نهى.نانو
09-23-2007, 10:22 AM
"النانوبيوتيك".. أحدث بديل للمضاد الحيوي 06/11/2001
طارق قابيل
http://www.moq3.com/img/uploads/3Qy31668.jpg (http://www.moq3.com/img/)
البيبيدات الحلقية ذاتية التجمع (النانوبيوتكس)
توصل العلماء الأمريكيون إلى طريقة علمية جديدة لمكافحة البكتيريا القاتلة التي طورت مقاومة ضد المضادات الحيوية، وللبكتريا القاتلة الفتاكة التي طورت مناعة ذاتية للمضادات الحيوية، والبكتريا المحورة وراثيا المستخدمة عادة في الحرب البيولوجية. ويعتبر هذا النوع الجديد من الأدوية الذكية بديلا غير مسبوق للمضادات الحيوية، ويساعد على حل مشكلة مقاومة هذه الأنواع البكتيرية للأدوية.
ومن المعروف أن الجراثيم نشطت المقاومة للأدوية؛ بسبب إفراط المرضى في استخدام المضادات الحيوية، وعدم إدراك الأطباء لقدرة البكتيريا الكبيرة على تطوير نفسها لمقاومة المضادات الحيوية، كما تدخلت علوم الهندسة الوراثية والمناعة والكيمياء الحيوية في هندسة بعض الكائنات وراثيا بحيث لا تؤثر فيها المضادات الحيوية، كما لا تؤثر فيها الطعوم أو اللقاحات التي تم تحضيرها بناء علي التركيب الجيني للكائنات الطفيلية المُمرِضة العادية.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد أصدرت مؤخرا تحذيرا من أن جميع الأمراض المُعدية تطور مناعة ضد المضادات الحيوية بصورة منتظمة. وحسب تقديرات المنظمة فإن التكلفة الكلية لمعالجة الإصابات الناجمة عن العدوى بالبكتريا المقاومة للمضادات الحيوية تبلغ حوالي 10 بلايين دولار سنويا. كما أن الهلع الذي أصاب الولايات المتحدة والعالم تحسبا لوقوع هجوم كبير بالأسلحة البيولوجية، دفع العلماء للإسراع عن الكشف عن أحدث التقنيات لمكافحة هذا الخطر الذي يهدد بفناء البشرية.
السر المتناهي في الصغر!
http://www.moq3.com/img/uploads/lsa31904.jpg (http://www.moq3.com/img/)
النانوبيوتكس (الحلقات الملونة) تدمر خلايا البكتريا
ويعد هذا النوع الجديد من الأدوية التي تعرف حاليا بـ "النانوبيوتيكس" Nanobiotics من باكورة الإنتاج الطبي لأحد أهم حقول العلم والتقنيات المستقبلية، وهو علم "النانوتكنولوجي" Nanotechnology، الذي يشكل النصف الأول من المصطلح الجديد، ويأتي النصف الآخر من الكلمة الاصطلاحية الطبية "أنتي بيوتيكس" Antibiotics الشهيرة، التي تعرف عربيا باسم "المضادات الحيوية".
أما "النانوتكنولوجيا"، فقد أصبحت مفهوما شهيرا، وتعني هذه العبارة حرفيا: أي تكنولوجيا تُصنع على مقياس النانومتر، أو التلاعب بالذرات الفردية لإنشاء آلات ميكانيكية ومعلوماتية لا يتعدى حجمها حفنة من الذرات.
و"النانوتكنولوجي" تعبير مستحدث، جاء الشق الأول فيه (نانو) من أدق وحدة قياس مترية معروفة حتى الآن، (نانومتر)، ويبلغ طول النانومتر واحدا من بليون من المتر، أو 25 جزءًا من مليون جزء من البوصة، وهو ما يعادل طول خمس ذرات فقط إذا وضعت الواحدة تلو الأخرى. ولكنها أكبر من وحدة القياس الذري المعروفة باسم (أنجستروم)، فالنانومتر يساوي 10 أنجسترومات، ويمكن تقريب الإحساس بقيمة هذه القياسات الدقيقة إذا قلنا بأن قطر الذرة يتراوح بين (عُشر) و(نصف) نانومتر.
وكلمة "النانوتكنولجي" تستخدم أيضا بمعنى أنها تقنية المواد المتناهية في الصغر أو التكنولوجيا النانووية، أو التكنولوجيا الصغروية، أو التكنولوجيا المجهرية، أو التكنولوجيا الدقيقة، أو تكنولوجيا الضآلة.. سمِّها ما شئت، وإذا اقتربنا أكثر من المصطلحات الفنية فمن الممكن أن نسميها "تكنولوجيا المنمنمات".
ومن المحتمل أن تدخل هذه الآلات إلى جسم الإنسان عما قريب لرصد مواقع السرطان والأمراض المستعصية الأخرى، ثم تصنع وتولد أدوية لمقاومة السرطان، أو الأمراض الأخرى في المكان ذاته. كما أنها تمثل الرقائق ذات المقياس الذري، وذاكرة أجهزة الكومبيوتر للأجيال القادمة التي ستكون أقوى آلاف المرات من تلك التي تعمل بتكنولوجيا "السيليكون" المستخدمة حاليا.
ثورة غير مسبوقة
يعتمد دواء "النانوبيوتيكس" الجديد علي بيبتيدات حلقية ذاتية التجمع مخلقة صناعيا (synthetic, self-assembling peptide nanotubes)، من الممكن أن تتجمع على هيئة أنابيب أو "دبابيس" نانوية متناهية الصغر لتقوم بثقب جدران البكتريا المعدية الفتاكة المقاومة للمضادات الحيوية، ومعظم الأنواع الأخرى المستخدمة عادة في الحرب البيولوجية.
ومن المعروف أن البيبتيدات الحلقية (Cyclic peptides) الطبيعية حققت نجاحا كبيرا في مقاومة بعض الجراثيم والميكروبات في الحيوانات والنباتات. كما تم إنتاج مضادات حيوية طبيعية مثل عقار "باسيتراسين" (Bacitracin)، الذي يُستعمل عموما كمضاد حيوي موضوعي.
كانت البداية التاريخية عندما شكل علماء الكيمياء الحيوية بمعهد "سكريبس" للأبحاث في لايولا بكاليفورنيا أنابيب متناهية الصغر (Nanotubes) من مجموعة من البيبتيدات الحلقية في عام 1992م. وكان الهدف من ذلك هو إنتاج "أنابيب اختبار" على المستوى الجزيئي (Nanoscale) لاستخدامها في الأبحاث الطبية، ولاحظ العلماء أن هناك نشاطا غريبا لغشاء هذه الأنابيب في عام 1994م، ولذلك اهتموا بتسخيرها في معالجة البكتيريا المقاومة للعديد من المضادات الحيوية.
تحقق أول نجاح مهم في هذا المجال في شهر أكتوبر الماضي (2001م) عندما صمم "ريزا غاديري" وفريق من العلماء الآخرين، في نفس المعهد السابق ذكره، "بيبتيد" peptide تخليقي (عبارة عن تصنيع دقيق لجزيء تفرزه النباتات والحيوانات لمقاومة العدوى)، ووجد العلماء أن هذا النوع من البيبتيد يتخلل غشاء الخلايا البكتيرية، ويحدث به ثقوبا كثيرة تؤدي لقتلها.
حقن قاتلة متناهية الصغر
أكد الباحثون في تقرير نشرته دورية "نيتشر" العلمية أن البكتيريا لم تتعرف على ذلك التركيب الجديد المخلق من قبل. ووصف العلماء كيف يقتل البيبتيد البكتريا العنقودية المقاومة للأدوية المسببة للعدوى لدى الفئران.
وأشار العلماء إلي أن الأنابيب متناهية الصغر "نانوتيوبس" ذاتية التجمع، والتي تتكون من حلقات قطرها 2.5 نانومتر من أحماض أمينية خاصة، حسب نوع البكتريا، تؤدي إلي ثقب جدر البكتريا؛ وهو ما يشكل سلاحا جديدا فعّالا ضدّ البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية والميكروبات الأخرى التي تسبب أخطر الأمراض.
وعندما تدخل ملايين من هذه الأنابيب المتناهية الصغر اللزجة المكونة من البيبتيدات الحلقية داخل الجدار الهلامي للبكتريا، فإنها تنجذب كيميائيا إلي بعضها البعض، وتجمع أنفسها إلى أنابيب طويلة، مثل أكوام من الإطارات الصغيرة للغاية في غشاء الخلية (انظر الصورة).
وتبعا لذلك تقوم الأنابيب الطويلة المتنامية والمتجمعة ذاتيا بثقب الغشاء الخلوي، وتعمل مجموعات الأنابيب المتجاورة معا لفتح مسام أكبر في جدار الخلية البكتيرية. وخلال دقائق معدودة تموت الخلية البكترية، نتيجة لتشتيت الجهد الكهربي الخارجي لغشائها، وتعرُّض عُصياتها الداخلية للظروف الخارجية؛ وهو ما ينهي حياة الخلية عمليا.
اختبر العلماء البيبتيدات النانوية ذاتية التجمع المخلقة في الفئران، وحققت هذه التقنية نجاحا كبيرا في القضاء على بكتريا عنقودية تسمى "ستافيلوكوكس أوريس" (staphylococcus aureus) مقاومة للمضاد الحيوي "ميثيسيلين"0
كما أظهرت هذه التقنية نجاحا ملحوظا في القضاء على مجموعة كبيرة من الأنواع البكترية الفتاكة الأخرى، مثل: إشيريشيا كولاي، وسودوموناس إيروجينوسا، وإنتروكوكس فيكاليس (Escherichia coli, Pseudomonas aeruginosa and Enterococcus faecalis). ويتوقع العلماء أن تثبت هذه التقنية نجاحا كبيرا في مكافحة الفطريات والعديد من الأنواع الأخرى من الميكروبات الطفيلية.
"حلقات غاديري"
وتتركب الحلقات البيبتيدية التي أُطلق عليها "حلقات غاديري" من نمط متنوع مبتكر من الأحماض الأمينية الصناعية، ومزودة بسلاسل من الأحماض الأمينية الجانبية الخارجية التي تعمل كمجسات، وتستجيب للبيئة المحيطة بها.
ويتم التحكم في شكل وحجم وتركيب جزيئات المجسات الخارجية عن طريق تفاعلات كيميائية محددة، ويؤكد "غاديري" أن فريقه يمكنه إنتاج 50 ألفًا من الأشكال المغايرة والمتنوعة في غضون أسبوع واحد فقط، وهو ما يشير إلى وجود مرونة كبيرة في طريقة تشكيل هذه الجزيئات الدقيقة؛ بحيث تناسب الأنواع المختلفة من الميكروبات.
ويؤكد بعض المتخصصين على أن هذا النوع الجديد من المواد المضادة للميكروبات يمثّل صنفا جديدا من الأسلحة الجزيئية الذكية. ولكن يجب أن يتم إنتاجها بطريقة اقتصادية بعد التأكد من فعاليتها، وعدم وجود أية آثار جانبية لها على البشر والحيوانات.
عض الخلايا!!
ومن ناحية أخرى، توصل فريق من علماء مختبرات "سانديا" القومية في الولايات المتحدة إلى صناعة طاقم أسنان سيليكوني لا يزيد حجمه عن حجم الخلية، ويستطيع ابتلاع كريات الدم الحمراء وقضمها ثم يطلقها مجددا إلى الدم. ونفذ فريق العمل بقيادة "مورات أوقاندان" عملية تحريك الفك وتوجيهه داخل أوعية دموية صناعية تحوي الدم، ونجحوا في ثلم خلايا الدم بمعدل 10 خلايا في الثانية.
وأراد علماء المختبر اختبار قدراتهم على صناعة أجهزة بحجم الخلايا، كما أرادوا تطوير علاج بعض الأمراض المستعصية. ويحاول العلماء الآن تطوير هذه التقنية لتثقيب خلايا الجسم المطلوبة بواسطة طاقم الأسنان الجديد؛ بهدف إدخال الأدوية أو الجينات إلى داخل الخلايا، وبالتالي تعزيز العلاج الخلوي المركَّز لهذه الأمراض. ويعني نجاح العلماء في تصنيع مثل هذا الجهاز إنجاز خطوة هامة على طريق إنتاج الأجهزة المجهرية. ويخطط العلماء لتثبيت آلاف الأسنان على شريحة إلكترونية، وإرسالها في الجسم بهدف تثقيب الخلايا بسرعة وبأعداد كبيرة لأغراض علاجية.
عقار لا يقهر!
يتوقع المراقبون أن تؤدي هذه التكنولوجيا الجديدة لثورة غير مسبوقة في التصدي للكائنات الدقيقة؛ حيث يعمل هذا الجيل الجديد من الأدوية بنظرية علمية جديدة تماما، تعتمد على الثقب الميكانيكي للخلايا الممرضة، وبذلك فمن الصعب أن تطور هذه الكائنات الطفيلية مناعة ذاتية لهذه المركبات، وهي طريقة مختلفة تماما عن طريقة عمل المضادات الحيوية والمطهرات الكيميائية والأدوية الأخرى المضادة للميكروبات، التي يعتمد معظمها على التأثير على العمليات الأيضية لهذه الكائنات. ويتوقع أن تبدأ التجارب السريرية على البشر بعد حوالي 2-3 سنوات من الآن.
وبالرغم من تاريخ البكتريا الطويل في تطوير مقاومة المضادات الحيوية، فإن السرعة التي يعمل بها هذا الدواء المبتكر ستجعل الأمر أكثر صعوبة عليها لتطوير المقاومة، وستكون تمهيدا لصنف جديد من العقاقير له صلاحية طويلة، ولا يفسد مع مرور الوقت.
--------------
المصدر:http://www.islamonline.net/Arabic/Science/2001/11/Article2.shtml
طارق قابيل
http://www.moq3.com/img/uploads/3Qy31668.jpg (http://www.moq3.com/img/)
البيبيدات الحلقية ذاتية التجمع (النانوبيوتكس)
توصل العلماء الأمريكيون إلى طريقة علمية جديدة لمكافحة البكتيريا القاتلة التي طورت مقاومة ضد المضادات الحيوية، وللبكتريا القاتلة الفتاكة التي طورت مناعة ذاتية للمضادات الحيوية، والبكتريا المحورة وراثيا المستخدمة عادة في الحرب البيولوجية. ويعتبر هذا النوع الجديد من الأدوية الذكية بديلا غير مسبوق للمضادات الحيوية، ويساعد على حل مشكلة مقاومة هذه الأنواع البكتيرية للأدوية.
ومن المعروف أن الجراثيم نشطت المقاومة للأدوية؛ بسبب إفراط المرضى في استخدام المضادات الحيوية، وعدم إدراك الأطباء لقدرة البكتيريا الكبيرة على تطوير نفسها لمقاومة المضادات الحيوية، كما تدخلت علوم الهندسة الوراثية والمناعة والكيمياء الحيوية في هندسة بعض الكائنات وراثيا بحيث لا تؤثر فيها المضادات الحيوية، كما لا تؤثر فيها الطعوم أو اللقاحات التي تم تحضيرها بناء علي التركيب الجيني للكائنات الطفيلية المُمرِضة العادية.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد أصدرت مؤخرا تحذيرا من أن جميع الأمراض المُعدية تطور مناعة ضد المضادات الحيوية بصورة منتظمة. وحسب تقديرات المنظمة فإن التكلفة الكلية لمعالجة الإصابات الناجمة عن العدوى بالبكتريا المقاومة للمضادات الحيوية تبلغ حوالي 10 بلايين دولار سنويا. كما أن الهلع الذي أصاب الولايات المتحدة والعالم تحسبا لوقوع هجوم كبير بالأسلحة البيولوجية، دفع العلماء للإسراع عن الكشف عن أحدث التقنيات لمكافحة هذا الخطر الذي يهدد بفناء البشرية.
السر المتناهي في الصغر!
http://www.moq3.com/img/uploads/lsa31904.jpg (http://www.moq3.com/img/)
النانوبيوتكس (الحلقات الملونة) تدمر خلايا البكتريا
ويعد هذا النوع الجديد من الأدوية التي تعرف حاليا بـ "النانوبيوتيكس" Nanobiotics من باكورة الإنتاج الطبي لأحد أهم حقول العلم والتقنيات المستقبلية، وهو علم "النانوتكنولوجي" Nanotechnology، الذي يشكل النصف الأول من المصطلح الجديد، ويأتي النصف الآخر من الكلمة الاصطلاحية الطبية "أنتي بيوتيكس" Antibiotics الشهيرة، التي تعرف عربيا باسم "المضادات الحيوية".
أما "النانوتكنولوجيا"، فقد أصبحت مفهوما شهيرا، وتعني هذه العبارة حرفيا: أي تكنولوجيا تُصنع على مقياس النانومتر، أو التلاعب بالذرات الفردية لإنشاء آلات ميكانيكية ومعلوماتية لا يتعدى حجمها حفنة من الذرات.
و"النانوتكنولوجي" تعبير مستحدث، جاء الشق الأول فيه (نانو) من أدق وحدة قياس مترية معروفة حتى الآن، (نانومتر)، ويبلغ طول النانومتر واحدا من بليون من المتر، أو 25 جزءًا من مليون جزء من البوصة، وهو ما يعادل طول خمس ذرات فقط إذا وضعت الواحدة تلو الأخرى. ولكنها أكبر من وحدة القياس الذري المعروفة باسم (أنجستروم)، فالنانومتر يساوي 10 أنجسترومات، ويمكن تقريب الإحساس بقيمة هذه القياسات الدقيقة إذا قلنا بأن قطر الذرة يتراوح بين (عُشر) و(نصف) نانومتر.
وكلمة "النانوتكنولجي" تستخدم أيضا بمعنى أنها تقنية المواد المتناهية في الصغر أو التكنولوجيا النانووية، أو التكنولوجيا الصغروية، أو التكنولوجيا المجهرية، أو التكنولوجيا الدقيقة، أو تكنولوجيا الضآلة.. سمِّها ما شئت، وإذا اقتربنا أكثر من المصطلحات الفنية فمن الممكن أن نسميها "تكنولوجيا المنمنمات".
ومن المحتمل أن تدخل هذه الآلات إلى جسم الإنسان عما قريب لرصد مواقع السرطان والأمراض المستعصية الأخرى، ثم تصنع وتولد أدوية لمقاومة السرطان، أو الأمراض الأخرى في المكان ذاته. كما أنها تمثل الرقائق ذات المقياس الذري، وذاكرة أجهزة الكومبيوتر للأجيال القادمة التي ستكون أقوى آلاف المرات من تلك التي تعمل بتكنولوجيا "السيليكون" المستخدمة حاليا.
ثورة غير مسبوقة
يعتمد دواء "النانوبيوتيكس" الجديد علي بيبتيدات حلقية ذاتية التجمع مخلقة صناعيا (synthetic, self-assembling peptide nanotubes)، من الممكن أن تتجمع على هيئة أنابيب أو "دبابيس" نانوية متناهية الصغر لتقوم بثقب جدران البكتريا المعدية الفتاكة المقاومة للمضادات الحيوية، ومعظم الأنواع الأخرى المستخدمة عادة في الحرب البيولوجية.
ومن المعروف أن البيبتيدات الحلقية (Cyclic peptides) الطبيعية حققت نجاحا كبيرا في مقاومة بعض الجراثيم والميكروبات في الحيوانات والنباتات. كما تم إنتاج مضادات حيوية طبيعية مثل عقار "باسيتراسين" (Bacitracin)، الذي يُستعمل عموما كمضاد حيوي موضوعي.
كانت البداية التاريخية عندما شكل علماء الكيمياء الحيوية بمعهد "سكريبس" للأبحاث في لايولا بكاليفورنيا أنابيب متناهية الصغر (Nanotubes) من مجموعة من البيبتيدات الحلقية في عام 1992م. وكان الهدف من ذلك هو إنتاج "أنابيب اختبار" على المستوى الجزيئي (Nanoscale) لاستخدامها في الأبحاث الطبية، ولاحظ العلماء أن هناك نشاطا غريبا لغشاء هذه الأنابيب في عام 1994م، ولذلك اهتموا بتسخيرها في معالجة البكتيريا المقاومة للعديد من المضادات الحيوية.
تحقق أول نجاح مهم في هذا المجال في شهر أكتوبر الماضي (2001م) عندما صمم "ريزا غاديري" وفريق من العلماء الآخرين، في نفس المعهد السابق ذكره، "بيبتيد" peptide تخليقي (عبارة عن تصنيع دقيق لجزيء تفرزه النباتات والحيوانات لمقاومة العدوى)، ووجد العلماء أن هذا النوع من البيبتيد يتخلل غشاء الخلايا البكتيرية، ويحدث به ثقوبا كثيرة تؤدي لقتلها.
حقن قاتلة متناهية الصغر
أكد الباحثون في تقرير نشرته دورية "نيتشر" العلمية أن البكتيريا لم تتعرف على ذلك التركيب الجديد المخلق من قبل. ووصف العلماء كيف يقتل البيبتيد البكتريا العنقودية المقاومة للأدوية المسببة للعدوى لدى الفئران.
وأشار العلماء إلي أن الأنابيب متناهية الصغر "نانوتيوبس" ذاتية التجمع، والتي تتكون من حلقات قطرها 2.5 نانومتر من أحماض أمينية خاصة، حسب نوع البكتريا، تؤدي إلي ثقب جدر البكتريا؛ وهو ما يشكل سلاحا جديدا فعّالا ضدّ البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية والميكروبات الأخرى التي تسبب أخطر الأمراض.
وعندما تدخل ملايين من هذه الأنابيب المتناهية الصغر اللزجة المكونة من البيبتيدات الحلقية داخل الجدار الهلامي للبكتريا، فإنها تنجذب كيميائيا إلي بعضها البعض، وتجمع أنفسها إلى أنابيب طويلة، مثل أكوام من الإطارات الصغيرة للغاية في غشاء الخلية (انظر الصورة).
وتبعا لذلك تقوم الأنابيب الطويلة المتنامية والمتجمعة ذاتيا بثقب الغشاء الخلوي، وتعمل مجموعات الأنابيب المتجاورة معا لفتح مسام أكبر في جدار الخلية البكتيرية. وخلال دقائق معدودة تموت الخلية البكترية، نتيجة لتشتيت الجهد الكهربي الخارجي لغشائها، وتعرُّض عُصياتها الداخلية للظروف الخارجية؛ وهو ما ينهي حياة الخلية عمليا.
اختبر العلماء البيبتيدات النانوية ذاتية التجمع المخلقة في الفئران، وحققت هذه التقنية نجاحا كبيرا في القضاء على بكتريا عنقودية تسمى "ستافيلوكوكس أوريس" (staphylococcus aureus) مقاومة للمضاد الحيوي "ميثيسيلين"0
كما أظهرت هذه التقنية نجاحا ملحوظا في القضاء على مجموعة كبيرة من الأنواع البكترية الفتاكة الأخرى، مثل: إشيريشيا كولاي، وسودوموناس إيروجينوسا، وإنتروكوكس فيكاليس (Escherichia coli, Pseudomonas aeruginosa and Enterococcus faecalis). ويتوقع العلماء أن تثبت هذه التقنية نجاحا كبيرا في مكافحة الفطريات والعديد من الأنواع الأخرى من الميكروبات الطفيلية.
"حلقات غاديري"
وتتركب الحلقات البيبتيدية التي أُطلق عليها "حلقات غاديري" من نمط متنوع مبتكر من الأحماض الأمينية الصناعية، ومزودة بسلاسل من الأحماض الأمينية الجانبية الخارجية التي تعمل كمجسات، وتستجيب للبيئة المحيطة بها.
ويتم التحكم في شكل وحجم وتركيب جزيئات المجسات الخارجية عن طريق تفاعلات كيميائية محددة، ويؤكد "غاديري" أن فريقه يمكنه إنتاج 50 ألفًا من الأشكال المغايرة والمتنوعة في غضون أسبوع واحد فقط، وهو ما يشير إلى وجود مرونة كبيرة في طريقة تشكيل هذه الجزيئات الدقيقة؛ بحيث تناسب الأنواع المختلفة من الميكروبات.
ويؤكد بعض المتخصصين على أن هذا النوع الجديد من المواد المضادة للميكروبات يمثّل صنفا جديدا من الأسلحة الجزيئية الذكية. ولكن يجب أن يتم إنتاجها بطريقة اقتصادية بعد التأكد من فعاليتها، وعدم وجود أية آثار جانبية لها على البشر والحيوانات.
عض الخلايا!!
ومن ناحية أخرى، توصل فريق من علماء مختبرات "سانديا" القومية في الولايات المتحدة إلى صناعة طاقم أسنان سيليكوني لا يزيد حجمه عن حجم الخلية، ويستطيع ابتلاع كريات الدم الحمراء وقضمها ثم يطلقها مجددا إلى الدم. ونفذ فريق العمل بقيادة "مورات أوقاندان" عملية تحريك الفك وتوجيهه داخل أوعية دموية صناعية تحوي الدم، ونجحوا في ثلم خلايا الدم بمعدل 10 خلايا في الثانية.
وأراد علماء المختبر اختبار قدراتهم على صناعة أجهزة بحجم الخلايا، كما أرادوا تطوير علاج بعض الأمراض المستعصية. ويحاول العلماء الآن تطوير هذه التقنية لتثقيب خلايا الجسم المطلوبة بواسطة طاقم الأسنان الجديد؛ بهدف إدخال الأدوية أو الجينات إلى داخل الخلايا، وبالتالي تعزيز العلاج الخلوي المركَّز لهذه الأمراض. ويعني نجاح العلماء في تصنيع مثل هذا الجهاز إنجاز خطوة هامة على طريق إنتاج الأجهزة المجهرية. ويخطط العلماء لتثبيت آلاف الأسنان على شريحة إلكترونية، وإرسالها في الجسم بهدف تثقيب الخلايا بسرعة وبأعداد كبيرة لأغراض علاجية.
عقار لا يقهر!
يتوقع المراقبون أن تؤدي هذه التكنولوجيا الجديدة لثورة غير مسبوقة في التصدي للكائنات الدقيقة؛ حيث يعمل هذا الجيل الجديد من الأدوية بنظرية علمية جديدة تماما، تعتمد على الثقب الميكانيكي للخلايا الممرضة، وبذلك فمن الصعب أن تطور هذه الكائنات الطفيلية مناعة ذاتية لهذه المركبات، وهي طريقة مختلفة تماما عن طريقة عمل المضادات الحيوية والمطهرات الكيميائية والأدوية الأخرى المضادة للميكروبات، التي يعتمد معظمها على التأثير على العمليات الأيضية لهذه الكائنات. ويتوقع أن تبدأ التجارب السريرية على البشر بعد حوالي 2-3 سنوات من الآن.
وبالرغم من تاريخ البكتريا الطويل في تطوير مقاومة المضادات الحيوية، فإن السرعة التي يعمل بها هذا الدواء المبتكر ستجعل الأمر أكثر صعوبة عليها لتطوير المقاومة، وستكون تمهيدا لصنف جديد من العقاقير له صلاحية طويلة، ولا يفسد مع مرور الوقت.
--------------
المصدر:http://www.islamonline.net/Arabic/Science/2001/11/Article2.shtml