محمد عريف
05-03-2010, 06:59 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أعضاء المنتدي الكرام
هذا المقال منشور بمجلة العلوم عدد مارس ابريل 2001
الحفاضات النَّبوذ الفائقة الامتصاص(*)
لو سبق لك القيام بنزع حفاض طفل رضيع في وقت ما قبل عقد من الزمن لاعترتك الدهشة، لا لقذارة الحفاض فحسب ولكن لثقله أيضا. أما اليوم فتستطيع الحفاضات النَّبوذ disposable diapers احتجاز أرطال من البول، ومع ذلك تبدو كأنها جافة. وربما كان هذا هو السبب الذي جعل استخدام الحفاضات القماشية محصورا في عدد قليل من الأطفال الأمريكيين الذين تقل نسبتهم عن 5 في المئة.
ويرجع الفضل في ميزة هذا الامتصاص المذهل إلى عائلة الپوليمرات(1) «الأليفة للماء» hydrophilic polymers، التي تدعى عديدة الأكريلات polyacrylates. ويمكن القول إن أبسط أنواعها هو عديد أكريلات الصوديوم الذي يمكنه احتجاز ما يربو على 800 مرة قدر وزنه من الماء المقطر. ولكن البول ليس كله ماء؛ والأيونات (الشوارد) والأملاح الذائبة تعمل على تخفيض قدرة عديدة الأكريلات على امتصاص الماء إلى ما يقل عن العُشْر. هذا وتستخدم الشركات التجارية الرئيسية توليفات من عديدات الأكريلات التي يُفترض أن أداءها هو الأفضل. ولكن يبدو أن الحصول على وصفة لتصنيع القنبلة الذرية أيسر من معرفة طريقة حشو الحفاض التي أضحت صناعة تنافسية.
وقد تكون الحفاضات النبوذ هي الأفضل لأنها تبقي على جلد الرضيع أجف مما يحدث عند استعمال نظيرتها القماشية، وإن كان الفرق غير واضح عمليا، إذ تستبدل الحفاضات القماشية بصورة أكثر تواترًا من الحفاضات النبوذ، ولذا فإن الأطفال لا يعانون كثيرا حدوث طفح جلدي rash ناجم عن استعمال الحفاضات. ويشير مؤيدو استخدام الحفاضات القماشية إلى التكلفة البيئية الباهظة للحفاضات النبوذ. إن من الصعب إيراد تقدير كمي للمعادلة البيئية الإجمالية الناجمة عن استعمال الحفاضات القابلة للغسل مقابل الحفاضات النبوذ؛ ولكن الأخيرة تشكل قدرا مهما من سيل نفايات المدن، وتضيف نحو 2.7 مليون طن متري من البول والبراز واللدائن (الپلاستيك) والورق إلى مقالب النفايات في الولايات المتحدة كل عام.
وفي الأقطار الحارة يبقى الأطفال غالبا دون حفاض، إذ يُعدُّ القيام بتنظيف الأرضية هو الأرخص ثمنا. وعندما قام أحد الغرباء أثناء زيارته الهند بإبلاغ إحدى الأمهات بضرورة استخدام الحفاض امتعضت، لأنها تعد تعريض الطفل للانحصار في حفاض كتيم عملا قاسيا ومعاملة غير مألوفة، والنتيجة: لا يصاب هؤلاء الأطفال بطفح جلدي ولا تتراكم النفايات(2).
< M. موكِرْجي>
http://www.oloommagazine.com/images/Articles/17/SCI2001b17N3-4_H15_001719.jpg
يستطيع الحفاض النبوذ الكبير الحجم احتجاز نصف گالون من الماء، ويعزى السر في ذلك إلى المواد الفائقة الامتصاص.
http://www.oloommagazine.com/images/Articles/17/SCI2001b17N3-4_H15_001720.jpg
يحتوي عديد أكريلات الصوديوم على عدة مجموعات من كربوكسيلات الصوديوم معلقة بالسلسلة الرئيسية. وعند ملامسة الماء ينفصل الصوديوم تاركا أيونات الكربوكسيل وحدها. وبما أن هذه الأيونات سالبة الشحنة، فهي تتنافر بعضها مع بعض، وبذا يتفكك الپوليمر ويمتص الماء المنجذب نحو ذرات الصوديوم. ويتحول الپوليمر بروابطه الضعيفة المتبادلة weak cross links إلى بنية كيميائية ثلاثية الأبعاد تتجاوز أوزانها الجزيئية المليون، وبهذا لا يمكنها أن تذوب، بل تتصلب متحولة إلى هلام gel.
http://www.oloommagazine.com/images/Articles/17/SCI2001b17N3-4_H15_001721.jpg
http://www.oloommagazine.com/images/Articles/17/SCI2001b17N3-4_H15_001722.jpg
إن معظم المواد المستخدمة في الحفاض النبوذ هي مواد اصطناعية، منها عديد الپروپيلين polypropylene الذي يستعمل في الملابس الرياضية الداخلية الشتوية، ويؤلف الطبقة الداخلية للحفاض ويمتاز بنعومة الملمس وبقائه جافا وعزله السائل عن الجلد. ثم يقع مسحوق عديد الأكريلات polyacrylate الفائق الامتصاص في لب الحشوة ممتزجا بالسليولوز المزغَّب fluffy cellulose. وتقاوم هذه الطبقة من الليف (السليولوز أو المادة الاصطناعية) تأثير الجاذبية عن طريق توزيع السائل على السطح الكامل للمسحوق بدلا من تركه يتجمع في مكان واحد. أما الطبقة الخارجية فيتألف معظمها من عديد الإيثيلين polyethylene ذي المسام المجهرية الذي يحتجز السائل ويسمح بانطلاق البخار، مما يساعد على التهوية. وتقوم مواد لاصقة بتجميع هذه المكونات معا. أما أطراف الحفاض التي تطوق الفخذ فمصنوعة من عديد الپروپيلين المطاطي الكاره للماء hydrophobic الذي يمنع التسرب؛ ويثبَّت الحفاض حول جسم الطفل بشرائط لاصقة.
هل تعلم...
• أن المواد الفائقة الامتصاص ليست مفيدة في حفظ الصحة الشخصية فحسب (مثل الحفاضات ورفادات سلس البول للكبار(3) وغيرها)، بل إنها تستخدم أيضا مماسح(4) لإزالة النفايات الطبية في المستشفيات، وفي حماية كبلات الطاقة الصناعية والكبلات الضوئية من تسربات الماء، وكذلك تستعمل في تنقية(5) وقود الطائرات من الماء، وفي معالجة(6) تربة الحدائق؛ إذ تزيد من قدرتها على الاحتفاظ بالماء، فضلا عن استخدامها في لعب الأطفال التي تتمدد حال وضعها في الماء.
• أنه في دراسة نشرت عام 1999، وُجِد أن الفئران التي تعرضت للحفاظات النبوذ عانت تهيجات في العين والأنف والحلق يشبه بعضها أزمة الربو. وربما تكون الغازات المتصاعدة من المذيبات والمواد الكيميائية الأخرى التي تحويها الحفاضات هي المسؤولة عن ذلك. وقد أُوقف استعمال المواد الفائقة الامتصاص في صناعة الدحسات(7)، بعد انتشار متلازمة الصدمة السمية toxic shock syndrome عام 1980.
• أن الأطفال الذين يستخدمون الحفاضات القماشية يتدربون على استعمال المرحاض مبكرا قبل أقرانهم الذين يستخدمون الحفاضات النبوذ بنحو عام. ومع أن ذلك قد يكون أمرا متعلقا بالأعراف السارية، فقد يعزى أيضا إلى فائقية امتصاص الحفاضات النبوذ التي تمنع الطفل والقائم على رعايته أيضا من التيقن من حدوث الإخراج(8)، ومن ثم لا يربط الطفل بسهولة بين رغبته في التبول (أو التبرز) واستعمال المرحاض.
(*) Superabsorber Disposable Diapers
(1) ويقال أيضا: المتماثرات، والمكاثير (جمع مكثور).
(2) no rash and no trash
(3) adult incontinence pads
(4) mops
(5)filtering
(6) conditioning
(7) tampons، وهي الدِّكّات المستعملة في حشو الجروح.
(8) elimination (الاطِّراح). (التحرير)
أعضاء المنتدي الكرام
هذا المقال منشور بمجلة العلوم عدد مارس ابريل 2001
الحفاضات النَّبوذ الفائقة الامتصاص(*)
لو سبق لك القيام بنزع حفاض طفل رضيع في وقت ما قبل عقد من الزمن لاعترتك الدهشة، لا لقذارة الحفاض فحسب ولكن لثقله أيضا. أما اليوم فتستطيع الحفاضات النَّبوذ disposable diapers احتجاز أرطال من البول، ومع ذلك تبدو كأنها جافة. وربما كان هذا هو السبب الذي جعل استخدام الحفاضات القماشية محصورا في عدد قليل من الأطفال الأمريكيين الذين تقل نسبتهم عن 5 في المئة.
ويرجع الفضل في ميزة هذا الامتصاص المذهل إلى عائلة الپوليمرات(1) «الأليفة للماء» hydrophilic polymers، التي تدعى عديدة الأكريلات polyacrylates. ويمكن القول إن أبسط أنواعها هو عديد أكريلات الصوديوم الذي يمكنه احتجاز ما يربو على 800 مرة قدر وزنه من الماء المقطر. ولكن البول ليس كله ماء؛ والأيونات (الشوارد) والأملاح الذائبة تعمل على تخفيض قدرة عديدة الأكريلات على امتصاص الماء إلى ما يقل عن العُشْر. هذا وتستخدم الشركات التجارية الرئيسية توليفات من عديدات الأكريلات التي يُفترض أن أداءها هو الأفضل. ولكن يبدو أن الحصول على وصفة لتصنيع القنبلة الذرية أيسر من معرفة طريقة حشو الحفاض التي أضحت صناعة تنافسية.
وقد تكون الحفاضات النبوذ هي الأفضل لأنها تبقي على جلد الرضيع أجف مما يحدث عند استعمال نظيرتها القماشية، وإن كان الفرق غير واضح عمليا، إذ تستبدل الحفاضات القماشية بصورة أكثر تواترًا من الحفاضات النبوذ، ولذا فإن الأطفال لا يعانون كثيرا حدوث طفح جلدي rash ناجم عن استعمال الحفاضات. ويشير مؤيدو استخدام الحفاضات القماشية إلى التكلفة البيئية الباهظة للحفاضات النبوذ. إن من الصعب إيراد تقدير كمي للمعادلة البيئية الإجمالية الناجمة عن استعمال الحفاضات القابلة للغسل مقابل الحفاضات النبوذ؛ ولكن الأخيرة تشكل قدرا مهما من سيل نفايات المدن، وتضيف نحو 2.7 مليون طن متري من البول والبراز واللدائن (الپلاستيك) والورق إلى مقالب النفايات في الولايات المتحدة كل عام.
وفي الأقطار الحارة يبقى الأطفال غالبا دون حفاض، إذ يُعدُّ القيام بتنظيف الأرضية هو الأرخص ثمنا. وعندما قام أحد الغرباء أثناء زيارته الهند بإبلاغ إحدى الأمهات بضرورة استخدام الحفاض امتعضت، لأنها تعد تعريض الطفل للانحصار في حفاض كتيم عملا قاسيا ومعاملة غير مألوفة، والنتيجة: لا يصاب هؤلاء الأطفال بطفح جلدي ولا تتراكم النفايات(2).
< M. موكِرْجي>
http://www.oloommagazine.com/images/Articles/17/SCI2001b17N3-4_H15_001719.jpg
يستطيع الحفاض النبوذ الكبير الحجم احتجاز نصف گالون من الماء، ويعزى السر في ذلك إلى المواد الفائقة الامتصاص.
http://www.oloommagazine.com/images/Articles/17/SCI2001b17N3-4_H15_001720.jpg
يحتوي عديد أكريلات الصوديوم على عدة مجموعات من كربوكسيلات الصوديوم معلقة بالسلسلة الرئيسية. وعند ملامسة الماء ينفصل الصوديوم تاركا أيونات الكربوكسيل وحدها. وبما أن هذه الأيونات سالبة الشحنة، فهي تتنافر بعضها مع بعض، وبذا يتفكك الپوليمر ويمتص الماء المنجذب نحو ذرات الصوديوم. ويتحول الپوليمر بروابطه الضعيفة المتبادلة weak cross links إلى بنية كيميائية ثلاثية الأبعاد تتجاوز أوزانها الجزيئية المليون، وبهذا لا يمكنها أن تذوب، بل تتصلب متحولة إلى هلام gel.
http://www.oloommagazine.com/images/Articles/17/SCI2001b17N3-4_H15_001721.jpg
http://www.oloommagazine.com/images/Articles/17/SCI2001b17N3-4_H15_001722.jpg
إن معظم المواد المستخدمة في الحفاض النبوذ هي مواد اصطناعية، منها عديد الپروپيلين polypropylene الذي يستعمل في الملابس الرياضية الداخلية الشتوية، ويؤلف الطبقة الداخلية للحفاض ويمتاز بنعومة الملمس وبقائه جافا وعزله السائل عن الجلد. ثم يقع مسحوق عديد الأكريلات polyacrylate الفائق الامتصاص في لب الحشوة ممتزجا بالسليولوز المزغَّب fluffy cellulose. وتقاوم هذه الطبقة من الليف (السليولوز أو المادة الاصطناعية) تأثير الجاذبية عن طريق توزيع السائل على السطح الكامل للمسحوق بدلا من تركه يتجمع في مكان واحد. أما الطبقة الخارجية فيتألف معظمها من عديد الإيثيلين polyethylene ذي المسام المجهرية الذي يحتجز السائل ويسمح بانطلاق البخار، مما يساعد على التهوية. وتقوم مواد لاصقة بتجميع هذه المكونات معا. أما أطراف الحفاض التي تطوق الفخذ فمصنوعة من عديد الپروپيلين المطاطي الكاره للماء hydrophobic الذي يمنع التسرب؛ ويثبَّت الحفاض حول جسم الطفل بشرائط لاصقة.
هل تعلم...
• أن المواد الفائقة الامتصاص ليست مفيدة في حفظ الصحة الشخصية فحسب (مثل الحفاضات ورفادات سلس البول للكبار(3) وغيرها)، بل إنها تستخدم أيضا مماسح(4) لإزالة النفايات الطبية في المستشفيات، وفي حماية كبلات الطاقة الصناعية والكبلات الضوئية من تسربات الماء، وكذلك تستعمل في تنقية(5) وقود الطائرات من الماء، وفي معالجة(6) تربة الحدائق؛ إذ تزيد من قدرتها على الاحتفاظ بالماء، فضلا عن استخدامها في لعب الأطفال التي تتمدد حال وضعها في الماء.
• أنه في دراسة نشرت عام 1999، وُجِد أن الفئران التي تعرضت للحفاظات النبوذ عانت تهيجات في العين والأنف والحلق يشبه بعضها أزمة الربو. وربما تكون الغازات المتصاعدة من المذيبات والمواد الكيميائية الأخرى التي تحويها الحفاضات هي المسؤولة عن ذلك. وقد أُوقف استعمال المواد الفائقة الامتصاص في صناعة الدحسات(7)، بعد انتشار متلازمة الصدمة السمية toxic shock syndrome عام 1980.
• أن الأطفال الذين يستخدمون الحفاضات القماشية يتدربون على استعمال المرحاض مبكرا قبل أقرانهم الذين يستخدمون الحفاضات النبوذ بنحو عام. ومع أن ذلك قد يكون أمرا متعلقا بالأعراف السارية، فقد يعزى أيضا إلى فائقية امتصاص الحفاضات النبوذ التي تمنع الطفل والقائم على رعايته أيضا من التيقن من حدوث الإخراج(8)، ومن ثم لا يربط الطفل بسهولة بين رغبته في التبول (أو التبرز) واستعمال المرحاض.
(*) Superabsorber Disposable Diapers
(1) ويقال أيضا: المتماثرات، والمكاثير (جمع مكثور).
(2) no rash and no trash
(3) adult incontinence pads
(4) mops
(5)filtering
(6) conditioning
(7) tampons، وهي الدِّكّات المستعملة في حشو الجروح.
(8) elimination (الاطِّراح). (التحرير)