yassin
01-16-2007, 02:09 PM
:eh_s (9): :eh_s (9): ]تحتضن مدينة كالهام بجوار أكسفورد البريطانية مفاعل اندماج نووي حراري يعتقد علماء الفيزياء أنه خطوة مهمة على طريق الوصول لحل أمثل لأزمة العثور على طاقة متجددة وآمنة ورخيصة وبلا نفايات ملوثة تقريبًا، فتطلق البشرية من ربقة العوز القسري للوقود الحفري، لا سيما النفط.
ففي جوف هذا المفاعل الذي بدأ بناؤه عام 1983م ويُدعى اختصارا جيت (jet – Joint Europian Torus)، تستعر حرارة هائلة يقدرها علماء الفيزياء بنحو 10 أضعاف تلك التي في قلب الشمس، ويعتبر المفاعل هو الأول من نوعه الذي يستخدم طاقة الاندماج النووي في العالم؛ إذ تم تشغيله عام 1991.
والآن وبعد عقود من الجدل السياسي العقيم الأجوف الدائر منذ الحرب الباردة أخيرًا سوف يوقع في بروكسل خلال فترة وجيزة حسب جريدة الجارديان في 24-5-2006 كل من الاتحاد الأوروبي واليابان والصين والهند وأمريكا وكوريا الجنوبية على بناء نموذج مفاعل نووي اندماجي ضمن مشروع إيتر Iter التجريبي باستثمارات قدرها 10 مليارات يورو.
وحتى يتسنى بناء المفاعل الخاص بمشروع إيتر يجري بشكل تجريبي الاعتماد على مفاعل جيت البريطاني وهو الأكبر بين حوالي 28 مفاعل اندماج نووي تنتشر في دول العالم المتقدم، حيث يجري العلماء تجاربهم هناك.
أما المفاعل الأكبر الخاص بمشروع إيتر وهو اختصار لكلمة طويلة هي مفاعل تجريبي حراري نووي دولي - (Iter International Thermonuclear Experimental Reactor) فسوف يتم البدء في بنائه في شهر ديسمبر 2006 في مدينة كاداراشيه بجنوب فرنسا بناء على الخبرة المكتسبة من مفاعل جيت، كما أنه سوف يكون 10 أضعاف حجم مفاعل جيت.
وجها العملة
المشروع أثار جدلاً حوله مثل أي مشروع طاقة؛ ففيما يقول المؤيدون له والمتحمسون لفكرته في بريطانيا مثلاً إنه يمثل أكثر الحلول الواعدة لأزمة الطاقة على المدى البعيد؛ إذ يوفر طاقة وفيرة من وقود رخيص ولا يطلق كمنتج ثانوي غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري، كما أن مستوى النفايات المشعة الناتجة عنه منخفض، وهو ما أكده الأسبوع الماضي توني بلير رئيس الوزراء البريطاني، حيث قال إنه سوف يخفض الانبعاثات المتزايدة بحدة من غاز ثاني أكسيد الكربون المسبب لزيادة حرارة الأرض.
وبالمقابل يرى المنتقدون والرافضون له أن الحكومة تقامر بنحو 44% من موازنة البحث والتنمية في شئون الطاقة دفعة واحدة بلا أية ضمانات حول نوعية الطاقة التي سوف تنتج عن المشروع أيًّا كانت.
هذا الجدل الثائر في دوائر سياسية وبيئية عدة يقابله علماء الفيزياء بعرض حجج تؤكد أن الوقود النووي الحراري الاندماجي هو مستقبل الطاقة؛ "فالاندماج هو طاقة الشمس والنجوم" كما يقول كريس سميث رئيس هيئة الطاقة الذرية البريطانية، ويشرح وجهة نظره قائلا: "في النصف الثاني من القرن الحالي فإني متفائل بأن -الاندماج النووي- سيمثل قدرًا كبيرًا من مصدر الطاقة في العالم".
الاندماج.. مستقبل الطاقة!
داخل مفاعل جيت في بهوه المركزي بقاعة ألبرت حيث تملؤه الأجهزة والمعدات والأبنية العلمية الرائعة التي تكتظ بها أفلام الخيال العلمي، قد يصل لمسامعك عواء يصم الآذان ويبلغ صوته عنان السماء، كما لو كان نفاثًا عملاقًا يطلق جحيمًا حراريًّا، وعلى شاشة جدارية بغرفة التحكم قد تشاهد دوائر مشعة تومض كالبرق تظهر على حواف المفاعل وتشي بالتفاعلات الاندماجية الحرارية المهولة التي تتم داخله، حيث تجري عملية الاندماج بين نظائر الهيدروجين المعروفة باسم الديوتيريوم والترايتيوم.
فبخلاف الانشطار النووي، حيث تنشطر أنوية المواد المشعة وتحرر الطاقة، فإن الاندماج ينطوي -مع شيء من التبسيط- على دمج أنوية ذرتي هيدروجين معًا، وهذه العملية ينتج عنها الهيليوم ونيترون وفائض هائل من الطاقة.
الوقود الهيدروجيني المستخدم في عملية الاندماج عبارة عن جزء من الهيدروجين الثقيل أو عنصر الديوتيريوم، ويمكن استخلاصه بسهولة من الماء، والهيدروجين الفائق الثقل أو الترايتيوم الذي يمكن تصنيعه من عنصر الليثيوم وهو معدن متوافر بقدر معقول، وهذه المصادر كما هو واضح متوفرة للغاية؛ فما أكثر الماء وليس الليثيوم بقليل.
وخلافًا لذرة الهيدروجين العادية التي تتكون من نواة فيها بروتون واحد يدور حوله إلكترون واحد، فإن نواة الديوتيريوم الثقيلة تحتوي على بروتون موجب ونيوترون متعادل، بينما تحتوي نواة الترايتيوم على 2 نيوترون، وبروتون واحد وهو مشع بعض الشيء.
الطاقة الناتجة عن الاندماج النووي هائلة لدرجة أن الترايتيوم المستخلص من كمية الليثيوم الموجودة في بطارية جهاز كمبيوتر نقال والديوتيريوم المستخلص من كمية من الماء يملآن حمامًا قد تكفي لأوروبا قاطبة لمدة 30 عامًا.
المتحمسون يقولون عن نظافة وأمان هذه العملية بأنه ليست هناك فرصة لحدوث كارثة مثل التي حدثت في تشيرنوبل بالاتحاد السوفيتي، حيث يقول ماتيوس بريكس وهو عالم فيزيائي بمفاعل جيت إن الوقود المستخدم في هذا المفاعل أقل من جرام فيما كان الوقود الموجود بقلب مفاعل تشيرنوبل حوالي 250 طنًّا، ويؤكد أن النفايات الناتجة عن عملية الاندماج قليلة الإشعاع لحد هائل مقارنة بالنفايات الناتجة عن مفاعلات الانشطار المنتشرة الآن.
أمل.. أم وهم؟
لكن المشكلة الحقيقية تكمن في أن علماء الفيزياء يظنون أنهم يفهمون جيدًا آلية الاندماج؛ ففي عام 1950 بدأ البحث حول الاندماج، لكن مجريات الأمور توحي بغير ذلك، فقد كان العلماء يتوقعون أنه بنهاية القرن العشرين سوف يصبح إنتاج وقود حراري نووي من الاندماج منتشرًا، أما الآن فإن العلماء يتوقعون أن الإنتاج التجاري أمامه 40 عامًا حسب أكثر التقديرات تفاؤلاً.
لب المشكلة في كيفية تقريب نواتين لدرجة الاندماج، والتحكم في التفاعل الناتج، وهو يعني ضمن ما يعني توفير طاقة هائلة لبدء التفاعل بحفز أو بالأحرى إرغام النواتين على الاندماج؛ لتحول جرامًا واحدًا من الوقود الاندماجي إلى حالة البلازما أو غاز فائق السخونة وهي الحالة الرابعة من أحوال المادة الثلاثة المعروفة الصلبة والسائلة والغازية.
عندئذ تطير أنوية الهيدروجين بسرعات فائقة في البلازما وتقترب من بعضها لدرجة الاندماج، أما في عام 1991، فإن مفاعل جيت هو الأول من نوعه الذي يستخدم مزيج الديوتيريوم والترايتيوم، وهو ما أثبت أن مفاعلات الاندماج يمكنها العمل، لكن للأسف لم يمكن توفير أكثر من 70% من الطاقة اللازمة لبدء التفاعل الاندماجي.
في حين يقول الفيزيائي كريس إن الهدف كان تجريبيا بحتا فقدرة وحجم مفاعل إيتر أكبر 10 مرات من جيت، وبالتالي يحتاج لطاقة 10 أضعاف التي يحتاجها الأخير حتى يبدأ التفاعل الاندماجي، ومن ثَم فإن الهدف من هذه التجارب مراقبة ومشاهدة التفاعلات الجارية للتعلم منها بشكل يمنحنا الخبرة حول كيفية السيطرة على الغاز الفائق السخونة.
كما أنها خطوة لإثبات أنه من الناحية التقنية والعلمية فإن الاندماج ممكن، ومع ذلك فإن بعض العلماء الذين يستبعدون الفكرة مثل العالم البريطاني جون هو يقولون بكثير من السخرية إن بناء مفاعل يتم تمويله لمدة 40 عامًا لهو "طموح جدًّا جدًّا جدًّا". [/font]
ففي جوف هذا المفاعل الذي بدأ بناؤه عام 1983م ويُدعى اختصارا جيت (jet – Joint Europian Torus)، تستعر حرارة هائلة يقدرها علماء الفيزياء بنحو 10 أضعاف تلك التي في قلب الشمس، ويعتبر المفاعل هو الأول من نوعه الذي يستخدم طاقة الاندماج النووي في العالم؛ إذ تم تشغيله عام 1991.
والآن وبعد عقود من الجدل السياسي العقيم الأجوف الدائر منذ الحرب الباردة أخيرًا سوف يوقع في بروكسل خلال فترة وجيزة حسب جريدة الجارديان في 24-5-2006 كل من الاتحاد الأوروبي واليابان والصين والهند وأمريكا وكوريا الجنوبية على بناء نموذج مفاعل نووي اندماجي ضمن مشروع إيتر Iter التجريبي باستثمارات قدرها 10 مليارات يورو.
وحتى يتسنى بناء المفاعل الخاص بمشروع إيتر يجري بشكل تجريبي الاعتماد على مفاعل جيت البريطاني وهو الأكبر بين حوالي 28 مفاعل اندماج نووي تنتشر في دول العالم المتقدم، حيث يجري العلماء تجاربهم هناك.
أما المفاعل الأكبر الخاص بمشروع إيتر وهو اختصار لكلمة طويلة هي مفاعل تجريبي حراري نووي دولي - (Iter International Thermonuclear Experimental Reactor) فسوف يتم البدء في بنائه في شهر ديسمبر 2006 في مدينة كاداراشيه بجنوب فرنسا بناء على الخبرة المكتسبة من مفاعل جيت، كما أنه سوف يكون 10 أضعاف حجم مفاعل جيت.
وجها العملة
المشروع أثار جدلاً حوله مثل أي مشروع طاقة؛ ففيما يقول المؤيدون له والمتحمسون لفكرته في بريطانيا مثلاً إنه يمثل أكثر الحلول الواعدة لأزمة الطاقة على المدى البعيد؛ إذ يوفر طاقة وفيرة من وقود رخيص ولا يطلق كمنتج ثانوي غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري، كما أن مستوى النفايات المشعة الناتجة عنه منخفض، وهو ما أكده الأسبوع الماضي توني بلير رئيس الوزراء البريطاني، حيث قال إنه سوف يخفض الانبعاثات المتزايدة بحدة من غاز ثاني أكسيد الكربون المسبب لزيادة حرارة الأرض.
وبالمقابل يرى المنتقدون والرافضون له أن الحكومة تقامر بنحو 44% من موازنة البحث والتنمية في شئون الطاقة دفعة واحدة بلا أية ضمانات حول نوعية الطاقة التي سوف تنتج عن المشروع أيًّا كانت.
هذا الجدل الثائر في دوائر سياسية وبيئية عدة يقابله علماء الفيزياء بعرض حجج تؤكد أن الوقود النووي الحراري الاندماجي هو مستقبل الطاقة؛ "فالاندماج هو طاقة الشمس والنجوم" كما يقول كريس سميث رئيس هيئة الطاقة الذرية البريطانية، ويشرح وجهة نظره قائلا: "في النصف الثاني من القرن الحالي فإني متفائل بأن -الاندماج النووي- سيمثل قدرًا كبيرًا من مصدر الطاقة في العالم".
الاندماج.. مستقبل الطاقة!
داخل مفاعل جيت في بهوه المركزي بقاعة ألبرت حيث تملؤه الأجهزة والمعدات والأبنية العلمية الرائعة التي تكتظ بها أفلام الخيال العلمي، قد يصل لمسامعك عواء يصم الآذان ويبلغ صوته عنان السماء، كما لو كان نفاثًا عملاقًا يطلق جحيمًا حراريًّا، وعلى شاشة جدارية بغرفة التحكم قد تشاهد دوائر مشعة تومض كالبرق تظهر على حواف المفاعل وتشي بالتفاعلات الاندماجية الحرارية المهولة التي تتم داخله، حيث تجري عملية الاندماج بين نظائر الهيدروجين المعروفة باسم الديوتيريوم والترايتيوم.
فبخلاف الانشطار النووي، حيث تنشطر أنوية المواد المشعة وتحرر الطاقة، فإن الاندماج ينطوي -مع شيء من التبسيط- على دمج أنوية ذرتي هيدروجين معًا، وهذه العملية ينتج عنها الهيليوم ونيترون وفائض هائل من الطاقة.
الوقود الهيدروجيني المستخدم في عملية الاندماج عبارة عن جزء من الهيدروجين الثقيل أو عنصر الديوتيريوم، ويمكن استخلاصه بسهولة من الماء، والهيدروجين الفائق الثقل أو الترايتيوم الذي يمكن تصنيعه من عنصر الليثيوم وهو معدن متوافر بقدر معقول، وهذه المصادر كما هو واضح متوفرة للغاية؛ فما أكثر الماء وليس الليثيوم بقليل.
وخلافًا لذرة الهيدروجين العادية التي تتكون من نواة فيها بروتون واحد يدور حوله إلكترون واحد، فإن نواة الديوتيريوم الثقيلة تحتوي على بروتون موجب ونيوترون متعادل، بينما تحتوي نواة الترايتيوم على 2 نيوترون، وبروتون واحد وهو مشع بعض الشيء.
الطاقة الناتجة عن الاندماج النووي هائلة لدرجة أن الترايتيوم المستخلص من كمية الليثيوم الموجودة في بطارية جهاز كمبيوتر نقال والديوتيريوم المستخلص من كمية من الماء يملآن حمامًا قد تكفي لأوروبا قاطبة لمدة 30 عامًا.
المتحمسون يقولون عن نظافة وأمان هذه العملية بأنه ليست هناك فرصة لحدوث كارثة مثل التي حدثت في تشيرنوبل بالاتحاد السوفيتي، حيث يقول ماتيوس بريكس وهو عالم فيزيائي بمفاعل جيت إن الوقود المستخدم في هذا المفاعل أقل من جرام فيما كان الوقود الموجود بقلب مفاعل تشيرنوبل حوالي 250 طنًّا، ويؤكد أن النفايات الناتجة عن عملية الاندماج قليلة الإشعاع لحد هائل مقارنة بالنفايات الناتجة عن مفاعلات الانشطار المنتشرة الآن.
أمل.. أم وهم؟
لكن المشكلة الحقيقية تكمن في أن علماء الفيزياء يظنون أنهم يفهمون جيدًا آلية الاندماج؛ ففي عام 1950 بدأ البحث حول الاندماج، لكن مجريات الأمور توحي بغير ذلك، فقد كان العلماء يتوقعون أنه بنهاية القرن العشرين سوف يصبح إنتاج وقود حراري نووي من الاندماج منتشرًا، أما الآن فإن العلماء يتوقعون أن الإنتاج التجاري أمامه 40 عامًا حسب أكثر التقديرات تفاؤلاً.
لب المشكلة في كيفية تقريب نواتين لدرجة الاندماج، والتحكم في التفاعل الناتج، وهو يعني ضمن ما يعني توفير طاقة هائلة لبدء التفاعل بحفز أو بالأحرى إرغام النواتين على الاندماج؛ لتحول جرامًا واحدًا من الوقود الاندماجي إلى حالة البلازما أو غاز فائق السخونة وهي الحالة الرابعة من أحوال المادة الثلاثة المعروفة الصلبة والسائلة والغازية.
عندئذ تطير أنوية الهيدروجين بسرعات فائقة في البلازما وتقترب من بعضها لدرجة الاندماج، أما في عام 1991، فإن مفاعل جيت هو الأول من نوعه الذي يستخدم مزيج الديوتيريوم والترايتيوم، وهو ما أثبت أن مفاعلات الاندماج يمكنها العمل، لكن للأسف لم يمكن توفير أكثر من 70% من الطاقة اللازمة لبدء التفاعل الاندماجي.
في حين يقول الفيزيائي كريس إن الهدف كان تجريبيا بحتا فقدرة وحجم مفاعل إيتر أكبر 10 مرات من جيت، وبالتالي يحتاج لطاقة 10 أضعاف التي يحتاجها الأخير حتى يبدأ التفاعل الاندماجي، ومن ثَم فإن الهدف من هذه التجارب مراقبة ومشاهدة التفاعلات الجارية للتعلم منها بشكل يمنحنا الخبرة حول كيفية السيطرة على الغاز الفائق السخونة.
كما أنها خطوة لإثبات أنه من الناحية التقنية والعلمية فإن الاندماج ممكن، ومع ذلك فإن بعض العلماء الذين يستبعدون الفكرة مثل العالم البريطاني جون هو يقولون بكثير من السخرية إن بناء مفاعل يتم تمويله لمدة 40 عامًا لهو "طموح جدًّا جدًّا جدًّا". [/font]