محمد هنرى
08-31-2007, 06:19 AM
كنت اتمنى لو أني استطيع القراءة، فأقرأ هذا النص كلمة كلمة، وهو يستحق ذلك، لخطورة الموضوع وعظمة الكاتب، ولكن الاستاذ "أحمد مسلماني" لخص لي ما في الكتاب وهو هدية للقارئ العربي عن تاريخ شخص شرفنا في العالم كله في جهاده العلمي" بهذه الكلمات بدأ الاديب العالمي نجيب محفوظ مقدمته لكتاب " عصر العلم" للعالم المصري د. أحمد زويل الذي قام بتوقيع نسخ كتابه الجديد في الاحتفالية الثقافية التي أقامتها دار الشروق يوم 13 سبتمبر 2005 في مكتبتها في الجيزة، وقد أقام د. زويل مؤتمر صحفي على هامش الاحتفال أجاب فيه عن بعض الاسئلة، كانت احتفالية من نوع خاص لشخص من نوع خاص، فهو عالم كيمائي مصري عالمي حاصل على جائزة نوبل في الكيمياء، قدم اكتشاف مهم للعالم في القرن العشرين وهو كيمياء الفمتو، يتوقع علاج الامراض المميتة من خلاله، ولكن بالرغم من ذلك كان قريباً الى كل شخص من الحضور، تشعر انك أمام فرد من أفراد عائلتك، يتميز بالبساطة ويتملكه التواضع أمام الاعداد الكبيرة التي كانت تحاول الوصول اليه، التي كانت تقف منتظمة وراء بعضها ليتسنى لها توقيع نسخة من كتابه، بالاضافة الى تسلق البعض سلالم المكان وشرفاته بعد أن ضاق بهم المكان لكثرة الحضور، حضر الاحتفالية العديد من المثقفين والمفكرين بالاضافة الى كبار الفنانيين، والعديد من طلاب المدارس والجامعات، تمت الاحتفالية برعاية المهندس ابراهيم المعلم رئيس اتحاد الناشرون العرب، والسيدة اميرة أبو المجد مديرة نشر كتب الاطفال في دار الشروق، بالاضافة الى الصحفي السياسي في صحيفة الأهرام الاستاذ احمد مسلماني.
عصر الأدب وعصر العلم:
"لقد الهمت عبقرية مصر نجيب محفوظ في عصر الادب، وزويل في عصر العلم"، بهذه الجملة العميقة خط أ. أحمد مسلماني محرر كتاب عصر العلم سطور مقدمته الرائعة، مقدمة تنقلك من عصر العلم تارة الى عصر الأدب تارة أخرى، مقدمة شرح فيها تاريخ مصر السياسي والأدبي والعلمي في انسيابية تامة، تقرأ بين السطر والآخر سطور عديدة، أبدع في رصد الأحداث مستخدماً عصر الدين متمثلا بالشعراوي وعصر الأدب بمحفوظ وعصر العلم بزويل، ولم ينسى طه حسين والحسن بن الهيثم وغيرها من الشخصيات التي أثرت في حضارتنا العربية، وقد قدم د. زويل شكره وامتناهه الى الأديب "نجيب محفوظ" على مقدمته، وتم اللقاء لاول مرة بينهما مرة عام 88 ، ثم تلته لقاءات أخرى على ضفاف النيل، ليشهد لقاء عبقرية الادب مع عبقرية العلم.
عصر من العلم الى ما وراء العلم:
جاءت فكرة كتاب د. زويل الجديد "عصر العلم"، وهو العصر الذي بدأ في نهاية القرن العشرين، كمحاولة لفهم طبيعة هذا العصر من العلم الى ما وراء العلم، من ارادات سياسية وطاقات اجتماعية وثقافات للشعوب، هذا الكتاب يجمع بين تجربة د. أحمد زويل الذاتية في عصر من العلم، ورؤيته الشخصية للعالم في عصر العلم، فهو أحد المنشغلين كثيراً بتساؤلات "كيف وصلنا الى هذه الدرجة من التطور؟ وما هي طريقة الوصول اليها؟ وما الذي يحمله المستقبل من جديد للناجحين والخاملين؟ منشغل بهذه التساؤلات وبالبحث في طرق الاجابة عليها، فهو منذ حصوله على جائزة نوبل عام 99، وهو يلتقي بالكثير من الزعماء والسياسيين، وبالعديد من الفلاسفة والمفكرين، ورجال الاقتصاد والادارة، بالاضافة الى التواصل الدائم مع أعظم علماء العصر، زار العديد من البلدان، له مشاركات فعالة في تجارب البناء والنمو بعضها لدول تحاول الوصول الى بوابة العصر ولم تصل، واخرى لدول وصلت ومضت مثل الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا والهند وايرلندا.
رحلة عبر الزمن في عصر العلم:
بدات فكرة كتاب عصر العلم تراود د. زويل في لقاء مع أ. احمد مسلماني، وهو واحد من أهم الشباب المفكرين والمحللين السياسيين لقضايا العصر، وتبلورت الفكرة في جزأين، الجزء الاول من الكتاب يحتوي على القصة الشخصية كان فيها العلم أساساً والنشأة مساراً، تستمتع بقراءة مسيرة فتى من مصر أمكن له أن يشارك في عصر العلم، وكيف تتكون المجتمعات العلمية، وكيف تزدهر الحياة، وخلال مسيرته تكتشف انه واجه العديد من التحديات، فلم تكن كل الطرق مفتوحة امامه، تحديات من اختلافات ثقافية وعرقية ودينية، الى اختلافات في طرق العيش وادارة الحياة، وهو ملخص ما نشر في كتابه الأول " رحلة عبر الزمن... الطريق الى جائزة نوبل"، الذي نشرته الجامعة الامريكية باللغة الانجليزية، ومركز الاهرام نشره باللغة العربية، والجدير بالذكر أنه قد وصلت مجموع الطبعات من الكتاب الى 12 مرة خلال عامين، فقد ترجم الى العديد من اللغات الروسية، الصينية، الكورية، الالمانية، ويحتوي الجزء الثاني من كتاب عصر العلم على محاضرات القاها د. زويل في ثلاث محافل دولية، بالاضافة الى مقال نشر له في صحيفة الاهرام وهو المقال الوحيد الذي نشره باللغة العربية، والفصل الاخير من الكتاب عبارة عن حوار مع محرر الكتاب أ. مسلماني، ومن خلال هذا الحوار حاول د. زويل ان يقدم رؤيته الشخصية لوضع العالم اليوم، ولمستقبل العالم العربي والاسلامي في عصر العلم، وكما وضح أ. مسلماني في مقدمته أن الكتاب يقدم لك رواية لحياة العالم زويل في ثلاث اماكن في الولايات المتحدة، بنسلفانيا بيركلي وكالتك، وهو رصد دقيق لخريطة العلم في النصف الثاني من القرن العشرين، بالاضافة الى عرض للحياة الريفية ولمكانة الجامعة في المجتمع المصري، واستعراض للعلماء الذين اثروا الحياة الانسانية، ويحتوي العديد من المحاضرات والمقالات والحوارات للدكتور زويل.
ثلاثية زويل:
د. أحمد زويل مهتم بتطوير حالة العلم في البلاد العربية بشكل خاص والعالم بشكل عام، يطمح الى تأسيس قاعدة علمية مصرية وهو خاض ويخوض طريقا صعبة في سبيل تأسيس مشروعه العلمي في مصر، انطلاقاً من تأسيس علم الكيمياء "الفمتو"، الى دراسات المياه داخل جزئيات الخلايا، مشروعه شاملاً للتنمية ينطلق من بناء العلم والتكنولوجيا والمجتمع، وقد سمي المشروع من قبل البعض "ثلاثية زويل"، وقد وردت تفاصيل مشروعه في كتابه الجديد من خلال مقال بعنوان " مستقبل العلم في مصر"، فدعا الى تأسيس مراكز بحثية علمية، تكون مضيئة لبلدانها ودافعة لها للامام، واستشهد بامور حصلت بالرغم من الظروف الصعبة مثل سنغافورة، كوريا الجنوبية، الهند، وماليزيا، ولكنها مضت وتفوقت، ووضح أن ذلك ليس رهناً بشروط سياسية خارجية، والجدير بالذكر أن د. زويل رفع شعارات نسمعها لأول مرة في البلاد العربية ومنها انتهى عصر الاحسان العلمي، التقدم العلمي فريضة وطنية، الحروب الجينية لن ُتبقي مهزوما على قيد الحياة، والاسلام ليس ضد التقدم، فلماذا لا نستفيد من علمه؟؟ هكذا قال الأديب نجيب محفوظ لمسلماني، لماذا؟ لماذا؟ فزويل انسان وعالم وفيلسوف وصاحب رسالة.
ويل جاليليو بن الهيثم:
هناك العديد من الكتابات والعبارات التي وصفت عبقري العلم ووصفت ابداعه في مجال العلم في مناسبات عديدة، فقال أ. مسلماني "زويل ثاني اثنين في تاريخ العلوم عند العرب بعد الحسن ابن الهيثم، وبنفس القدر الذي دفع بن الهيثم الى مستوى العالمية ومستوى التاريخ ايضا، فزويل فعل نفس الشئ بعد قرون من بن الهيثم، كما اعتبرته الكتابات الغربية ثاني اثنين مع العالم "جاليليو"، فقال البرفسور "بنجت" رئيس لجنة جائزة نوبل للكيمياء بالاكاديمية السويدية للعلوم، "ان استخدام زويل لتقنية الليزر فائقة السرعة ( فمتو سكوب) يمكن وضعه في سياقه التاريخي جنبا الى جنب مع استخدام جاليليو للتلسكوب، والذي صوبه شطر كل شئ مضئ في القبة السماوية الزرقاء، اما زويل فقد صوب ليزر الفمتو ثانية على كل شئ يتحرك في عالم الجزئيات، لقد انتقل زويل بتلسكوبه هذا الى آفاق العلم"، زويل يطرح افكاراً وطنية لا تذهب بعالميتها وافكاراً عالمية لا تذهب باصالته، فمن أفكاره "لا يرى تعارضا بين الدين والعلم، كما يرى خطرا الاستخدام الخاطئ للدين وفي الامساك بالقشور دون اللباب، ويرى اهمية خلق ثقافة علمية تقدر اهمية الدين والتفكير العلمي معا، وأن الاستنساخ والتدخل الجيني في عملية الانجاب هو الخطر الاكبر على الحضارة البشرية، حيث سينشب صراع بين الاجناس المعدلة جينيا والاخرى التي تتمتع بهذه الخاصية"، كما يؤكد دائماً لم يمكن بالامكان أن أحصل على جائزة نوبل، لو لم يكن هناك فريق عمل وهذا ما نفتقده في مصر، وأن من أهم الاساسيات في تقدم الشعوب هو التعليم، نظام التلقين لن يساعد العالم العربي ان يظهر على خارطة العالم، يجب ان نستخدم أسلوب التفكير في التعليم.
النشأة بين دمنهور ودسوق:
ولد في 26 فبراير 1946 في مدينة دمنهور، وسط عائلة كبيرة يتركز معظم أفرادها في الاسكندرية ودمنهور، اشتهروا بصناعة القطن، نشأ في عائلة متوسطة تحيا حياة عادية مثل بقية الطبقة الوسطى، تلقى تعليميه الابتدائي في دمنهور، انحصرت هواياته في القراءة والاستماع الى الموسيقى وخاصة أم كلثوم، والده حاصل على شهادة دراسية متوسطة أهلته للالتحاق باحدى الوظائف الحكومية، والدته اتسمت بالورع والتقوى وحرصها على اداء الصلوات الخمس، تقرأ بين سطور مسيرته رسائل تربوية وتعليمية عن ما كان عليه التعليم في مصر من تميز، فكان نظام التعليم يقوم على مبدأ المنافسة الشريفة في بيئة اجتماعية متجانسة، المعلم كان يحظى بالاحترام والتقدير من التلاميذ والمجتمع، مقارنة بالتعليم الحالي فهوعندما يرى أولاده وما يحصلون عليه من دروس خصوصية يعتبر نفسه من كوكب اخر عندما كان في مثل سنهم، كان زويل منذ صغره مهتماً بالامور التحليلية والرغبة في المعرفة والسؤال لماذا؟ وكيف؟ يقضي اجازته الصيفية في دراسة مقررات العام المقبل، ويكمل في سرد مسيرته بالانتقال بنا الى مدينة دسوق مع أسرته حيث اتم تعليمه الثانوي، كان متفوقاً طيلة سنواته الدراسية ومولعاً بحل مسائل الميكانيكا والفيزياء والكيمياء والمسائل التحليلية، وظهرت النتيجة النهائية للمرحلة الثانوية التي تؤهله للجامعة، وحصل على ترشيح للالتحاق بكلية العلوم جامعة الاسكندرية.
لعلم كالماء والهواء:
كان زويل متأثراً بمقولة " طه حسين" العلم كالماء والهواء بالنسبة له فلا يقف في وجهه عائق، ويتحدى الصعوبات بسبب حبه وولعه للعلم والمعرفة، كان يستيقظ مبكراً ليستقل القطار من دمنهور الى الاسكندرية بين السادسة صباحا والعودة في الخامسة او الثامنة مساءاً، حصل على درجات التفوق بامتياز في سنوات الجامعة، وقد نشرت صحيفة الاخبارعن تفوقه العلمي وقتذاك، نال مرتية الامتياز مع مرتبة الشرف الأولى وحصل على بكالوريس العلوم قسم الكيمياء، كان ترتيبه الاول على الدفعة بجامعة الاسكندرية، تم تعيينه بكلية العلوم كمعيد، انضم الى اساتذته في مجموعاتهم البحثية، واستقر به الحال الى مشاركة الدكتور "سمير العزبي" في البحث في مجال طيف بعض المركبات الكيميائية، وننتقل معه الى انتهائه من اجراء التجارب العلمية واعداد رسالة الماجستير، وشغفه لنيل درجة دكتوراة الفلسفة في العلوم، وقرر السفر الى الولايات المتحدة الامريكية كغيره من الشباب بعد نكسة 67، ومن أكثر اللحظات المؤثرة في حياته عندما تسلم رسالة القبول من جامعة بنسلفانيا في فيلادلفيا عام 69 " لجنة الدراسات العليا بقسم الكيمياء اوصت بقبولك"، بالاضافة الى اعفاء كامل من رسوم الدراسة والجامعة، ومرتب سنوي مقداره 2700 دولار، ومنحة دراسية للابحاث الصيفية مقدارها 900 دولار، يستمر صرفها له طالما استمرت دراسته في التقدم، ونال درجة الدكتوراة و من ثم انتقل الى بركلين في ولاية كاليفورنيا وانضم الى فريق الابحاث، عام 76 عين في معهد كاليفورنيا التقني كأستاذ مساعد في الفيزياء الكيمائية، وفي عام 82 تولى منصب استاذ كيمياء في معهد لينوس بولينج، يعيش د. زويل في ولاية كاليفورنيا، متزوج من "ديما الفحام" طبيبة في مجال الصحة العامة، ولهما اربعة ابناء.
وجوائز من نوع خاص:
- جمع د. زويل خصلتين من والده يتمنى ان ترافقاه طيلة حياته، فكان والده شديد الاخلاص لعمله ولاسرته، والثانية انه علمهم كيف يعيشون في بهجة وسعادة، وقد استمر والده على هذه الحال حتى أخر يوم في حياته.
- في العاشرة من عمره كان متحفزا لرؤية جمال عبد الناصر عام 56، وقرر ان يرسل له خطاباً، قال له فيه "ربنا يوفقك ويوفق مصر"، واستلم جواباً من جمال عبد الناصر لا يزال محتفظاً به لغاية الآن.
- خاله رزق الرجل العصامي، الذي علم نفسه بنفسه، لم يذهب الى الكلية ولكن كان قارئاً نهماً، تعلم منه القراءة الانتقادية للصحف، وكيف يقرأ بعين فاحصة وكيف ينفذ ببصيرته الى مغزى ما قرأ.
- تعلم من والديه كيف يحيا ويعيش في الحاضر ومن خاله تعلم كيف يتطلع الى المستقبل.
- كانت له غرفة صغيرة في البيت في غاية التنسيق والترتيب، يعلق على بابها عبارة
"د. احمد زويل".
عصر الأدب وعصر العلم:
"لقد الهمت عبقرية مصر نجيب محفوظ في عصر الادب، وزويل في عصر العلم"، بهذه الجملة العميقة خط أ. أحمد مسلماني محرر كتاب عصر العلم سطور مقدمته الرائعة، مقدمة تنقلك من عصر العلم تارة الى عصر الأدب تارة أخرى، مقدمة شرح فيها تاريخ مصر السياسي والأدبي والعلمي في انسيابية تامة، تقرأ بين السطر والآخر سطور عديدة، أبدع في رصد الأحداث مستخدماً عصر الدين متمثلا بالشعراوي وعصر الأدب بمحفوظ وعصر العلم بزويل، ولم ينسى طه حسين والحسن بن الهيثم وغيرها من الشخصيات التي أثرت في حضارتنا العربية، وقد قدم د. زويل شكره وامتناهه الى الأديب "نجيب محفوظ" على مقدمته، وتم اللقاء لاول مرة بينهما مرة عام 88 ، ثم تلته لقاءات أخرى على ضفاف النيل، ليشهد لقاء عبقرية الادب مع عبقرية العلم.
عصر من العلم الى ما وراء العلم:
جاءت فكرة كتاب د. زويل الجديد "عصر العلم"، وهو العصر الذي بدأ في نهاية القرن العشرين، كمحاولة لفهم طبيعة هذا العصر من العلم الى ما وراء العلم، من ارادات سياسية وطاقات اجتماعية وثقافات للشعوب، هذا الكتاب يجمع بين تجربة د. أحمد زويل الذاتية في عصر من العلم، ورؤيته الشخصية للعالم في عصر العلم، فهو أحد المنشغلين كثيراً بتساؤلات "كيف وصلنا الى هذه الدرجة من التطور؟ وما هي طريقة الوصول اليها؟ وما الذي يحمله المستقبل من جديد للناجحين والخاملين؟ منشغل بهذه التساؤلات وبالبحث في طرق الاجابة عليها، فهو منذ حصوله على جائزة نوبل عام 99، وهو يلتقي بالكثير من الزعماء والسياسيين، وبالعديد من الفلاسفة والمفكرين، ورجال الاقتصاد والادارة، بالاضافة الى التواصل الدائم مع أعظم علماء العصر، زار العديد من البلدان، له مشاركات فعالة في تجارب البناء والنمو بعضها لدول تحاول الوصول الى بوابة العصر ولم تصل، واخرى لدول وصلت ومضت مثل الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا والهند وايرلندا.
رحلة عبر الزمن في عصر العلم:
بدات فكرة كتاب عصر العلم تراود د. زويل في لقاء مع أ. احمد مسلماني، وهو واحد من أهم الشباب المفكرين والمحللين السياسيين لقضايا العصر، وتبلورت الفكرة في جزأين، الجزء الاول من الكتاب يحتوي على القصة الشخصية كان فيها العلم أساساً والنشأة مساراً، تستمتع بقراءة مسيرة فتى من مصر أمكن له أن يشارك في عصر العلم، وكيف تتكون المجتمعات العلمية، وكيف تزدهر الحياة، وخلال مسيرته تكتشف انه واجه العديد من التحديات، فلم تكن كل الطرق مفتوحة امامه، تحديات من اختلافات ثقافية وعرقية ودينية، الى اختلافات في طرق العيش وادارة الحياة، وهو ملخص ما نشر في كتابه الأول " رحلة عبر الزمن... الطريق الى جائزة نوبل"، الذي نشرته الجامعة الامريكية باللغة الانجليزية، ومركز الاهرام نشره باللغة العربية، والجدير بالذكر أنه قد وصلت مجموع الطبعات من الكتاب الى 12 مرة خلال عامين، فقد ترجم الى العديد من اللغات الروسية، الصينية، الكورية، الالمانية، ويحتوي الجزء الثاني من كتاب عصر العلم على محاضرات القاها د. زويل في ثلاث محافل دولية، بالاضافة الى مقال نشر له في صحيفة الاهرام وهو المقال الوحيد الذي نشره باللغة العربية، والفصل الاخير من الكتاب عبارة عن حوار مع محرر الكتاب أ. مسلماني، ومن خلال هذا الحوار حاول د. زويل ان يقدم رؤيته الشخصية لوضع العالم اليوم، ولمستقبل العالم العربي والاسلامي في عصر العلم، وكما وضح أ. مسلماني في مقدمته أن الكتاب يقدم لك رواية لحياة العالم زويل في ثلاث اماكن في الولايات المتحدة، بنسلفانيا بيركلي وكالتك، وهو رصد دقيق لخريطة العلم في النصف الثاني من القرن العشرين، بالاضافة الى عرض للحياة الريفية ولمكانة الجامعة في المجتمع المصري، واستعراض للعلماء الذين اثروا الحياة الانسانية، ويحتوي العديد من المحاضرات والمقالات والحوارات للدكتور زويل.
ثلاثية زويل:
د. أحمد زويل مهتم بتطوير حالة العلم في البلاد العربية بشكل خاص والعالم بشكل عام، يطمح الى تأسيس قاعدة علمية مصرية وهو خاض ويخوض طريقا صعبة في سبيل تأسيس مشروعه العلمي في مصر، انطلاقاً من تأسيس علم الكيمياء "الفمتو"، الى دراسات المياه داخل جزئيات الخلايا، مشروعه شاملاً للتنمية ينطلق من بناء العلم والتكنولوجيا والمجتمع، وقد سمي المشروع من قبل البعض "ثلاثية زويل"، وقد وردت تفاصيل مشروعه في كتابه الجديد من خلال مقال بعنوان " مستقبل العلم في مصر"، فدعا الى تأسيس مراكز بحثية علمية، تكون مضيئة لبلدانها ودافعة لها للامام، واستشهد بامور حصلت بالرغم من الظروف الصعبة مثل سنغافورة، كوريا الجنوبية، الهند، وماليزيا، ولكنها مضت وتفوقت، ووضح أن ذلك ليس رهناً بشروط سياسية خارجية، والجدير بالذكر أن د. زويل رفع شعارات نسمعها لأول مرة في البلاد العربية ومنها انتهى عصر الاحسان العلمي، التقدم العلمي فريضة وطنية، الحروب الجينية لن ُتبقي مهزوما على قيد الحياة، والاسلام ليس ضد التقدم، فلماذا لا نستفيد من علمه؟؟ هكذا قال الأديب نجيب محفوظ لمسلماني، لماذا؟ لماذا؟ فزويل انسان وعالم وفيلسوف وصاحب رسالة.
ويل جاليليو بن الهيثم:
هناك العديد من الكتابات والعبارات التي وصفت عبقري العلم ووصفت ابداعه في مجال العلم في مناسبات عديدة، فقال أ. مسلماني "زويل ثاني اثنين في تاريخ العلوم عند العرب بعد الحسن ابن الهيثم، وبنفس القدر الذي دفع بن الهيثم الى مستوى العالمية ومستوى التاريخ ايضا، فزويل فعل نفس الشئ بعد قرون من بن الهيثم، كما اعتبرته الكتابات الغربية ثاني اثنين مع العالم "جاليليو"، فقال البرفسور "بنجت" رئيس لجنة جائزة نوبل للكيمياء بالاكاديمية السويدية للعلوم، "ان استخدام زويل لتقنية الليزر فائقة السرعة ( فمتو سكوب) يمكن وضعه في سياقه التاريخي جنبا الى جنب مع استخدام جاليليو للتلسكوب، والذي صوبه شطر كل شئ مضئ في القبة السماوية الزرقاء، اما زويل فقد صوب ليزر الفمتو ثانية على كل شئ يتحرك في عالم الجزئيات، لقد انتقل زويل بتلسكوبه هذا الى آفاق العلم"، زويل يطرح افكاراً وطنية لا تذهب بعالميتها وافكاراً عالمية لا تذهب باصالته، فمن أفكاره "لا يرى تعارضا بين الدين والعلم، كما يرى خطرا الاستخدام الخاطئ للدين وفي الامساك بالقشور دون اللباب، ويرى اهمية خلق ثقافة علمية تقدر اهمية الدين والتفكير العلمي معا، وأن الاستنساخ والتدخل الجيني في عملية الانجاب هو الخطر الاكبر على الحضارة البشرية، حيث سينشب صراع بين الاجناس المعدلة جينيا والاخرى التي تتمتع بهذه الخاصية"، كما يؤكد دائماً لم يمكن بالامكان أن أحصل على جائزة نوبل، لو لم يكن هناك فريق عمل وهذا ما نفتقده في مصر، وأن من أهم الاساسيات في تقدم الشعوب هو التعليم، نظام التلقين لن يساعد العالم العربي ان يظهر على خارطة العالم، يجب ان نستخدم أسلوب التفكير في التعليم.
النشأة بين دمنهور ودسوق:
ولد في 26 فبراير 1946 في مدينة دمنهور، وسط عائلة كبيرة يتركز معظم أفرادها في الاسكندرية ودمنهور، اشتهروا بصناعة القطن، نشأ في عائلة متوسطة تحيا حياة عادية مثل بقية الطبقة الوسطى، تلقى تعليميه الابتدائي في دمنهور، انحصرت هواياته في القراءة والاستماع الى الموسيقى وخاصة أم كلثوم، والده حاصل على شهادة دراسية متوسطة أهلته للالتحاق باحدى الوظائف الحكومية، والدته اتسمت بالورع والتقوى وحرصها على اداء الصلوات الخمس، تقرأ بين سطور مسيرته رسائل تربوية وتعليمية عن ما كان عليه التعليم في مصر من تميز، فكان نظام التعليم يقوم على مبدأ المنافسة الشريفة في بيئة اجتماعية متجانسة، المعلم كان يحظى بالاحترام والتقدير من التلاميذ والمجتمع، مقارنة بالتعليم الحالي فهوعندما يرى أولاده وما يحصلون عليه من دروس خصوصية يعتبر نفسه من كوكب اخر عندما كان في مثل سنهم، كان زويل منذ صغره مهتماً بالامور التحليلية والرغبة في المعرفة والسؤال لماذا؟ وكيف؟ يقضي اجازته الصيفية في دراسة مقررات العام المقبل، ويكمل في سرد مسيرته بالانتقال بنا الى مدينة دسوق مع أسرته حيث اتم تعليمه الثانوي، كان متفوقاً طيلة سنواته الدراسية ومولعاً بحل مسائل الميكانيكا والفيزياء والكيمياء والمسائل التحليلية، وظهرت النتيجة النهائية للمرحلة الثانوية التي تؤهله للجامعة، وحصل على ترشيح للالتحاق بكلية العلوم جامعة الاسكندرية.
لعلم كالماء والهواء:
كان زويل متأثراً بمقولة " طه حسين" العلم كالماء والهواء بالنسبة له فلا يقف في وجهه عائق، ويتحدى الصعوبات بسبب حبه وولعه للعلم والمعرفة، كان يستيقظ مبكراً ليستقل القطار من دمنهور الى الاسكندرية بين السادسة صباحا والعودة في الخامسة او الثامنة مساءاً، حصل على درجات التفوق بامتياز في سنوات الجامعة، وقد نشرت صحيفة الاخبارعن تفوقه العلمي وقتذاك، نال مرتية الامتياز مع مرتبة الشرف الأولى وحصل على بكالوريس العلوم قسم الكيمياء، كان ترتيبه الاول على الدفعة بجامعة الاسكندرية، تم تعيينه بكلية العلوم كمعيد، انضم الى اساتذته في مجموعاتهم البحثية، واستقر به الحال الى مشاركة الدكتور "سمير العزبي" في البحث في مجال طيف بعض المركبات الكيميائية، وننتقل معه الى انتهائه من اجراء التجارب العلمية واعداد رسالة الماجستير، وشغفه لنيل درجة دكتوراة الفلسفة في العلوم، وقرر السفر الى الولايات المتحدة الامريكية كغيره من الشباب بعد نكسة 67، ومن أكثر اللحظات المؤثرة في حياته عندما تسلم رسالة القبول من جامعة بنسلفانيا في فيلادلفيا عام 69 " لجنة الدراسات العليا بقسم الكيمياء اوصت بقبولك"، بالاضافة الى اعفاء كامل من رسوم الدراسة والجامعة، ومرتب سنوي مقداره 2700 دولار، ومنحة دراسية للابحاث الصيفية مقدارها 900 دولار، يستمر صرفها له طالما استمرت دراسته في التقدم، ونال درجة الدكتوراة و من ثم انتقل الى بركلين في ولاية كاليفورنيا وانضم الى فريق الابحاث، عام 76 عين في معهد كاليفورنيا التقني كأستاذ مساعد في الفيزياء الكيمائية، وفي عام 82 تولى منصب استاذ كيمياء في معهد لينوس بولينج، يعيش د. زويل في ولاية كاليفورنيا، متزوج من "ديما الفحام" طبيبة في مجال الصحة العامة، ولهما اربعة ابناء.
وجوائز من نوع خاص:
- جمع د. زويل خصلتين من والده يتمنى ان ترافقاه طيلة حياته، فكان والده شديد الاخلاص لعمله ولاسرته، والثانية انه علمهم كيف يعيشون في بهجة وسعادة، وقد استمر والده على هذه الحال حتى أخر يوم في حياته.
- في العاشرة من عمره كان متحفزا لرؤية جمال عبد الناصر عام 56، وقرر ان يرسل له خطاباً، قال له فيه "ربنا يوفقك ويوفق مصر"، واستلم جواباً من جمال عبد الناصر لا يزال محتفظاً به لغاية الآن.
- خاله رزق الرجل العصامي، الذي علم نفسه بنفسه، لم يذهب الى الكلية ولكن كان قارئاً نهماً، تعلم منه القراءة الانتقادية للصحف، وكيف يقرأ بعين فاحصة وكيف ينفذ ببصيرته الى مغزى ما قرأ.
- تعلم من والديه كيف يحيا ويعيش في الحاضر ومن خاله تعلم كيف يتطلع الى المستقبل.
- كانت له غرفة صغيرة في البيت في غاية التنسيق والترتيب، يعلق على بابها عبارة
"د. احمد زويل".