المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قرأت لك: صغير حجمها لكن شأنها عظيم في الطب



محمد عريف
07-07-2010, 10:59 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


أعضاء المنتدي الكرام

هذا المقال منشور بمجلة العلوم عدد سبتمبر - اكتوبر 2002



صغير حجمها لكن شأنها عظيم في الطب(*)
ستجد الأشكال المتطورة من التقانة النانوية بعض تطبيقاتها الأولى
في البحوث الطبية الحيوية وتشخيص الأمراض وربما في العلاج.
<P .A. أليڤيزاتوس>


أتحف الفيلم الذي عرض عام 1966 بعنوان رحلة خيالية Fantastic Voyage رواد السينما برؤية جريئة لتطبيقات التقانة النانوية في الطب؛ فعبر وسائل غامضة جرى تقليص فريق مقدام من الأطباء وغواصتهم ذات التقنية الرفيعة إلى حجم بالغ الصغر مكَّنهم من السريان داخل المجرى الدموي لمريض؛ لإزالة جلطة دموية من دماغه كانت تهدد حياته. وفي السنوات الخمس والثلاثين الماضية حدثت تطورات عظيمة في تصنيع أجهزة معقدة تزداد صغرا مع مرور الزمن، مما أدى ببعض الناس إلى الاعتقاد بأن مثل تلك المداخلات الطبية صارت ممكنة وأنه سرعان ما تتجول الإنسالات(1) الدقيقة في أوردة الناس جميعا. وبالفعل أخذت هذه الفكرة بُعْدا جديا في بعض المحافل، مما أدى إلى الشعور بالقلق حول الجانب المظلم من مثل هذه التقانة؛ فهل بالإمكان أن يفلت زمام المؤتمتات(2) automatons النانومترية الذاتية الانتساخ(3) وأن تدمر العالم البيولوجي بأكمله؟

برأيي، الذي يشاركني فيه معظم الباحثين، إن مثل هذه الأفكار تنتمي بحق إلى عالَم الخيال العلمي. ومع ذلك، فإن التقانة النانوية لديها إمكانية تحسين أدوات البحث الطبي الحيوي، كتزويده بأنواع جديدة من الواسمات labels يمكن استخدامها في تجارب تستهدف اكتشاف عقاقير جديدة أو معرفة أية مجموعات من الجينات تنشط في الخلايا في ظروف متباينة. إضافة إلى ذلك، تستطيع الأجهزة النانوية الأبعاد أن تؤدي دورا في الاستقصاءات التشخيصية السريعة، وفي الاختبارات الوراثية، كتلك التي تستهدف تحديد مدى استعداد فردٍ ما للإصابة باعتلالات مختلفة، أو الكشف عن الجينات الخاصة التي تَطْفُر(4) mutate لدى مريض بالسرطان. وكذلك يدرس الباحثون هذه الأجهزة النانوية كعوامل تباين contrast agents في عمليات التصوير غير الباضع noninvasive imaging، وكوسائط لتوصيل العقاقير. إن التقانات البازغة ربما لا تعطي الصورة المفلورة نفسها التي تعطيها صورة للممثلة <R. ويلش> (التي اختزلت إلى حجم صفيحة دموية) وهي تفجر جلطة دموية بشعاع ليزر، ولكنها تمتلك الإثارة نفسها، لأن الفوائد التي تقدمها للمرضى والباحثين حقيقية.

كيف يتسنى ـ بالضبط ـ للتقانة النانوية أن تفعل كل هذه الأشياء؟ إن الإجابة تعتمد على تعريفك للأمور؛ إذ يمكن القول بأن البيولوجيا كلها شكل من أشكال التقانة النانوية. وعلى الرغم من كل شيء، فإن حتى أكثر المخلوقات تعقيدا تتألف من خلايا صغيرة جدا تتكون هي نفسها من لبنات بنائية نانوية الأبعاد: پروتينات وليپيدات وحموض نووية وجزيئات بيولوجية معقدة أخرى. ولكن المتفق عليه يقصر مصطلح «التقانة النانوية» على البنى الصنعية من أشباه الموصلات semiconductors والمعادن واللدائن والزجاج على سبيل المثال. وهناك بعض البنى اللاعضوية ذات الأبعاد النانومترية (مثل البلورات البالغة الصغر) قد تم فعلا تسويقها كعوامل تباين contrast agents.


طب نانوي/ نظرة إجمالية(**)


• يمكن أن تُفيد أجسام نانومترية (مصنوعة من مواد لاعضوية) في البحوث الطبية الحيوية وتشخيص الأمراض وحتى في المعالجة.
• تصبح الاختبارات البيولوجية التي تقيس وجود أو نشاط مواد منتقاة أسرع إنجازا وأكثر حساسية ومرونة حينما توظف جسيمات معيّنة نانوية المقياس كعُلاّمات tags أو واسمات labels.
• يمكن استخدام جسيمات نانوية لتوصيل العقاقير إلى حيث يُحتاج إليها تماما، وبذلك نتفادى التأثيرات الجانبية الضارة التي كثيرا ما تنتج من الأدوية الشديدة التأثير.
• قد يمكن يوما ما استخدام لبنات بنائية نانوية المقياس للمساعدة على ترميم نسج مثل: الجلد والغضروف والعظم، ويمكن حتى مساعدة المرضى على تجديد أعضائهم.


إن الطبيعة نفسَها تزودنا ببيان عملي رائع عن فائدة مثل هذه البلورات اللاعضوية في سياق بيولوجي يتمثل في بكتيرات ذات انجذاب مغنطيسي (حساسية مغنطيسية)(5) magnetotactic bacteria. إن تلك الكائنات الحية التي تعيش في المجمعات المائية وقيعانها الطينية لا تزدهر إلا على عمق واحد في الماء أو الرسوبيات. ففوق هذا الموقع يكون الأكسجين أوفر مما تحب، وتحته تقل كميته عن المطلوب. وهنا يجب على البكتيرة التي تنجرف بعيدا عن العمق المناسب أن تعود أدراجها. ولهذا، يوظِّف ذلك الميكروب ـ شأنه شأن العديد من أقربائه ـ ذيلا سوطي الشكل لتأمين اندفاعه. ولكن، كيف تحدد الخلية الطافية الاتجاه العلوي من السفلي عندما لا يوجد أساسا تأثير للثقالة (الجاذبية الأرضية) عليها؟

والجواب هو أن هذه البكتيرة تمتلك بداخلها سلسلة من عشرين بلورة مغنطيسية قطر كل واحدة منها يتراوح ما بين 35 و 120 نانومترا. وتؤلف هذه البلورات في مجموعها بَوْصَلَة مصغَّرة miniature compass. ولما كان الحقل المغنطيسي للأرض مائلا في معظم الأمكنة (أي إنه لا يشير إلى الشمال فقط، بل أيضا إلى الأسفل في نصف الكرة الشمالي وإلى الأعلى في نصف الكرة الجنوبي)، فإنه يمكن للبكتيرة ذات الانجذاب المغنطيسي أن تتبع خط الحقل المغنطيسي صعودا أو نزولا إلى غايتها المنشودة.

تُمثل هذه البوصلة رائعة من روائع الهندسة الطبيعية النانوية الأبعاد. فمن جهة، هي مصنوعة من المادة المثالية (إما من الماگنيتيت أو الگريگيت، وكلاهما معدن حديدي شديد المغنطيسية). ومن جهة أخرى، فإن استعمال بلورات متعددة ليس من قبيل المصادفة. ففي المقاييس الصغيرة جدا، كلما زاد حجم الجسيمات المغنطيسية طال زمن بقائها ممغنَطة. أما إذا أصبح الجسيم أكبر من اللازم، فإنه سيشكل تلقائيا حقلين مغنطيسيين منفصلين بمغنطة متعاكسة. وتمتلك مثل هذه البلورة مغنطة إجمالية ضئيلة لا تصلح لأن تكون بوصلة إبرة فعالة. وهكذا، فبناء هذه البكتيرة لبوصلتها من بلورات تتمتع بالحجم الصحيح لتعمل كمجالات مغنطيسية مستقرة وحيدة، يمكّنها من الاستفادة على أكمل وجه من كل نتفة bit حديد تحويها. ومن الجدير بالاهتمام أنه عندما يصمم البشر وسائط التخزين على القرص الصلب media for hard-disk storage فإنهم يتبعون الاستراتيجية نفسها بالضبط باستخدام بلورات نانوية مغنطيسية ذات حجم مناسب كي تكون مستقرة وقوية.

إن بلورات مغنطيسية صنعية ذات أبعاد مشابهة، قد تفيد البحوث الطبية الحيوية بطريقة مستحدثة. فهناك مجموعتان من الباحثين، إحداهما في ألمانيا والأخرى في معهدي الكائن بجامعة كاليفورنيا في بركلي، تتحريان استعمال جسيمات نانوية مغنطيسية لكشف كينونات بيولوجية معينة مثل الكائنات الدقيقة المسببة للأمراض.



http://www.oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N9-10_H07_002548.jpg

صورة مكبرة جدا لزجاجات تحوي محاليل نُقَط كمومية (بلورات نانوية شبه موصلة) ذات حجوم معينة. إن الحجم المضبوط للنقطة الكمومية يحدد اللون الذي تصدره هذه النقطة بعد تعريضها للضوء. ويستطيع الباحثون عن طريق ربطهم نقطا ذات حجوم مختلفة بجزيئات بيولوجية متباينة أن يتعقبوا أنشطة العديد من الجزيئات المعلَّمة في آن واحد.


وتحتاج طريقتهما، على غرار العديد من التقنيات المطبَّقة اليوم، إلى أضداد antibodies مناسبة ترتبط بمستهدَفات نوعية. وتُلصق الجسيمات المغنطيسية كواسمات labels بجزيئات ضدية منتقاة توضع بعد ذلك على العينة المراد دراستُها. ولاكتشاف ما إذا كانت الأضداد ارتبطت بمستهدَفاتها أم لا، يُطبق الباحث حقلا مغنطيسيا قويا (وهو الذي يمغنط الجسيمات بصورة مؤقتة)، ثم يفحص العينة بأداة حساسة قادرة على اكتشاف الحقول المغنطيسية الضعيفة المنبعثة من هذه المسابير probes. فالأضداد الموسومة التي لم تلتحم بالعينة، تتشتت بسرعة في المحلول من دون إطلاق أية إشارة مغنطيسية. ولكن الأضداد التي ارتبطت بمستهدفاتها تصبح عاجزة عن الدوران، ويولِّد مجموع عُلاّماتها tags حقلا مغنطيسيا يسهل الكشف عنه.

ربما لا تكون هذه التقانات مبهرة للنظر،
ولكنها مثيرة لأنها تقدم فوائد حقيقية.
ولما كانت المسابير غير المرتبطة لا تعطي إشارة، فإن هذه المقاربة تُغني عن خطوات الغسيل المملة والضرورية عادة في مثل تلك الفحوص. أما دقة القياس في هذه التقنية التجريبية فهي أفضل من دقة القياس التي تُظهرها الطرائق المعيارية؛ وسرعان ما ستزيد التحسينات المتوقعة لهذا الجهاز من دقته (حساسيته) بضع مئات من المرات.

وعلى الرغم من هذه الإيجابيات فربما لا تحل الطريقة المغنطيسية تماما محل الممارسة الواسعة الانتشار، التي تستخدم العُلاَّمات المفلورة، وهي عادة جزيء عضوي يتوهج بلون مميز حينما يُنَشّط بضوء ذي لون معين. وتُعدّ الألوان مفيدة جدا في الإجراءات البحثية والتشخيصية المختلفة، وبخاصة تلك التي تتطلب تعقب أكثر من مسبار واحد.

هذا ويمتلئ عالم الإلكترونيات الحديثة بالمواد المُصْدِرة للضوء. وعلى سبيل المثال، فإن كل قارئ أقراصٍ مدمجة CD player، يقرأ القُرْص disk باستخدام ضوء صادر عن ديود (ثنائي) ليزري مصلاب solid-state laser diode، وهو مصنوع من أحد أشباه الموصلات اللاعضوية. تصوروا تجريف قطعة بالغة الصغر لا تتجاوز حجم جزيء پروتيني من تلك المادة. وهنا تكون النتيجة بلّورة نانوية شبه موصلة (أو نقطةً كمومية quantum dot بِلُغَةِ أهل المهنة). وعلى غرار البلورات المغنطيسية ذات المقياس النانوي، هناك الكثير مما تستطيع هذه النُّتف البالغة الصِّغر أن تقدمه للباحثين في الطب الحيوي.

وكما يوحي الاسم، فإن النقط الكمومية تدين بمميزاتها الخاصة للقواعد غير العادية للميكانيك الكمومي quantum mechanics، وهي القواعد نفسها التي تحصر إلكترونات الذرات في مستويات متميزة معينة من الطاقة. ولا يمتص جزيء الصباغ العضوي إلا فوتونات الضوء ذات الطاقة المناسبة لرفع إلكتروناته من الحالة الساكنة إلى واحد من المستويات العليا المتاحة لها؛ أي إنه ينبغي أن يكون طول موجة الضوء الساقط (أو لونه) مناسبا تماما ليؤدي هذه المهمة. وعقب ذلك، سوف يُصدر الجزيء فوتونا عندما يعود الإلكترون إلى المستوى الطاقي الأقل. ونشير هنا إلى أن هذه الظاهرة تختلف تماما عما يحدث في أشباه الموصلات الحجمية bulk semiconductors التي تسمح للإلكترونات بأن تحتل عصابتين bands عريضتين من الطاقة. وتستطيع مثل هذه المواد أن تمتص الفوتونات ضمن مجال واسع من الألوان (يضم جميع الفوتونات التي تمتلك ما يكفي من الطاقة لملء الفُرْجة بين هاتين العصابتين)، ولكنها لا تصدر الضوء إلا عند طول موجي محدد يطابق طاقة فرجة العصابة band gap energy. أما النقط الكمومية فهي حالة متوسطة؛ إذ إنها، على غرار أشباه الموصلات الحجمية، تمتص فوتونات من جميع الطاقات التي تعلو عتبة threshold فرجة العصابة. ولكن الطول الموجي للضوء الذي تبثه أية نقطة كمومية (أي: لونه) يعتمد بشكل رئيسي على حجم تلك النقطة الكمومية. وبذلك يستطيع نوع واحد من المادة شبه الموصلة إعطاء طائفة كاملة من الواسمات الملونة المتميزة.

درس الفيزيائيون النقط الكمومية أول مرة في السبعينات من القرن العشرين، اعتقادا منهم بأنهم قد يستطيعون يوما ما أن يبدعوا أجهزة ضوئية أو إلكترونية جديدة. ولم يخطر ببال أولئك الباحثين الرواد بأن هذه الأشياء ستُفيد في تشخيص الأمراض أو اكتشاف عقاقير جديدة. ولم يكن أحد منهم ليحلم بأن التطبيقات الفعلية الأولى للنقط الكمومية ستكون في مجالي البيولوجيا والطب. لقد تطلب صنع نقط كمومية تعمل بشكل ناجح في المنظومات البيولوجية سنوات من البحث، غير أنها صارت اليوم حقيقة واقعة.


ائتلاف قوس قزح(***)

رخصت الشركة التي تقود حملة تسويق هذه التقانة تجاريا Quantum Dot Corporation تقنيات تم تطويرها في مختبري، وفي معهد ماساتشوستس للتقانة، وفي جامعة إنديانا، وفي مختبر لورنس بركلي الوطني، وفي جامعة ملبورن بأستراليا. ولقد ساعدتُ على تأسيس هذه الشركة، ولذلك ربما يكون تقييمي منحازا لصالحها. ولكنني مع ذلك أنظر إلى مستقبل النقط الكمومية نظرة مشرقة.

تتفوق البلورات النانوية شبه الموصلة على جزيئات الأصبغة التقليدية في نواح عدة. فالبلورات اللاعضوية الصغيرة تستطيع أن تتحمل عددا أكبر من دورات الإثارة والإصدار الضوئي، مقارنة بالجزيئات العضوية النموذجية التي سرعان ما تتفكك. ويسمح هذا الثبات للباحثين بتعقب المجريات في الخلايا والنسج لفترات أطول مما هو متاح الآن. ولكن الفائدة الأعظم التي تقدمها البلورات النانوية شبه الموصلة أقل غموضا، إذ تتوفر هذه البلورات بألوان أكثر.


خطة كبرى للطب(****)


تتضمن المبادرة الوطنية للتقانة النانوية، من بين أهدافها أو «تحدياتها العظيمة،» حشدا من التحسينات المستقبلية في كشف الأمراض وتشخيصها ومعالجتها. ويصور هذا الشكل بعضا منها. وتشمل هذه الأهداف (التي يبقى العديد منها بعيدا عن التحقيق) وسائل جديدة مُعِيَنةً للبصر والسمع، واختبارات سريعة للكشف عن مدى الاستعداد للمرض والاستجابة للعقاقير، وأجهزة بالغة الصغر قادرة على اكتشاف مشكلات، مثل: الأورام التي هي قيد التشكل، والعداوى (الأخماج)، والآفات القلبية، ومن ثم نقل المعلومات إلى متلقٍّ خارجي أو إصلاح العيوب في أمكنتها.
الهدف: التصوير المُحَسَّن
يمكن لعوامل التباين contrast agents المحسَّنة أو الجديدة أن تكتشف المشكلات في مراحلها المبكرة، التي يسهل علاجها. فقد تكشف على سبيل المثال عن أورام (باللون الأحمر) لا تزيد في حجمها على حجم عدد قليل من الخلايا.
الهدف: ابتكار طرائق جديدة لمعالجة الأمراض
يمكن لجسيمات نانوية توصيل أنواع من العلاج إلى مواضع مستهدفة بعينها، بما في ذلك أمكنة لا تستطيع العقاقير المعيارية بلوغها بسهولة. فعلى سبيل المثال، تستطيع القذائف النانوية الذهبية (الخرزات في هذا الشكل) التي تم توجيهها إلى الأورام أن تُحمّى بالقدر الكافي لإبادة تلك الأورام حين تسلط عليها أشعة تحت حمراء.
الهدف: ابتكار غرائس implants متفوقة
قد تحسّن تحويرات نانوية على سطوح الغرائس من مقاومة الغريسة للبلى وقابليتها للتوافق الحيوي biocompatibility. فعلى سبيل المثال، يمكن لِورْكٍ صنعي مغلف بجسيمات نانوية أن يتماسك مع العظم المحيط به بشكل أكثر متانة من المعتاد، وبذلك يتم تفادي التخلخل لاحقا.


http://www.oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N9-10_H07_002549.jpg



إن المنظومات البيولوجية معقدة جدا، وكثيرا ما يجب دراسة عدة مكونات من المنظومة في آن معا. ويصعب تحقيق مثل هذه المتابعة لأنه يجب استثارة كل صباغ عضوي بطول موجي ضوئي مختلف. ولكن النقط الكمومية تسمح بوسم تشكيلة من الجزيئات البيولوجية، لكل واحدة منها بلورة مختلفة الحجم (ومن ثم مختلفة اللون). ولما كان بالإمكان تنشيط جميع هذه البلورات بمنبع ضوئي واحد، فقد صار رصدها في الحال ممكنا.

يَلقى هذا النهج حاليا متابعة حثيثة، ولكن النقط الكمومية تقدم مزيدا من الإمكانات المثيرة. تخيلوا خرزة من اللاتكس (اللّثى)(6) latex ممتلئة بتشكيلة من النقط الكمومية. فهذه الخرزة يمكن أن تحتوي، على سبيل المثال، على خمس نقط مختلفة الأحجام (أو الألوان) بتراكيز متباينة. وبعد إضاءة الخرزة، فإنها ستبث ضوءًا من شأنه أن يُولِّد، حينما يتحلل عبر منشور، خمسة خطوط طيفية متمايزة ذات شدّات مقررة سلفا، أي إنها باركود (كود خطي) طيفي spectral bar code. وتسمح مثل هذه الخرزات بوجود عدد هائل من الواسمات المتمايزة (ربما بالبلايين)، تستطيع كل واحدة منها أن ترتبط، مثلا، بجزيئات دناوية مؤلفة من تتاليات مختلفة من لبنات بنائية جينية.

من أجل المعالجة، يمكن تغليف بعض العقاقير في عبوات
نانومترية المقياس تتحكم في إطلاق الأدوية بطُرُق متطورة.
بهذه الأنواع من الخرزات قد يستطيع الفنيون بسهولة مقارنة المادة الجينية في عينة ما بكتالوگ من تتاليات دناوية DNA sequencies معروفة، كما هي الحال إذا أراد أحد الباحثين أن يكتشف أي الجينات ينشط في خلايا أو نُسج معينة. وتتم العملية ببساطة بأن تقارن العينة المطلوب دراستها بالكتالوگ الكامل، ومن ثم قراءة الباركودات الطيفية لدناوات الكتالوگ التي ترتبط بتتاليات العينة. ولما كان هذا الارتباط لا يتم إلا إذا حدث توافق matching وثيق بين التتاليات (أو بدقة أكبر، حين تُتمِّم complements تتاليةٌ ما التتالية الأخرى)، فإن النتائج ستكشف فورا عن طبيعة المادة الجينية في العينة.

وينبغي أن تُفيد النقط الكمومية شبه الموصلة في وقت قريب الباحثين في الطب الحيوي على هذا النحو، ولكنها ليست البنى النانوية الوحيدة المفيدة في استشعار التركيب الجيني للعينات البيولوجية باستخدام الضوء؛ فهناك مثال آخر نتج من بحوث <Ch. ميركين> و<R. ليتسنگر> [من جامعة نورث ويسترن] اللذين طورا مؤخرا طريقة عبقرية لاختبار وجود تتالية جينية معينة في المحاليل. ويستخدم مخططُهما جسيمات من الذهب قطرها 13 نانومترا مرصعة بالدنا.



http://www.oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N9-10_H07_002550.jpg

خرزات من اللاتكس (اللثى) latex مملوءة بنقَط كمومية وحيدة اللون (لكل خرزة) تتوهج بنفس الأطوال الموجية للنقط نفسها تقريبا. وكذلك عبأ الباحثون مختارات من نقط كمومية مختلفة في خرزات مفردة. ويتمثل هدفهم في تكوين تشكيلة منوعة ضخمة من واسمات متمايزة لغرض الاختبارات البيولوجية. انظر كذلك «الباركودات النانوية» Nano Bar Codes في الإطار في الصفحة المقابلة.


يكمن السر هنا في استعمال مجموعتين من جسيمات الذهب، بحيث تحمل الأولى دنا يرتبط بنصف التتالية المستهدفة؛ في حين تحمل الأخرى دنا يرتبط بالنصف الآخر. إن الدنا الذي يحمل كامل التتالية المستهدفة سيتعلق بكلا النمطين من الجسيمات بسهولة واصلا إياها بعضها ببعض. ولما كان كل جسيم يمتلك لامِسات tentacles دناوية متعددة، فإن نُتَف bits المادة الجينية الحاملة للتتالية المستهدفة تستطيع لصق عدة جسيمات بعضها مع بعض. وحينما تتجمع هذه البقع الذهبية، تتغير خاصياتها الضوئية بشكل واضح مبدلة محلول الاختبار من اللون الأحمر إلى اللون الأزرق. ونظرا لكون نتيجة الاختبار سهلة المشاهدة من دون استخدام أجهزة على الإطلاق، فإن هذا الإجراء قد يكون مفيدا بشكل خاص لاختبار الدنا منزليا.


استشعار القوة(*****)

لن تكتمل مناقشة التقانة النانوية الحيوية من دون ذكر وجيز على الأقل لأحد أكثر الأجهزة العلمية شهرة اليوم: إنه مجهر (ميكروسكوب) القوة الذرية atomic force microscope. فهذه الأجهزة تسبر المواد بالطريقة نفسها التي يقوم بها الفونوگراف القديم بقراءة الأخاديد (الميازيب) في إحدى الأسطوانات عبر جر سن رفيعة فوق سطح الأسطوانة وقراءة الانحرافات الحاصلة. ولكن سن مجهر القوة الذرية هي أدق بكثير من إبرة الفونوگراف، وبذلك تستطيع استشعار بنى بالغة الصغر. ومما يؤسف له أن تصنيع أسنان دقيقة وقوية لهذه المجاهر أمر في غاية الصعوبة.

لقد ظهر الحل في عام 1996 حين ثبّت العاملون في جامعة رايس أنبوبا نانويا رفيعا من الكربون بسن أحد مجاهر القوة الذرية وأمكن بذلك سبر عينات لا يتجاوز حجمها نانومترات قليلة. وفي عام 1998 قام <Ch. ليبر> ومعاونوه [في جامعة هارڤارد] بتطبيق هذا النهج في سبر الجزيئات الحيوية، فقدموا بذلك وسيلة تصوير عالية الميز لتحري الجزيئات البيولوجية المعقدة وتآثراتها interactions عند مستوياتها الدنيا.


تقانة نانوية حيوية حيز التنفيذ(******)


قد تستطيع ذات يوم الأشياء الواردة هنا أن تحسّن سرعة وقوة الاختبارات الطبية الحيوية، مثل الاختبارات المستخدمة في تحري عيّنات صغيرة من المواد بحثا عن وجود تتاليات جينية معينة (وتوخيا للوضوح لم يجر رسم هذه الصور بمقياسها الحقيقي).

http://www.oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N9-10_H07_002551.jpg

عُلاّمات مغنطيسية magnetic tags


تكشف عدة اختبارات عن وجود جزيء ما أو كائن ممرض عن طريق تبيّن ارتباط أحد الأضداد بذلك الهدف. فحينما ترتبط الأضداد الموسومة (بجسيمات نانوية مغنطيسية) بهدفها على سطح ما (مقدمة الصورة)، فإن التعريض الوجيز إلى حقل مغنطيسي يجعل هذه المسابير probes مجتمعة
تطلق إشارة مغنطيسية قوية. في هذه الأثناء، تتدحرج الأضداد غير المرتبطة في كافة الاتجاهات من دون أن تولد إشارة جلية. وهذه الخاصية الأخيرة تتيح قراءة النتائج من دون حاجة مسبقة إلى التخلص من أية مسابير أخفقت في العثور على هدفها.

http://www.oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N9-10_H07_002552.jpg

جسيمات ذهبية gold particles


تستطيع جسيمات نانوية ذهبية مرصَّعة بقطع قصيرة من الدنا أن تشكل أساسا لاختبار تسهل قراءته بحثا عن وجود تتالية جينية ما (اللون الأسود) في عينة يراد دراستها. فالدنا المتمِّم complementary DNA لنصف تتالية كهذه (اللون الأحمر) يتم ربطه بمجموعة واحدة من الجسيمات في المحلول، والدنا المتمم للنصف الآخر (اللون الأزرق) يتم ربطه بالمجموعة الأخرى من الجسيمات. فإذا كانت المتتالية المعنية بالدراسة موجودة في العينة، فإنها سوف ترتبط باللامسات الدناوية على كلتا المجموعتين من الخرزات، مما يسبب حجز هذه الأخيرة في شبكة كثيفة. ويتسبب هذا التكتل في تغيير لون المحلول (من الأحمر إلى الأزرق).

http://www.oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N9-10_H07_002553.jpg

كوابيل cantilevers ذكية


يمكن فحص عينات بيولوجية بحثا عن تتاليات جينية معينة باستخدام كوابيل (كَمَرات) beams صغيرة من النمط المستخدم في مجاهر القوة الذرية. وهنا يتم تغليف سطح كل كابول بدنا DNA قادر على الارتباط بتتالية مستهدَفة معينة. ومن ثم يُصار إلى تطبيق عينة ما على الكوابيل. ونشير إلى أن هذا الارتباط يسبب إجهادا سطحيا surface stress يؤدي بدوره إلى ثني الكمرات المتأثرة بمقدار نانومترات ـ صحيح إنها ليست كثيرة، ولكنها تكفي للكشف عن أن تلك الكمرات المنثنية وجدت مستهدفاتها النوعية في العينة.

http://www.oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N9-10_H07_002554.jpg

باركودات نانوية nano bar codes


تستطيع خرزات من اللاتكس مملوءة بأشباه موصلات نانوية المقياس ذات عدة ألوان (تدعى نُقَطًا كمومية) أن تفيد كواسمات labels فريدة لأي عدد من المسابير المختلفة. فهذه الخرزات، حين تستجيب للضوء، تعلن عن هويتها (ومن ثم عن مسابيرها الموصولة بها) عن طريق إصدارها ضوءا يتحلل إلى طيف مميز من الألوان والشِّدات intensities يعتبر نوعا من الباركود الطيفي.


ولكن مجهر القوة الذرية يوشك أن يُستخدم لأكثر من مجرد إجراء قياسات علمية أساسية. ففي عام 2001 بيّن <J. جيمزيوسكي> [الذي كان يومها في مختبر أبحاث IBM بزيورخ] ومعاونوه [في IBM وجامعة بازل] إمكانية استخدام صفيف من أذرع ميكروية الأبعاد (أي كوابيل cantilevers)، تشبه تلك المستخدمة في مجاهر القوة الذرية، في استقصاء عينات بحثا عن وجود تتاليات جينية معينة؛ إذ قاموا بتثبيت شُرُطٍ strands قصيرة من الدنا على ذرا هذه الكوابيل. فإذا ارتبطت مادة جينية تحمل تتالية متممة بهذه الشُّرُط المثبَّتة، فإنها ستسبب إجهادا سطحيا يثني الكوابيل برفق (بمقدار نانومترات فقط)، وهو مقدار يمكن كشفه. وبتصنيع أجهزة ذات كوابيل عدة، وتغليف كل كابول بنوع مختلف من الدنا، سيكون الباحثون قادرين على اختبار عينةٍ بيولوجية ما بسرعة بحثا عن وجود تتاليات جينية معينة (على غرار ما يُجرى الآن بشكل روتيني على الشيپات الجينية) بواسطة وسائل ميكانيكية نانوية دونما حاجة للوَسْم.

إن هذا المثال، شأنه شأن الأمثلة التي وصفناها سابقا، يوضح أن الارتباطات بين التقانة النانوية والممارسة الطبية كثيرا ما تكون غير مباشرة، من حيث إن الكثير من البحوث الجديدة إنما يبشر فقط بأدوات بحثية وبوسائل مساعدة على التشخيص أفضل من سابقاتها. ولكن في بعض الحالات، قد تثبت بعض الأدوات النانوية التي يتم ابتكارها اليوم نجاعتها في العلاج. فعلى سبيل المثال، يمكن تعبئة عقاقير في كبسولات نانوية تتحكم في تحرير (إطلاق) تلك الأدوية داخل الجسم بطرق متطورة.

لِنأخذ طائفة من الجزيئات الصنعية تدعى المُتَغَصِّنات العضوية organic dendrimers. فمنذ عقدين من الزمن صاغ <D. توماليا> [من معهد متشيگان لبحوث الجزيئات في ميدلاند] هذه البنى المثيرة للاهتمام للمرة الأولى. ويتصف جزيء المتغصنة بأنه يتفرع بشكل متلاحق من الداخل نحو الخارج. وتشبه هذه الجزيئات في شكلها ما يمكن أن يحصل عليه المرء حين يأخذ عدة غُصَيْنات من شجرة ويدخلها في كرة من الإسفنج بحيث تبرز في كل اتجاه. إن هذه الجزيئات كروية الشكل وتقارب في حجمها حجم پروتين نموذجي، ولكنها لا تتجزأ أو تفتح طياتها بالسهولة التي تبديها الپروتينات؛ إذ تضم بعضَها إلى بعض روابط كيميائية قوية.

ومثلما هي حال الظُّلات canopies المزدهرة ذات الأشجار البالغة، فإن المتغصنات تحوي فُرْجات (فسحات)؛ بمعنى أنها تمتلك مساحة سطحية داخلية هائلة. وجدير بالاهتمام، أنها يمكن أن تُفصَّل tailored بحيث تمتلك مدى متفاوتا من فجوات مختلفة الأحجام تشكل فضاوات مثالية لاستيعاب الوسائط العلاجية. ويمكن كذلك هندسة هذه المتغصنات لكي تنقل الدنا داخل الخلايا لغرض العلاج الجيني، كما أنها قد تكون أكثر أمانا مقارنة بالطريقة الرئيسية الأخرى المتمثلة في الکيروسات المُحوَّرة جينيا genetically modified.

هناك أنماط أخرى من بنى نانوية تمتلك مساحة سطحية كبيرة؛ وهذه أيضا يمكن أن تكون مفيدة في توصيل العقاقير إلى حيث الحاجة إليها. ولكن المتغصنات تقدم أعظم درجة من التحكم والمرونة. وقد يكون ممكنا تصميم متغصنات لا تنتفخ تلقائيا ولا تحرر محتوياتها إلا لدى وجود جزيئات محرِّضة مناسبة. ولسوف تسمح هذه الخاصية بأن تحرر متغصنةٌ ما مصنوعة بحسب الطلب حمولتَها من العقّار في النُّسُج أو الأعضاء التي تتطلب المعالجة دون غيرها.

وتلوح في الأفق وسائط أخرى لتوصيل العقار تتضمن كبسولات پوليميرية جوفاء يدرسها <H. موهوالد> [من معهد ماكس پلانك للغروانيات والسطوح البينية في ألمانيا]. وهذه الكبسولات تنتفخ أو تنضغط بفعل إيعازات معيَّنة فتحرِّر العقاقير من داخلها. ويثير الاهتمام كذلك ما يسمى القذائف النانوية nano****ls التي ابتكرها حديثا الباحثون في رايس.


أعمال سباكة صغيرة(*******)

دراسات السوائل الميكروية تحسن البحث الطبي الحيوي

إن معظم التقانات النانوية التي تُطوَّر اليوم لأغراض الاستعمال في الطب الحيوي تأخذ شكل أجسام دقيقة مغمورة في كميات كبيرة نسبيا من سائل قد يكون ماء أو دما أو خليطا تجريبيا معقدا. ولكن الباحثين يحاولون كذلك إيجاد أدوات للتعامل مع كميات صغيرة من مثل هذه السوائل. وهذه الأدوات التي تدعى المنظومات السائلة الميكروية microfluidic systems، تضخ السوائل عبر قُنَيّات ضيقة تتحكم في التدفق بواسطة صمامات valves بالغة الصغر وحقول كهربائية شديدة.
إن إمكانية التعامل مع كميات صغيرة جدا من السوائل بهذه الطريقة تسمح للباحثين في الطب الحيوي بإجراء عديد من التجارب المختلفة على ما يمكن أن تكون كمية متواضعة من العينة وبطريقة فاعلة تتيح إنجاز مئات الاختبارات على سطح شريحة زجاجية واحدة فقط. وكذلك توفر الأدوات السائلة الميكروية للباحثين وسائل لإجراء تجارب لا يمكن تنفيذها بطريقة أخرى، ونذكر منها على سبيل المثال إيصال محاليل اختبار ذات تراكيب معينة إلى أجزاء مختلفة من خليةٍ ما قيد الدراسة.
ومع أن العديد من المكونات التي يُجرى ابتداعها لهذه المنظومات أكبر قطرا بكثير من الميكرون، فإن بعض الأجهزة التجريبية ذات أبعاد نانوية المقياس. ونذكر على وجه الخصوص أن فريق <H. كريگهِد> [في جامعة كورنل] استحدث طرقا لفرز حجوم مختلفة من شُدَف fragments الدنا في الماء وفقا للسرعة التي تجتاز بها هذه الشدف ممرات قطرها 100 نانومتر، أو تعبُر بها قنيات ميكروية تستضيق مرارا حتى تبلغ ما يتراوح بين 75 و100 نانومتر. وقد يمكن لهذه أو غيرها من الأجهزة السائلية النانوية أن تزيد بشكل فعّال في سرعة فصل جزيئات الدنا (من أجل تحديد التتاليات)، وأن تقلل من كلفة ذلك الفصل. كما قد يمكن من الناحية النظرية تكييفها لغرض فصل الپروتينات وجزيئات أخرى.


إن القذائف النانوية هي خرزات صغيرة جدا من الزجاج مغلفة بالذهب. ويمكن تصميمها لتمتص أيا كان من الأطوال الموجية الضوئية. ولكن القذائف النانوية التي تقتنص الطاقةَ في الطول الموجي القريب من الأشعة تحت الحمراء هي الأهم، لأن هذا الطول الموجي يخترق بسهولة بضعة سنتيمترات من النسج. لذا يمكن تسخين القذائف النانوية المحقونة داخل الجسم من الخارج باستخدام مصدر قوي للأشعة تحت الحمراء. ويمكن جعل مثل هذه القذائف النانوية توصل جزيئات العقاقير في أوقات معينة، عن طريق ربطها بكبسولة مصنوعة من پوليمير حساس للحرارة. ولا تطلق هذه الكبسولة محتوياتها إلا حين يؤدي التسخين اللطيف للقذيفة النانوية المرتبطة بها إلى تشويه شكلها.

هناك تصور لاستخدام أكثر إثارة فيما يخص القذائف النانوية، يتمثل في استخدامها لمعالجة السرطان. فالفكرة هنا تكمن في ربط هذه الخرزات المغلفة بالذهب بأضداد antibodies ترتبط نوعيا بالخلايا الورمية. وهنا يؤدي تسخين القذائف النانوية بالقدر الكافي إلى تخريب الخلايا السرطانية مع الإبقاء على النسج المجاورة سليمة من الناحية النظرية.






http://www.oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N9-10_H07_002555.jpgقد يقارب حجم هذه المُتَغَصِّنة dendrimer العضوية (التي جسدها تصور الفنان) حجم جزيء پروتيني. وتحوي المتغصنات بعض التجاويف الداخلية وينظر إليها كوسائط نقل لإيصال العقاقير.


يصعب علينا بالطبع أن نعرف بالتأكيد كون القذائف النانوية ستفي في نهاية الأمر بهذا الغرض الواعد. ويمكن أن يقال الشيء نفسه عن الأعداد التي لا تحصى من الأجهزة المنمنمة minuscule الأخرى التي تُطوَّر اليوم لأغراض طبية، ونذكر منها كرات بَكِي(7) bucky balls، تتألف من بضع عشرات من ذرات الكربون فحسب. وعلى كل حال، يبدو من المحتمل أن بعض الأشياء التي تُدرَس اليوم سوف تخدم الأطباء في المستقبل القريب. ولعل ما هو أكثر إثارة أن الأطباء سيستخدمون لبنات بنائية نانوية المقياس في تشكيل بنى كبيرة، وبذلك يقلدون السيرورات الطبيعية للبيولوجيا. وقد تفيد مثل هذه المواد يوما ما في ترميم النسج التالفة. صحيح إن البحوث في هذه الاستراتيجيات الجريئة لا تزال في بدايتها، ولكنَّ هناك مشروعا واحدا على الأقل يبين الآن جدوى هذه الفكرة ويتمثل في بناء سقالات scaffoldings يمكن إنماء العظم عليها. إن <S. ستوپ> [من جامعة نورث وسترن] هو رائد هذه المقاربة، حيث يستخدم جزيئات تصنيعية synthetic تتحد مشكِّلة أليافا، تميل الخلايا العظمية بشدة إلى الالتصاق بها.

أي أعاجيب أخرى يمكن أن يحملها المستقبل؟ فعلى الرغم من أن وسائل إنجازها لا تزال أبعد من أن تتضح، فإن الفنيين النانويين الجادّين حددوا بعض الأهداف الطموحة حقا. إن أحد «التحديات العظيمة» لفريق المبادرة التقانية النانوية الوطنية (NNI) يتمثل في إيجاد طرق للكشف عن الأورام السرطانية التي لا يتجاوز حجمها حجم عدد قليل من الخلايا. ويأمل الباحثون كذلك أن يطوروا طرقا ليس لتجديد العظم أو الغضروف أو الجلد فحسب، بل أيضا لتجديد أعضاء أكثر تعقيدا، عبر استخدام سقالات صنعية من شأنها أن تقود نشاط الخلايا المزروعة، بل حتى أن توجه نمو تشكيلة منوعة من الأنماط الخلوية. صحيح إن استبدال القلوب والكلى والأكباد بهذه الطريقة ربما لا يضاهئ التقانة الخيالية لفيلم رحلة خيالية، ولكن فكرة إمكانية تحقيق مثل هذه العلاجات الطبية في المستقبل غير البعيد جدا تبقى فكرة مثيرة بلا حدود.

المؤلف
A. Paul Alivisatos
أستاذ الكيمياء بجامعة كاليفورنيا في بركلي، التي حصل منها على الدكتوراه في الكيمياء الفيزيائية عام 1986؛ كما أنه زميل في الجمعية الأمريكية للتقدم العلمي والجمعية الفيزيائية الأمريكية. وقد نال أليڤيزاتوس عدة جوائز عن أبحاثه على الخواص الفيزيائية للبلورات النانوية. وهو مؤسس شركة النقطة الكمومية Quantum Dot Corporation التي تسعى إلى تسويق استعمال البلورات النانوية شبه الموصلة كواسمات labels مفلوِرَة في الاختبارات الطبية الحيوية.

مراجع للاستزادة
Ultrasensitive Magnetic Biosensor for Homogeneous Immunoassay. Y. R. Chemla, H. L. Grossman, Y. Poon, R. McDermott, R. Stevens, M. D. Alper and J. Clarke in Proceedings of the National Academy of Sciences USA, Vol. 97, No. 27, pages 14268-14272; December 19, 2000.
The author’s Web site is at www.cchem.berkeley.edu/~pagrp/ (http://www.cchem.berkeley.edu/-pagrp/)
Information on using gold nanoparticles for DNA testing is available at
www.chem.nwu.edu/~mkngrp/dnasubgr.html (http://www.chem.nwu.edu/-mkngrp/dnasubgr.html)
Information on nano****ls is available at www.ece.rice.edu/-halas/ (http://www.ece.rice.edu/-+halas/)
Information about quantum dots and their use in biomedicine is available at www.qdots.com (http://www.qdots.com/)

(*) LESS IS MORE IN MEDICINE
(**) Overview/Nanomedicine
(***) The Rainbow Coalition
(****) A Grand Plan for Medicine
(*****) Feeling the Force
(******) Bio- Nanotech in Action
(*******) Petite Plumbing Jobs

(1) ج: إنسالة، نحت من إنسان-آلي: روبوت.
(2) أو أوتوماتونات.
(3) self-replicating
(4) أصابتها طفرة أو أكثر.
(5) بكتيرات تتحرك نحو حقل مغنطيسي أو بعيدا عنه.
(6) ويسمى أيضا الحليب (اللبن) النباتي: سائل غرواني لبني يوجد طبيعيا في العديد من النباتات، يتفصد عند قطع النبات، وسرعان ما يتصلب عند ملامسته الهواء.
(7) كرة بكي: هي جزيء مكون نحو 60 ذرة كربون، تشكل ما يشبه القبة الجيوديسية. وهي النوع الثالث من الكربون النقي (بعد الألماس والگرافيت). وتأتي أكثر استخداماتها في مجال معالجة السرطان.(التحرير)

غفران بصبوص
07-11-2010, 10:56 PM
معلوماات جديده

اشكرك اخ "محمد"
بارك الله فيك

محمد عريف
07-12-2010, 10:40 AM
معلوماات جديده

اشكرك اخ "محمد"
بارك الله فيك


شكراً علي مرورك أختي

مع وافر احترامي وتقديري

ahmed taha
07-12-2010, 10:45 AM
موضوع رائع جدااااااااااا...

بارك الله فيك اخي محمد...

الى الامام دائما...

محمد عريف
07-13-2010, 11:34 PM
موضوع رائع جدااااااااااا...

بارك الله فيك اخي محمد...

الى الامام دائما...


شكراً لمروك أخي

مع وافر احترامي وتقديري