المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التجربة الرهيبة .. لآينشتاين الجزء الثالث



ماستر مروان
01-27-2011, 09:31 PM
الفصل الثالث
على الرغممن أن الصحفي ( جون كاربنتر ) قد حصل على قصة مدهشة ، حول تلك التجربةالرهيبة ، التي قامت بها البحرية الأميركية في ( فيلادلفيا ) في أكتوبر1943م ، لإخفاء السفينة الحربية ( de-173 ) والتي تسببت في كارثة بشعة ، لكل من كان على ظهر السفينة ، إلا أنه كانيدرك جيدًا استحالة نشر القصة ، خاصة وأن الشاهد الوحيد ، الذي روى ما حدث ،يعتبر من الناحية القانونية مجنونًا .
ولقد حار ( جون ) طويلاً ، في إيجاد حل لهذه المشكلة ، قبل أن يتفتق ذهنه عن حل جيد .
ففي الصفحة الثالثة ، من جريدته المحلية ، وأسفل أخبار الحوادث المحدودة ،روى ( جين ) كل ما حدث ، أثناء رحلته إلى ( دوفر ) ، لحضور حفل زفاف شقيقه ( ألبرت ) ..
وبأدق التفاصيل ..
ثم انتظر ..
كان كل ما يأمله ، هو أن تجري البحرية الأميركية اتصالاً به ، لتنفي القصة تمامًا ..
ولكن هذا لم يحدث أبدًا ..
لقد تجاهلت البحرية الأميركية الموقف تمامًا ، وكأنه لم يكن ، ولم تحاولالنفي أو التكذيب ، أو حتى الاستنكار ، بل تصرفت كما ينبغي أن تفعل ، لو أنهذه مجرد ترهات مخبول .
ومن المؤكد أن هذا التجاهل كان مدروسًا بمنتهى الدقة ، من قبل البحريةالأميركية ، إذ أن التجاهل التام كفيل بإنهاء الموقف كله ، في حين أن أي ردفعل إيجابي آخر ، مهما كان هدفه ، سيمنح ( جون ) فرصة الرد ، والتعليق ،وربما التمادي أيضًا ، وصنع قضية ترغب القيادة كلها في إغلاق كل أبوابهاإلى الأبد ..
والواقع أن هذا قد أغضب ( جون ) بشدة ..
أغضبه ، لأنه يفسد خطته كلها ، وينسفها من أساسها ، فمن غير المنطقي أنيواصل نشر أية مقالات ، حول الأمر نفسه ، دون ردود أفعال واضحة من جهة ما ،خاصة وأن معظم من قرأ القصة لم يولها الكثير من الاهتمام ، باعتبار أنراويها مجنون ، وأن القصة نفسها عسيرة التصديق .
وبدأ ( جون ) يشعر باليأس ، وفكر في تجاهل الأمر كله ، ونسيان ما سمعه من ( فيليب دوران ) و ..
وفجأة ، وصل ذلك الخطاب ..
خطاب يحمل توقيع ( باتريك ماس ) المتخصص ، والباحث في مجال الكهرباء ، والذي قال فيه ، بالحرف الواحد :
- مررت بتجربة غير عادية ، أثناء الحرب العالمية الثانية ، عندما كنت أخدم في صفوف البحرية ، في أواخر1945م ، عندئذ كنت في موقع ما ، أثناء خدمتي في ( واشنطن ) وأتيح لي أن أشاهدجزءً من فيلم خاص جدًا ، كان يشاهده بعض ضباط البحرية ، من كبار الرتب ،وكان يدور حول تجربة ما ، تجري في البحر ، ولأن مهامي الأمنية لم تكن تسمحلي بالجلوس ومشاهدة الفيلم ، إلا أنني استطعت أن ألمح جزءً منه ، حيث كانتهناك سفينتان تبثان نوعًا من الطاقة ، نحو السفينة الوسطى ، وأظنها كانتموجات صوتية ، إلا أنني لست واثقًا من هذا ... المهم أن السفينة الوسطى قداختفت ، داخل ضباب شفاف ، على نحو بطيء ، بحيث لم يعد لها من أثر ، سوى ماتركته على سطح الماء ، قبل أن تعود إلى الظهور في بطء ، وبعد الفيلم ، سمعتالقادة وهم يناقشون ما رأوه ، وكان أحدهم يقول : " إن سبب المشكلة ، التيأصابت أفراد طاقم السفينة ، هو استمرار الحقل الموحد لفترة طويلة " .
إلى هنا ، انتهت رسالة ( باتريك ) التي يمكن اعتبارها نسخًا لشهادة ( فيليب ) باستثناء أمر واحد فحسب .
أنها أول مرة ، يذكر فيها اسم ( الحقل الموحد ) ..
ولأن ( جون ) كان دارسًا جيدًا للعلوم ، فقد جذب المصطلح انتباهه واهتمامه ،فراح يبحث عنه ، في كل الموسوعات العلمية المعروفة ، وكل المجلات العلميةالمتخصصة ، حتى عثر أخيرًا على مقال ، يهاجم فيه أحد العلماء تلك النظريةالتي حاول ( أينشتين ) إثباتها ، منذ ما يقرب من أربعة عقود من الزمن ..
نظرية الحقل الموحد ..
وهنا ، أيقن ( جون ) من أن حديث ( فيليب ) لم يكن مجنونًا ، بل كان حقيقيًا إلى أقصى حد .
ونشر ( جون ) خطاب ( باتريك ) إلى جوار رأيه الشخصي حول الأمر ، كما ربط هذا بنظرية ( أينشتين ) ، حول الحقل الموحد للطاقة .
وهنا ، تفجر الموقف إلى أقصاه ..
وانهالت الخطابات والتعليقات على الجريدة ..
وتحول الأمر فجأة إلى قضية كبرى ، حتى أن ثلاثًا من الصحف الكبرى ، فيالولايات المتحدة الأميركية ، أعادت نشر مقالي ( جون ) لتقرأ ( أميركا ) كلها قصة تجربة ( فيلادلفيا ) .
وهنا أصبح السكوت مستحيلاً ..
وعلى الرغم من أن البحرية الأميركية لم تصدر بيانًا رسميًا حول الأمر ، إلاأن أحد قادتها صرح ، في مؤتمر غير رسمي ، أن ما نشر مجرد خزعبلات ، وأنهمن المضحك أن يقال أن إخفاء سفينة حربية كاملة ، يمكن أن يكون حقيقة واقعية .
وبدلاً من أن يهدئ هذا التصريح الموقف ، فإنه أشعله بشدة ..
وبدأ ( جون ) يجري تحرياته على نطاق واسع بتمويل من إحدى الصحف الكبرى في ( واشنطن ) ، كما اضطر للاستعانة بثلاثة من المعاونين ، لفرز كل ما يصله منخطابات ورسائل وبرقيات ، لاختيار ما تلوح منه الجدية من بين سطوره واستبعادمحاولات الشهرة والجدل العقيم .
ولقد تأكد ( جون ) من أن ( فيليب دوران ) كان يعمل في قطاع الأمن ، في مشاة البحرية الأميركية ، في ( فيلادلفيا ) في أكتوبر1943م ، كما حصل على وثائق تثبت عمل ( باتريك ماس ) كخبير في الكهرباء ، وانتدابه من البحرية إلى القيادة في ( واشنطن ) خلال عام1945م ، مما يمنح شهادة الرجلين مصداقية لا بأس بها .
ثم توصل إلى حقيقة أخرى مدهشة .
فما يقرب من66%من أفراد طاقم السفينة الحربية ( de-173 ) تم إيداعهم مصحات نفسية وعصبية ، خلال الفترة من نوفمبر1943م ، وحتى ديسمبر1945م ، وبعضهم ظل هناك حتى منتصف الخمسينات .
وتساءل ( جون كاربنتر ) في مقاله التالي :
- أمن المنطقي أو المعقول ، أن يصاب كل هذا العدد من رجال البحرية ، من سفينة واحدة ، باضطراب عقلي مشترك ، دون سبب واضح ؟!
وجاء السؤال كطعنة في صميم القيادات البحرية الأميركية ، التي واصلت عدمالتعليق رسميًا ، ولكنها اخفت - في الوقت ذاته - كل الأوراق والوثائق ،الخاصة بالسفينة المنكوبة .
وعلى الرغم من توالي الشهادات من كل صوب ، على مكتب ( جون كاربنتر ) ومن أن العشرات من بحارة طاقم ( de-173 ) قد قصوا القصة نفسها ، وأيدوا ما قاله ( فيليب ) و ( باتريك ) ، إلا أنجميعهم كانوا يحملون شهادة طبية رسمية ، تؤكد أنهم ليسوا في حالتهمالطبيعية ، مما جعل شهادتهم بلا سند قانوني مؤكد . وربما كان هذا هو السببالرئيس ، الذي دفع قيادات البحرية إلى إيداعهم هذه المصحات ، خلال فترةالحرب ، وما بعدها ..
وفي رسالة أحد البحارة ، وهو ( مايكل جريج ) ، المسؤول الثاني عن الدفة ، قال الرجل :
- كنا على ظهر السفينة ، نعلم جيدًا أنهم سيقومون بتجربة سلاح ما ، وكانمعظمنا مفعمًا بالحماس ، ثم بدأت تلك المولدات الضخمة في العمل ، وشعرناوكأن رؤوسنا ستنفجر ، وكادت قلوبنا تثب من صدورنا ، مع عنف خفقاتها ،وبعدها أحاط بنا ضباب أخضر كثيف ، وأظلمت الدنيا من حولنا ، وكأننا قدفقدنا أبصارنا ، فاستولى الرعب على معظمنا ، وراح الكل يعدو بلا هدف ، فيكل مكان وكل اتجاه ، وتصورت أننا قد غرقنا في عالم آخر ، أو أن عقولنا قدأصابها الجنون ، مع تلك الهلوسات التي تراءت لنا ، فصديقي ( ميجور ) أقسمأنه يرى زوجته الراحلة ، والضابط ( براد ) راح يضحك في جنون ، والقبطان ( رود ) أخذ يدير الدفة في حركات هستيرية ، وهو يصرخ أنه من الضروري أن نخرجمن بحر الظلمات هذا ، أما أنا ، فلقد التقيت بمخلوقات من عالم آخر ، أو هيوحوش ، أو لعلها مجرد هلوسات مجنونة .. المهم أن ما عانيناه هناك لم يكنعاديًا أبدًا ، بل كان يستدعي أن نصاب بجنون حقيقي .
كان أول خطاب من أحد بحارة السفينة المنكوبة ، وإن كان إثبات هذا أمرًامستحيلاً ، بعد أن أخفت البحرية كل الوثائق الرسمية ، وواصلت إصرارها علىرفض التحدث عن الأمر ، على الرغم من سيل الخطابات ، واهتمام الرأي العام ،ثم وصل إلى ( جون ) فجأة خطاب خطير ..
خطير إلى أقصى حد ..
هذا لأنه كان كافيًا ليقلب الأمور كلها رأسًا على عقب ..
وبعنف ...