طالب علم 2
05-16-2012, 09:24 AM
السلام عليكم:
الإخوة الكرام: حياكم الله تعالى..
أضع بين أياديكم الكريمة هذه الدراسة راجياً من الله تعالى أن تصب في قنوات النقد البناء..
قراءة في بحث (إشارة القرآن الكريم إلى سرعة الضوء)
الحمد لله رب العالمين.. الحمد لله وكفى, والصلاة والسلام على رسوله المصطفى, وعلى آله وأصحابه أجمعين الطيبين الشرفا, ومن تبعهم بمحبة وإحسان إلى يوم الجزاء والوفا.. وبعدُ؛
فلَما كان الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة المطهرة باباً من أبوب الدعوة إلى الله عز وجل..
- ليس هو أعلاها ولا يميز عنها, ولكن قد يكون بعضها في مواطن أنجع من بعض, وهذا يتطلب حصافة الداعية وبُعدَ نظره-
ولمَا كان الإعجاز العلمي فناً قائماً بنفسه له أسسه وقواعده وضوابطه التي تبين الصحيح من غيره في مادته.. لما كان كل ذلك؛ فإنه عند وجود بحث أو مجموعة أبحاث تخرج عن شيء من هذه القواعد والضوابط, فلاشك أن النقد والتصويب يوجه إلى هذه الأبحاث والدراسات وليس إلى الفن نفسه..
منذ عشرين عاماً تقريباً, قدم العالمان الجليلان فضيلة الدكتور محمد دودح حفظه الله تعالى, والدكتور منصور حسب النبي رحمه الله تعالى, بحثاً عميقاً رصيناً يبرهنان فيه على إشارة القرآن الكريم إلى مقدار سرعة الضوء في الخلاء البالغة (299792.485 كم/ ثا) وكان لهذا البحث الذي بذلا فيه جهوداً طيبة مباركة- أسأل الله تعالى أن يُجزل لهما الأجر والمثوبة على ذلك- أثاراً متباينة في مختلف الأوساط الدينية والثقافية, مازلنا نلحظها حتى يومنا هذا. وبالرغم من أن الهدف الرئيس المعلن للبحث وهو (إشارة القرآن الكريم إلى مقدار سرعة الضوء في الخلاء) إلا أننا نجد الشائع والذائع عنه أنه يدل على صحة فرض (ثبات سرعة الضوء في الخلاء).. - ومَرّد ذلك في ظني إلى تكرار عبارة (السرعة القصوى) بين ثناياه- وغير خافٍ ذاك البون الشاسع بين (مقدار سرعة الضوء) و(ثبات سرعة الضوء) إذ إن القول الأول يدل على أن سرعة الضوء هي كغيرها من سرعات المادة في الكون تزيد وتنقص وتقبل قانون تركيب السرعات الغاليلي.. في حين أن القول الثاني يدل على أن سرعة الضوء هي السرعة القصوى في الكون- المادي- فينتفي بذلك وجود ما هو- مادي- يتحرك أسرع من الضوء في هذا الكون الرحيب..
وانطلاقاً من هذا المفهوم الشائع, عكفت على النظر في هذا البحث الموجود على الرابطين التاليين:
http://quran-m.com/firas/farisi/print_details.php?page=show_det&id=744 (http://quran-m.com/firas/farisi/print_details.php?page=show_det&id=744)
http://quran-m.com/container2.php?fun=artview&id=1104 (http://quran-m.com/container2.php?fun=artview&id=1104)
متسائلاً:
هل دلالات الآية الكريمة (رقم 5 من سورة السجدة) تشير إلى المعاني التي استنبطها منها كلٌّ من فضيلة الدكتور محمد دودح حفظه الله تعالى, والدكتور منصور حسب النبي رحمه الله تعالى, وأخذَتْ بهما إلى المعادلة التي وضعا حساباتها في هذا البحث؟
من خلال التمحيص الدقيق والدراسة المتأنية لمختلف جوانب هذا البحث وقفتُ على مجموعة مسائل أحسبها تستحق منا مزيداً من التأمل وإمعان النظر فيما توصل إليه البحث حول (إشارة القرآن الكريم إلى السرعة القصوى في الكون)
ودونكم موجزاً عن معظمها:
تدور محاور البحث التي انبثقت عنه المعادلة- الفلكية- الدالة على (إشارة القرآن الكريم إلى السرعة القصوى في الكون) حول تأويل الكلمات التالية:
(الأمر- من السماء – إلى الأرض- في يوم- الضمير في مقداره- ألف سنة- مما تعدون مع ضميرها المقدر, أي: "مما تعدونه- ")
من قوله تعالى:
{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ} السجدة 5
أما التأويلات التي اُعتمدتْ في البحث, فهي:
1- (الأمر= المأمور به) (من السماء = ابتداء المسير) (إلى الأرض = انتهاء المسير):
ومما قالا في ذلك:
"... والتدبير Management يلزمه فاعل ويعوزه بالضرورة مفعولا به يتجلي فيه فعل التدبير, وورود (الأمر) مفعولا به يجعله مأمورا به يتجلى فيه تدبير الخالق سبحانه فيستقيم حمله على المادة الأساسية للعالم, قال الألوسي: "الأمر راجع إلى المراد لا إلى الإرادة.. (أي) الأشياء المرادة المكونة" , وقال ابن تيمية: "وفي لغة العرب التي نزل بها القرآن أن يسمى.. المخلوق خلقا لقوله تعالى هذا خلق الله.
ولهذا يسمى المأمور به أمرا" , "ولفظ الأمر يراد به.. المفعول.. كما قال تعالى: أتى أمر الله.. فهنا المراد به المأمور به وليس المراد به أمره الذي هو كلامه" , "فإذا قيل في المسيح أنه (كلمة الله) فالمراد به أنه خُلِقَ بكلمة.. (كن).. وكذلك إذا قيل عن المخلوق أنه (أمر الله) فالمراد أن الله كونه بأمره" , "وهذا قول سلف الأمة وأئمتها وجمهورها" , "وبهذا التفصيل يزول الاشتباه في مسألة الأمر" ." ا.هـ
وقالا:
"ما هو الأمر المشار إليه في آية السجدة ( 5 ) ؟ ولماذا أتى معرفاً بأل بينما اليوم والسنة ورداً في صيغة النكرة ؟ وللجواب على ذلك نذكر قوله تعالى: (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض) , وبهذا فإن الأمر هو موضوع التدبير، وقوله تعالى: (من السماء إلى الأرض )، بيان بمجمل التدبير وطبيعته، وقوله تعالى: (ثم يعرج إليه ). أي: يتحرك في ملكه، وبيان ـ أيضاً ـ بالفاعل المدبر، لأن الضمير في ( إليه ) عائد على المولى عز وجل، وأما قوله تعالى: (في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ) فهو ـ كما ذكرنا ـ بيان بسرعة هذا الأمر الكوني في الفراغ بين السماء والأرض.
وتنكير اليوم والسنة دليل على تغير قيمتها في نظام الأرض والقمر بمرور الزمن وارتباطها بهذه العلاقة القرآنية الفلكية الدائمة لهذا النظام، بينما تعريف الأمر ( بأل ) يدل على ثبات سرعته الموصوفة بين السماء والأرض في هذه العلاقة الكونية ثبوتاً مطلقاً!.
وطبيعة التدبير هنا هي بلا شك حركة دائبة وعروج مستمر لا ينقطع، فقوله عز وجل: (من السماء ) يدل على ابتداء المسير، و (إلى الأرض ) يدل على منتهى المسير، والفعل ( يعرج ) موضعه السماء، ويدل على الحركة في انحناء، لأن العروج عن السير في خط مستقيم. ويعرج بمعنى يصعد أو يسير مطلقاً بغير تحديد، في ميل وانحناء أو في خطوط ملتوية، فيدل على الحركة وقطع المسافات.
ومنه تعارج: حاكي مشية الأعرج، وانعرج الشيء، وتعرج: انعطف ومال، وعرّج الثوب: خططه خطوطاً ملتوية ( المعجم الوسيط ).
وفاعل ( يعرج ) هو الأمر هنا، ويدل على وجود كوني من مادة هذا العالم المنظور. بين السماء والأرض بدلالة الاقتران الكوني هنا بين الأمر والسماء والأرض المعهودة لنا، فلا بد وأن الأمر وهو معرف بأل معهود لنا، لأن ( أل ) تأتي للعهد والجنس، وبالتالي يشمل الأمر هنا كل ما يتحرك بالسرعة الموصوفة طبقاً للمعادلة القرآنية السابق شرحها." ا.هـ
2- (في يوم = معيار لقياس الزمن):
قالا:
" وإن التعبير الزمني في آية السجدة ( 5 ) هو الزمن الفيزيائي الذي نعد به الأيام والسنين، أي: بالزمن المعلوم عند المخاطبين بالقرآن: ( مما تعدون ) أي: من جنس الذي تعدونه، والعرب يعدون اليوم مضبوطاً على الشمس ( يوم اقتراني )، ويعدون السنين مضبوطة على ظهور هلال القمر لقياس الشهور، وبالتالي لقياس السنين ( السنة = 12 شهراً قمرياً ).
ولفظ ( يوم ) في السجدة ( 5 ) محدود وليس مطلقاً غير محدود بدلالة وجود حرف الجر في قوله تعالى: (في يوم ) الذي يفيد ـ كما ذكرنا ـ معنى الاشتمال والوعاء، إذ أن أي وعاء لا بد وأن يكون محدوداً، لأنه المقياس الذي يتم الاتفاق عليه كمكيال، وهنا نؤكد أن المقياس الزمني المستعمل هنا هو اليوم بمعناه الكامل الذي نعرفه نحن البشر كمقياس عياري ووعاء زمني ثابت، وليس بمعنى أن النهار يطول ويقصر، وليس اليوم غيبياً أو أخروياً غير محدد، لأنه لا يصلح كوعاء، ولا بد أن يكون بمعنى اليوم الكامل المتعارف عليه بليله ونهاره بدورة الشمس الظاهرية، أي: بدورة كاملة للأرض حول محورها، وهو زمن عياري يصلح هنا كوعاء زمني ليوم كامل من أيامنا المعروفة لنا معشر البشر، والتي نعدها مع صباح كل يوم: ( مما تعدون)." ا.هـ
3- ( الضمير في مقداره, يعود على التدبير):
قالا:
" الضمير في ( مقداره ) عائد على التدبير، لا على اليوم، حيث النص الكريم ( السجدة: 5 ) بيان للسير والتدبير وليس لليوم، بهذا قال مجاهد: الضمير هنا عائد على التدبير، أي: كان مقدار التدبير في يومٍ ألفَ سنة مما تعدون" ا.هـ
4- (ألف سنة = معيار لقياس المسافة):
قالا:
" النص الكريم في السجدة ( 5 ) يبين حد السرعة في السماء في قوله تعالى: ( في يوم كان مقداره ألف سنة )، لأنه يقطع مسيرة ألف سنة في يوم واحد ( الزمخشري وأبو حيان ) منسوباً إلى حد استطاعة البشر في قوله تعالى: (مما تعدون )، يعني: مما يقع تحت قياسكم فيمكنكم أن تعدوه بطريقتكم التي تعهدونها في عد السنين ـ وتحصوه.
والعرب تعد السنين بسير القمر، فيكون حد السرعة في السماء مقداره مسيرة أو مسافة ألف سنة قمرية في اليوم الواحد، كما قال ابن عباس: ( سرعة سير هذا الأمر يقطع مسيرة ألف سنة في يوم من أيامكم )... وأكد هذا المعنى الزمخشري والقرطبي." ا.هـ
5- (مما تعدون مع ضميرها المقدر) لتمييز (حركة الأمر بانحناء ) ولتمييز(حركة القمر):
قالا:
"... والتعبير (مّمّا تَعُدّونَ) وصف عائد على الألف سنة المتضمنة لحركة جسم نسبية يتعدد وصفها ويعوزها التحديد فعاد سياقا على الحركة, والسياق يتعلق بقياس حركة أمر ما يملأ الكون بين الأجرام (مِنَ السّماَءِ إِلَى الأرْضِ) وبيان أن حركته بانحناء كحركة الأعرج في مشيته وهو وصف يتفق مع المعلوم اليوم بحركة القوى الفيزيائية في الفضاء بين الأجرام بانحناء نتيجة لتأثير الأجرام." ا.هـ
"..., ويصلح الوصف (مّمّا تَعُدّونَ) لتمييز حركة القمر المتضمنة سياقا والتي تبنى عليها السنة ولا يصلح أن يكون تمييزا للسنة القمرية لأنه يحدد مُختار من متعدد وهم لم يستخدموا غيرها في التقويم, وهو يعني (من الذي تحسبون وتظنون) وليست السنة محل ظن, وبذلك يشترط السياق لتعريف أقصى سرعة أن تكون حركة القمر وفق ما يحسبون ويظنون وإن كانت الحقيقة بخلافه..." ا.هـ
- يتبع -
الإخوة الكرام: حياكم الله تعالى..
أضع بين أياديكم الكريمة هذه الدراسة راجياً من الله تعالى أن تصب في قنوات النقد البناء..
قراءة في بحث (إشارة القرآن الكريم إلى سرعة الضوء)
الحمد لله رب العالمين.. الحمد لله وكفى, والصلاة والسلام على رسوله المصطفى, وعلى آله وأصحابه أجمعين الطيبين الشرفا, ومن تبعهم بمحبة وإحسان إلى يوم الجزاء والوفا.. وبعدُ؛
فلَما كان الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة المطهرة باباً من أبوب الدعوة إلى الله عز وجل..
- ليس هو أعلاها ولا يميز عنها, ولكن قد يكون بعضها في مواطن أنجع من بعض, وهذا يتطلب حصافة الداعية وبُعدَ نظره-
ولمَا كان الإعجاز العلمي فناً قائماً بنفسه له أسسه وقواعده وضوابطه التي تبين الصحيح من غيره في مادته.. لما كان كل ذلك؛ فإنه عند وجود بحث أو مجموعة أبحاث تخرج عن شيء من هذه القواعد والضوابط, فلاشك أن النقد والتصويب يوجه إلى هذه الأبحاث والدراسات وليس إلى الفن نفسه..
منذ عشرين عاماً تقريباً, قدم العالمان الجليلان فضيلة الدكتور محمد دودح حفظه الله تعالى, والدكتور منصور حسب النبي رحمه الله تعالى, بحثاً عميقاً رصيناً يبرهنان فيه على إشارة القرآن الكريم إلى مقدار سرعة الضوء في الخلاء البالغة (299792.485 كم/ ثا) وكان لهذا البحث الذي بذلا فيه جهوداً طيبة مباركة- أسأل الله تعالى أن يُجزل لهما الأجر والمثوبة على ذلك- أثاراً متباينة في مختلف الأوساط الدينية والثقافية, مازلنا نلحظها حتى يومنا هذا. وبالرغم من أن الهدف الرئيس المعلن للبحث وهو (إشارة القرآن الكريم إلى مقدار سرعة الضوء في الخلاء) إلا أننا نجد الشائع والذائع عنه أنه يدل على صحة فرض (ثبات سرعة الضوء في الخلاء).. - ومَرّد ذلك في ظني إلى تكرار عبارة (السرعة القصوى) بين ثناياه- وغير خافٍ ذاك البون الشاسع بين (مقدار سرعة الضوء) و(ثبات سرعة الضوء) إذ إن القول الأول يدل على أن سرعة الضوء هي كغيرها من سرعات المادة في الكون تزيد وتنقص وتقبل قانون تركيب السرعات الغاليلي.. في حين أن القول الثاني يدل على أن سرعة الضوء هي السرعة القصوى في الكون- المادي- فينتفي بذلك وجود ما هو- مادي- يتحرك أسرع من الضوء في هذا الكون الرحيب..
وانطلاقاً من هذا المفهوم الشائع, عكفت على النظر في هذا البحث الموجود على الرابطين التاليين:
http://quran-m.com/firas/farisi/print_details.php?page=show_det&id=744 (http://quran-m.com/firas/farisi/print_details.php?page=show_det&id=744)
http://quran-m.com/container2.php?fun=artview&id=1104 (http://quran-m.com/container2.php?fun=artview&id=1104)
متسائلاً:
هل دلالات الآية الكريمة (رقم 5 من سورة السجدة) تشير إلى المعاني التي استنبطها منها كلٌّ من فضيلة الدكتور محمد دودح حفظه الله تعالى, والدكتور منصور حسب النبي رحمه الله تعالى, وأخذَتْ بهما إلى المعادلة التي وضعا حساباتها في هذا البحث؟
من خلال التمحيص الدقيق والدراسة المتأنية لمختلف جوانب هذا البحث وقفتُ على مجموعة مسائل أحسبها تستحق منا مزيداً من التأمل وإمعان النظر فيما توصل إليه البحث حول (إشارة القرآن الكريم إلى السرعة القصوى في الكون)
ودونكم موجزاً عن معظمها:
تدور محاور البحث التي انبثقت عنه المعادلة- الفلكية- الدالة على (إشارة القرآن الكريم إلى السرعة القصوى في الكون) حول تأويل الكلمات التالية:
(الأمر- من السماء – إلى الأرض- في يوم- الضمير في مقداره- ألف سنة- مما تعدون مع ضميرها المقدر, أي: "مما تعدونه- ")
من قوله تعالى:
{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ} السجدة 5
أما التأويلات التي اُعتمدتْ في البحث, فهي:
1- (الأمر= المأمور به) (من السماء = ابتداء المسير) (إلى الأرض = انتهاء المسير):
ومما قالا في ذلك:
"... والتدبير Management يلزمه فاعل ويعوزه بالضرورة مفعولا به يتجلي فيه فعل التدبير, وورود (الأمر) مفعولا به يجعله مأمورا به يتجلى فيه تدبير الخالق سبحانه فيستقيم حمله على المادة الأساسية للعالم, قال الألوسي: "الأمر راجع إلى المراد لا إلى الإرادة.. (أي) الأشياء المرادة المكونة" , وقال ابن تيمية: "وفي لغة العرب التي نزل بها القرآن أن يسمى.. المخلوق خلقا لقوله تعالى هذا خلق الله.
ولهذا يسمى المأمور به أمرا" , "ولفظ الأمر يراد به.. المفعول.. كما قال تعالى: أتى أمر الله.. فهنا المراد به المأمور به وليس المراد به أمره الذي هو كلامه" , "فإذا قيل في المسيح أنه (كلمة الله) فالمراد به أنه خُلِقَ بكلمة.. (كن).. وكذلك إذا قيل عن المخلوق أنه (أمر الله) فالمراد أن الله كونه بأمره" , "وهذا قول سلف الأمة وأئمتها وجمهورها" , "وبهذا التفصيل يزول الاشتباه في مسألة الأمر" ." ا.هـ
وقالا:
"ما هو الأمر المشار إليه في آية السجدة ( 5 ) ؟ ولماذا أتى معرفاً بأل بينما اليوم والسنة ورداً في صيغة النكرة ؟ وللجواب على ذلك نذكر قوله تعالى: (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض) , وبهذا فإن الأمر هو موضوع التدبير، وقوله تعالى: (من السماء إلى الأرض )، بيان بمجمل التدبير وطبيعته، وقوله تعالى: (ثم يعرج إليه ). أي: يتحرك في ملكه، وبيان ـ أيضاً ـ بالفاعل المدبر، لأن الضمير في ( إليه ) عائد على المولى عز وجل، وأما قوله تعالى: (في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ) فهو ـ كما ذكرنا ـ بيان بسرعة هذا الأمر الكوني في الفراغ بين السماء والأرض.
وتنكير اليوم والسنة دليل على تغير قيمتها في نظام الأرض والقمر بمرور الزمن وارتباطها بهذه العلاقة القرآنية الفلكية الدائمة لهذا النظام، بينما تعريف الأمر ( بأل ) يدل على ثبات سرعته الموصوفة بين السماء والأرض في هذه العلاقة الكونية ثبوتاً مطلقاً!.
وطبيعة التدبير هنا هي بلا شك حركة دائبة وعروج مستمر لا ينقطع، فقوله عز وجل: (من السماء ) يدل على ابتداء المسير، و (إلى الأرض ) يدل على منتهى المسير، والفعل ( يعرج ) موضعه السماء، ويدل على الحركة في انحناء، لأن العروج عن السير في خط مستقيم. ويعرج بمعنى يصعد أو يسير مطلقاً بغير تحديد، في ميل وانحناء أو في خطوط ملتوية، فيدل على الحركة وقطع المسافات.
ومنه تعارج: حاكي مشية الأعرج، وانعرج الشيء، وتعرج: انعطف ومال، وعرّج الثوب: خططه خطوطاً ملتوية ( المعجم الوسيط ).
وفاعل ( يعرج ) هو الأمر هنا، ويدل على وجود كوني من مادة هذا العالم المنظور. بين السماء والأرض بدلالة الاقتران الكوني هنا بين الأمر والسماء والأرض المعهودة لنا، فلا بد وأن الأمر وهو معرف بأل معهود لنا، لأن ( أل ) تأتي للعهد والجنس، وبالتالي يشمل الأمر هنا كل ما يتحرك بالسرعة الموصوفة طبقاً للمعادلة القرآنية السابق شرحها." ا.هـ
2- (في يوم = معيار لقياس الزمن):
قالا:
" وإن التعبير الزمني في آية السجدة ( 5 ) هو الزمن الفيزيائي الذي نعد به الأيام والسنين، أي: بالزمن المعلوم عند المخاطبين بالقرآن: ( مما تعدون ) أي: من جنس الذي تعدونه، والعرب يعدون اليوم مضبوطاً على الشمس ( يوم اقتراني )، ويعدون السنين مضبوطة على ظهور هلال القمر لقياس الشهور، وبالتالي لقياس السنين ( السنة = 12 شهراً قمرياً ).
ولفظ ( يوم ) في السجدة ( 5 ) محدود وليس مطلقاً غير محدود بدلالة وجود حرف الجر في قوله تعالى: (في يوم ) الذي يفيد ـ كما ذكرنا ـ معنى الاشتمال والوعاء، إذ أن أي وعاء لا بد وأن يكون محدوداً، لأنه المقياس الذي يتم الاتفاق عليه كمكيال، وهنا نؤكد أن المقياس الزمني المستعمل هنا هو اليوم بمعناه الكامل الذي نعرفه نحن البشر كمقياس عياري ووعاء زمني ثابت، وليس بمعنى أن النهار يطول ويقصر، وليس اليوم غيبياً أو أخروياً غير محدد، لأنه لا يصلح كوعاء، ولا بد أن يكون بمعنى اليوم الكامل المتعارف عليه بليله ونهاره بدورة الشمس الظاهرية، أي: بدورة كاملة للأرض حول محورها، وهو زمن عياري يصلح هنا كوعاء زمني ليوم كامل من أيامنا المعروفة لنا معشر البشر، والتي نعدها مع صباح كل يوم: ( مما تعدون)." ا.هـ
3- ( الضمير في مقداره, يعود على التدبير):
قالا:
" الضمير في ( مقداره ) عائد على التدبير، لا على اليوم، حيث النص الكريم ( السجدة: 5 ) بيان للسير والتدبير وليس لليوم، بهذا قال مجاهد: الضمير هنا عائد على التدبير، أي: كان مقدار التدبير في يومٍ ألفَ سنة مما تعدون" ا.هـ
4- (ألف سنة = معيار لقياس المسافة):
قالا:
" النص الكريم في السجدة ( 5 ) يبين حد السرعة في السماء في قوله تعالى: ( في يوم كان مقداره ألف سنة )، لأنه يقطع مسيرة ألف سنة في يوم واحد ( الزمخشري وأبو حيان ) منسوباً إلى حد استطاعة البشر في قوله تعالى: (مما تعدون )، يعني: مما يقع تحت قياسكم فيمكنكم أن تعدوه بطريقتكم التي تعهدونها في عد السنين ـ وتحصوه.
والعرب تعد السنين بسير القمر، فيكون حد السرعة في السماء مقداره مسيرة أو مسافة ألف سنة قمرية في اليوم الواحد، كما قال ابن عباس: ( سرعة سير هذا الأمر يقطع مسيرة ألف سنة في يوم من أيامكم )... وأكد هذا المعنى الزمخشري والقرطبي." ا.هـ
5- (مما تعدون مع ضميرها المقدر) لتمييز (حركة الأمر بانحناء ) ولتمييز(حركة القمر):
قالا:
"... والتعبير (مّمّا تَعُدّونَ) وصف عائد على الألف سنة المتضمنة لحركة جسم نسبية يتعدد وصفها ويعوزها التحديد فعاد سياقا على الحركة, والسياق يتعلق بقياس حركة أمر ما يملأ الكون بين الأجرام (مِنَ السّماَءِ إِلَى الأرْضِ) وبيان أن حركته بانحناء كحركة الأعرج في مشيته وهو وصف يتفق مع المعلوم اليوم بحركة القوى الفيزيائية في الفضاء بين الأجرام بانحناء نتيجة لتأثير الأجرام." ا.هـ
"..., ويصلح الوصف (مّمّا تَعُدّونَ) لتمييز حركة القمر المتضمنة سياقا والتي تبنى عليها السنة ولا يصلح أن يكون تمييزا للسنة القمرية لأنه يحدد مُختار من متعدد وهم لم يستخدموا غيرها في التقويم, وهو يعني (من الذي تحسبون وتظنون) وليست السنة محل ظن, وبذلك يشترط السياق لتعريف أقصى سرعة أن تكون حركة القمر وفق ما يحسبون ويظنون وإن كانت الحقيقة بخلافه..." ا.هـ
- يتبع -