محمد المحاميد
05-08-2007, 10:49 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
عندما نسمع كلمة الانزياح الأحمر فانه يتبادر إلى أذهاننا مباشرة كل من قانون هابل وبعد المجرات والنجوم والعلاقات الرياضية المهمة والى ما ذلك من ارتباط وثيق بين علم الفلك والانزياح الأحمر , فمن منا لا يعرف الانزياح الأحمر أو لم يسمع عنه على الأقل ؟
إن الحديث عن الانزياح الأحمر ممتع فعلا خاصة إذا ما تم طرح هذا الاكتشاف المثير على طاولة البحث المستفيضة والتي توضح لنا كيف غير هذا الاكتشاف العظيم نظرتنا إلى الكون , وكيف استطاع أن يرتقي بعلم الفلك إلى ابعد الدرجات والحدود , محدثا ثورة ضخمة في العلوم الفلكية التي لازمت العلماء لحقبة طويلة من الزمن .
عند الحديث عن الانزياح الأحمر يجب علينا مراعاة كل الأبعاد والزوايا التي ترتبط به , وذلك بفتح كل الأبواب المغلقة والتي لازمها الغبار منذ قديم الزمان ووصولا إلى آخر الأبواب التي سمح الله للبشر أن يصلوا اليها , قال تعالى ﴿يا معشر الجن والأنس إن استطعتم أن تنفُذُوا من أقطار السماوات والأرض فانفذو لا تنفذون إلا بسلطان ﴾ (سورة الرحمن آية 33) . وهذا ما سنحاول طرحه من خلال هذا السطور القليلة التي تختصر الزمان والمكان في طياتها وبين حروفها , بحيث نستعيد شريط الماضي القديم والرؤية البدائية القاصرة للسماء وما فيها من أجرام ومن ثم نسرع بعجلة الزمن ونحط رحالنا عند علماء سخروا كل وقتهم لتفسير ما بدا لهم من غموض فنناقش أفكارهم ومساهماتهم العلمية , ونصل أخيرا إلى ما كنا نبحث عنه وهو فهم الانزياح الأحمر بكل تفاصيله وأنواعه وأهميته , وذلك برؤية واضحة موفقة بإذن الله .
الكون عبر التاريخ :
كان نظر الإنسان موجها إلى السماء في غالب وقته ففي النهار يرى جرما ضخما يضئ السماء قاطبةً , فإذا غاب هذا الجسم وأسدل الليل ستاره رأى نجوما تتلألأ في السماء مثيرة الهيبة في قلبه و عقله . فانقسمت آراء الناس حولها , فمنهم من طغى الخوف عليه فأرضى قلبه وترك عقله فعبد هذه الأجرام , ومنهم من حاول تفسير ما يرى ليرضي عقلة وقلبه فتفكر فيها وتأمل حركتها وانتظامها . قال تعالى ﴿ وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين (75) فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين (76) فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لان لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين (77) فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا اكبر فلما افلت قال يا قوم إني برئ مما تشركون (78) إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين (79) ﴾(سورة الأنعام ) . وقال تعالى ﴿ لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون ﴾(سورة فصلت آية 37) .
ومنذ العام 340 قبل الميلاد تمكن أرسطو من تقديم دليلين على كروية الأرض أولا خسوفات القمر نتيجة لوجود الأرض بين الشمس والقمر وملاحظة ضل الأرض الدائري الساقط على القمر وثانيا ملاحظة النجم القطبي وتغير موقعة بتغير مكان المراقب على سطح الأرض ( كمصر واليونان ) ولكنه اعتقد أن الأرض ثابتة وان الشمس والقمر والكواكب تدور حولها ( مركزية الأرض ) . ثم قدم بطليموس في القرن الثاني من الميلاد تجسيدا لهذه الفكرة , حيث كانت الأرض مركزا لثماني كرات في كل كرة كوكب والكرة الثامنة ( وهي نهاية الكون في ذلك الوقت ) تحوي نجوما ثابتة ملتصقة بها ولا تغير مواقعها بالنسبة لبعضها البعض رغم أن الكرة بكاملها تدور حول الأرض .
ثم قدم البولندي كوبرنيكوس نموذجا آخر وهو يقضي بان الشمس ثابتة في مركز الكون وان الكواكب تدور في مسارات دائرية حولها ولم يؤخذ هذا النموذج بمحمل الجد إلا بعد مرور قرن من الزمن , وذلك عندما قدم جاليليو جاليلي الدليل العملي ويوهان كبلر الدليل النظري لإثبات صحتها عام 1609م . فبعدما صنع جاليلو التلسكوب راقب به الكون بمنظور مختلف فوجد لكوكب المشتري أربعة توابع تدور حوله وهذا ينفي مركزية الأرض واثبت كبلر عن طريق القوانين الرياضية أن الكواكب تسير في مدارات اهليجية حول الشمس فتطابقت التوقعات والمشاهدة . ثم أثبت نيوتن عام 1687م صحة قوانين كبلر وأضاف عليها بعض التعديلات كما بين
اعتماد هذه الأجرام على قوة الجاذبية بينها وكافة الأجرام الكونية بحيث تبين أن هذه النجوم ما هي إلا شموس مشابهة لشمسنا تتأثر بالجاذبية ومتوزعة بشكل متناسق في الكون , فإذا اعتبرنا الكون ساكنا فإننا نلغي قوة الجاذبية وهذا غير صحيح .
ثم جاء الفيلسوف الألماني أولبرز ليطرح سؤال حير العلماء كثيرا وهو لماذا إذا كانت هذه النجوم مثل شمسنا فلماذا لا تضيء السماء ليلا استنادا لعددها الكبير فكانت الإجابات مختلفة منها أن النجوم بعيدة عنا وان الضوء قد صدر منها في الماضي البعيد وهذا يقود إلى بداية تكوين هذه النجوم وبداية الكون . وكان اقتراح سانت اوغستين أن الكون بدأ سنة 5000 قبل الميلاد . وكان معظم الناس ينظرون لكون سكوني لا يتغير .
حتى عام 1929م عندما قام العالم أدوين هابل برصد العديد من المجرات وحساب الإزاحة الحمراء لها والبعد عنها حتى تمكن من إيجاد علاقة أثبتت أن الكون ليس مستقرا بل انه كون آخذ في التمدد والاتساع . وقد غير استنتاج هابل نظرة الناس له بشكل لا ريب فيه . ولم تقف مشاهدات هابل عند هذا الحد بل قد أوحت بأنه كانت هنالك مرحلة تدعي الانفجار العظيم سببت هذا التوسع , وفي تلك المرحلة كان الكون لا متناهي الصغر والكثافة . هذه المقدمة التاريخية لتطور نظرة البشرية للكون والتي لاحظنا من خلالها أن الانزياحات الحمراء ا كانت بالفعل مفترق الطرق لهذا التحول الكبير لرؤية الكون , ويمكننا الآن الغوص إلى أعماقها واكتشاف بعض أسرارها .
عندما نسمع كلمة الانزياح الأحمر فانه يتبادر إلى أذهاننا مباشرة كل من قانون هابل وبعد المجرات والنجوم والعلاقات الرياضية المهمة والى ما ذلك من ارتباط وثيق بين علم الفلك والانزياح الأحمر , فمن منا لا يعرف الانزياح الأحمر أو لم يسمع عنه على الأقل ؟
إن الحديث عن الانزياح الأحمر ممتع فعلا خاصة إذا ما تم طرح هذا الاكتشاف المثير على طاولة البحث المستفيضة والتي توضح لنا كيف غير هذا الاكتشاف العظيم نظرتنا إلى الكون , وكيف استطاع أن يرتقي بعلم الفلك إلى ابعد الدرجات والحدود , محدثا ثورة ضخمة في العلوم الفلكية التي لازمت العلماء لحقبة طويلة من الزمن .
عند الحديث عن الانزياح الأحمر يجب علينا مراعاة كل الأبعاد والزوايا التي ترتبط به , وذلك بفتح كل الأبواب المغلقة والتي لازمها الغبار منذ قديم الزمان ووصولا إلى آخر الأبواب التي سمح الله للبشر أن يصلوا اليها , قال تعالى ﴿يا معشر الجن والأنس إن استطعتم أن تنفُذُوا من أقطار السماوات والأرض فانفذو لا تنفذون إلا بسلطان ﴾ (سورة الرحمن آية 33) . وهذا ما سنحاول طرحه من خلال هذا السطور القليلة التي تختصر الزمان والمكان في طياتها وبين حروفها , بحيث نستعيد شريط الماضي القديم والرؤية البدائية القاصرة للسماء وما فيها من أجرام ومن ثم نسرع بعجلة الزمن ونحط رحالنا عند علماء سخروا كل وقتهم لتفسير ما بدا لهم من غموض فنناقش أفكارهم ومساهماتهم العلمية , ونصل أخيرا إلى ما كنا نبحث عنه وهو فهم الانزياح الأحمر بكل تفاصيله وأنواعه وأهميته , وذلك برؤية واضحة موفقة بإذن الله .
الكون عبر التاريخ :
كان نظر الإنسان موجها إلى السماء في غالب وقته ففي النهار يرى جرما ضخما يضئ السماء قاطبةً , فإذا غاب هذا الجسم وأسدل الليل ستاره رأى نجوما تتلألأ في السماء مثيرة الهيبة في قلبه و عقله . فانقسمت آراء الناس حولها , فمنهم من طغى الخوف عليه فأرضى قلبه وترك عقله فعبد هذه الأجرام , ومنهم من حاول تفسير ما يرى ليرضي عقلة وقلبه فتفكر فيها وتأمل حركتها وانتظامها . قال تعالى ﴿ وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين (75) فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين (76) فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لان لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين (77) فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا اكبر فلما افلت قال يا قوم إني برئ مما تشركون (78) إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين (79) ﴾(سورة الأنعام ) . وقال تعالى ﴿ لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون ﴾(سورة فصلت آية 37) .
ومنذ العام 340 قبل الميلاد تمكن أرسطو من تقديم دليلين على كروية الأرض أولا خسوفات القمر نتيجة لوجود الأرض بين الشمس والقمر وملاحظة ضل الأرض الدائري الساقط على القمر وثانيا ملاحظة النجم القطبي وتغير موقعة بتغير مكان المراقب على سطح الأرض ( كمصر واليونان ) ولكنه اعتقد أن الأرض ثابتة وان الشمس والقمر والكواكب تدور حولها ( مركزية الأرض ) . ثم قدم بطليموس في القرن الثاني من الميلاد تجسيدا لهذه الفكرة , حيث كانت الأرض مركزا لثماني كرات في كل كرة كوكب والكرة الثامنة ( وهي نهاية الكون في ذلك الوقت ) تحوي نجوما ثابتة ملتصقة بها ولا تغير مواقعها بالنسبة لبعضها البعض رغم أن الكرة بكاملها تدور حول الأرض .
ثم قدم البولندي كوبرنيكوس نموذجا آخر وهو يقضي بان الشمس ثابتة في مركز الكون وان الكواكب تدور في مسارات دائرية حولها ولم يؤخذ هذا النموذج بمحمل الجد إلا بعد مرور قرن من الزمن , وذلك عندما قدم جاليليو جاليلي الدليل العملي ويوهان كبلر الدليل النظري لإثبات صحتها عام 1609م . فبعدما صنع جاليلو التلسكوب راقب به الكون بمنظور مختلف فوجد لكوكب المشتري أربعة توابع تدور حوله وهذا ينفي مركزية الأرض واثبت كبلر عن طريق القوانين الرياضية أن الكواكب تسير في مدارات اهليجية حول الشمس فتطابقت التوقعات والمشاهدة . ثم أثبت نيوتن عام 1687م صحة قوانين كبلر وأضاف عليها بعض التعديلات كما بين
اعتماد هذه الأجرام على قوة الجاذبية بينها وكافة الأجرام الكونية بحيث تبين أن هذه النجوم ما هي إلا شموس مشابهة لشمسنا تتأثر بالجاذبية ومتوزعة بشكل متناسق في الكون , فإذا اعتبرنا الكون ساكنا فإننا نلغي قوة الجاذبية وهذا غير صحيح .
ثم جاء الفيلسوف الألماني أولبرز ليطرح سؤال حير العلماء كثيرا وهو لماذا إذا كانت هذه النجوم مثل شمسنا فلماذا لا تضيء السماء ليلا استنادا لعددها الكبير فكانت الإجابات مختلفة منها أن النجوم بعيدة عنا وان الضوء قد صدر منها في الماضي البعيد وهذا يقود إلى بداية تكوين هذه النجوم وبداية الكون . وكان اقتراح سانت اوغستين أن الكون بدأ سنة 5000 قبل الميلاد . وكان معظم الناس ينظرون لكون سكوني لا يتغير .
حتى عام 1929م عندما قام العالم أدوين هابل برصد العديد من المجرات وحساب الإزاحة الحمراء لها والبعد عنها حتى تمكن من إيجاد علاقة أثبتت أن الكون ليس مستقرا بل انه كون آخذ في التمدد والاتساع . وقد غير استنتاج هابل نظرة الناس له بشكل لا ريب فيه . ولم تقف مشاهدات هابل عند هذا الحد بل قد أوحت بأنه كانت هنالك مرحلة تدعي الانفجار العظيم سببت هذا التوسع , وفي تلك المرحلة كان الكون لا متناهي الصغر والكثافة . هذه المقدمة التاريخية لتطور نظرة البشرية للكون والتي لاحظنا من خلالها أن الانزياحات الحمراء ا كانت بالفعل مفترق الطرق لهذا التحول الكبير لرؤية الكون , ويمكننا الآن الغوص إلى أعماقها واكتشاف بعض أسرارها .