أثار التعرض الإشعاعي الحاد
تصنف الآثار الحادة على أنها تلك التي تظهر في خلال شهر إلى شهرين من التعرض. قد لا يكون هذا التصنيف دقيق من حيث بداية ظهور الأثر، وإنما أريد التمييز بين الآثار المزمنة والآثار التي تحدث خلال فترة زمنية قصيرة من التعرض. في العادة ما تكون الآثار المزمنة ناتجة عن معدل تعرض (الجرعة في وحدة الزمن) منخفض ولكن عندما يكون معدل التعرض هذا مرتفعاً فإن آلية إصلاح التأثيرات على المستوى الخلوي لا تتمكن من معالجة التأثير الحيوي في فترة زمنية كافية مما يؤدي إلى ظهور الآثار بشكل سريع. كما وأن مستوى التباين في التأثير ينخفض للمقادير المختلفة لمعامل انتقال الطاقة الخطي (LET) للإشعاعات المختلفة عند هذا المستوى المرتفع من معدل الجرعات.
9- مراحل أعراض أمراض التعرض الإشعاعي الحاد:
يؤدي تعرض الجسم الحاد للإشعاعات إلى واحد من ثلاثة أعرض مرضية أساسية:
الجرعة الإشعاعية(راد) العضو الذي تظهر أعرض المرض علية
200-1000 خلايا الدم
1000-5000 الجهاز الهضمي
اكبر من 5000 الجهاز العصبي
وهذه الأعراض المرضية تتم من خلال المراحل الأربع التالية:
أعراض المرحلة الأولى: وتحدث مجموعة هذه الأعراض عند الفترة الأولى للتعرض لجرعة إشعاعية حادة، وتشمل هذه الإعراض ما يلي:
الغثيان (Nausea)
القيء (Vomiting)
الإسهال (Diarrhea)
فقدان الشهية (Anorexia)
بعض من هذه الأعراض مثل الغثيان والقيء قد تحدث لأسباب نفسية بالإضافة للأسباب العضوية. ويمكن تصنيف المراحل الزمنية كالتالي:
أعراض المرحلة المتأخرة: وهي المرحلة التي تلي المرحلة الأولى وتسبق المرحلة المرضية وطولها يتناسب عكسياً مع مقدار الجرعة الإشعاعية.
المرحلة المرضية: بالإضافة لإعراض المرحلة الأولى، تظهر أعراض مرضية أخرى مثل تقرحات الفم وارتفاع درجة الحرارة نتيجة للالتهابات والتي تنتج من تسرب البكتيريا إلى داخل الجسم عبر جدران الأمعاء الدقيقة ولفقدان السوائل.
مرحلة الشفاء أو الموت: يكون احتمال عدم الشفاء وبالتالي الموت اكبر كلما اقتربت قيمة جرعة التعرض من 1000 راد مهما كان مستوى العناية الطبية. ولكن دون العناية الطبية ينخفض مستوى هذه الجرعة إلى 600 راد.
أعراض تأثيرات الإشعاع على خلايا الدم
تظهر أعراض تأثر خلايا الدم عند تعرض كامل الجسم لجرعة إشعاعية حادة من 200 إلى 500 راد. قد تنتهي هذه الأعراض بالموت نتيجة لدمار الأنسجة المنتجة لخلايا الدم مثل نخاع العظام الأحمر والطحال والغدد الليمفاوية. وتكون أثار الإشعاع المؤين على خلايا الدم كالتالي:
-خلايا الدم البيضاء: وتعتبر الخط الدفاعي للجسم حيث تفرز المضادات الحيوية. وتنتج خلايا الدم البيضاء في الغدد الليمفاوية وجزء من الطحال. مع أن خلايا الدم البيضاء الناضجة لا تنقسم إلا أن حساسيتها للإشعاع عالية وقد تموت مباشرة بعد التعرض. إذ أنه بعد 15 دقيقة من التعرض إلى جرعة إشعاعية تقدر بـ 10 راد يحدث نقص في عدد خلايا الدم البيضاء وهذا ما يجعل خلايا الدم البيضاء أول وسيلة للكشف أو التعرف من خلالها على التعرض الإشعاعي ومقداره.
-خلايا الدم الحمراء : خلايا الدم الحمراء هي المسؤولة عن نقل الأوكسجين من الرئتين إلى باقي أنسجة الجسم. ويصل متوسط عمر خلايا الدم الحمراء إلى أربعة أشهر. إلا أنه بعد أسبوع تقريباً من تعرض الجسم كاملا إلى جرعة إشعاعية حادة يظهر نقص في أعدادها ناتج من تلف الخلايا المنتجة لها والحساسة للإشعاع (نخاع العظام الأحمر والطحال .. الخ).
-الصفائح الدموية : تنتج الصفائح الدموية في النخاع الأحمر للعظام وتلعب دوراً رئيساً في عمليات تخثر الدم. تعرض الجسم إلى جرعة تصل إلى 50 راد يؤدي إلى نقص عددها بعد 2 إلى 5 أيام من التعرض بسبب تلف الخلايا المنتجة لها والحساسة للإشعاع (نخاع العظام الأحمر والطحال .. الخ).
أعراض تأثيرات الإشعاع على الجهاز الهضمي
لمعرفة أعراض إصابة الجهاز الهضمي يجب معرفة التفاصيل الدقيقة للأجزاء الحساسة من هذا الجهاز للإشعاعات المؤينة. من أكثر هذه الأجزاء حساسية الحليمات المبطنة للجدران الداخلية للأمعاء الدقيقة . هذه الحليمات هي التي تتولى امتصاص الغذاء المهضوم عبر جدران خلاياها السطحية والتي تقوم أيضاً بدور عزل البكتيريا الموجودة في الأمعاء الدقيقة من الدخول إلى الدورة الدموية للجسم. هذه الخلايا السطحية تنتج باستمرار من خلايا تحتها تعرف بخلايا القاعدة . ويقدر عمر الخلايا السطحية من يوم إلى ثلاثة أيام وبالتالي فهي شديدة الحساسية للإشعاع كذلك خلايا القاعدة المنتجة لها لأنها تنتج الخلايا السطحية بمعدلات كبيرة.
تظهر أعراض تأثر خلايا الدم عند تعرض كامل الجسم لجرعة إشعاعية حادة من 1000 إلى 5000 راد. إمكانية العيش بعد هذا التعرض تكاد تكون مستحيلة. يحدث الموت بسبب دمار الخلايا السطحية لحليمات الأمعاء الدقيقة وبالطبع لدمار خلايا الدم.
تبدأ المرحلة الأولى من الأعراض في الساعات الأولى بعد التعرض ويكون فقدان الشهية وألام المعدة أول هذه الأعراض يليها الشعور بالغثيان والقيء والإسهال. تستمر هذه الأعراض قرابة ثلاثة أيام بعدها يبدأ التحسن على الفرد ويستعيد بعض من عافيته حتى اليوم العاشر حيث يبدأ في التدهور الحاد وأعراض هذا التدهور هي الغثيان والقيء والإسهال الحاد والحمى وفقدان الوزن الملحوظ. بزوال ميكانيكية امتصاص السوائل والغذاء من الأمعاء ولفقدان آلية حماية الجسم من البكتيريا التي في الأمعاء يصبح الموت أمرا حتمياً ويكون احتمال حدوثه من اليوم الثالث إلى اليوم الثاني عشر.
أعراض تأثيرات الإشعاع على الجهاز العصبي
تعرض الجسم إلى جرعة حادة في حدود 500 راد يؤدي بالإضافة إلى الأعراض السابق ذكرها، إلى ظهور أعراض خاصة بالجهاز العصبي. هذه الأعراض غير مفهومة بالكامل ولكن بعضها يرتبط بدمار بعض أجزاء المخ خاصة المتعلقة بعمليات التنفس. هذا الدمار ينتج بسبب انهيار الأوعية الدموية وضغط السوائل داخل الجمجمة على المخ كما وأن التغيير في مستوى تدفق الدم إلى المخ أحد أهم الأعراض المؤدية إلى خلل وظائف المخ.
تأثيرات الإشعاع على الأجنة
الأطفال اشد حساسية للإشعاع من البالغين لاستمرار عمليات النمو لديهم وبالتالي ازدياد عمليات تكاثر الخلايا. والأجنة تكون اكثر مراحل عمر الفرد حساسية للإشعاع ولعل أهم آثار الإشعاع عليها هو التشوهات الخلقية. ويعتمد مقدار ونوع التشوهات على مرحلة عمر الجنين. فالفترة من أسبوعين إلى ستة أسابيع اشدها حساسية وتأثراً بسبب كونها فترة تكون الأعضاء الرئيسة للجنين. حساسية الأجنة للإشعاع كبيرة جداً لدرجة أن جرعة بحدود 25 راد تشكل خطراً كبيراً على الوضع الصحي للجنين لاسيما في المراحل العمرية المذكورة. من هنا تظهر خطورة تعرض المرأة الحامل للأشعة السينية. و التعرض إلى جرعات إشعاعية اكبر (400 إلى 600 راد) في الثلث الأول من الحمل يؤدي إلى قتل الجنين والإجهاض.
تأثيرات الإشعاع على الحامض النووي
الحامض النووي هو أشد أجزاء الخلية حساسية للإشعاع كما سبق ذكره. وتتم عملية تأثير الإشعاع من خلال فصل فردي لأحد سلسلتي الحامض (Single Strand Break-STB) أو الفصل الكلي لسلسلتي الحامض (Double Strand Break-DSB). هذا الفصل (لاسيما الفصل الفردي) غالبا ما يعود للالتئام مرة أخرى.