المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قرأت لك: قواعد لعالم كمومي معقد



محمد عريف
07-23-2010, 11:01 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


أعضاء المنتدي الكرام

هذا المقال منشور بمجلة العلوم عدد يونيو - يوليو 2003



قواعد لعالَم كمومي معقد(*)
فرع معرفي أساسي جديد مثير يجمع علم المعلومات مع الميكانيك الكمومي.
<A.M.نيلسن>


خلال العقود القليلة الماضية تعلم العلماء أن القواعد البسيطة يمكن أن تؤدي إلى ظهور سلوكيات غنية جدا، ويعد الشطرنج مثالا جيدا على ذلك. تخيل أنك لاعب شطرنج متمرس قُدِّمتَ إلى شخص يَدّعي معرفة باللعبة. وتلعب معه بضع مرات، فتدرك أنه لا يجيد اللعبة على الرغم من أنه يعرف قواعد الشطرنج. إنه يحرك القطع حركات عبثية (غير منطقية)، مضحيا بالوزير مقابل بيدق (جندي) ويخسر الطابية (الرخ) دون أي مبرر. إنه لا يفهم الشطرنج فهما حقيقيا، فهو جاهل بالمبادئ وطرائق الاستكشاف الذاتي العالية المستوى والمألوفة لأي لاعب متمرس. إن هذه المبادئ هي خصائص تراكمية أو انبثاقية للشطرنج؛ إنها سمات لا تتضح مباشرة من القواعد، بل تنشأ عن التآثر بين القطع على رقعة الشطرنج.

ويشابه فهم العلماء الحالي للميكانيك الكمومي فهم تلميذ شطرنج يتعلم ببطء. لقد عرفنا القواعد لمدة تزيد على سبعين عاما، ولدينا عدة «نقلات» ذكية ناجحة في بعض الحالات الخاصة، لكننا مازلنا نتعلم تدريجيا المبادئ العالية المستوى الضرورية لممارسة لعبة مفعمة بالحرفية.

إن اكتشاف هذه المبادئ هو هدف علم المعلومات الكمومية quantum information science، وهو حقل أساسي يتفتح استجابة لطريقة جديدة في إدراك العالم. وهناك العديد من المقالات حول علم المعلومات الكمومية التي تركز على التطبيقات التقانية، مثل جماعات بحث «تنقل عن بعد»(1) teleport حالات كمومية من مكان إلى آخر. ويستخدم فيزيائيون آخرون الحالات الكمومية لتوليد مفاتيح تعمية (تشفير) مطلقة المناعة ضد التنصت. ويقوم علماء المعلومات باستنباط خوارزميات لحواسيب كمومية افتراضية أسرع بكثير من أفضل الخوارزميات المعروفة جيدا للحواسيب التقليدية(2).



http://www.oloommagazine.com/images/Articles/19/SCI2003b19N6-7_H10_00556.jpg


إن هذه التقانات فاتنة، لكنها تحجب حقيقة كونها ناتجا ثانويا لتحريات تتناول أسئلة علمية جديدة عميقة. فالتطبيقات من قبيل النقل الكمومي عن بعد تؤدي دورا مشابها للمحركات البخارية والآلات الأخرى التي استنهضت تطور الثرموديناميك (التحريك الحراري) في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. لقد كانت الحوافز التي شجعت الثرموديناميك أسئلة أساسية جوهرية حول الكيفية التي ترتبط بها الطاقة والسخونة ودرجة الحرارة، وحول التحولات بين هذه المقادير في السيرورات الفيزيائية، وحول الدور الأساسي للإنتروپي (القصور) entropy. وعلى نحو مشابه، يستقصي علماء المعلومات الكمومية العلاقة بين وحدات المعلومات التقليدية والكمومية، والطرائق الجديدة التي يمكن بها معالجة المعلومات الكمومية، والأهمية الحيوية للخاصة الكمومية المسماة بالتشابك entanglement والتي تفرض ارتباطات غريبة بين الأشياء المختلفة.

وغالبا ما تصف التقارير المبسطة التشابك بأنه السمة «كل شيء أو لا شيء» التي تكون فيها الجسيمات الكمومية إما متشابكة وإما غير متشابكة. لكن علم المعلومات الكمومية كشف عن أن التشابك، على غرار الطاقة، مورد فيزيائي قابل للتكميم quantifiable وأنه يتيح معالجة المعلومات: بعض المنظومات تمتلك تشابكا قليلا، وبعضها الآخر يمتلك الكثير. وكلما كان هناك تشابك أكثر، كانت المنظومة أكثر ملاءمة لمعالجة المعلومات الكمومية. يضاف إلى ذلك أن الباحثين بدؤوا بتطوير قوانين كمية فعالة للتشابك (مشابهة لقوانين الثرموديناميك التي تحكم الطاقة) توفر مجموعة من المبادئ العالية المستوى لفهم سلوك التشابك ولوصف الكيفية التي تمكننا من استخدامه لمعالجة المعلومات.

إن علم المعلومات الكمومية جديد إلى درجة أن الباحثين مازالوا في بداية تعاملهم مع طبيعته ذاتها وفهمها؛ إضافة إلى أنهم يختلفون حول القضايا التي تقع في صميمه. وتمثل هذه المقالة رؤيتي الشخصية بأن الهدف المركزي لعلم المعلومات الكمومية هو تطوير مبادئ عامة من قبيل قوانين التشابك، التي ستمكننا من فهم التعقيد في المنظومات الكمومية.


التعقيد والكم(**)

تركز دراسات كثيرة تتعلق بالتعقيد على منظومات من قبيل الطقس أو أكوام الرمل، يتم وصفها بالفيزياء التقليدية عوضا عن الفيزياء الكمومية. إن ذلك التركيز طبيعي، لأن المنظومات المعقدة ماكروية (عيانية، جهرية)(3) عادة وتحتوي على كثير من الأجزاء المكونة لها، وتفقد معظم المنظومات طبيعتها الكمومية مع ازدياد حجمها. ويحصل هذا الانتقال من الكمومي إلى التقليدي بسبب التآثر الشديد للمنظومات الكمومية الكبيرة مع محيطها مما يؤدي إلى فك الترابط decoherence، الأمر الذي يدمر الخواص الكمومية للمنظومة [انظر: «مئة عام من الأسرارالكمومية»،مجلة العلوم، العددان 2/3(2003) ، ص 78].

خذ كمثل على فك الترابط، قطة إروين شرودينگر الشهيرة داخل صندوق. تنتهي هذه القطة من حيث المبدأ، إلى حالة كمومية غريبة في موقع ما بين الموت والحياة؛ ولا معنى لوصفها بالقول بأنها حالة الموت أو حالة الحياة. إلا أن القطة تتآثر في حقيقة الأمر مع الصندوق من خلال تبادل الضوء والحرارة والصوت، كما يتفاعل الصندوق مع بقية العالم. وتدمِّر هذه السيرورات خلال بضعة نانوثوانٍ الحالات الكمومية الرهيفة داخل الصندوق، وتستعيض عنها بحالات تُدركها قوانين الفيزياء التقليدية بتقريب جيد. وهكذا فالقطة داخل الصندوق هي في الواقع حية أو ميتة، وليست في حالة مبهمة غير تقليدية تجمع الحالتين.

إن مفتاح رؤية السلوك الكمومي الحقيقي في منظومة معقدة هو عزلها بشكل جيد جدا عن بقية العالم، وبالتالي منع فك الترابط والحفاظ على الحالات الكمومية الهشة. ويمكن تحقيق هذا العزل بسهولة نسبية في المنظومات الصغيرة مثل الذرات المعلقة في فخ مغنطيسي في الخلاء، لكن الأمر أشد صعوبة في المنظومات الأكبر التي يمكن أن نجد فيها سلوكا معقدا. إن الاكتشافات المختبرية العرَضية لظواهر مرمرقة كالموصلية الفائقة ومفعول <هول> الكمومي هما مثالان حقق فيهما الفيزيائيون منظومات كمومية كبيرة جيدة العزل. وتُبين هذه الظواهر أن قواعد الميكانيك الكمومي البسيطة يمكن أن تؤدي إلى انبثاق مبادئ تحكم السلوكيات المعقدة.


المعلومات الكمومية/ نظرة إجمالية(***)


▪ ليست المعلومات رياضياتية محضة، بل على العكس تتجسد فيزيائيا دائما. ففي علم المعلومات التقليدية، يخضع التجسيد للفيزياء التقليدية اللاكمومية. أما علم المعلومات الكمومية الناشئ فيضع المعلومات في سياق كمومي.
▪ المورد الأساسي للمعلومات التقليدية هو البتة التي تأخذ دائما إحدى القيمتين: 0 أو 1. أما المعلومات الكمومية فتأتي في بتات كمومية، أو كيوبتات. ويمكن للكيوبتات أن توجد في حالات تراكب تتضمن القيمتين 0 و 1 في آن واحد، ويمكن لمجموعات من الكيوبتات أن «تتشابك»، وهذا ما يعطيها ترابطا منافيا للحدس.
▪ ويمكن للحواسيب الكمومية التي تعالج الكيوبتات، وخاصة الكيوبتات المتشابكة، أن تتفوق على الحواسيب التقليدية. فالتشابك يتصرف كمورد، مثل الطاقة، يمكن استخدامه للقيام بمعالجة معلومات كمومية.
▪ إن هدف علم المعلومات الكمومية هو فهم المبادئ العامة العالية المستوى التي تحكم المنظومات الكمومية المعقدة من قبيل الحواسيب الكمومية. إن صلة هذه المبادئ بقوانين الميكانيك الكمومي كصلة الاستكشاف الذاتي للبراعة في لعبة الشطرنج بقواعد اللعبة الأساسية.



موارد ومهام(****)

نحاول فهم المبادئ العالية المستوى التي تحكم تلك الأمثلة النادرة التي يتلاقى فيها الكمومي والمعقد من خلال استخلاص أدوات من نظرية المعلومات التقليدية ومهايأتها وتوسيعها. وفي عام 2001، اقترح <W.B.شوماخر> [من كلية كِنيون] أن العناصر الجوهرية لعلم المعلومات، بشكليها التقليدي والكمومي، يمكن أن تلخص على شكل إجرائية ذات ثلاث خطوات:
1. عرِّف مَوْردا فيزيائيا. وثمة مثال تقليدي مألوف على ذلك هو سلسلة من البتات. فعلى الرغم من أنه ينظر للبتات عادة على أنها كينونات مجردة ـ أصفار وواحدات ـ فإن جميع المعلومات مكودة حتما في أشياء فيزيائية حقيقية، ولذلك يجب النظر إلى سلسلة البتات على أنها مورد فيزيائي.
2. عرِّف مهمة لمعالجة المعلومات يمكن تأديتها باستخدام المورد الفيزيائي المذكور في الخطوة 1. ومثال تقليدي على ذلك هو المهمة ذات الجزأين الخاصة بضغط compressing خَرْج مصدر معلومات (نص في كتاب على سبيل المثال) في سلسلة بتات، ثم إبطال الضغط decompressing ـ أي استعادة المعلومات الأصلية من سلسلة البتات المضغوطة.
3. عرِّف معيار النجاح التام للمهمة المعرفة في الخطوة 2. في مثالنا، يمكن أن يكون المعيار هو التطابق التام بين الخرج الناتج من مرحلة إبطال الضغط وبين الدخل إلى مرحلة الضغط.

ويصبح السؤال الجوهري في علم المعلومات عندئذ: «ما هو المقدار الأصغري من المورد الفيزيائي (1) الذي نحتاج إليه من أجل تنفيذ مهمة معالجة معلومات (2) وفقا لمعيار النجاح (3)؟». على الرغم من أن هذا السؤال لا يحيط بعلم المعلومات برمته، فإنه يوفر عدسة شديدة التكبير للنظر من خلالها إلى الكثير من الأبحاث في هذا الحقل (انظر الإطار في هذه الصفحة).


السؤال الجوهري(*****)


يتلخص قسم كبير من علم المعلومات، بشكليه التقليدي والكمومي، بتحليل الأشكال المختلفة لسؤال أساسي واحد: «ما مقدار مورد المعلومات اللازم لأداء مهمة معالجة معلومات محددة؟». على سبيل المثال: «كم عدد الخطوات الحسابية اللازمة لإيجاد العوامل الأولية لعدد مكون من 300 رقم؟» إن أفضل خوارزمية تقليدية تستغرق نحو x1024 5 خطوة، أو نحو 000 150سنة بسرعة ترّا هيرتز (مليون ميگاهيرتز)، إلا أنه يمكن لخوارزمية تحليل كمومية، بالاستفادة من الحالات الكمومية التي لا تحصى، ألا تتطلب إلا 5 x1010 خطوة، أو أقل من ثانية واحدة بسرعة ترّا هيرتز.


http://www.oloommagazine.com/images/Articles/19/SCI2003b19N6-7_H10_00557.jpg



يتوافق مثال ضغط البيانات مع سؤال أساسي في علم المعلومات التقليدي ـ أي ما عدد البتات الأصغري اللازم لخزن المعلومات الناتجة من مصدر ما؟ لقد حل هذه المسألة <E.C.شانون> في مقالاته الشهيرة التي أسست نظرية المعلومات عام 1948. فقد كمم quantified <شانون> المحتوى المعلوماتي الناتج من مصدر معلومات، معرفا إياه بأنه عدد البتات الأصغري اللازم لخزن خرج المصدر على نحو موثوق. ويُعرف تعبيره الرياضياتي للمحتوى المعلوماتي حاليا ب«إنتروپي شانون».

إن إنتروپي شانون يمثل الجواب عن سؤال جوهري بسيط حول المعالجة التقليدية للمعلومات. ولذلك فليس غريبا أن تكون دراسة خصائص إنتروپي شانون قد آتت ثمارها في تحليل عمليات أشد تعقيدا من ضغط البيانات. فهو (إنتروپي شانون) يؤدي، على سبيل المثال، دورا مركزيا في حساب مقدار المعلومات التي يمكن نقلها بشكل موثوق عبر قناة اتصال فيها ضجيج، وحتى في فهم ظواهر مثل المراهنة وأداء سوق الأوراق المالية. إن أحد الموضوعات العامة في علم المعلومات هو أن الأسئلة حول العمليات الأولية تقود إلى توحيد المفاهيم التي تحفز التبصر في عمليات أشد تعقيدا.

تكتسب عناصر لائحة شوماخر الثلاثة في علم المعلومات الكمومية غنى جديدا. ما الموارد الفيزيائية الجديدة المتاحة في الميكانيك الكمومي؟ ما مهمات معالجة المعلومات التي يمكننا أن نأمل تحقيقها؟ وما هي معايير النجاح المناسبة؟ تتضمن الموارد الآن حالات التراكب(4) مثل قطة شرودينگر المثالية الحية والميتة. أما العمليات فيمكن أن تشتمل على منابلات التشابك (الترابطات الكمومية الغريبة) بين أشياء شديدة التباعد. وأما معايير النجاح فتصبح أكثر دقة وحساسية منها في الحالة التقليدية، إذ يجب علينا ـ للوصول إلى نتيجة ما في مهمة معالجة معلومات كمومية ـ أن نرصد المنظومة أو نقيسها، الأمر الذي سيغيرها بصورة شبه حتمية، وبذلك سيتم تدمير حالات التراكب الخاصة التي تتفرد بها الفيزياء الكمومية.


الكيوبتات (البتات الكمومية)(******)

يبدأ علم المعلومات الكمومية بتعميم المورد الأساسي للمعلومات التقليدية، وهي البتات، إلى البتات الكمومية أي الكيوبتات. وكما أن البتات هي أشياء مثالية مستنبطة من مبادئ الفيزياء التقليدية، فالحال كذلك في الكيوبتات: إنها أشياء كمومية مثالية مستنبطة من مبادئ الميكانيك الكمومي. ويمكن تمثيل البتات بمناطق مغنطيسية على أقراص، أو بڤلطيات في مجموعة دارات، أو بعلامات گرافيتية يخطها قلم رصاص على ورقة. إن الأداء الوظيفي لهذه الحالات الفيزيائية التقليدية كبتات لا يعتمد على تفاصيل الكيفية التي تنفذ بها. وعلى نفس النحو، فإن خصائص الكيوبتات مستقلة عن تمثيلها الفيزيائي المعين، كأن تكون سپين نواة ذرية أو استقطاب فوتون ضوئي.

توصف البتة بحالتها: 0 أو 1. وعلى نحو مماثل، توصف الكيوبتة بحالتها الكمومية. وتقابل حالتان كموميتان ممكنتان للكيوبتة حالتي ال0 و ال1 للبتة التقليدية. غير أنه في الميكانيك الكمومي، فإن أي شيء ذي حالتين مختلفتين، يمتلك بالضرورة حالات عديدة أخرى تُدعى تراكيب، وهي التي تقتضي كلتا الحالتين بدرجات متفاوتة. والحالات المسموح بها للكيوبتة هي على وجه التحديد جميع تلك الحالات التي يجب إتاحتها، من حيث المبدأ، لبتة تقليدية ازدرعت في العالم الكمومي. هذا وتقابل حالات الكيوبتة نقاطا على سطح كرة، حيث يمثل ال0 وال1 القطبين الجنوبي والشمالي (انظر الإطار في هذه الصفحة). أما المتصل(5) (المجموعة المترابطة المتراصة) من الحالات بين ال0 وال1، فهو الذي يغذي الكثير من الخصائص غير المألوفة للمعلومات الكمومية.


شرح الكيوبتات(*******)


يمكن للبتة أن تأخذ واحدة من حالتين: 0 أو 1. ويمكن تمثيل البتة بمفتاح ترانزستوري يوضع في حالة «وصل» أو «فصل»، أو تجريديا بسهم يشير إلى أعلى أو أسفل.
يمكن للكيوبتة، وهي الشكل الكمومي للبتة، أن توجد في عدد أكبر بكثير من الحالات الممكنة. يمكن تمثيل الحالات بسهم يشير إلى موضع على كرة حيث يكون القطب الشمالي مكافئا لل1، ويكون القطب الجنوبي مكافئا لل0. أما سائر المواضع فهي تراكبات كمومية لل0 وال1.
قد تبدو الكيوبتة وكأنها تحتوي على مقدار لانهائي من المعلومات لأنه يمكن لإحداثياتها أن تكود لمتتابعة لامتناهية من الأرقام. لكن استخراج المعلومات الموجودة في الكيوبتة يستلزم إجراء قياس. وعندما تقاس الكيوبتة، يتطلب الميكانيك الكمومي أن تكون النتيجة دائما بتة عادية: 0 أو 1. ويعتمد احتمال كل نتيجة على خط عرض الكيوبتة.


http://www.oloommagazine.com/images/Articles/19/SCI2003b19N6-7_H10_00558.jpg



ما كمية المعلومات التقليدية التي يمكن خزنها في كيوبتة واحدة؟ يوحي أحد أوجه الاستدلال بأن المقدار لانهائي: لتحديد حالة كمومية فإننا نحتاج إلى معرفة خطي الطول والعرض للنقطة المقابلة للحالة على الكرة، وهما مقداران يمكن معرفتهما من حيث المبدأ، وبالدقة المطلوبة. ويمكن لهذه الأرقام أن تكوِّد متتاليةً طويلة من البتات. فعلى سبيل المثال، 011101101 يمكن أن تُكوَّد كحالة بخط عرض 01 درجة، 11 دقيقة، 01.101 ثانية.

إن هذا الاستدلال مقبول ظاهريا إلا أنه غير صحيح. ذلك أنه يمكن للمرء تكويد مقدار لانهائي من المعلومات التقليدية في كيوبتة واحدة، لكنه لا يستطيع بتاتا استرجاع تلك المعلومات من الكيوبتة. إن أبسط محاولة لقراءة حالة الكيوبتة، بالقياس المباشر المعتاد لها، لن تعطي إلا نتيجة على شكل 1 أو 0، أي قطب جنوبي أو شمالي، باحتمال لكل منهما يحدده خط عرض الحالة الأصلية (البدئية). يمكنك أن تختار قياسا مختلفا، ربما باستخدام محور «ميلبورن ـ جزر الأزور» عوضا عن محور الشمال ـ الجنوب، إلا أنك هنا أيضا لن تستخرج إلا بتة واحدة من المعلومات، وإن كانت تتحكم فيها احتمالات ذات ارتباط مختلف بخطي طول وعرض الحالة. فمهما يكن القياس الذي تختار إجراءه، فإنه يمحي جميع المعلومات في الكيوبتة باستثناء البتة الوحيدة التي تُسفر عنها عملية القياس.

إن مبادئ الميكانيك الكمومي تمنعنا من استخراج أكثر من بتة معلومات واحدة، مهما كان تكويد الكيوبتة ذكيا، ومهما بلغت براعتنا في قياسها فيما بعد. لقد برهن <S.A.هوليڤو> [من معهد ستِكْلوف للرياضيات في موسكو] على هذه النتيجة المدهشة عام 1973، وذلك إثر تخمين طرحه <P.J.گوردون> من مختبرات AT&T Bell عام 1964. ويبدو الأمر كما لو أن الكيوبتة تحوي معلومات خفية نستطيع منابلتها لكننا لا نستطيع الولوج إليها مباشرة. لذا فمن الأفضل النظر إلى تلك المعلومات الخفية على أنها وحدة معلومات كمومية عوضا عن اعتبارها عددا لانهائيا من البتات الكلاسيكية التي لا يمكن الولوج إليها.

لاحظ كيف يتبع هذا المثال نموذج شوماخر لعلم المعلومات. لقد تساءل <گوردون> و<هوليڤو> عن عدد الكيوبتات (المورد الفيزيائي) اللازم لخزن مقدار محدد من المعلومات التقليدية (المهمة) بطريقة يمكن بها استرجاع المعلومات على نحو موثوق (معيار النجاح). ومن ثم أدخل <گوردون> و<هوليڤو> مفهوما رياضياتيا للإجابة عن هذا السؤال، يُعرف الآن ب«كاي هوليڤو»(6)، فقد استُخدم هذا المفهوم لتبسيط تحليل الظواهر الأشد تعقيدا، على نحو مشابه للتبسيط الذي أتاحه إنتروپي شانون. وعلى سبيل المثال، فقد بيَّن <M.هوروديسكي> [من جامعة گدانسك في پولندا] أنه يمكن استخدام كاي هوليڤو لتحليل مسألة ضغط الحالات الكمومية الناتجة من مصدر معلومات كمومي، والتي تشابه ضغط البيانات التقليدي الذي عالجه شانون.

محمد عريف
07-23-2010, 11:03 AM
غداً بإذن الله سأضع باقي المقال ...

مع وافر احترامي وتقديري

محمد عريف
07-26-2010, 02:59 PM
الحالات المتشابكة(********)

تثير الكيوبتات الفُرادى الاهتمام، إلا أن ما يأخذ بالألباب هو وضع عدة كيوبتات معا. إن إحدى السمات الجوهرية لعلم المعلومات الكمومية هو إدراك أنه يمكن لمجموعات مؤلفة من شيئين كموميين أو أكثر أن تمتلك حالات متشابكة. ولهذه الحالات المتشابكة خصائص تختلف كليا عما هو عليه الأمر في الفيزياء التقليدية، لذا بدأت النظرة إليها على أنها نوع جديد تماما من الموارد الفيزيائية يمكن استخدامها لأداء مهمات لافتة.

لقد كان وقع التشابك على <شرودينگر> قويا إلى درجة جعلته يصفه في مقالة واعدة عام 1935 (العام نفسه الذي قدم فيه قطته إلى العالم) بأنه «ليس إحدى خواص الميكانيك الكمومي، بل الخاصة المميزة له ـ الخاصة التي تفرض ابتعاده التام عن خط التفكير التقليدي». فليس لعناصر جماعة من الأشياء المتشابكة حالات كمومية خاصة بها، والحالة الكمومية المعرَّفة تماما هي حالة المجموعة ككل (انظر الإطار في الصفحة 76). إن هذه الظاهرة أشد غرابة بكثير من حالة التراكب التي تخص جسيما مفردا. فللجسيم الفردي حالة كمومية مُعرَّفة تماما، حتى لو كانت تلك الحالة ناتجة من تراكب حالات تقليدية مختلفة.


لتكن هنا نمور كمومية(*********)


مازال علماء المعلومات الكمومية يرسمون الخطوط العريضة لطبوغرافية حقلهم الناشئ. إن بعض السيرورات الأبسط كالنقل عن بعد والتعمية الكمومية مفهومة فهما جيدا، خلافا لما هو عليه الأمر في الظواهر المعقدة، كتصحيح الخطأ الكمومي أو خوارزمية <شور> لتحليل العوامل الأولية، التي مازالت محاطة بمساحات واسعة من القفار المجهولة. وأحد الجهود المبذولة لجسر الهوة بين البسيط والمعقد هو عمل في نظرية شاملة للتشابك، على غرار نظرية الطاقة المتجسدة في الثرموديناميك.


http://www.oloommagazine.com/images/Articles/19/SCI2003b19N6-7_H10_00559.jpg



إن الأشياء المتشابكة تتصرف كما لو كان بعضها مرتبطا بالبعض الآخر، مهما كانت المسافة الفاصلة بينها، فالبعد لا يوهن التشابك بتاتا. إن أي قياس لشيء متشابك مع أشياء أخرى، يوفِّر لنا في الوقت نفسه معلومات عن شركائه. قد يؤدي هذا بالمرء إلى الظن بإمكانية استخدام التشابك لإرسال إشارات بسرعة تفوق سرعة الضوء، خارقا بذلك نظرية النسبية الخاصة لآينشتاين، إلا أن الطبيعة الاحتمالية للميكانيك الكمومي تحبط مثل هذا المسعى.

وعلى الرغم من غرابة التشابك، فقد اعتُبر لزمن طويل مجرد فضول، وأهمله الفيزيائيون كليا تقريبا. لكن ذلك تغير في ستينات القرن العشرين عندما تنبأ <S.J.بِلْ> من CERN (المختبر الأوروبي لفيزياء الجسيمات قرب جنيڤ) بأن الحالات الكمومية المتشابكة تسمح باختبارات تجريبية حاسمة تميز بين الميكانيك الكمومي والفيزياء التقليدية. فقد تنبأ <بِل> بسلوك للمنظومات الكمومية المتشابكة يستحيل تحققه في العالم التقليدي ـ حتى لو استطاع المرء تغيير قوانين الفيزياء لمحاولة محاكاة التنبؤات الكمومية ضمن إطار تقليدي أيا كان نوعه. وأكد التجريبيون experimenters ذلك التنبؤ. ويمثل التشابك أحد مظاهر عالمنا ـ مظهرا جديدا تماما إلى حد أن الخبراء أنفسهم يجدون من الصعوبة بمكان تخيله. ورغم أنه يمكن للمرء الاستدلال على التشابك باستخدام رياضيات النظرية الكمومية، فإننا ما إن نرجع إلى البحث عن وجوه شبه، حتى يتربص بنا خطر كبير بأن تُوقِعُنا الأسس التقليدية لتشبيهاتنا في الخطأ.


توضيح التشابك(**********)


لو كان ممكنا لأحجار النرد أن تتشابك على غرار الجسيمات الكمومية، لأعطى كل زوج متشابك النتيجة نفسها، حتى لو رُميا وبينهما سنوات ضوئية أو في أزمنة مختلفة جدا.


http://www.oloommagazine.com/images/Articles/19/SCI2003b19N6-7_H10_00560.jpg

وزن التشابك
تحمل الأزواج غير التامة التشابك أقل من بتةe- واحدة. فإذا تشارك أحمد ومنى بزوجين متشابكين جزئيا، يستطيعان «تركيز» التشابك في زوج واحد. فإذا أنتج التركيز زوجا أعظمي التشابك، علم أحمد ومنى أن زوجيهما كانا في الأصل يحملان ما لا يقل عن بتةe- واحدة من التشابك.
بتةE- القياسية
عندما تتشابك كيوبتتان تفقدان حالتيهما الكموميتين الخاصتين بهما، وتُعرَّف عوضا عن ذلك علاقة بينهما. فعلى سبيل المثال، في نوع من الأزواج الأعظمية التشابك، تعطي الكيوبتات نتائج متعاكسة لدى قياسها. فإذا أعطى واحد 0، أعطى الآخر 1، والعكس صحيح. إن الزوج الأعظمي التشابك يحمل «بتة-e» واحدة.
وباستخدام التركيز (والعملية المعاكسة، أي تخفيف التشابك)، يبني المرء ميزانا افتراضيا لوزن تشابك الحالات المختلفة بدلالة البتة-e القياسية.
النقل الكمومي عن بعد
إذا تشارك أحمد ومنى ببتة-e واحدة، يمكنهما نقل كيوبتة واحدة عن بعد. وفي ذلك «تُستهلك» البتة-e، ولا يعود أحمد ومنى متشاركين بها بعد النقل عن بعد.
إذا نقل أحمد عن بعد عضوا (b) من زوج متشابك إلى منى، يُنقل تشابك ذلك الجسيم مع شريكه الأصلي (c) إلى جسيم منى (a). لكن منى وأحمد
لا يستطيعان استخدام النقل عن بُعْد لزيادة مخزونهما من البتات-e المشتركة بينهما.


تتصرف المنظومات الكمومية المتشابكة بطرائق
يستحيل حدوثها في أي عالم تقليدي.
وفي بداية تسعينات القرن العشرين، دفعت الفكرة القائلة بأن التشابك يقع كليا خارج منظور الفيزياء التقليدية الباحثين إلى التساؤل عن إمكانية استخدامه كمورد لحل مسائل معالجة المعلومات بطرائق جديدة. وكان الجواب إيجابيا. وبدأ طوفان الأمثلة عام 1991 عندما بيَّن< K.A .إكرت> [من جامعة كامبريدج] كيفية استخدام التشابك من أجل توزيع كتوم لمفاتيح التعمية يستحيل معه استراق السمع له. وفي عام 1992، بيَّن <H.C.بِنِتْ> و<S.ويزنر> أنه يمكن للتشابك أن يساعد على إرسال المعلومات التقليدية من مكان إلى آخر (في عملية تدعى التكويد الفائق الكثافة، وفيه تُنقل بتتان على جسيم لا يبدو فيه متسع إلا لبتة واحدة). وفي عام 1993، فسر فريق دولي مكون من ستة باحثين كيفية نقل حالة كمومية عن بعد من مكان إلى آخر باستخدام التشابك. وتبع ذلك فيض من التطبيقات الأخرى.



http://www.oloommagazine.com/images/Articles/19/SCI2003b19N6-7_H10_00561.jpg



وزن التشابك(***********)

وكما هي الحال مع الكيوبتات الفُرادى التي يمكن أن تمثَّل بكثير من الأشياء الفيزيائية المختلفة، كذلك يمتلك التشابك خصائص مستقلة عن تمثيله الفيزيائي. ومن الناحية العملية، قد يكون من الأيسر استخدام منظومة معينة أو أخرى، أما من حيث المبدأ، فذلك غير مهم. فعلى سبيل المثال، يمكن للمرء تحقيق التعمية الكمومية باستخدام فوتونين متشابكين أو نواتين ذريتين متشابكتين أو حتى فوتون ونواة متشابكين معا.

ويوحي الاستقلال عن طريقة التمثيل بتشابه بين التشابك والطاقة يحث على التأمل. فالطاقة تخضع لقوانين الثرموديناميك سواء أكانت طاقة كيميائية أم نووية أم أي شكل آخر. فهل يمكن تطوير نظرية عامة للتشابك بنهج مشابه لقوانين الثرموديناميك؟

لقد قَوِيَ هذا الأمل كثيرا في النصف الثاني من تسعينات القرن العشرين عندما بيَّن باحثون أن أشكال التشابك المختلفة متكافئة نوعيا، إذ يمكن نقل تشابك حالة ما إلى حالة أخرى، على نحو مشابه للطاقة المتدفقة مثلا من شاحن بطارية إلى بطارية. وانطلاقا من هذه العلاقات النوعية، بدأ الباحثون بإعطاء مقاييس كَميةٍ للتشابك. ومازالت هذه التطورات مستمرة، لكن الباحثين لم يتفقوا بعد على أفضل طريقة لقياس التشابك كميا. غير أن الطريقة الأكثر نجاحا حتى الآن تستند إلى فكرة وحدة قياسية للتشابك، على غرار الوحدة القياسية للكتلة أو الطاقة (انظر الإطار في الصفحة المقابلة).

لا تختلف هذه الطريقة عن مبدأ قياس الكتلة باستخدام الميزان. فكتلة شيء ما تُعرَّف بعدد الكتل المعيارية اللازمة لمعادلتها في الميزان. لقد طور علماء المعلومات الكمومية «ميزان تشابك» نظريا من أجل مقارنة التشابك في حالتين مختلفتين. ويعرَّف مقدار التشابك في حالة ما بتحديد العدد اللازم من نسخ وحدة تشابك معيارية معينة لمعادلته. لاحظ أن طريقة القياس الكمي الكمومي للتشابك هذه هي مثال آخر للسؤال الجوهري في علم المعلومات. فقد قمنا بتعيين مورد فيزيائي (نسخ من حالة التشابك) ثم مهمة ومعيار نجاح. ونعرِّف مقياسنا للتشابك بالسؤال عن مقدار موردنا الفيزيائي اللازم لتحقيق مهمتنا بنجاح.

أثبتت مقاييس التشابك الكمية التي جرى تطويرها باتباع هذا البرنامج نجاعتها من حيث توحيدها للمفاهيم في وصف طيف واسع من الظواهر. وتحسِّن مقاييس التشابك كيفية تحليل الباحثين لبعض المهمات من قبيل النقل الكمومي عن بعد، والخوارزميات على حواسيب الميكانيك الكمومي. وهنا يساعدنا التشابه مع الطاقة مرة أخرى. فلكي نفهم سيرورات من قبيل التفاعلات الكيميائية أو عمل محرك، فإننا ندرس تدفق الطاقة بين الأجزاء المختلفة للمنظومة، ونحدد الكيفية التي يجب أن تقسر بها الطاقة في مختلف المواضع والأزمنة. وعلى نفس النحو يمكننا تحليل تدفق التشابك (من منظومة جزئية إلى أخرى) الذي يقتضيه أداء مهمة معالجة معلومات كمومية، وبالتالي الحصول على القيود اللازمة على الموارد لتنفيذ المهمة.

إن تطوير نظرية التشابك مثال للمنهجية الصعودية: نبدأ بأسئلة بسيطة حول موازنة التشابك، لتتضح لنا تدريجيا رؤية ظواهر أشد تعقيدا. وعلى النقيض من ذلك، ففي حالات قليلة، كشف البعض ـ حدسا وتخمينا ـ من خلال قفزات فكرية ثاقبة، عن ظواهر بالغة التعقيد، مما سمح للباحثين في علم المعلومات الكمومية بالتقدم وفق المنهجية النزولية. والمثال الأكثر شهرة على ذلك هو خوارزمية سريعة لإيجاد العوامل الأولية لعدد صحيح غير أولي بوساطة حاسوب كمومي، صاغها عام 1994 <W.P.شور> [من المختبرات AT&T Bell]. فعلى حاسوب تقليدي تحتاج أفضل الخوارزميات المعروفة ـ من أجل إيجاد العوامل ـ إلى مقدار من الموارد يزداد أسيا exponentially بارتفاع الأعداد. وهكذا يحتاج عدد مكون من 500 رقم إلى عدد من الخطوات الحسابية يساوي مئة مليون ضعف عدد الخطوات اللازمة لتحليل عدد مكون من 250 رقما. أما كلفة خوارزمية <شور>، فتزداد مثل كثيرات الحدود polynomially فقط، ولا يحتاج الرقم المكون من 500 رقم إلا إلى ثمانية أضعاف عدد الخطوات اللازمة للعدد المكون من 250 رقما.

تعد خوارزمية <شور> مثالا آخر للنموذج الأساسي (ما مقدار زمن الحساب اللازم لإيجاد عوامل عدد صحيح مكون من n بتة؟) لكن الخوارزمية تبدو معزولة عن معظم النتائج الأخرى لعلم المعلومات الكمومية (انظر الإطار في الصفحة 75). وتبدو للوهلة الأولى مجرد حيلة برمجية ذكية غير ذات مغزى عميق. لكن هذه الرؤية مضللة، فقد بيَّن الباحثون أنه يمكن تفسير خوارزمية <شور> كمثال لإجراءٍ تحدد بموجبه مستويات الطاقة لمنظومة كمومية، وهي سيرورة أساسية دون ريب. وسيصبح من الأسهل علينا، مع مرور الوقت ومع سد فجوات أخرى في المخطط، استيعاب المبادئ التي تقوم عليها خوارزمية <شور> والخوارزميات الكمومية الأخرى، ونأمل أن يغدو من الأسهل أيضا تطوير خوارزميات جديدة.


التعامل مع الأخطاء(************)


تصحيح خطأ الكيوبتات
إن استراتيجية التكرار مستحيلة بالنسبة إلى الكيوبتات لسببين؛ أولهما هو أنه لا يمكن استنساخ الكيوبتات الموجودة في حالات مجهولة (a). حتى ولو أمكن إنتاج صور عن الأصل (بتشغيل نسخ حسابية متعددة على سبيل المثال)، فإن القياس البسيط لا يكشف الأخطاء (b).


http://www.oloommagazine.com/images/Articles/19/SCI2003b19N6-7_H10_00562.jpg

يعمل أحد كودات تصحيح الخطأ الكمومي من خلال جعل كل كيوبتة بيانات تتشابك مع كيوبتتين موضوعتين في حالة 0. وتتشابك هذه الكيوبتات الثلاث بدورها مع ست كيوبتات أخرى. عندئذ، سوف يكشف تطبيق القياس المشترك على أزواج الكيوبتات ما إذا كانت واحدة من الكيوبتات التسع تعاني خطأ ما، وإذا كان الأمر كذلك فإنه يدل على كيفية تصحيحه دون إحداث اضطراب في حالات الكيوبتات الإفرادية.


http://www.oloommagazine.com/images/Articles/19/SCI2003b19N6-7_H10_00563.jpg

كود التكرار التقليدي
تكوِّد طريقة تقليل الأخطاء البسيطة التقليدية هذه لكل بتة على شكل ثلاث بتات متماثلة. فإذا قلب الضجيج بتة واحدة من الثلاثية، يمكن تصحيح الخطأ بضبط البتة التي تمثل الأقلية في الثلاثية.


http://www.oloommagazine.com/images/Articles/19/SCI2003b19N6-7_H10_00564.jpg



ويقدم لنا تطبيق أخير، هو تصحيح الخطأ الكمومي، أفضل برهان إلى يومنا هذا على أن علم المعلومات الكمومية هو إطار عمل مفيد لدراسة العالم. لكن الحالات الكمومية رهيفة سهلة التدمير بالتآثرات الضالة (الشاردة) أو بالضجيج، لذلك فإن إجراءات إبطال مفعول هذه الاضطرابات ضرورية.

في الحوسبة والاتصالات التقليدية هناك مجموعة متطورة من كودات تصحيح الأخطاء لحماية المعلومات من أذى الضجيج. ومثال بسيط على ذلك هو كود التكرار (انظر الإطار في هذه الصفحة). في هذه الطريقة، تُمثَّل البتة 0 بسلسلة من ثلاث بتات، 000، والبتة 1 بسلسلة من ثلاث بتات، 111. فإذا كان الضجيج ضعيفا نسبيا، يمكنه أحيانا قلب إحدى بتات الثلاثية، مغيرا على سبيل المثال السلسلة 000 إلى 010، لكنه يندر أن يقلب بتتين معا. لذلك، وحينما نصادف الثلاثية 010 (أو 100 أو 001) يمكننا أن نكون متيقنين إلى حد بعيد من أن القيمة الصحيحة هي 000، أي 0. وثمة تعميمات generalizations لهذه الفكرة أشد تعقيدا، توفر كودات جيدة جدا لتصحيح الأخطاء، لكي تحمي المعلومات التقليدية.


تصحيح الخطأ الكمومي(*************)

في البداية، بدا تطوير كودات لتصحيح الخطأ الكمومي أمرا مستحيلا، لأن الميكانيك الكمومي يمنعنا من المعرفة الأكيدة لحالة الشيء الكمومية. فالعقبة، مرة أخرى، هي محاولة استخراج أكثر من بتة واحدة من كيوبتة. ولذا يخفق كود المضاعفة الثلاثية التقليدي البسيط لأن المرء لا يستطيع فحص كل نسخة للكيوبتة ليقرر إهمال هذه النسخة أو تلك، دون أن يخرب جميع نسخ السيرورة. والأسوأ من ذلك هو أن صنع النسخ أصلا أمر غير بسيط؛ فالميكانيك الكمومي يمنع أخذ كيوبتة غير معروفة ونسخها على نحو موثوق، وهذه نتيجة تُعرف بنظرية عدم الاستنساخ.

وفي أواسط تسعينات القرن العشرين بدا الوضع قاتما عندما كتب فيزيائيون بارزون من أمثال <R.لانداور> [من الشركة IBM] مقالات متشككة تشير إلى أن تصحيح الخطأ الكمومي سيكون ضروريا للحسابات الكمومية، وإلى استحالة استخدام التقنيات التقليدية المعروفة، في العالم الكمومي. ويدين هذا الحقل كثيرا لشكوك <لانداور> التي أثارت هذا النوع من المسائل التي يجب حلها(7).

إن تصحيح الخطأ الكمومي قد يحسِّن دقة أفضل ميقاتيات العالم.


http://www.oloommagazine.com/images/Articles/19/SCI2003b19N6-7_H10_00565.jpg


ومن حسن الطالع أن <شور> و<M.N.ستين> [من جامعة أكسفورد] عام 1955 فطنا بشكل مستقل أحدهما عن الآخر إلى أفكار تبين ما يجب فعله لتصحيح الخطأ الكمومي دون معرفة حالات الكيوبتات بتاتا، ودون حاجة إلى نسخها. فكما هي الحالة في الكود الثلاثي، تُمثل كل قيمة بمجموعة كيوبتات. وتُمرَّر هذه الكيوبتات عبر دارة (النظير الكمومي للبوابات المنطقية) يمكنها بنجاح تصحيح الخطأ في أي من الكيوبتات دون «قراءة» ماهية جميع حالاتها الإفرادية فعلا. إن الأمر كما لو أن المرء يمرر الثلاثية 010 عبر دارة تستطيع تحديد اختلاف البتة الوسطى عن الأخريين وقلبها، وكل ذلك دون تحديد هوية أي من البتات الثلاث.

تُعدُّ كودات تصحيح الخطأ الكمومي نصرا للعلم. فقد تحققت حماية الحالات الكمومية من الضجيج، وهو أمر كان أشخاص لامعون يظنون أنه غير ممكن، وذلك بالتوفيق بين بعض مفاهيم علم المعلومات والميكانيك الكمومي الأساسي. وقد تلقت هذه التقنيات الآن تأكيدات أولية جاءت من تجارب أجريت في مختبر لوس ألاموس الوطني وIBM ومعهد ماساتشوستس للتقانة؛ كما يجري التخطيط لتجارب أخرى أكثر اتساعا.

لقد فتح تصحيح الخطأ الكمومي المجال أيضا لعدة أفكار مثيرة وجديدة. فعلى سبيل المثال، إن أفضل ميقاتيات العالم محدودة حاليا بضجيج الميكانيك الكمومي. ويتساءل الباحثون عما إذا كان من الممكن تحسين دقة تلك الساعات باستخدام تصحيح الخطأ الكمومي. وثمة فكرة أخرى اقترحها <A.كيتاييڤ> [من معهد كاليفورنيا للتقانة] مفادها أن بعض المنظومات الفيزيائية قد تمتلك نوعا من التسامح tolerance الطبيعي للضجيج. وفي الواقع قد تستخدم هذه المنظومات تصحيح الخطأ الكمومي دون تدخل الإنسان، وقد تبدي مقاومة متأصلة فيها لفك الترابط.

لقد تحرينا كيف ينطلق علم المعلومات الكمومية من الأسئلة الأساسية ليبني عليها فهم منظومات أشد تعقيدا. والآن ماذا يحمل المستقبل؟ لا شك أننا سنتوغل في إمكانات الكون في معالجة المعلومات باتباع برنامج شوماخر، وربما تقود طرائق علم المعلومات الكمومية إلى كشف النقاب عن منظومات لا يُنظر إليها تقليديا على أنها منظومات معالجة معلومات. فعلى سبيل المثال، تخضع المادة الكثيفة لظواهر معقدة كالموصلية الفائقة عند درجات الحرارة العالية وكمفعول <هول> الكمومي الفركتلي (الكسراني) تتدخل فيها خصائص كمومية كالتشابك، وإن لم يتضح دورها بعد. إلا أنه يمكننا، بتطبيق ما تعلمناه من علم المعلومات الكمومية، رفع درجة كفاءتنا في لعبة الشطرنج القائمة في العالم الكمومي المعقد.

المؤلف

Michael A. Nielsen
أستاذ مشارك في قسم الفيزياء بجامعة كوينزلاند في بريزبان بأستراليا. ولد في بريزبان وحصل على الدكتوراه في الفيزياء متمتعا بمنحة فولبرايت من جامعة نيومكسيكو عام 1998. اشترك مع <L.I.شوانگ> [من معهد ماساتشوستس للتقانة] في تأليف أول كتاب جامعي شامل عن علم المعلومات الكمومية: الحساب الكمومي والمعلومات الكمومية.

مراجع للاستزادة
Quantum Theory and Measurement. Edited by John A. Wheeler and Wojciech H. Zurek. Contains reprints of landmark papers, including a translation of Erwin Schrodinger’s 1935 "cat paradox" paper. Princeton University Press, 1983.
The Fabric of Reality. David Deutsch. Penguin Books, 1998.
The Bit and the Pendulum. Tom Siegfried. John Wiley 8c Sons, 2000.
Quantum Computation and Quantum Information. Michael A. Nielsen and Isaac L. Chuang. Cambridge University Press, 2000.
The Center for Quantum Computation’s Web site: www.qubit.org (http://www.qubit.org/)
John Preskill’s lecture notes are available at www.theory.caltech.edu/people/preskill/ph229/ (http://www.theory.caltech.edu/people/preskill/ph229/)
See www.sciam.com for Scientific American articles related to quantum information science.

(*) RULES FOR A COMPLEX QUANTUM WORLD
(**) Complexity and Quanta
(***) Resources and Tasks
(****) Overview/ Quantum Information
(*****) The Fundamental Question
(******) Qubits Explained
(*******) Qubits
(********) Entangled States
(*********) Here There be Quantum Tygers
(**********) Disentangling Entanglement
(***********) Weighing Entanglement
(************) Dealing with Errors
(*************) Quantum Error Correction

(1) teleportation: أي النقل الآني من مكان إلى آخر بوساطة وسائل سحرية أو غير عادية.
(2) للاطلاع على المقالات التي نشرت في مجلة ساينتفيك أمريكان حول تلك التطورات انظر: www.sciam.com. (التحرير)
(3) macroscopic: أي كبيرة بحيث ترى بالعين المجردة. (التحرير)
(4) superposition
continuum(5)
(6) Holevo chi، حيث يستخدم فيه حرف اللغة اليونانية «كاي». (التحرير)
(7) [انظر: by Gary Stix;"Riding the Back of Electrons, " Profile, Scientific American, September 1998].