المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من طريف الأنباء عن سادتنا العلماء



قطر الندى
05-16-2010, 08:56 PM
سأكتب في موضوعي هذا عن عدد من العلماء وانجازاتهم في

ميادين العلم المختلفة

المصدر : كتاب الطرائف العلمية مدخل لتدريس العلوم

المؤلف: د: صبري الدمرداش

سأبد بأول هؤلاء العلماء وسيكون عنوان المشاركة:




شيطان ........ الهندسة




# من هو شيطان الهندسة

# من العالم الذي عدا عاريا في الشوارع ؟

# من العالم الذي يستحم مرة في العام ؟

# من العالم العاشق للكرة والاسطوانة ؟

# من العالم المخترع للطنبور ؟

# من الرجل الذي كان بعقلية جيش كامل ؟

# كيف توفي هذا العالم ؟

# من الجندي المجهول في حرب ارخميدس ؟
هذه التساؤلات وغيرها سأجيب عليها في المشاركة التالية .

قطر الندى
05-16-2010, 09:00 PM
أولا : شيطان الهندسة



من هو شيطان الهندسة ؟؟

أرخميدس


# 287ق.م – 212ق.م


# ولد بمدينة سرقوسة (مدن الإغريق القدامى وتقع على الساحل

الشرقي لجزيرة صقلية


# والده العالم الفلكي اليوناني فيدياس



# تعلم في المدرسة الرياضية الشهيرة بالإسكندرية ..


# تعلم على يد كونون الرياضي المعروف في ذلك الوقت وكان
من أتباع إقليدس





عالم يعدو عاريا .... في الشوارع !!!

ذات يوم أعطى الملك هيرو ملك سرقوسة صائغه كمية من الذهب

ليعمل له منها تاجا . وعندما تم صنع التاج ، بدأ الملك يشك في

أن الصائغ سرق جزاء من الذهب واستبدله بمقدار مساو له من
الفضة . وبناء على ذلك كلف عالم البلاط أرخميدس أن يكشف

الستار عن تلك الخدعة إن استطاع إلى ذلك سبيلا .

وتوالت الأيام بطيئة متثاقلة دون جدوى حتى كان أرخميدس على
وشك التخلي عن مهمته . وجاء صباح ، وبينما هو ينزل إلى حمام
الاستحمام في أحد الحمامات العامة في سرقوسة ، لاحظ أن الماء
يرتفع في الحوض وعلى جوانبه يفيض . وما الجديد في هذا ؟؟؟
ألم يفض قبله ألف حوض وحوض ؟!


لقد ألهب منظر إزاحة الماء خيال أرخميدس ، ومن ثم نسي أنه

كان عاريا . وقفز خارجا من الحوض وأخذ يجري في شوارع

سرقوسة موليا وجهة شطر منزله وهو يصيح ( يوريكا... يوريكا )
أي ( وجدتها ... وجدتها ) !.


ما الذي وجده أرخميدس ؟



إن الذي وجده كان حلا بسيطا للمشكلة الخاصة بتاج الملك هيرو .
قرر أن يحضر كتلتين من المعدن احدهما من الذهب والأخرى من

الفضة ، وكل منهما تساوي التاج في الوزن ، ثم يغمر كل من هذه

الكتل الثلاث ( الذهب ، الفضة ، التاج ) على التعاقب في إناء

مملوء بالماء ويقيس حجم الماء المزاح في كل حالة من حالات

الماء الثلاث..


وسارع أرخميدس إلى وضع هذه الفكرة موضع الاختبار ، فكشف

ما لم يكن في الحسبان..


ما الذي اكتشفه ؟؟؟!!!!
اكتشف أن كمية الماء الذي أزاحها التاج كانت أكبر من تلك الكمية

التي أزاحها الذهب وأقل من كمية الماء التي أزاحتها الفضة ..


بهذه الطريقة عرف أن التاج لم يكن مصنوع من الذهب الخالص
ولا من الفضة الخالصة ولكنه كان خليطا من الاثنين ..

قطر الندى
05-16-2010, 09:04 PM
الاستحمام ..... مرة في العام !!!!
هكذا اكتشف أرخميدس أثناء استحمامه سرا علميا كبيرا ! ...
ولكن بقى أن تعلم – أيها القارئ – أن الاستحمام بالنسبة لا

أرخميدس لم يكن عملية عادية ، بل كان حدثا خارقا في حياته ! .
فقد كان استغراقه في تجاربه العملية يستحوذ على كل وقته

واهتمامه لدرجة انه كما يقول المؤرخ ( افلوطر خوس ) :


" كان خدمه يجدون صعوبة بالغة في الذهاب به رغما عنه إلى
الحمام لكي يغسلوا جسمه ويضمخوه بالعطور . وحتى عندما كان
ينجح الخدم في اجتذابه إلى الحمام بعد محاولات مضنية ، فانه كان

لا يكف عن رسم جميع أنواع الأشكال الهندسية بأصابعه فوق

جسده العاري !"


حقا لقد كانت الهندسة هواية أرخميدس الكبرى ، كان بمثابة

محبوبته التي لا تغادر طيفها فراشه ... أسكرته بخمرها ، فتنته
بسحرها ، فأهمل أمر استحمامه بل وطعامه وشرابه من اجلها !.





عاشق .... الكرة والاسطوانة !



كرس أرخميدس جهوده في شبابه للرياضيات مثل سلفه (إقليدس).

وقد واصل دراسة الهندسة من النقطة التي توقف عندها إقليدس .



# فأوجد نسبة محيط الدائرة إلى قطرها .


# وابتكر خطة لعد حبيبات الرمل على شاطئ البحر !.



# وكتب المعادلات اللازمة لتقدير مساحات الأجسام الكروية و

حجومها .
# اكتشف العلاقة بين حجم الاسطوانة وحجم الكرة الملامسة لها

من الداخل .


وكان في الاكتشاف الأخير من المهارة بقدر ما به من البساطة فقد

صنع أرخميدس كوبا اسطوانيا بحيث كان ارتفاعه مساويا لقطره ،

ثم صنع كرة تدخل بسهولة وأحكام في هذا الكوب ، ثم ملاء الكوب

بالماء وغمر الكرة في هذا الماء وقارن بين كمية السائل المنسكب

أو المزاح والكمية الأصلية للماء في الاسطوانة .
وبذلك وجد أن حجم الكرى المماسة للاسطوانة من الداخل يساوي

بالضبط ثلثي حجم الاسطوانة التي تحويها .


وقد بلغ من حبه لهذا الاكتشاف أنه أمر أن ينقش على شاهد قبره

رسم يبين كرة داخل اسطوانة .






طنبور .... أرخميدس !



كان أرخميدس مثل إقليدس يرغب أن يذكر التاريخ أنه فيلسوف
رياضي ومن ثم حاول التفرغ للدراسات الهندسية ، ولكن
الاحتياجات الملحة لبيئته أرغمته في أن يكون مخترع وفيلسوف

معا . وكان ينفر نفورا شديدا من دوره الذي اضطر إليه إلا وهو

دور ( صانع الآلات الشريرة الارتزاقية التي تستخدم في الحرب
والتجارة ) . ولكنه كانت تربطه بالملك هيرو صلة قرابة ولذلك

وجد نفسه تحت تأثير التزامين .
# التزامه كأحد رعاياه.
# التزامه كأحد أقاربه
يدفعانه لا طاعة أوامر الملك .
وأنجز أرخميدس ، تنفيذ لأوامر الملك ، ما لا يقل عن أربعين

اختراعا بعضها للأغراض التجارية ولكن معظمها للأغراض
الحربية . وقد يكون من أهم اختراعاته التجارية ما يسمى (طن
بور أرخميدس ) . إن هذه البريمة المجوفة إذا وضعت فوق مستوى
مائل بحيث ينغمر طرفها السفلي في مجرى مائي وأديرت بحيث
تدور لوالبها باستمرار من اليسار إلى اليمين . فإنها تغترف الماء
من قاعدتها وتكسبه للخارج من قمتها ، وبذلك تجبر الماء على
القيام بتلك المعجزة التي تبدو مستحيلة ألا وهي الجريان إلى أعلى .
وكان هذا الاختراع التجاري ، الذي لا يزال يستخدم حتى الآن في

الريف المصري ، يبدو لمعاصري أرخميدس- كما أسلفنا سابقا-

ضربا من المعجزات .

قطر الندى
05-16-2010, 09:09 PM
رجل واحد ..... بعقلية جيش كامل !!!



برع أرخميدس في اختراعاته التجارية كما قدمنا ، بيد أن آلاته

الحربية كان أكثر إثارة من أدواته السلمية وأكثر دهشة . فقد
حاصر الرومان مدينته ومسقط رأسه (سرقوسة ) فطلب الملك
هيرو من أرخميدس أن يبتكر أسلحة الدفاع ضد هذا الحصار . وقد
اقلع أسطول روماني تحت قيادة مارسيلوس في طلب سرقوسة .


وعندئذ قال أرخميدس لهيرو: اعتقد أني استطيع تدمير ذلك
الأسطول
فسأله هيرو مذهولا : كيف


فرد أرخميدس بثقة : عن طريق المرآيا الحارقة


وضاع الكلام من هيرو ولم ينبس ببنت شفه . واكتفى بهز رأسه ،
فقد بدا له ان العالم المسكين قد فقد عقله نتيجة البحث والدراسة .
ومع ذلك فقد حقق أرخميدس ما كان يدعيه . فلم تكن سفن العدو
تقترب إلى أن صارت على مرمى سهم من سرقوسة حتى سلط

عليها أرخميدس مجاميع المرايا العاكسة التي كان قد صنعها

خصيصا لذلك الغرض ، وقد كانت هذه المرايا عبارة عن صفائح

ضخمة مقعرة من المعدن مصممة بحيث تركز أشعة الشمس

الحارقة على سفن الأسطول الزاحف .


ولكن سرعان ما تحول الحصار حول سرقوسة إلى تهديد خطير
وهنا طلب هيرو من جديد المعونة من أرخميدس


وسأله : هل بإمكانك أن تزحزح سفن العدو من مكانها ؟


فأجاب أرخميدس : بل أزحزح الأرض نفسها إن شئت !


فتسأل هيرو وهو لا يكاد يصدق ما سمع : ما الذي تقصده بالضبط ؟
فأجابه أرخميدس : كل ما قصده إنني لو وجدت مكانا لقدمي في
عالمك آخر لاستطعت أن أزحزح الأرض من مكانها وأبعدها عن
فلكها !
ثمن مضى يشرح نظريته عن الروافع والبكرات . وهما من

اكتشافاته الخاصة التي يستطيع بها أن يحرك أكبر ثقل بأيسر قوة .
وعندما أعرب هيرو عن شكه في نجاح هذه الخطة ، شرع

أرخميدس في وضعها موضع الاختبار . فصنع بكرة مركبة ،
وربط الخطاف الحدي الموجود بأحد طرفيها في سفينة ضخمة من
سفن سرقوسة المحملة بحمولة ثقيلة وسلم الحبل المتصل بالطرف

الآخر للبكرة إلى هيرو وقال : اجذب الحبل يا مولي وسترى ما

يحدث .
وجذب الملك الحبل ، وعندئذ انطلقت صيحة الدهشة من بين شفتيه

، ذلك أن المجهود الضعيف الذي بذله بيده قد رفع السفينة كما لو

كان ذلك يتم بسحر ساحر وجذبها خارج الماء وجعلها تتأرجح في
الهواء .

وسرعان ما جاء دور مارسيليوس أيضا ليتعجب من سحر

أرخميدس . فقد وصل هذا القائد الروماني أمام حصون سرقوسة

وهو مجهز بستين سفينة مملوءة بكل أنواع الأسلحة بالإضافة إلى

قاعدة بحرية تتكون من ثمان سفن ضخمة مربوطة معا . ولكن كل
هذا الأسطول الضخم لم يزد عن كونه حفنة من لعب الأطفال أمام

الخطاطيف الحديدية الضخمة المتصلة ببكرات أرخميدس ، فقد

كانت هذه المخالب الحديدية تنقض على السفن الرومانية انقضاض
الطيور الجارحة ثم ترفعها في الهواء وتقذفها من مؤخرتها في

أعماق المياه .
وكان أرخميدس بين الحين والحين ، ومن قبيل التنويع في

إستراتيجية الدفاع ، يرفع سفن الأعداء عاليا فوق الأجراف التي
كانت تبرز تحت أسوار سرقوسة ، ثم يدور بهذه السفن في الفضاء

ويدور وفي النهاية يقذف بها وبكل ما عليها من رجال وعتاد
ليحطمها فوق الصخور الحادة الأطراف . و ياله من منظر مرعب !
ويقال أن مارسيلوس عندما رأى هذا الدمار الذي ينزل بأسطوله
صاح : دعونا نكف عن محاربة شيطان الهندسة هذا.ذلك الذي
يستعمل سفننا كما لو كانت أكوابا يغترف بها الماء من البحر.
وبلغ من خوف الجنود الرومانيين آخر الأمر أنهم كلما رأوا عصا

من الخشب أو قطعة من الحبل تبرز قليلا من فوق أسوار سرقوسة

يصيحون قائلين : ( هاهو شيطان الهندسة ، هاهو أرخميدس )

ويرتدون على أعقابهم هاربين .
وعندما استيقن مارسيلوس من استحالة فتح سرقوسة بالهجوم

المباشر صمم أن يتغلب عليها عن طريق الحصار ، ولكن مهارة

أرخميدس أخرت استسلام المدينة مدة ثلاث سنوات على الرغم من
هذا الحصار. فلما استسلمت آخر الآمر كان سقوطها نتيجة إهمال

أهلها . وقد حدث ذ1لك في ليلة عيد ( ارتميز ) آلهة القمر عندهم .

وكان سكان المدينة المنهكة قد سلموا أنفسهم للهو والخمر وقد

أفرطوا في ذلك كثيرا . وقبيل الفجر وعندما كانت أجسامهم مرهقة
وحواسهم مخدرة . نجح عدد من الجنود في تسلق الحصون وفتح
أبواب المدينة من الداخل . فلما استيقظ أهل سرقوسة في الصباح
التالي وجدوا مدينتهم قد سقطت في أيدي العدو .
ويقال أن مارسيلوس عندما ألقى بنظرة إلى أسفل المدينة وهو

واقف فوق المرتفعات خارج الأسوار ، بكى كثيرا إشفاقا عليها مما

ينتظرها من مصير مؤلم ، فقد كان يعرف أن جنوده بعد أن طال

اصطبارهم لن يستطيع منعهم من جني ثمار عملهم ، والحق أنه

كان من بين ضباطه كثيرون ممن يريدون أن تدك المدينة حتى

تسوى بالأرض ، وأن يعمل السيف في جميع رقاب سكانها . ولكن
مارسيلوس عارض بشدة شهوة الانتقام ، فقد كان معجبا بشجاعة
أهل سرقوسة الذين قاوموه كل هذه المدة وعلى الأخص شيطان

الهندسة وقال لرجاله :( لا تقتلوه عسى أن ينفنا أو نتخذه حليفا ).

قطر الندى
05-16-2010, 09:12 PM
لا وقت .... للموت .!



لابد من نهاية ... وحانت النهاية في عام 212ق.م


فقد كان أرخميدس يجلس بهدوء في السوق وهو يرسم دائرة على

الرمال وقد انهمك في حل معادلة رياضية عويصة . وقد بلغ من

استغراقه في التفكير أن انتابته الدهشة عندما رأى جنديا مخمورا

يندفع نحوه وسيفه في يده ، فبادره قائلا : ( لا تقتلني يا صاح حتى
انتهي من حل تلك المسألة ) . ولكن الجندي الروماني ، الذي لم

يكن يعرف محدثه ، لم يأبه له كثيرا وما هي إلا لحظة أو تكاد حتى
اخترق السيف الغاشم جسد العالم ، وخر أرخميدس صعقا وهو

يتمتم


( آه .... لقد اخذوا جسدي ، ولكن سآخذ معي عقلي )



ولما علم الرومان بمصرعه أسفوا كثيرا لذلك ، ودفنوه مع واجبات

التكريم والاحترام ، وعلموا قبره بالرمزين الذي أوصى بهما :

الكرة والاسطوانة .





الجندي المجهول في حرب أكتوبر ........... أرخميدس !!!






ما لأرخميدس وحرب أكتوبر ؟!! إنه توفي في عام 212ق.م ،
والحرب وقعت في عام 1973، فما العلاقة إذا ؟؟!!!


علاقة وثيقة ذلك أن الكثير من الانجازات التي تمت في هذه الحرب

خصوصا في بدايتها وهي عملية العبور كانت كلها بمثابة تطبيقات

مباشرة لقاعدة أرخميدس. فالكباري العائمة التي نصبت لنقل الجنود
من الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية صممت بحيث يكون وزنها
بما عليها ومن عليها أقل من دفع الماء لها إلى أعلى . والألغام

المعلقة التي زرعها سلاح المهندسين المصري في مدخل خليج

السويس صممت بحيث يكون وزنها إلى أسفل مساو إلى دفع الماء
عليها إلى أعلى . وكذلك ملابس العبور ذاتها صممت بشكل يجعل
وزن مرتديها إلى أسفل أقل من دفع الماء عليه من أعلى ، وهكذا .
ألا يعتبر أرخميدس ، وإن لم يشهد حرب أكتوبر ، مشاركا حقيقا

فيه بفكرته وقاعدته؟؟ لقد كان حقا من جندها المجهولون





انتهـــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــى

SPECTRUM
05-16-2010, 09:15 PM
شكراً لكي أختي الكريمة على المعلومات القيمة والمفيدة.

تحياتي العطرة.

قطر الندى
05-16-2010, 09:15 PM
لنا عودة مع عالم آخر سيكون المشاركة التالية بعنوان:




أرخميدس ....... عصره





سيندرج تحتها المواضيع التالية





# تاجر ........... أقمشة .\





# تهور .... لابد أن يكمح .





# الخبز .... والزبد ... والأرقام .





# رب ضارة .





# ترويح .





# رسول النجوم .





# والأرض مع ذلك ........ تدور .





# كلمات تقطر أسى .




هل عرفتم من العالم الذي اقصده ؟؟؟؟؟؟؟




بانتظـــــــــــــــــار مشــــــــاركاتكم .......... تعليقاتكم ... آراءكم





لتحسين عرض الموضوع



رأيكم فيما طرحته ( أي موضوع شيطان الهندسة ) ... الإجابة عن
السؤال السابق ( أكيد بتعرفوه من عبارته المشهورة والأرض مع

ذلك ........ تدور )..


تحيــــــــــــاتي

صدى الإسلامـ
05-16-2010, 09:18 PM
كلام جميل والله

بس ما أظن انه من المحبذ أن يكون الشخص بهذه العبقرية

أظن أنه أفضل انسان هو من يجمع بين الحماقة والعبقرية

لكن ليس بطريقة أرخميدس في الجمع ...

لكنه انسان رائع

أظن انه عبقري حقا

لو كان موجودا في هذا الزمان ..

قطر الندى
05-16-2010, 09:19 PM
شكــــــــــــــــــــرا لمرورك SPECTRUM (http://www.hazemsakeek.com/vb/member.php?u=98763) ... بانتظار رأيك ...

قطر الندى
05-16-2010, 09:20 PM
تشكــــــــــــــــــري لمرورك صدى الاسلام ... لكن هل عرفتي من العالم التالي ؟؟؟؟

SPECTRUM
05-16-2010, 10:04 PM
على ما أعتقد فإن العالم التالي هو غاليليو، أتمنى أن تكون إجابتي صحيحة.

تحياتي العطرة.

الاستاذ مناف دحروج
05-16-2010, 11:01 PM
انات المعرفه والمعرفه انتي
بارك الله فيكي
بانتضار المزيد
تحياتي
اعتقد مثل ما قال اخي SPECTRUM (http://www.hazemsakeek.com/vb/member.php?u=98763) انه غاليليو

قطر الندى
05-17-2010, 09:02 PM
تشكــــــــــــــــر لمرورك مناف

أجابة موفقة لكما SPECTRUM (http://www.hazemsakeek.com/vb/member.php?u=98763) ،مناف

قطر الندى
05-17-2010, 09:05 PM
أرخميدس ............ عصره !!!



جاليليو جاليلي



1564-1642



تاجر .... أقمشة



كان جاليليو لا يكف أبدا عن التجربة ، وكان يرفض حتى في طفولته أن يعتمد على كلام الآخرين ، وكان يخضع كل شي للفحص بحواسه هو وعقله هو . وكان والده يسميه مراقب النجوم الصغير الشارد العقل ، فقد كان عقل جاليليو فعلا شاردا بين السحب وهو يتتبع بعين الخيال ذلك البالون الذي أحضره له والده كهدية في عيد ميلاده ، بينما يكون المعلم منهمكا في تأكيد أهمية حروف الجر في اللغة اللاتينية أو شرح الأفعال في اللغة الايطالية .



وأرسل وهو في الثانية عشر من عمره إلى المدرسة في أحد الأديرة حيث شجعه الرهبان على الانخراط في سلك الكنيسة ، ولكن والده لم يشجعه على ذلك فقد كانت لديه خطة أخرى لمستقبل جاليليو ، وهي أنه يريده أن يصير تاجر أقمشة .



ولكن كان لدى جاليليو في الوقت نفسه خطته الخاصة ، فقد أصر على ا لاشتغال بالعلم . إنه يعشق الرياضيات ، ولكن هذا الميدان كان يعني في تلك الأيام التي كانت لا تحفل بالعلم أنه سيقضي حياته معدما مغمورا ، وتوصل الأب والابن في آخر الأمر إلى حل وسط ، التحق جاليليو بناء عليه بجامعة بيزا ليدرس الطب .



الطب ؟! أجل . ولكن كيف وجاليليو يغوص سرا وفي شغف عظيم في دراسة الرياضيات ؟ّ! كيف وهو يخفي كتب إقليدس و ارخميدس تحت كتب أبقراط و جالينوس ؟؟؟!!



تهور ... لابد أن يكبح



في أوقات فراغه أثناء دراسة الطب ، كان جاليليو لا يكف عن إجراء التجارب العلمية مستخدما أدوات من صنعه . وسرعان ما علم أستاذته بخبر تجاربه ، فأظهروا استياءهم منها لأن تجرؤ أي طالب أن يفكر بنفسه كان يعتبر هرقطة لاشك فيها ، وكان الأساتذة يعلنون دائما أن أرسطو حل المسائل العلمية حلا حاسما ونهائيا ، وإذا ما تجرأ أحد من الطلبة في أي وقت على أن يثير اعتراضا على بعض الأقوال التي كانت في نظرهم يقينية وقاطعة ، كان الأساتذة يضعون حدا للمناقشة بقولهم : ( هكذا قال المعلم "يقصدون أرسطو " وقوله الفصل ).



ولكن هاهو ذا الطالب قد بلغ به التهور إلى محاولة التثبت من صحة عقائد أساتذته معتمدا في ذلك على طريقته الخاصة (إن تهوره هذا يجب أن يكمح جماحه للمحافظة على سمعة الجامعة)-هكذا صاح الأساتذة ، و أرسلو إلى ولي أمره ينصحونه ويحذرونه فوجه النصح والتحذير بدوره إلى ابنه ، ولكن هل يتمثل جاليليو حقا لهذا النصح ويذعن لذلك التحذير؟



لقد تجاهل جاليليو كل ما قدم له من نصح وتحذير، فقد توصل إلى كشف عميق ورائع وهو إن علم الرياضيات هو لغة الكون ، وقد صارالآن على استعداد لأن يكرس حياته لدراسة هذه اللغة .

قطر الندى
05-17-2010, 09:10 PM
الخبز....والزبد....والأرقام!



ونتيجة لإصرار جاليليو وعناده ،رفض أساتذته إعطائه دبلومه في الطب .وهكذا غادر جامعة بيزا وهو فاشل في الطب فشلا ذريعا وقد قالوا عنه إنه مشعوذ مخبول العقل يتلاعب بالأرقام عديمة الفائدة) . ولكنه مهارته هذه في التلاعب بالأرقام أكسبته شهرة كبيرة بين الرياضيين الكبار في ايطاليا ،هؤلاء العلماء الذين كان جاليليو قد أرسل إليهم بعض نتائجه العلمية . والذين شرفوه بأن أطلقوا عليه لقب ارخميدس عصره .



ولكن ارخميدس عصره وجد استبدال الطب بالرياضيات إنما هو شيء بائس حقا من الناحية المادية . إذا في ذلك العصر كان يوجد الكثيرون من المرضى والقليلون من محبي العلم . وقرر جاليليو إعطاء دروس خصوصية لأبناء النبلاء . ولكن أين ذلك الإنسان الذي يقبل ، على الأقل في ذلك الوقت ، أن يأخذ أرقاما مجردة ويعطي في مقابلها خبز وزبد ؟ ولكن ما العمل ؟ ألم يئن للحظ أن يبتسم ؟ لقد خلا ، من حسن ظن جاليليو كرسي أستاذية الرياضيات بجامعة بيزا واستطاع جاليليو أن يحصل على ذلك المنصب أن يحصل على ذلك المنصب . كيف؟ لا لشئ إلا أنهم لم يجدوا أحد غيره يقبله ! لم ؟! لان راتب ذلك المنصب كان قليل جدا.



رب ضارة ...!



انهمك جاليليو في تجاربه بشكل أكثر من ذي قبل . وكان تلاميذه يصغون إلى محاضراته بابتسامات هازئة لم يحسنوا إخفاءها ويصب الأساتذة على رأسه اللعنات . ماذا يقصد ذلك المبتدئ السفيه بإزالته كتب أرسطو المقدسة من فوق رفوفها وبإحلاله تلك الأدوات السخيفة التي تدعو للسخرية محلها من خيوط ، وروافع ، وكتل ، ودوائر ،وزاويا ، وسطوح ...(يا للعجب!... إن هذه الأشياء تصلح لعبا للأطفال ولا تصلح أدوات للدراسة الجادة والوقورة ...جاليليو كف عن هذرك هذا وإلا لقناك درسا لن تنساه طوال حياتك ) . هكذا كان تهديد الأساتذة لجاليليو.



ورفض جاليليو التهديد فتحدوه ، وكانت الغلبة له حيث أثبت – خلافا لتعاليم (أرسطو) – إننا لو تركنا ثقلين مختلقين ليسقطا في لحظة واحدة الوقت نفسه .



(القصة سأدرجها لاحقا )



ورغم هذا أصر بعض الأساتذة على تخطيئه واستمروا في تدريس معتقدات أرسطو ونشرها على الرغم من الدليل التجريبي الذي قدمه جاليليو لهم ، واضطهدوه .



ولكن جاليليو ظل رابط الجأش في وجه هذا الاضطهاد واستمر في إلقاء دروسه الخارجة على التقاليد كما استمر في حياته الخارجة على التقاليد أيضا ، ما هذه القوانين التي تحتم أن يلبس الأساتذة أرديتهم الجامعية لا في حجرات الدراسة فحسب بل في الشارع أيضا ؟! هكذا كان يردد جاليليو ، فانشق عليها وعصاها . إن الرداء الجامعي يحد من حرية حركته ، وهو يريد الحرية لجسمه وعقله معا ، ومن ثم فقد اضطر مررا إلى دفع غرامة من مرتبه الهزيل لإصراره على الخروج على القانون . ولكن هل تصطبر إدارة الجامعة على هذا التأثر المتجرئ على تحدي ما هم به يعتقدون ؟ لقد ضاقت به ذرعا وعليها أن تجد علة ما لطرده من الجامعة .



ولم تأخر مجئ هذه العلة . إن الأمير جيوفاني كان قد اخترع آلة لتطهير مجاري المياه وأرسل نموذجا من هذه الآلة إلى جاليليو ليقوم بفحصه وكتابة تقري عنه . ولكن تقرير جاليليو – الذي ثبت صحته فيما بعد – لم يكن في صف الأمير . إذا قال إن الآلة على مهارة فائقة وعبقرية نادرة إلا أن بها عيبا واحدا فقط وهي أنها لا يمكن أن تعمل إطلاقا !. وثار جيوفاني لهذه الاهانة الموجهة لكرامته وطالب بفصل جاليليو من الجامعة بدعوى عدم كفاءته . وبالطبع كانت سلطات الجامعة على أتم الاستعداد لتنفيذ طلب الأمير . ويا للأسف فقد انضم الطلبة أيضا – تحت تأثير أساتذتهم من أتباع أرسطو – إلى المجموعة النابحة التي طاردت جاليليو وطردته من الجامعة.



أهكذا يكون جزاء عقل متفتح وعالم ثائر ؟! ولكن القدر لن يتخلى عنه ، ورب ضارة نافعة ، فلقد كان لجاليليو أصدقائه من علماء الرياضيات والطبيعة ، إذا فليقفوا إلى جانبه ، فليؤازروه طالما أنهم يتتبعون تجاربه الباهرة ويقدرونها حق قدرها . وكانوا فعلا الأصدقاء الأوفياء، فقد ساعدوه أن يحصل على منصب آخر أفضل في جامعة بادوا حيث ارتفع راتبه إلى ثلاث أضعاف راتبه السابق كما أتاح له المزيد من الحرية .



ولكن ازدياد حريته سره أكثر من ازدياد مرتبه . فقد كان يمكنه في بادوا أن يقول ما يشاء دون أن يقاطعه صفي أو استهزاء ، وعندما تقدم إلى المنصة ليلقي أولى محاضراته قوبل بتحية حارة وحماس بالغ . وهكذا وجد جاليليو نفسه قادرا على أن يتابع تجاربه بضمير مستريح وعقل حر .

قطر الندى
05-17-2010, 09:12 PM
تــــــــــــــرويح



وكانت هذه التجارب قد اتسعت لتشمل مدى واسع من النجوم في أفلاكها إلى المناورات الحربية . وعلى الرغم من أن جاليليو لم يقم بالخدمة العسكرية، فإنه كان ضليعا في الهندسة العسكرية. وقد مكنه ذلك من أن يجد طلابا يسألونه المساعدة ، وكان من بين هؤلاء الطلاب أمراء ، ونبلاء ، وجنود،أي الرجال الذين يعدون أنفسهم للحكم أو الحرب . وجاء هؤلاء الطلبة الخصوصيون ليعيشوا معه ، يصحبهم خدمهم ، طبقا لتقاليد ذلك العصر.



وكان هؤلاء الطلاب مجموعة مرحة ولكنها صاخبة ، استحوذت على الكثير من فكره وجهده ، لذلك كان يهرب منهم بين ساعة و أخرى ليسري عن قلبه ملقيا نفسه بين أحضان غواني البندقية . وهؤلاء السيدات المبجلات مثلهن مثل غواني الإغريق القدامى ، لم يكن ينظر إليهن على أنهن طبقة وضيعة همها البحث عن الذهب ، ولكنهن كن يعتبرن فئة جذابة ساحرة من الرفيقات مدربات تدريبا خاصا يؤلها لتقديم التسلية الكاملة لزبائنها من علية القوم !!



وكان جاليليو يتمتع بحواس ثائرة إلى جانب ما له من عقل سليم ، وكان يجحد سرورا لا يعادله سرور في صحبة هؤلاء الغواني وعل الأخص في صحبة واحدة منهن تدعى مارينا جامبا . ولم يتزوج جاليليو أبدا،لأنه كان يعتقد مثل شيشرون أن الإنسان لا يمكنه أن يكون زوجا صالحا وفيلسوفا صالحا في نفس الوقت.



وكانت التزاماته الترويحية ، مضافة إليها تكاليف تسليته الاجتماعية ومصاريف أجهزته العلمية ، تستنزف دخله المحدود كما يفعل الماء في الغربال واسع الخروق . وعلى الرغم من أن مرتبه كان يتزايد باستمرار، إلا انه كان غارقا في الدين دائما لدرجة اضطر معها أن يطلب مرة من أمين الصندوق بالجامعة أن يصرف له مرتب سنتين مقدما !! وفعل !!



رســــــــول ... النجوم



كان سبب مأساة جاليليو وسبب مجده الخالد أيضا هو كتابه التاريخي رسول النجوم الذي بدأ به عصرا فكــــــريا جديدا . وقد ألف جاليليو هذا الكتاب في جو بادوا المتحرر ، ولكن الأمر يختلف الآن وهو يعيش في فلورنسا التي تسيطر عليها محاكم التفتيش.



وكتب جاليليو لأحد أصدقائه يعرفه بالسبب الذي منت اجله أقدم على نشر كتابه رسول النجوم (... لكي أعرف جميع الفلاسفة والرياضيين ببعض المشاهدات التي لاحظتها على الأجرام السماوية بواسطة منظاري المقرب والتي أدهشتني لدرجة بالغة . وإني اشكر الله الذي تكرم فجعلني أول مشاهد لهذه الأشياء التي لم تنكشف للأجيال الماضية.وقد تأكدت العجيبة أن القمر جرم يشبه الأرض ، ورأيت جمعا غفيرا من النجوم الثوابت لم يسبق لأحد قبلي رؤيتها ، كما أدركت حقيقة الطريق اللبني (سكة التبانة).ولكن أعظم العجائب في كل ذلك كان اكتشافي لأربعة كواكب جديدة ، وقد لاحظت أنها تدور حول الشمس " كما تدور الأرض حول الشمس أيضا ". تدور الأرض حول الشمس؟! ... من الذي قال هذا إنه جاليليو طبعا ولكنه لم يستطع أن يذكر ذلك لا في خطابه ولا في كتابه ، بل اكتفى بذكره شفهيا إلى بعض أصدقائه المتحررين ، ذلك أن نشر هذا الكلام كتابة كان يعني أن يسلم نفسه إلى حجرات التعذيب بمحاكم التفتيش. نعم لا تقل هذا يا جاليليو ألم تذكر مصي جيور دانو برونو الذي أحرق حيا في عام 1610نتيجة لتصريحاته العلمية .



الأسلم لك يا جاليليو والأفضل للعلم أن تظل حيا ، ومن ثم هذا يستوجب أن تتابع اكتشافاتك بعيدا عن تدخل محاكم التفتيش . هذا ما كان يعتقده جاليليو وتحدثه به نفسه ، وكان في نفس الوقت يؤمن بما نؤمن به نحن المسلمون من أن " مداد العلماء ودماء الشهداء يستويان في نظر السماء "

قطر الندى
05-17-2010, 09:14 PM
والأرض مع ذلك .... تدور!



كان مقدرا عل جاليليو ، على الرغم من حذره ، أن يصبح شهيدا وعالما معا . فقد كانت محاكم التفتيش تبسط سلطانا غير محدود ورقابة لاتكل فوق جميع أراضي فلورنسا . وكان كبير محققي التفتيش قد لاحظ أن جاليليو قد أعلن اعتقده بدوران الأرض حول الشمس وإنه من أتباع عالم الفلك كوبر نيق في ذلك . وبناء على هذا فقد طلب من جاليليو في عام 1616أن يمثل أمام محكمة التفتيش . وعندما وصل إليها نصحه كبير محققيها بأن يتخلى عن هرقطته عن الأرض والشمس والنجوم .



ووقع جاليليو صاغرا ، على إقرار بنبذ معتقداته وتعهد بالطاعة وعندئذ أطلق الكاردينال سراحه وعلى شفتيه ابتسامة الظفر ، لأنه تمكن بأمر رسمي أن يوقف حركة الكواكب حول الشمس .



وعاد جاليليو إلى فلورنسا خاسئا محسورا ، واستمر يجري تجاربه في صمت ، ولا يجرؤ على إعلان نتائجه على الناس . ولكن العبقرية خلقت لتعرف ،مثل البذرة خلقت لتنمو .ولم يستطع جاليليو آخر الأمر أن يخنق نفسه ، أقصد أفكاره ، وما أفكاره إلا أنفاسه التي بها يحيا . وأصدر كتابا في الفلك ، واصطدم من جديد مع عقائد المتزمتين ، ودعي مرة أخرى للمثول أمام محكمة التفتيش ، وكانت تهمته في هذه المرة ؟أكبر وجرمه أعظم أي تهمة وأي جرم ؟



العودة أي تكرار ارتكاب الجريمة بعد أن عوقب على ارتكابها من قبل جزاء هذه الجريمة (المزدوجة) هو الإعدام .



وكان جاليليو مريضا عندما جاءته الدعوة الثانية للمثول أمام محكمة التفتيش ، وأصدر الأطباء شهادة رسمية بذلك ، وقالوا : " إن جاليليو طريح الفراش وانتقاله يجعله لا لأن يذهب إلى روما ، بل إلى أن يذهب إلى العالم الآخر!"



ولكن رجال التفتيش لم تلن لهم قناة ، وردوا عل ذلك قائلين " يجب القبض عليه مهما كانت حالته ، وتقييده بالسلاسل وحمله إلى روما "



وذهب إلى روما في صقيع الشتاء في يناير عام 1633 ، ووصل إلى هناك وهو أقرب إلى الموت منه إلى الحياة ، وعندما صار أمام قضاته لم تكن حالته الجسمية أو الذهنية تسمح له بالدفاع عن نفسه .



ومضت ست شهور والمحاكمة مستمرة ، ورغم التأييد الذي كان يلقاه جاليليو من المفكرين الأحرار ومن العلماء الكاثوليك بل ورجال الكنيسة أيضا ، فقد حققت المحكمة غرضها وأرغمته في 22 يونيو عام1633 على أن ينكر اعتقده في دوران الأرض وأن يقسم على ذلك قسمه المشهور :" أقسم أمام الكتب المقدسة التي المسها بيدي ، إنني انبذ واحتقر أقاويلي السابقة ، وأقر بأن خطئي كان ناتجا عن الطموح والغرور والجهل المطبق . وأنا أعلن الآن وأقسم أن الأرض لا تدور حول الشمس "



ويقال أنه بينما كان أصدقاؤه يقودونه إلى خارج المحكمة ، وهو يرتعد ، أخذ يتمتم :"ولكن الأرض مع ذلك تدور"



كلمــــــــات ... تقطـــــــر أسى



وأصدر كرادلة محكمة التفتيش حكمهم بتحريم كتب جاليليو وسجن مؤلفها في السجن الرسمي التابع للمحكمة للفترة التي يحلو لهم تحديدها .



وفي السجن ألف جاليليو أعظم كتبه على الإطلاق قوانين الحركة ملخصا فيه كل المبادئ الأساسية لعلم الميكانيكا . وقد ألف كتابه سرا وقام بتهريبه للخارج ليطبع في هولندا.



ولم ير جاليليو نسخة مطبوعة من كتابه هذا ، لأنه فقد بصره وهو في السجن . ولكن مما أراح باله ، أنه استطاع أن يضم هذا الكتاب بين ذراعيه وهو على سرير الموت في 8 يناير 1642، وأخذ يتمتم :" إن تقديري لكتابي هذا يفوق تقديري لكل كتبي الأخرى ، فهو محصلة عذابي "



وما أن كف بصره حتى استبد به الأسى قائلا" إن هذا الكون الذي كبرته مئات المرات بكشوفي الغريبة وآلاتي العجيبة ، قد انكمش بالنسبة لي من الآن فصاعدا إلى مجرد الحيز الصغير الذي يشغله جثماني ".



انتهــــــــــــــــــــى

قطر الندى
05-17-2010, 09:15 PM
في مشاركتي القادمة سأتحدث عن العالم ابن الشهور السبعة ..



وما علاقته بكوز الماء؟



سأتحدث عن المواضيع التالية



# طفل ... في الكوز !



# شقاوة .... (علماء )



# الحب ... على طريقة العالم



# العالم ... والسياسة



# نبيل ... بالقوة



# رياضيات .. "سفلى "



# أجمل ... وسيط !



# حرب ... الكلمات



# ومضى قطار العمر

هل عرفتم من اقصد ؟؟؟ بانتظار إجاباتكم

عبوووووودي
05-18-2010, 04:47 PM
يعطيك العافي اختي على الطرح الرائع


موفقه

قطر الندى
05-18-2010, 05:13 PM
عبوووووودي تشكــــــــــــــــــــر لمرورك ... هل عرفت من هو العالم ابن السبعة شهور الموضوع في كوز الماء ؟؟

قطر الندى
05-18-2010, 05:14 PM
منا ف ، هيفاء ،،،،،،،،،،،،شكـــــــــــــــــــرا لمروركم ...... بانتظار اجابتكم

صدى الإسلامـ
05-18-2010, 07:40 PM
أظن أنه نيوتن

مؤسف ماحدث لغاليليو

لقد قام العلم على أعتابه

قطر الندى
05-18-2010, 10:20 PM
ممتــــــــــــــــــاز صدى الاسلام .......... سوف إدرج الموضوع

قطر الندى
05-18-2010, 10:22 PM
ابن الشهور .......السبعة!


إسحاق نيوتن


1642-1727


طفل.... في الكوز


لم يكتب لنيوتن أن يرى أباه ، فقد توفي الأب قبل ولادة ابنه بقليل .


وعند الولادة كان إسحاق طفلا عليلا نحيلا مولودا قبل تمام أشهره ، وكانت القابلة التي ساعدت في ولادته لا تتوقع له أن يعيش وقالت :" يا للعجب ، لقد كان ضئيلا لدرجة أنه يمكن وضعه في كوز الماء "


أجل إن للقدر أحوالا ، لقد كانت هذه هي طريقة القدر في تقديم هذا العقل الجبار للوجود .








شقاوة ...... (علماء )!


أمضى نيوتن أيام طفولته الأولى مع والدته ، وعندما تزوجت كفلته جدته .


وفي سن الثانية عشر إلتحق بإحدى المدارس الأميرية وسكن مع احد الصيادلة ، ولقد كان سكنا فقيرا وطفلا خبيثا . فقد كان لا يكف عن ألالعيبه وحيله التي تطير صواب الصيدلي المسكين . فقد كان يجمع البلط الصغير ، والمناشير والمطارق من مختلف الأحجام و الأشكال ويعمل منها اختراعات عجيبة .


فقد تعرف مثلا على التركيب الآلي لطاحونة الهواء التي كانت مقامة بجوار منزل الصيدلي ، وعزم أن ينشئ لنفسه طاحونته الخاصة ، و؟أعلن انه سيدخل عليها من التحسينات ما لا يوجد في غيرها ، وانه سيجعلها تدور بقوة الحيوان لا بقوة الرياح ! . وفعلا وضع فأر على عجلة الدواسة ،ـ ثم وضع قطعة من الخبز فوق العجلة وعلى مسافة تكفل ألا يصل إليها هذا الطحان الجائع مهما بذل من محاولات يائسة وقال : " يمكننا بعد ذلك أن نطمئن إلى أن غريزة الفأر الطبيعية ستدفعه لإدارة هذه الآلة ".


وكان يلجأ دائما إلى مثل هذا النوع من الألاعيب . ذات يوم قال لزوج أخت الصيدلاني :" أرجوك يا سيدي ، هل يمكنني أن آخذ ذلك الصندوق الموجود في قبو المنزل لاستخدمه في عمل ساعة ؟ وإنني أؤكد أنك لن تتأخر عن عملك أبدا بعد ذلك نتيجة لعدم معرفة الوقت " . وصنع ساعة تدور عقاربها بانتظام نتيجة لتساقط الماء قطرة قطرة من إناء كان يضع به الكمية المناسبة من الماء في كل صباح . وصنع بعد ذلك عربة ميكانيكية كان يمكن تنظيم حركتها بواسطة يدي الراكب وقدميه .,


وأغرم بتطير الطائرات الورقية ، وبدأ يهتم بذلك العمل الساحر ألا وهو التحليق في الهواء . وذات مساء جمع رفاقه من الأطفال وأخذ يقول لهم وقد لمعت عيناه لمعانا شيطانيا " إنني سوف اسبب لهؤلاء الريفيين من الذعر ما لم يعرفوه قط في حياتهم ، فقد فرغت توا من صناعة بعض الفوانيس التي سأشبكها في ذيل طائرتي الورقية ، وسأرسل هذه الطائرة لتطير ر فوق سطوح المنازل ، وعندئذ سيظن الناس أنها شهب ومذنبات سقطت عليهم من السماء "

قطر الندى
05-18-2010, 10:23 PM
الحب ... على الطريقة النيوتونية !


لم يكن نيوتن مفكرا فحسب بل كان حالما ، ولم يكن رياضيا فقط وإنما كان شاعرا أيضا . ولم تكن طريقته هي طريقة المشاهد البطئ التفكير ولكن طريقة المبدع الفنان . وكانت كامبر يدج تزخر بمثل هؤلاء الناس الذين كانوا يسمون أنفسهم أساتذة ولكنهم كانوا في الواقع أشبه بتلاميذ لم يتخرجوا بعد من الجامعة .


كان نيوتن ، كما قلنا حالما شاعرا ، وعلى الرغم من أنه استطاع أن ينجو من الإجداب الذهني الذي أصاب الكثير من زملائه ، إلا انه لم يستطع أن يتخلص تماما من شذوذهم ، فقد كان مستغرقا في أحلامه عن الكون ولم يكن يجد الوقت الكافي للعناية بمظهره الشخصي ، وكثيرا ما كان يدخل قاعة الطعام بالجامعة وقد تزحزح رباط رقبته من مكانه وانحل رباط جوربه الطويل وانفكت أزرار سراويله .


ولكن نيوتن كان على الرغم من مظهره وملابسه شابا ذا قلب شاعري حساس . وقد ثارت في داخله ذات مرة شعلة من الهوى التي تبهر الأنفاس ودفعته إلى أن يطلب يد أحد الفتيات منت معارفه فأمسك يدها برقة ونظر في عينيها ، ولكن عندما جاءت اللحظة الحاسمة شرد عقله في ميادين أخرى من الفكر ، ذلك أنه كان في هذا الوقت مشغول البال بنظرية ذات الحدين للمقادير اللانهائية ، وقد أمسك بإصبع حبيبته وهو مستغرق في أحلامه ،وظن وهو في نوبة ذهوله ، أن ذلك الإصبع هو العود الذي يستعمله في تنظيف غيلونه، فأخذ يحاول أن يحشره في أنبوبة الغليون ، وعندما صاحت حبيبته متألمة صحا من ذهوله واعتذر في حياء قائلا " آه يا عزيزتي ... أرجو أن تصفحي عني ، إنني أرى أن ذلك الأمر لن يصلح وأظن أنه قد قدر علي أن أظل بلا زواج طوال حياتي "





ما لك يا نيوتن والسياسة ؟؟؟


نشر نيوتن أهم كتبه وهو كتاب المبادئ ، وبعد نشره مباشرة دخل ميدان السياسة . وكان قد أظهر في البداية أنه خصم جرئ للملك جيمس الثاني عندما حاول هذا الملك العنيد أن يخنق حرية الجامعات . فلما خلعت أسرة ستيوارت عن العرش وتبوأ وليم ماري مكانها ، كان نيوتن عضو في المؤتمر الذي اجتمع ليناقش النظام الدستوري الجديد . ولم يكن نيوتن خطيبا بطبعه ، فقد تكلم مرة واحدة خلال النقاشات القيمة التي دارات في المؤتمر ، وكان كل ما قاله هو انه طلب من الحاجب أن يغلق النافذة ، ولم يكن الملك الجد
يد شديد الاقتناع بمقدرة نيوتن البرلمانية ، فعندما سئل ذات مرة ليستشير نيوتن في إحدى المسائل السياسية ، أجاب الملك :" كلا ... ومال نيوتن والسياسة "

قطر الندى
05-18-2010, 10:24 PM
نبيل ....... بالقوة



لم يفهم آراء نيوتن غير عدد قليل من معاصريه ، ولكن ذلك لا يثير دهشتنا ، فقد كان هذا الرياضي العجيب لا يفهم نفسه ، وفي لحظة انتصاره ، عندما أنجز نظريته الكونية التي كان مقدرا لها أن تصبح أساسا لعلوم المستقبل ، كان يشعر بأنه شخص بائس تماما . لماذا ؟! . لأنه كان يهمه جدا أن يعتبر سيدا نبيلا من الدرجة الثانية بدلا من أن يعتبر عبقريا من الدرجة الأولى . ألم يكن يكفيه أن له عقلا نبيلا . بل رأى أنه يجب عليه أن يسعى للحصول على مركز نبيل أيضا . وقد طلب من أصدقائه ذوي النفوذ مرة بعد أخرى ، في أثناء تدوينه لكتابه المبادئ ، أن يحاولوا أن يحصلوا له على منصب سياسي في البلاط الملكي ، ولم يكن يهمه كثيرا ألا يعتبره الناس أعظم فيلسوف بعد أرسطو ، طالما عرفه مواطنوه على أنه تابع سياسي لملك بريطانيا وله راتب .



وكان على استعداد أن يقسم أمام كلية هيرالد ( كلية مفوضة من الملك لتدوين سلاسل النسب للأسر الأميرية) بأن ينحدر منة أسرة نيوتن الشهيرة في لنكولنشير ، وعندما سئل :" أيمكنك أن تتبع سلسلة النسب ؟" أجاب :" ولم لا؟ " . وفي الواقع كان يستطيع أن يتبع نسبه إلى جده الذي كان فلاحا مغمورا ، ولكن لم اليأس ؟ أنه سوف يدعم نسبه المهتز بأن يلحق نفسه بنبيل اسكتلندي مفلس . وعلى أية حال فإنه ليس من المستحيل أن يشتري الإنسان نسبا نبيلا ، هكذا كان تحدث نيوتن نفسه . وبينما كان نيوتن يحادث نبيلا اسكتلنديا وقال متلعثما :" هل تعرف إنني أيضا اسكتلندي ؟" لقد كان جدي من سادات شرق لوذيان أو لعل غربها .... ربما كان ذلك والد جدي " . فأجاب النبيل الاسكتلندي بفظاظة " إنني لم أسمع عنه مطلقا ".



رياضيات ..... سفلى



"آه .... حسنا ، إذا لم يكن في استطاعتي أن أكون سيدا نبيل النسب، فإنه يمكنني عل الأقل أن أكون رجلا غنيا " ... هكذا كان يردد نيوتن بينه وبين نفسه . ولذلك اشترى عقارا في الريف بالإضافة إلى بيته في المدينة . ولكن ما علاقة ذلك بعنوان هذه الفقرة ؟! وهل إذا كان هناك رياضيات عليا لابد وأن تكون هناك أيضا رياضيات سفلى ؟ اقرأ السطور التالية :



كان العلماء المعجبون بنيوتن والذين يحضرون لزيارته هناك يكتشفون أن أبا الرياضيات العليا منهمك في تلك الرياضيات السفلى الخاصة بالنزاع مع جيرانه حول عدد الأغنام التي يحق له أن يغذيها من المراعي العمة بالقرية .



وأنه كان مستغرقا في المساومة مع مستأجري أرضه حول نفقات إصلاح المخازن وشؤون المحاصيل وتهديدهم بإقامة الدعوى القانونية ضدهم إذا لم يقوموا بالدفع ، بدلا من الاستغراق في بحثه قوانين الكواكب والأجرام السماوية ، وان هذا الرجل الذي اكتشف لغة المجموعة الشمسية أصبح مستغرقا في إتقان لغة السباب العنيف ضد ابن أخته الذي لا يفلح أبدا .

قطر الندى
05-18-2010, 10:26 PM
ومضى قطار العمر ...!


... وأخذ نيوتن يفق اهتمامه بالمشادات الحمقاء وبغرور السياسة ، لقد أدرك – أخيرا – أن التقييم الحقيقي لحياته لن يقاس بما حققه من نجاح دنيوي ، بل لما حققه للبشرية من انتصارات . وقد اقتنع أخيرا بأنه كان عالما قبل كل شئ وأنه كان غرا ساذجا عندما اعتب ر أن أبحاثه الرياضية هي تسلية عابرة لتمضية الوقت ، وإن بحثه عن النجاح الدنيوي هو المهمة الرئيسية في حياته . لقد صار الآن أكثر حكمة و أكثر تواضعا .


وفي سن الخامسة والسبعين كان قد تعلم أن ينظر خلال منظاره بعين أكثر صفاء :" إن المعرفة ما هي إلا تراكم وتجمع للرؤية ... رؤيتنا في الحاضر مضافة إلى رؤية أسلافنا في الماضي " هكذا كان يقول في سنوات عمره الأخيرة . كما قال في تواضع لم يكن يبديه في أيامه الخوالي " إذا كان بصري قد امتد إلى ابعد مما رأى غيري ، فما رأيت بعيدا إلا لأنني أقف على أكتاف الآخرين "


وقد أصبح في استطاعته وهو يتربع فوق قمة الشهرة الشامخة أن ينظر بلا وجل نحو نهايته المقتربة . إن الرجال يموتون كما تموت النجوم وذلك لكي يبعثوا للوجود طاقات جديدة ، علماء جدد ونجوم جديدة .


إنه يصغى الآن إلى موسيقى الأجرام السماوية وهي تندفع بلا توقف في مجراها الأبدي. وقد كانت تلك الموسيقى هي التي هدهدته في نهاية الأمر إلى رقدته الأخيرة .


انتهـــــــــــــــــــــــــــــــ ى

قطر الندى
05-18-2010, 10:29 PM
في مشاركتي القادمة سأتحدث عن نيوتن فرنســـــــــــا ... راكب ا لموجة (الحـــــــــــــرباء) ... عالم أنكر ذاته ليشجع عالم شاب ليقترن النظرية باسمه ... عالم كان آخر ما قاله " إن الإنسان يسير وراء الأشباح " .... فمن هو هذا العالم ؟؟؟؟

صراحة هذا العالم لم تعجبني شخصيته قط

قطر الندى
05-19-2010, 11:33 PM
شكــــــــــــــــــــــرا لمرورك مراد ........ كيف ما فيه حلــــــــــــــــــــــــول ؟؟؟
سأنتظر لن إدرج الموضــــــــــــــوع بانتظار الحلول

قطر الندى
05-21-2010, 10:05 PM
نيوتن ........ فرنسا


بيير سيمون دي لا بلاس


1749-1827


راكب ........ الموجة !


كان مؤرخو العلو على حق عندما أطلقوا على الماركيز " دي لابلاس " اسم نيوتن فرنسا إنه استحق ذلك الاسم بفضل أعماله المرموقة في مجال ميكانيكا الأجرام السماوية التي توج بها جهود ثلاثة أجيال من علماء الفلك والرياضة ، ولأنه قدم للعالم قاعدة عامة يمكن تطبيقها في كافة ميادين علم الفيزيقا .


أما المؤرخون الذين اهتموا بتاريخ حياته فقد وجدوا فيه شخصا يدعو للدهشة ،فقد كان يجمع كثيرا من الصفات التي امتزجت فيه بشكل غريب . كان طموحا دون أن تنقصه المودة وكان لامعا ولكنه لا يتورع عن سرقة أفكار غيره .. كان مرنا بحيث يصبح جمهوريا مع الجمهوريين وملكيا مع الملكيين كما تدعو الأحوال في زمنه الكثير من التقلب ، زمن الثورة الفرنسية !


عين لابلاس في عام 1784 ممتحنا في مدرسة المدفعية الملكية ، وهو مركز متميز أتاح له أن يمتحن طالبا يبدو عليه الذكاء والنبوغ ، طالبا لا يتجاوز السادسة عشر من عمره ، طالبا لم يعرف في قاموس حياته معنى المستحيل ، اسمه نابليون بونابارت وظلت هذه العلاقة بينهما مزدهرة زهاء عشرين عاما أصاب لابلاس خلالها الكثير من الغنم . وكان لابلاس يتمتع بالقدرة على ركوب الأمواج الملاطمة في العصر الذي كان يعيش فيه ... ففي ظل الجمهورية كان جمهوريا عنيفا يعلن عن بغضه الذي لا يخمد للملكية ، ولكن ما أن استوى نابليون على السلطة في التاسع من نوفمبر عام 1799 حتى ألقى لابلاس من على كاهله ثوب الجمهورية وصار من أشد أنصار الحاكم حماسة وساعده في التحضير للحملة على مصر . وما يلبث نابليون أن كافأه بأن اسند إليه الداخلية التي لم يمكث فيها كوزير إلا أسابيع قليلة . وأراد نابليون أن يطيب خاطره بعد إخراجه من الوزارة فجعل منه عضوا في مجلس الشيوخ ثم رئيسا للمجلس عام 1803


وتتضح قصة ركوب لابلاس الموجة من خلال مقدمات الطبعات المختلفة لكتبه . كيف ؟ لقد أهدى الطابعة الأولى من كتابه نظام العالم عام 1796 إلى مجلس الخمسمائة ( البرلمان الفرنسي ) . ولكن بعد ثمانية أعوام خل نابليون مجلس الخمسمائة فبادر لابلاس بإهداء الجزء الثالث من كتابه حركة الأجرام السماوية بكلمات ملؤها التقديس إلى نابليون . لا شئ إلا لأنه حل مجلس الخمسمائة !! وفي عام 1812 كان نابليون في أوج عظمته فأهدى لابلاس الطبعة الجديدة من كتابه نظرية تحليلية في الاحتمالات إلى نابليون العظيم ، ولكن بعد ذلك بعامين زال السلطان عن نابليون ونفي إلى جزيرة سانت هيلانة وكان لابلاس من بين الذين أصدروا قرار نفيه .


ماذا فعل لابلاس يا ترى ؟ غير إهدائه وكتب بدلا منه "إن حساب الصدف كان يمكننا من أن نتنبأ ، بدرجة كبرى من الاحتمال ، بسقوط الأباطرة الذين كانوا يحلمون بالسيطرة على العالم "


لابلاس ... لقد جعل نابليون منك كونتا ، فهل تكافئه بالمشاركة في إصدار قرار نفيه ؟ لابلاس ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) .\


وهكذا فإنه مهما يكن الإعجاب بعبقرية لابلاس العلمية ، فإنه لم يقلل على أية حال من عدم الثقة التي كان يشعر بها الجميع إزاء نتيجة لسرعة تلونه السياسي . ولعل أخف معاصريه وطأة عليه كان يصفه بالمرونة . وكان الجميع يرون فيه نظيرا لقسيس براى الذي كان بدوره سريع التلون ، فقد كان من أتباع البابا مرتين كما كان بروتستنتيا مرتين .

قطر الندى
05-21-2010, 10:05 PM
إنكار ..... ذات


ولكن مع هذا وإحقاق للحق ، فإن لابلاس لم يكن خبيثا أو شريرا . بل كان يمد يد العون للكثير من العلماء الشبان . ففي مسقط رأسه في أركوى كان يحيط نفسه بعدد من العلماء الشبان الذين يسيرون على نهجه الفكري من أمثال عالم الفيزياء جين بيو المعروف بأبحاثه عن استقطاب الضوء وجوزيف جاي لوساك عالم الكيمياء المشهور والبارون السكندر فون همبولت عالم الحياة وسيمون بواسون عالم الرياضيات اللامع .


ويحكي بيو أنه جاء إلى لابلاس ذات مرة وقرأ عليه بحثا عن نظرية المعادلات . وبعد أن استمع لابلاس إلى البحث أخذ بيو وأخرج له أوراقا صفراء قديمة توصل فيها إلى نفس النتائج ذاته وعرف بيو أنه توصل إلى نفس ما توصل إليه قبله . أنكر ذاته وشجع العالم الشاب إلى نشر بحثه لتقترن معادلة النظريات باسمه .


سبقك بها .... نيوتن


كان لابلاس في سنينه الأخيرة يمضي كثيرا من وقته في أركوى حيث يمتلك منزل إلى جوار منزل عالم الكيمياء دي برثيلو يواصل فيها أبحاثه ودراسته بهمة لا تعرف الكلل . ولكن لابد لهذا من نهاية . وكانت النهاية في الخامس من مارس عام 1827 حيث لفظ لابلاس آخر أنفاسه قبل أن يحتفل بعيد ميلاده الثامن والسبعين بعدة أيام .


ولما كان مطلوبا من الرجال البارزين أن ينطقوا بكلمات خالدة قبل انتقالهم للعالم الآخر ، فقد قيل إن لابلاس أنهى حياته بهذه العبارة " إن ما نعرفه قليلا وما نجهله أكثر " . غير إن دجي مورجان الذي لاحظ إن هذه العبارة تكاد تماثل ما قاله قبله نيوتن عن الحصى وشاطئ بحر المعرفة ، وأعلن أن كلمات لابلاس الأخيرة كما عرفها من المصادر الموثوقة بها كانت " إن الإنسان يسير وراء الأشباح ":


انتهـــــــــــــــــــى

قطر الندى
05-21-2010, 10:06 PM
في مشاركتي القادمة سأتحدث عن العالم القزم ... العملاق ... ابن الحداد ... كان ألدغ ( أي لا يستطيع نطق حرف الراء ) ... أسرته كانت بمنتهى الفقر ... له اكتشافات عظيمة ... بدأ مشواره كفرّاش لمعمل ...ضحى بكرسي الأساتذة بجامعة لندن حيث كان يجني المال الوفير من أجل إجراء تجاربه بالمعهد الملكي مقابل مرتب زهيد .. هل عرفتم من أقصد ؟؟؟؟ بانتظار الحلـــــــول

جااامعيه
05-22-2010, 05:59 PM
هههه قرات ارخميدس الان

خطيييييييييييير ياارخميدس ....

شكرا اختي على الموضوع اللذي يفوق الروعه...

من صجي احب سوالف العلماء..

روبين
05-30-2010, 01:40 PM
السلام عليكم اختي العزيزه

قرات كل المعلومات >>>رغم ان لدي امتحان

لاكن اندمجت في موضوعكــ أعتقد انه يوافق ميولي

اعجبني شيطان الهندسه وجاليليو

وبكيت لما وصلت للكمات الأخيره للعالم جاليليو


إن تقديري لكتابي هذا يفوق تقديري لكل كتبي الأخرى ، فهو محصلة عذابي "


وما أن كف بصره حتى استبد به الأسى قائلا" إن هذا الكون الذي كبرته مئات المرات بكشوفي الغريبة وآلاتي العجيبة ، قد انكمش بالنسبة لي من الآن فصاعدا إلى مجرد الحيز الصغير الذي يشغله جثماني ".



جملته الأولى شعرت بها شعور غريب ..كأنه انا

بإنتظار العالم القادم

شكرا جزيلا لك اختي العزيزهقطره ندى

أبو عمر الفيزيائى
06-01-2010, 10:14 AM
السلام عليكم
ما شاء الله اختنا الكريمه على هذا الموضوع الشيق جدا والذى نعلم منه القليل
وبارك الله فيكى

SPECTRUM
06-01-2010, 10:37 AM
على ما أعتقد بان العالم القادم هو فاراداي

تحياتي.

قطر الندى
06-24-2010, 10:26 PM
جامعية ، روبين ، معلم مصري ،SPECTRUM (http://hazemsakeek.com/vb/../member.php?98763-SPECTRUM) شكــــــــــــــــــــــرا لمروركم

قطر الندى
06-24-2010, 10:31 PM
SPECTRUM (http://hazemsakeek.com/vb/../member.php?98763-SPECTRUM) اجابتك صحيحة سأعرض الموضوع لاحقا

Fatima Ashraf
06-25-2010, 03:17 PM
يا له من موضوع رائع و شيق ، و ذلك ببساطة يكمن في أننا جميعا نعرف من هو العالم أرخميدس ، و نعلم نظرياته و ندرسها ، ولكن تلك الجوانب الهامة في حياته لم أكن لأعرفها دون قراءتي لهذا الموضوع البديـــــــــــــــــــــــــع جزاك الله خيرا

"عاشق الفيزياء"
06-26-2010, 11:06 AM
شكرا اختى عن المعلومات الرائعة ، بس ياريت تقولى عن العالم اينشتاين

قطر الندى
06-26-2010, 12:38 PM
فاطمة ، عاشق الفيزياء .......... شكـــــــــــــــــرا لمروركـــــــــــــم

عاشق الفيزياء .... إن شاء الله سنتحدث عن العالم إنيشتاين لكن لاحقا ...

Fatima Ashraf
06-26-2010, 01:20 PM
ياله من موضوع رائع يعلمنا كيفية الصبر على المبدأ و العلم ، و لكن للأسف كل صاحب فكرة جديدة عبقرية يجب أن يتعرض للاستهزاء و الظلم و السخرية في حياته ، و لا يظهر تقديره و احترامه إلا بعد مماته!!!لا أدري لماذا؟؟؟

رشوان محمود
06-26-2010, 11:59 PM
موضوع جدا شيق في انتظار المزيد
شكرا لك ,,,

قطر الندى
06-27-2010, 10:51 AM
القزم ........ العملاق

ميشيل فاراداي

1791 – 1867

ابن الحداد ... يصبح عالما !

كان ميشيل فاراداي قد وصل في عام 1857 إلى ما يعتبره قمة الانتصارات الدنيوية ، فقد عرض عليه الاستاذ تيندال رئاسة الجمعية الملكية ولكن – ألمع علماء عصره – رفض هذا الشرف وقال كلمة تقطر تواضعا :

" إنني يجب أن أظل يا تيندال ميشيل فاراداي البسيط "

بهذه الكلمات المتواضعة لخص لنا فاراداي بشكل واضح أهم ملامح شخصيته غير العادية . فقد كان يرفض مختلف الامتيازات الاكاديمية والمكافآت المادية طوال حياته ، وذلك حتى يكون حرا في بحثه عن أسرار الطبيعة الغامضة وهو ما يزال ميشيل فارادي البسيط .

وكان منبته في الواقع بسيطا كذلك . فقد كان والده حدادا ، وشقيقه سباكا ، واعمامه بدالين واسكافيين وفلاحين وكتبه . ولكن شجرة العائلة هذه الأقل من العادية قد أنتجت لنا زهرة واحدة فائقة الروعة هي ميشيل فاراداي .



الالدغ .......!

لم تظهر على فاراداي الطفل أي بشائر تنبئ عن مستقبل نبوغه ، وكان - كما يقول عن نفسه – تلميذا عاديا في مدرسة عادية . وقد تلقى تعليما ضئيلا في مبادئ القراءة والكتابة والحساب ، وكان يمضي ساعات فراغه في المدرسة إما في المنزل أوفي الشارع وهو يلعب البلى أو يعتني بأخته الطفلة أو متفرجا على غروب الشمس !.

وانتهت دراسته النظامية نهاية سريعة غير متوقعة بسب عيب لديه في النطق ، إذا كان الدغا لا يستطيع نطق حرف الراء ومن ثم كان ينطق اسم أخيه الكبير ووبرت بدلا من روبرت . وكانت مدرسته وهي عانس جافة العواطف تحاول أن تخلصه من ذلك العيب عن طريق التندر والسخرية ، وعندما وجدت آخر الأمر أن السخرية لاتفيد عزمت على اللجوء إلى الضرب واللطم فنادت روبرت إلى المنصة ، وكان روبرت تلميذا مع ميشيل في نفس الفصل ، وأعطته بنسا وأمرته أن يشتري عصا وقالت :" إني سأستعملها في إعطاء ميشيل علقة على رؤوس الأشهاد ".

ولكن روبرت كان ينظر إلى الموضوع من زاوية أخرى ، ومن ثم فقد قذف بقطعة النقود في الطريق وجرى إلى منزله ليبلغ والدته عن قسوة معلمته . ولما كانت الأم ترى أن صحة ابنيها أهم من تعليمهما فقد قامت بسحبهما من المدرسة .

قطر الندى
06-27-2010, 10:53 AM
منتهى ..... الفقر !

بعد انتزاع روبرت وميشيل من دراستهما ، كان والدهما قد ضاق به شظف العيش في قريته فعزم على الانتقال بعائلته إلى لندن – مدينة السحر والمعجزات التي ترصف شوارعها بالذهب ! وسافر آل فاراداي إلى لندن واتخذوا لهم من إسطبل عربات في ميدان مانشستر مسكنا .

يا ترى هل يغير مقر أسرة فاراداي الجديد من حظهما ؟ كلا إذ كان عليها – حتى في لندن – أن تتغدى بقشور الخبز اليابسة المدهونة بالأمل الزائف . وكانت جراية ميشيل نفسه رغيفا واحد في الاسبوع ! وحتى هذا الرغيف كان يحصل عليه من اعانة الفقراء التي تدفعها لأسرته الحكومة ، وقد سمحت له والدته بأن يوزعه كما يريد على أيام الأسبوع ، وياله من تدريب رائع حقا لعالم من أشهر علماء المستقبل .

وعندما كان ميشيل يستلم رغيفه يوم الأثنين من كل أسبوع كان يقسمه بعناية إلى أربعة عشر قسما ، أي قسمين لكل يوم وأحدهما للإفطار والآخر للعشاء . ونتيجة لتلك السياسة الدقيقة لم يكن يشعر في يوم من الأيام بأنه جائع تماما ، وكذلك لم يشعر بأنه ممتلى تماما .

أعظم اكتشافاته .... ميشيل فاراداي !

ولما بلغ ميشيل سن الثالثة عشرة رأى والده ضرورة أن يعمل ليساعدهما . ولكن أي عمل يمكن أن يعمله ؟ عمل بسيط ، مجرد صبي للطلبات الصغيرة عند بائع كتب يدعى جورج ريبو . ويذكر زبائن مستر ريبو أن ميشيل كان غلاما ذا عينين لامعتين فوق رأس خصلة من الشعر البني . ويذكرون ذلك الرأس الذي كان مدفوعا دائما للأمام لإلقاء الأسئلة . وقد تسببت هذه الدفعة لرأسه المتطلعة إلى الأمام في إسالة الدماء من أنفه ذات مرة عندما انفتح أحد الأبواب فجأة واصطدم بوجهه.

وكان زبائن مستر ريبو مسرورين على كل حال من خدمات ميشيل وكان مستر ريبو نفسه مسرورا منه أيضا، لذا رقاه بعد نهاية السنة وجعله يتلقى تلمذه مجانية في تجليد الكتب في مؤسسته.

كان هذا العمل الجديد بمثابة هدية ثمينة من السماء لميشيل ، فقد أتاح له فرصة قراءة كل الكتب التي كانت تجئ للتجليد في ورشة مستر " ريبو " وقد دفعته هذه القراءات إلى أن يجري بعض التجارب الكيمياوية البسيطة التي كانت نفقاتها لا تتجاوز بضع بنسات كل أسبوع ، ثم صنع بعد ذلك آلة كهربية استخدم في صنعها أولا زجاجة أدوية ثم استبدلها بأسطوانة حقيقية .

وبينما هو يسير في أحدج الشوارع لمح فوق لوحة إعلانات إعلانا عن سلسلة من المحاضرات في الفلسفة الطبيعية ، وفورا تاقت نفسه لحضورها ، ولكن أنى له الوقت والمال اللذان يمكناه من ذلك ؟ لقد كان الحظ إلى جانبه عندما تقدم كل من أخيه ومخدومه إلى مساعدته ، مخدومه بالوقت وأخيه بالمال .

وهكذا تذوق رشفة أخرى من رحيق العلم وتقدم خطوة جديدة للأمام في طريق حرفته المستقبلية . ولكن " فاراداى " نفسه لم يكن حتى ذلك الوقت مدركا لما قدر له من أنه سيصير أحد كبار رواد العلم في العالم . بل كان يتوقع أن يظل مجلد كتب طوال حياته .

وترك " ميشيل " ورشة " ريبو " ليعمل في ورشة مسيو " دى لاروش " وهو رجل فرنسي لم يكن لديه عطف " ريبو " ولا ذكاؤه . ولكن سرعان ما تركه " فاراداى " بعد تجربة قصيرة كريهة وأخذ يبحث عن عمل في ورشة تجليد أخرى .

كانت تلك الفترة حرجة بالنسبة لميشيل ، فقد مات أبوه وكانت أمه تعاني من الفقر المدقع ، وبذل " ميشيل " كل ما في طوقه من جهد ولكنه لم يجد عملا آخر كمجلد كتب ، فماذا يستطيع أن يفعل الآن ؟!. في ذلك الوقت الذي كان يتحسس في طريقه يائسا ، كان العالم الإنجليزي الشهير سير " همفرى دافي " بسبيل أن يصل إلى أعظم اكتشافاتك ؟ أجاب : " ميشيل فاراداى ! " .

قطر الندى
06-27-2010, 10:54 AM
العالم ... الفراش !

كان شعار " فاراداى " طوال حياته هو " على أن أسعى وليس على إدراك النجاح " وكان تطبيقه لهذا الشعار هو الذي جعله يقابل سير " همفرى دافي " وكان " فاراداى " قد استمع أثناء عمله بالورشة إلى بعض محاضرات " دافي " ونسخ هذه المحاضرات بحط منظم جميل ثم جلدها تجليدا جذابا وأرسل هذه النسخة إليه . وقد رجا العالم الكبير بكل احترام أن يجد له عمل في معمله .

وكانت وظيفته الجديدة هي من الناحية الرسمية وظيفة مساعد لسير " همفرى " في معمله بالمعهد الملكي ، أما واجباته في الواقع فكانت غسل الزجاجات وتلميع المكاتب وتنظيف المحابر وكنس أرض المعمل – وهكذا ترفى " فاراداى " من مجلد كتب إلى فراش معمل ! .

ولكن لم يمض وقت طويل حتى برهن " فاراداى " لسير " همفرى " على أنه شيء أهم كثيرا من مجرد فراش ، فقد دفع " دافي " نتيجة حدة ذهنه وحسن إدراكه ودقة تحليله واقتراحاته النافعة إلى أن يشركه مشاركة حقيقية في إجراء التجارب . وقد أصيب كل من " فاراداى " و " دافي " اصابات معينة أثناء إجرائهما لبعض هذه التجارب وخاصة التجربة التي انفجر فيها مخلوط من الكلور والأزوت .

هكذا أنتن دائما ... أيتها السيدات !

أخذ العالم و " الفراش " أو بالأحرى الأستاذ والتلميذ ، يعملان جنبا إلى جنب مستكشفين غوامض الطبيعة ، مسبرين أغوارها ، مفسرين رموزها ، مروضين لقواها . وبدأ اعتماد الأستاذ على تلميذه يزداد شيئا فشيئا كلما ازداد عملهما معا . وبعد شهور قليلة كان سير " همفرى " قد اقتنع تماما بمقدرة " فاراداى " لدرجة أنه دعاه ليصحبه " كمساعد فلسفي " في سلسلة المحاضرات التي ألقاها في المدن الأوربية الكبرى .

وكانت تلك الرحلة إلى القارة الأوربية معجزة لا شك فيها بالنسبة لابن الحداد الشاب هذا الذي لم يتجاوز في ذلك الوقت الثانية والعشرون من عمره . وبدأت الرحلة في يوم الأربعاء 13 أكتوبر عام 1813 ، وقد كتب " فاراداي " في مذكراته : " إن هذا الصباح كان بداية عصر جديد في حياتي " .

سافر " دافي " يصحبه " فاراداي " إلى أوروبا ، وبينما هما في باريس لمح " فاراداى " نابليون جالسا في ؟أحد أركان عربته ، وقد اهتز وجدانه من نبل المسئولين الفرنسيين عندما لاحظ أن العلماء الإنجليز قد سمح لهم بالمرور في فرنسا بحرية وبدون مقابل في الوقت التي كانت الجيوش الإنجليزية تحارب في الجيوش الفرنسية ! .

وإذا كانت نفس " فاراداي " قد سرت من معاملة المسئولين الفرنسيين ، وإذا كان الأوربيون قد أصبحوا يعترفون به كمساعد فلسفي لدافي ، فإن زوجة " دافى " كانت تعامله أسوأ معاملة ، لا على أنه مساعد زوجها وإنما كخادم له . وقد نضج قلم " فاراداي " بالمرارة وهو يجط شكواه إلى أحد أصدقائه في هذا الخصوص : " إنها امرأة عدوانية متسلطة ، تسعى دائما إلى تجريحي وإذلالي " . وكانت هي كذلك فعلا ، فقد كانت تستغل كل فرصة متاحة " لتعرفه قيمته " ، ناسية أن زوجها نفسه كان قد صعد منذ وقت قريب من مكان مماثل ! . ووصلت في النهاية إلى قمة مضايقاتها الحمقاء وكان ذلك في " جنيف " . فقد دعا الفيلسوف السويسري " دي لاريف " عائلة " دافي " للغداء كما دعا " فاراداي " وخصص مكانا لفاراداي على المائدة دليلا على مساواته له ببقية المدعوين . وهنا ثارت ثائرة زوجة " دافى " واعترضت على تلك المساواة وأصرت على أ؟ن " فاراداى " إنما هو خادم زوجها ، وبوصفه هذا يجب أن يرغم على أن يأكل مع غيره من الخدم .

وعندئذ أمر " لاريف " لكي يظهر اشمئزازه من تصرف زوجة " دافي " ، بأن يتناول " فاراداي " عشاءه في حجرة منفصلة كما يليق بكرامة فيلسوف شاب يربأ بنفسه عن مستوى المشاحنات التافهة التي يقوم بها رفاقه . وكان "فاراداى " يبتلع ذلك الإذلال بعد أن يخففه بكثير من الفلسفة ! . وزودته هذه التجربة بخبرات أفادته مستقبلا .

قطر الندى
06-27-2010, 10:55 AM
تضحية ...

كان نبوغ " فاراداى " في ميدانى الكيمياء والكهرباء قد أدهش إنجلترا كلها ، وكانت المحاكم لا تكف عن طلب خدماته كخبير فني . وقد استجاب لهذه الطلبات فترة قصيرة وكسب من ذلك مالا كثيرا مقابل شهاداته الفنية . وكان من الممكن – كما نصحه زملاؤه – أن يكسب المزيد ، ولكنه نفض يديه من ذلك الموضوع تماما حتى يكون حرا في متابعة أبحاثه العلمية .

وحدث في عام 1827 أن آتته فرصة أخرى للنجاح الدنيوي ، فقد عرض عليه كرسي أستاذيه الكيمياء في جامعة " لندن " ولكنه رفض هذا العرض – رفضه ليس تعاليا وإنما لأن أبحاثه العلمية في المعهد الملكي كانت تتطلب كل وقته وجهده .

ومن طريف ما يذكر أن مرتبه في المعهد الملكي آنذاك كان ... كم يا ترى . إنه رفض كرسي الأستاذية بجامعة " لندن " حيث المال الوفير والمركز المرموق ، لذا فلا بد وأن يكون مرتبه في المعهد كبير جدا – كلا كان قليل ! . كان مرتب تافه لأعظم المستكشفين في عصره ولكن على العموم فقد كان ذلك هو كل ما يستطيع مديرو المعهد الملكي أن يدفعوه نظرا لعدم كفاية مواردهم المالية ، وفي ذلك كانوا يقولون : " إننا نعيش على ما يمكننا بشره من جلودنا ! " .

كانت تلك إذن تضحية كبيرة من " فاراداى " من أجل العلم ، وكان يتحملها بنفس راضية وسور عظيم ، ذلك أن " فاراداي " لم يكن يعتبر نفسه شهيدا وإنما كان يستمتع بكل ما في حياته من بساطة وبما فيها من اكتشافات سارة . وكان كلما اكتشف حقيقة أو توصل إلى قانون يقفز ويصيح كما يصبح الأطفال . وكان يحب التسلية واللهو كما يحب الكدح والعمل ، وكانت تسليته ولهوه تتمثلان في المسارح يرتدي جلبلب نوم وطاقية ! . كما تتمثل في الرحلات القصيرة بين حين وآخر إلى الريف لحضور مهرجانات تقشير الذرة أو جز الأغنام !..

وهكذا نرى في فاراداي متجولا رشيق الخطى في معمل الحياة الواسع ، مثل طفل صغير لعوب مفكر دقيق الملاحظة . وكان قصيرا قصرا واضحا ولكنه ثابت العزيمة متين البنيان . وكان شعره البني مفروقا من الوسط تغطيه قبعة صنعت خصيصا من أجله لان رأسه كانت مستطيلة من الامام إلى الخلف بصورة غير عادية ، وكان صوته رنانا وفمه واسعا يدل على الشهامة ، وكانت الفكاهة تدل من عينيه والضحك يملأ قلبه – هل ياترى تنطبق بعض هذه الصفات على قصار القامة ... لست أدري!



وفاء ...

كان فاراداي أمينا وصريحا ، وكانت هاتان الصفتان سبب مجده وسبب كبوته في آن واحد !. فعندما كان زملاؤه في المعهد الملكي يسألونه عن رأيه في أعمالهم كان يعطيهم تقديره الصريح بدلا من أنت ينطلق في مدحهم بدون تحفظ . وقد جلبت له هذه الامانة والصراحة عدد غير قليل من العداوات ، وكان من بينها بل من أهمها عداوة ذلك الرجل الذي كان أستاذه في يوم من الأيام .

فقد كان من أهم اختراعات سير همفري اختراعه مصباح الأمان وهو مصباح يستخدمه عمال المناجم لينبههم إلى زيادة نسبة الغازات القابلة للانفجار في جو المنجم . وكان سير همفري يقول عنه أنه لن ينفجر أبدا ، ولكن عندما فحص فاراداي مصبح الأمن هذا وجده أنه لن يكون مأمون الجانب دائما ، وأرسل تقريرا بهذا المعنى إلى اللجنة البرلمانية التي كانت تفحص المخاطر التي تتعرض لها المناجم البريطانية . وقد رأى فاراداي – بإرساله تقريره هذا – أن حياة عمال المناجم أهم بكثير من المحافظة على سمعة أستاذه .

ولكن دافي كان له رأي آخر ، ومن ثم استنكر هذه الثرثرة من جانب خادمه السابق استنكارا شديدا ، وبدأ يطعن في كفاءة هذا العالم الشاب وفي مقدرته على الحكم على استاذه . واستمر بضع سنوات وهو يكن ضغينة لفاراداي ، ثم تمكن في آخر الأمر من الانتقام . فقد اقترح عدد من المعجبين بفاراداي ترشحيه لعضوية الجمعية الملكية ، تلك الجمعية العلمية التي كان يرأسها سير همفري وعندما عرض اسم فاراداي للتصويت عليه أعطيت له جميع الأصوات عدا صوت واحد هو صوت السير همفري دافي وكان هذا الصوت الوحيد المعارض لا يكفي طبعا للنيل من سمعة فاراداي في الوقت الذي لوث فيه اسم دافي نفسه كثيرا . ما موقف فاراداي – والحال كذلك – من أستاذه ؟ هل يعلن حقده عليه ؟ إن فاراداي – مع ذلك – لم يحمل أي حقد ضد أستاذه السابق وخصمه الحالي ، وفي ذلك يقول جان دوماس في كتابه تقريظ التاريخ : " إن فاراداي لم ينس أبدا ما هو مدين به لدافي ".

وبعد بضع سنوات كان فاراداي يتحدث مع دوماس في مكتبة المعهد الملكي ، وكان سير همفري قد مات ، وفجأة أشار فاراداي إلى صورة سير همفري وقال في صوت يختلج بالعاطفة : " هاك يا صديقي أحد الرجال العظام ".

قطر الندى
06-27-2010, 10:57 AM
هل حقا يحول الحب الفلاسفة إلى بله ؟؟؟!!!!

خفق قلب فاراداي للحب ... حب من يا ترى ؟؟ أنها فتاة رقيقة تدعى سارة برنارد . وكان فاراداي في باكورة حياته يهاجم الحب وقد حرجه في مذكراته قائلا :" ما هو الحب ؟ إنه شئ مقلق لراحة كل الناس ، ماعدا الطرفين اللذين يهمهما الأمر " . ولكنه أصبح الآن مصرا على إعلان حبه حتى ولو أقلق راحة حبيبته ! ، وعندما أرسل إليها خطابا يعرض فيه الزواج منها ، كتبت هي في هامش الخطاب " إن الحب يحول الفلاسفة إلى بله ".

ولكن الفيلسوف أصر على بلاهته ، ووافقت سارة ، وكان ذلك بدء سعادتهما التي استمر طوال حياتهما ، فقد اتضح أن هذه الزوجة كانت بمثابة النصف المكمل لزوجها تماما . فقد كان فاراداي لا يهتم بالمال أبدا ، فإن سارة لم تكن تكترث به كذلك . وقد استمرت ما يقرب من نصف قرن وهي تعتني بجسمه في حنو ، تاركة عقله يحلق حرا طليقا في دنيا البحث العلمي .



بسيط .... حتى النهاية !

بدأت قوى فارادي التي أجهدتها تجاربه المرهقة تخور من جديد ، ومع تضاؤل قواه بدأ يلاحظ ضعفا تدريجيا في ذاكرته ، وهو يشي إلى تلك العلة ، بما عرف عنه من دعابة لطيفة ، في إحدى رسائله إلى صديقه شينباين فيقول :" ليس لدي شك في أن ردي على خطابك كان غير كاف مطلقا ، ولكن ارجو يا صديقي العزيز أن تتذكر أنني انسى وأنني لا يمكني أن أمنع ذلك إلا بمقدار ما يمنع الغربال الماء من النفاذ خلاله ".

وبطابعه الفكاهي اللطيف أخذ يرقب نبع حياته وهو يغيض ، وقد قال " المهم هو أن نعرف كيف نتقبل كل شئ في هدوء "

وحدث ذات يوم أن أرسل أحد موظفي دار المسكوكات الملكية ليجري تجربة في معمل المعهد الملكي ، فلفت نظره رجل يلبس حلة رثة وهو يرقبه وفي عينيه نظرة عجيبة ، فقاله الموظف : أظن أنك تعمل هنا منذ سنين ؟

وأجاب فاراداي : نعم سنين طويلة جدا .

- وما عملك هنا ؟ فراش ... أم شئ من هذا القبيل !

- شئ من هذا القبيل .

- وما اسمك يا صديقي ؟

- ميشيل فاراداي .

أجل ، إنه ميشيل فاراداي ، البسيط حتى النهاية.

قطر الندى
06-27-2010, 11:01 AM
بناءا على طلب عاشق الفيزياء سيكون العالم الذي سنتحدث عنه لاحقا بمشيئة الله ألبـــــــــــرت آنيشتاين ...

قطر الندى
06-27-2010, 11:05 AM
كلامك صحيح أختي فاطمة وذلك لان مستوى تفكيره أعلى منهم ... وبعد موته عندما يصل عدد من العلماء الى نفس النتيجة التي وصل اليها يتذكرون أن قبلهم من وصل الى هذه النتيجة ولقى الاستهزاء والسخرية


راشون محمود .... تشكـــــــــــــــــر لمرورك ..

قطر الندى
06-29-2010, 07:11 PM
العبقري .......... البليد





البرت أينشتاين





1879 – 1955











طفل .......شاذ








ولابد بأن يكون كذلك . فالذي قلب المفاهيم الع8لمية رأسا على عقب وشكك في كل ما هو بديهي ومسلم به ، وأتى بأفكاره ما يشبه السحر ،و.... لابد وأن يكون من يومه طفلا شاذا.





ولكن ما وجه شذوذه : في العبقرية أم في البلادة ؟ في البلادة طبعا . كيف ذلك ؟!





إنه بالطبع من وجهة نظر مدرسيه الذين كانوا يرسلون تقارير إلى ولي أمره يشكون فيها من أن ابنه بطئ التفكير ، غير اجتماعي ، تائه دائما في أحلامه الحمقاء !. كل هذه النعوت والصغير البرت لا يدري شيئا عن قلق والديه ومدرسيه بخصوصه . بل كان يشعر بحيوية متدفقة ، ويهيم في عالم مملوء بالتأملات ، ينظم الأغاني في التسبيح بحمد الله .





وكان الطفل البرت شاعريا بطبعه تهيّج الموسيقى مشاعره ، فكان عندما يعزف على الكمان عيناه تلمعان ويداه ترتجفان أكثر كثيرا مما قد يفعل الطفل العادي سليم الجسم . وكثيرا ما كمان يقف كما لو كان في غيبوبة المسحور عندما تعزف والدته على البيانو إحدى قطع بيتهوفن أو موزار . ولكن عندما يتحول الحديث إلى السياسة ويتكلم الناس عن بسمارك ( صاحب سياسة الدم والحديد المشهورة ) ونهضة الإمبراطورية الألمانية ، فإن الخوف كان ينتاب البرت ويضطره إلى مغادرة الغرفة .





لقد كان طفلا شاذا حقا لا يشبه أن يكون ابنا لمهندس كهربائي . وذات يوم سارت فرقة من جنود القيصر في شوارع ميونخ ، وتجمع الألمان في النوافذ يهتفون ويصفقون وكان الأطفال على وجه الخصوص مفتنونين بالخوذات اللامعة ، ولكن البرت – على عكسهم - كان يرتعد ويحتقر تلك الوحوش المحاربة ويخشاها . وأخذ يتوسل إلى والدته أن تحمله بعيدا إلى بلاد أخرى حتى لا يصير واحدا من هؤلاء.








لا ........... لن أكون مهندسا !





كان البرت وحيدا إلا من صحبة كتبه ، وقد مد يده عبر القرون وكون صداقات مع إقليدس ونيوتن وسبينوزا وديكارت ، هؤلاء الرياضيين والفلاسفة الذين كان قد أتقن دراسة أعمالهم ومؤلفاتهم قدبل أن يبلغ سن الخامسة عشر !. كذلك كان يعشق الشعراء والموسيقى من أمثال هايني وشيللر وبيتهوفن وموزار وباخ فهنا كان يجد عالما من النظام والانسجام ، وكان ذلك نوعا من المنطق الباسم لروح ذلك الغلام الحساسة التي حيرتها الصفات الغير منطقية من جانب مدرسيه وزملائه التلاميذ وانتقلت أسرة البرت إلى ميلانو بإيطاليا وبقى وحده وحيدا في ميونخ . وكان يزور ميلانو في أيام عطلته فوجد أن جو الحياة هناك يتفق مع روحه الحالمة . وقد تخلى عن جنسيته الألمانية ، ولكنه لم يطلب الجنسية الايطالية لانه كان يرغب في أن يظل حرا ، مواطنا عالميا .





وقد انزعج والده من غرابة أطواره . وكان يرى أن الوقت قد حان لكي يتحمل البرت مسئولياته كرجل ، فهو الآن قد بلغ السادسة عشر من عمره ، وقد حثه والده أن ينسى هذيانه الفلسفي هذا وأن يتجه إلى حرفته هو ، حرفة الهندسة الكهربائية ، ولكنه أبى .

قطر الندى
06-29-2010, 07:13 PM
حتى أنت ..... يا بروتس ؟؟؟؟!!!!!








ومن بروتس ؟؟؟ ومن غير اينشتاين يكون ؟؟؟ وما المناسبة ؟؟؟





المناسبة أنه رسب في الامتحان أيضا مثله في ذلك مثل الكثير من العلماء الآخرين ... ولكن ما القصة ؟؟؟





القصة هي أن هناك تعارض في وجهات النظر بين البرت وابيه من حيث اختيار مهنة المستقبل كما أسلفنا . فبينما الوالد كان يرى ضرورة اشتغال ولده بحرفة معينة وهي الهندسة الكهربائية ، فإن الولد كان يهوى التخصص في الرياضيات . وقد تغلب عناد البرت في النهاية وسمح له والده في أن يتخصص بما يريد ، ومن ثم تقدم إلى امتحان القبول في اكاديمية الفون والصناعات في زيورخ ولكنه رسب .... كيف يرسب من سيصير أعظم علماء عصره بل وغيره من العصور ؟! إن السبب يرجع إلى عدم معرفته الكافية باللغات الأجنبية .





وهنا يثار سؤال يفرض نفسه : هل كتب على كثير من العلماء في طفولتهم بالغباء حتى يرسبوا فيما دخلوه من امتحانات ؟ فهذا " مندل " يرسب في الامتحان مرتين ، وذاك " باستير " لم يكن يأمل فيه معلميه خيرا ، حتى " اينشتاين " لم يكن أوفر منهم حظا بالنسبة لذلك الأمر ! . إن الإجابة على هذا السؤال تقتضي ضرورة توضيح أن السبب الحقيقي يكمن في أن رسوبهم لم يكن لضعف في قدراتهم أو قصور في استعداداتهم ، أبدا بل على العكس من ذلك فإن رسوبهم يرجع إلى تفوق هذه القدرات وعلوها على مستوى الممتحنين وتحرر العلماء " الأطفال " في إجاباتهم وثورتهم على المفاهيم العلمية التقليدية التي تحكم تفكير المصححين وتقولبهم في قالب محدود .





ونرجع ثانية إلى " أينشتاين " لنعرف ماذا حدث له بعد رسوبه . كان طبيعيا أن يرجع ثانية إلى المدرسة الثانوية لدراسة علم النحو والصرف ، وبعد فترة قصيرة من الدراسة المجدة المركزة لحروف الجر واسم الفاعل واسم المفعول ، تقدم مرة أخرى لامتحان القبول في أكاديمية الفنون بزيوريخ . وفي هذه المرة نجح .








دروس .. خصوصية !





مرة أخرى ، حتى أنت يا بروتس ! ولكن ما المناسبة ؟ المناسبة أن كثيرا من العلماء قد لجأوا إلى إعطاء تلاميذهم دروس خصوصية مثل " جاليليو " و " باستير " . حتى " أينشتاين " نفسه لجأ إلى ذلك فترة من الزمن ولكن دون أن يحقق نجاحا ! ولكن ما السبب الذي جعله يلجأ إلى إعطاء دروس خصوصية ؟ لقد قرر أن يعد نفسه ليصير مدرسا للرياضيات وعلم الطبيعة ، وأخذ يلتهم بنهم كل كتاب يستطيع العثور عليه عن هذه الموضوعات . وقد انتهى من دراسته حصل على إجازة التدريس ولكنه لم يحصل على منصب في التدريس فقد كان يهوديا ، وكلما تقدم لطلب وظيفة فإنه كان يواجه بنفس الرد المراوغ " إنني شخصيا ليس لدي اعتراض ولكن هناك آخرون كما تعرف " .





فشل " أينشتاين " ، كما قلنا ، في إعطاء دروس خصوصية لبعض التلاميذ . ولكن لابد من أن يبحث عن عمل آخر ، فحصل على عمل كتابي في مكتب تسجيل الاختراعات السويسري في مدينة " بيرن " ، وكان يجلس منحنيا فوق مكتبه ساعة بعد أخرى وهو يجمع الأرقام ويحلم بالنجوم ويسجل ذلك في أوراق خاصة به سرعان ما كان يقذف بها إلى سلة المهملات خشية أن يراها مخدومه الذي يرى فيه ، رغم ثقافته ، مجرد " تخمينات نظرية فارغة " من جانب مستخدمه الشاب . ولكن " أينشتاين " كان يرى أن هذه الدراسات لا يمكن أن تكون بأية حال منة قبيل التخمينات الفارغة – عندك حق يا " أينشتاين " كيف تكون فارغة وكانت إحداها تحوى في داخلها سر القنبلة الذرية !!

قطر الندى
06-29-2010, 07:16 PM
سلم .. أينشتاين !








شرع " أنيشتاين " في العمل للتحقق من المبادئ الأساسية لنظرية النسبية وإتقانها ، وكانت أبسط حادثة منزلية كافية لجعله ينساق في تيار جديد من الأفكار ذات المغزى .





فقد ارتقى ذات مرة سلما خشبيا ليغير صورة على الحائط ، ولكنه لشرود فكره نسى المهمة التي كان يقوم بها فأفلتت قدمه من فوق السلم وسقط على الأرض ، وعندما نهض على قدميه شرع يتأمل ويفكر في أسباب ذلك الانقلاب .





وقد قدر لسقوط السلم الخشبي في غرفة " أينشتاين " العلوية هذه أن يلعب دورا في العلم لا يقل أهمية عن سقوط التفاحة في حديقة " نيوتن " .





وحدث في هذه المرة ، كما حدث عند تحليله للحركة والفضاء والزمن ، أن توصل إلى نتائج مذهلة ، فأعلن أن علماء الطبيعة كانوا يخطئون خطأ أساسيا عندما يعتقدون أن الأجسام " تسقط " بمعنى أنها " تجذب إلى الأسفل " نحو مركز الجاذبية . وإذا نظرنا للأمر نظرة علمية لوجدنا أن أي جسم لا يجذب أبدا إلى أسفل ، بل إنه ليس هناك في الحقيقة شيء يدعى " أسفل " أو " أعلى " في الكون . بل أن " حركة الأجسام الناتجة فقط عن ميل المادة إلى سلوك الطريق الذي تجد فيه أقل مقاومة " .





وعندما تتحرك الأجسام خلال الفضاء فإنها تختار ، بناء على ذلك ، أسهل المسالك وتتجنب أصعبها وليس هناك سبب يحملنا على فرض وجود جاذبية مطلقة خلال الفضاء ، كما أنه ليس هناك سبب لفرض أبعاد مطلقة للزمن . وكما أن هناك جداول بمواعيد محلية للزمن ، كذ1لك توجد أيضا مجالات محلية للجاذبية ، ولكن هذه المجالات ليس لها قوة أو جذب غامضان ، بل إن كل كتلة من المادة – كالشمس مثلا – تخلق عند مركزها تقوسا أو " التواء " في الفضاء المجاور لها فتجعله على شكل " تل " بينما تتحرك كتل المادة التي تكون مجاورة لذلك التل – كالأرض مثلا وغيرها من كواكب المجموعة الشمسية – حول منحدرات ذلك التل لسبب واحد بسيط وهو أن ذلك هو أسهل المسالك التي يمكنها سلوكها .





وقد أثبت " أينشتاين " نظريته هذ1ه عن " تقوس " الفضاء بواسطة سلسلة من الصيغ والمعادلات الرياضية . والنقطة الرئيسية في تلك النظرية هي كما يلي :





" إن أقصر بعد بين نقطتين ليس خطا ( مستقيما ) ولكنه خط ( منحنى ) حيث إن الكون كله يتكون من سلسلة من التلال المقوسة . وكل الأجسام في هذا الكون تتحرك حول المنحدرات المنحنية لتلك التلال ، ولا يوجد في الواقع شيء في كوننا هذا يقال له الحركة في خط مستقيم . إن شعاع الضوء الذي يسافر نحو الأرض قادما من نجم بعيد ينحرف في مساره عندما يجتاز منحدر تل الفضاء الموجود حول الشمس " .





وقد حسب اينشتاين ، رياضيا درجة هذا الانحراف بالضبط ، ولكن ما الدليل على صحة حساباته ؟ حدث ؟أن كسفت الشمس كسوفا كليا في عام 1919، وكان فرصة نادرة ليصور العلماء اتجاه ضوء النجوم أثناء الكسوف ، وكم كانت دهشتهم عندما وجدوا أن الصور التي التقطوها تؤيد ما تنبأ به اينشتاين حتى العلامة العشرية للرقم الذي قام بحسابه في معادلاته الرياضية ، فقد انحنى شعاع الضوء فعلا بالطريقة والمقدار الذي حدده اينشتاين في حساباته .





ومن طريف ما يذكر هنا أنه عندما وصلت الصور الفوتوغرافية التي التقطها علماء الفلك الفى اينشتاين نظر إليها وفي عينيه لمعة متهكمة وقال ": الآن وبعد أن ثبتت صحة نظريتي ،فإن ألمانيا ستقول انني ألماني ، أما فرنسا ستعلن أنني مواطن عالمي . أما لو كان ثبت خطأ نظريتي ، إذن لقالت فرنسا إنني ألماني ، وقالت ألمانيا إنني يهودي !!!"





أجل من التفاحة ومن السلم ، ومن أبسط الأشياء يتعلم العلماء !.


وأجل مع المنتصر فقط دائما الناس يكونون !!!.








اينشتاين نجما سينمائيا !








اينشتاين ؟! أحل اينشتاين ، ونجما في هوليود ! إذا لم يقتصر الإعجاب به على العلماء فقط ، وإنما امتد ليشمل الملايين من عامة الشعب في جميع أنحاء العالم . فقد ابرقت النتائج التي حصلت عليها بعثة الفلكيين إلى كل الصحف ، وبعدها ظل مشغولا بما يتطلبه وضعه الجديد كعالم معروف من مقابلات ومايعرض عليه من عروض وكان من بينها عرضا للاشتراك في أحد الافلام مقبل أجر مقداره اربعون الف دولار أسبوعيا ! وهل قبل ؟


لم يقبل طبعا . وكان يبدي دهشته وحيرته لزوجته قائلا :" إن ذلك الأمر لن يستمر ،إنه لا يمكن أن يستمر ، إن الناس قد اصابهم لوثة مؤقته وغدا سوف ينسون كل ذلك ".

قطر الندى
06-29-2010, 07:17 PM
عدو .......... الشهرة !








كانت الشهرة هي آخر ما يتمناه اينشتاين . وعندما أخذت شهرته المؤلمة في الازدياد يوما بعد يوم ، أصبح منزعجا فقد كان يأمل في أن يقضي حياته كلها في البحث الهادئ . ولكن ماذا يريد الناس منه ؟ ولماذا لايسمحون له بأن يعيش مثل أي انسان آخر ؟ ياله منت عبث بربري!ّ " إن كل الناس يتكلمون عني ، ولكن أحدا لا يفهمني !!" ، كان هذا هو تعليق اينشتاين على هذا الأمر .





ولم يكن أحدا يهتم فعلا بأن يفهم ذلك الساحر العجيب الذي يتلاعب بالافكار الرياضية . فقد حدث أن ذات مساء قدمت إحدى الفتيات خطيبها إلى راعي الكنيسة ، وفي اليوم التالي قابل القسيس العروس ( أو من ستصير عروسا ) وانتحى بها جانبا وقال لها :" إنني راض عن الشاب الذي اخترته لنفسك من كل ناحية ما عدا امرا واحد وهو أن تنقصه روح الفكاهة ، فقد طلبت منه أن يشرح لي نظرية اينشتاين عن النسبية فحاول فعلا أن يشرحها لي !"





ولكن طوفان الشهرة آخذ في مده وفي ارتفاعه حتى وصل ذروته لدرجة انه لم يكن يستطيع أن يقوم بنزهته اليومية في الطرقات بدون أن يجد نفسه محاطا بالمصورين ومراسلي الصحف والباحثين عن التوقيعات ، وكانت تصله سلاسل من الرسائل في كل يوم إلى شقته الصغيرة في برلين . وكانت الرسائل تأتيه من كل صنوف البشر : من رجال السياسة المشهورين ، ودعاة السلام المغمورين ، والعمال المتطلعين ، والسيدات التي هجرهن ازواجهن !.





وانهالت عليه مرة أخرى العروض . فمن شاب يتطلع في أن يكون حواريّ له في التأمل الكوني ، ومن ممثل يلتمس منه أن يصير مدي أعمله ، ومن صانع السجائر ينتج صنفا جديدا من السيجار اسماه نسبية .


" عجبا ودهشة إن الجمهور ينظر الي كما ينظر إلى حيوان جديد عجيب ظهر في سيرك العالم " ! هكذا كان تعليق اينشتاين نفسه على طوفان الشهرة الذي احتواه .








.... والثروة أيضا !








كان اينشتاين يمقت الثروة قدر مقته للشهرة . ذات مرة أرسل إليه رئيس تحرير مجلة أمريكية ناجحة يعرض إليه أجرا مذهلا ثمنا لمقال يكتبه عن أي موضوع يختاره . ترى ماذا فعل ؟ هل هرول إلى قلمه وقراطيسه يخط عليها بعضا من أفكاره عن الكون أو غيرها من الأفكار ؟ كلا ، لقد قفزت دموع الغضب إلى عينيه وهو يصيح في زوجته :" هل يظن ذلك الرجل الوقح إنني ممثل من ممثلي الشاشة يتقمص شخصية أي دور يسند إليه ؟"

قطر الندى
06-29-2010, 07:19 PM
محاضرة ..... بالسروال !!








ذهب اينشتاين ليلقي محاضرة في جامعة برلين وهو يرتدي صندلا وسروالا قصيرا من سراويل الألعاب الرياضية . يالها من بساطة ! والحق أن بساطته لم تكن قط مجرد تظاهر مسرحي من جانبه . فقد حدث أن دعته ملكة بلجيكا لزيارتها ، ولم يكن يتوقع أبدا أن ستكون في استقباله في محطة السكة الحديدية لجنة استقبال من كبار رجال الدولة في سياراتهم الفارهة ، ومن ثم فقد ترجل من القطار وفي إحدى يديه حقيبة ملابسه وفي الأخرى كمانه ، وشرع يسير على قدميه نحو القصر .





وعبثا حاول علية القوم البحث عنه في المحطة ، ولما استيئسوا من العثور عليه خلصوا نجيا وعادوا أدراجهم إلى الملكة يخبروها بأنه يبدو أن اينشتاين قد غير رأيه فيما يختص بالمجيء . وعند ذلك لمحوا شبحا مغبرا لرجل قصير أشيب الشعر قادما من بعيد ، وعندما سألته الملكة :" لماذا لم تستعمل السيارة التي أرسلتها إليك يا دكتور ؟!" أجابها بابتسامة ساذجة :" لقد كانت نزهة جميلة تلك التي قطعتها على أقدامي يا صاحبة الجلالة ".








جمهورية .... الذوق واللياقة !








كان اينشتاين ، كما أسلفنا ، يكره الثروة وكان يقول دائما :" إنني مقتنع تماما بأن أي مقدار من الثروة في العالم لن يستطيع أن يدفع البشرية للأمام " ولكن ماذا يحتاج العالم يا اينشتاين ؟" إنه السلام ... شئ لا يمكن شراؤه بالمال ".





لذا عندما انتهت الحرب حاول أن يشيد حلمه عن السلام العالمي فوق اسس من الحقيقة . فأخذ على عاتقه إلقاء سلسلة من محاضرات التوفيق بين بلاده والبلاد المعاديه لها . وفي الوقت الذي كان من الخطر أن يتكلم فيه الناس باللغة الالمانية في شوارع باريس أخذ هذا المحب للسلام يشرح فلسفته الكونية بصوته الوديع الرقيق ، واكتسب عواطف مستمعيه وجعلهم يعطفون على مواطنيه من الألمان . وعندما تقدم إلى منصة المحاضرات في لندن قابله الجمهور في البداية بعداء صامت لكونه ألمانيا . ولكن هذا العداء سرعان ما ذاب متحولا إلى تسامح ثم ازداد التسامح وتطور إلى ترحيب صاخب . وكانت عالمية تفكيره تجعل الناس يخجلون من تفكيرهم الاقليمي التافه . فقد كشف لهم عن النظام البذيع المتناسق للنجوم ، وتنبأ بأنه سوف يجئ اليوم الذي يوجد فيه نظام متناسق مماثل بين أمم الأرض كلها .





وقد قابل رئيس وزراء فرنسا آنذاك وناقش معه ضرورة عقد ميثاق فرنسي – ألماني لانهاء الكراهية بين الأمتين . وقبل منصب ممثل لألمانيا في عصبة الأمم للتعاون الفكري ، وبحث مع هنري برجسون بناء جمهورية الذوق واللياقة التي كان الرجال ذوو النوايا الطيبة ميالين إلى إقامتها في العالم كله .





ولكن هل يسلم اينشتاين من اعداء السلام ؟ كيف وهذه سيدة روسية من النبيلات ، تؤكد الأطماع الاستعمارية ، تنوي اغتياله لتتوقف مسيرة الحمام التي يقودها ويتدفق تيار الدم . كذلك ارتفعت الصرخات هذه على أساس أصله العنصري . وكانت معادة اليهود قد طغت وانتشرت في ألمانيا بعد الحرب ، وذهل اينشتاين لما رآه من التعصب الوحشي عند مواطنيه الألمان . وأخيرا عندما وجد اسمه قد صار بارزا في القائمة السوداء للسفاحين من أنصار الحزب النازي في ألمانيا ، عبر الحدود إلى مرفأ أمين في هولندا .

قطر الندى
06-29-2010, 07:20 PM
الأمل.... في الصغار !





يمم اينشتاين وجهه شطر الشرق قاصدا الهند وهناك كانت الصدمة . فقد رأى الملايين من البشر يعملون عبيدا بالمعنى الحرفي للكلمة . لقد كانوا يحملون زملائهم في البشرية وينقلونهم من مكان لأخر فوق ظهورهم . ورفض أن يكون شريكا في مثل هذا الامتهان لكرامة الإنسان ، فلم يركب مثل هذه العربات التي كان يجرها الرجال بدلا من الخيول مطلقا . ثم ذهب إلى الصين ، ورأى من هون الإنسان كذلك ما رأى ... لقد رأى الرجال والنساء والأطفال وهم يرفعون أصواتهم بالأنين أثناء عملهم في مصانع القطن . ثم زار اليابان ، فكانت هذه الزيارة هي ثالثة الأثافي كما يقولون ، ومن ثم وجه اهتمامه إلى الأطفال أكثر من الكبار .





لقد تقبل من الصغار ما قدموه إليه من دفاتر تحوي رسوماتهم ، واستمع إلى حديثهم في سرور . وقد قال :" إن أمل العالم يتركز في الأطفال ويجب ألا نربيهم على الكراهية والحقد . إنهم يجب إلا يسيئوا أبدا استخدام الانتصارات التي أحرزها الجنس البشري بعد طول عناء ".





ثم خاطب أصدقاءه الصغار :" دعونا نأمل في أن يتمكن جيلكم من أن يجعل جيلنا يخجل مما فعل !"








الترسانة ........... المزعومة !








أخذ الفيلسوف العازف ، جواب الآفاق ، يتجول ومعه صيغه الرياضية وكمانه ، فذهب إلى فلسطين واسبانيا وأمريكا الجنوبية ، حتى وصل أخيرا إلى الولايات المتحدة . وهناك وجد بلادا يعيش فيها صنوف البشر معا في صداقة جميلة . وذات يوم من أيام نوفمبر 1932م ، بينما كان اينشتاين يتحدث إلى فريق من العلماء على شاطئ المحيط الهادي تفجرت قنبلة ،. قنبلة ! كيف ؟! إن تفجير القنبلة لم يأتي إلا نتيجة لتطبيق إحدى معادلات اينشتاين نفسه عام 1945!. إن القنبلة التي تفجرت آنذاك لم تكن في اليابان ، وإنما كانت في برلين ، فقد استولى أدولف هتلر على مقاليد الأمور في ألمانيا .





وكانت الحكومة الألمانية تأمل في أن يحصل على تأييد باني الأكوان هذا للنظام النازي . ومن ثم فقد رجت من اينشتاين أن يعود لألمانيا وسيتغاضى هتلر عن كونه يهوديا . هل يقبل اينشتاين ؟ لم يقبل طبعا ، وكيف يقبل وقد قبلت استقالته من جامعة برلين وطردوه من موطنه غير مأسوفا عليه ..





وهل يسكت هتلر ؟؟ كيف ذلك ؟ لقد رصد هتلر جائزة مقدارها عشرون ألف مارك لمن يأتي برأسه وهاجمت بالفعل عصابة من جنود العاصفة منزله الصيفي في كابوت بتهمة أنه يخفي هناك أسلحة وذخيرة لاستخدمها في قلب نظام الحكم بالقوة !! ....





وماذا وجد المهاجمون في تلك الترسانة المزعومة ؟..





مجرد سكين قديم لقطع الخبز علاه الصدأ من طول إهمال ..

قطر الندى
06-29-2010, 07:22 PM
الأنفاس ......... والدخان !








تسلم اينشتاين أوراق الجنسية الأمريكية وقبل منصب أستاذ في برنستون بالولايات المتحدة ، وهناك كان يأمل في أن يواصل بسلام وهدوء منهجه الأكاديمي القديم عن الأحلام الكونية والصداقة بين البشر .





ولكن كيف أنتا الآن يا اينشتاين ؟... هادئ وديع ، متفائل ، وذلك على الرغم من شعره الذي أبيض من زمن طويل ، وعينيه اللتين تحملتا الهموم ، والتجاعيد العميقة التي تغطي جبهته وتجعله يبدو أكبر سنا عما هو في الحقيقة .





وكأنى أراه في ذلك الوقت يجلس في عتمة مكتبه وهو يدخن غليونه ، على الرغم من أن طبيبه يحذره من إفراطه في التدخين أكثر مما يحتمل قلبه الضعيف . ولكن كيف يجد من هذه العملية القاتلة وقد توفيت زوجته الثانية الزا التي كطانت تتكفل بمثل هذه المهمة .





ويدور الدخان المتصاعد من غليونه في دوائر حلزونية معقدة تحير عقل ذلك العالم الحالم الفيلسوف ، إنه لسر عجيب يستعصي على التفسير ، سر هذا الكون وما به من دوائر الدخان ودوامات السلام وأجيال البشر الذين يحقدون ويحاربون .





وكانت النهاية ... في يوم 18 أبريل عام 1955 م وفي مدينة برنستون بالولايات المتحدة خارت قوى العقل الجبار ، وتهادت خفقات القلب الضعيف ، وذبل عود الجسد النحيل ، ولفظت الأنفاس كما تلفظ دوائر الدخان ...!





ولم ينس اينشتاين – قبل أن يموت – أن يوصي بمخه للبحوث العلمية .\


وكانت هذه آخر هدية قدمها إلى الدنيا .








عندما يخطئ ...... اينشتاين !








وقضى اينشتاين نحبه ، وبعد أن خطأ نيوتن جاء بعده من يخطئه . ولا يعتبر هذا هزيمة للعلم وإنما نصرا له ، ذلك أن العلم يعتمد على مبدأ تصحيح الذات .





ولكن ما الخبر ؟؟





ذكر رواد الفضاء الأمريكيون في جامعة أريزونا أن اينشتاين قد أخطئ في حساباته الخاصة بالتذبذبات الصغيرة في مدار كوكب عطارد حول الشمس .


فقد بين كل من فليب جود وهنري هيل وراندال بوس في تقريرهم الذي قدموه لمؤتمر الجمعية الملكية لعلم الفلك اللتي عقدت في دبلن بأيرلندا ، أن هذا الخطأ يقدر بنحو واحد في المائة !.














ترى ماذا يكون رد اينشتاين لو كان سمع







بمثل هذا الخبر ؟؟؟!!!!

قطر الندى
06-29-2010, 07:27 PM
سأتحدث لاحقا عن العالم الملقب بأبو القنبلة الذرية ....

Fatima Ashraf
06-30-2010, 05:56 PM
في كل موضوع جديد أعجب أكثر و أكثر بطريقة الكتابة الرائعة ، و يكمن ذلك في أنني لطالما قرأت عن سيرة العالم الرائع " أينشتاين"و لكنني في هذا الموضوع أقرأ معلومات جديدة عنه لأول مرة أعرفها ..و لكن من فضلك أود توضيحا لما يتعلق بأن أقصر بعد بين نقطتين ليس هو الخط المستقيم و إنما المنحنى (على الرغم من أننا درسنا غير هذا في الهندسة و الفيزياء ، و قمت بالتجربة العملية فأثبتت الأمر ذاته )...... و شكرا

Fatima Ashraf
06-30-2010, 06:00 PM
أظن أنه روبرت أوبنهايمر (أبو القنبلة الذرية)

قطر الندى
06-30-2010, 08:59 PM
تشكـــــــــــــــر لمرورك أختي فاطمة ......... اجابتك صحيحة

قطر الندى
07-05-2010, 09:01 PM
أبو .. القنبلة الذرية


روبرت أوبنهايمر








قائد .. العلماء








ادعت بعض الصحف الأمريكية أن حياة " روبرت أوبنهايمر " الذي لقب باسم " أبو القنبلة الذرية " هي حياة غامضة ، إلا أن الحقيقة غير ذلك .





حصل " أوبنهايمر " على درجته الجامعية الأولى في الفيزيقا عام 1925 ثم التحق بجامعات أوربية عديدة لمدة أربع سنوات حيث تخصص في الفيزيقا النظرية . وفي عام 1929 عين عضو في هيئة التدريس بجامعة كاليفورنيا ببركلي فأظهر امتياز على أقرانه . وكان " أوبنهايمر " فوق هذا مشهور بثقافته العامة وسعة اطلاعه . فهو احد المتخصصين في أديب إيطاليا الكبير " دانتي " ، ويتقن عدة لغات ، ويهوى تسلق الجبال ، وهو أولا وأخيرا عالم فيزيقا دولي مرموق .





ومثل علماء أمريكيين وأوربيين كثيرين ، عرف " أوبنهايمر " طريقة هذا العمل في إنتاج القنبلة الذرية من خلال جو الفزع العام الذي سيطر على علماء عديدين غداة نشوب الحرب العالمية لئلا تستطيع ألمانيا النازية أن تسبق الحلفاء في إنتاج السلاح الرهيب واستخدامه .





وأسندت إلى " أوبنهايمر " مهمة جد خطيرة وهي قيادة مجموعة العلماء والمهندسين الذين صمموا أول قنبلة ذرية في معامل " لوس إلا موس " تحت اسم " مشروع ماناهاتن " ثم أنتجوها بعد ذلك .





أنت المسئول ... يا ترومان !








انتهت روسيا السوفيتية من حربها في الجبهة الألمانية وبدأت قواتها في الشرق الأقصى التحول ضد اليابان . لذا كان العسكريون الأمريكيون حريصين على استخدام القنبلة الذرية ضد اليابان فورا كي يعجلوا باستسلامها قبل تقدم القوات السوفيتية نحوها . ومع أن " الكسندر ساكس " – المستشار الاقتصادي للرئيس الأمريكي " روزفلت " – قد حاور الرئيس في ديسمبر 1944 حول ضرورة القيام ب " بروفة " أمام كل العالم لهذا السلاح قبل استخدامه الفعلي ، ومع أن " ترومان " رئاسة الجمهورية الأمريكية قد غيرا الموقف تغييرا كاملا .





ففور تسليم " ترومان " مقاليد السلطة عين في إبريل عام 1945 لجنة معظمها من العسكريين لتقدم له النصيحة حول استخدام القنبلة الذرية . وكان من الطبيعي في لجنة من هذا النوع على رأسها وزير الحرب أن توصى باستخدام السلاح فورا وأن ترفض اقتراحات " مخففة " وضعت أمامها مثل ضرب غابة قريبة من طوكيو ليلا كنذير ، أو إعطاء الأهالي إنذارا بوقت كاف للجلاء عن المناطق التي سوف تضرب .





ولكن " ترومان " اختار أن يلقى قنابله الذرية على اليابان بشكل فعلي لا " بروفة " وعلى المناطق الآهلة دون إنذار سكانها ! .. وذلك على الرغم من إنه كان واضحا من المفاوضات السرية أن اليابان كانت مستعدة للاستسلام إذا لم يتمسك الحلفاء بإزاحة إمبراطورها من السلطة ! .

قطر الندى
07-05-2010, 09:05 PM
" الصبي الصغير " ... يروع العالم !!








ولما أشرقت شمس السادس من أغسطس 1945 ، وياليتها ما أشرقت ، قامت الطائرة ( ب 29 ) تحمل " الصبي الصغير " – من هو يا ترى هذا الصبي ؟ إنه ليس بصبي ولا صغير ، إنه الاسم الحركي للقنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما في تمام الثامنة والنصف صباحا .. وبعد ثلاثة أيام من هذا الحدث المروع ألقيت القنبلة الثانية على نجازاكي ولم يكن قد مضى على دخول الاتحاد السوفيتي الحرب ضد اليابان أكثر من 24 ساعة ! .





وقد دلت الإحصاءات اليابانية على أن ضحايا قنبلة نجازاكي هم 70 ألف قتيل 1300 ألف جريح من بينهم نحو 43 ألفا جراحهم خطيرة !! وقد أعلنت قيادة الحلفاء 1946 أن ضحايا هيروشيما هم 78150 قتيلا ، 13983 مفقودا ، 9428 جراحهم خطيرة ، 29997 جراحهم خفيفة !!.





وعلى أثر هذه المذابح الرهيبة انتهت الحرب – بالطبع – باستسلام اليابان .








صحوة ... ضمير








وقعة الواقعة وبقى العلماء الامريكان حيرى في مسئوليتهم إزاء كل ما حدث . وزاد من حيرتهم أن العالم الامريكي تيللر قد اقترح الاستفادة من الحرارة الهائلة الناتجة عن الانشطار في القنبلة الذرية لتفجير القنبلة الانصهارية التي عرفت فيما بعد بالقنبلة الهيدروجينية وما كان موقف اوبنهايمر من هذا الاقتراح يا ترى ؟ لقد وقف ضده بكل قوة وعارضة على أسس فنية وسياسية .





فقد كانت الحرب الباردة داخل لجنة الطاقة الذرية الامريكية في عنفوانها حول موضوع بناء القنبلة الهيدروجينية ، وكان اوبنهايمر ما يزال رئيسا للجنة الاستشارية في داخل اللجنة المشار إليها ، ولكنه حسر الصراع في النهاية عندما تقرر بناء القنبلة الهيدروجينية ، ولكن يكفيه إنه أرضى ضميره لعدم تكرار مآسي القنبلة الذرية ، وتمسكا بموقفه انسحب من رئاسته للجنة الاستشارية وقرر التفرغ لعمله في جامعة " برنستون " .

قطر الندى
07-05-2010, 09:10 PM
" مسألة أوبنهايمر " ...








ولكن هل حلا لـ " تيللر " وأصدقائه السياسيين أن يتركوا " أوبنهايمر " في عزلته الجديدة سالما ؟ كلا ـــ ومن هنا بدأت الدراما السياسية الرهيبة التي عرفت باسم " مسألة أوبنهايمر " . ولكن ما هي هذه المسألة ؟ .





في ديسمبر 1953 تسلم " أوبنهايمر " وهو في معمله بجامعة " برنستون " خطابا من لجنة مجلس الشيوخ الأمريكي يتضمن أربعة وعشلرون اتهاما !! . وكانت خلاصة هذه الاتهامات أنه ليس صالحا للعمل في لجنة الطاقة الذرية الأمريكية وأنه قد تقرر بناء على ذلك سحب الترخيص الذي كان ممنوحا له بالإطلاع على الوثائق السرية للجنة .








محاكمة ... بأثر رجعي !








وأحيل " أوبنهايمر " للمحاكمة . واستمرت المحاكمة ثلاثة أسابيع ، ونشرت وثائقها بعد ذلك في تقرير كبير بعنوان " حول مسألة أوبنهايمر " . وأدانت اللجنة " أبو القنبلة الذرية " بتعتباره خطرا على أمن الولايات المتحدة .





وقد كانت كل الاتهامات التي وجهت إلى " أوبنهايمر " ، باستثناء الاتهام الأخير ، تتعلق باتصالاته قبل الحرب بعناصر ومنظمات يسارية أمريكية ، ومع أنه لم ينكر هذه الاتصالات ، ورغم أن جنرال " ليزلى جروتز " عندما اختاره للعمل معه خلال الحرب كان يعرف كل هذه الارتباطات السياسية ، إلا أن اللجنة قد صممت على أن تحاكمه حول هذه الاتصالات ــ أي محاكمة بأثر رجعي !! .


جاليليو ... يعود من جديد !!





وأما الاتهام الأخير ، الرابع والعشرون ، فقد كان أخطر لأنه يتعلق بموقفه المعارض لإنتاج القنبلة الهيدروجينية . وحول هذا الاتهام كان " تيللر " هو شاهد الإثبات الأول ، وكان رئيس لجنة الطاقة الذرية هو شاهد الإثبات الثاني . وبطبيعة الحال كانت شهادة هذين الاثنين ، غريمه وخليفته ، كافية لإدانة " أوبنهايمر " .





ومع أن " أوبنهايمر " كان بالفعل معارضا لإنتاج القنبلة الهيدروجينية على أسس فنية وسياسية واضحة كما ذكرنا ، ولأن ضميره كان يعذبه للدور الذي لعبه في قنابل اليابان الذرية بشكل مؤلم وواضح كما ذكرنا كذلك ، إلا أن موقفه خلال المحاكمة لم يكن مع الأسف بهذا الوضوح ! . فلقد تردد في ردوده على أسئلة اللجنة وتذبذب ، وكان هذا الموقف لم يكن في صالحه فادين .





لقد فقد عالم فيسزيقي كبير شجاعته في اللحظة التاريخية الحاسمة ، وبدلا من أن يدافع في جرأة عن رأيه بدت محاكمته وكأنها تكرار مأساوي لموقف " جاليليو " عند محاكمته من قبل محاكم التفتيش .





ولكن قد يكون هذا الموقف غير الشجاع نفسه من " أوبنهايمر " هو الذي شفع له بعد ذلك أيام حكومة " كنيدى " ، عندما قررت أن تمنحه أرفع جائزة علمية في أمريكا وهي جائزة " فيرمى " . وعندما اغتيل " كنيدى " فبل تسليمه الجائزة قام " جونسون " بهذه المهمة وقال له : " لقد كانت من أعز أمنيات كنيدى ، أن يقوم هو شخصيا بتسليمك الجائزة والميدالية " .

قطر الندى
07-05-2010, 09:12 PM
العالم اللاحق ................... صريعة التسمم الراديومي ....................

Fatima Ashraf
07-07-2010, 05:07 PM
أظن أنها العالمة "ماري كوري"....و شكرا

قطر الندى
07-07-2010, 11:32 PM
اجابتك صحيحة أختي فاطمة تشكــــــــــــــــــــــــري لمرورك

Fatima Ashraf
07-16-2010, 01:19 PM
أنا متشوقة جدا قطر الندى للحديث عن بقية العلماء و مارى كوري أرجوك لا تتغيبي علينا........و شكرا

قطر الندى
07-16-2010, 10:49 PM
إن شـــــــــــــــــــــاء الله غاليتي فاطمة

أستاذ / بدر العصيمي
08-21-2010, 07:01 AM
بارك الله فيك أختي قطر الندى على هذه المعلومات القيمة والمسلية معا التي فعلا كنت أجهل أغلبها ... وأقولها بلا مجاملة أنك من الأعضاء " مع وافر احترامي للجميع " الذين يعجبوني بطرحهم وتعليقاتهم ونتيجة لمتابعتي لمواضيعك في المنتدى خلصت إلى نتيجة وهي أنك ما شاء الله تملكين ثقافة علمية وأدبية وكذلك دينية عالية ...... تحياتي لك
:(89)::(89)::(89)::(89)::(89):

Fatima Ashraf
09-15-2010, 04:36 PM
أنا حقا حزينة يا قطر الندى لأنك توقفت عن العمل في هذه السلسلة الرائعة ، كنت أتمنى لو استمرتي عليها ، أنا حقا في انتظار الباقي ..أتمنى لك عودا حميدا...و شكرا جزيلا

قطر الندى
09-19-2010, 08:57 PM
بارك الله فيك أختي قطر الندى على هذه المعلومات القيمة والمسلية معا التي فعلا كنت أجهل أغلبها ... وأقولها بلا مجاملة أنك من الأعضاء " مع وافر احترامي للجميع " الذين يعجبوني بطرحهم وتعليقاتهم ونتيجة لمتابعتي لمواضيعك في المنتدى خلصت إلى نتيجة وهي أنك ما شاء الله تملكين ثقافة علمية وأدبية وكذلك دينية عالية ...... تحياتي لك
:(89)::(89)::(89)::(89)::(89):

شكـــــــــــــــــــــــــــــرا لك أ\بدر وهذه شهادة أعتز بها ... شكــــــــــــــــــــــرا لمرورك

قطر الندى
09-19-2010, 09:03 PM
لماذ الحزن أختي فاطمة فأنا لم اعتد البدء بشي وتركه سأوصل العمل في الموضوع لكني توقفت لفترة لظروف خاصة ...

قطر الندى
09-25-2010, 04:15 PM
صريعة التسمم ............ الراديومي



مدام كوري



1867-1934

فقد ... أم
انحدرت "ماري سكلودوفسكا" التي نعرفها اليوم باسم "مدام كوري " من أرومة شريفة من الفلاحين . وكان والداها قد ارتفعا فوق مستوى الفلاحين ووصلا إلى ذلك المستوى الذي ضم الصفوة وهم المتعلمين تعليما عاليا
. وكان والداها أستاذا لعلم الفيزياء في المدرسة العالية ب"وارسو" وكانت والدتها عازفة بيانو ماهرة . وكانت "مانيا " ، وذلك اسم التدليل بدلا من"ماري".قد ورثت عقل والدها ويدي أمها . وأظهرت كفاءة مبكرة وحبا عظيما للعلوم التجريبية ، ولكن والديها لم يسمحا لابن من أبنائهما الخمسة بإرهاق نفسه في المذاكرة . فقد كانت هناك شائبة لمرض السل تسري في الأسرة .

وكان الأطفال ، أبناء " سكلودوفسكا " ، يضيفون إلى صلاتهم اليومية كل مساء " .... ونرجوك يا رب أن تعيد لوالدتنا صحتها ". لقد كانت ا؟لأم مريضة بالسل ، وقد أراد الله – ولا راد لقضائه – أن يأخذ مدام " سكلودوفسكا " من بين أبنائها . وكانوا الآن أربعة فقط لأن أحدهم كان قد مات مريضا بالتيفوس ، وكان عمر " مانيا " عشر سنوات فقط عندما فقدت أمها .

وكانت الأسرة التي تجتمع على المائدة بعد رحيل الأم أسرة حزينة فقيرة . ذلك إن الأب فقد منصبه في المدرسة العالية بسبب تطلعه إلى تحرير "بولندا" من طغيان القيصر الروسي . وافتتح الأب مدرسة داخلية ، بيد أنها لم تحقق نجاحا يذكر . ياله من موقف صعب ... ماذا يفعل الأب ولديه أربعة أفواه نشيطة في حاجة إلى الطعام ، وأربعة أجسام نامية في حاجة إلى الملابس ، وأربعة عقول متفتحة في حاجة إلى التعليم ؟!

قطر الندى
09-25-2010, 04:16 PM
البصق .... على الطريقة البولندية !



كانت تجري في دماء أبناء " سكلودوفسكا " الأربعة قوة التربية البولندية . كما كان لديهم طموح القلب البولندي أيضا ،وطموح الروح الحرة في الجسم المكبل بالأغلال . وكان أبناء " سكلودوفسكا " يحاربون مثل أبيهم ضد الشدائد كما يحاربون ضد الطغيان ،. وعندما كانت مانيا تذهب إلى مدرستها كل صباح كانت تمر في طريقها بتمثال أقيم من أجل " البولنديين المخلصين لملكهم " . وذلك يعني – بصريح العبارة – من أجل البولنديين الخائنين لوطنهم . لأن من يخلص للملك الغاصب فإنه يكون بذلك خائنا لبلده . وكانت " مانيا" تهتم دائما بأن تبصق على ذلك التمثال ، وإذا حدث أنها لم تقم سهوا بأداء ( الواجب ) لذلك التمثال . فإنها كانت تعود أدراجها لتصلح خطأها حتى ولو جازفت بالتأخير عن ميعاد المدرسة .



الشعر ... المتمرد

كانت الثائرة الصغيرة مانيا لا تعبر عن احتقارها للظلم في غياب ظالميها فحسب ، بل في حضورهم أيضا . وكانت هناك معلمة في مدرستها تدعى مدموازيل ماير وهي المشرفة الألمانية على المدرسة و|إحدى من يمثلن السلطة الأجنبية الحاكمة في بولندا ، وكانت هذه الجاسوسة التي تنزلق على الأرض لابسة خفا مكتوم الصوت امرأة ذات جسما ضئيل ومقدرة هائلة على الحقد . وقد جعلت حياة تلميذاتها البولنديات شيئا لا يطاق ، وعلى الأخص تلك الفتاة " سكلودوفسكا " التي كانت تتجرأ على مقابلة كلامها العنيف السليط بابتسامة ازدراء . ولكن مانيا لم تكن تكتفي دائما بهذا التعبير الصامت .

فقد حدث ذات مرة أن حاولت الجاسوسة في شي من الخشونة أن تسوي الخصل المتمردة بالطريقة البولندية في شعر مانيا وأن تجعلها على شكل الضفيرة التقليدية للفتاة الألمانية ، غير أن مجهوداتها ضاعت سدى ، ذلك أن شعر مانيا مثل روحها ، رفض أن يستسلم للمسات الطاغية واغتاظت ماير من ذلك الشعر العنيد وكذلك من نظرة الازدراء التي تطل من عيني تلميذتها البولندية ، فصاحت بها آخر ا؟لأمر " لا تمحلقي في بهذه الطريقة " . إنني أمنعك من أن تزدريني وأن تنظري إلى العلياء هكذا . ولكن مانيا قابلت تلك الخشونة والفظاظة برقة ومنطقية :"إنني لا أستطيع أن أفعل غير ذلك يا آنسة "، ذلك أن قامتها كانت أطول كثيرا من مدموازيل ماير



مربية .... أطفال



حصلت مانيا برغم تمردها ، على الميدالية الذهبية عند إتمام دراستها في المدرسة الثانوية عام 1883. ولم يكن ذلك بغريب على آل " سكلودوفسكا "، ورأى والدها عند ذلك أن ما حصلته من الدرس يكفيها في الوقت الحاضر فلتذهب الآن إلى الريف لمدة عام لتقوي جسمها . وحدثته نفسه " يجن أن لا تسقط هذه الطفلة الحسناء فريسة للسل مثل أمها "

وانقضى عام وعادت مانيا بعده إلى وارسو حيث واجهت مستقبل غير مضمون حيث كانت شقشقتها الكبرى برونيا تريد أن تدرس في جامعة السوربون في باريس ، وكانت مانيا مثل ذلك تريد . ولكن كيف يمكن تحقيق ذلك والأسرة ليس لديها من المال ما يكفي للإنفاق على واحدة منهما فقط ، ناهيك عن اثنتين خلال تعليمهما في الجامعة . وكانت المشكلة تبدو مستعصية الحل . ولكنني أرى حلا ! هكذا قالت مانيا وأفصحت عن ذلك ... " سوف أجد لنفسي عملا كمربية أطفال وأساعدك حتى تكملي تعليمك ، وبعد ذلك تحصلين على الدكتوراه وبعدها تساعدينني " .

وكانت تلك الخطوة تبدو جريئة بعيدة التحقيق . ولكنها نفذت وأتت ثمارها المرجوة ، وأصبحت مانيا معلمة أشبه بالخادمة ، لدى سيدة غبية ، فظة ، ضيقة الخلق، حمقاء ، كانت تقتصد من زيت المصباح لتبعثر ما ادخرته في لعب القمار !. وسرعان ما استبدلت سيدتها بسيدة أخرى.

قطر الندى
09-25-2010, 04:19 PM
صخرة ... التقاليد



لماذا لم تتزوج مانيا من كازيمير ؟ ومن كازيمير هذا ؟ إنه الأبن الأكبر من سيدتها الأخرى . وهل أحبها .؟ أحبها وأحبته ، إذ عندما رجع من وارسو حيث كان يدرس في الجامعة إلى عائلته لقضاء العطلة وقع فورا في غرام الآنسة مانيا الصغيرة الحسناء ، التي لم تكن تتكلم فقط كلام العلماء بل كانت ترقص أيضا رقص الفنانين !

ولكن لم يقدر لهما ، وكل شيء نصيب ، أن يتزوجا . وما السبب ؟ التقاليد ، فقد رفضت والدة كازيمير أن تقبل مربية أطفال لتكون فردا في عائلتها ، ناسية أنها هي كانت مربية أطفال قبل زواجها !



لا يأس .... مع الحياة

لم اليأس يا مانيا ؟! " إنني دفنت آمالي وطموحاتي .. وأدتها ونستها ... "إن الاسوار أقوى من الرءوس التي تطحنها . إنني أنوي أن أودع هذه الدنيا الحقيرة ، إن الخسارة علي لن تكون كبيرة والأسف من أجلي لن يطول " . كانت هذه إجابة مانيا على التساؤل : لم اليأس ؟!

مانيا ... أمسكي عليك حياتك ، إنك ستكونين في المستقبل واحدة من أشهر نساء الدنيا . وتغلبت على يأسها ، ورجعت إلى التدريس والتقتير معا لتستمر في مساعدة برونيا لتكمل دراستها في السوربون ولم يخيب الله مسعى الشقيقتان الطموحتان ، فقد تمكنت برونيا بفضل مساعدات مانيا وبفضل ما لديها من مقدرة فطرية على تحمل عضات الجوع آلامه ، من أن تتم دراستها بنجاح وأن تحصل على بكالوريوس الطب وهي تتضور جوعا . وتزوجت من أحد زملائها الأطباء . برونيا .. لقد جاء دورك لكي تقومين بنصيبك في الاتفاقية التي عقدتها معكي مانيا .. وهكذا استطاعت المربية الشابة أن ترى آخر الأمر تحقيق أعز أحلامها وهو الذهاب إلى السوربون



الجوع ... كافر



ها هي الآن في باريس . الاسم ماري سكلودوفسكا . العمل : طالبة بكلية العلوم . السن 23عاما . الشعر : أشقر رمادي . الشخصية : صموتة . الكفاءة : نادرة – كانت هذه هي أهم المعلومات عنها في ذلك الوقت من واقع بطاقتها الشخصية .

واستمرت سنوات أربع وهي تعيش معيشة الراهب المتنسك ، وقد رفضت أن تكون عبئا على أختها ، ومن ثم فقد سكنت بمفردها في حجرة فوق السطوح في منزل بالحي اللاتيني . وكانت الحجرة في غاية الوضاعة ، فلم يعرف لها الماء كما لم تعرف لها التدفئة طريقا ، وكذلك الضوء اللهم إلا شعاعا يتيم يأتيها متسللا من كوة صغيرة في سطحها المائل . وعاشت في السجن ، أقصد في الحجرة ، على غداء فقير يتكون في العادة من خبز وزبد وشاي ، ولم تضف إليه بيضة أو أصبع موز واحد إلا في المناسبات .

وكان ما لابد أن يكون .. الإغماء . وقد أسعفها زوج أختها برونيا وعرف سبب الإغماء جوع وجهد ، فقد كانت كل ما أكلته خلال الساعات الاربع والعشرين الماضية لايعدو عن قبضة من فجل ونصف رطل كريز . وقد أخذها ، برغم مقاومتها ، إلى منزله حيث اعتنت برونيا بإطعامها وجعلتها تستريح بضعة أيام رجعت بعدها إلى كتبها وجوعها برغم كل الاحتجاجات من قبل أختها وزوجا .

ولكن على الرغم من كل هذه المعاناة ، فقد كانت مانيا ذات عقل متأهب وخيال متوثب ومهارة فائقة، وكان استاذتها يبتهجون بما يلاحظونه من حماسها الدافق ويشجعونها دوما على القيام بمزيد من الابحاث . وكان من بين تشجيعهم لها ألا تجري أبحاثها في ميدان واحد فحسب وإنما في ميادين ، ومن ثم عقدت العزم عل الحصول على درجة الماجستير مزدوجة في علم الطبيعة وفي الرياضيات ، ونجحت فيما عزمت عليه ، فاجتازت امتحانها الاول لدرجة الماجستير في الطبيعة في عام 1893 ، ثم اجتازت امتحانها الثاني لدرجة ماجستير في الرياضيات في عام 1894.

قطر الندى
09-25-2010, 04:21 PM
شريك الحياة ...

"بيير كوري .... بيير كوري" اسم حملته ماري سكلودوفسكا وأصبحت منذ ارتباطها به تنتسب إليه . ولكن ما هي القصة ؟!

بعد حصول مانيا على الماجستير ذهبت إلى بولندا ؟ لقضاء عطلة قصيرة ، رجعت بعدها إلى باريس. وكانت بعد اندفعها الاول غير الموفق إلى دوامة الميول العاطفية ، قد نذرت أن تكرس بقية حياتها لنوع واحد من الحب وهو حب العلم ، وقررت أنها ليست بحاجة إلى الرجال ! وبالمقابل كان هناك شاب يعيش في باريس يدعى بيير كوري قد كرس حياته للعلم أيضا وقرر هو أيضا ليس بحاجة إلى النساء !

ولعب القدر لعبته ، وتقابل الاثنين ذات يوم في مسكن أحد الأساتذة البولنديين خلال زيارته لباريس . يالها من مصادفة غريبة ، وياله من لقاء عجيب .." عندما دخلت الحجرة كان بيير واقفا أمام النافذة بجوار باب يؤدي إلى الشرفة . وقد بدأ في نظري حديث السن جدا على الرغم من أنه كان في الخامسة ولثلاثين من عمره . وقد تأثرت كثيرا بالصراحة التي تطل من عينيه . وعلى مايبدو على قامته الطويلة من مظاهر الاهمال الخفيف . وأحببت كلماته البطيئة المتروية وبساطته وابتسامته التي كانت تمتزج فيها الحكمة بالشباب ، وبدأنا نتحدث في شئون العلم . وقبل أن نعرف ما حدث كنا قد أصبحنا حبيبين !" هذا ما قالته مانيا عن ذلك اللقاء .

ولكن ما هو ذلك الشاب بالضبط ؟ أصله ، فصله ، مؤهلاته ، أعماله ... الخ . إنه ابن طبيب فرنسي ، وقد حصل على درجة بكالريوس في العلوم وهو في سن السادسة عشر وعلى درجة الماجستير في الطبيعة وهو في سن الثامنة عشر وعندما قابل ماري كان قد أصبح رئيس المعمل في مدرسة الكيمياء والطبيعة في باريس . وكان ما حققه من أعمال وانتصارات قد وضعاه في الصف الاول من علماء فرنسا .. لقد صاغ التماثل في تركيب البلورات ، واكتشف – بالاشتراك نع أخيه جاك – ظاهرة بيزو في الكهرباء ( تولد الكهرباء عن طريق الضغط ) ، وابتكر جهازا جديدا لتوليد الكميات الصغيرة جدا من الكهرباء قياسا دقيقا . وصنع آلة فائقة الحساسية سميت باسم مقياس كوري لمرجعة نتائج التجارب العملية .

وكم راتبه ؟ كانت الدولة الفرنسية تمنحه في مقابل تلك ا لاعمال العظيمة راتبا زهيدا لايتجاوز ثلاثمائة فرنك شهريا . وذلك باسعار القرن التاسع عشر .

وتقدم بيير على استحياء يعرض الزواج على مدموزايل " سكلودوفسكا " معتمدا على راتبه الضئيل وأعماله العظيمة . ووافقت مانيا على استحياء من ذلك .

وقد اتضح فيما بعد – وهذا للتاريخ – أن زواجهما هذا لم يكن زمالة فقط بين عبقريين ، وإنما كان رفقة حب عميق ، وقد تم زواجهما بطريقة هي في حد ذاتها تعتبر ثورة على التقاليد فقد كان كلاهما مفكرا حرا لم يلجأ إلى محام أو قسيس لإتمام اجراءات الزواج . وتمتعا بشهر عسل فيه من النعومة والطراوة وفيه من التحرر والانطلاق مايمهد لهما السبيل لعمل مضن يجلب المجد ويخلد الذكرى لاسم كوري .



جائزة نوبل ...... مرتان !



كانت ماري أو مدام كوري من الآن ، تقوم بشئون المنزل ، وقد ولدت طفلة ثم اتبعتها بأخرى . ومع الحمل والولادة كانت تدرس لنيل درجة الدكتوراة في علم الطبيعة . مجهود مضن وعمل متواصل ، هذا مع وجود تلف في رئتها اليسرى . إنها العدوى المتوراثة في عائلة " سكلودوفسكا " ، لذا حذروها الأطباء ونصحوها أن تذهب إلى إحدى المصحات ولكنها لم تعرهم اهتماما .

لقد كانت مدام كوري مهتمة ، هي وزوجها بيير بتجارب العالم الفرنسي هنري بيكريل اللتي دفعه إلى اجرائها كشف رونتجن لاشعة اكس وخواصها للنفاذ خلال الاجسام .

فما هو كنة هذه الخاصية الغامضة ، خاصية النفاذ خلال الاجسام المعتمة ؟ ومن أين تأتي تلك الطاقة العجيبة اللازمة لها ؟ كانت تلك الأسئلة وامثالها تخلب لب ماري وبيير كوري .

ها هنا إذا موضوع لدراسة مبتكرة وأصيلة . إنه موضوع بحث جدير بدرجة الدوكتوارة من السوربون .

هكذا كانت البداية متواضعة ومتحمسة في نفس الوقت لذلك اليحث الذي أدى إلى اكتشاف الر اديوم . لقد بد؟أت مدام كوري في سلوك طريق يوصلها إلى شهادة عادية من شهادات الدكتوراة ، لكنها وجدت نفسها – في نهاية الطريق – أمام جائزتي نوبل .

قطر الندى
09-25-2010, 04:24 PM
عجائب الدنيا ... ثمانية .

ولكن الرحلة قي ذلك الطريق لم تكن سهلة مريحة ، وإنما كانت شاقة عسيرة ، وكانت تتطلب منذ الخطوة الأولى رجل وامرأة لديهما خيال فائق وشجاعة نادرة وصبر طويل .

فقد قابلا منذ البداية عقبات من الصعب قهرها ، وقهراها . وكان المعمل الذي أعطاه لهما مدير مدرسة الطبيعة لإجراء تجاربهما فيه عبارة عن مخزن أخشاب قديم متهدم . وفي ذلك المعمل البارد الرطب الذي يشبه العشة اندفعت الباحثة الصغيرة المصابة بالدرن ومعها زوجها نحو المجهول بكل تصميم . وكان متوسط درجة حرارة المعمل يهبط في الشتاء إلى نحو سبع درجات مئوية . كما كانت أجهزته قليلة وعتيقة . ولكنهما أخذا يختبران بها خواص اليورانيوم وطبيعته . واكتشفا أن الاشعاع الغامض لذلك العنصر كان خاصة ذرية ، وكان ذلك كشفا علميا أدى فيما بع (عام 1945) إلى أختراع القنبلة الذرية !

وتستمر المسيرة الصعبة ، وتذهب مدام كوري ذات يوم إلى أختها وقلبها يدق دقا عنيفا وهي تقول " أتعرفين يابرونيا إن الإشعاع الذي لم اتمكن من تفسيره إنما مصره عنصر كيماوي جديد ؟ إن ذلك العنصر موجود وعلي اكتشافه "

وشرعت الآن ، بصحبة زوجها ، في العمل على اكتشاف ذلك العنصر الجديد . كانت قد لاحظت وجود تلك القدرة الهائلة على الإشعاع في مادة البتشبلند وهي إحدى أكاسيد اليورانيوم . وظنت مدام كوري أن الجزء ذا النشاط الإشعاعي من البتشبلند ربما لا يبلغ أكثر منت جزء من مائة جزء من البتشبلند ولكن كم تكون دهشتها لو أنها عرفت – في ذلك الوقت- أن ذلك العنصر الجديد الذي كانت تحاول فصله كان يبلغ جزاء من عشرة آلاف جزء من خام البتشبلند !

يالها من نسبة جدا ضئيلة ! يضاف يضاف إليها أن ثمن الطن الواحد من البتشبلند وما يحتويه من يورانيوم أكبر ما يطيقان دفعه . وكانت تلك المشكلة تبدو مستعصية الحل .

ولكن لابد من حل ... |إذا كان العنصر الجديد موجود في البتشبلند ، وهو في نفس الوقت مختلف عن اليورانيوم ، فإنه إذا يمكن الحصول عليه وفصله من المتخلفات الباقية من البتشبلند بعداستخلاص اليورانيوم منه ..هكذا تساءلا . وإن صح هذا . فإن الحلم وشيك الوقوع . خصوصا وإن هذه المتخلفات تعتبر عديمة القيمة وفي وسعهما أن يحصلا على كميات كبيرة منها بمالا يزيد كثيرا على تكاليف نقلها .

وانتابت الدهشة الناس كلهم عندما بدأ هذان العالمان العجيبان يأمران بأن تشحن أطنان من النفايات إلى مخزن الأخشاب الذي يعملان فيه . وعندما وصلت النفايات أمسكا بجاروف وأخذا يقذفانها شيئا فشيئا داخل مخزن قذيم من الحديد الزهر ذي أنبوبة صدئة . واستمرا أربعة أعوام في عملهما هذا كما لو كانا وقادين يعملان في جوف سفينة ، فهما يجرفان ويلهثا ن ويسعلان من أثر الأبخرة الضارة . وقد تناسياكل هذا العذاب ، وركزا فكرهما في شيء واحد وهو أن يستدرجا سر العنصر الجديد ليخرج إليهما من وسط المعدن الملتهب .

واستدرجا سران ! فبدلا من أن يجد عنصرا واحدا وجدا عنصرين جديدين : أسميا أولهما بولونيوم على اسم وطن ماري الاصلي بولندا وأسميا الآخر راديوم .

وكانت خواص البولونيوم مدهشة فعلا ، إذا كان نشاطه الاشعاعي أكبر بكثير من نشاط اليورانيوم . ولكن خواص الراديوم كانت هي العجيبة الثامنة الكبرى في الدنيا حقا . فقد وجدا أن قدرته الاشعاعية تزيد عن قدرة اليورانيوم بنحو مليون ونصف مليون في المئة



أخلاق ...

كانت القاعدة المتبعة مع من يتسلمون جائزة نوبل هي أن يذهبوا لاستلامها بأنفسهم في ستوكهلم . ولكن الكوريين كانا غير قادرين على القيام بالرحلة فقد كانا مريضين .وهكذا استمرا في عملهم في هدوء وتواضع كما استمرا في الحرمان والعوز وأنفقا كل نقودهما على تجاربهما الجديدة متناسيين في تسام روحي مجيد ، مصالحهما الشخصية . وعندما تقررت قيمة الراديوم الع8لاجية ووجد أن له تأثيرا في معالجة أمراض كثيرة من بيتها السرطان ، حثهما أصدقاؤهما على أن يسجلا لنفسيهما عملية استخلاص الراديوم . ولو فعلا ذلك لضمنا لنفسيهما ثروة طائلة ، حيث أن ثمن الجرام الواحد من الراديوم كان يقدر آنذاك بحوالي 150000دولار. ولكنهما رفضا الحصول على أي ربح من اكتشافهما قائلين : " الراديوم هو أداة للرحمة وليست للتجارة ".

قطر الندى
09-25-2010, 04:26 PM
البحث ... عن معمل

لم يرفض الكوريان الأرباح فحسب وإنما رفضا التكريم أيضا . وكان كل ما يطلبانه من دنياهما هو أن تعطى لهما حجرة معمل جيدة للقيام بتجاربهما . وعندما كتب مدير السوربون إلى بيير يحبره بأن الوزير قد قدم اسمه للحصول على وسام جوقة الشرف ، رد بيير – تؤيده ماري- " أرجوكم التكرم بشكر سعادة الوزير وتبليغه أنني لاأشعر بأقل رغبة في الحصول على أوسمة ، ولكنني في أشد الحاجة إلى معمل "

ومع ذلك فقد سمح بيير ، في مناسبة واحدة فقط ، بأن يقدم اسمه لنيل منصب رفيع . فقد أصر زملاؤه العلماء على أن يرشح نفسه لعضوية المجمع العلمي.ولم يكن قبوله لهذا الأمر رغبة منه في الحصول على ذلك التكريم في حد ذاته ، إنما لان ذلك سيعطيه الفرصة ليحصل على منصب أستاذ في السوربون ومن ثم يكون له الحق بالتالي في الحصول على معمل .



للضرورة ....أحكام

شرع بيير في القيام على مضض بجولته على أعضاء المجمع الطبي ، \إذ كانت العادة المتبعة أن يقوم كل مرشح بمثل هذه الجولة يطنطن فيها على مؤهلاته لذلك الشرف.وإليك وصف أحد الصحفيين الباريسيين لتلك الحملة التي قام بها بيير لدخول المجتمع العلمي :" كان بيير يشعر بالخجل برغم عنه كلما اضطر إلى تلك الأشياء الحقيرة مثل ارتقاء السلالم ودق الأجراس ثم دخول المنازل لكي يشرح السبب في حضوره . ولكن مما يزيد الطين بلة ، أنه كان مضطرا أن يتحدث عن نفسه وعن تفوقه وأن يتباهى بعلمه واكتشافاته . ولما كان كل ذلك يبدو له محنة وعذابا ، فقد كان يعظم من شأن خصمه ويمدحه بإسهاب وأخلاص قائلا :إن مسيو أماجا لديه مؤهلات أفضل منه شخصيا ،أي بيير نفسه ، للدخول إلى المجمع العلمي ، وانتخب المجمع مسيو أماجا .



درس .... للصحفيين

كان بيير كوري بارعا في محاولاته للهروب من الشهرة ، وكذلك كانت ماري . وكانت وسيلتها الوحيدة للتخفي هي أن ألا تلجأ للتخفي ! فلم يكن أحد يظن من النظرة الأولى لهذه السيدة الريفية الشابة وهي في ردائها الأسود المتواضع ، انها هي نفسها العالمة الشهيرة الحاصلة على جائزة نوبل .

وذات يوم كان أحد مراسلي الصحف الامريكية يتتبع آثار الكوريين بحماس ، وسمع أنهما يقضيان إجازتهما في إحدى قرى الصيادين . وعندما وصل إلى القرية سأل عن الطريق إلى كوخهما . وعند الكوخ وجد سيدة شابة تجلس حافية القدمين على عتبة الباب فسألها :

هل أنت مديرة هذا المسكن ؟

أجل

هل السيدة موجودة فالمنزل ؟

كلا . إنها بالخارج

هل تنظرين رجوهما قريبا

لا أظن ذلك

وعندئذ جلس المراسل الفضولي ، كعادة الصحفيين ، على عتبة الباب بجوارها وقال لها " هل يمكنك أن تخبريني عن أي شيء من أمورهما الخاصة ؟" فأجابت ماري : " لا شئ عندي إلا رسالة واحدة طلبت مني مدام كوري أن انقلها إلى مراسلي الصحف ، وهي أن تقللوا من فضولكم بحثا عن أخبار الناس وأن تتطلعوا إلى ما هو أجدى ".



عضو ........ برغم أنفه

أصبح بيير – برغم أنفه – عضوا آخر الأمر في المجمع العلمي بدون أن يرغب في الانضمام إليه وبدون أن يرغب المجمع في ضمه إليه

وبعد عدة اجتماعات ، أدرك بيير عدم وجود جدوى حقيقية للمجمع العلمي . وفي ذلك كتب يقول :" إنني لم أكتشف بعد ما هو الغرض من وجود مثل ذلك المجمع "

ومع ذلك فقد كان المجمع السبب في تحقيق حلم الكوريين الكبير، فقد مكن بيير من الحصول على منصب في السوربون ، ومع المنصب كان الحلم ، أي المعمل الذي طالما بحثا عنه .

قطر الندى
09-25-2010, 04:28 PM
الكارثة

يبدو أن النعمة ل تتم وإن الفرحة لا تدوم ، ولم هذا التشاؤم ؟! إنه ليس تشاؤما ولكنه تقرير واقع .فإذا سرتك الدنيا يوما أهملتك أياما . و|إذا أضحكتك ساعة أبكتك ساعات ! فبعد أن حقق بيير وزوجته كثيرا من الانتصارات العلمية وحصلا على حلم حياتهما ، كان القدر يدبر لهما أمرا ..

ففي صباح ممطر خبأ فيه ضوء الشمس فيه من أيام أبريل عام 1906 ، خرج بيير من بيته ليذهب إلى ناشر كتبه وكان هذا هو الخروج الاخير .إذ بعد ساعات طويلة أعادوه إلى ماري جثة هامدة . فقد زلت قدمه وسقط على أرض الشارع الرطبة فداسته عربة نقل ثقيلة .

يالها من كارثة مروعة ... لقد انتهت سعادة ماري ... أصبح فؤادها فارغا ... ابيضت عيناها من الحزن . لقد أصبحت ارملة ولكن ليس ككل الارامل . فلم يكن الفقيد الغالي مجرد زوج فحسب ، ولكنه كان الصديق والمحب والشريك في البيت وفي العمل معا .

أجل لقد انتهت سعادة ماري ، ولكن لحس الحظ أن عملها لم ينته هو الآخر . وها هو عرض مغر يقدم لها لتكون استاذة في السوربون وتحل محل زوجها في منصبه .إنه حقا عرض مغر ولكنها لم تكن تتمناه أبدا . على أية حال لعل في المنصب الجديد بعض العزاء لتلك الارملة الثكلى . وكانت بالفعل هي أول مرة في التاريخ الفرنسي يمنح فيها منصب في التعليم العالي لإحدى السيدات ، وأخذت تواصل تحقيق الرسالة بعدما تسلمت الراية في معمل بيير الجديد التي أصبحت من الآن مديرته .



رثاء ..

وتمر خطى الزمن بطيئة متثاقلة ، وماري توزع عملها مابين رعاية اطفالها وإجراء ابحاثها . ولكن هل ينسى الفؤاد الحبيب الراحل؟! بالقطع لا ينسى فهذه ماري تكتب كل ليلة وقبل أن تأوي إلى فراشها بيانا عن أدق افكارها الباطنة موجها إلى العزيز بيير ، وكأنها تناجي شخصا على قيد الحياة لا يزال !

" لقد عرضوا علي ياحبيبي أن أخلفك في منصبك وأن أقوم بتدريس منهجك وإدارة معملك . وقد قبلت ذلك وأنا لا أدري ما إذا كان ذلك أمرا حسنا أم سيئا".

" عزيزي بيير : إنني لاأكف عن التفكير فيك ويكاد رأسي ينفجر لذلك .إنني لاأعرف كيف قدر لي أن أعيش من الآن فصاعدا من غيرك ".

"أيه الحبيب الراحا . إنني لا أحب الآن رؤية الشمس والأزهار ، لأن رؤيتها تجعلني اتعذب ،. ولكنني اشعر بأني أفضل حالا في الأيام المعتمة التي تشبه يوم فقدك . وإذ1ا كنت لم اتعلم بعد أن أكره الجو الصحو ، فذلك لان أطفالي بحاجة إليه "

كانت هذه بعض نبضات قلب ... أنات قلب وألم فؤاد فارغ أضناه الفراق . قلب ذاق مرارة الوحدة وعقرته وحشة الطريق ولفحته نار الحرمان .



من لم يمت بالسل .... يمت بغيره

حكمة سمعناها ، ترددت اصداؤها في جوف الزمان ، " من لم يمت بالسيف يمت بغيره ، تعددت الاسباب والموت واحد " . وكان والد مانيا ، أقصد مدام كوري لا يريد أن يصرعها السل كما صرع أمها من قبل . ولكن – كما قلنا – من لم يمت بالسل لابد وأن يموت بغيره .

اندلعت نيران الحرب العالمية الأولى واستعر أوارها . ووجدت مدام كوري أن من أوجب واجباتها المساهمة في تخفيف آلم المصابين ، ومن ثم نظمت عددا من وحدات الأشعة السينية لعلاج الجنود الجرحى وأشرفت بنفسها عليها وأخذت تقوم بالرحلات في طول البلاد وعرضها كملاك للرحمة ذي وجه أبيض جميل وأصابع متألمة متآكلة بفعل الأحماض .

وعلى الرغم من تعبها وألمها وحزنها ، فإنها كانت مستعدة دوما للترفيه عن الجرحى بابتسامتها المشجعة ولمستها الحانية وكلماتها الرقيقة ونظرتها المتفائلة .

وكان الذعر يصيب الجنود عندما يرون جهاز الأشعة السينية المخيف ويسألون :"هل يسبب ألما ؟!" وكان جوابها الذي لا يتغير هو " أبدا ... مطلقا ... إن الأمر ليشبه التقاط صور لكم ".

ووضعت الحرب أوزارها ، وعادت مرة أخرى إلى الرحلات ومظاهر التكريم والمقابلات والأوسمة والمحاضرات والمآدب ، كما عادت إلى السعي والكدح والأحزان "

النهاية تقترب ... تقترب "آه .. كم أحس بالتعب " صرخة أطلقتها مدام كوري عندما رجعت من عملها ذات يوم وبعدها لم تستطع مغادرة فراشها . وحار الأطباء في تشخيص الداء ، فمن قائل أنه انفلونزا ، بينما رأى آخر إنه درن ، أما ثالثهم فأكد إنه فقر دم خبيث ، ولكن في الحقيقة لم يكن واحد من هذه الأمراض ، إته التسمم الراديومي الذي لم يتمكن الأطباء معرفة كنهه إلا بعد وفاتها . فقد حدثص تحلل تدريجي للأعضاء الحيوية في جسم مدام كوري نتيجة لتعرضها للاشعاع الشديد طوال حياتها.

أجل لقد أحبت مدام كوري عملها في ميدان الراديوم المشع ، وكان هذا الحب نفسه الحب القاتل .

dego1616
03-08-2011, 10:45 AM
والله موضوع رائع جدا وشيق وبه خبرات متعددة لعلماء صنعو تاريخ العالم
شكر أختي العزيزة