المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جدل ارسطو و زينون



الحسن الخطيب
01-15-2011, 11:29 PM
جدل زينون - أرسطو
لقد اعجبني هذا المقال فوددت نشره هنا ارجو ان يعجبكم للاستاذ ناصر منذر
عاش زينون وتوفي في مدينة إليا اليونانية في القرن الخامس قبل الميلاد، وتعود له أول إشارة إلى فكرة التقطع في الحركة، وإذا كان اسمه وأعماله قد أهملا في سياق مسيرة العلم إلا أن الأفكار الثورية التي طرحها ميكانيك الكم والجدل بين نيلز بور وآينشتاين قد ذكر بجدل حصل قبل أكثر من ألفي عام بين زينون وأرسطو.
وضع أرسطو كتابه Physica بعد حوالي مئة عام من وفاة زينون وفيه أورد أفكار الفلاسفة الذين سبقوه (ومنهم زينون) لا ليبين أهمية مساهمتهم بل ليدحض أفكارهم ويقدم أفكاره بديلاً وحيداً!!
عرض زينون ثلاث مفارقات حول حركة الجسم عبر الزمان والمكان:
مفارقة زينون الأولى:
تخيل عداءً يقف عند نقطة بداية السباق، فلكي يصل هذا العداء نقطة النهاية يجب عليه أن يبلغ أولاً منتصف المسافة بين النقطتين، طبعاً.. وأيضاً كي يبلغ العداء منتصف السباق يجب عليه أن يبلغ منتصف هذه المسافة أي ربع المسافة الكلية، وأيضاً ليقطع ربع المسافة الكلية عليه أن يقطع ثمنها، وهكذا.. إذن يوجد عدد لا نهائي من أنصاف المسافات قبل إنهاء السباق، وكل منتصف يحدد مسافة يجب على العداء أن يقطع نصفها قبل أن يبلغ نهايتها.. أي لا توجد مسافة أولى على العداء أن يقطعها لأن نصفها هو الأول وبالتالي يبقى العداء مسمراً عند نقطة البداية.. ولا يمكن للحركة أن توجد!!!
قبل أن نحكم على أفكار زينون بالسخف بحجة أن العداء سيبلغ نقطة النهاية، وهو أمر يعلمه زينون! دعونا نستعرض مفارقتيه التاليتين..
مفارقة زينون الثانية:
إن العداء السريع لن يستطيع تجاوز سلحفاة بدأت قبله بالتقدم!! فبالرغم من بطئ حركة السلحفاة وسرعة العداء إلا أن اللحاق بها يفرض عليه أن يقطع أولاً المسافة التي تفصلها عنه، وكما بين زينون في مفارقته الأولى سيتوجب على عدائنا السريع أن يبلغ عدداً لا نهائياً من النقاط قبل لحاقه بالسلحفاة، طالما أنها مثابرة على التقدم ولو بسرعة بطيئة!!
ربما نجد تشابهاً بين المفارقتين السابقتين، لكن الثانية تعرض مفهوم الحركة بالنسبة لجسمين متحركين.
مفارقة زينون الثالثة:
تعتمد هذه المفارقة على فكرة آمن بها اليونان وهي أن الجسم إما أن يكون ساكناً باستمرار أو متحركاً باستمرار! وهنا يقول زينون أن السهم لا يمكن أن يطير!
فبمراقبتنا للسهم المنطلق نجد أنه يشغل موضعاً محددا ً في لحظة محددة، ولكن الجسم الذي يحتل موضعاً محدداً لا بد أن يكون ساكناًً فيه.. وبما أننا نستطيع أن نختار أية لحظة على مسار حركة السهم ويكون ثابتاً فيها، فسيكون السهم ساكناً دوماً ولا يمكنه أن يطير!!!
يمكن أن ندعي اليوم أن الجسم المتحرك يمكن أن يشغل موضعاً محدداً في لحظة محددة، لكن فكرة السكون المطلق آمن بها جميع اليونان ومنهم أرسطو الذي ادعى أنه دحض أفكار زينون!
اعتمد أرسطو على فكرة المكان والزمان اللانهائيين ليحل مفارقات زينون، فقال أننا لا نستطيع الاستمرار في عملية جمع قطع صغيرة من المكان (أو فترات من الزمان) إلى ما لانهاية، لكننا نستطيع إذا كنا إزاء منطقة محدودة من المكان أو فترة محدودة من الزمان أن نستمر في تقسيمها إلى ما لانهاية، وهكذا ففي المفارقة الأولى يكون أمام العداء مسافة يمكن أن تقسم إلى ما لانهاية لأنها مسافة محدودة وكذلك مدة السباق يمكن أن تقسم إلى ما لانهاية، لكن العداء سيصل إلى نهاية السباق لأن المسافة المحدودة تتطلب فترة محدودة لقطعها. وكذلك يرى أرسطو في المفارقة الثانية أن العداء سيسبق السلحفاة لأن المسافة بينهما محدودة وبالتالي تتطلب زمناً محدداً ليلحق بالسلحفاة ومن ثم يتجاوزها.
أما لجهة المفارقة الثالثة فيقول أرسطو أن السهم سيطير بالتأكيد! فعندما نأخذ لحظتين زمنيتين يكون فيهما السهم ساكناً نستطيع تقسيم المدة الزمنية بين هاتين اللحظتين إلى عدد لانهائي من الفترات الصغيرة، وإذا مثلنا هذا العدد الغير محدود من اللحظات سنحصل على تواصل واستمرار من لحظة إلى أخرى مما يبين الحركة الاستمرارية للسهم.
يتضح لنا أن الفرضية الأساسية التي استند إليها أرسطو غير منسجمة! لكن حركة السهم التي تبدو مستمرة بررت الاعتقاد بأن هذه الاستمرارية مصنوعة من عدد لانهائي من الصور السكونية، وهكذا انتصرت أفكار أرسطو لأكثر من ألفي عام.. لكننا نعلم اليوم أن زينون هو من كان محقاً! فمبدأ الارتياب لهايزنبرغ يؤكد أن الجسم لا يمكن أن يشغل موضعاً محدداً ويكون في نفس الوقت متحركاً، ففي حين اعتقد أرسطو أن الرصد الحيادي يمكن الاستمرار به بغض النظر عن كيفية تقسيم الزمان والمكان بيّن هايزنبرغ أن عملية الرصد لا تتيح لنا مواصلة تحليل الحركة إلى ما لانهاية فممارستنا تدخل تقطعات في كل ما نرصد!
كما قلنا كان زينون يعلم طبعاً أن السهم يطير والعداء يسبق السلحفاة ويبلغ نهاية السباق! إلا أن زينون كان يقصد فهم الحركة وتحليلها، لذا قدم حججاً منطقية ليبين لمعصريه أن الحركة لا تحدث بالأسلوب الذي يعتقدونه، وهذا ما أثبته العلم حديثاً!

فوزي نجيب حجاب
07-18-2011, 11:44 PM
شكرا جزيلا الحسن على الموضوع الجميل

الحسن الخطيب
07-18-2011, 11:47 PM
الشكر لك أخي فوزي هذا كان أول موضوع لي في المنتدى لذلك لا أنساه أبدا

تغريد
07-18-2011, 11:50 PM
شكرا لك أخي الكريم حسن لتناولك هذا الموضوع الهام


"كما قلنا كان زينون يعلم طبعاً أن السهم يطير والعداء يسبق السلحفاة ويبلغ نهاية السباق! إلا أن زينون كان يقصد فهم الحركة وتحليلها، لذا قدم حججاً منطقية ليبين لمعصريه أن الحركة لا تحدث بالأسلوب الذي يعتقدونه، وهذا ما أثبته العلم حديثاً!"


و لكن يجب أن ننتبه هنا بأن الحركة مستقلة عن الراصد و لا تتأثر بإمكاناته و لا بقصوره بدليل أنها تحدث في غيابه
أعتقد أن أسباب التكميم في ميكانيكا الكم مختلفة و هي لا تخضع كل شيء للتكميم حسب معلوماتي و منها الحركة
و الله تعالى اعلم

فوزي نجيب حجاب
07-18-2011, 11:51 PM
فعلا اول موضوع له مكانة خاصة كذلك اول موضوع لى اتذكرة جيدا كان عن النسبية الخاصة ( سؤال )

الحسن الخطيب
07-18-2011, 11:56 PM
شكرا لك أخي الكريم حسن لتناولك هذا الموضوع الهام

و لكن يجب أن ننتبه هنا بأن الحركة مستقلة عن الراصد و لا تتأثر بإمكاناته و لا بقصوره بدليل أنها تحدث في غيابه
أعتقد أن أسباب التكميم في ميكانيكا الكم مختلفة و هي لا تخضع كل شيء للتكميم حسب معلوماتي و منها الحركة
و الله تعالى اعلم

شكرا لك دكتورة تغريد على المرور
عفوا لكن قصد الكاتب هنا أنه هذا الجدل يشبه بفلسفته و ليس بحيثياته جدل انشتاين و بور حول الكم ( اي هو على فكرة موضوع فلسفي أكثر مما يكون فيزيائي أو رياضي)
حيث كانت نظرة بور أعمق من نظرة انشتاين
و هنا أيضا كانت نظرة زينون ايليا أعمق من نظرة ارسطو

و طبعا الأمر مختلف كما قلتي حضرتك

شكرا على مروركِ

الحسن الخطيب
07-19-2011, 12:22 AM
و إضافة أيضا دكتورة تغريد
قدم زينون فهم جديد للمتناهيات في الصغر
و أن الحركة ستستمر لكن هنا قدم لهم فكرة أن لا يوجد سكون مطلق ولا يمكن لجسم متحرك أن يشغل موضع(و هذا برهنه العلم الحديث وفق مبدأ عدم اليقين) وهذا ما قصده الكاتب بالجملة
((كما قلنا كان زينون يعلم طبعاً أن السهم يطير والعداء يسبق السلحفاة ويبلغ نهاية السباق! إلا أن زينون كان يقصد فهم الحركة وتحليلها، لذا قدم حججاً منطقية ليبين لمعصريه أن الحركة لا تحدث بالأسلوب الذي يعتقدونه، وهذا ما أثبته العلم حديثاً))
أما ربط الكاتب هذا المثال بالكم فهو ربط بين منهج كل من زينون و علماء الكم

تغريد
07-19-2011, 11:20 PM
أشكرك أخي الكريم
هذا ما اردته بالضبط
هو أن نميز بين الفلسفة و بين العلم
فتناول الموضوع من ناحية فلسفسية له مزاياه و له عيوبه
مزاياه: أنه يضفي على المسائل رونقا خاصا تعطي دفعة قوية للباحث الجاد
أما عيوبها فأنها تعطي للكثيرون للأسف انطباعا خطيرا بأنه يمتلك علما يمكنه من تناول قضايا خطيرة كالمالانهاية
و كثيرون يتعرضون للدين بين مؤيد و معارض و كلاهما ينقصون من حق هذا الدين الذي ارتضاه الله لعباده الصالحين

بالإضافة إلى أن الفيلسوف يسمح لنفسه بتفسير الأمور من تلقاء نفسه اعتمادا على ثقته في ذكائه و هذا خطير

الحسن الخطيب
07-19-2011, 11:36 PM
شكرا جزيلا دكتورة تغريد
هو الكاتب تناول الموضوع بشكل علمي و تفسير منطقي
لكن فقط دخل الفلسفة في ربطه بينها و بين الكم
مع العلم أن الأستاذ ناصر منذر من أحد أهم المحاضرين في الجمعية الكونية السورية و على مستوى عالي من العلم و يمكنكِ قراءة محاضراته و مقالاته في موقع الجمعية
لكن مشكلته يخلط بعض أفكاره الفلسفية بالعلم في بعض النواحي و ربما انا ضد هذا الأمر و هذا ما أدى للكثير من العلماء الأوربيين للوصول للإلحاد

تغريد
07-20-2011, 01:17 PM
بارك الله فيك أخي حسن و وفقك لما يحبه و يرضاه
و أنار الله لك طريق العلم و الهدى

ندى أمين
07-20-2011, 10:49 PM
شكرا على الموضوع الرائع ومناقشتكم الأروع على الرغم من كرهى للفلسفة لأنها لا تقدم ماهو جديد لكن هذا الموضوع من أحدى المفارقات المميزة للفلاسفة والعلم الحديث قليلا مايؤيد الفلسفة حسب أعتقادى فيماعدا البناء الكمى للمادة فيما يخص الأوتار الفائقة والخيوط لصعوبة كشفه أو الوصول أليه

الحسن الخطيب
07-24-2011, 09:36 PM
شكرا أختي ندى على المرور الطيب

محمد عريف
08-06-2011, 05:52 PM
شكراً لكي أخي الحسن علي تلك المقدمة التاريخية الرائعة

دوماً نجد أن هناك من الفلاسفة الاغريق ما يتفقون معنا ... ومنهم من يختلف

هذا كل كان بسبب سعيهم الدائم حول المعرفة

واعتقد أن كلاً من أرسطو وزينون علي صواب .. فكل منهما يري المسألة من زاوية محدده

أرسطو رأي المسألة من زاوية التجربة والمشاهدة .. وهو علي صواب

أما زينون رأي المسألة من زاوية التحليل للتجربة المشاهدة .. وهو علي صواب

فنحن نشعر بما قاله أرسطو .. ونؤمن بما قاله زينون

أظن أن كلاهما لا يختلفان .. بل يكمل بعضهما بعضاً

مع وافر احترامي وتقديري

الحسن الخطيب
08-06-2011, 07:24 PM
كلامك صحيح أستاذ محمد عريف
لكن أنا أقصد أن أرسطو كانت نظرته نظرة كلاسيكية سطحية أما زينون (وهو بالمناسبة فينيقي عاش في الساحل السوري لكنه ليس عربي) كانت نظرته عميقة حيث يعد زينون أول من فهم معنى اللانهاية

البحث العلمي
09-14-2011, 08:52 PM
لا أرى أبدا أن نفرق بين الفلسفة و العلم
فالفلسفة أم العلوم ولولا فلسفة العلوم لما عرفنا فيزياء او غيرها
اما التفلسف في ذات الخالق أو فيما شرع لعباده فهذا هو القبيح و الممنوع
و الجدل القائم في نظرية الكم لا يزال قائما الى يومنا هذا وهي نظرية تواجه الكثير من الانتقادات و لا تعد ان تكون نظرية لا يمكن الجزم بأن جزئياتها حقيقة مطلقة فضلا عن تطبيقها في غير مجالها كما هو واضح من المقال و من فكر صاحبه و لا أظن أنه يجهل ذلك
و لا يمكن ان ينكر فيلسوف بأن كلامه بعيد كل البعد عن الفلسفة و التفلسف لتعارضه مع أصلها وهو المنطق
ولكنه نفس الفكر الذي انطلقت منه الفيزياء الحديثة و التي يرفض أصحابها التسليم بعجز و قصور العلم و العقل
و انطلاقا من هذا الرفض أتو بالمستحيل عقلا و علما في فلسفة نظريتهم
فمن انطلق من الخطأ قد يصل الى الصواب او الى الخطأ
فكيف يقبل العقل بما يتعارض مع مسلمات و بديهيات لا ينكرها الا مجنون وان كان زينون

فهنا نأت لنهدم العلم من أساسه و نجثت المنطق من أصله

و الله يرحم ضعف عقولنا

الحسن الخطيب
09-14-2011, 11:36 PM
لا أرى أبدا أن نفرق بين الفلسفة و العلم
فالفلسفة أم العلوم ولولا فلسفة العلوم لما عرفنا فيزياء او غيرها
اما التفلسف في ذات الخالق أو فيما شرع لعباده فهذا هو القبيح و الممنوع
و الجدل القائم في نظرية الكم لا يزال قائما الى يومنا هذا وهي نظرية تواجه الكثير من الانتقادات و لا تعد ان تكون نظرية لا يمكن الجزم بأن جزئياتها حقيقة مطلقة فضلا عن تطبيقها في غير مجالها كما هو واضح من المقال و من فكر صاحبه و لا أظن أنه يجهل ذلك
و لا يمكن ان ينكر فيلسوف بأن كلامه بعيد كل البعد عن الفلسفة و التفلسف لتعارضه مع أصلها وهو المنطق
ولكنه نفس الفكر الذي انطلقت منه الفيزياء الحديثة و التي يرفض أصحابها التسليم بعجز و قصور العلم و العقل
و انطلاقا من هذا الرفض أتو بالمستحيل عقلا و علما في فلسفة نظريتهم
فمن انطلق من الخطأ قد يصل الى الصواب او الى الخطأ
فكيف يقبل العقل بما يتعارض مع مسلمات و بديهيات لا ينكرها الا مجنون وان كان زينون

فهنا نأت لنهدم العلم من أساسه و نجثت المنطق من أصله

و الله يرحم ضعف عقولنا

شكرا جزيلا لكن لم أفهم ما تفصدين أستاذتي الكريمة بالضبط

بالمناسبة فقط فكرة زينون هي فكرة اللامتناهيات في الصغر و لكن لم يمتلك الأداة الرياضية التي تتيح له التعبير عن هذه الفكرة
لكن في القرن السابع عشر وجدت هذه الأداة هل تعلمين ماهي ؟؟ هي التكامل جمع لأجزاء لامتناهية في الصغر هذه الأداة لم يكن يمتلكها زينون لكي يبرهن كلامه
لذلك نقول أن كلامه فلسفة(وفلسفة رائعة و جادة و هادفة)


آمين

البحث العلمي
09-15-2011, 06:37 AM
لقد فهمت ما تقصد جيدا و لا أدري ما هي النقطة التي لم تفهمها من كلامي
على كل حال تبقى الرياضيات آداة للتعبير عن جزء من الظارة و تيسير الحسابات لا بد من التفريق بينها و بين الواقع الفيزيائي
و شكرا

الحسن الخطيب
09-15-2011, 11:30 AM
ما هو أستاذتي الكريمة موضوع رياضي دخل في الفيزياء بعد ذلك الوقت بكثيير