murad abuamr
05-22-2010, 02:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الإيمان بعذاب القبر ونعيمه :
قال تعالى : وحاق بآل فرعون سوء العذاب * النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب " غافر 45 ـ 46 "
وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مر بقبرين فقال : إنهما ليعذبان , وما يعذبان في كبير , أما أحدهما فكان لا يستتر من البول , وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة , فدعا بجريدة رطبة , فشقها نصفين , وقال : لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا )
عذاب القبر نوعان :
والسؤال هل يدوم عذاب القبر أوينقطع , وجوابه أنه نوعان :
1 / منه ما هو دائم :كما قال تعالى ( النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا ءال فرعون أشد العذاب ) " غافر 46 " وكذلك في حديث البراء بن عازب في قصة الكافر ( ثم يفتح له باب على النار فينظر على مقعده فيها حتى تقوم الساعة ) " أخرجه أحمد 4 / 295 ـ 296 "
2 / أنه مدة ثم ينقطع ,وهو عذاب بعض العصاة الذين خفت جرائمهم ,فيعذب بحسب جرمه , ثم يخفف عنه .
الاختلاف في موت الروح :
هل تموت الروح أم لا ؟؟فقالت طائفة: تموت لأنها نفس وكل نفس ذائقة الموت , وقد قال تعالى :( كل من عليها فان , ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) " الرحمن 26 , 27 " وقال تعالى : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) "القصص 88" قالوا إذا كانت الملائكة تموت فالنفوس البشرية أولى بالموت .
وقال آخرون: لا تموت الأرواح فإنها خلقت للبقاء وإنما تموت الأبدان , قالوا : وقد دل على ذلك الأحاديث الدالة على نعيم الأرواح وعذابها بعد المفارقة إلى أن يرجعها الله في أجسادها .
والصواب أن يقال :موت النفوس هو مفارقتها لأجسادها , وخروجها منها , فإن أريد موتها هذا القدر , فهي ذائقة الموت , وإنما أريد أنها تعدم وتفنى بالكلية , فهي لا تموت بهذا الاعتبار , بل هي باقية بعد خلقها في نعيم أو في عذاب .
وقد أخبر سبحانه أن أهل الجنة( لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ) " الدخان 56"وتلك الموتة هي مفارقة الروح للجسد .
وأما قول أهل النار :( ربنا امتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين ) فالمراد كانوا أمواتا وهو نطفه في أصلاب آبائهم وفي أرحام أماتهم , ثم أحياهم بعد ذلك , ثم أماتهم ثم يحيهم يوم النشور , وليس في ذلك إماتة أرواحهم قبل يوم القيامة , وإلا كانت ثلاث موتات .
تعلقات الروح بالبدن :
فالروح لها بالبدن خمسة أنواع من التعلق :
1 / تعلقها به في بطن الأم جنينا .
2 / تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض .
3 / تعلقها به في حال النوم , فلها به تعلق من وجه , ومفارقة من وجه .
4 / تعلقها به في البرزخ , فإنها وإن فارقته , وتجردت عنه , فإنها لم تفارقه فراقا كليا بحيث لا يبقى لها إليه التفات ألبته , فإنه ورد ردها إليه وقت سلام المسلم " أخرجها بن داود ـ 2041 ـ عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلمـ قال : ( ما من أحد يسلم عليّ إلا رد الله روحي حتى أرد عليه السلام ) " وورد أنه يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه " ورد ذلك من حديث أنس بن مالك الذي أخرجه البخاري 1338 و 1346 " وهذا الرد إعادة خاصة لا يوجب حياة البدن قبل يوم القيامة .
5 / تعلقها به يوم بعث الأجساد , وهو أكمل تعلقها بالبدن , ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق إليه , إذ هو تعلق لا يقبل البدن معه موتاً ولا نوما ولا فسادا ,فالنوم أخو الموت .
السؤال في القبر للروح والجسد :
ليس السؤال في القبر للروح وحدها كما قال ابن حزم وغيره , وأبعد منه* قول من قال : إنه للبدن بلا روح , والأحاديث الصحيحة ترد القولين :
وكذلك عذاب القبر يكون للنفس والبدن معا , باتفاق أهل السنة والجماعة , تنعم النفس ,وتعذب مفردة عن البدن ومتصلة به .
واعلم أن عذاب القبر هو عذاب البرزخ , فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه , قُبر أم لم يُقبر , أكلته السباع أو احترق حتى صار رمادا , ونسف في الهواء , أو صلب أو غرق في البحر , وصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل إلى المقبور .
الاختلاف في مستقرالأرواح بعد الموت :
اختلف في مستقر الأرواح مابين الموت على قيام الساعة :
فقيل : أرواح المؤمنون في الجنة , وأرواح الكفار في النار .
وقيل / عن أرواح المؤمنون بفناء الجنة على بابها , يأتيهم من روحها ونعيمها ورزقها .
وقيل / على أفنية قبورهم .
وقال مالك / بلغني إن الروح مرسلة , تذهب حيث تشاء .
وقالت طائفة / بل أرواح المؤمنين عند الله ولم يزيدوا على ذلك .
وقيل / إن أرواح المؤمنين بالجابية من دمشق , وأرواح الكفار ببرهوت بئر بحضرموت .
وقال كعب / أرواح المؤمنين في عليين في السماء السابعة , وأرواح الكفار في سجين في الأرض السابعة تحت خد إبليس .
وقيل / أرواح المؤمنين ببئر زمزم , وأرواح الكفار ببئر برهوت .
وقيل أرواح المؤمنين عن يمين آدم , وأرواح الكفار عن يسار آدم .
وقال ابن حزم وغيره / مستقرها حيث كانت قبل خلق أجسادها .
وقيل غير ذلك , والصواب ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة .
تفاوت منازل الأرواح في البرزخ :
1 / أرواح في اعلي العليين, في الملا الأعلى , وهي أرواح الأنبياء صلوات الله عليهم وسلم , وهم متفاوتون في منازلهم .
2 ومنها أروح في حواصل طير خضر ,تسرح في الجنة حيث شائت , وهي أرواح بعض الشهداء , لا كلهم , بل من الشهداء من تحبس روحه عن دخول الجنة لدين عليه كما في المسند عن محمد بن عبد الله بن جحش : أن رجلا جاء على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : يا رسول الله : ما لي إن قتلت في سبيل الله ؟. قال الجنة , فلما ولى قال :إلا الدين سارني به جبريل آنفا ) " أخرجه أحمد 4 / 350 "
3 / ومنها ما تكون محبوسة على باب الجنة , إن سعد بن الأطول مات أخاه وترك ثلاث مئة درهم , وترك عيالا قال :فأردت أن أنفقها على عياله , قال : فقال لي الرسول : إن أخاك محبوس بدينه , فاذهب فاقض دينه , فذهبت فقضيت دينه , ثم جئت فقلت : يا رسول الله قد قضيت عنه إلا دينارين ادعتهما امرأة وليس لها بينة قال : أعطها فإنها محقة )
ومنهم أرواح تكون محبوسة في القبر , أوفي الأرض أو في نهر دم تسبح فيه , وكل ذلك تشهد له السنة , والله أعلم.
الحكمة من إخفاء عذاب القبر :
1 / لبقاء حكمة التكليف .
2 / الإيمان بالغيب .
حتى يتدافن الناس , كما في الصحيح . إن الرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع ) ولما كانت هذه الحكمة منتفية في حق البهائم سمعت ذلك وأدركته.
المرجع / العقيدة الطحاوية .
المؤلف / الإمام قاضي علي بن أبي العز الدمشقي
الجزء الثاني , صفحة ـ 570إلى 586"
كتابة / شروق الشمس ..
المصدر : منتديات ناصر السنة
* (في الأصل :أفسد منه ، وقد بدلتها تأدباً مع العلماء)
الإيمان بعذاب القبر ونعيمه :
قال تعالى : وحاق بآل فرعون سوء العذاب * النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب " غافر 45 ـ 46 "
وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مر بقبرين فقال : إنهما ليعذبان , وما يعذبان في كبير , أما أحدهما فكان لا يستتر من البول , وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة , فدعا بجريدة رطبة , فشقها نصفين , وقال : لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا )
عذاب القبر نوعان :
والسؤال هل يدوم عذاب القبر أوينقطع , وجوابه أنه نوعان :
1 / منه ما هو دائم :كما قال تعالى ( النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا ءال فرعون أشد العذاب ) " غافر 46 " وكذلك في حديث البراء بن عازب في قصة الكافر ( ثم يفتح له باب على النار فينظر على مقعده فيها حتى تقوم الساعة ) " أخرجه أحمد 4 / 295 ـ 296 "
2 / أنه مدة ثم ينقطع ,وهو عذاب بعض العصاة الذين خفت جرائمهم ,فيعذب بحسب جرمه , ثم يخفف عنه .
الاختلاف في موت الروح :
هل تموت الروح أم لا ؟؟فقالت طائفة: تموت لأنها نفس وكل نفس ذائقة الموت , وقد قال تعالى :( كل من عليها فان , ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) " الرحمن 26 , 27 " وقال تعالى : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) "القصص 88" قالوا إذا كانت الملائكة تموت فالنفوس البشرية أولى بالموت .
وقال آخرون: لا تموت الأرواح فإنها خلقت للبقاء وإنما تموت الأبدان , قالوا : وقد دل على ذلك الأحاديث الدالة على نعيم الأرواح وعذابها بعد المفارقة إلى أن يرجعها الله في أجسادها .
والصواب أن يقال :موت النفوس هو مفارقتها لأجسادها , وخروجها منها , فإن أريد موتها هذا القدر , فهي ذائقة الموت , وإنما أريد أنها تعدم وتفنى بالكلية , فهي لا تموت بهذا الاعتبار , بل هي باقية بعد خلقها في نعيم أو في عذاب .
وقد أخبر سبحانه أن أهل الجنة( لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ) " الدخان 56"وتلك الموتة هي مفارقة الروح للجسد .
وأما قول أهل النار :( ربنا امتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين ) فالمراد كانوا أمواتا وهو نطفه في أصلاب آبائهم وفي أرحام أماتهم , ثم أحياهم بعد ذلك , ثم أماتهم ثم يحيهم يوم النشور , وليس في ذلك إماتة أرواحهم قبل يوم القيامة , وإلا كانت ثلاث موتات .
تعلقات الروح بالبدن :
فالروح لها بالبدن خمسة أنواع من التعلق :
1 / تعلقها به في بطن الأم جنينا .
2 / تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض .
3 / تعلقها به في حال النوم , فلها به تعلق من وجه , ومفارقة من وجه .
4 / تعلقها به في البرزخ , فإنها وإن فارقته , وتجردت عنه , فإنها لم تفارقه فراقا كليا بحيث لا يبقى لها إليه التفات ألبته , فإنه ورد ردها إليه وقت سلام المسلم " أخرجها بن داود ـ 2041 ـ عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلمـ قال : ( ما من أحد يسلم عليّ إلا رد الله روحي حتى أرد عليه السلام ) " وورد أنه يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه " ورد ذلك من حديث أنس بن مالك الذي أخرجه البخاري 1338 و 1346 " وهذا الرد إعادة خاصة لا يوجب حياة البدن قبل يوم القيامة .
5 / تعلقها به يوم بعث الأجساد , وهو أكمل تعلقها بالبدن , ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق إليه , إذ هو تعلق لا يقبل البدن معه موتاً ولا نوما ولا فسادا ,فالنوم أخو الموت .
السؤال في القبر للروح والجسد :
ليس السؤال في القبر للروح وحدها كما قال ابن حزم وغيره , وأبعد منه* قول من قال : إنه للبدن بلا روح , والأحاديث الصحيحة ترد القولين :
وكذلك عذاب القبر يكون للنفس والبدن معا , باتفاق أهل السنة والجماعة , تنعم النفس ,وتعذب مفردة عن البدن ومتصلة به .
واعلم أن عذاب القبر هو عذاب البرزخ , فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه , قُبر أم لم يُقبر , أكلته السباع أو احترق حتى صار رمادا , ونسف في الهواء , أو صلب أو غرق في البحر , وصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل إلى المقبور .
الاختلاف في مستقرالأرواح بعد الموت :
اختلف في مستقر الأرواح مابين الموت على قيام الساعة :
فقيل : أرواح المؤمنون في الجنة , وأرواح الكفار في النار .
وقيل / عن أرواح المؤمنون بفناء الجنة على بابها , يأتيهم من روحها ونعيمها ورزقها .
وقيل / على أفنية قبورهم .
وقال مالك / بلغني إن الروح مرسلة , تذهب حيث تشاء .
وقالت طائفة / بل أرواح المؤمنين عند الله ولم يزيدوا على ذلك .
وقيل / إن أرواح المؤمنين بالجابية من دمشق , وأرواح الكفار ببرهوت بئر بحضرموت .
وقال كعب / أرواح المؤمنين في عليين في السماء السابعة , وأرواح الكفار في سجين في الأرض السابعة تحت خد إبليس .
وقيل / أرواح المؤمنين ببئر زمزم , وأرواح الكفار ببئر برهوت .
وقيل أرواح المؤمنين عن يمين آدم , وأرواح الكفار عن يسار آدم .
وقال ابن حزم وغيره / مستقرها حيث كانت قبل خلق أجسادها .
وقيل غير ذلك , والصواب ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة .
تفاوت منازل الأرواح في البرزخ :
1 / أرواح في اعلي العليين, في الملا الأعلى , وهي أرواح الأنبياء صلوات الله عليهم وسلم , وهم متفاوتون في منازلهم .
2 ومنها أروح في حواصل طير خضر ,تسرح في الجنة حيث شائت , وهي أرواح بعض الشهداء , لا كلهم , بل من الشهداء من تحبس روحه عن دخول الجنة لدين عليه كما في المسند عن محمد بن عبد الله بن جحش : أن رجلا جاء على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : يا رسول الله : ما لي إن قتلت في سبيل الله ؟. قال الجنة , فلما ولى قال :إلا الدين سارني به جبريل آنفا ) " أخرجه أحمد 4 / 350 "
3 / ومنها ما تكون محبوسة على باب الجنة , إن سعد بن الأطول مات أخاه وترك ثلاث مئة درهم , وترك عيالا قال :فأردت أن أنفقها على عياله , قال : فقال لي الرسول : إن أخاك محبوس بدينه , فاذهب فاقض دينه , فذهبت فقضيت دينه , ثم جئت فقلت : يا رسول الله قد قضيت عنه إلا دينارين ادعتهما امرأة وليس لها بينة قال : أعطها فإنها محقة )
ومنهم أرواح تكون محبوسة في القبر , أوفي الأرض أو في نهر دم تسبح فيه , وكل ذلك تشهد له السنة , والله أعلم.
الحكمة من إخفاء عذاب القبر :
1 / لبقاء حكمة التكليف .
2 / الإيمان بالغيب .
حتى يتدافن الناس , كما في الصحيح . إن الرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع ) ولما كانت هذه الحكمة منتفية في حق البهائم سمعت ذلك وأدركته.
المرجع / العقيدة الطحاوية .
المؤلف / الإمام قاضي علي بن أبي العز الدمشقي
الجزء الثاني , صفحة ـ 570إلى 586"
كتابة / شروق الشمس ..
المصدر : منتديات ناصر السنة
* (في الأصل :أفسد منه ، وقد بدلتها تأدباً مع العلماء)