المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فيزياء المستحيل



حسن عجمي
03-01-2010, 01:32 PM
ميشيو كاكو في " فيزياء المستحيل ":

تفكيك المستحيل و الممكن

بقلم:



حسن عجمى



يعتبر الفيزيائي ميشيو كاكو أن المستحيل مفهوم نسبي . وحجته الأساسية على ذلك أن الأشياء التي كانت تبدو مستحيلة أصبحت حقائق علمية . فمثلا ً ، أكد الفيزيائي كالفـن في العصر الفكتوري أن الآلات الأثـقل من الهواء كالطائرات من المستحيل أن تطير. لكن طبعاً هذا المستحيل تحوّل إلى إمكانية فواقع . كما أن كيمياء القرن التاسع عشر أكدت على استحالة تحويل الرصاص إلى ذهب . لكن اليوم من الممكن تحويل الرصاص إلى ذهب بفضل الآلات المحطِّمة للذرة . هكذا المستحيل يغدو ممكنا ً . على هذا الأساس يستنتج كاكو أن العلماء يصححون معنى المستحيل بشكل دائم على ضوء اكتشافاتهم ونظرياتهم . من هنا المستحيل نسبي ويختلف من نظرية علمية إلى أخرى . وبذلك يبدو أنه لا فارق جوهري بين المستحيل و الممكن . يضيف ميشيو كاكو قائلا ً إن دراسة المستحيل فتحت ميادين علمية غنية وغير متوقعة . فمثلا ً ، محاولات العلماء الفاشلة في بناء آلة حركية دائمة و أبدية أدت بالفيزيائيين إلى اعتبار انه من المستحيل وجود تلك الآلة وصناعتها وبذلك دفعتهم إلى صياغة مبدأ حفظ الطاقة كمبدأ علمي أساسي ( Michio Kaku : Physics of The Impossible . 2008 . Doubleday ).

من جهة أخرى ، يقسِّم كاكو المستحيلات إلى ثلاثة أقسام هي : أولا ً ، المستحيلات المستحيلة اليوم و التي لا تعارض قوانين الفيزياء المعروفة. وبذلك هذه المستحيلات قد تغدو ممكنات و وقائع في هذا القرن أو القرن الذي يليه . مثل ذلك الانتقال عن بُعد. هذه التقنية التي كانت مستحيلة أصبحت اليوم ممكنة على الأقل في نطاق نقل الذرات عن بُعد . ثانيا ً ، ثمة مستحيلات إذا أمست ممكنات فستتحقق بعد آلاف او ملايين من السنين في المستقبل . مثل ذلك آلة الزمن التي من المفترض أن نسافر بها إلى الماضي أو إلى المستقبل . ثالثا ً، ثمة مستحيلات تناقض قوانين الفيزياء المعروفة ، لكن عددها قليل . و إذا ما اتضح أنها ممكنات سيمثل هذا تحوّلا ً أساسيا ً في فهمنا للفيزياء . مثل على هذه المستحيلات هو آلة الحركة الأبدية . بالنسبة إلى كاكو هذا التقسيم للمستحيلات ضروري لأن الذي نعتبره مستحيلا ً هو بالفعل مستحيل بالنسبة إلى حضارتنا البدائية ليس إلا. فالتقنيات المستحيلة بالنسبة إلى حضارتنا الحالية ليست بالضرورة مستحيلة بالنسبة إلى حضارات أكثر تطورا ً من حضارتنا. فمثلا ً السفر عبر النجوم مستحيل علينا بسبب البُعد الشاسع بين النجوم . لكن هذا السفر المستحيل بين النجوم ممكن بالنسبة إلى حضارة أخرى متطورة عنا بقرون أو آلاف أو ملايين من السنين ( المرجع السابق ).

يناقش كاكو المستحيلات التي قد تمسي ممكنات كتقنية الانتقال عن بُعد وهي القدرة على النقل الفوري لفرد أو لشيء من مكان إلى آخر من دون المرور بالمسافة الفاصلة بين المكانين المعنيين. لهذه الإمكانية أساس علمي صلب يعتمد على ميكانيكا الكم ّ. بالنسبة إلى ميكانيكا الكم ّ، الجسيمات تختفي فجأة وتظهر فجأة في مكان آخر . فمثلا ً الإلكترونات تتصرف كالموجات ولها القدرة على أن تقفز كميا ً Quantum Leap بين مكانين من دون قطع المسافة بينهما . في نموذج ميكانيكا الكم من غير المحدَّد سرعة الجسيم ومكانه في الوقت ذاته ، و الجسيمات تتصرف كأنها جسيمات وموجات في آن ، كما أن الجسيم كالإلكترون من الممكن أن يوجد في أمكنة عديدة مختلفة في الوقت نفسه . على هذه الأسس تصبح تقنية الانتقال عن بُعد ممكنة ؛ فبما أنه من الممكن للإلكترون أن ينتقل عن بُعد ، إذن من الممكن لأي شيء آخر أن يقوم بذلك ايضاً علما ً بأن الأشياء مكوّنة من إلكترونات . وهذه التقنية تعتمد بشكل أساسي على التشابك الكمي Quantum entanglement حيث يؤثر جسيمان على بعضهما البعض رغم البُعد المكاني الهائل بينهما . فالمعلومات في جسيم معين تنتقل فوريا ً إلى جسيم آخر ما يجعل الانتقال عن بُعد ممكنا ً. وبالفعل تمكن العلماء من تحقيق الانتقال عن بُعد فنقلوا عن بُعد كل المعلومات في الجسيم كما تمكنوا لاحقا ً من نقل الفوتونات وبعض الذرات عن بُعد ( المرجع نفسه ).

من المنطلق ذاته الذي ينتقد فيه ميشيو كاكو ثنائية المستحيل و الممكن ، تنتقد الفلسفة المعاصرة ثنائية القول التحليلي و القول التركيبي. يعتبر التقليد الفلسفي أنه ثمة فرق شاسع بين القول التحليلي الصادق من جراء معاني ألفاظه و القول التركيبي الصادق على ضوء ما يوجد في الواقع . مثل على القول التحليلي هو " القطط حيوانات " ؛ فعبارة " القطط حيوانات " عبارة صادقة من جراء معنى مفهومي " القطط " و " الحيوانات " . أما القول " ثمة شجرة في الدار " فهو قول تركيبي لأنه قول صادق فقط في حال وجود شجرة في الدار ؛ أي أنه قول صادق بفضل الواقع و ليس من جراء معاني ألفاظه . هذا التقسيم بين الأقوال التحليلية و التركيبية أرساه كانط بدقة . لكن الفيلسوف بتنم و الفيلسوف كوين ينتقدان هذا التمييز . من الممكن تقديم حجتهما الأساسية على صدق موقفهما على النحو التالي : إذا وجد تمييز بين القول التحليلي و التركيبي ، إذن القول " القطط حيوانات " هو قول تحليلي وبذلك هو قول صادق في كل عالم ممكن ، أي من المستحيل أن يكون كاذبا ً . لكن من الممكن أن يكون كاذبا ً . لذا لا يوجد فرق حق بين الأقوال التحليلية و التركيبية . ومن الممكن أن يكون القول " القطط حيوانات " قولا ً كاذبا ً بسبب إمكانية أن تكون القطط مجرد آلات . فمن الممكن أن تكون القطط مجرد آلات في عالم ممكن رغم أنها تشبه قططنا الواقعية في شكلها الخارجي وفي تصرفاتها (.Quine : From A Logical Point of View. 1980 Harvard University Press ). لكن نقد التمييز بين القول التحليلي والقول التركيبي هو ذاته نقد التمييز بين المستحيل و الممكن . هذا لأن بالنسبة إلى الفلسفة التقليدية القول التحليلي هو الصادق في كل عالم ممكن وبذلك هو الذي من المستحيل أن يكون كاذبا ً ، بينما القول التركيبي هو الذي من الممكن أن يكون كاذبا ً .

كل هذا يرينا أنه لا يوجد فرق جذري بين المستحيل و الممكن . هكذا يتم تفكيك المستحيل و الممكن ؛ فثنائية المستحيل و الممكن ثنائية كاذبة . لكن لماذا لا يوجد فرق حاسم بين المستحيل و الممكن ؟ تجيب السوبر حداثة على النحو التالي : من غير المحدَّد ما هو المستحيل وما هو الممكن ، لذا من الطبيعي أن لا يوجد فرق جذري بين المستحيل و الممكن. هكذا تكتسب السوبر حداثة قدرتها التفسيرية ؛ فهي هنا تفسِّر لماذا تزول ثنائية المستحيل و الممكن . فبالنسبة إلى السوبر حداثة ، من غير المحدَّد ما هو الكون ، لكن رغم ذلك من الممكن معرفته لأن من خلال لامحددية الكون من الممكن تفسيره . وبما أنه من غير المحدَّد ما هو الكون ، إذن من الطبيعي أن يكون من غير المحدَّد ما هو المستحيل و الممكن ، ولذا المستحيل قد يغدو ممكنا ً ولذا أيضا ً تختلف النظريات العلمية و الفلسفية حول ما هو مستحيل وما هو ممكن . المستحيل ممكن صامت.

ماكس
03-01-2010, 05:24 PM
بداية جيدة أخي العزيز واهلا وسهلا بك معنا
مقال جميل شكرا لك اخي على الترجمة

dyadak
03-02-2010, 12:31 PM
الجهل يا ما خرب بيوت ودمر امم وعالم

جتـاا
03-02-2010, 07:37 PM
نعم إنه فيزياء المستحيل ...

إنه مقال جميل للمدع حسن عجمى

اشكررك اخي

محمدالشحات
06-08-2013, 12:28 PM
مشككككككككككككككككككككككككككككككككك كككككككككككككككككككككككككككككككككور

فيزيائي متعقد
06-25-2013, 01:00 PM
في وجهة نظري أننا نفهم المستحيل بشكل خاطئ
المستحيل هو التناقض, و ليس الأشياء الصعبة التي نعتقد أنها صعبة كالانتقال عن بعد و غيرها

فمثلا إدخال الكرة الأرضية في البيضة دون أن تكبر البيضة أو أن الكرة الأرضية تصغر , هذا مستحييل
أو أن تكون يدي موجودة و غير موجودة في نفس الوقت فهذا تناقض أي مستحيل

و إن ذهبت لمصرف أو بنك للحصول على توقيع معاملة أو أي شئ و اشترط الموظف ( أ ) أن يوقع الموظف (ب) أولا لكي يوقع , و أيضا الموظف ( ب ) اشترط أن يوقع الموظف ( أ ) لكي يوقع ، فبالتالي لن يوقع أي منهما على الورقة
أي أن توقيع الورقة سيصبح مستحيلا
و شكرا لك أخي على الموضوع

MohamedIBrahim
07-01-2013, 01:34 PM
تجربتي مع قراءة كتاب ميتشيو كاكو الشهير فيزياء المستحيل بعد ان طرحته بالترجمة العربية مجلة عالم المعرفة العريقة انتهيت فى 3 ساعات ليلا قبل امتحان مادة الادب من الكتاب وهو كتاب جيد الي حد كبير وتقييمي له بشكل عام اربع نجوم وسيفقد الخمسة نجوم بسبب افراطه فى الاعتقادات الشخصية فى بعض الجزئيات التي ابتعد بها عن الاصول العلمية
دعني اولا لاني كما الاحظ ساكون اول من يكتب مراجعة من العرب علي الكتاب بعد ترجمته وطرحه من مجلة عالم المعرفة اني اعرف به اولا
من هو ميتشيو كاكو ؟
http://www.sci-ma.info/wp-content/uploads/2013/04/sci-fi-250x250.jpg
هو عالم الفيزياء الامريكي الشهير والمختص بالفيزياء النظرية ، ولد في 24 يناير 1947، بسان خوسيه، كاليفورنيا من والدين يابانيين مهاجرين إلى الولايات المتحدة ولقد كان انجازه الاول الذي جعله يدخل نادي العباقرة هو انه قد اقدم على جمع (وهو طالب في الثانوية) 22 ميلا من أسلاك النحاس، وأربعمائة رطل من المحولات الكهربائية القديمة، وسط ساحة مدرسته، ليصمم جهاز تسارع جزيئات البيتاترون، بقوة 2.3 مليون الكترون فولت، حتى ينتج حقلاً مغناطيسياً يعادل عشرين ألف ضعف للجاذبية الأرضية. وكان هدفه من كل هذا هو توليد أشعة (جاما) ليستطيع خلق مضاد المادة، والذي يعد حتى اليوم من المهمات شبه المستحيلة. وبسبب انجاز هذا المشروع فقد حصل على منحة دراسية في جامعة هارفارد
تخرج في جامعة هارفارد عام 1968 وكان الاول على صف الفيزياء في الجامعة، عمل في مختبر بيركلي للإشعاع، وحصل على دكتوراه في الفلسفة عام 1972 ، وفي عام 1973 عمل محاضراً في جامعة برنستون ، وحالياً استاذ كرسي “هنري سيمات ” للفيزياء النظرية في سيتي كوليج بنيويورك وقد مارس التدريس مدة 25 عاماً.
كاكو من ابرز العلماء الذين يحاورون ويبسطون العلوم لفئة القراء العاديين من غير المختصين كما انه يهتم كثيراً بموضوع المستقبليات. وهو واضع نظرية مجال الاوتار (String field theory) التي تعد فرعاً من نظرية الاوتار الفائقة.
كما انه احد العاملين على إكمال عمل اينشتاين في توحيد القوى الاربع (الجاذبية ، الكهرومغناطيسية، النووية القوية والنووية الضعيفة) في الكون تحت ظل نظرية موحدة.
ومما قاله في هذا الصدد : “أتذكر اليوم الذي توفي فيه العالم ألبرت اينشتاين، حينها قرأت تعليقاً صحفياً عن نظريته التي لم تكتمل، نظرية توحد جميع قوانين الفيزياء في نظرية فريدة. فحلمت منذ ذلك اليوم باكتشاف هذه النظرية، وفعلا ساعدني هذا الحلم لاكتشاف نظرية الأوتار الفيزيائية.”
http://d.gr-assets.com/books/1369002087l/17838881.jpgالكتاب :
بدأ ميتشيو بمقدمة جميلة وهو مدخل جيد لما يريد توضيحه فى الكتاب فكان موفقا جدا فى اختيار كلماته وافكاره فى المقدمة التي مهد بشكل رائع للفصول التالية فى الكتاب ودعونا نلاحظ ان تقسيمه للمستحيلات الي 3 فصول كان شئ فى منتهي الروعة لانه سهل علي الجميع ملاحظة الفروقات فى امكانية التحقق وقد ساهم ذلك فى ايصال الكثير من الامور التي طرحها الكاتب الي عقول غير المتخصصين
واقتبس من المقدمة ما أشرت اليه فى كلماتي السابقة
“لذلك ففي هذا الكتاب قمت بتقسيم الأشياء “المستحيلة” إلى ثلاثة طبقات. الأولى هي ما أسميته مستحيلات الفئة الأولى. وهي التكنولوجيا المستحيلة اليوم ولكنها لا تناقض القوانين المعروفة لعلم الطبيعة. ولذلك فقد تكون ممكنة في هذا القرن، أو ربما القرن القادم، على الأكثر. وهي تتضمن الانتقال الآني ومحركات المادة المضادة وأشكال معينة من التخاطر عن بعد وكذلك التحريك عن بعد والاختفاء.
الطبقة الثانية هي ما اصطلحت على تسميته مستحيلات الفئة الثانية. وهي التكنولوجيا التي تقف عند أقصى حدود فهمنا للعالم الفيزيائي. إذا كانت تلط الطبقة ممكنة أساسا، فمن الممكن أن نحققها في مستقبل يمتد إلى آلاف أو ملايين السنوات. وهي تتضمن آلات الزمن والسفر عبر إختصار الفراغ hyperspace travel وأيضا السفر عبر الثقوب الدودية(*) wormholes.
الطبقة الأخيرة هي ما أسميتها بمستحيلات الفئة الثانية. وهي التكنولوجيا التي تناقض القوانين الفيزيائية المعروفة. ومن المدهش أن التكنولوجيات المستحيلة قليلة جدا. وإذا تحولت ذات يوم إلى نطاق الإمكانية، فذلك يعني تحول جوهري في فهمنا لعلم الطبيعة. “
مراجعة شخصية للكتاب :
يمثل هذا الكتاب بحثاً في بعض المواضيع التي تنتمي في الوقت الحاضر الى خانة الخيال العلمي، كاكو يحاول ان يخبرنا عن الفرق بين الممكن والمستحيل، فليس كل ما يدرج تحت اسم الخيال العلمي من قبيل المستحيل الذي لا يمكن التفكير في احتمالية حصوله.
الخيال العلمي جذب الكثير من العلماء الى مجال دراسة خبايا الكون، كأدوين هابل وكارل ساغان، وسنأخذ أدوين هابل كنموذج، هذا “الفلكي العظيم كان مفتونا بأعمال جول فيرن (من ابرز المساهمين في ادب الخيال العلمي). وكنتيجة لقراءة أعمال فيرن، هجر هابل مستقبلا واعدا في مجال المحاماة وخيب آمال والده، وبدأ العمل في مجال العلم. ليصبح في النهاية أعظم فلكيي القرن العشرين.”
يتساءل كاكو : “هل من الممكن أن يأتي اليوم الذي نستطيع فيه السير عبر الجدران؟ أن نبني سفن فضاء تنتقل بسرعة أعلى من سرعة الضوء؟ أن نقرأ ما يدور في عقول الآخرين؟ أن نحرك الأجسام بطاقة عقولنا؟ أن ننقل أجسادنا بطريقة لحظية عبر الفضاء؟”
كل هذه الاسئلة قد يتم الاجابة عنها بكلمة “مستحيل” من قبل الكثير من الناس، ولكن لكاكو رأيٌ اخر. فهو يقول : “تعلمت كفيزيائي أن “المستحيل” مصطلح نسبي”
ولتوضيح وجهة نظره يقوم يطرح عدة امثلة من بينها ما اعتقده الفيزيائي كالفـن من أن الآلات الأثـقل من الهواء كالطائرات من المستحيل أن تطير. لكن ماذا يخبرنا الواقع الان؟
كما أن كيمياء القرن التاسع عشر أكدت عدم وجود حجر الفلاسفة واستحالة تحويل الرصاص إلى ذهب، اما اليوم فهذا الامر ممكن (نظرياً) بفضل وجود المحطمات الذرية، وبهذا نجد ان ما كان يعتبر مستحيلاً اصبح حقيقة ومسلّمة علمية في وقتنا الحالي.
دراسة تاريخ العلم توضح لنا حقيقة ان المستحيلات تتغير، الافكار والأشياء تتحول وتتطور بحسب عمق فهمنا الفيزيائي للعالم حولنا، فعلى قدر ما نملكه من رصيد علمي نستطيع ان نخفف ونحد قدر الامكان من هذه المستحيلات. وكلما اكتشف او اخترع العلماء اموراً جديدة كلما تغير مفهوم المستحيل في اذهاننا.
يقسّم كاكو المستحيلات بالنسبة للتقنية الى ثلاثة اقسام :
1 ـ مستحيلات الفئة الاولى : وهي المستحيلات التقنية الحالية التي لا تتعارض مع القوانين الفيزيائية وغير ممكنة الحدوث بسبب ضعف امكانياتنا، ولكنها ستغدو من الممكنات في نهاية هذا القرن او في القرن القادم، وكمثال عليها، امكانية الانتقال عن بعد، وقد تم تحقيقها على المستوى الذري فقط.
2 ـ مستحيلات الفئة الثانية : وهي المستحيلات التقنية التي تقف عند أقصى حدود فهمنا للعالم الفيزيائي ولا يمكن ان تظهر الى حيز الواقع الا بعد آلاف او ملايين السنين مثل آلة السفر بالزمن.
3 ـ مستحيلات الفئة الثالثة : وهي المستحيلات التقنية التي تتعارض مع القوانين الفيزيائية المعروفة، وان اصبحت من الممكنات فستحدث تغييراً جذرياً في فهمنا للعالم حولنا، ومثال على هذا النوع، آلات الحركة الابدية، وهي آلة خيالية يفترض فيها ان تعمل الى الابد.
ولان الفرق الجذري بين المستحيل والممكن معدوم فيجب علينا ان ننظر الى المستحيل والممكن من خلال اللحظة الآنية التي نعيشها … فما هو مستحيل اليوم سيغدو ممكننا غداً، وما هو ممكن اليوم كان مستحيلاً فيما مضى، هذا من جهة اما من جهة اخرى، فان المستحيل بالنسبة لحضارتنا وقدراتنا الحالية قد يكون ممكناً بالنسبة الى حضارة موجودة في غير مجرتنا وتكون اكثر تطوراً منا بآلاف او ملايين السنين، وهذا يعني ان هناك مقياس عامودي يتعلق بدرجة التطور الخاص بحضارة معينة، ومقياس افقي يتعلق بنسب التطور لدى الحضارات المتعددة في الكون.
وفي النهاية نضع تساؤلات كاكو كخاتمة للمقال :
“في حياتي القصيرة وجدت كثيرا من المستحيلات تتحول لحقائق علمية. ويبقى السؤال: هل من المستحيل أن ننتقل يوما ما من كوكب لآخر؟ وقد يبدو ذلك مستحيلا اليوم، فهل سيصبح ممكنا بعد عدة قرون؟ ولنفترض بأن هناك حضارة فضائية متطورة بملايين السنين عن حضارتنا، هل من الممكن أن تملك تقنيات تبدو مستحيلة في عالمنا؟