المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قرأت لك: كشف ثقالة مبعثها من خارج الأرض



محمد عريف
07-17-2010, 10:26 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


أعضاء المنتدي الكرام

هذا المقال منشور بمجلة العلوم عدد ابريل - مايو 2003



كشف ثقالة مبعثها من خارج الأرض(*)


لا يتعدى جذب الشمس والقمر المؤثر في جسمي بضعة أجزاء من المليون من جذب الكرة الأرضية لجسمي، ومع شدة ضَعْف هذه القوة فإنها تؤثر في المحيط الهادي فترفع بصورة منتظمة مستوى مياهه. ولكن عزل مثل هذه القوى الواهية داخل مختبر يصعب حتى على الأدوات المتطورة. لذلك ذهلت عندما علمت أن <R. بيكر> [من مدينة أوستن في ولاية تكساس] صنع جهازا قادرا على تتبع أوضاع الشمس والقمر استنادا إلى قوة الثقالة ولا يكلف سوى نحو 100 دولار.

تؤكد إحدى البدهيات المفضلة لدي أن ما هو اكتشاف الأمس يصبح اليوم أساسا للمعايرة calibration ويؤول إلى ضجيج في الغد. وهي تنطبق هنا بصورة خاصة؛ فقد سبق لي أن وصفت(1) اختراعا آخر لبيكر قادرا على كشف نبضات ميكروية (صغرية) تحدث في الحقل المغنطيسي الأرضي، ولكن تلك الآثار المغنطيسية كانت، على تفاهتها، تطغى كثيرا على القوى الثقالية التي نسعى إلى قياسها هنا. وفي الحقيقة، فإن التخلص من جميع التأثيرات الزائفة هو، إلى حد بعيد، أصعب جزء في التحدي الذي يلف هذا المشروع، ويحتاج النجاح فيه إلى خبرة واسعة، وينبغي ألا يحاول أداءه سوى أصحاب الباع الطويل في صنع المستجد من الأدوات الطريفة المستنبطة.

ففي جهاز بيكر يتدلى مغنطيس صغير، ولكنه قوي، ليعوم بدقة بين مغنطيسين دائمين، ويقوم جهاز ضوئي «ذكي» بتحسس الحركات الصغيرة التي تسببها الانزياحات الثقالية والنشاط الزلزالي والتمدد الحراري ووقع أقدام طفل يبدأ المشي لتوه.. وما إلى ذلك. وتقاوم الحركة دارة تحكّم، وذلك بواسطة التوليف الدقيق لتيار يمر في مغنطيس كهربائي. وهكذا فإن تغيرات هذا التيار تتابع القوى المؤثرة في المغنطيس العائم الذي يُثقَل بحمل يقلل من حساسيته حيال الحركات العالية التواتر (التردد). ولكنه يلتقط الإشارات المهتزة ببطء التي تصدر عن الزلازل الأرضية (التي تبلغ تموجاتها undulations بضع عشرات الهرتز) وعن تلك التي تصدر عن تغيرات أوضاع القمر أثناء دوران الأرض حول محورها. وفي الحقيقة كان بيكر قد صمم هذا الجهاز أصلا ليكون راسما للحركة الزلزالية الرأسية.

يعد المحس الضوئي optical sensor الجزء الأكثر حساسية في الجهاز. فلكي يراقَب وضع المغنطيس العائم تستخدم راية معتمة تحجب بعض الضوء الآتي من ديود مصدر للضوء (LED) فتمنعه من بلوغ ترانزستور ضوئي يبعد عنه بضعة مليمترات. وعندما يتحرك المغنطيس العائم ومعه الراية تتغير الإشارة الضوئية بسرعة، وتتمكن من كشف انزياحات في الموضع من رتبة النانومتر.



http://www.oloommagazine.com/images/Articles/19/SCI2003b19N4-5_H15_002995.jpg

يشاهد مقياس الثقالة موضوعا فوق صندوقه المعدني. وأثناء تشغيله يكون موضوعا داخل العلبة الأسطوانية، التي هي أنبوب حديدي مغلف بسبيكة ميومتال لحجب تأثير الحقل المغنطيسي الأرضي. وتعمل المقاومات المثبتة خارج الصندوق كسخانات تحافظ على درجة حرارة المقياس ثابتة.




http://www.oloommagazine.com/images/Articles/19/SCI2003b19N4-5_H15_002996.jpg

يستطيع مقياس <بيكر> الثقالي، المبين في مقطع عرضي أفقي، تسجيل حركات صغيرة للغاية

يسببها الجذب الثقالي (في الواقع يقام الجهاز في وضع رأسي).


يبيع مخزن راديوشاك Radio Shack مغانط سيراميكية، في مجموعات تضم كل منها خمسة مغانط. ونحتاج إلى طقمين يضمان عشرة مغانط حلقية. تربط ستة منها في مجموعتين، في كل منهما ثلاثة مغانط، تلصق بالإيپوكسي إلى مسمار ملولب (برغي) [انظر الشكل في أعلى هذه الصفحة]. ويستخدم المغنطيس السابع ليكون المغنطيس العائم، أما الثلاثة الباقية فغير لازمة. وقد منع بيكر المغنطيس العائم من التحرك جانبيا بأن ربطه بشفرة حلاقة فولاذية جعل حافتها الحادة تتاخم صفيحة من النحاس الأصفر موضوعة على جانب حامل الجهاز. وخلف الصفيحة يوجد مغنطيسان منمنمان مصنوعان من الأتربة النادرة(2) rare-earth magnets يجعلان حافة الشفرة تلامس الصفيحة باستمرار. ووضع بيكر طبقة من الزيت على الشفرة ليصنع مفصلة hinge تكاد تكون عديمة الاحتكاك، تسمح للمغنطيس العائم بالتأرجح إلى الأعلى والأسفل من دون الترنح من جانب إلى آخر. وربط بيكر أخيرا بالمغنطيس ثقلا رصاصيا قدره أونصة واحدة، مما يستعمل في صيد السمك، لكي يخفض التواتر الطبيعي للمغنطيس العائم فيتيح للراية المعتمة الصغيرة أن تتحسس موضعه.

وعلى الرغم من أن إطار مقياس الثقالة يمكن صنعه من أية مادة غير مغنطيسية، فإن بيكر يوصي باستعمال زجاج النوافذ لرخص ثمنه وصغر تمدده الحراري وسهولة تجميعه. فتقص ألواحه بقطّاعة الزجاج ذات العجلة الكاربيدية، بحيث يمكن حبك الأجزاء بعضها إلى بعض من دون فجوات، وتربط الصفائح ببعضها بوساطة دعائم زجاجية مثلثية، وتلصق ببعضها جميعا باللاصق السيليكوني. ويمكن بكل سهولة تعديل الأخطاء إن وقعت لأن الأجزاء يمكن فصلها بسهولة بشفرة حلاقة.

ولصنع المغنطيس الكهربائي قام بيكر بصنع ملف coil مستخدما المغنطيسين السيراميكيين غير المستعملين بمثابة دليلين، فلف قلما بشريط واق لاصق إلى أن أصبح المغنطيسان ينزلقان عليه بإحكام. ثم غطاهما بمزيد من الشريط الواقي ووضعهما على القلم بحيث يبعد أحدهما عن الآخر بمقدار قطر أحدهما. وثبت أحد طرفي سلك مغنطيس مطلي بالمينا من عيار 30 بحافة أحد القرصين، ولف السلك بينهما. وينبغي المحافظة على شد السلك بقدر بضع أونصات وكساؤه باستمرار باللاصق الإيپوكسي الذي يجف في 24 ساعة. ويجب عدم التوقف عن اللف حتى تصبح حافة الملف أدنى بنحو مليمترين من حافتي المغنطيسين. وعندما يجف الإيپوكسي تسخن المجموعة في فرن موضوع على درجة منخفضة لكي تنصهر المادة اللاصقة الموجودة على الشريط الواقي، ثم يفصل الجزء المكشوف العاري من الملف. سيكون طول الملف في النهاية نحو 0.5 سنتيمتر وقطره 2.7 سنتيمتر. وينبغي أن تكون مقاومته للتيار المستمر نحو 10 أوم.



http://www.oloommagazine.com/images/Articles/19/SCI2003b19N4-5_H15_002997.jpg

يتكون المحس الضوئي الذي يستطيع كشف انزياحات نانوية في الموضع من ديود مصدر للضوء (LED) (في اليسار) ليواجه الترانزستور الضوئي، مع راية معتمة تقطع الحزمة الضوئية بينها (في اليمين). تمر هذه الحزمة عبر شق ضيق في ورقة ألمنيوم.


يتطلب محس الموضع الضوئي بعض العناية، فيمكن استخدام ديود مصدر للضوء (LED) الأحمر الشديد اللمعان مع ترانزستور ضوئي ولكن يجب إزالة التغليف الخارجي لجعل الأجزاء الحساسة أقرب ما يمكن من بعضها. يكشط التغليف حتى الوصول إلى الشيپات، ثم يصقل الطرفان بمادة صاقلة ناعمة الحبيبات. ويمكن الحصول على نتائج جيدة بوضع خليط من الشحم ومعجون الأسنان على الوجه الخلفي لقطعة من الخشب. تُركّب عناصر الدارة في مواقعها باللاصق السيليكوني [انظر الشكل في الصفحة 87] ثم تسوّد ثلاث قطع صغيرة من ورق الألمنيوم بوساطة «ماركر» وتلصق اثنتان منها بكل عناية بالديود المصدر للضوء بحيث تتركان بينهما شقا ضيقا أفقيا، ويقول بيكر إنه استخدم شقوقا عرضها نحو نصف مليمتر. وتستخدم قطعة الألمنيوم الثالثة لتغطية النصف السفلي من الترانزستور الضوئي. إن هذا التدبير يزيد من حساسية الجهاز؛ لأنه يجعل الإشارة تهبط سريعا إلى الصفر عندما تحجب الراية الحزمة الضوئية الضيقة المنبثقة من الشق. ويتم تجميع سائر أجزاء الجهاز كما هو مبين.



http://www.oloommagazine.com/images/Articles/19/SCI2003b19N4-5_H15_0097.gif

تكشف دارة التحسس والتحكم (الأعلى) الحركات الصغيرة للراية، وتضبط التيار في ملف التغذية الراجعة للتعويض. ولكي يُستعمل الجهازُ مقياسًا للزلازل تضاف المرشحات كما هو مبين في الشكل. ودارة التحكم في درجة الحرارة (الأسفل) تستطيع الحفاظ على درجة حرارة المحس في حدود جزء من مئة من الدرجة السيلزية.


ومقياس الثقالة الذي صنعه بيكر، كغيره من معظم الأجهزة المرهفة، قد يعطي نتائج مضللة إذا تغيرت درجة حرارته. ولكن بيكر حل هذه المشكلة بأن تحكّم في درجة حرارته. فقد وضع المكشاف داخل أنبوب معدني وجعله أسخن من الغرفة بنحو 10 درجات سيلزية، وذلك باستخدام عشرين مقاوما resistor تبلغ مقاومة كل منها 50 أوم وقدرته 0.5 واط لتعمل بمثابة عناصر تسخين صغيرة. وتمكّن بيكر من تحسس درجة الحرارة باستخدامه مقاوما حراريا thermistor اشتراه من مخزن راديوشاك وأخذ يقارن خرجه بتوتر يمكن ضبطه على نقطة مقررة بواسطة مجز ڤلطية potentiometer. فترسل الدارة تيارا عبر المقاومات عندما تكون إشارة المقاوم الحراري تحت النقطة المقررة، وتقطعه عنها عندما تقفز إشارته فوق النقطة المقررة. وهذه التركيبة، على بساطتها الظاهرية، تستطيع الحفاظ على درجة حرارة ثابتة في حدود بضعة أجزاء من مئة من الدرجة السيلزية.

ويعمل الأنبوب المعدني أيضا حائلا يحجب الجهاز عن المغنطيسية الأرضية، فهو يتألف من أنبوب مياه حديدي يبلغ قطره ثلاث بوصات تقريبا وطوله ثماني بوصات، وهو مغلف بطبقات من الأوراق الرقيقة المصنوعة من إحدى السبيكتين ميومتال mu-****l أو پرمالوي permalloy المتناوبة مع صفائح من مادة غير مغنطيسية مثل الورق المقوّى. ويمكن شراء أوراق الميومتال من جمعية هواة العلم. وفي جميع الأحوال يجب أن يمتد الحائل على الأقل بقدر ضعفي قطر الأنبوب إلى ما بعد أعلى المكشاف وأسفله من أجل توهين الحقول المغنطيسية التي تدخل إليه من طرفيه المفتوحين.

ولمراقبة القوى المؤثرة في المكشاف لا بد من وصله بحاسوب، وقد استخدم بيكر محوّل التماثلي إلى رقمي analog-to-digital converter من برنامج WinDAQ الذي يعمل ضمن نظام ويندوز ويباع في محل WinDAQ/Lite. وسيكون على المولعين بالنظام ماكنتوش أن يؤمنوا الصندوق البيني التسلسلي من شركة Vernier Software؛ ولا شك أن هناك خيارات أخرى. وفي هذا التطبيق يجب أن يعرض الحاسوب البيانات بشكل رسم بياني يبين ڤلطية الإزاحة عبر الملف بدلالة الزمن.

يركّب الجهاز رأسيا على قاعدة صلدة، ويثبت على أساسيات خرسانية بعيدا قدر الإمكان عن وقع حركة الأقدام أو السيارات. يرسل التيار وتترك السخانات حتى تسخن. ثم يزال العزل من أعلى الجهاز ويضبط المسمار الملولب (البرغي) الذي يرفع المغنطيس العلوي ويخفضه، مع استمرار مراقبة الخرج لإيجاد الموقع الذي تكاد تظهر عنده الإشارة الصادرة عن الترانزستور الضوئي. وتحتاج هذه العملية إلى براعة فائقة، فعند هذه النقطة تكفي حركة خفيفة جدا لكي تظهر الإشارة أو تختفي بالكامل. وسوف يهتز المغنطيس العائم إلى الأعلى والأسفل بتواتر يبلغ نحو ثانية واحدة، وهذا ما يمكن مشاهدته على راسم للاهتزاز، ثم يعاد العزل.

ومن أجل عمليات الضبط الدقيق يوضع مغنطيس سيراميكي عند أعلى الجهاز ثم يحرك حوله إلى أن تختفي الإشارة الخارجة من الترانزستور الضوئي. ينبغي أن تقوم الآلة الآن بالتسجيل لعدة أسابيع دون أن نحتاج إلا إلى عمليات ضبط عرضية للمغنطيس الخارجي، وهي عمليات لا بد منها للحفاظ على الحساسية العالية. وإذا كنت تراقب بالفعل ثقالة من خارج الكرة الأرضية، فلا بد أنك ستشاهد تسجيل موجة جيبية تتغير ببطء وتتفق في الطور مع أحداث المد المحلي عندك. ويكون الكشف أقل التباسا إن كنت تسكن بعيدا عن الشاطئ، حيث لا تؤثر في الإشارة آثار ثانوية مثل ارتفاع المد عند الشاطئ. أما الثقاليون الطموحون فيمكنهم إجراء محول فورييه للبيانات والبحث عن فائض الطاقة عند دورة قدرها نحو 24 ساعة وكذلك 28 يوما.

يمكن الحصول على مزيد من المعلومات عن هذا المشروع في موقع <R.بيكر> على الإنترنت وعنوانه: www.eden.com/~rcbaker (http://www.eden.com/%7Ercbaker). ويرجى إرسال الأسئلة مباشرة إلى جمعية هواة العلم (SAS) عبر المناقشة الجارية على العنوان: earth.thesphere.com/sas/WebX.cgi (http://www.oloommagazine.com/Articles/earth.thesphere.com/sas/WebX.cgi). وتقدم الجمعية خدمة للهواة فتبيع المكونات الإلكترونية فقط (من دون لوحة الدارة) اللازمة لهذا المشروع. كما يمكن الكتابة إلى الجمعية على العنوان: Society for Amateur Scientists4735 Clairmont Square,PMB 179,San Diego,CA 92117, أو الاتصال بالهاتف 8807-239-619-1.


DETECTING EXTRATERRESTRIAL GRAVITY(*)

(1) [انظر: «هواة العلم»،مجلة العلوم، العدد 9(2000)، ص68].
(2) مجموعة تضم 15 عنصرا كيميائيا تتراوح أعدادها الذرية بين 57 و 71، ومن أمثلتها السيريوم والگادولينيوم والإربيوم. (التحرير)

وفاء خلف
07-17-2010, 12:31 PM
بارك الله فيك وفي مجهوداتك
موضوع مميز لكنه طويل في الحقيقة قرأت مقتطفات منه وان شاء الله لي عودة مرة اخري اذا سمح الوقت
علي اي حال شكرا جزيلاً

الاستاذ مناف دحروج
07-17-2010, 08:23 PM
مميز اخي محمد
اخذت نضره سريعه ولكن باين من الوهله الاولي لنه موضوع مميز
بارك الله فيك
لي عوده للموضوع

محمد عريف
07-17-2010, 08:58 PM
بارك الله فيك وفي مجهوداتك
موضوع مميز لكنه طويل في الحقيقة قرأت مقتطفات منه وان شاء الله لي عودة مرة اخري اذا سمح الوقت
علي اي حال شكرا جزيلاً



شكراً لمروك أختي ... ولكني لا أعلم صراحة حلاً لمشكلة طول تلك المواضيع

مع أن هذا المقال بالنسبة لسابقيه .... هو قصير جداً

مع وافر احترامي وتقديري

محمد عريف
07-17-2010, 08:59 PM
مميز اخي محمد
اخذت نضره سريعه ولكن باين من الوهله الاولي لنه موضوع مميز
بارك الله فيك
لي عوده للموضوع


شكراً لمرورك أخي مناف

مع وافر احترامي وتقديري

Fatima Ashraf
07-18-2010, 11:07 AM
شكرا على هذا المقال المتميز

محمد عريف
07-18-2010, 02:38 PM
شكرا على هذا المقال المتميز


شكراً لكي اختي علي المرور

مع وافر احترامي وتقديري