محمد عريف
11-28-2010, 01:01 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الذرة بين المنطق والتجريب
الجزء الثالث
فى عام 1869 اكتشف الروسي ديمتري مندليف Dmitri Mendeleev بعد تجارب عديدة علاقة أساسية تربط بين خواص العناصر وبين أوزانها الذرية، تعرف هذه العلاقة بالقانون الدوري للعناصر والذي ينص علي أن إذا رتبت جميع العناصر الكيميائية ترتيباً تصاعدياً حسب أوزانها الذرية فإن العناصر تتشابه فى الخواص بعد فترات منتظمة، لفت هذا القانون نظر الكيميائيين إلي أن ذرات العناصر لابد أن تكون متشابهة فى التركيب أو أنها تتركب من مادة أولية واحدة.
اعتبر مندليف هذا التشابه مفتاح الكشف عن النماذج الخفية فى العناصر، فبدأ بكتابة بطاقات دون عليها العناصر والحقائق الثابتة المعروفة عنها وجعل لكل عنصر بطاقة دون عليها درجة الانصهار والغليان والكثافة واللون والوزن الذري لذرة كل عنصر والقوة الترابطية the bonding power له وعدد الروابط التي يستطيع العنصر تكوينها، ولما فرغ مندليف من كتابة البطاقات حاول تصنيفها بعدة طرق، فلاحظ أن ثمة نماذج بدت له من خلال ترتيب هذه العناصر حسب الزيادة فى الكتلة الذرية atomic mass أو الوزن الذري.
لاحظ أن القوة الترابطية للعناصر ابتدءاً من الليثيوم حتى الفلور تغيرت بطريقة مرتبة، ثم جاء العنصر الأثقل بعد الفلور وهو الصوديوم بنفس القوة الترابطية لعنصر الليثيوم، لهذا رتب مندليف بطاقة الصوديوم تحت بطاقة الليثيوم وهذا معناه فى جدول مندليف أن كل عنصر له خاصية العنصر الذي فوقه والعنصر الذي تحته، وعلي الرغم من ذلك لم يكن جدول مندليف دقيقاً وكاملاً لأن ترتيب العناصر به حسب الكتلة الذرية لكل عنصر، كما خلف فى جدوله ثلاثة فراغات لثلاثة عناصر تنبأ مندليف باكتشافها، ومن خلال موقعها فى جدوله استطاع أن يبن خواصها.
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/7/74/%D0%94%D0%BC%D0%B8%D1%82%D1%80%D0%B 8%D0%B9_%D0%98%D0%B2%D0%B0%D0%BD%D0 %BE%D0%B2%D0%B8%D1%87_%D0%9C%D0%B5% D0%BD%D0%B4%D0%B5%D0%BB%D0%B5%D0%B5 %D0%B2_2.jpg
فى عام 1886 أكد جولد شتاين Goldstein أن الذرات بها شحنات موجبة وذلك عندما قام بتطبيق فرق جهد عالي بين إلكترودين داخل أنبوبة مفرغة من الهواء بحيث يكون المهبط السالب الشحنة يحتوي علي ثقب، اكتشف جولد شتاين أن هناك أشعة تمر من خلال هذا الثقب تسبب وميضاً عند اصطدامها بالحاجز الفلورسنتي خلف المهبط، وجد جولد شتاين أن هذه الأشعة عبارة عن جسيمات موجبة، لذا سميت بالأشعة الموجبة Positive rays .
فى عام 1789 اكتشف الألماني مارتن كلابروث Martin Heinrich Klaproth اليورانيوم حيث وجده فى خام البتشبلند ( أكسيد اليورانيوم ) وهو معدن داكن أسود مزرق اللون، وأسماه يورانيوم نسبة لكوكب أورانوس الذي اكتشف فى عام 1781، كان هذا العنصر الجديد له خاصية جديدة وفريدة وهو قدرته على الإضاءة فى الظلام، ولم يستطيع أحد آنذاك أن يضع تفسيراً لهذه الظاهرة الغربية.
وفي عام 1841 قام الكيمائي الفرنسي يوجين بليجو Eugène-Melchior Péligot بفصله نقياً من خام البتشبلند Pitchblende.
وفى عام 1896 وبينما كان الفيزيائي الفرنسي هنري بيكريل Antoine Henri Becquerel يعد لإجراء تجربة كان علي موعد مع التاريخ، قام هنري بتحضير مادة ثاني كبريتات اليورانيل والبوتاسيوم double sulfate of uranyl and potassium [ K2UO2(SO4)2 .2H2O ]، ووضعها فوق لوح فوتوغرافي حساس مغلف بورق أسود سميك يحجب نفاذ الضوء، وتركها فى درج مكتبه تمهيداً لتعريضها لأشعة الشمس، ولكن تلبد السماء بالغيوم حال دون ذلك، فبادر بإخراج اللوح الفوتوغرافي وقام بتحميضه، وكم كانت دهشته عندما وجد أن صورة بلورات اليورانيوم مطبوعة علي اللوح الفوتوغرافي مع أنه محاط بورق أسود يمنع نفاذ الضوء، وعلي الفور أدرك هنري سر الضياء المنبعث من اليورانيوم، إنها أشعة من نوع جديد لها القدرة علي النفاذ خلال المواد، وسرعان ما قام هنري بإجراء التجارب لكشف غموض هذه الأشعة، لقد وجد هنري أن هذه الأشعة لها القدرة علي تأيين الهواء وجعله موصلاً للتيار الكهربي، كما أن لها القدرة علي اختزال أملاح الفضة، وقد أطلق بيكريل علي هذه الظاهرة اسم ظاهرة النشاط الإشعاعي Radioactivity ولكنه لم يحدد طبيعة هذه الإشعاعات.
http://reich-chemistry.wikispaces.com/file/view/Becquerel.GIF/175127173/Becquerel.GIF
فى ابريل عام 1897 أعلن الفيزيائي الإنجليزي جوزيف جون طومسون Joseph John Thomson فى بحث قدمه للجمعية الملكية بانجلترا اكتشاف الإلكترون، جاء ذلك بعد دراسته خواص أشعة المهبط cathode rays التي تحدث فى أنبوبة التفريغ الكهربي للغازاتcathode ray tube ، أوضح طومسون أن أشعة المهبط تتكون من جسيمات تحمل شحنة سالبة أطلق عليها اسم الكترونات Electrons، وسأدع طومسون بنفسه يشرح لكم حيثيات هذا الاكتشاف الهام من محاضرته التي ألقاها أثناء تسليمه جائزة نوبل فى 11 ديسمبر عام 1906:
« عندما يحدث التفريغ الكهربي داخل أنبوبة عالية التفريغ، فإن جوانب الأنبوبة تتوهج مع تفسفر أخضر واضح، يحدث ذلك بسبب انبعاث شئ ما فى خطوط مستقيمة من الكاثود ليري من الجانب الأخر، وبوضع صليب من الميكا بين الكاثود وجدار الأنبوبة فإن التفسفر الأخضر لم يمتد فى جميع أنحاء نهاية الأنبوب عند بداية التفريغ، بينما يحدث ذلك بدون وجود الصليب، وسنري حينها ظل هذا الصليب فى التفسفر الأخضر فى نهاية الأنبوبة، وأن شكل هذا الظل يثبت بأن ظاهرة التفسفر تحدث بسبب شئ ما يتحرك من الكاثود فى خطوط مستقيمة إلي نهاية الأنبوبة، والتي تتوقف عند اصطدامها بقطعة الميكا، والسبب فى ظهور التفسفر الأخضر هو أشعة الكاثود، ولفترة ما كان هناك خلاف حاد حول طبيعة هذه الأشعة، الفيزيائيين الإنجليز أرجعوا طبيعة هذه الأشعة إلي أنها عبارة عن أجسام سالبة التكهرب تنطلق من الكاثود بسرعة كبيرة، بينما الفيزيائيين الألمان اعتقدوا أن هذه الأشعة عبارة عن أحد أشكال الموجات أو الاهتزازات الأثيرية ethereal vibration or waves، وقد أثبتت التجارب صحة النظرية الإنجليزية، فإذا عرضنا هذه الأشعة لمجال مغناطيسي فإنها تتصرف تماماً مثلها مثل الجزيئات سالبة الشحنة التي تتحرك فى مجال مغناطيسي، فعند وضع مغناطيس بالقرب من هذه الأشعة فإنها تتأثر بقوة عمودية علي كل من اتجاه المجال المغناطيسي واتجاه حركتها. »
تابعونا في الحلقة القادمة عن تفاصيل اكتشاف طومسون
___________________________________ __________________
الحلقة الأولي
http://www.hazemsakeek.com/vb/showthread.php?27186-%C7%E1%D0%D1%C9-..-%C8%ED%E4-%C7%E1%E3%E4%D8%DE-%E6%C7%E1%CA%CC%D1%ED%C8-1
الحلقة الثانية
http://www.hazemsakeek.com/vb/showthread.php?27530-%C7%E1%D0%D1%C9-..-%C8%ED%E4-%C7%E1%E3%E4%D8%DE-%E6%C7%E1%CA%CC%D1%ED%C8-2
حمل الحلقة الثالثة PDF
http://hazemsakeek.com/up/download.php?id=1870
الذرة بين المنطق والتجريب
الجزء الثالث
فى عام 1869 اكتشف الروسي ديمتري مندليف Dmitri Mendeleev بعد تجارب عديدة علاقة أساسية تربط بين خواص العناصر وبين أوزانها الذرية، تعرف هذه العلاقة بالقانون الدوري للعناصر والذي ينص علي أن إذا رتبت جميع العناصر الكيميائية ترتيباً تصاعدياً حسب أوزانها الذرية فإن العناصر تتشابه فى الخواص بعد فترات منتظمة، لفت هذا القانون نظر الكيميائيين إلي أن ذرات العناصر لابد أن تكون متشابهة فى التركيب أو أنها تتركب من مادة أولية واحدة.
اعتبر مندليف هذا التشابه مفتاح الكشف عن النماذج الخفية فى العناصر، فبدأ بكتابة بطاقات دون عليها العناصر والحقائق الثابتة المعروفة عنها وجعل لكل عنصر بطاقة دون عليها درجة الانصهار والغليان والكثافة واللون والوزن الذري لذرة كل عنصر والقوة الترابطية the bonding power له وعدد الروابط التي يستطيع العنصر تكوينها، ولما فرغ مندليف من كتابة البطاقات حاول تصنيفها بعدة طرق، فلاحظ أن ثمة نماذج بدت له من خلال ترتيب هذه العناصر حسب الزيادة فى الكتلة الذرية atomic mass أو الوزن الذري.
لاحظ أن القوة الترابطية للعناصر ابتدءاً من الليثيوم حتى الفلور تغيرت بطريقة مرتبة، ثم جاء العنصر الأثقل بعد الفلور وهو الصوديوم بنفس القوة الترابطية لعنصر الليثيوم، لهذا رتب مندليف بطاقة الصوديوم تحت بطاقة الليثيوم وهذا معناه فى جدول مندليف أن كل عنصر له خاصية العنصر الذي فوقه والعنصر الذي تحته، وعلي الرغم من ذلك لم يكن جدول مندليف دقيقاً وكاملاً لأن ترتيب العناصر به حسب الكتلة الذرية لكل عنصر، كما خلف فى جدوله ثلاثة فراغات لثلاثة عناصر تنبأ مندليف باكتشافها، ومن خلال موقعها فى جدوله استطاع أن يبن خواصها.
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/7/74/%D0%94%D0%BC%D0%B8%D1%82%D1%80%D0%B 8%D0%B9_%D0%98%D0%B2%D0%B0%D0%BD%D0 %BE%D0%B2%D0%B8%D1%87_%D0%9C%D0%B5% D0%BD%D0%B4%D0%B5%D0%BB%D0%B5%D0%B5 %D0%B2_2.jpg
فى عام 1886 أكد جولد شتاين Goldstein أن الذرات بها شحنات موجبة وذلك عندما قام بتطبيق فرق جهد عالي بين إلكترودين داخل أنبوبة مفرغة من الهواء بحيث يكون المهبط السالب الشحنة يحتوي علي ثقب، اكتشف جولد شتاين أن هناك أشعة تمر من خلال هذا الثقب تسبب وميضاً عند اصطدامها بالحاجز الفلورسنتي خلف المهبط، وجد جولد شتاين أن هذه الأشعة عبارة عن جسيمات موجبة، لذا سميت بالأشعة الموجبة Positive rays .
فى عام 1789 اكتشف الألماني مارتن كلابروث Martin Heinrich Klaproth اليورانيوم حيث وجده فى خام البتشبلند ( أكسيد اليورانيوم ) وهو معدن داكن أسود مزرق اللون، وأسماه يورانيوم نسبة لكوكب أورانوس الذي اكتشف فى عام 1781، كان هذا العنصر الجديد له خاصية جديدة وفريدة وهو قدرته على الإضاءة فى الظلام، ولم يستطيع أحد آنذاك أن يضع تفسيراً لهذه الظاهرة الغربية.
وفي عام 1841 قام الكيمائي الفرنسي يوجين بليجو Eugène-Melchior Péligot بفصله نقياً من خام البتشبلند Pitchblende.
وفى عام 1896 وبينما كان الفيزيائي الفرنسي هنري بيكريل Antoine Henri Becquerel يعد لإجراء تجربة كان علي موعد مع التاريخ، قام هنري بتحضير مادة ثاني كبريتات اليورانيل والبوتاسيوم double sulfate of uranyl and potassium [ K2UO2(SO4)2 .2H2O ]، ووضعها فوق لوح فوتوغرافي حساس مغلف بورق أسود سميك يحجب نفاذ الضوء، وتركها فى درج مكتبه تمهيداً لتعريضها لأشعة الشمس، ولكن تلبد السماء بالغيوم حال دون ذلك، فبادر بإخراج اللوح الفوتوغرافي وقام بتحميضه، وكم كانت دهشته عندما وجد أن صورة بلورات اليورانيوم مطبوعة علي اللوح الفوتوغرافي مع أنه محاط بورق أسود يمنع نفاذ الضوء، وعلي الفور أدرك هنري سر الضياء المنبعث من اليورانيوم، إنها أشعة من نوع جديد لها القدرة علي النفاذ خلال المواد، وسرعان ما قام هنري بإجراء التجارب لكشف غموض هذه الأشعة، لقد وجد هنري أن هذه الأشعة لها القدرة علي تأيين الهواء وجعله موصلاً للتيار الكهربي، كما أن لها القدرة علي اختزال أملاح الفضة، وقد أطلق بيكريل علي هذه الظاهرة اسم ظاهرة النشاط الإشعاعي Radioactivity ولكنه لم يحدد طبيعة هذه الإشعاعات.
http://reich-chemistry.wikispaces.com/file/view/Becquerel.GIF/175127173/Becquerel.GIF
فى ابريل عام 1897 أعلن الفيزيائي الإنجليزي جوزيف جون طومسون Joseph John Thomson فى بحث قدمه للجمعية الملكية بانجلترا اكتشاف الإلكترون، جاء ذلك بعد دراسته خواص أشعة المهبط cathode rays التي تحدث فى أنبوبة التفريغ الكهربي للغازاتcathode ray tube ، أوضح طومسون أن أشعة المهبط تتكون من جسيمات تحمل شحنة سالبة أطلق عليها اسم الكترونات Electrons، وسأدع طومسون بنفسه يشرح لكم حيثيات هذا الاكتشاف الهام من محاضرته التي ألقاها أثناء تسليمه جائزة نوبل فى 11 ديسمبر عام 1906:
« عندما يحدث التفريغ الكهربي داخل أنبوبة عالية التفريغ، فإن جوانب الأنبوبة تتوهج مع تفسفر أخضر واضح، يحدث ذلك بسبب انبعاث شئ ما فى خطوط مستقيمة من الكاثود ليري من الجانب الأخر، وبوضع صليب من الميكا بين الكاثود وجدار الأنبوبة فإن التفسفر الأخضر لم يمتد فى جميع أنحاء نهاية الأنبوب عند بداية التفريغ، بينما يحدث ذلك بدون وجود الصليب، وسنري حينها ظل هذا الصليب فى التفسفر الأخضر فى نهاية الأنبوبة، وأن شكل هذا الظل يثبت بأن ظاهرة التفسفر تحدث بسبب شئ ما يتحرك من الكاثود فى خطوط مستقيمة إلي نهاية الأنبوبة، والتي تتوقف عند اصطدامها بقطعة الميكا، والسبب فى ظهور التفسفر الأخضر هو أشعة الكاثود، ولفترة ما كان هناك خلاف حاد حول طبيعة هذه الأشعة، الفيزيائيين الإنجليز أرجعوا طبيعة هذه الأشعة إلي أنها عبارة عن أجسام سالبة التكهرب تنطلق من الكاثود بسرعة كبيرة، بينما الفيزيائيين الألمان اعتقدوا أن هذه الأشعة عبارة عن أحد أشكال الموجات أو الاهتزازات الأثيرية ethereal vibration or waves، وقد أثبتت التجارب صحة النظرية الإنجليزية، فإذا عرضنا هذه الأشعة لمجال مغناطيسي فإنها تتصرف تماماً مثلها مثل الجزيئات سالبة الشحنة التي تتحرك فى مجال مغناطيسي، فعند وضع مغناطيس بالقرب من هذه الأشعة فإنها تتأثر بقوة عمودية علي كل من اتجاه المجال المغناطيسي واتجاه حركتها. »
تابعونا في الحلقة القادمة عن تفاصيل اكتشاف طومسون
___________________________________ __________________
الحلقة الأولي
http://www.hazemsakeek.com/vb/showthread.php?27186-%C7%E1%D0%D1%C9-..-%C8%ED%E4-%C7%E1%E3%E4%D8%DE-%E6%C7%E1%CA%CC%D1%ED%C8-1
الحلقة الثانية
http://www.hazemsakeek.com/vb/showthread.php?27530-%C7%E1%D0%D1%C9-..-%C8%ED%E4-%C7%E1%E3%E4%D8%DE-%E6%C7%E1%CA%CC%D1%ED%C8-2
حمل الحلقة الثالثة PDF
http://hazemsakeek.com/up/download.php?id=1870