المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وجهة نظر الجدّة حبيبة عن العلاقة بين الإسلام و القوميّة و العروبة



تغريد
02-14-2011, 07:30 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخوة و الاخوات الأكارم
أضع بين أيديكم اليوم هذا المقال الرائع لأخي عبد الله التونسي عسى الله أن ينفعنا به



بسم الله الرحمن الرحيم


عند الحديث عن القومية و العروبة و الإسلام نكتب في العادة مقدّمة للتعريف بالقومية
عبر مسارها التاريخي.
منذ أن أطلقها "جيوزيبي مازيني" الإيطالي على أساس لغوي,
مرورا بالقومية الألمانية القائمة على الإنجيلية البروتستانتية,
ثمّ الشوفينية الفرنسية إلى القومية بمفهومها الهتلري القائمة فكريا على فلسفة نيتشة,
وصولا إلى العرب ساطع الحصري ثمّ ميشيل عفلق و صلاح بيطار الذان أسّسا حزب البعث
و نختمها, بالناصرية ثمّ المفكر محمد عمارة,
و لا داعي للمرور على الأطر القومية الإقليمية مثل الحزب القومي السوري
و الحزب الإشتراكي الدستوري الذي تغيّر إسمه الآن.

إلّا أنّ العبد الفقير إلى رحمة الله, مخاطبكم,
ما إن تذكر العروبة حتّى يستحضر قرصة إبرة مغزل, الجدّة حبيبة, رحمها الله؟
و بما أننّي أتحكّم في مقالتي و أنّكم من بعيد لن تستطيعوا رميي بأيّ شيء, سأتكلمّ كيفما أريدhttp://www.arab-eng.org/vb/images/smilies1/34.gif
و أبدأ مع موضوع القوميّة و العروبة مع الجدّة حبيبىة رحمها الله
( و لكن, و بكلّ جدّية إخوتي الأفاضل, أرجو منكم الدعاء لها, بالرحمة)

كانت, رحمها الله, أرملة. إمرأة قوّية الطبع ربت أبنائها وسط بيئة حادّة جدّا.
و كانت تغزل الصوف و تنسج منه أكياسا بيضاء كبيرة تُستعمل فيما بعد
لصناعة الطربوش الأحمر التقليدي المعروف في المغرب العربي.
و لا يغرّنكم صغر الطربوش فبدايته كيس أبيض كبير يصنع من صوف الخروف,
ثمّ يوضع في ماء ساخن كيّ يتقلّص حجمه و يصبغ بعد ذلك بالأحمر.

لغزل هذا الكيس كانت النساء تستعملن إبرة مغزل كبيرة
تشبه في سمكها و طولها قضبان هوائيات التلفاز القديمة.

و كانت للجدّة حبيبة إستعمالات أخرى لهذه الإبرة الكبيرة منها ضرب الأطفال الأشقياء بها,
بسبب و بدون سبب.

كنّا نفهم الضرب من أجل سبب
و حين نسألها عن مبرر الضرب من غير سبب تجيبنا
"إنّي أحبّكم و أريد أن تتذكروني بهذه الضربة".

و كنت أردّ, صارخا من ألم الضربة و لسعتها التي تترك خطّا أحمرا على اللحمhttp://www.arab-eng.org/vb/images/smilies1/83.gif:
"أنا أيضا أحبّك. هل أفجر المنزل؟".

على كلّ. من الأسباب التي لن أنساها في تلقيّ لضربات الجدّة, رحمها الله,
سبب عجيب.
لدى شيوخنا و نسبة كبيرة من شعب المغرب العربي,
عندما تقول مسلم, في عقل المغاربي هوّ عربي,
حتّى و لو كان هذا المسلم أمريكيا أو فيليبينيا
و عندما تقول عربي, في عقله هوّ مسلم.
لا يوجد في عقول شيوخنا كردي أو عربي أو أمازيغي أو فيليبيني أو إيراني أو
..
صنفان من الناس فقط. مسلم و كافر.

لا يستطيع عقل نسبة كبيرة من أهلنا في المغرب العربي إستيعاب
أنّ العربي يمكن أن يكون غير مسلم.

كانت أكثر الضربات التي تلقيّتها من الجدّة حبيبة إيلاما يوم قلت لها
أنّه هنالك عربا غير مسلمين.

وقد تلقيّت مع الضربة ردّا لاذعا: "إذهب يا... (لن أقول لكم ما قالته لي).
عرب غير مسلمين !!!؟ إذهب"

و نكبر قليلا في السنّ و تقف الجدّة حبيبة, رحمها الله,
عن إرسال عرابين حبّها لنا.

عوض ذلك تسكننا بعض الأسئلة. منها:
لماذا لم تستطيع هذه المرأة المكافحة الفاضلة أن تستوعب أنّ أشخاصا من مثل
صهيب الرومي و سلمان الفارسي و بلال الحبشي رضي الله عنهم و أرضاهم, ليسوا عربا؟

هل يمكن أن يكونوا فعلا عربا؟
هل يمكن أن تكون الجدّة على حقّ؟
ما معنى القوميّة؟
ما معنى العروبة؟
هل يمكن أن يكون هنالك فرق بين كلمتي "قوميّة" و "عروبة"؟
و أن نكون إعتبرناهما شيء واحد و هما في الأصل مختلفين؟

هل يمكن أن تكون العروبة إستثناءا في مفهوم القوميّة,
إن كانت أصلا داخل هذا المفهوم؟

ماذا عن صلاح الدين الأيّوبي, و محمد الفاتح, و بيازيد الصاعقة,
و طارق بن زياد... البخاري, الإمام مسلم, الخوارزمي,
و يحي الليثي... أصبحوا فينا عربا و أصبحنا فيهم كردا و أمازيغا و تركا...

لا أستطيع تفسير ذلك سوى بأنّ القوميّة شيء و العروبة شيء.
و أنّ العروبة كمفهوم مرسومة الملامح بعد بعثة رسول الله صلّى الله عليه و سلّم المباركة.
هذه العروبة مرسومة بحبر الإسلام,
فإن نزعنا عنها هذا الحبر تفسخّت و أصبحت غير موجودة. لا ملامح لها.

و لا يمكنها أن تكون غير ذلك.

و أنّ العروبة أصبحت مفهوما آخرا و إستثناءا بين المفاهيم.
لا علاقة و لا إرتباط له بالقومّية.
بإمكاننا في إطار هذا المفهوم الجديد الحديث عن الكردّي-العربي و عن العربي-الكردي,
عن الأمازيغي-العربي و عن العربي-الأمازيغي,
و عن التركي-العربي و عن العربي-التركي...

هوّ مفهوم كان علينا أن نراه نحن لا أن يرسمه لنا "مازيني" المسيحي
و لا أقول الإيطالي لأنّه بمفهوم العروبة, كما يجب أن نراه,
قد يصبح الإيطالي عربي, كما أصبح الخوارزمي و البخاري عربا.

ذابت العروبة في الإسلام فأصبحت العروبة شيئا أمميا مسلما
و ليست شيئا قوميّا.
كلّ إنسان في الدنيا بمقدوره أن يكون عربيّا, إن أراد.

جميلة هذه الإمكانيّة و جميل أن نختار هذه الإمكانية بإرادتنا.
و لكنّ الأجمل أنّ العروبة بمفهومها الإسلامي هذا,
مكنتنا من شيء باهر.
مكنت العربي أن يكون هوّ أيضا كرديّا او أمازيغيا أو تركيّا...

مكنته أن يختار إن أراد أن يكون أيّ إنسان ما دام مسلما.

و أنّ القوميّة, كمفهوم, غير ذلك.

مفهوم القومية بإمكانه إستيعاب غير المسلمين.

أمّا العروبة؟ أصبحت لا أعتقد أنّه يمكنها إستيعاب غير المسلمين.

النقاش في هذا الموضوع كالمشي على البيض,
أرجو أن يتمّ بأريحية و بنيّة البحث عن الإفادة و ليست بنيّة الإختلاف.

ما المانع أن ننشئ هنا في هذا الملتقى بين إخوة و أخوات هم طليعة و نخبة أمتنا,
ما المانع أن نقدّم تعريفنا للقوميّة و العروبة.
التعريف الذي يرضاه لنا ديننا الحنيف.
لا التعريف الذي جاء عبر تراكم تجارب مخالفة
إن لم تكن مواجهة للإسلام.