المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القانون والنظريه



الاستاذ مناف دحروج
05-06-2010, 12:20 PM
القانون: هو - العلاقة الثابتة بين ظاهرتين أو أكتر - إذ يكون هدف العالم من الملاحظة و الفرضية و التجربة ، هو معرفة تلك العلاقة الثابتة ، و تحديد الشروط الموضوعية القائمة بين ظاهرتين أو أكثر. و المتضافرة في إنتاج الظاهرة المدروسة ، حيث متى توفرت نفس الشروط نتجت عنها تلك الظاهرة، مثل تبخر الماء في حرارة مائة درجة ، فالتبخر كظاهرة طبيعية يمكن أن نحدثه في المختبر متى وفرنا شروطه الثالية : الماء+ حرارة مائة درجة. إذ يكون القانون حتميا معبر عنه في صيغ فيزيائية مثل : H²O التي نعبر عن الماء.
لقد أفضت العلوم المعاصرة في القرن العشرين إلى اكتشاف ظواهر و علاقات ميكروسكوبية يصعب تحديدها كأشياء لها خصائصها المميزة الثابتة نسبيا، و يتعذر تعيينها في الزمان و المكان، و ظهرت نظريات جديدة ( مثل نظرية النسبية لأنشتاين) لا تعتمد التجربة الإمبريقية بمفهومها الكلاسيكي، و لكنها تتوصـــل الى نتائجها عن طريق المعادلات و الخطاطات الرياضية المجردة، فلم تعد التجربة مرجعا لأختبار صدق الفرضيات أو كذبها، و لا منبعا للنظريات، لأن النظريات أصبحت عبارة عن إنشاءات عقلية حرة
.
و من هذا المنطلق أكد - ألبرت اينشتاين - 1879 1955 أن الإبداع العقلي هو الأساس النظري للفيزياء المعاصرة. فالنظرية هي نسق تتكامل فيه المفاهيم و المبادئ الصادرة عن العقل، و لا يكون للتجربة إلا دورا ثانويا يكمن في مطابقة القضايا الناتجة عن النظرية، و توجيه العالم إلى اختيار بعض المفاهيم الرياضية التي يوظفها، في حين أن العقل هو الذي يمنح النسق بنيته، على نحو رياضي خالص. إذ يقول اينشتاين : - ان المبدأ الخلاق في العالم لا يوجد في التجربة بل في العقل الرياضي -
يرى * دوهيم duhem* (1861-1916) أن النظرية الفزيائية هي " نسق من القضايا الرياضية المستنبطة من عدد قليل من المبادئ" إذ أن تناسب النظرية مع التحليل الرياضي عموما هو احد المعايير التي تؤكد عمليتها ، و لذلك يشترط فيها أن تكون الفرضيات و التعريفات التي تنطلق منها محددة بشكل واضح، و أن تخضع لتناسق منطقي باحترام مبدأ عدم التناقض سواء بين حدود كل فرضية، أو بين الفرضيات المعتمدة في النظرية ككل، كما يشترط في النظرية معيار التناسق بين مختلف المبادئ و الفرضيات التي تقوم عليها حسب قواعد التحليل الرياضي، و تتخذ التجربة في الأخير لكي تقارن مع القضايا المستنبط رياضيا ، للتأكد من مدى صحتها أو خطأها.
أي نظرية علمية هي حوار دائم بين البناء الرياضي ومعطيات التجربة، لكن هذا الحوار لا يحسم في تركيب بشكل نهائي، فعلاقة النظرية بالتجربة علاقة متحركة متغيرة، والعلم المعاصر لا ينظر للعقل البشري باعتباره إناء أو وعاء يشتمل على مضامين أو أفكار أولية ( أرسطو، ديكارت،لايبنيتز) أو باعتباره مشكلا من مقولات محددة (كانط)، بل باعتباره نشاط وفعالية، ولعل هذا ما يجعل من الصعوبة - كما عبر باشلار- على أي إيبستيمولوجيا أن "تصف بنية نهائية للفكر العلمي..." .








تعددت تعريفات النظرية بمفهومها العام في مصادر العلوم الطبيعية ومصادرالأدب التربوي ،
وحتى يتضح لنا مفهوم النظرية أرى أن أعرض مجموعة من هذه التعريفات لتسهم في تقديم مفهوم واضح لها .
يُعرِّف ( كابلان Kablan )النظرية بأنها \" منطق أعيد بناؤه ليبدو كأداةلتفسير ونقد وتوجيه القوانين الراسخة
وتطويعها لتتناسب مع البيانات غيرالمتوقعة في تكوينها ، ثم توجيه السعي نحو اكتشاف تعميمات جديدة \" .
( 7 )ويذهب ( كيرلنجر Kerlinger ) إلى أن النظرية \"
مجموعة من ا لمفاهيم والتعريفات والافتراضات المترابطة التي تقدم نظرة نظامية إلى الظواهر
، يتمفيها تحديد المتغيرات التي تؤثر في كل منها والعلاقات بين هذه المتغيراتبهدف وصف الظواهر وشرحها والتنبؤ بها \" .
( 8 ) ويلخِّص ( سنو Snow ) مفهومه للنظرية بقوله : \" تعتبر النظرية في أبسط صورها بناء رمزيا ،
صمم ليحوِّل الحقائق المعممة أو القوانين إلى ارتباطمنظم وهي تتكون من :
‌أ- مجموعة من الوحدات ( حقائق ، مفاهيم ، متغيرات )
‌ب- نظام من العلاقات بين الوحدات .\" ( 9 )
أما ( رمضان القذافي ) فيرى في كتابه : نظريات التعليم والتعلمأنالنظرية \" صياغة لمجموعة من العلاقات الظاهرة ،
تمّ التحقق من صحتها جزئيا علىالأقل بين مجموعة من الظواهر \" .( 10 )
ويعرِّف ( فالوقي ) النظرية في كتابه بناء المناهج التربويةبأنها \" مجموعة مترابطة من الفروض التي يقصد منها شرح
وتفسير ظاهرة معينة وكيفيةوقوعها وشروط حدوثها والظروف الملائمة لذلك مع بيان النتائج المترتبة عليها \"
. ( 11 )
ويشير( شحاتة والنجار ) إلى أن \" النظرية في صورتها الأنموذجية عبارة عنصياغة كمية أو كيفية موجزة ومحكمة
وعالية التجريد ، تعبر عن نسق استنباطيتصوري وافتراضي وتعمل بمثابة دليل أو موجه للبحثالعلمي في مجالها ،
كماتفسر الظاهرات موضوع تنظيرها ، هذا بالإضافة إلى إمكانية التنبؤ من خلالهابمعطيات معرفية
جديدة مثل الحقائق النسبية والفروض والقوانين ، ويمكنإخضاع النظرية للاختبار إضافة إلى قبولها للدحض
أو النقد ( التفنيد ) . ( 12 ) ويوجز ( عوض ) تعريف النظرية قائلا بأنها \" مجموعة من القوانين ،
مهمتهافهم مجموعة معينة من الظواهر ، ثم بيان العلاقة بينها و تقديم تفسير مناسبلها . ( 13 )
ونخلص من خلال التعريفات السابقة إلى أن النظرية صياغة محكمة لمجموعةعلاقات تقوم بين أجزاء ظاهرة ما أو ظواهر عدة بهدف وصف
هذه العلاقات أو شرحهاأو التنبؤ بها ، كما أن النظرية تقوم مقام الموجه والدليل الهادي للبحوث
العلمية .
وتكاد التعريفات تجمع على أن وظائف النظرية هي :
الوصف : ويهدف إلى تقديم تعريف دقيقللمصطلحات المستخدمة في النظرية .
الشرح : ويقصد به شرح الشيء من خلال التوصل إلى علاقات بينه وبين المعارف
المتوفرة لدينا من أجل إزالة الغموض الذي يكتنفه .
التنبؤ : وهو يشير إلى ميل بعض النظريات إلى التنبؤ بأمور مستقبلية ، ويرىبعض الباحثين أن المعيار الحقيقي للحكم على صدق النظرية يتمثل
فيقدرتهاالتنبؤية . ( 14 )
والنظريات العلمية رغم صدقها النسبي إلا أنها لا تتصف بالثبات لأن العلم دائم التطور ، وكم من نظريات علمية سادت أزمانا باتت الآن في عالم النسيان

deadheart
05-06-2010, 12:21 PM
شكراً لك استاذي بارك لله فيك مقال رائع