB من أنبوب أبيض شاقولي . " لدينا الآن مصدر طاقة جديد سيحل مكان الوقود التقليدي " هذا ما قاله ، و هذا ما بدا واضحاً أمام أعيننا .

و بعد عدة أيام من التفكير و التدقيق ، قمنا ببثّ القصة على الهواء . و انهالت الاتصالات من جميع أنحاء البلاد . يبدو أن الأخبار تنتقل بسرعة عندما يتعلق الأمر باستثمار جديد و مجدي . ما أدهشنا هو أننا تلقينا اتصالاً من لجنة السندات و الأوراق المالية في مدينة سالت ليك و التي كانت تجري تحقيقاً حول شركة أندرسون




حاول أندرسون من خلال اتصالات معارفه في واشنطن و لسنوات طويلة أن يثير اهتمام وزارة الدفاع في التطبيقات العسكرية لاختراعاته . و قد خاب ظنه ، إذ أن البنتاغون لم يعتمد الـ CRB ( يوجد عندهم وسائل أكثر تطوراً لكنها سرية ) لكنهم اشتروا أشياء أخرى من مختبره .

فخلال الأشهر و السنوات التي عمل فيها أندرسون و رفاقه في ويلز بوينت ، محاولين إيجاد الخليط المعدني الصحيح لاستخدامه في الـ CRB ، لاحظوا أن الحاجز الذي كانوا يصنعونه قد انهار تحت تأثير الغازات المنبعثة من التجارب , فقد تحلل باب الألمنيوم بكل بساطة . أرجع أندرسون السبب إلى مزيج استخدمه في إنتاج ال CRB و هو مادة مضافة تزيح الأكاسيد من المعادن .

و أصبحت نوعاً جديداً هو ( CRBII ) و هي مادة كيميائية لها تطبيقات بعيدة المدى .

تبين أن هذه المادة الجديدة التي اكتشفها ( المادة التي تزيح الأكاسيد ) هي طريق هذا الفتى الريفي إلى البنتاغون . و حسب رأي أندرسون فإن هذه المادة المضافة كان لها تأثير على العلاقات الإيزوتروبية بين الهيدروجين و الأوكسجين في الماء و تأثيرها هو إزالة الطبقة السطحية المتأكسدة للمعدن عند إضافتها إليه , و إعادة ترتيب العلاقات الجزيئية الداخلية , حسب قوله .



سواء كان تفسيره صحيحاً أم لا , فيمكن لهذا المركب إضعاف المعدن دون ترك أي أثر على سطحه , تستغرق هذه المادة عدة ساعات لتؤثر على المعدن لكن تأثيراتها تكون قوية و فعالة عند اكتمالها . فعند وضع هذه المادة على أجنحة طائرة مصنوعة من الألمنيوم فإن الطائرة ستسقط من السماء , و إذا سكبت في دبابة مقاتلة فإن هذه الدبابة ستتحول إلى حطام بطلقة واحدة .


تسلم أندرسون من البنتاغون عقداً سرياً في حزيران 1982 و تلقى ربع مليون دولار مقابل مئة ساعة من دراسة و اختبار ال CRBII في مختبرات ووترتان ,( MA ) و هو أجر زهيد مقارنة بتقييم أندرسون لقيمة اختراعه .


على الرغم من أن المبلغ كان زهيداً فقد قبل أندرسون بالعقد , آملاً أن يقود إلى عمل أكثر للحكومة . لم يكن البنتاغون متأكداً من فعالية ال ( CRBII ) , و لكن بجعل أندرسون يوقع العقد فهذا سيمنعه من بيع اختراعه إلى بلد غريب قد يكون معادي .





إن بيع تصميم أندرسون للبنتاغون هو أمر لا يسمح للمسؤولين بالتحدث عنه بناءً على أوامر وزير الدفاع . وصف المطلعون في البنتاغون ال CRBII كأحد الأمور الخطيرة جداً و أنه تطور مشؤوم بحيث أنه إذا وقع في الأيدي الخاطئة فإنه من الممكن , على المستوى العسكري , أن يغير مجرى التاريخ العالمي . فهل سيحدث ال CRBII ثورة في الصراع الحديث ؟.