الخيال اهم
04-22-2010, 08:16 AM
ابتداء من النصف الثاني من القرن العشرين, ظهر اتجاه يرى أن التصورات العلمية ليست سوى (أدوات) جيدة للتعامل مع العلم وأنها لا تتسم بأي واقعية أكثر من غيرها من التصورات أو الأساطير. وهذا الرأي يمثل اتجاها أساسيا في فلسفة العلم المعاصرة يسمى (الأداتية) يتبناه علماء وفلاسفة مرموقون. ربما لا تجد في هذا التصور شيئا معقولا, ولكن إن شئت معرفة سبب نشأة ذلك الاتجاه الغريب, دعنا نتفحص معا أحد الأساطير العلمية المعاصرة, عالم العوالم المتعددة والاتصال عبر الكون والطاقة السالبة وعدم اليقين, عالم (ميكانيكا الكم).
يعتبر (الإلكترون) أشهر جسيم يعمل طبقا لقوانين ميكانيكا الكم, فهو يمثل لفظا مألوفا بالنسبة لكل إنسان, حتى الأطفال الصغار - فالأجهزة (الإلكترونية) هي جزء أساسي من الحياة المعاصرة, ونحن نتعامل معها في كل مكان تقريبا. ولكن ما هو الإلكترون على وجه التحديد? فهذا أمر لا نعرفه, و(نحن) هنا لا نعني الإنسان العادي فقط, وإنما أيضا العلماء. فالإلكترون هو أحد الجسيمات التي تتكون منها الذرة, وهو يدور حول الذرة في مدار محدد على مستوى محدد, وقد استطاع العلماء أن يحددوا بدقة كتلة الإلكترون بالنسبة لكتلة الذرة. والإلكترون يمكن أيضا أن يوجد حرا في الفضاء على هيئة إلكترونات حرة أو أشعة. والتصور الطبيعي لمثل هذا الجسيم هو أنه جسيم مادي محدد الشكل, على هيئة كرة مثلا, وأنه يتحرك طبقا للقوانين الطبيعية مثل أي جسم طبيعي آخر. فيمكننا - مثلا - أن نتنبأ أين يوجد وفي أي اتجاه يتحرك وبأي سرعة, إذا عرفنا موقعه الحالي وسرعته واتجاهه, وذلك مثل أي جسم طبيعي آخر.
ولكن الإلكترون يسلك في الواقع سلوكا مختلفا عن ذلك تماما, فإذا أطلقنا سيلا من الإلكترونات نحو حاجز به ثقب واحد وخلفه لوح حسّاس فسنجد أن هذا اللوح يضيء عند نقطة محددة تماما, كما هو متوقع, أما إذا استبدلنا ذلك الحاجز بحاجز آخر ذي ثقبين متجاورين فسنجد شيئا غريبا, وهو أن اللوح الحساس سوف يعطينا درجات من الإضاءة القوية والضعيفة فيما يعرف بظاهرة التداخل. فالإلكترونات في هذه الحال تسلك سلوك الموجات وليس سلوك الجسيمات. بل إنه إذا أسقطت الإلكترونات واحدا واحدا نجد أن نمط التداخل يظل موجودا, مما يعني أن الإلكترون الواحد قد مر خلال الثقبين في الوقت نفسه. والإلكترون يدور حول الذرة في مدارات محددة بمستويات طاقة معينة, فإذا انتقل إلى مستوى أعلى امتصّ وحدة من الطاقة (تسمى فوتونا), وهو ينتقل ما بين تلك المستويات دون أن يمر بالمسافة القائمة بينهما. والإلكترون لا يمكن معرفة مكانه وسرعته واتجاهه في الوقت نفسه. وذلك ليس بسبب عدم وجود أجهزة للقياس, وإنما بسبب أنه إذا عرفنا مكانه بدقة أصبحت سرعته غير محددة إلا بواسطة الاحتمالات, أما إذا عرفنا سرعته أصبح مكانه غير محدد, فهو يمكن أن يوجد في أكثر من مكان في الوقت نفسه.
والإلكترون في النهاية ليس جسيما وليس موجة, وإنما له الصفات المشتركة للموجة وللجسيم, ولذلك يمكنك تخيّل الإلكترون في أي هيئة تحتمل الصفتين, سحابة - مثلا - تهتز موجيا أو مجموعة من الخيوط المتراكبة التي تهتز موجيا أو غلالة تتشكل موجيا, ولن تكون تصوراتك تلك بعيدة عن تصورات العلماء. المهم هو أن يفي تصورك هذا بمتطلبات المعادلة الرياضية الموجية التي تحكم الإلكترون, والتي اكتشفها العلماء من خلال التجارب العلمية. وهذه المعادلة العلمية, والتي تسمى بمعادلة شرودنجر, هي المعادلة الأساسية في علم (ميكانيكا الكم) والتي أضيفت إليها صياغات أخرى على يد ماكس بورن وفيرنر هايزنبرج ثم بول ديراك. وتتضمن المبدأ الشهير الذي صاغه هايزنبرج والمسمى بمبدأ عدم اليقين. وهو المبدأ القائل إن موضع وكمية حركة أي شيء (سواء كان إلكترونا أو بروتونا أو نيوترونا...إلخ) لا يمكن أن يتحددا بدقة في وقت واحد, فإذا تمكنا من قياس أحدهما أصبح الثاني غير محدد إلا بصورة احتمالية.
لا أحد يفهم ميكانيكا الكم
ربما أصابتك تلك المعلومات ببعض الحيرة والارتباك, لا بأس, فهذا يعني أنك قد بدأت تفهم ماذا تعني (ميكانيكا الكم). وهذه ليست دعابة, وإنما هذا هو رأي العالم الشهير جون أرشيبالد ويلر من جامعة برنستون وأحد أكبر منظري ميكانيكا الكم وتلميذ نيلز بور. ويؤكد ذلك العالم الشهير ريتشارد فاينمان المعروف بمشاركته في صياغة نظرية المجالات (الكمية) عام 1947 وبنظريته في (حاصل جمع التواريخ) لتفسير نظرية (الكم) حيث يقول: (أظن أنني يمكنني القول بأمان إنه لا أحد يفهم (ميكانيكا الكم). وقد سبق للعالم الشهير ألبرت أينشتين المعروف بنظريته (النسبية العامة) أن اعترض بشدة على (ميكانيكا الكم), أما دانييل جرينبرج, وهو عالم مرموق من سيتي كولج في نيويورك, فيذكر أن أينشتين سبق أن قال (إنه إذا كانت ميكانيكا الكم حقيقة, فإن العالم يكون قد جن), ثم يضيف, (حسنا, أينشتين كان محقا, فالعالم هو حقا مجنون). أما أنتوني زيلينجر من جامعة إينزبروك فيقول: (بالنسبة لي الهدف الأساسي من عمل التجارب هو بيان مدى غرابة الفيزياء الكمية. ويضيف: إن معظم الفيزيائيين غاية في السذاجة لأنهم مازالوا يعتقدون في الوجود الحقيقي للموجات والجسيمات.
ولم تصدر تلك الآراء عن علماء مرموقين لأسباب خاصة برؤاهم الشخصية أو وجهات نظرهم الذاتية, وإنما صدرت بناء على ظواهر علمية حقيقية عاينوها في المعامل وأنتجوها في حساباتهم النظرية, وبالرغم من تعقيد تجارب العلماء فإن الأمر يحتاج إلى فهم مبسط لبعض تلك التجارب حتى نستطيع أن ندرك سبب اتخاذ هؤلاء العلماء هذه المواقف. ولسوف نحاول في السطور التالية تبسيط إحدى التجارب المشهورة في ميكانيكا الكم وتسمى تجربة (e.p.r) حتى يتبين لنا بصورة مباشرة مدى غرابة حركة الأجسام حسب ميكانيكا الكم.
وتجربة (e.p.r.) ليست سوى امتداد لتجربة (الثقبين) المعروفة والتي يتم فيها تمرير الضوء (أو الإلكترونات) من خلال ثقبين في حاجز وسقوطه على لوح حساس, وهي التجربة التي كان أول مَن قام بها هو توماس يونج في أوائل القرن التاسع عشر, وأثبت من خلالها أن الضوء يتكون من موجات. وقد سميت تجربة (e.p.r.) بهذا الاسم حسب الحرف الأول لأسماء ثلاثة علماء اعترافا بفضلهم, وهم: ألبرت أينشتين وبوريس بودولسكي وناثان روزن. ولكن بدلا من استخدام ثقبين لتقسيم أشعة الضوء, يتم استخدام جهاز لتقسيم الأشعة عبارة عن مرآة من الزجاج المصقول بالفضة, بحيث يعكس 50% من الأشعة بالضبط, ويمرر النصف الباقي. بالإضافة إلى ذلك, فإن أجهزة الاستقبال الحديثة يمكنها إظهار الفوتونات الفردية (وهي التي يتكون منها الضوء) حينما تسقط على الجهاز, حيث تضيء في نقطة معينة في وقت محدد مثل الجسيمات.
ولهذه التجربة مراحل عدة مصممة لبيان الظواهر الغريبة لميكانيكا الكم, ففي المرحلة الأولى مع إرسال ومضة ضوئية تنقسم الأشعة إلى قسمين وتسير بواسطة مرايا خاصة في مسارين مختلفين, ثم تلتقي عند جهاز الاستقبال مكونة درجات من الإضاءة القوية والضعيفة فيما يعرف بـ(نمط التداخل). وظهور نمط التداخل هو دليل على أن الفوتون الضوئي يتصرف على هيئة موجة, وأنه ينقسم في المسارين في الوقت نفسه, إذا تحدد مساره (وهي الحال الطبيعية) يتصرف كجسيم. أما إذا أتيحت له الفرصة لأكثر من مسار يتصرف باعتباره موجة.
وفي مرحلة ثانية, اقترح جون ويلر إضافة ما أسماه بالاختيار المتأخر, وذلك بإضافة جهاز كهربائي لأحد المسارين يمكن تشغيله متأخرا بعد مرور الفوتون الأصلي على جهاز الأشعة, بحيث يحول مسار الفوتون الجزئي إلى جهاز استقبال جانبي آخر. أي أن تشغيل الجهاز يتم في الفترة الزمنية ما بين سقوط الفوتون الأصلي على جهاز تقسيم الأشعة, ووصوله إلى جهاز الاستقبال الأول (وهي فترة زمنية ضئيلة جدا). ففي تلك الفترة يكون الفوتون قد مر على جهاز تقسيم الأشعة وتصرف على أنه موجة كما هي الحال في التجربة الأصلية, ولذلك يفترض أنه لا يمكن تغيير حالته بعد ذلك. ولكن عند إجراء التجربة وتشغيل جهاز تحويل المسار لأحد جزأي الفوتون بحيث يسقط على جهاز استقبال آخر, يتصرف الفوتون على أنه جسيم فلا ينقسم, ويذهب إما إلى المسار الأول الأصلي أو إلى المسار الثاني الجانبي, وإذا تم إيقاف جهاز التحول, متأخرًا, يعود الفوتون إلى وضع الموجة وينقسم إلى جزأين, بحيث يلتقي الجزآن مرة ثانية على جهاز الاستقبال الأصلي.
والمشكلة هي أننا نقوم بتشغيل جهاز تحويل المسار بعد أن يكون الفوتون قد مرّ على جهاز تقسيم الأشعة وتحددت طبيعته, ومع ذلك فإن الفوتون يأخذ القرار بالتصرف على هيئة الموجة أو على هيئة الجسيم متأخرا بعد تشغيل الجهاز أو إيقافه. فكيف يعرف الفوتون أننا (سوف) نقوم بتشغيل جهاز التحويل بحيث يختار الاختيار الصحيح بين التصرف كجسيم أو كموجة قبل قيامنا بتشغيل الجهاز فعلا. في هذه التجربة, يبدو أن الفوتون يتصرف كما لو كان مجرد التهديد بأننا يمكننا أن نحدد مسار كل من جزأي الفوتون, من خلال تشغيل جهاز التحويل, يؤدي إلى اتخاذ الفوتون لحالة الجسيم.
وفي مرحلة ثالثة بين فريق بقيادة ماندل من جامعة روشستر أنه يمكن إجبار فوتون ليتحول من الحال الموجية إلى الحال الجسيمية, وذلك من خلال جهاز مخفض للطاقة يمكنه أن يقسم الفوتون الواحد الذي له طاقة محددة إلى فوتونين ولكل منهما نصف الطاقة. وعند مرور الفوتون بهذا الجهاز ينقسم إلى نوعين, واحد يسمى الفوتون الإشاري والآخر يسمى الفوتون الخامل, وعندما تمر ومضة الضوء على مقسم الأشعة تنقسم إلى مسارين ثم يمر كل منهما على مخفض الطاقة, فينقسم مرة أخرى إلى إشاري وخامل, وفي النهاية يوجه كل مسارين معا بحيث يضم الإشاريين معا والخاملين معا, فينتج الفوتونان الإشاريان فقط نمط التداخل. ولكن على الرغم من الانفصال التام بين هذين المسارين في النهاية, فإنه إذا عطل العلماء مسار الفوتونات الخاملة يختفي نمط التداخل الخاص بالموجات الإشارية ويستبدل بنمط الجسيمات.
والمشكلة في هذه الحال هي أن الفوتون يجب أن يقرر اتخاذه للصورة الجسيمية أو الصورة الموجية فور سقوطه على مقسم الأشعة, فكيف يعلم بعد ذلك أننا قد عطلنا المسار الآخر والمنفضل عنه تماما حتى يقرر اتخاذ حال الجسيم. بل وأكثر من ذلك, فالمعروف أن محاولة قياس حركة الجسيم تؤثر على حالته, ولكن أثبت بعض العلماء في مرحلة تالية من هذه التجربة أنه يمكن محو آثار القياس على الجسيم فيتصرف كأنها لم تحدث بعد أن حدثت. وعلق على ذلك ادوين جاينس من جامعة واشنطن, وهو من العلماء المرموقين, في بحث له أن هذه العملية تشبه نوعا من تحضير الأرواح في القرون الوسطى.
التشابك والاتصال الآني عن بعد
ولكن عجائب ميكانيكا الكم لاتنتهي, فهناك لغز رئيسي لم يستطع أحد أن يفسّره حتى الآن, وهو ظاهرة الترابط. فهذه الظاهرة تكشف عن إمكان وجود اتصال ضمني بين أجزاء الكون عبر مسافات شاسعة من الزمان والمكان. فمن حيث المبدأ يمتلك كل فوتون زاوية استقطاب باعتباره موجة, ويمكن التأثير على الفوتون بحيث تتغير تلك الزاوية.
وفي تجربة تمت في هيئة الإشارات والرادار بإنجلترا تم إرسال زوج من الفوتونات في اتجاهين معاكسين من جهاز خاص يجعل الفوتونين مرتبطين من حيث زاوية الاستقطاب والعزم. وتم توجيه كل منهما إلى جهاز استقبال مختلف حيث يظهر على كل منهما نمط التداخل, وبإجراء القياس على أحد الفوتونين تبين أن الفوتونين يظلان مرتبطين كل منهما بالآخر بطريقة ما محيّرة تماما. وبمقتضاها فإن التأثير على زاوية الاستقطاب في أحد الفوتونين يؤثر لحظيا في قيمة تلك الزاوية عندما يجري القياس على الفوتون الآخر. والنقطة الحاسمة هي أن النتيجة الموجودة لأحد الفوتونات تحدد في الحال النتيجة التي يجب أن توجد في الفوتون الآخر, لأن نتائج القياسات على كل من الفوتونين مترابطة بصورة رياضية دقيقة. ولا يتأثر ذلك الارتباط بالمسافة بين الفوتونين. فمن الناحية النظرية سيظل ذلك التأثير قائما حتى لو أصبح أحد الفوتونين في أحد جانبي المجرة والآخر في الجانب الآخر منها. وتنطبق هذه الظاهرة هي الأخرى على أي منظومة (كمية) تخضع لقوانين ميكانيكا الكم, مثل مكونات الذرة المختلفة.
ولأن هذه التجربة تبين, من الناحية النظرية, أن التأثير على أحد الأجسام (الكمية) يؤدي إلى التأثير على الجسم الآخر (آنيا), فإن هذه الظاهرة تعد نوعا من الاتصال عبر المكان والزمان. ولأن الإشارات التلغرافية (صفر وواحد) يمكن تحويلها إلى رسائل ذات معنى, فإن هذه الظاهرة يسميها بعض العلماء بظاهرة (تليفون e.p.r).
وأكثر من ذلك فتخبرنا نظرية الكم أن ما نتصوره على أنه فضاء (خاو) في الواقع لا يمكن أن يكون خاويا بالكامل, لأن هذا سيعني أن كل المجالات, مثل مجالات الجاذبية والكهرومغناطيسية يجب أن تكون صفرا بالضبط, والمجال يحدد في ميكانيكا الكم من خلال قيمته (طاقته) ومعدل تغير تلك القيمة. وطبقا لمعادلة شرودنجر ومبدأ عدم اليقين إذا زادت دقة ما نعرفه عن أحد تلك المقادير قلت دقة ما نعرفه عن المقدار الآخر. وهكذا فإنه في الفضاء الخاوي لا يمكن للمجال أن يكون ثابتا عند الصفر بالضبط. وذلك لأنه يجب أن يكون ثمة قدر أدنى من عدم اليقين, أو تذبذبات للكم بالنسبة لقيمة المجال. ويمكن للمرء أن يتصور هذه التذبذبات كأزواج (سالبة وموجبة) من جسيمات الضوء والجاذبية تظهر معا في وقت ما وتتحرك منفصلة ثم تلتقي معا ثانية ويفني أحدهما الآخر. وهذه الجسيمات هي جسيمات تقديرية (أي حسابية فقط), ولا يمكن رصدها مباشرة بواسطة كشاف الجسيمات. ولما كان من غير الممكن استحداث الطاقة من لا شيء, فإن أحد الشريكين من أزواج الجسيمات سيكون له طاقة موجبة وللآخر طاقة سالبة.
وفي واقع الأمر, لا أحد يفهم معنى أن تكون الطاقة سالبة, ويرى بعض العلماء أنه إذا أمكن اقتناص طاقة سالبة, فإنه سيمكن من حيث المبدأ تصميم آلات تعمل للأبد دون الحاجة لطاقة خارجية. وقد تم إثبات وجود الطاقة السالبة من خلال تفسير الظاهرة المشهورة المسمّاة ظاهرة كاسيمير. فقد بيّن العالم الهولندي عام 1948 كيف أن وجود صفيحتين معدنيتين متوازيتين غير مشحونتين بمقربة شديدة من بعضهما يعدل تأرجحات الفراغ مما يجعلهما تتجاذبان. وتبين من الحسابات أن تقاربهما الشديد يؤدي إلى نشوء طاقة سالبة تزداد شدة كلما ضاق الحيز بينهما.
التراكب وانهيار الدالة الموجية
وزيادة في الغموض, ربما, تعتبر ميكانيكا الكم هذه, التي لا يفهمها أحد, أنجح نظرية علمية في تاريخ العلم. فميكانيكا الكم, من خلال مفاهيم عدم اليقين والدالة الموجية نجحت في التنبؤ بوجود المادة المضادة, وفي فهم النشاط الإشعاعي (الذي قاد إلى الطاقة النووية), وفي شرح سلوك المواد كأشباه الموصلات (المستخدمة في أجهزة الكمبيوتر), وفي تفسير الموصلية الفائقة, وفي توصيف التفاعلات التي تحدث بين الضوء والمادة (الذي قادنا إلى اختراع الليزر), والتفاعلات بين الموجات الراديوية ونويات الذرات (والتي أدت إلى التصوير بالرنين المغناطيسي), وغير ذلك الكثير من الإنجازات العلمية.
واللفظ ميكانيكا يعني دراسة حركة الأجسام, ونظرا لأن الأجسام دون الذرية تكتسب طاقة وتطلقها على هيئة وحدات محددة من الطاقة أو (كمات), سميت دراسة حركة الأجسام دون الذرية باسم (ميكانيكا الكم). وليس الفوتون فقط هو الذي يتصرف بصورة جسيمية - موجية, وإنما كل مكونات الذرة. والمشكلة في الصورة الموجية هي أن حركة الجسيم لا تتحدد في هذه الحال إلا بشكل احتمالي. والصورة الاحتمالية, بحسب معادلة شرودنجر, تتضمن أن الجسيم يمكن أن يوجد في أكثر من موضع في آن واحد نتيجة تركيب الحالات المتعددة المحتملة للجسيم.
وقد بيّن شرودنجر أنه إذا كانت الأشياء الميكروسكوبية, كالذرات, تتراكب بهذا الشكل الغريب, فلابد إذن أن تنهج الأشياء الميكروسكوبية (الكبيرة) النهج ذاته. ونظرا لأنه من الواضح أن الأشياء الكبيرة الحجم كالمجلة التي تقرؤها مثلا, أو منزلك, أو سيارتك...إلخ, لاتوجد في أكثر من موضع في آن واحد أصبح من الضروري تفسير المشاهدات التجريبية التي أنتجت معادلة شرودنجر تفسيرا مرضيا. وقد حاول شرودنجر أن يقدم مثلا واقعيا على تلك المشكلة, فطرح فكرة (تجربة القطة) المشهورة. وفي تلك التجربة يقتل جهاز ما قطة موضوعة في صندوق مغلق عندما تتحلل ذرة ما إشعاعيا. ولأنه عند زمن نصف العمر تكون الذرة من وجهة نظر ميكانيكا الكم متحللة وغير متحللة في الوقت نفسه, فإنه بعد هذا الزمن تكون القطة حية وميتة في الوقت نفسه.
ولتفسير التناقض بين ما تطرحه النظرية من تعدد الحالات للجسيم الواحد في الوقت نفسه, وتسمى التركيب (أو التراكب), وبين تحدد الجسيم بحال واحدة عند الملاحظة أو القياس طرحت عدة تصورات, وكل تلك التصورات هي بصورة أو بأخرى تصورات غير معقولة. والتفسير الأول هو تفسير كوبنهاجن, وهو الاتجاه الذي كوّنته مناقشات نيلز بور وفيرنر هايزنبرج في عشرينيات القرن الماضي. وهذا التفسير مبني على أساس أن الملاحظة تؤدي تلقائيا إلى انهيار الدالة الموجية, فيرى المراقب الجسيم في حال محددة. وهذا التفسير يعني أن الواقع في ذاته متراكب, وأن القطة في الحقيقة حية وميتة في الوقت نفسه, وأن ملاحظة القطة عند فتح الصندوق هي السبب في تحديد حالتها سواء حية أو ميتة. وأن السبب في أننا لا نرى حالات التراكب تلك في الواقع المعيش هو أننا نلاحظ الأشياء من حولنا فتتحدد حالتها. وفي الحال العادية تحكم الدالة الموجية (معادلة شرودنجر) حركة الجسيم وتسمى حال التراكب (أي تعدد الحالات في الوقت نفسه), وفي حال الملاحظة تصبح حال الجسيم محددة, وتسمى بانهيار الدالة الموجية.
التطور التاريخي لميكانيكا الكم
- يبدأ تاريخ ميكانيكا الكم في 14/12/1900 حينما نشر ماكس بلاك بحثا عن الطيف الضوئي الصادر عن جسم أسود ساخن حتى التوهج, وتضمنت حساباته فرضية غريبة هي أن الطاقة الناتجة تصدر على هيئة وحدات أو كميات محددة, سميت (كمات).
- في عام 1905 نشر أينشتين بحثا عن الظاهرة الكهرومغناطيسية, مبينا أن الضوء وكل الأشعة الكهرومغناطيسية تنتقل من خلال (كتل) متميزة تسمى فوتونات.
- في عام 1913 فسر نيلز بور تكوين الذرة على أساس أن الإلكترونات تدور حول النواة على مستويات معينة ولا تفقد طاقة إلا حينما تنتقل من مدار أخفض مطلقا فوتونا.
- في عام 1923 اقترح لويس دي بروي أن الإلكترونات وغيرها من الجسيمات تسلك سلوك الموجات المستقرة.
- في عام 1925 طرح باولي مبدأ الاستبعاد والذي يبين أنه لا يمكن لأي جسيمين لهما نفس الحالة الكمية أن يوجدا في المستوى الطاقي الكمي نفسه.
- في عام 1926 قدم ارفين شرودنجر الوصف الرياضي للمعادلة الرياضية لميكانيكا الكم.
- في عام 1927 قدم هيزنبرج مبدأ عدم اليقين وطور مع ماكس بورن وباسكال جوردان صياغة مكافئة لمعادلة شرودنجر.
- في عام 1928 قدم بول ديراك المعادلة العامة لميكانيكا الكم, التي تأخذ النسبية وقيمة اللف في الاعتبار وسميت معادلة الإلكترون.
- في عام 1932 اكتشاف الإلكترون المضاد.
- في عام 1947 اكتشاف (نظرية المجال الكمية المعاد تسويتها), على يد فاينمان وشفينجر وتوموناجا ودايسون, والتي مكنت العلماء من حساب التفاعلات بين الفوتونات والإلكترونات بصورة دقيقة.
- في عام 1964 طرح موراي جيلمان نظرية (الكوارك) لتفسير البناء الداخلي للذرة.
- في عام 1969 قدم عبدالسلام وفينبرج نظرية للتوحيد بين القوة الكهرومغناطيسية والقوة النووية الضعيفة.
- وفي 22 أبريل عام 1994 تم الإعلان عن اكتشاف آخر الكواركات المفترض وجودها في بناء المادة, وهو كوارك القمة, وهو يعد آخر وحدة من الوحدات الداخلة في بناء المادة حسب النموذج المعياري للذرة, وتعدت الجسيمات المكتشفة السبعمائة جسيم.
تصورات مستقبلية وخيال علمي
- علم المعلوماتية الكمي: وهو معتمد على ظاهرة التشابك, ويتيح صناعة أجهزة كمبيوتر أسرع بكثير من الأجهزة الحالية, وتوليد مفاتيح شفرات مطلقة المناعة ضد التنصت, ونقل الحالات الكمية عن بعد (نقل المعلومات).
- تطبيقات الطاقة السالبة: يرى بعض العلماء أن الطاقة السالبة يمكن أن تؤدي إلى تكوين أنفاق في الكون تمكننا من السفر عبر المجرات, وإلى صنع آلات دائمة الحركة, وتكوين ثقوب سوداء في حجم الذرة.
- تكنولوجيا النانو والآلات الجزيئية: لأن التحكم في الذرة أصبح ممكنا, فإن العلماء يعتقدون أنه سيصبح ممكنا تركيب آلات وتروس من عدة ذرات فقط. وربما يمكن برمجة تلك الآلات لالتقاط الجزيئات من البيئة وإعادة نسخ نفسها بحيث تتكاثر مثل الكائنات الحية, ولذلك ستكون بلا تكلفة تقريبا وتنجز أشياء هي في عداد المعجزات حاليا.
- الموصلات الفائقة عند درجة الحرارة العادية: يعتبر الفيزيائيون أن التوصل إلى هذه المواد هو بمنزلة التوصل إلى حجر الفلاسفة. فالمواد الفائقة التوصيل تؤدي إلى توصيل التيار الكهربي من دون مقاومة ولا تحتاج إلى تبريد. ويؤدي هذا النوع من المواد إلى توفير الطاقة بشكل كبير جدا حيث يستهلك معظمها في مقاومة التوصيل. ولذلك سيمكن إنتاج أجهزة كمبيوتر أصغر وأسرع وتطوير قطارات تسير بالقوة المغناطيسية رخيصة التكلفة.. إلخ.
- توليد الطاقة بواسطة الاندماج النووي: يعتقد العلماء أنه سيمكن في المستقبل المنظور إنتاج طاقة الاندماج النووي بسعر رخيص, وبالتالي سيمكن استخدام ماء البحر لإنتاج الطاقة. ويقدر الفيزيائيون أن لدينا ما يزيد على مليون سنة من طاقة الاندماج النووي.
- تطور تكنولوجيا الليزر: سيؤدي تطور تكنولوجيا الميكروليزر إلى إمكان صناعة وتطوير الكمبيوتر البصري, وصنع تلفزيون ثلاثي الأبعاد على شكل كرة بللورية أو شاشة حائطية ذات ثلاثة أبعاد.
- تطوير الطاقة من الأشعة الشمسية: وهي العملية التي تعتمد على الخلايا الشمسية, ويقدر العلماء استمرار النجاح في تطوير تلك الخلايا بحيث تغطي تلك الطاقة 60% من كهرباء العالم بحلول عام 2025.
إنجازات كُبرى
- توحيد القوى الأساسية الثلاث, القوة المغناطيسية والقوة النووية القوية والقوة النووية الضعيفة ضمن ما يعرف بالنموذج المعياري للذرة, وتأسيسا على نظرية الكم للمجالات. وفي هذا النموذج تتكون الذرة في النهاية من ثلاثة جسيمات أساسية هي الكواركات واللبتونات والجليونات وتتركب منها مئات الجسيمات التي تشكل تركيب الذرة.
- اكتشاف أشباه الموصلات وظاهرة النفقية للإلكترونات والدوائر المتكاملة والمواد فائقة التوصيل والألياف البصرية. وهي الاكتشافات التي ترتب عليها تطور أجهزة الكمبيوتر وكل أجهزة الاتصالات والأجهزة الإلكترونية والميكروسكوب الإلكتروني.
- اكتشاف أشعة الليزر والميزر والرنين المغناطيسي النووي وما ترتب عليها من تطبيقات تكنولوجية كثيرة في مجالات متعددة.
- اكتشاف الطاقة النووية وإنتاج محطات الانشطار النووي ثم اكتشاف الطاقة الاندماجية الهيدروجينية, واكتشاف الخلية الشمسية لتوليد الطاقة الدائمة من الشمس.
- تفسير المراحل الأولى لنشأة الكون من خلال فكرة النموذج التضخمي في أجزاء ضئيلة من الثانية الأولى من نشأة الكون, وكذلك الكشف عن الثقوب السوداء, اعتمادا على مفهوم الطاقة السالبة.
سمير أبوزيد
يعتبر (الإلكترون) أشهر جسيم يعمل طبقا لقوانين ميكانيكا الكم, فهو يمثل لفظا مألوفا بالنسبة لكل إنسان, حتى الأطفال الصغار - فالأجهزة (الإلكترونية) هي جزء أساسي من الحياة المعاصرة, ونحن نتعامل معها في كل مكان تقريبا. ولكن ما هو الإلكترون على وجه التحديد? فهذا أمر لا نعرفه, و(نحن) هنا لا نعني الإنسان العادي فقط, وإنما أيضا العلماء. فالإلكترون هو أحد الجسيمات التي تتكون منها الذرة, وهو يدور حول الذرة في مدار محدد على مستوى محدد, وقد استطاع العلماء أن يحددوا بدقة كتلة الإلكترون بالنسبة لكتلة الذرة. والإلكترون يمكن أيضا أن يوجد حرا في الفضاء على هيئة إلكترونات حرة أو أشعة. والتصور الطبيعي لمثل هذا الجسيم هو أنه جسيم مادي محدد الشكل, على هيئة كرة مثلا, وأنه يتحرك طبقا للقوانين الطبيعية مثل أي جسم طبيعي آخر. فيمكننا - مثلا - أن نتنبأ أين يوجد وفي أي اتجاه يتحرك وبأي سرعة, إذا عرفنا موقعه الحالي وسرعته واتجاهه, وذلك مثل أي جسم طبيعي آخر.
ولكن الإلكترون يسلك في الواقع سلوكا مختلفا عن ذلك تماما, فإذا أطلقنا سيلا من الإلكترونات نحو حاجز به ثقب واحد وخلفه لوح حسّاس فسنجد أن هذا اللوح يضيء عند نقطة محددة تماما, كما هو متوقع, أما إذا استبدلنا ذلك الحاجز بحاجز آخر ذي ثقبين متجاورين فسنجد شيئا غريبا, وهو أن اللوح الحساس سوف يعطينا درجات من الإضاءة القوية والضعيفة فيما يعرف بظاهرة التداخل. فالإلكترونات في هذه الحال تسلك سلوك الموجات وليس سلوك الجسيمات. بل إنه إذا أسقطت الإلكترونات واحدا واحدا نجد أن نمط التداخل يظل موجودا, مما يعني أن الإلكترون الواحد قد مر خلال الثقبين في الوقت نفسه. والإلكترون يدور حول الذرة في مدارات محددة بمستويات طاقة معينة, فإذا انتقل إلى مستوى أعلى امتصّ وحدة من الطاقة (تسمى فوتونا), وهو ينتقل ما بين تلك المستويات دون أن يمر بالمسافة القائمة بينهما. والإلكترون لا يمكن معرفة مكانه وسرعته واتجاهه في الوقت نفسه. وذلك ليس بسبب عدم وجود أجهزة للقياس, وإنما بسبب أنه إذا عرفنا مكانه بدقة أصبحت سرعته غير محددة إلا بواسطة الاحتمالات, أما إذا عرفنا سرعته أصبح مكانه غير محدد, فهو يمكن أن يوجد في أكثر من مكان في الوقت نفسه.
والإلكترون في النهاية ليس جسيما وليس موجة, وإنما له الصفات المشتركة للموجة وللجسيم, ولذلك يمكنك تخيّل الإلكترون في أي هيئة تحتمل الصفتين, سحابة - مثلا - تهتز موجيا أو مجموعة من الخيوط المتراكبة التي تهتز موجيا أو غلالة تتشكل موجيا, ولن تكون تصوراتك تلك بعيدة عن تصورات العلماء. المهم هو أن يفي تصورك هذا بمتطلبات المعادلة الرياضية الموجية التي تحكم الإلكترون, والتي اكتشفها العلماء من خلال التجارب العلمية. وهذه المعادلة العلمية, والتي تسمى بمعادلة شرودنجر, هي المعادلة الأساسية في علم (ميكانيكا الكم) والتي أضيفت إليها صياغات أخرى على يد ماكس بورن وفيرنر هايزنبرج ثم بول ديراك. وتتضمن المبدأ الشهير الذي صاغه هايزنبرج والمسمى بمبدأ عدم اليقين. وهو المبدأ القائل إن موضع وكمية حركة أي شيء (سواء كان إلكترونا أو بروتونا أو نيوترونا...إلخ) لا يمكن أن يتحددا بدقة في وقت واحد, فإذا تمكنا من قياس أحدهما أصبح الثاني غير محدد إلا بصورة احتمالية.
لا أحد يفهم ميكانيكا الكم
ربما أصابتك تلك المعلومات ببعض الحيرة والارتباك, لا بأس, فهذا يعني أنك قد بدأت تفهم ماذا تعني (ميكانيكا الكم). وهذه ليست دعابة, وإنما هذا هو رأي العالم الشهير جون أرشيبالد ويلر من جامعة برنستون وأحد أكبر منظري ميكانيكا الكم وتلميذ نيلز بور. ويؤكد ذلك العالم الشهير ريتشارد فاينمان المعروف بمشاركته في صياغة نظرية المجالات (الكمية) عام 1947 وبنظريته في (حاصل جمع التواريخ) لتفسير نظرية (الكم) حيث يقول: (أظن أنني يمكنني القول بأمان إنه لا أحد يفهم (ميكانيكا الكم). وقد سبق للعالم الشهير ألبرت أينشتين المعروف بنظريته (النسبية العامة) أن اعترض بشدة على (ميكانيكا الكم), أما دانييل جرينبرج, وهو عالم مرموق من سيتي كولج في نيويورك, فيذكر أن أينشتين سبق أن قال (إنه إذا كانت ميكانيكا الكم حقيقة, فإن العالم يكون قد جن), ثم يضيف, (حسنا, أينشتين كان محقا, فالعالم هو حقا مجنون). أما أنتوني زيلينجر من جامعة إينزبروك فيقول: (بالنسبة لي الهدف الأساسي من عمل التجارب هو بيان مدى غرابة الفيزياء الكمية. ويضيف: إن معظم الفيزيائيين غاية في السذاجة لأنهم مازالوا يعتقدون في الوجود الحقيقي للموجات والجسيمات.
ولم تصدر تلك الآراء عن علماء مرموقين لأسباب خاصة برؤاهم الشخصية أو وجهات نظرهم الذاتية, وإنما صدرت بناء على ظواهر علمية حقيقية عاينوها في المعامل وأنتجوها في حساباتهم النظرية, وبالرغم من تعقيد تجارب العلماء فإن الأمر يحتاج إلى فهم مبسط لبعض تلك التجارب حتى نستطيع أن ندرك سبب اتخاذ هؤلاء العلماء هذه المواقف. ولسوف نحاول في السطور التالية تبسيط إحدى التجارب المشهورة في ميكانيكا الكم وتسمى تجربة (e.p.r) حتى يتبين لنا بصورة مباشرة مدى غرابة حركة الأجسام حسب ميكانيكا الكم.
وتجربة (e.p.r.) ليست سوى امتداد لتجربة (الثقبين) المعروفة والتي يتم فيها تمرير الضوء (أو الإلكترونات) من خلال ثقبين في حاجز وسقوطه على لوح حساس, وهي التجربة التي كان أول مَن قام بها هو توماس يونج في أوائل القرن التاسع عشر, وأثبت من خلالها أن الضوء يتكون من موجات. وقد سميت تجربة (e.p.r.) بهذا الاسم حسب الحرف الأول لأسماء ثلاثة علماء اعترافا بفضلهم, وهم: ألبرت أينشتين وبوريس بودولسكي وناثان روزن. ولكن بدلا من استخدام ثقبين لتقسيم أشعة الضوء, يتم استخدام جهاز لتقسيم الأشعة عبارة عن مرآة من الزجاج المصقول بالفضة, بحيث يعكس 50% من الأشعة بالضبط, ويمرر النصف الباقي. بالإضافة إلى ذلك, فإن أجهزة الاستقبال الحديثة يمكنها إظهار الفوتونات الفردية (وهي التي يتكون منها الضوء) حينما تسقط على الجهاز, حيث تضيء في نقطة معينة في وقت محدد مثل الجسيمات.
ولهذه التجربة مراحل عدة مصممة لبيان الظواهر الغريبة لميكانيكا الكم, ففي المرحلة الأولى مع إرسال ومضة ضوئية تنقسم الأشعة إلى قسمين وتسير بواسطة مرايا خاصة في مسارين مختلفين, ثم تلتقي عند جهاز الاستقبال مكونة درجات من الإضاءة القوية والضعيفة فيما يعرف بـ(نمط التداخل). وظهور نمط التداخل هو دليل على أن الفوتون الضوئي يتصرف على هيئة موجة, وأنه ينقسم في المسارين في الوقت نفسه, إذا تحدد مساره (وهي الحال الطبيعية) يتصرف كجسيم. أما إذا أتيحت له الفرصة لأكثر من مسار يتصرف باعتباره موجة.
وفي مرحلة ثانية, اقترح جون ويلر إضافة ما أسماه بالاختيار المتأخر, وذلك بإضافة جهاز كهربائي لأحد المسارين يمكن تشغيله متأخرا بعد مرور الفوتون الأصلي على جهاز الأشعة, بحيث يحول مسار الفوتون الجزئي إلى جهاز استقبال جانبي آخر. أي أن تشغيل الجهاز يتم في الفترة الزمنية ما بين سقوط الفوتون الأصلي على جهاز تقسيم الأشعة, ووصوله إلى جهاز الاستقبال الأول (وهي فترة زمنية ضئيلة جدا). ففي تلك الفترة يكون الفوتون قد مر على جهاز تقسيم الأشعة وتصرف على أنه موجة كما هي الحال في التجربة الأصلية, ولذلك يفترض أنه لا يمكن تغيير حالته بعد ذلك. ولكن عند إجراء التجربة وتشغيل جهاز تحويل المسار لأحد جزأي الفوتون بحيث يسقط على جهاز استقبال آخر, يتصرف الفوتون على أنه جسيم فلا ينقسم, ويذهب إما إلى المسار الأول الأصلي أو إلى المسار الثاني الجانبي, وإذا تم إيقاف جهاز التحول, متأخرًا, يعود الفوتون إلى وضع الموجة وينقسم إلى جزأين, بحيث يلتقي الجزآن مرة ثانية على جهاز الاستقبال الأصلي.
والمشكلة هي أننا نقوم بتشغيل جهاز تحويل المسار بعد أن يكون الفوتون قد مرّ على جهاز تقسيم الأشعة وتحددت طبيعته, ومع ذلك فإن الفوتون يأخذ القرار بالتصرف على هيئة الموجة أو على هيئة الجسيم متأخرا بعد تشغيل الجهاز أو إيقافه. فكيف يعرف الفوتون أننا (سوف) نقوم بتشغيل جهاز التحويل بحيث يختار الاختيار الصحيح بين التصرف كجسيم أو كموجة قبل قيامنا بتشغيل الجهاز فعلا. في هذه التجربة, يبدو أن الفوتون يتصرف كما لو كان مجرد التهديد بأننا يمكننا أن نحدد مسار كل من جزأي الفوتون, من خلال تشغيل جهاز التحويل, يؤدي إلى اتخاذ الفوتون لحالة الجسيم.
وفي مرحلة ثالثة بين فريق بقيادة ماندل من جامعة روشستر أنه يمكن إجبار فوتون ليتحول من الحال الموجية إلى الحال الجسيمية, وذلك من خلال جهاز مخفض للطاقة يمكنه أن يقسم الفوتون الواحد الذي له طاقة محددة إلى فوتونين ولكل منهما نصف الطاقة. وعند مرور الفوتون بهذا الجهاز ينقسم إلى نوعين, واحد يسمى الفوتون الإشاري والآخر يسمى الفوتون الخامل, وعندما تمر ومضة الضوء على مقسم الأشعة تنقسم إلى مسارين ثم يمر كل منهما على مخفض الطاقة, فينقسم مرة أخرى إلى إشاري وخامل, وفي النهاية يوجه كل مسارين معا بحيث يضم الإشاريين معا والخاملين معا, فينتج الفوتونان الإشاريان فقط نمط التداخل. ولكن على الرغم من الانفصال التام بين هذين المسارين في النهاية, فإنه إذا عطل العلماء مسار الفوتونات الخاملة يختفي نمط التداخل الخاص بالموجات الإشارية ويستبدل بنمط الجسيمات.
والمشكلة في هذه الحال هي أن الفوتون يجب أن يقرر اتخاذه للصورة الجسيمية أو الصورة الموجية فور سقوطه على مقسم الأشعة, فكيف يعلم بعد ذلك أننا قد عطلنا المسار الآخر والمنفضل عنه تماما حتى يقرر اتخاذ حال الجسيم. بل وأكثر من ذلك, فالمعروف أن محاولة قياس حركة الجسيم تؤثر على حالته, ولكن أثبت بعض العلماء في مرحلة تالية من هذه التجربة أنه يمكن محو آثار القياس على الجسيم فيتصرف كأنها لم تحدث بعد أن حدثت. وعلق على ذلك ادوين جاينس من جامعة واشنطن, وهو من العلماء المرموقين, في بحث له أن هذه العملية تشبه نوعا من تحضير الأرواح في القرون الوسطى.
التشابك والاتصال الآني عن بعد
ولكن عجائب ميكانيكا الكم لاتنتهي, فهناك لغز رئيسي لم يستطع أحد أن يفسّره حتى الآن, وهو ظاهرة الترابط. فهذه الظاهرة تكشف عن إمكان وجود اتصال ضمني بين أجزاء الكون عبر مسافات شاسعة من الزمان والمكان. فمن حيث المبدأ يمتلك كل فوتون زاوية استقطاب باعتباره موجة, ويمكن التأثير على الفوتون بحيث تتغير تلك الزاوية.
وفي تجربة تمت في هيئة الإشارات والرادار بإنجلترا تم إرسال زوج من الفوتونات في اتجاهين معاكسين من جهاز خاص يجعل الفوتونين مرتبطين من حيث زاوية الاستقطاب والعزم. وتم توجيه كل منهما إلى جهاز استقبال مختلف حيث يظهر على كل منهما نمط التداخل, وبإجراء القياس على أحد الفوتونين تبين أن الفوتونين يظلان مرتبطين كل منهما بالآخر بطريقة ما محيّرة تماما. وبمقتضاها فإن التأثير على زاوية الاستقطاب في أحد الفوتونين يؤثر لحظيا في قيمة تلك الزاوية عندما يجري القياس على الفوتون الآخر. والنقطة الحاسمة هي أن النتيجة الموجودة لأحد الفوتونات تحدد في الحال النتيجة التي يجب أن توجد في الفوتون الآخر, لأن نتائج القياسات على كل من الفوتونين مترابطة بصورة رياضية دقيقة. ولا يتأثر ذلك الارتباط بالمسافة بين الفوتونين. فمن الناحية النظرية سيظل ذلك التأثير قائما حتى لو أصبح أحد الفوتونين في أحد جانبي المجرة والآخر في الجانب الآخر منها. وتنطبق هذه الظاهرة هي الأخرى على أي منظومة (كمية) تخضع لقوانين ميكانيكا الكم, مثل مكونات الذرة المختلفة.
ولأن هذه التجربة تبين, من الناحية النظرية, أن التأثير على أحد الأجسام (الكمية) يؤدي إلى التأثير على الجسم الآخر (آنيا), فإن هذه الظاهرة تعد نوعا من الاتصال عبر المكان والزمان. ولأن الإشارات التلغرافية (صفر وواحد) يمكن تحويلها إلى رسائل ذات معنى, فإن هذه الظاهرة يسميها بعض العلماء بظاهرة (تليفون e.p.r).
وأكثر من ذلك فتخبرنا نظرية الكم أن ما نتصوره على أنه فضاء (خاو) في الواقع لا يمكن أن يكون خاويا بالكامل, لأن هذا سيعني أن كل المجالات, مثل مجالات الجاذبية والكهرومغناطيسية يجب أن تكون صفرا بالضبط, والمجال يحدد في ميكانيكا الكم من خلال قيمته (طاقته) ومعدل تغير تلك القيمة. وطبقا لمعادلة شرودنجر ومبدأ عدم اليقين إذا زادت دقة ما نعرفه عن أحد تلك المقادير قلت دقة ما نعرفه عن المقدار الآخر. وهكذا فإنه في الفضاء الخاوي لا يمكن للمجال أن يكون ثابتا عند الصفر بالضبط. وذلك لأنه يجب أن يكون ثمة قدر أدنى من عدم اليقين, أو تذبذبات للكم بالنسبة لقيمة المجال. ويمكن للمرء أن يتصور هذه التذبذبات كأزواج (سالبة وموجبة) من جسيمات الضوء والجاذبية تظهر معا في وقت ما وتتحرك منفصلة ثم تلتقي معا ثانية ويفني أحدهما الآخر. وهذه الجسيمات هي جسيمات تقديرية (أي حسابية فقط), ولا يمكن رصدها مباشرة بواسطة كشاف الجسيمات. ولما كان من غير الممكن استحداث الطاقة من لا شيء, فإن أحد الشريكين من أزواج الجسيمات سيكون له طاقة موجبة وللآخر طاقة سالبة.
وفي واقع الأمر, لا أحد يفهم معنى أن تكون الطاقة سالبة, ويرى بعض العلماء أنه إذا أمكن اقتناص طاقة سالبة, فإنه سيمكن من حيث المبدأ تصميم آلات تعمل للأبد دون الحاجة لطاقة خارجية. وقد تم إثبات وجود الطاقة السالبة من خلال تفسير الظاهرة المشهورة المسمّاة ظاهرة كاسيمير. فقد بيّن العالم الهولندي عام 1948 كيف أن وجود صفيحتين معدنيتين متوازيتين غير مشحونتين بمقربة شديدة من بعضهما يعدل تأرجحات الفراغ مما يجعلهما تتجاذبان. وتبين من الحسابات أن تقاربهما الشديد يؤدي إلى نشوء طاقة سالبة تزداد شدة كلما ضاق الحيز بينهما.
التراكب وانهيار الدالة الموجية
وزيادة في الغموض, ربما, تعتبر ميكانيكا الكم هذه, التي لا يفهمها أحد, أنجح نظرية علمية في تاريخ العلم. فميكانيكا الكم, من خلال مفاهيم عدم اليقين والدالة الموجية نجحت في التنبؤ بوجود المادة المضادة, وفي فهم النشاط الإشعاعي (الذي قاد إلى الطاقة النووية), وفي شرح سلوك المواد كأشباه الموصلات (المستخدمة في أجهزة الكمبيوتر), وفي تفسير الموصلية الفائقة, وفي توصيف التفاعلات التي تحدث بين الضوء والمادة (الذي قادنا إلى اختراع الليزر), والتفاعلات بين الموجات الراديوية ونويات الذرات (والتي أدت إلى التصوير بالرنين المغناطيسي), وغير ذلك الكثير من الإنجازات العلمية.
واللفظ ميكانيكا يعني دراسة حركة الأجسام, ونظرا لأن الأجسام دون الذرية تكتسب طاقة وتطلقها على هيئة وحدات محددة من الطاقة أو (كمات), سميت دراسة حركة الأجسام دون الذرية باسم (ميكانيكا الكم). وليس الفوتون فقط هو الذي يتصرف بصورة جسيمية - موجية, وإنما كل مكونات الذرة. والمشكلة في الصورة الموجية هي أن حركة الجسيم لا تتحدد في هذه الحال إلا بشكل احتمالي. والصورة الاحتمالية, بحسب معادلة شرودنجر, تتضمن أن الجسيم يمكن أن يوجد في أكثر من موضع في آن واحد نتيجة تركيب الحالات المتعددة المحتملة للجسيم.
وقد بيّن شرودنجر أنه إذا كانت الأشياء الميكروسكوبية, كالذرات, تتراكب بهذا الشكل الغريب, فلابد إذن أن تنهج الأشياء الميكروسكوبية (الكبيرة) النهج ذاته. ونظرا لأنه من الواضح أن الأشياء الكبيرة الحجم كالمجلة التي تقرؤها مثلا, أو منزلك, أو سيارتك...إلخ, لاتوجد في أكثر من موضع في آن واحد أصبح من الضروري تفسير المشاهدات التجريبية التي أنتجت معادلة شرودنجر تفسيرا مرضيا. وقد حاول شرودنجر أن يقدم مثلا واقعيا على تلك المشكلة, فطرح فكرة (تجربة القطة) المشهورة. وفي تلك التجربة يقتل جهاز ما قطة موضوعة في صندوق مغلق عندما تتحلل ذرة ما إشعاعيا. ولأنه عند زمن نصف العمر تكون الذرة من وجهة نظر ميكانيكا الكم متحللة وغير متحللة في الوقت نفسه, فإنه بعد هذا الزمن تكون القطة حية وميتة في الوقت نفسه.
ولتفسير التناقض بين ما تطرحه النظرية من تعدد الحالات للجسيم الواحد في الوقت نفسه, وتسمى التركيب (أو التراكب), وبين تحدد الجسيم بحال واحدة عند الملاحظة أو القياس طرحت عدة تصورات, وكل تلك التصورات هي بصورة أو بأخرى تصورات غير معقولة. والتفسير الأول هو تفسير كوبنهاجن, وهو الاتجاه الذي كوّنته مناقشات نيلز بور وفيرنر هايزنبرج في عشرينيات القرن الماضي. وهذا التفسير مبني على أساس أن الملاحظة تؤدي تلقائيا إلى انهيار الدالة الموجية, فيرى المراقب الجسيم في حال محددة. وهذا التفسير يعني أن الواقع في ذاته متراكب, وأن القطة في الحقيقة حية وميتة في الوقت نفسه, وأن ملاحظة القطة عند فتح الصندوق هي السبب في تحديد حالتها سواء حية أو ميتة. وأن السبب في أننا لا نرى حالات التراكب تلك في الواقع المعيش هو أننا نلاحظ الأشياء من حولنا فتتحدد حالتها. وفي الحال العادية تحكم الدالة الموجية (معادلة شرودنجر) حركة الجسيم وتسمى حال التراكب (أي تعدد الحالات في الوقت نفسه), وفي حال الملاحظة تصبح حال الجسيم محددة, وتسمى بانهيار الدالة الموجية.
التطور التاريخي لميكانيكا الكم
- يبدأ تاريخ ميكانيكا الكم في 14/12/1900 حينما نشر ماكس بلاك بحثا عن الطيف الضوئي الصادر عن جسم أسود ساخن حتى التوهج, وتضمنت حساباته فرضية غريبة هي أن الطاقة الناتجة تصدر على هيئة وحدات أو كميات محددة, سميت (كمات).
- في عام 1905 نشر أينشتين بحثا عن الظاهرة الكهرومغناطيسية, مبينا أن الضوء وكل الأشعة الكهرومغناطيسية تنتقل من خلال (كتل) متميزة تسمى فوتونات.
- في عام 1913 فسر نيلز بور تكوين الذرة على أساس أن الإلكترونات تدور حول النواة على مستويات معينة ولا تفقد طاقة إلا حينما تنتقل من مدار أخفض مطلقا فوتونا.
- في عام 1923 اقترح لويس دي بروي أن الإلكترونات وغيرها من الجسيمات تسلك سلوك الموجات المستقرة.
- في عام 1925 طرح باولي مبدأ الاستبعاد والذي يبين أنه لا يمكن لأي جسيمين لهما نفس الحالة الكمية أن يوجدا في المستوى الطاقي الكمي نفسه.
- في عام 1926 قدم ارفين شرودنجر الوصف الرياضي للمعادلة الرياضية لميكانيكا الكم.
- في عام 1927 قدم هيزنبرج مبدأ عدم اليقين وطور مع ماكس بورن وباسكال جوردان صياغة مكافئة لمعادلة شرودنجر.
- في عام 1928 قدم بول ديراك المعادلة العامة لميكانيكا الكم, التي تأخذ النسبية وقيمة اللف في الاعتبار وسميت معادلة الإلكترون.
- في عام 1932 اكتشاف الإلكترون المضاد.
- في عام 1947 اكتشاف (نظرية المجال الكمية المعاد تسويتها), على يد فاينمان وشفينجر وتوموناجا ودايسون, والتي مكنت العلماء من حساب التفاعلات بين الفوتونات والإلكترونات بصورة دقيقة.
- في عام 1964 طرح موراي جيلمان نظرية (الكوارك) لتفسير البناء الداخلي للذرة.
- في عام 1969 قدم عبدالسلام وفينبرج نظرية للتوحيد بين القوة الكهرومغناطيسية والقوة النووية الضعيفة.
- وفي 22 أبريل عام 1994 تم الإعلان عن اكتشاف آخر الكواركات المفترض وجودها في بناء المادة, وهو كوارك القمة, وهو يعد آخر وحدة من الوحدات الداخلة في بناء المادة حسب النموذج المعياري للذرة, وتعدت الجسيمات المكتشفة السبعمائة جسيم.
تصورات مستقبلية وخيال علمي
- علم المعلوماتية الكمي: وهو معتمد على ظاهرة التشابك, ويتيح صناعة أجهزة كمبيوتر أسرع بكثير من الأجهزة الحالية, وتوليد مفاتيح شفرات مطلقة المناعة ضد التنصت, ونقل الحالات الكمية عن بعد (نقل المعلومات).
- تطبيقات الطاقة السالبة: يرى بعض العلماء أن الطاقة السالبة يمكن أن تؤدي إلى تكوين أنفاق في الكون تمكننا من السفر عبر المجرات, وإلى صنع آلات دائمة الحركة, وتكوين ثقوب سوداء في حجم الذرة.
- تكنولوجيا النانو والآلات الجزيئية: لأن التحكم في الذرة أصبح ممكنا, فإن العلماء يعتقدون أنه سيصبح ممكنا تركيب آلات وتروس من عدة ذرات فقط. وربما يمكن برمجة تلك الآلات لالتقاط الجزيئات من البيئة وإعادة نسخ نفسها بحيث تتكاثر مثل الكائنات الحية, ولذلك ستكون بلا تكلفة تقريبا وتنجز أشياء هي في عداد المعجزات حاليا.
- الموصلات الفائقة عند درجة الحرارة العادية: يعتبر الفيزيائيون أن التوصل إلى هذه المواد هو بمنزلة التوصل إلى حجر الفلاسفة. فالمواد الفائقة التوصيل تؤدي إلى توصيل التيار الكهربي من دون مقاومة ولا تحتاج إلى تبريد. ويؤدي هذا النوع من المواد إلى توفير الطاقة بشكل كبير جدا حيث يستهلك معظمها في مقاومة التوصيل. ولذلك سيمكن إنتاج أجهزة كمبيوتر أصغر وأسرع وتطوير قطارات تسير بالقوة المغناطيسية رخيصة التكلفة.. إلخ.
- توليد الطاقة بواسطة الاندماج النووي: يعتقد العلماء أنه سيمكن في المستقبل المنظور إنتاج طاقة الاندماج النووي بسعر رخيص, وبالتالي سيمكن استخدام ماء البحر لإنتاج الطاقة. ويقدر الفيزيائيون أن لدينا ما يزيد على مليون سنة من طاقة الاندماج النووي.
- تطور تكنولوجيا الليزر: سيؤدي تطور تكنولوجيا الميكروليزر إلى إمكان صناعة وتطوير الكمبيوتر البصري, وصنع تلفزيون ثلاثي الأبعاد على شكل كرة بللورية أو شاشة حائطية ذات ثلاثة أبعاد.
- تطوير الطاقة من الأشعة الشمسية: وهي العملية التي تعتمد على الخلايا الشمسية, ويقدر العلماء استمرار النجاح في تطوير تلك الخلايا بحيث تغطي تلك الطاقة 60% من كهرباء العالم بحلول عام 2025.
إنجازات كُبرى
- توحيد القوى الأساسية الثلاث, القوة المغناطيسية والقوة النووية القوية والقوة النووية الضعيفة ضمن ما يعرف بالنموذج المعياري للذرة, وتأسيسا على نظرية الكم للمجالات. وفي هذا النموذج تتكون الذرة في النهاية من ثلاثة جسيمات أساسية هي الكواركات واللبتونات والجليونات وتتركب منها مئات الجسيمات التي تشكل تركيب الذرة.
- اكتشاف أشباه الموصلات وظاهرة النفقية للإلكترونات والدوائر المتكاملة والمواد فائقة التوصيل والألياف البصرية. وهي الاكتشافات التي ترتب عليها تطور أجهزة الكمبيوتر وكل أجهزة الاتصالات والأجهزة الإلكترونية والميكروسكوب الإلكتروني.
- اكتشاف أشعة الليزر والميزر والرنين المغناطيسي النووي وما ترتب عليها من تطبيقات تكنولوجية كثيرة في مجالات متعددة.
- اكتشاف الطاقة النووية وإنتاج محطات الانشطار النووي ثم اكتشاف الطاقة الاندماجية الهيدروجينية, واكتشاف الخلية الشمسية لتوليد الطاقة الدائمة من الشمس.
- تفسير المراحل الأولى لنشأة الكون من خلال فكرة النموذج التضخمي في أجزاء ضئيلة من الثانية الأولى من نشأة الكون, وكذلك الكشف عن الثقوب السوداء, اعتمادا على مفهوم الطاقة السالبة.
سمير أبوزيد