NEWTON
06-25-2006, 10:37 PM
ربما تكون قد تساءلت في يوم ما. وأنت تتابع الاكتشافات العلمية المتلاحقة في مجال الجسيمات دون الذرية: كيف يشرع العلماء في اختبار صحة النظريات واكتشاف جسيمات جديدة؟
في السنوات الباكرة لفيزياء الجسيمات. اعتمد العلماء علي العمليات الطبيعية. التي تنشيء الجسيمات دون الذرية. مثل النشاط الإشعاعي Radioactivity الذي تنحل فيه النوي ذات التكوينات غير مستقرة من البروتونات والنيوترونات. وتطلق الكترونات ونوي الهليوم "جسيمات ألفا Alpha Particles" وأشعة جاما Gamma Reys ووفرت الأشعة الكونية المصدر الآخر للجسيمات.
"الميونات".. والإشعاع الكوني
وكان كل ما أراده العلماء. إيجاد آلات يمكنها تحطيم نوي المادة العادية. والكشف عما بداخلها. لكن التغلب علي "القوة الشديدة" النووية الجبارة التي لا يحس بها إلا الكواركات Quarks يتطلب طاقات مروعة. والطريقة الواضحة لتحقيق ذلك هي ضرب النوي المستهدفة بإلكترونات وبروتونات فائقة السرعة علي أمل طرقها بعنف لتفتح أبوابها. وتكشف عن أسرارها. ويشبه ذلك إلي حد ما اصطدام سيارة بجدار بهدف أن يعرف كيف يعمل محركها؟!
إلا أن الفيزيائيين توصلوا إلي بعض الاستنتاجات فائقة الدقة. عن طريق اكتشاف الجسيمات دون الذرية التي تنطلق من عقالها إثر الاصطدام وتحديد المسار الذي تسلكه.
وعموماً فإن النشاط الإشعاعي من الملامح الأساسية في تطبيقات البروتونات والنيوترونات والبيونات Pions والبوزيترونات Positron "أي الالكترونات المضادة ذات الشحنة الموجبة. وكانت أول مثال للجسيمات المضادة التي تحمل خواص معاكسة لتلك التي تحملها الجسيمات المعتادة". إن عدم الاستقرار يلعب دوراً في كل من إصدار الجسيمات "كما في حالة البوزيترون" وفي تأثيراتها المفيدة "كما في العلاج السرطاني بواسطة "البيونات" التي تقوم بإتلاف المادة الوراثية "دنا" DNA داخل نواة الخلية السرطانية".. ومن الجسيمات غير المستقرة الأخري جسيم الميون Muon.
إن "الميونات" هي مادة الإشعاع الكوني Cosmic Radiation. وعندما تصطدم النوي الذرية القادمة من الفضاء الخارجي. بطبقات الجو العليا فتنتج بقايا من البيونات. وسرعان ما تتحلل البيونات لتعطي رذاذاً من "ميونات" موجبة وسالبة. التي تتساقط علي الأرض بشكل مستمر. ولكن "الميون" ليس بالجسيم المستقر. إذ تضمحل "الميونات" السالبة إلي الكترون ونيوترينو ونيوترينو مضاد. أما "الميونات" الموجبة فتضمحل إلي بوزيترون ونيوترينو ونيوترينو مضاد. ويحدث هذا في خلال 2,2 ميكروثانية "الميكروثانية ½ جزء من مليون من الثانية". عندما تكون "الميونات" في حالة سكون. وتمتد حياة "الميون" إذا كان نشطاً سريع الحركة. إن غالبية "ميونات" الأشعة الكونية. تضمحل أثناء رحلة إنطلاقها خلال الغلاف الجوي. ولكن أكثرها طاقة يبقي المدة الكافية التي تجعله قادراً علي اختراق مئات الأمتار تحت سطح الأرض "الإضمحلال: تحول نووي مقرون بانبعاث الطاقة من النواة".
الاضمحلال.. في ميكروثانية
و"الميون" - مثله مثل البروتون - ذو شحنة كهربائية دوّارة. وهو بذلك يعمل كما لو كان مغناطيسياً دون ذرياً. وعلي العكس من البروتون. فإن "الميون" يضمحل سريعاً ويطلق الكتروناً أو بوزيتروناً. حسب شحنته.
وما أن يصل "الميون" إلي داخل المادة. حتي يبقي لحوالي ميكروثانية فقط. قبل أن يضمحل. ولكنها فترة كافية للمجالات المغناطيسية داخل المادة للعمل. وبقياس اتجاه الجسيم الصادر بعد ميكروثانية. فإنه يمكننا معرفة شيء عن المجالات المغناطيسية الداخلة في المادة وحيث إن مغناطيس "الميون" له إتجاه ثابت - عند مولده من إضمحلال البيون - فإن حزمة من البيونات. يمكن أن تصدر حزمة من "الميونات" الموجبة. والتي تكون فيها جميع مغناطيساتها متجهة إلي نفس الإتجاه.
وتستخدم حزم "الميونات" الموجبة - علي سبيل المثال - لمعرفة تركيب المركبات الهيدروكربونية Hydrocarbon "مركب عضوي يتكون من الكربون والهيدروجين فقط". وتعمل "الميونات" الموجبة كيميائياً. كما لو كانت بروتونات خفيفة الوزن. وتلتصق بالالكترونات الموجودة في المجموعات الكيميائية النشطة. ويعطي قياس تأثيرات "برم" Spin "الميون" إجابة عن الطريقة التي تتحد بها البروتونات بهذه المجموعات الكيميائية ويجرب بعض علماء الفيزياء طريقة أكثر تطلعاً. لتطبيق "الميونات" في مساعدة تفاعلات الإندماج النووي. يتم ذلك بإطلاق طاقات نووية كبيرة خالية من المخاطر. التي تنجم عن مفاعلات الإندماج النووي.
ويتكون وقود مفاعلات الإندماج النووي من خليط من نوعين ثقيلين من الهيدروجين. هما "الديوتريوم" Deuterium و"التريتيوم" Tritium وتحتوي كل من هذه النويّات علي بروتون واحد. كما هو الحال مع الهيدروجين. ولكن الديوتريوم يحتوي أيضاً علي نيوترون. بينما يحتوي التريتيوم علي نيوترونين اثنين.
ولو أمكن أن تقترب هاتان النويتان من بعضهما البعض. بالقدر الكافي للتغلب علي الطرد المتبادل بينهما. والناتج من تشابه شحنتيهما الموجبتين. فإنهما يندمجان معاً مكونين نواة عنصر "الهليوم - 4". الذي يتركب من بروتونين ونيوترونين. ويكون النيوترون الثالث من النواة الأصلية "احتياطياً" ويتطلب الهليوم -4 طاقة أقل حتي يتماسك بالمقارنة بما كان مطلوباً لنويات الديوتريوم والتريتيوم المنفصلة. وهكذا فإن عملية الإندماج النووي. تطلق الطاقة التي يحملها النيوترون الاحتياطي.
"الميون" والإندماج النووي
إن فكرة الإندماج المساعد بواسطة "الميون" هو الاستفادة من تشابه "الميون" مع الإلكترون للتقريب ما بين نويات الديوتريوم والتريتيوم. حتي يتم الإندماج بينهما.
وفي الحقيقة فإن "الميون" يمكنه أن يحل محل الالكترون في الذرة. ولكن لأن "الميون" أثقل بكثير من الإلكترون. فإنه يبقي قريباً من النواة. ويتحرك في مدارات أقصر.
إن إدخال ميون إلي خليط من الديوتريوم والتريتيوم. سوف يوحده مع نوية التريتيوم. ليكون شيئاً صلباً متعادلاً يشبه في بعض الصفات النيوترون. ولكنه أثقل ثلاث مرات.
ويمكن لهذا "الشيء" المتعادل أن يخترق جزيء الديوتريوم "الذي يتكون من ذرتين ويلصق نفسه بأحد نويات الديوتريوم" وبهذا يكون المسرح معداً لتفاعل الإندماج. الذي يحرر فيه الميون. حتي يقوم ببدء المزيد من الإندماجات قبل أن يضمحل في النهاية بعد 2,2 ميكروثانية.
وكان الهدف من وراء الاستكشافات الجيولوجية باستخدام "الميونات" الناتجة من تفاعلات النيوترينو Neu Trino Interaction. هو متابعة "الميونات" الناتجة من النيوترينوات. أثناء انتقالها عبرالصخور تحت سطح الأرض.
وتكون "الميونات" ذات الطاقة العالية التي تتكون بهذه الطريقة ذات قدرات اختراقية عالية. كما يمكنها الخروج من الصخور حتي تصل إلي كاشف Indicator مناسب. والمعروف أن العناصر الثقيلة مثل اليورانيوم يميل إلي إصدار المزيد من "الميونات" بالمقارنة بالصخور المحيطة بها. وهكذا يمكن التعرف علي هذا العنصر.
قد يكون علم فيزياء الجسيمات Particle Physics من العلوم الأكاديمية. ولكنه علم تطبيقي وعملي أيضاً. وعلينا أن نحيا دائماً علي الأمل. أمل الفرصة للإجابة علي الأسئلة التي تشغل الذهن الإنساني. والرأي عندي أن الفيزياء سوف تشهد المزيد من الاكتشافات المذهلة في هذا القرن.
عن مجلة العلم الشهرية .. بقلم رؤوف وصفي
http://www.historyguide.org/images/newton.jpg
في السنوات الباكرة لفيزياء الجسيمات. اعتمد العلماء علي العمليات الطبيعية. التي تنشيء الجسيمات دون الذرية. مثل النشاط الإشعاعي Radioactivity الذي تنحل فيه النوي ذات التكوينات غير مستقرة من البروتونات والنيوترونات. وتطلق الكترونات ونوي الهليوم "جسيمات ألفا Alpha Particles" وأشعة جاما Gamma Reys ووفرت الأشعة الكونية المصدر الآخر للجسيمات.
"الميونات".. والإشعاع الكوني
وكان كل ما أراده العلماء. إيجاد آلات يمكنها تحطيم نوي المادة العادية. والكشف عما بداخلها. لكن التغلب علي "القوة الشديدة" النووية الجبارة التي لا يحس بها إلا الكواركات Quarks يتطلب طاقات مروعة. والطريقة الواضحة لتحقيق ذلك هي ضرب النوي المستهدفة بإلكترونات وبروتونات فائقة السرعة علي أمل طرقها بعنف لتفتح أبوابها. وتكشف عن أسرارها. ويشبه ذلك إلي حد ما اصطدام سيارة بجدار بهدف أن يعرف كيف يعمل محركها؟!
إلا أن الفيزيائيين توصلوا إلي بعض الاستنتاجات فائقة الدقة. عن طريق اكتشاف الجسيمات دون الذرية التي تنطلق من عقالها إثر الاصطدام وتحديد المسار الذي تسلكه.
وعموماً فإن النشاط الإشعاعي من الملامح الأساسية في تطبيقات البروتونات والنيوترونات والبيونات Pions والبوزيترونات Positron "أي الالكترونات المضادة ذات الشحنة الموجبة. وكانت أول مثال للجسيمات المضادة التي تحمل خواص معاكسة لتلك التي تحملها الجسيمات المعتادة". إن عدم الاستقرار يلعب دوراً في كل من إصدار الجسيمات "كما في حالة البوزيترون" وفي تأثيراتها المفيدة "كما في العلاج السرطاني بواسطة "البيونات" التي تقوم بإتلاف المادة الوراثية "دنا" DNA داخل نواة الخلية السرطانية".. ومن الجسيمات غير المستقرة الأخري جسيم الميون Muon.
إن "الميونات" هي مادة الإشعاع الكوني Cosmic Radiation. وعندما تصطدم النوي الذرية القادمة من الفضاء الخارجي. بطبقات الجو العليا فتنتج بقايا من البيونات. وسرعان ما تتحلل البيونات لتعطي رذاذاً من "ميونات" موجبة وسالبة. التي تتساقط علي الأرض بشكل مستمر. ولكن "الميون" ليس بالجسيم المستقر. إذ تضمحل "الميونات" السالبة إلي الكترون ونيوترينو ونيوترينو مضاد. أما "الميونات" الموجبة فتضمحل إلي بوزيترون ونيوترينو ونيوترينو مضاد. ويحدث هذا في خلال 2,2 ميكروثانية "الميكروثانية ½ جزء من مليون من الثانية". عندما تكون "الميونات" في حالة سكون. وتمتد حياة "الميون" إذا كان نشطاً سريع الحركة. إن غالبية "ميونات" الأشعة الكونية. تضمحل أثناء رحلة إنطلاقها خلال الغلاف الجوي. ولكن أكثرها طاقة يبقي المدة الكافية التي تجعله قادراً علي اختراق مئات الأمتار تحت سطح الأرض "الإضمحلال: تحول نووي مقرون بانبعاث الطاقة من النواة".
الاضمحلال.. في ميكروثانية
و"الميون" - مثله مثل البروتون - ذو شحنة كهربائية دوّارة. وهو بذلك يعمل كما لو كان مغناطيسياً دون ذرياً. وعلي العكس من البروتون. فإن "الميون" يضمحل سريعاً ويطلق الكتروناً أو بوزيتروناً. حسب شحنته.
وما أن يصل "الميون" إلي داخل المادة. حتي يبقي لحوالي ميكروثانية فقط. قبل أن يضمحل. ولكنها فترة كافية للمجالات المغناطيسية داخل المادة للعمل. وبقياس اتجاه الجسيم الصادر بعد ميكروثانية. فإنه يمكننا معرفة شيء عن المجالات المغناطيسية الداخلة في المادة وحيث إن مغناطيس "الميون" له إتجاه ثابت - عند مولده من إضمحلال البيون - فإن حزمة من البيونات. يمكن أن تصدر حزمة من "الميونات" الموجبة. والتي تكون فيها جميع مغناطيساتها متجهة إلي نفس الإتجاه.
وتستخدم حزم "الميونات" الموجبة - علي سبيل المثال - لمعرفة تركيب المركبات الهيدروكربونية Hydrocarbon "مركب عضوي يتكون من الكربون والهيدروجين فقط". وتعمل "الميونات" الموجبة كيميائياً. كما لو كانت بروتونات خفيفة الوزن. وتلتصق بالالكترونات الموجودة في المجموعات الكيميائية النشطة. ويعطي قياس تأثيرات "برم" Spin "الميون" إجابة عن الطريقة التي تتحد بها البروتونات بهذه المجموعات الكيميائية ويجرب بعض علماء الفيزياء طريقة أكثر تطلعاً. لتطبيق "الميونات" في مساعدة تفاعلات الإندماج النووي. يتم ذلك بإطلاق طاقات نووية كبيرة خالية من المخاطر. التي تنجم عن مفاعلات الإندماج النووي.
ويتكون وقود مفاعلات الإندماج النووي من خليط من نوعين ثقيلين من الهيدروجين. هما "الديوتريوم" Deuterium و"التريتيوم" Tritium وتحتوي كل من هذه النويّات علي بروتون واحد. كما هو الحال مع الهيدروجين. ولكن الديوتريوم يحتوي أيضاً علي نيوترون. بينما يحتوي التريتيوم علي نيوترونين اثنين.
ولو أمكن أن تقترب هاتان النويتان من بعضهما البعض. بالقدر الكافي للتغلب علي الطرد المتبادل بينهما. والناتج من تشابه شحنتيهما الموجبتين. فإنهما يندمجان معاً مكونين نواة عنصر "الهليوم - 4". الذي يتركب من بروتونين ونيوترونين. ويكون النيوترون الثالث من النواة الأصلية "احتياطياً" ويتطلب الهليوم -4 طاقة أقل حتي يتماسك بالمقارنة بما كان مطلوباً لنويات الديوتريوم والتريتيوم المنفصلة. وهكذا فإن عملية الإندماج النووي. تطلق الطاقة التي يحملها النيوترون الاحتياطي.
"الميون" والإندماج النووي
إن فكرة الإندماج المساعد بواسطة "الميون" هو الاستفادة من تشابه "الميون" مع الإلكترون للتقريب ما بين نويات الديوتريوم والتريتيوم. حتي يتم الإندماج بينهما.
وفي الحقيقة فإن "الميون" يمكنه أن يحل محل الالكترون في الذرة. ولكن لأن "الميون" أثقل بكثير من الإلكترون. فإنه يبقي قريباً من النواة. ويتحرك في مدارات أقصر.
إن إدخال ميون إلي خليط من الديوتريوم والتريتيوم. سوف يوحده مع نوية التريتيوم. ليكون شيئاً صلباً متعادلاً يشبه في بعض الصفات النيوترون. ولكنه أثقل ثلاث مرات.
ويمكن لهذا "الشيء" المتعادل أن يخترق جزيء الديوتريوم "الذي يتكون من ذرتين ويلصق نفسه بأحد نويات الديوتريوم" وبهذا يكون المسرح معداً لتفاعل الإندماج. الذي يحرر فيه الميون. حتي يقوم ببدء المزيد من الإندماجات قبل أن يضمحل في النهاية بعد 2,2 ميكروثانية.
وكان الهدف من وراء الاستكشافات الجيولوجية باستخدام "الميونات" الناتجة من تفاعلات النيوترينو Neu Trino Interaction. هو متابعة "الميونات" الناتجة من النيوترينوات. أثناء انتقالها عبرالصخور تحت سطح الأرض.
وتكون "الميونات" ذات الطاقة العالية التي تتكون بهذه الطريقة ذات قدرات اختراقية عالية. كما يمكنها الخروج من الصخور حتي تصل إلي كاشف Indicator مناسب. والمعروف أن العناصر الثقيلة مثل اليورانيوم يميل إلي إصدار المزيد من "الميونات" بالمقارنة بالصخور المحيطة بها. وهكذا يمكن التعرف علي هذا العنصر.
قد يكون علم فيزياء الجسيمات Particle Physics من العلوم الأكاديمية. ولكنه علم تطبيقي وعملي أيضاً. وعلينا أن نحيا دائماً علي الأمل. أمل الفرصة للإجابة علي الأسئلة التي تشغل الذهن الإنساني. والرأي عندي أن الفيزياء سوف تشهد المزيد من الاكتشافات المذهلة في هذا القرن.
عن مجلة العلم الشهرية .. بقلم رؤوف وصفي
http://www.historyguide.org/images/newton.jpg