تمام دخان
05-28-2010, 06:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
:(289):
الذرة
- الحلقة الخامسة -
مبدأ الارتياب – مؤتمر سولفي (كوبنهاجن)
وقفنا في الحلقة الماضية عند أحد عباقرة القرن العشرين , و على رأي أحدهم قمنا بخطفه من الساحة دون إذن , إلا أنني أطمئنه بأنه ها هو قد عاد إلى الساحة و بقوة أيضا ... إنه هايزنبرغ ...
http://hazemsakeek.com/up/download.php?img=785
عندما عاد إلى جامعته في جنتجن أخبر زميله ماكس بورن عن فكرته الرياضية , و عملا معا بقوة لعدة شهور ليطورا نظرية جديدة عن الذرة (النظرية التي نطلق عليها اليوم ميكانيكا المصفوفات)
تستخدم ميكانيكا المصفوفات مصفوفات معقدة الأرقام تشبه جدول البيانات و باستخدام هذه المصفوفة تمكن هايزنبرغ و مساعده ماكس بورن من توقع سلوك الذرة بدقة .
http://hazemsakeek.com/up/download.php?img=786
لكن ذلك بالنسبة لأنشتاين و التقليدين كان بدعة علمية محضة _ فلا يمكن أن تكون الذرة في الحقيقة مصفوفة من الأرقام _ طبعا نحن نتكون من ذرات لا من أرقام .
تعالوا معي إلى كوبنهاجن ...
كان بور و باولي يهتزان طربا بميكانيكا المصفوفات , فما الذي سوف يحدث إذا لم نتمكن من تصور الذرة كشيء مادي ؟ لقد جالوا بخيالهم في الرياضيات البحتة و شنوا الهجمات على موجات شرودنجر الحسية المألوفة .
كتب هايزنبرغ : (( كلما فكرت مليا في الجزء المادي من معادلة شرودنجر أجدها أكثر إثارة للاشمئزاز , هي في الحقيقة مجرد هراء ))
أيضا كان شرودنجر ينتقد هايزنبرغ قائلا: ((إن مناهجه منفرة و رياضياته سخيفة بشكل لا يوصف )) .
http://hazemsakeek.com/up/download.php?img=670
في ميونخ عام 1926 بدأت عداوتهما تصل إلى درجة الغليان , كان شرودنجر سيلقي محاضرة عن معادلته الموجية , جمع هايزنبرغ المال بصعوبة ليسافر إلى ميونخ و ذلك ليحضر المحاضرة و يقابل منافسه أخيرا وجها لوجه ...
كان يعتقد أن طريقة فهم شرودنجر في التبسيط لم تكن ضالة فحسب , لكنها خاطئة تماما , و لم يكن في نيته أقل من أن يدمر نظرية شرودنجر ...
ألقى شرودنجر محاضرته عن الميكانيكا الموجية الجديدة على حشد من المستمعين بعد امتلاء المقاعد .
و كتب معادلته الموجية الجديدة .........
بالنسبة لشرودنجر كانت هذه تصف صورة مادية حقيقية للذرة حيث الإلكترونات كالموجات التي تحيط بالنواة الذرية .
http://hazemsakeek.com/up/download.php?img=787
كان هايزنبرغ ذو الـ 24 عاما من ضمن المستمعين , استطاع بصعوبة بالغة أن يتمالك نفسه في نهاية المحاضرة وقف و ألقى خطابا طويلا من طرف واحد مهاجما طريقة فهم شرودنجر فبالنسبة لهايزنبرغ من غير الممكن أبدا الحصول على صورة عما تشبه الذرة في الواقع ...
كان المستمعون في صف شرودنجر فقد كانوا يفضلون كثيرا تفسير شرودنجر المادي البسيط على رياضيات هايزنبرغ المعقدة .
انطلقت أصوات الاستهجان ضد هايزنبرغ و قيل له أن يجلس و يبقى هادئا ... لقد انصرف من المحاضرة حزينا و مكتئبا ...
عاد هايزنبرغ الى كوبنهاجن و قد اهتزت ثقته بنفسه كثيرا , و هناك وصل هو و بور إلى أشد لحظات حياتهما كآبة فقد كان كل المجتمع العلمي ضدهما تقريبا , شعرا بأنهما معزولان و يائسان فقد كانا في وضع لا يحسدان عليه ...
و على الرغم من ذلك رفضا بعناد التراجع عن نظريتهما المثيرة للجدل , فجأة خطر ببال هايزنبرغ فكرة :
لماذا لا يمكن تخيل الذرة ؟
لماذا لا يمكن تخيلها بديهيا ؟
ليس لأنها متناهية في الصغر أو مخادعة أو صعبة المنال فحسب , بل لأنه بطبيعتها لا سبيل لمعرفتها , لقد أدرك أن هناك حدا أقصى لمعرفتها , فعلى سبيل المثال إذا عرفنا مكان وجود الإلكترون في لحظة معينة من الزمن عندها لا يمكننا معرفة سرعة تحركها , و كذلك إذا علمنا سرعته لا يمكننا تحديد مكانه ...
إن هذا الغموض ليس عيبا في النظرية ذاتها و لا بسبب عدم الدقة في الطرق التي نجري بها قياساتنا , لكنه حقيقة أساسية تتعلق بسلوك الطبيعة عند المقياس تحت الذري و أصبح يعرف بمبدأ عدم التحديد لهايزنبرغ , و الذي ربما يكون من اعقد المفاهيم حتى الآن ...
إذا قمنا بدراسة الجسيم باعتبار خواصه الجسيمية فهذا بالضرورة يؤدي إلى فقد خواصه الموجية والعكس صحيح أي إذا درسنا الجسيم باعتبار الخاصية الموجية فهذا سيؤدي إلى فقد خواصه الجسيمية.
وإذا أردنا أن ندرس الخاصيتين معاً فإننا سوف لا تستطيع تحديد موقع الجسيم بدقة بل نعين احتمالية تواجد الجسيم في الفراغ وفي هذه الحالة من عدم الدقة في تحديد موقع الجسيم فإنه لن يفقد خواصه الموجية..
لذا من المستحيل أن نطبق الخواص الموجية والجسيمية في وقت واحد على الجسيمات المادية أو الفوتونات فإذا اخترنا أحد الصفتين فلابد من استبعاد الأخرى. لذا فإن مبدأ الشك يجمع الخاصيتين معاً.
مبدأ الشك في الفيزياء الكلاسيكية
الجسيم المثالي هو الجسيم الذي يمكن تعيين موقعه في الفراغ بدقة كما إن كتلته وشحنته محددة بدقة. والموجة المثالية هي موجة جيبية لا يمكن تحديد مدى انتشارها في الفراغ أي أنها تمتد امتداداً لانهائياً ولها تردد محدد n وطول موجي معين l وسرعة انتشار v = ln
لنفترض أن لدينا موجة مثالية ونريد أن نقارن موجة مجهولة بتلك الموجة القياسية. والسؤال هنا كيف يمكن أن نقول بمنتهى الدقة أن تردد الموجة المجهولة يساوي تماماً تردد الموجة المثالية؟
http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u4.jpg
سوف ندع الموجتان تداخلان لكي ينتج عنها ظاهرة الضربات Beats عدد الضربات في وحدة الزمن يساوي الفرق في ترددهما, إذا قمنا بمراقبة الموجتان لمدة محدودة من الزمن قد لا نلاحظ تغيراً ملحوظاً على سعة الموجة المحصلة الناتجة من التداخل ولكن لا يمكننا بذلك أن نجزم بأنه لا يوجد ضربات إذ أنه إذا انتظرنا وقتاً كافياً لأمكننا تسجيل ضربة.
ولكي نكون متأكدين تماماً من عدم وجود ضربات أي أن فرق التردد بين الموجتين يساوي صفر أي لهما نفس التردد فلابد من الانتظار زمناً لانهائياً.
http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u12.jpg
إذا كان الفرق في التردد بين الموجتين هو Dn فإن الفاصل الزمني بين ضربة والتي تعقبها هو 1/Dn
ولذلك لا بد من أن ننتظر زمناً Dtعلى الأقل أكبر من الزمن بين الضربتين أي أن :
Dt ³ 1/Dn
بمعنى أن اللاحتمية (الشك) في قياس التردد Dn تكون كبيرة إذا كان التردد قد قيس على امتداد فترة زمنية قصيرة وحتى يكون الشك في التردد Dn مساوياً للصفر فإن Dt لا بد أن تكون لانهائية.
Dn Dt ³ 1 (1
العلاقة التي تعطي اللاحتمية المناظرة للطول الموجي هو Dl يمكن اشتقاقها كالتالي:
http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u2.gif
http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u3.gif
http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u4.gif
http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u5.gif
But v = ln http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u6.gif @ http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u7.gif
http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u8.gif
http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u9.gif
DlDx³l2 (2
المعادلة (2) تشير إلى انه إذا كان امتداد الموجة في الفراغ غير محدد أو لا حتمي بمقدار Dx فإن طولها الموجي غير حتمي بمقدار Dl حيث أن Dl=l2/Dx. بمعنى أنه لكي تكون الموجة وحيدة اللون Dl=0 فإن امتدادها يكون لا نهائي في الفراغ.
النبضة الموجية Wave Packet
النبضة الموجية هي اهتزازة موجية محصورة في مدى محدد من الفراغ يمكن إثبات (رياضياً) إن تلك الموجة مكونة من عدة موجات مختلفة في التردد ومتطابقة الواحدة فوق الأخرى
أي لها محتوى ترددي Dn وإذا جمعنا عدد الموجات ذات الترددات المختلفة التي تداخلها مع بعضها البعض لنحصل على نبضة حادة تماماً فسوف نجد أن جميع الترددات من صفر إلى مالانهاية أي أن المحتوى الترددي لهذه النبضة هو Dn=¥ ومعنى ذلك أن Dl=¥ ومن المعادلة (2) فإن Dx=0 وهي الصفة الجسيمية ...
http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u11.jpg
مبدأ الشك لهايزنبرغ
إذا قمنا بوصف الشعاع الكهرومغناطيسي باستخدام الخاصية الجسيمية وقمنا بتحديد موقع الفوتون عند أي لحظة من الزمن بدقة متناهية, فإن من مبدأ الشك يكون كلا من
Dx=Dt=0
ومن ناحية أخرى فإن الشك في تحديد الطول الموجي والتردد يكونان مالانهاية
Dl=Dn=¥
إاذا اعتبرنا حالة وسط أي أن يكون رصد الفوتون في المكان والزمان بطريقة غير محددة بدقة بل بنسبة شك قدرها Dxللمكان و Dt للزمان فإن من المعادلتين (1) و (2) يكون :
Dn Dt ³ 1 (1
DlDx³l2 (2
والمعادلة (1) تعني أنه في حالة قياس التردد لموجة خلال فترة محددة من الزمن Dt يكون الشك في التردد هو Dn
والمعادلة (2) تعني أنه في حالة قياس الطول الموجي لموجة في مسافة قدرها Dx فإن الشك في قياس الطول الموجي يكون Dl.
هاتين المعادلتين تم استنتاجهما على أساس الفيزياء الكلاسيكية وفي الفيزياء الحديثة يستعان بهاتين المعادلتين في ربط الخصائص الجسيمية (الطاقة وكمية الحركة) مع الخصائص الموجية (التردد والطول الموجي). من خلال المعادلتين التاليتين:
Energy of the photon E = h n
Momentum of the photon p = h/l
وبإجراء التفاضل للمعادلة الأولى E = h n نحصل على مقدار الشك في الطاقة بالنسبة للشك في التردد
DE=hDn
DEDt ³ h (3
وهذه الصيغة الأولى لمبدأ الشك لهايزنبرغ والتي تنص على أن حاصل ضرب مقدار الشك في الطاقة والزمن يكون على الأقل اكبر من أو يساوي ثابت بلانك. وهذا يعني أن في حالة جسيم مثل الإلكترون أو الفوتون أو مجموعة من الجسيمات تكون في مستوى طاقة معين لفترة زمنية محددة بـ Dt, وعليه يكون الشك في مقدار مستوى الطاقة صفر إذا بقيت الجسيمات في ذلك المستوى لفترة زمنية لانهائية, وحيث أن الجسيمات تمكث في مستوى الطاقة فترة زمنية محددة إذا سيكون هناك مقداراً من الشك في الطاقة قدره DE ويساوي ثابت بلانك على Dt.
لجسيم يتحرك في بعد واحد على محور xفإن العلاقة بين الشك في كمية حركة الجسيم والشك في الطول الموجي يمكن الحصول عليه بتفاضل المعادلة p = h/l
http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u21.gif
]
وهذه الصيغة الثانية لمبدأ الشك لهايزنبرغ والتي تنص على أن حاصل ضرب مقدار الشك في الموقع ومقدار الشك في كمية الحركة يساوي على الأقل ثابت بلانك.
وعليه فإنه من المستحيل قياس كلاً من المكان وكمية الحركة في نفس اللحظة بدقة متناهية
.
كيف يمكن تصور شكل موجة الإلكترون بالاعتماد على مبدأ الشك؟
ذكرنا سابقاً أن للإلكترون خصائص موجية وأن الإلكترون يمكن اعتباره موجه ولكن طبيعة هذه الموجة غير معروف وتم اعتبار الدالة الموجية Y هي الموجة المصاحبة للإلكترون. ومن مبدأ الشك يمكن الجمع بين الخاصية الجسيمية والخاصية الموجية باعتبار موجة تنتشر على مدى محدد في الفراغ وبالتأكيد فإن هذه الموجة لن تكون موجة جيبية لأن الموجة الجيبية غير محددة في الفراغ ولها امتداد لانهائي. وإذا افترضنا مجموعة من الموجات الجيبية بترددات مختلفة تشكل نبضة موجية wave packet تنتشر على مدى محدد في الفراغ كما في الشكل يمكن أن تمثل موجة الإلكترون.
http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u22.jpg
-إن مبدأ الارتياب هذا الذي اكتشفه هايزنبرغ يشير إلى أنه لا يمكن للمرء أن يقيس حالة نظام ما بدقة , و بالتالي لا يستطيع أن يتنبأ بما سيحصل له في المستقبل ...
فكل ما يمكن فعله هو التنبؤ باحتمالات النتائج فقط ... إن عنصر الحظ و العشوائية هذا هو ما أقلق انشتاين , فقد رفض الاعتقاد بأن القوانين الفيزيائية لا تستطيع القيام بتنبؤ محدد لا لبس فيه حول ما سوف يحصل ...
و مع ذلك و مهما كانت الصيغة التي نعبر فيها عن هذا الأمر فإن جميع الدلائل تشير إلى أن الظاهرة الكمومية و مبدأ الارتياب أمران لا يمكن تفاديهما و أنهما يحصلان في كل مجالات الفيزياء ...
يعود جزء من مشكلة أنشتاين مع ميكانيك الكم و مبدأ الارتياب إلى حقيقة أنه كان معتادا على الفكرة السائدة في الحس العام و هي أن لكل نظام تاريخا محددا , فالجسيم يمكن أن يكون في مكان ما أو في آخر و لا يمكن أن يكون نصفا هنا و نصفا هناك .
و على نحو مشابه إما أن يكون الحدث من قبيل نزول رواد الفضاء على القمر قد حصل أو لم يحصل , إذ لا يمكن أن يكون نصف حصل , كذلك لا يمكن للمرء أن يكون ميتا قليلا , كما لا يمكن للمرأة أن تكون حاملا قليلا ... فإذا كان للمنظومة تاريخ محدد واحد , يقود مبدأ الارتياب لمختلف من الألغاز كأن يكون الجسم في مكانين في آن معا أو يكون رواد الفضاء نصف موجودين على القمر ....
فالذرات ليس فقط لا يمكن تخيلها و إنما متناقضة مع نفسها أيضا , فهي تتصرف كموجات و جسيمات معا لتصبح أكثر غرابة ... أمر مضحك حقا ...
عندما لا تنظر إلى الذرة فإنها تتصرف كموجة متحركة , لكن عندما تنظر لترى أين هي فإنها تتصرف كجسيم , هذا جنون ... في البداية كان لا يمكن رؤية الذرة على الإطلاق , لكن الآن تتغير صفاتها تماما حسب ما إذا كنت تنظر إليها أم لا .
http://hazemsakeek.com/up/download.php?img=788
- في خريف عام 1927 علم بور و هايزنبرغ أنهما مستعدين أخيرا لتحدي المحافظين , فقد كانوا ممتلئين بالثقة بالنفس و الاستعداد لخوض المعركة و حسم هذه القضية ...
اختاروا مؤتمر سولفي في بروكسل , سيحضر كل الفيزيائيين الذريين الأعلام على مستوى العالم , إذا نجح بور و هايزنبرغ فسوف يقودان ثورة علمية شاملة ...
إن كل ما ستطاع أن يتحدث به المشاركون طيلة فترة المؤتمر و هي أسبوع واحد هو ميكانيكا الكم لبور إلا أن وجود مبدأ عدم التحديد كبند أساسي فيها جعلها نظرية هائلة بحق ... و طبعا و خلال هذا الأسبوع كان لابد أن تكون جولة الحسم النهائية بين بور و خصمه اللدود ألبرت انشتاين .
كان أنشتاين يكره ميكانيكا الكم , فقد كان يأتي كل صباح ببرهان لبور و هو يشعر أنه صنع ثغرة جديدة في نظريته الجديدة , فينصرف بور و هو مضطرب جدا و يفكر في الأمر مليا و يرجع في نهاية اليوم بحجة مضادة تدحض نقد أنشتاين ... لقد حدث هذا يوما بعد يوم حتى أزاح بور كل انتقادات انشتاين جانبا بنهاية المؤتمر , و نظر الى بور على أنه أصبح منتصرا ...
و بذلك أصبح هناك تصورا للذرة و الذي يعرف اليوم بتفسير كوبنهاجن ... و أصبحنا الآن في صميم الفيزياء النووية .
في نهاية المؤتمر تجمعوا لأخذ صورة تذكارية لم يحدث قبل و لا بعد ذلك أن حصل مثل هذا التجمع العظيم لهذا العدد الهائل من علماء الفيزياء في مكان واحد ...
http://hazemsakeek.com/up/download.php?img=789
يبدو أنشتاين مكتئبا لأنه خسر المناظرة , لويس دي بروي فشل أيضا بإقناع المشاركين بوجهة نظره ...
كان النصر من نصيب نيلز بور الذي شعر بالرضا عن نفسه , بجانبه أحد أبطال ميكانيكا الكم الذين لم يذع صيتهم الألماني ماكس بورن الذي وضع الكثير من الرياضيات , و خلفهم هايزنبرغ و باولي ...
كانت هذه نقطة التحول في الفيزياء , استبدل القديم بالجديد و دخلت المصادفة و الاحتمال في فهم الطبيعة و لم يعد بإمكاننا وصف الذرات بمصطلحات بسيطة بل باستخدام الرياضيات النظرية البحتة فقط .
و على الرغم من موت انشتاين و عدم اقتناعه بميكانيكا الكم حيث كان مصرا على عبارته المشهورة : إن الله لا يلعب بالنرد ... إلا أن مؤتمر سولفي كان نقطة أساسية في العلم , تقبل عندها المجتمع العلمي تفسير كوبنهاجن و هذا التفسير لا زال مقبولا إلى اليوم ...
تابعونــــــــــــــــــــــا
:(103)::(103)::(103):
تحياتي
...
http://hazemsakeek.com/up/download.php?img=790
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
:(289):
الذرة
- الحلقة الخامسة -
مبدأ الارتياب – مؤتمر سولفي (كوبنهاجن)
وقفنا في الحلقة الماضية عند أحد عباقرة القرن العشرين , و على رأي أحدهم قمنا بخطفه من الساحة دون إذن , إلا أنني أطمئنه بأنه ها هو قد عاد إلى الساحة و بقوة أيضا ... إنه هايزنبرغ ...
http://hazemsakeek.com/up/download.php?img=785
عندما عاد إلى جامعته في جنتجن أخبر زميله ماكس بورن عن فكرته الرياضية , و عملا معا بقوة لعدة شهور ليطورا نظرية جديدة عن الذرة (النظرية التي نطلق عليها اليوم ميكانيكا المصفوفات)
تستخدم ميكانيكا المصفوفات مصفوفات معقدة الأرقام تشبه جدول البيانات و باستخدام هذه المصفوفة تمكن هايزنبرغ و مساعده ماكس بورن من توقع سلوك الذرة بدقة .
http://hazemsakeek.com/up/download.php?img=786
لكن ذلك بالنسبة لأنشتاين و التقليدين كان بدعة علمية محضة _ فلا يمكن أن تكون الذرة في الحقيقة مصفوفة من الأرقام _ طبعا نحن نتكون من ذرات لا من أرقام .
تعالوا معي إلى كوبنهاجن ...
كان بور و باولي يهتزان طربا بميكانيكا المصفوفات , فما الذي سوف يحدث إذا لم نتمكن من تصور الذرة كشيء مادي ؟ لقد جالوا بخيالهم في الرياضيات البحتة و شنوا الهجمات على موجات شرودنجر الحسية المألوفة .
كتب هايزنبرغ : (( كلما فكرت مليا في الجزء المادي من معادلة شرودنجر أجدها أكثر إثارة للاشمئزاز , هي في الحقيقة مجرد هراء ))
أيضا كان شرودنجر ينتقد هايزنبرغ قائلا: ((إن مناهجه منفرة و رياضياته سخيفة بشكل لا يوصف )) .
http://hazemsakeek.com/up/download.php?img=670
في ميونخ عام 1926 بدأت عداوتهما تصل إلى درجة الغليان , كان شرودنجر سيلقي محاضرة عن معادلته الموجية , جمع هايزنبرغ المال بصعوبة ليسافر إلى ميونخ و ذلك ليحضر المحاضرة و يقابل منافسه أخيرا وجها لوجه ...
كان يعتقد أن طريقة فهم شرودنجر في التبسيط لم تكن ضالة فحسب , لكنها خاطئة تماما , و لم يكن في نيته أقل من أن يدمر نظرية شرودنجر ...
ألقى شرودنجر محاضرته عن الميكانيكا الموجية الجديدة على حشد من المستمعين بعد امتلاء المقاعد .
و كتب معادلته الموجية الجديدة .........
بالنسبة لشرودنجر كانت هذه تصف صورة مادية حقيقية للذرة حيث الإلكترونات كالموجات التي تحيط بالنواة الذرية .
http://hazemsakeek.com/up/download.php?img=787
كان هايزنبرغ ذو الـ 24 عاما من ضمن المستمعين , استطاع بصعوبة بالغة أن يتمالك نفسه في نهاية المحاضرة وقف و ألقى خطابا طويلا من طرف واحد مهاجما طريقة فهم شرودنجر فبالنسبة لهايزنبرغ من غير الممكن أبدا الحصول على صورة عما تشبه الذرة في الواقع ...
كان المستمعون في صف شرودنجر فقد كانوا يفضلون كثيرا تفسير شرودنجر المادي البسيط على رياضيات هايزنبرغ المعقدة .
انطلقت أصوات الاستهجان ضد هايزنبرغ و قيل له أن يجلس و يبقى هادئا ... لقد انصرف من المحاضرة حزينا و مكتئبا ...
عاد هايزنبرغ الى كوبنهاجن و قد اهتزت ثقته بنفسه كثيرا , و هناك وصل هو و بور إلى أشد لحظات حياتهما كآبة فقد كان كل المجتمع العلمي ضدهما تقريبا , شعرا بأنهما معزولان و يائسان فقد كانا في وضع لا يحسدان عليه ...
و على الرغم من ذلك رفضا بعناد التراجع عن نظريتهما المثيرة للجدل , فجأة خطر ببال هايزنبرغ فكرة :
لماذا لا يمكن تخيل الذرة ؟
لماذا لا يمكن تخيلها بديهيا ؟
ليس لأنها متناهية في الصغر أو مخادعة أو صعبة المنال فحسب , بل لأنه بطبيعتها لا سبيل لمعرفتها , لقد أدرك أن هناك حدا أقصى لمعرفتها , فعلى سبيل المثال إذا عرفنا مكان وجود الإلكترون في لحظة معينة من الزمن عندها لا يمكننا معرفة سرعة تحركها , و كذلك إذا علمنا سرعته لا يمكننا تحديد مكانه ...
إن هذا الغموض ليس عيبا في النظرية ذاتها و لا بسبب عدم الدقة في الطرق التي نجري بها قياساتنا , لكنه حقيقة أساسية تتعلق بسلوك الطبيعة عند المقياس تحت الذري و أصبح يعرف بمبدأ عدم التحديد لهايزنبرغ , و الذي ربما يكون من اعقد المفاهيم حتى الآن ...
إذا قمنا بدراسة الجسيم باعتبار خواصه الجسيمية فهذا بالضرورة يؤدي إلى فقد خواصه الموجية والعكس صحيح أي إذا درسنا الجسيم باعتبار الخاصية الموجية فهذا سيؤدي إلى فقد خواصه الجسيمية.
وإذا أردنا أن ندرس الخاصيتين معاً فإننا سوف لا تستطيع تحديد موقع الجسيم بدقة بل نعين احتمالية تواجد الجسيم في الفراغ وفي هذه الحالة من عدم الدقة في تحديد موقع الجسيم فإنه لن يفقد خواصه الموجية..
لذا من المستحيل أن نطبق الخواص الموجية والجسيمية في وقت واحد على الجسيمات المادية أو الفوتونات فإذا اخترنا أحد الصفتين فلابد من استبعاد الأخرى. لذا فإن مبدأ الشك يجمع الخاصيتين معاً.
مبدأ الشك في الفيزياء الكلاسيكية
الجسيم المثالي هو الجسيم الذي يمكن تعيين موقعه في الفراغ بدقة كما إن كتلته وشحنته محددة بدقة. والموجة المثالية هي موجة جيبية لا يمكن تحديد مدى انتشارها في الفراغ أي أنها تمتد امتداداً لانهائياً ولها تردد محدد n وطول موجي معين l وسرعة انتشار v = ln
لنفترض أن لدينا موجة مثالية ونريد أن نقارن موجة مجهولة بتلك الموجة القياسية. والسؤال هنا كيف يمكن أن نقول بمنتهى الدقة أن تردد الموجة المجهولة يساوي تماماً تردد الموجة المثالية؟
http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u4.jpg
سوف ندع الموجتان تداخلان لكي ينتج عنها ظاهرة الضربات Beats عدد الضربات في وحدة الزمن يساوي الفرق في ترددهما, إذا قمنا بمراقبة الموجتان لمدة محدودة من الزمن قد لا نلاحظ تغيراً ملحوظاً على سعة الموجة المحصلة الناتجة من التداخل ولكن لا يمكننا بذلك أن نجزم بأنه لا يوجد ضربات إذ أنه إذا انتظرنا وقتاً كافياً لأمكننا تسجيل ضربة.
ولكي نكون متأكدين تماماً من عدم وجود ضربات أي أن فرق التردد بين الموجتين يساوي صفر أي لهما نفس التردد فلابد من الانتظار زمناً لانهائياً.
http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u12.jpg
إذا كان الفرق في التردد بين الموجتين هو Dn فإن الفاصل الزمني بين ضربة والتي تعقبها هو 1/Dn
ولذلك لا بد من أن ننتظر زمناً Dtعلى الأقل أكبر من الزمن بين الضربتين أي أن :
Dt ³ 1/Dn
بمعنى أن اللاحتمية (الشك) في قياس التردد Dn تكون كبيرة إذا كان التردد قد قيس على امتداد فترة زمنية قصيرة وحتى يكون الشك في التردد Dn مساوياً للصفر فإن Dt لا بد أن تكون لانهائية.
Dn Dt ³ 1 (1
العلاقة التي تعطي اللاحتمية المناظرة للطول الموجي هو Dl يمكن اشتقاقها كالتالي:
http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u2.gif
http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u3.gif
http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u4.gif
http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u5.gif
But v = ln http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u6.gif @ http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u7.gif
http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u8.gif
http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u9.gif
DlDx³l2 (2
المعادلة (2) تشير إلى انه إذا كان امتداد الموجة في الفراغ غير محدد أو لا حتمي بمقدار Dx فإن طولها الموجي غير حتمي بمقدار Dl حيث أن Dl=l2/Dx. بمعنى أنه لكي تكون الموجة وحيدة اللون Dl=0 فإن امتدادها يكون لا نهائي في الفراغ.
النبضة الموجية Wave Packet
النبضة الموجية هي اهتزازة موجية محصورة في مدى محدد من الفراغ يمكن إثبات (رياضياً) إن تلك الموجة مكونة من عدة موجات مختلفة في التردد ومتطابقة الواحدة فوق الأخرى
أي لها محتوى ترددي Dn وإذا جمعنا عدد الموجات ذات الترددات المختلفة التي تداخلها مع بعضها البعض لنحصل على نبضة حادة تماماً فسوف نجد أن جميع الترددات من صفر إلى مالانهاية أي أن المحتوى الترددي لهذه النبضة هو Dn=¥ ومعنى ذلك أن Dl=¥ ومن المعادلة (2) فإن Dx=0 وهي الصفة الجسيمية ...
http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u11.jpg
مبدأ الشك لهايزنبرغ
إذا قمنا بوصف الشعاع الكهرومغناطيسي باستخدام الخاصية الجسيمية وقمنا بتحديد موقع الفوتون عند أي لحظة من الزمن بدقة متناهية, فإن من مبدأ الشك يكون كلا من
Dx=Dt=0
ومن ناحية أخرى فإن الشك في تحديد الطول الموجي والتردد يكونان مالانهاية
Dl=Dn=¥
إاذا اعتبرنا حالة وسط أي أن يكون رصد الفوتون في المكان والزمان بطريقة غير محددة بدقة بل بنسبة شك قدرها Dxللمكان و Dt للزمان فإن من المعادلتين (1) و (2) يكون :
Dn Dt ³ 1 (1
DlDx³l2 (2
والمعادلة (1) تعني أنه في حالة قياس التردد لموجة خلال فترة محددة من الزمن Dt يكون الشك في التردد هو Dn
والمعادلة (2) تعني أنه في حالة قياس الطول الموجي لموجة في مسافة قدرها Dx فإن الشك في قياس الطول الموجي يكون Dl.
هاتين المعادلتين تم استنتاجهما على أساس الفيزياء الكلاسيكية وفي الفيزياء الحديثة يستعان بهاتين المعادلتين في ربط الخصائص الجسيمية (الطاقة وكمية الحركة) مع الخصائص الموجية (التردد والطول الموجي). من خلال المعادلتين التاليتين:
Energy of the photon E = h n
Momentum of the photon p = h/l
وبإجراء التفاضل للمعادلة الأولى E = h n نحصل على مقدار الشك في الطاقة بالنسبة للشك في التردد
DE=hDn
DEDt ³ h (3
وهذه الصيغة الأولى لمبدأ الشك لهايزنبرغ والتي تنص على أن حاصل ضرب مقدار الشك في الطاقة والزمن يكون على الأقل اكبر من أو يساوي ثابت بلانك. وهذا يعني أن في حالة جسيم مثل الإلكترون أو الفوتون أو مجموعة من الجسيمات تكون في مستوى طاقة معين لفترة زمنية محددة بـ Dt, وعليه يكون الشك في مقدار مستوى الطاقة صفر إذا بقيت الجسيمات في ذلك المستوى لفترة زمنية لانهائية, وحيث أن الجسيمات تمكث في مستوى الطاقة فترة زمنية محددة إذا سيكون هناك مقداراً من الشك في الطاقة قدره DE ويساوي ثابت بلانك على Dt.
لجسيم يتحرك في بعد واحد على محور xفإن العلاقة بين الشك في كمية حركة الجسيم والشك في الطول الموجي يمكن الحصول عليه بتفاضل المعادلة p = h/l
http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u21.gif
]
وهذه الصيغة الثانية لمبدأ الشك لهايزنبرغ والتي تنص على أن حاصل ضرب مقدار الشك في الموقع ومقدار الشك في كمية الحركة يساوي على الأقل ثابت بلانك.
وعليه فإنه من المستحيل قياس كلاً من المكان وكمية الحركة في نفس اللحظة بدقة متناهية
.
كيف يمكن تصور شكل موجة الإلكترون بالاعتماد على مبدأ الشك؟
ذكرنا سابقاً أن للإلكترون خصائص موجية وأن الإلكترون يمكن اعتباره موجه ولكن طبيعة هذه الموجة غير معروف وتم اعتبار الدالة الموجية Y هي الموجة المصاحبة للإلكترون. ومن مبدأ الشك يمكن الجمع بين الخاصية الجسيمية والخاصية الموجية باعتبار موجة تنتشر على مدى محدد في الفراغ وبالتأكيد فإن هذه الموجة لن تكون موجة جيبية لأن الموجة الجيبية غير محددة في الفراغ ولها امتداد لانهائي. وإذا افترضنا مجموعة من الموجات الجيبية بترددات مختلفة تشكل نبضة موجية wave packet تنتشر على مدى محدد في الفراغ كما في الشكل يمكن أن تمثل موجة الإلكترون.
http://www.hazemsakeek.com/Physics_Lectures/modernphysics/modernphysicsimages/Luct_u22.jpg
-إن مبدأ الارتياب هذا الذي اكتشفه هايزنبرغ يشير إلى أنه لا يمكن للمرء أن يقيس حالة نظام ما بدقة , و بالتالي لا يستطيع أن يتنبأ بما سيحصل له في المستقبل ...
فكل ما يمكن فعله هو التنبؤ باحتمالات النتائج فقط ... إن عنصر الحظ و العشوائية هذا هو ما أقلق انشتاين , فقد رفض الاعتقاد بأن القوانين الفيزيائية لا تستطيع القيام بتنبؤ محدد لا لبس فيه حول ما سوف يحصل ...
و مع ذلك و مهما كانت الصيغة التي نعبر فيها عن هذا الأمر فإن جميع الدلائل تشير إلى أن الظاهرة الكمومية و مبدأ الارتياب أمران لا يمكن تفاديهما و أنهما يحصلان في كل مجالات الفيزياء ...
يعود جزء من مشكلة أنشتاين مع ميكانيك الكم و مبدأ الارتياب إلى حقيقة أنه كان معتادا على الفكرة السائدة في الحس العام و هي أن لكل نظام تاريخا محددا , فالجسيم يمكن أن يكون في مكان ما أو في آخر و لا يمكن أن يكون نصفا هنا و نصفا هناك .
و على نحو مشابه إما أن يكون الحدث من قبيل نزول رواد الفضاء على القمر قد حصل أو لم يحصل , إذ لا يمكن أن يكون نصف حصل , كذلك لا يمكن للمرء أن يكون ميتا قليلا , كما لا يمكن للمرأة أن تكون حاملا قليلا ... فإذا كان للمنظومة تاريخ محدد واحد , يقود مبدأ الارتياب لمختلف من الألغاز كأن يكون الجسم في مكانين في آن معا أو يكون رواد الفضاء نصف موجودين على القمر ....
فالذرات ليس فقط لا يمكن تخيلها و إنما متناقضة مع نفسها أيضا , فهي تتصرف كموجات و جسيمات معا لتصبح أكثر غرابة ... أمر مضحك حقا ...
عندما لا تنظر إلى الذرة فإنها تتصرف كموجة متحركة , لكن عندما تنظر لترى أين هي فإنها تتصرف كجسيم , هذا جنون ... في البداية كان لا يمكن رؤية الذرة على الإطلاق , لكن الآن تتغير صفاتها تماما حسب ما إذا كنت تنظر إليها أم لا .
http://hazemsakeek.com/up/download.php?img=788
- في خريف عام 1927 علم بور و هايزنبرغ أنهما مستعدين أخيرا لتحدي المحافظين , فقد كانوا ممتلئين بالثقة بالنفس و الاستعداد لخوض المعركة و حسم هذه القضية ...
اختاروا مؤتمر سولفي في بروكسل , سيحضر كل الفيزيائيين الذريين الأعلام على مستوى العالم , إذا نجح بور و هايزنبرغ فسوف يقودان ثورة علمية شاملة ...
إن كل ما ستطاع أن يتحدث به المشاركون طيلة فترة المؤتمر و هي أسبوع واحد هو ميكانيكا الكم لبور إلا أن وجود مبدأ عدم التحديد كبند أساسي فيها جعلها نظرية هائلة بحق ... و طبعا و خلال هذا الأسبوع كان لابد أن تكون جولة الحسم النهائية بين بور و خصمه اللدود ألبرت انشتاين .
كان أنشتاين يكره ميكانيكا الكم , فقد كان يأتي كل صباح ببرهان لبور و هو يشعر أنه صنع ثغرة جديدة في نظريته الجديدة , فينصرف بور و هو مضطرب جدا و يفكر في الأمر مليا و يرجع في نهاية اليوم بحجة مضادة تدحض نقد أنشتاين ... لقد حدث هذا يوما بعد يوم حتى أزاح بور كل انتقادات انشتاين جانبا بنهاية المؤتمر , و نظر الى بور على أنه أصبح منتصرا ...
و بذلك أصبح هناك تصورا للذرة و الذي يعرف اليوم بتفسير كوبنهاجن ... و أصبحنا الآن في صميم الفيزياء النووية .
في نهاية المؤتمر تجمعوا لأخذ صورة تذكارية لم يحدث قبل و لا بعد ذلك أن حصل مثل هذا التجمع العظيم لهذا العدد الهائل من علماء الفيزياء في مكان واحد ...
http://hazemsakeek.com/up/download.php?img=789
يبدو أنشتاين مكتئبا لأنه خسر المناظرة , لويس دي بروي فشل أيضا بإقناع المشاركين بوجهة نظره ...
كان النصر من نصيب نيلز بور الذي شعر بالرضا عن نفسه , بجانبه أحد أبطال ميكانيكا الكم الذين لم يذع صيتهم الألماني ماكس بورن الذي وضع الكثير من الرياضيات , و خلفهم هايزنبرغ و باولي ...
كانت هذه نقطة التحول في الفيزياء , استبدل القديم بالجديد و دخلت المصادفة و الاحتمال في فهم الطبيعة و لم يعد بإمكاننا وصف الذرات بمصطلحات بسيطة بل باستخدام الرياضيات النظرية البحتة فقط .
و على الرغم من موت انشتاين و عدم اقتناعه بميكانيكا الكم حيث كان مصرا على عبارته المشهورة : إن الله لا يلعب بالنرد ... إلا أن مؤتمر سولفي كان نقطة أساسية في العلم , تقبل عندها المجتمع العلمي تفسير كوبنهاجن و هذا التفسير لا زال مقبولا إلى اليوم ...
تابعونــــــــــــــــــــــا
:(103)::(103)::(103):
تحياتي
...
http://hazemsakeek.com/up/download.php?img=790