أوركيدا
01-09-2008, 09:48 PM
حول العالم
تلسكوب يخترق عصور الظلام
فهد عامر الأحمدي
تخيل نفسك سمكة صغيرة تسبح في قاع بركة أو مسبح.. كيف سترى حينها الأضواء وملامح الناس!؟.. كيف سترى السماء وأضواء النجوم!؟.. وهل سترى (كل شيء) في حال كانت المياة ملوثة أو قذرة أو شديدة التموج!؟
هذا في الحقيقة وضعنا نحن البشر أسفل الغلاف الجوي للأرض؛ فنحن - مثل السمكة في قعر المسبح - لا نرى السماء بشكل واضح، ولا نشاهد النجوم بشكل دقيق، ونعجز عن رؤية أجرام كثيرة بسبب تلوث الجو وانحراف الضوء.. والأسوأ من هذا أننا أفرطنا في استعمال الأضواء الاصطناعية لدرجة لم نعد نرى أضواء السماء في الليل (وهذا سر انبهار أطفالنا من كثرة النجوم وقوة تلألئها حين يخرجون للصحراء)!!
ولو قدر لنا الصعود فوق الغلاف الجوي (مثلما تصعد السمكة فوق سطح الماء) لفوجئنا بصفاء الكون، ووضوح النجوم، وجمال السماء، ووجود أجرام ومجرات لم نرها من قبل.. ورؤية السماء - من هذا الموقع - تمنحنا صورة نقية وسليمة لا يمكن لأي تلسكوب على الأرض (مهما بلغ تطوره) رصدها أو التقاطاه!
ومن هنا ظهرت فكرة إرسال تلسكوب بصري الى الفضاء الخارجي (ورفعه) فوق تشوهات الغلاف الجوي للأرض. وفي عام 1990كان لوكالة ناسا شرف إطلاق أول تلسكوب فضائي من هذا النوع أطلق عليه هابل تكريما لعالم الفضاء أدوين هابل الذي اكتشف ظاهرة تمدد الكون قبل 90عاما !
... وأنا شخصيا من المتيمين بهذا المشروع كونه أضاف لمعارفنا الفلكية (منذ عام 1990فقط) ما يفوق انجازات الفلكيين القدماء في المائة قرن الأخيرة.. بل إن في هذه المقارنة قدراً كبيراً من المجاملة كون تلسكوب هابل قدم صورا نوعية (يفوق عددها 27000حتى الآن) لم يكن بإمكاننا رؤيتها لو بقينا الى الأبد في (قعر المسبح).. أضف لهذا أنه اكتشف خلال فترة وجيزة مجرات ونجوماً وكواكب كثيرة وبعيدة لم يحلم بوجودها الفلكيون القدماء - ولا يمكن اكتشافها من فوق سطح الأرض.. وهو - بالإضافة لوجوده خارج الغلاف الجوي - يتمتع بميزتين لا يمكن لأي تلسكوب أرضي مجاراتهما:
- الأولى إمكانية توجيهه من الأرض (في كافة الاتجاهات) بعكس المراصد الأرضية المحصورة في نطاق واحد مستقيم!!
- والثانية أن هابل يعمل كعين تخترق الزمن وترى أحداثاً في الماضي قد تكون اندثرت بالحاضر... فكثير من الصور التي التقطها هابل تعود لمجرات ونجوم تبعد عنا ملايين السنين الضوئية؛ وحين يلتقط صورا على هذا البعد فإنه يرى تلك النجوم على الحال الذي (كانت عليه) حين انطلق ضوؤها إلينا قبل ملايين السنين.. وبفضل رصده نجوما ومجرات على حدود نظامنا الكوني أعلن العلماء في مايو 1999ان عمر الكون لايقل عن 12بليون سنة - هي ابعد نقطة استطاع هابل رؤيتها - !
... وهذه الأيام تروج وكالة ناسا لتلسكوب فضائي جديد - يدعى ويب - تأمل إطلاقه بحلول عام 2013.وهو أكثر تطورا من هابل ويتوقع رؤيته لمسافة تتجاوز 36بليون سنة ضوئية. والوصول لهذا البعد سيتيح اختراق ما يعرف ب "عصور الكون المظلمة" حيث يسود الظلام الدامس ويعجز العقل عن تصور ما يوجد خلفها...!!
وتلسكوب بهذه القوة سيتمكن من اكتشاف آلاف الكواكب البعيدة - التي لم يتمكن هابل من اكتشافها بسبب بعدها أو ضعف الأضواء المنعكسة عنها.. وبسبب تأثير الشمس على مرآته الضخمة (التي يتجاوز عرضها الستة أمتار) سيتم إخفاؤه في الجانب المقابل من القمر - كي يحجب عنها ضوء الشمس!
... أيها السادة؛ حين نقول إن هابل أضاف لمعارفنا أكثر من كل الحضارات مجتمعة يصعب تخيل ما سيضيفه تلسكوب جديد أكثر تقدما وبُعد نظر!!
* جريدة الرياض اليومية
تلسكوب يخترق عصور الظلام
فهد عامر الأحمدي
تخيل نفسك سمكة صغيرة تسبح في قاع بركة أو مسبح.. كيف سترى حينها الأضواء وملامح الناس!؟.. كيف سترى السماء وأضواء النجوم!؟.. وهل سترى (كل شيء) في حال كانت المياة ملوثة أو قذرة أو شديدة التموج!؟
هذا في الحقيقة وضعنا نحن البشر أسفل الغلاف الجوي للأرض؛ فنحن - مثل السمكة في قعر المسبح - لا نرى السماء بشكل واضح، ولا نشاهد النجوم بشكل دقيق، ونعجز عن رؤية أجرام كثيرة بسبب تلوث الجو وانحراف الضوء.. والأسوأ من هذا أننا أفرطنا في استعمال الأضواء الاصطناعية لدرجة لم نعد نرى أضواء السماء في الليل (وهذا سر انبهار أطفالنا من كثرة النجوم وقوة تلألئها حين يخرجون للصحراء)!!
ولو قدر لنا الصعود فوق الغلاف الجوي (مثلما تصعد السمكة فوق سطح الماء) لفوجئنا بصفاء الكون، ووضوح النجوم، وجمال السماء، ووجود أجرام ومجرات لم نرها من قبل.. ورؤية السماء - من هذا الموقع - تمنحنا صورة نقية وسليمة لا يمكن لأي تلسكوب على الأرض (مهما بلغ تطوره) رصدها أو التقاطاه!
ومن هنا ظهرت فكرة إرسال تلسكوب بصري الى الفضاء الخارجي (ورفعه) فوق تشوهات الغلاف الجوي للأرض. وفي عام 1990كان لوكالة ناسا شرف إطلاق أول تلسكوب فضائي من هذا النوع أطلق عليه هابل تكريما لعالم الفضاء أدوين هابل الذي اكتشف ظاهرة تمدد الكون قبل 90عاما !
... وأنا شخصيا من المتيمين بهذا المشروع كونه أضاف لمعارفنا الفلكية (منذ عام 1990فقط) ما يفوق انجازات الفلكيين القدماء في المائة قرن الأخيرة.. بل إن في هذه المقارنة قدراً كبيراً من المجاملة كون تلسكوب هابل قدم صورا نوعية (يفوق عددها 27000حتى الآن) لم يكن بإمكاننا رؤيتها لو بقينا الى الأبد في (قعر المسبح).. أضف لهذا أنه اكتشف خلال فترة وجيزة مجرات ونجوماً وكواكب كثيرة وبعيدة لم يحلم بوجودها الفلكيون القدماء - ولا يمكن اكتشافها من فوق سطح الأرض.. وهو - بالإضافة لوجوده خارج الغلاف الجوي - يتمتع بميزتين لا يمكن لأي تلسكوب أرضي مجاراتهما:
- الأولى إمكانية توجيهه من الأرض (في كافة الاتجاهات) بعكس المراصد الأرضية المحصورة في نطاق واحد مستقيم!!
- والثانية أن هابل يعمل كعين تخترق الزمن وترى أحداثاً في الماضي قد تكون اندثرت بالحاضر... فكثير من الصور التي التقطها هابل تعود لمجرات ونجوم تبعد عنا ملايين السنين الضوئية؛ وحين يلتقط صورا على هذا البعد فإنه يرى تلك النجوم على الحال الذي (كانت عليه) حين انطلق ضوؤها إلينا قبل ملايين السنين.. وبفضل رصده نجوما ومجرات على حدود نظامنا الكوني أعلن العلماء في مايو 1999ان عمر الكون لايقل عن 12بليون سنة - هي ابعد نقطة استطاع هابل رؤيتها - !
... وهذه الأيام تروج وكالة ناسا لتلسكوب فضائي جديد - يدعى ويب - تأمل إطلاقه بحلول عام 2013.وهو أكثر تطورا من هابل ويتوقع رؤيته لمسافة تتجاوز 36بليون سنة ضوئية. والوصول لهذا البعد سيتيح اختراق ما يعرف ب "عصور الكون المظلمة" حيث يسود الظلام الدامس ويعجز العقل عن تصور ما يوجد خلفها...!!
وتلسكوب بهذه القوة سيتمكن من اكتشاف آلاف الكواكب البعيدة - التي لم يتمكن هابل من اكتشافها بسبب بعدها أو ضعف الأضواء المنعكسة عنها.. وبسبب تأثير الشمس على مرآته الضخمة (التي يتجاوز عرضها الستة أمتار) سيتم إخفاؤه في الجانب المقابل من القمر - كي يحجب عنها ضوء الشمس!
... أيها السادة؛ حين نقول إن هابل أضاف لمعارفنا أكثر من كل الحضارات مجتمعة يصعب تخيل ما سيضيفه تلسكوب جديد أكثر تقدما وبُعد نظر!!
* جريدة الرياض اليومية