المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تأصيل الإعجاز العلمي في القرآن والسنة



أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:31 PM
تأصيل الإعجاز العلمي في القرآن والسنة

الشيخ عبد المجيد الزنداني

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:31 PM
مقدمـة

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد … فإن البشرية تعيش منذ قيام الثورة الصناعية في أوروبا صراعاً بين العلم والدين اتسعت ساحته حتى شمل معظم ميادين العلم والمعرفة في أنحاء العالم .ولقد شقيت البشرية بهذه المعركة التي كان الدين المحرف هو المتصدر في هذا الصراع حيث رؤى أن الدين خرج منهزما في حلبة الصراع وبانهزامه بقيت البشرية تتخبط في متاهات الظلام والحيرة ، تجرب بدون هدى ، وتسير إلى غير هدف ، تتجرع غصص الفشل المتكرر وتتكبد مرارته بين الحين والآخر .لقد حدث هذا في غياب الإسلام عن ساحة المعركة والإسلام هو الدين الحق الذي يتفق مع الحق في كل صوره ، بل يحتضن الحق ويدعمه أنى كان ، وحيثما كان ومن أية جهة جاء (الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها فهو أحق بها)(1).والإسلام هو الدين الذي يتبنى العلم منهجاً لمعرفة الله سبحانه معرفة رسوله rومنهجاً لمعرفة الدين نفسه وتبين صدقه ولمعرفة الوجود من حولنا. وحسبنا قول ربنا جل وعلا :﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾(الإسراء: 36).وقوله :﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾(محمد:19) .ولقد تنبه علماء المسلمين إلى هذا الصراع الدائر بين العلم والدين المحرف وإلى محاولة أعداء الإسلام نقل المعركة إلى بلاد المسلمين فبدأوا يكتبون عن الإسلام والعلم فإذا بهم يضعون أيديهم على معجزة تجلت في هذا العصر أيد الله بها دينه الحق ألا وهي:الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.وكان ذلك تحقيقاً لوعده جل وعلا﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَق﴾ُّ( فصلت:53).وبدأت الكتابات تتوالى في هذا الباب ، ومنها ما أجاد فيها أصحابها ومنها ما يحتاج إلى تصويب وتقويم .ولذلك بادر المجلس العالمي الأعلى للمسجد باتخاذ قرار إنشاء هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ليكون من أولى مهماتها :
1-تطوير أبحاث الإعجاز العلمي .
2- تمحيص وتقويم ما يكتب في هذا المجال .
3- نشر الصالح من هذه البحوث .
4- وضع الضوابط للكتابة في هذا الموضوع .
وتحقيقاً لذلك قامت الهيئة بعقد المؤتمر العالمي الأول للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بالتعاون مع رابطة العالم الإسلامي والجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد بباكستان في الفترة من 25-28 صفر 1408هـ الموافق 18-21/10/1987م وكان من أهم ما عرض في هذا المؤتمر بحوث التأصيل لهذا العلم الجديد في عصرنا .ويسر الهيئة أن تقدم للباحثين وللقراء عموماً بعض بحوث التأصيل التي قررت الهيئة – في اجتماعها مع اللجنة الإستشارية في 14-16 رمضان 1409هـ نشرها للاستفادة منها .كما يسر الهيئة أن تلحق بها توصيات المؤتمر .سائلة المولى جل وعلا أن يأخذ بأيدي العاملين للإسلام وأن يوفقهم ويهديهم سواء السبيل وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:33 PM
تقديـم
بقلم : سماحة الشيخ جاد الحق على جاد الحق – شيخ الأزهـر الأسبق رحمه الله

الحمد لله علم الإنسان ما لم يعلم ، والصلاة والسلام على رسول الله r، الذي خاطبه ربه بقوله﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾(النساء:113) .. وعلى آله وأصحابه الذين حملوا مشاعل علوم هذه الرسالة فأصلوا وفصلوا ما فيها من كنوز…وبعـد :فمع كثرة الشواغل تزاحم الأعمال : طالعت على عجل البحث المقدم من السيد الشيخ عبدالمجيد الزنداني بعنوان "المعجزة العلمية في القرآن والسنة" .. وقد ساق فيه جملة من الأفكار التي تخدم بحثه مستنداً فيها على الأدلة النقلية من الكتاب والسنة ، وعلى الأدلة العقلية التي تستمد دلالاتها من الواقع المحس، وتعتمد على نتائج النظريات والتجارب العلمية الحديثة..ولقد بدأ البحث بحد عرف فيه الإعجاز ، ثم عرف الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.ثم تحدث عن أن لكل رسول معجزة تناسب ما تميز به قومه وقال : إن المعجزة العلمية هي التي تناسب الرسالة العالمية الخاتمة والمستويات البشرية المختلفة ، وأنه قد حان الوقت لاستظهار رؤية حقائق العلم الذي أنبأ به القرآن سَنُرِيهِمْ والسنة وساق لذلك أمثلة متعددة من أنباء الأرض والسماء في القرآن والسنة ، التي تجلت في عصر الاكتشافات﴿آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ﴾(فصلت:53)﴿ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ (الأنعام:67) ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(87)وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾ (ص:87-88) وغير ذلك من الآيات. وجاء في ذلك بأقوال السلف من المفسرين والمحدثين وغيرهم .وقد خلص إلى أن أبحاث الإعجاز العلمي وقواعده ضرب من التفسير للقرآن يدخل تحت النوع الثالث من الأنواع الأربعة ، التي ذكرها ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: التفسير على أربعة أوجه :
1-وجه تعرفه العرب من كلامها .
2-تفسير لا يعذر أحد بجهالته .
3-تفسير يعلمه العلماء .
4-تفسير لا يعلمه إلا الله .
ثم تحدث عن الفرق بين التفسير العلمي والإعجاز العلمي ، وأبان عن مصادر أبحاث الإعجاز العلمي ، وأنها فرع من فروع التفسير وجزء من شرح الحديث وإنه لما كانت هذه المصادر قائمة على إظهار التوافق بين نصوص الوحي وبين ما كشف العلم التجريبي من حقائق الكون وأسراره فهي كذلك تقوم على مصادر العلوم التجريبية إلى جانب العلم المتعلق بتاريخها .وقد تناول قواعد أبحاث الإعجاز العلمي وصاغها ورتبها بما يجعلها تحيط بالموضوع، جامعة موجهة لمن يتصدى لهذه الأبحاث عن علم وهدى ، مانعة لمن قعدت به مواهبه، عن إدراكها ، وغابت عنه مصطلحات هذه العلم ، ودلالات النصوص الظنية منها والقطعية ، وما قد يقع بينها من توافق أو تعارض على نحو ما أجمل وفصل في هذا البحث المفيد .ثم تحدث عن أوجه الإعجاز العلمي وأوجزها في نقاط خمسة ، وبين أهمية أبحاث الإعجاز العلمي وثمارها .واختتم البحث بيان ميادين أبحاث الإعجاز العلمي مشيراً إلى أنها المجالات الكونية التي جاء ذكرها أو الإشارة إليها في القرآن والسنة ، وتمكن العلم البشري من كشف أسرارها ، وذلك إلى جانب الميادين التي يحتاجها الباحث لتفسير النصوص الشرعية تفسيراً صحيحاً لا شطط فيه مع معرفة بتاريخ العلوم وتقدمها.وأضاف أن مسائل أبحاث الإعجاز العلمي: هي المسائل التي يتصدى الباحث لحلها ، وأنها تجمع القضايا الشرعية ، والكونية ، والتاريخية ، التي تبرز جوانب المعجزة العلمية في آيات الله الكونية والنفسية .وإذ أقدم هذا البحث أشكر للأخ الجليل الشيخ عبدالمجيد الزنداني هذا الجهد في خدمة العلم والدين ، فإن الإسلام كرم العلم وحث على الاستزادة والنظر المستمر في خلق الله استثماراً في هذه الدنيا من خير للإنسان في دينه ودنياه وليزداد الذين آمنوا إيماناً ، وليذكر أولوا الألباب .والله المستعان وهو ولي التوفيق ….

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:34 PM
المعجزة العلمية في القرآن والسنة

الإعجاز العلمي :

تعريف الإعجاز :
الإعجاز مشتق من العجز. والعجز : الضعف أو عدم القدرة .والإعجاز مصدر اعجز : وهو بمعنى الفوت والسبق.(2)والمعجزة في اصطلاح العلماء : أمر خارق للعادة ، مقرون بالتحدي ، سالم من المعارضة.(3)
وإعجاز القرآن : يقصد به : إعجاز القرآن الناس أن يأتوا بمثله. أي نسبة العجز إلى الناس بسبب عدم قدرتهم على الآتيان بمثله .

تعريف العلم :
وصف الإعجاز هنا بأنه علمي نسبة إلى العلم .
والعلم : هو إدراك الأشياء على حقائقها. أو هو صفة ينكشف بها المطلوب انكشافاً تاماً.(4)والمقصود بالعلم في هذا المقام : العلم التجريبي. وعليه فيعرف الإعجاز العلمي بما يلي:
تعريف الإعجاز العلمي:هو إخبار القرآن الكريم أو السنة النبوية بحقيقة أثبتها العلم التجريبي ،وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشريةفي زمن الرسول r.وهذا مما يظهر صدق الرسول محمد rفيما أخبر به عن ربه سبحانه.لكل رسول معجزة تناسب قومه ومدة رسالته :ولما كان الرسل قبل محمد rيبعثون إلى أقوامهم خاصة ، ولأزمنة محدودة فقد أيدهم الله ببينات حسية مثل : عصا موسى عليه السلام ، وإحياء الموتى بإذن الله على يد عيسى عليه السلام ، وتستمر هذه البينات الحسية محتفظة بقوة إقناعها في الزمن المحدد لرسالة كل رسول ، فإذا حرف الناس دين الله بعث الله رسولاً آخر بالدين الذي يرضاه، وبمعجزة جديدة ، وبينة مشاهدة .
المعجزة العلمية تناسب الرسالة الخاتمة والمستويات البشرية المختلفة:ولما ختم الله النبوة بمحمد r ضمن له حفظ دينه ، وأيده ببينة كبرى تبقى بين أيدي الناس إلى قيام الساعة ، قال تعالى﴿ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ﴾(الأنعام:19) ومن ذلك ما يتصل بالمعجزة العلمية .وقال تعالى ﴿ لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ ﴾ (النساء:166) .وفي هذه الآية ، التي نزلت رداً على تكذيب الكافرين ، بنبوة محمد(5)rبيان لطبيعة المعجزة العلمية ، التي تبقى بين يدي الناس ، وتتجدد مع كل فتح بشري في آفاق العلوم ، والمعارف ذات الصلة بمعاني الوحي الإلهي.قال الخازن عند تفسير هذه الآية :"لكن الله يشهد لك يا محمد بالنبوة ، بواسطة هذا القرآن ، الذي أنزله عليك"(6)وقال ابن كثير :"فالله يشهد لك بأنك رسوله ، الذي أنزل عليه الكتاب ، وهو القرآن العظيم … ولهذا قال : أنزله بعلمه : أي فيه علمه الذي أراد أن يطلع العباد عليه ، من البينات والهدى ، والفرقان، وما يحبه الله ويرضاه ، وما يكرهه ويأباه ، وما فيه من العلم بالغيوب ، من الماضي والمستقبل(7).وقال أبو العباس بن تيمية :فإن شهادته بما أنزل إليه ، هي شهادته بأن الله أنزله منه ، وأنه أنزله بعلمه ، فما فيه من الخبر ، هو خبر عن علم الله ، وليس خبراً عمن دونه ، وهذا كقوله :﴿ فَإِْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ ﴾ (هود:14)وليس معنى مجرد كونه أنزله أنه معلوم له ، فإن جميع الأشياء معلومة له ، وليس في ذلك ما يدل على أنها حق ، لكن المعنى : أنزله فيه علمه ، كما يقال: فلان يتكلم بعلم ، فهو سبحاه أنزله بعلمه ، كما قال:﴿ قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ (6)﴾ (8)(الفرقان:6).وإلى هذا المعنى ذهب كثير من المفسرين(9)وهكذا تسطع بينه الوحي ، المنزل على محمد –صلَّى الله عليه وسلَّم – بما نزله فيه من علم إلهي، يدركه الناس في كل زمان ومكان ، ويتجدد على مر العصور ، ولذلك قال:"ما من الأنبياء نبي إلا أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر ، وإنما كان الذي أوتيته وحياً ، أو حاه الله إلى ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة".(10)قال ابن حجر عند شرحه لهذا الحديث :"ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة ، وخرقه للعادة في أسلوبه ، وفي بلاغته ، وإخباره بالمغيبات ، فلا يمر عصر من الأعصار ، إلا ويظهر فيه شئ مما أخبر به أنه سيكون ؛ يدل على صحة دعواه … فعم نفعه من حضر ، ومن غاب ، ومن وجد، ومن سيوجد"(11).﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(87)وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88) ﴾وبينة القرآن العلمية يدركها العربي والأعجمي ، وتبقى ظاهرة متجددة إلى قيام الساعة .ففي القرآن أنباء تعرف المقصود منها ، لأنها بلسان عربي مبين ، لكن حقائقها وكيفياتها لا تتجلى إلا بعد حين.قال تعالى : ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(87)وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88) ﴾ (ص:87-88) .قال الفراء في تفسير الحين الذي ذكرته الآية أنه :"بعد الموت وقبله أي لتظهر لكم حقيقة ما أقول (بعد حين) أي في المستأنف"(12)وذهب السدي الكبير إلى هذا المعنى(13)وقال ابن جرير الطبري ، بعد ذكر الأقوال المتعددة ، في تفسير الحين الذي ذكرته الآية )وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، أن يقال : أن الله أعلم المشركين بهذا القرآن أنهم يعلمون نبأه بعد حين ، من غير حد منه لذلك الحين بحد ، ولا حد عند العرب للحين، لا يجاوز ولا يقصر عنه ، فإذا كان ذلك كذلك ، فلا قول فيه أصح من أن يطلق ، كما أطلقه الله، من غير حصر ذلك على وقت دون وقت(14).﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67) ﴾ (الأنعام67).وشاء الله أن يجعل لكل نبأ زمناً خاصاً يتحقق فيه ، فإذا تجلى الحدث ماثلا للعيان أشرقت المعاني ، التي كانت تدل عليها الحروف والألفاظ في القرآن ، وتتجدد المعجزة العلمية عبر الزمان ، وإلى هذا الزمن أشار القرآن في قوله تعالى: ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُون َ(67)الأنعام ﴾ (الأنعام67).ويبقى النبأ الإلهي محيطاً بكل الصور ، التي يتجدد ظهورها عبر القرون.وقال ابن جرير الطبري :"لكل نبأ مستقر ، يقول : لكل خبر مستقر ، يعني قرار يستقر عنده ، ونهاية ينتهي إليها ليتبين حقه وصدقه ، من كذبه وباطله .وسوف تعلمون. يقول : وسوف تعلمون أيها المكذبون بصحة ما أخبر به"(15)وقال ابن كثير :قال ابن عباس وغير واحد : أي لكل نبأ حقيقة ، أي لكل خبر وقوع ، ولو بعد حين ، كما قال تعالى: ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِين ﴾ٍ(ص:88) ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾ (الرعد:38).(16)إلى هذا ذهب كثير من المفسرين(17)أنباء الأرض والسماء في القرآن والسنة ، تتجلى في عصر الاكتشافات :وأن خبر القرآن والسنة ، وما فيهما من أوصاف لما في الأرض والسماء ، هو نبأ إلهي عما في الأرض والسماء ، ممن هو أعلم بما خلق فيهما من أسرار .﴿... قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ... ﴾ (يونس: 18)فالخبر بما في الأرض والسماء ، نبأ عما في الأرض والسماء .ولقد زخر القرآن والسنة ، بأنباء الكون وأسراره ، وتفجرت في عصرنا علوم الإنسان ، باكتشافاته المتتالية ، لآفاق الأرض والسماء فحان الحين لرؤية حقائق العلم، الذي نزل به الوحي في القرآن والسنة .﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾ (فصلت53).

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:34 PM
ولقد أعلنت البشرية اليوم قبولها العلم طريقاً إلى معرفة الحق ، بعد أن كبلت طويلاً بأغلال التقليد الأعمى ، فشيدت للعلم البناء ، وفرغت لخدمته العلماء ، ورصدت له الأموال ، وما أن وقفت العلوم التجريبية على قدميها إلا وبدأت في تأدية رسالتها ، التي حدد الله لها في جعلها طريقاً إلى الإيمان به ، وشاهداً على صدق رسوله .لقد نزل القرآن في عصر انتشار الجهل ، وشيوع الخرافة ، والكهانة ، والسحر، والتنجيم، في العالم كله ، وكان للعرب النصيب الأوفى، من هذه الجاهلية والأمية ، كما بين القرآن ذلك بقوله : ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ (الجمعة:2).لقد نزل القرآن على قوم استماتوا في الصد عنه ، دفاعاً عن أصنامهم ، التي كانوا عليها عاكفين ، وتعلقاً بما آمنوا به من خرافات السحر، والكهانة،والتنجيم ، وأوهام الازلام ، والتشاؤم من بعض الشهور ، ومن مرور بعض أنواع الحيوان ، وجادلوا عن ضلالتهم في طلب الحماية من ملوك الجان ، في الشعاب والوديان .وهذا مثل من الضلال الفكري ، الذي كان عليه العرب عند نزول القرآن وكان العرب أمة أمية ، وبعد أن حثهم رسول الله r على القراءة والكتابة والعلم. والحساب ، لم يجدوا أمامهم من أدوات الكتابة إلا الجلود ، والأحجار الرقيقة، وعسب النخل ، وعليها كانوا كتبون.(18)في ذلك العصر ، وعلى تلك الأمة ، نزل الوحي ، وفيه علم الله ، يصف أسرار الخلق في شتى الآفاق ، ويجلي دقائق الخلق في النفس البشرية ، يقرر البداية ، ويصف أسرار الحاضر، ويكشف غيب المستقبل الذي ستكون عليه سائر المخلوقات.وعندما دخل الانسان في عصر الاكتشافات العلمية ، وامتلك أدق الأجهزة للبحث العلمي ، وتمكن من حشد الجيوش من الباحثين ، في شتى الآفاق، وجمعهم في ميادينه، على اختلاف الأجناس ، يبحثون عن الأسرار المحجوبة في آفاق الأرض والسماء ، وفي مجالات النفس البشرية ، يجمعون المقدمات ، ويرصدون النتائج ، في رحلة طويلة عبر القرون ، فإذا ما تكاملت الصورة ، وتجلت الحقيقة وقعت المفاجأة الكبرى ، بتجلي أنوار الوحي الإلهي ، الذي نزل على محمد rقبل ألف وأربعمائة عام ، بذكر تلك الحقيقة في آية من القرآن أو بعض آية ، أو في حديث لرسول الله r أو بعض حديث بدقة علمية معجزة، وعبارات مشرقة، وبهذا أنبأنا القرآن.قال تعالى : ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52) سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(53) ﴾ (فصلت:52-53) فهيا لنتدبر بعض معاني هذا النص القرآني:لقد ورد الأفق في اللغة بمعنى : ما ظهر من نواحي الفلك وأطراف الأرض، وآفاق السماء: نواحيها(19)وآيات الله في آفاق الأرض والسماء تحمل معاني ثلاثة: الأول : المخلوقات التي خلقها الله في شتى آفاق الأرض والسماء مثل قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ ... ﴾(الشورى:29).
الثاني : آيات القرآن التي تخبر وتصف أنواع المخلوقات ، وهي آيات كثيرة.
الثالث : البينات والمعجزات التي يظهرها الله تصديقاً لرسول rفي شتى آفاق الأرض والسماء برؤية مصداقها من حقائق الخلق حينا بعد حين.قال الشوكاني :﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ ﴾: سنريهم صدق دلالات صدق القرآن ، وعلامة كونه من عند الله في الآفاق وفي أنفسهم …. والمعنى : سنريهم آياتنا في النواحي وفي أنفسهم(20).وقال ابن كثير :﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾: أي ستظهر لهم دلالاتنا ، وحججنا ، على كون القرآن حقاً منزلا من عند الله ، على رسول الله rبدلائل خارجية في الآفاق(21).وقال الزمخشري :ومعناه أن هذا الموعود ، من إظهار آيات الله في الآفاق ، وفي أنفسهم سيرونه ويشاهدون، فيتبينون عند ذلك أن القرآن تنزيل عالم الغيب ، الذي هو على كل شئ شهيد ، أي مطلع ومهيمن ، يستوي عنده غيبه وشهادته ، فيكفيهم ذلك دليلاً على أنه حق وأنه من عنده(22) .بهذا قال كثير من المفسرين عند تفسير قوله تعالى: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾ وقال أبو العباس بن تيمية :وأما الطريق العياني : فهو أن يرى العباد من الآيات الأفقية والنفسية ، ما يبين لهم أن الوحي الذي بلغته الرسل عن الله حق ، كما قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53 ) ﴾ أي: أولم يكف بشهادته المخبرة بما في علمه ، وهو الوحي الذي أخبر به الرسول rفإن الله على كل شئ شهيد وعليم به.(23)ولقد قرر عطاء وابن يزيد أن معنى (الآفاق) المذكورة في الآية هو ما نقله عنهما القرطبي في تفسيره:"وقال عطاء وابن زيد أيضاً : في (الآفاق) يعني أقطار السموات والأرض، من الشمس والقمر ، والنجوم والليل والنهار ، والرياح والأمطار ، والرعد والبرق، والصواعق ، والنبات والأشجار ، والجبال والبحار ، وغيرها"(24).وروى هذا عنهما عدد من أئمة التفسير(25).وفي الجلالين :﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ ﴾: أقطار السموات والأرض من النيران والنبات والأشجار.﴿وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾ : من لطيف الصنعة وبديع الحكمة(26).فهذه آيات الله في كتابه تتحدث عن آياته في مخلوقاته ، وتتجلى بمعجزة علمية بينة تسطع في عصر الكشوف العلمية في آفاق الكون .

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:35 PM
اللقاء حتمي والمعجزة واقعة

إننا على وعد من الله عز وجل بأن يرينا آياته ، فيتحقق لنا – بهذه الرؤية – العلم الدقيق بمعاني هذه الآيات ، قال تعالى : ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا... ﴾ (النمل:93).ومخلوقاته من آياته ، ومنها ما جاء في القرآن وصفاً ونبأ عن آياته في السموات والأرض.وروى الطبري عن ابن أبي نجيح وابن جريج عن مجاهد ، أنه قال في تفسير هذه الآية:"قوله : ﴿ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا ﴾قال : في أنفسكم والسماء والأرض والرزق".(27)
وقال ابن كثير في تفسير الآية :"أي الحمد لله الذي لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه والانذار إليه ، ولهذا قال تعالى﴿سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا،﴾كما قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾ .(28)وبمثل هذا قال القرطبي في تفسيره(29). والألوسي في تفسيره(30).وقال أبو حيان في البحر المحيط :"سيريكم آياته : تهديد لأعدائه بما يريهم الله من آياته ، التي تضطرهم إلى معرفتها ، والإقرار أنها آيات الله … وقيل آياته في أنفسكم ، وسائر ما خلق ، مثل قوله : ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾وقيل معجزات الرسول ، وأضافها إليه لأنه هو مجريها ، على يدي الرسول ، ومظهرها من جهته.(31)وبمثل ما قال أبو حيان ، قال البقاعي ، في نظم الدرر(32):ومما سبق يتبين لنا أن البشرية على موعد من الله متجدد ومستمر بكشف آياته في الكون ، وفي كتابه أمام الأبصار ، لتقوم الحجة وتظهر المعجزة .إنه الوحي في القرآن والسنة ، يفيض بالخبر عن أوصاف المخلوقات ، وهذه الأبحاث العلمية التجريبية ، تتجه بدراستها وبحثها إلى نفس الميدان ، الذي وصفه القرآن ، وتحدث عن الرسول r فاللقاء حتمي ، والمعجزة لا شك واقعة .لقد جاءت العلوم البشرية التجريبية شاهدة بصدق ما أخبر به القرآن ، من تحريف سائر الأديان(33) وجاءت شاهدة ومجلية لدقائق المعاني ، في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ذات التعلق بالأمور الكونية. وهذه مناكب دعاة الإسلام ، على اختلاف تخصصاتهم العلمية ، تتزاحم لبيان هذه المعجزات العلمية ، وبدأ عدد من كبار علماء الكون، من غير المسلمين ، يتجهون إلى نفس الميدان(34)، فمنهم من أسلم(35)، ومنهم من شهد بحقيقة المعجزة العلمية، فحان حين تجلى معاني كثير من آيات القرآن الكونية ، وعدد – في نفس المجال – من الأحاديث النبوية و﴿ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ (الأنعام67).وإذا كان النقص يعتري بعض الدراسات ، في مجال الإعجاز العلمي ، في القرآن والسنة ، فلا يصح أن يكون ذلك حكماً على جميعها ، وإن هذا ليوجب على القادرين من علماء الإسلام ، أن يسارعوا لخدمة القرآن والسنة ، في مجال العلوم الكونية ، كما خدمهما السلف ، في مجال اللغة والأصول ، والفقه ،وغيرها من مجالات العلوم الشرعية ، فنحن أمام معجزة علمية كبرى ، تنحني أمامها جباه المنصفين من قادة العلوم الكونية في عصرنا .فالاعجاز العلمي أكده ذلك النوع من التفسير ، الذي يعلمه علماء المسلمين ، الذي يعلمون بأسرار المخلوقات كما أشارت هذه الآيات الكريمة: ﴿ إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ(95)فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ(96)وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُون َ(97) ﴾ (الأنعام:95-97) . يعلمون بآيات القرآن. وآيات الأكوان، وهناك فرق بين التفسير العلمي والإعجاز العلمي.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:35 PM
الفرق بين التفسير العلمي والإعجاز العلمي

فالتفسير العلمي : هو الكشف عن معاني الآية أو الحديث في ضوء ما ترجحت صحته من نظريات العلوم الكونية

أما الإعجاز العلمي : فهو إخبار القرآن الكريم ، أو السنة النبوية ، بحقيقة أثبتها العلم التجريبي أخيراً، وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية ، في زمن الرسول r.وهكذا يظهر اشتمال القرآن أو الحديث على الحقيقة الكونية، التي يؤول إليها معنى الآية أو الحديث، ويشاهد الناس مصداقها في الكون ، فيستقر عندها التفسير، ويعلم بها التأويل، كما قال تعالى: ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ (الأنعام67).وقد تتجلى مشاهد أخرى كونية عبر القرون ، تزيد المعنى المستقر وضوحاً وعمقاً وشمولاً لأن الرسول r قد أوتى جوامع الكلم(36) فيزداد بها الإعجاز عمقا وشمولاً ، كما تزداد السنة الكونية وضوحا بكثرة شواهدها المندرجة تحت حكمها.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:36 PM
مصادر أبحاث الإعجاز العلمي

ولما كانت أبحاث الإعجاز العلمي متعلقة بالتفسير العلمي للآيات الكونية ، ومتصلة بشرح الأحاديث في هذه المجالات ، فهي فرع من فروع التفسير ، وجزء من شرح الحديث وتقوم على مصادر هذين العلمين ، ولما كانت قائمة على إظهار التوافق بين نصوص الوحي وبين ما كشف العلم التجريبي من حقائق الكون وأسراره ، فهي كذلك تقوم على مصادر العلوم التجريبية ، إلى جانب العلم المتعلق بتاريخها ، كما تتصل أيضاً بعلم أصول الدين .

قواعد أبحاث الإعجاز العلمي :
ولقد قامت هذه الأبحاث على قواعد نوجزها فيما يلي:-
(أ) علم الله هو العلم الشامل المحيط الذي لا يعتريه خطأ ، ولا يشوبه نقص، وعلم الإنسان محدود ، يقبل الازدياد ، ومعرض للخطأ.
(ب) هناك نصوص من الوحي قطعية الدلالة ، كما أن هناك حقائق علمية كونية قطعية.
(ج) وفي الوحي نصوص ظنية في دلالتها ، وفي العلم نظريات ظنية في ثبوتها .
(د) ولا يمكن أن يقع صدام بين قطعي من الوحي وقطعي من العلم التجريبي، فإن وقع في الظاهر ، فلابد أن هناك خللا في اعتبار قطعية أحدهما(37).
(هـ) عندما يري الله عباده آية من آياته ، في الآفاق أو في الأنفس مصدقة لآية في كتابه، أو حديث من أحاديث رسوله يتضح المعنى، ويكتمل التوافق ، ويستقر التفسير ، وتتحدد دلالات ألفاظ النصوص ، بما كشف من حقائق علمية وهذا هو الإعجاز.
(و) إن نصوص الوحي قد نزلت بألفاظ جامعة(38) تحيط بكل المعاني الصحيحة في مواضيعها التي قد تتتابع في ظهورها جيلا بعد جيل .
(ز) إذا وقع التعارض بين دلالة قطعية للنص ، وبين نظرية علمية رفضت هذه النظرية، لأن النص وحي من الذي أحاط بلك شئ علما ، وإذا وقع التوافق بينهما كان النص دليلا على صحة تلك النظرية ، وإذا كان النص ظنيا والحقيقة العلمية قطعية يؤول النص بها .
(ح) وإذا وقع التعارض بين حقيقة علمية قطعية ، وبين حديث ظني في ثبوته ، فيؤول الظني من الحديث،ليتفق مع الحقيقة القطعية،وحيث لا توجد مجال للتوفيق فيقدم القطعي .

أوجه الإعجاز العلمي :
إن معجزة القرآن العلمية ، تظهر لأهل العلم ، في كل مجال من مجالاته ، فهي ظاهرة في نظمه ، وفي إخباره عن الأولين ، وفي إنبائه بحوادث المستقبل، وحكم التشريع ، وغيرها .. ولقد شاع مصطلح الإعجاز العلمي في عصرنا، للدلالة على أوجه إعجاز القرآن والسنة ، التي كشفت عنها العلوم الكونية والطبية.والمتأمل في أحوال العالم قبل نزول القرآن ، يرى التخلف الهائل في مجال العلوم الكونية، وكيف اختلطت المعارف الكونية للانسان ، بالسحر والكهانة والأوهام ، حتى غلبت الخرافة ، وسادت الأساطير ، على الفكر الإنساني .ولقد انتظرت البشرية طويلاً – بعد نزول القرآن – إلى أن امتلكت من الوسائل العلمية ، ما يكشف لها أسرار الكون ، وإذا بالذي يكتشفه الباحثون بعد طول بحث ودراسة ، تستخدم فيها أدق الأجهزة الحديثة ، يرى مقررا في آية ، أو حديث ، قبل ألف وأربعمائة عام ، وذلك فيما تعرض له الوحي من حقائق. وما كان العرب الذين خوطبوا بهذا القرآن ، بحاجة إلى هذه الأوصاف ، والأنباء المستفيضة فيه ، وفي السنة، عن الكون وأسراره ، لاثبات صدق الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم ، لكنه الوحي المعجز؛ الذي يحمل بينه صدقه معه ، لجميع البشر، في عصورهم المختلفة ، وأطوارهم المتباينة ، كما قال أبو العباس بن تيمية في وصف القرآن.وقد اجتمع فيه من الآيات ما لم يجتمع في غيره ، فإنه هو الدعوة والحجة ، وهو الدليل والمدلول عليه ، وهو البينة على الدعوى ، وهو الشاهد والمشهود به(39).

وتتمثل أوجه الإعجاز العلمي في القرآن والسنة فيما يلي:
1- في التوافق الدقيق بين ما في نصوص الكتاب والسنة، وبين ما كشفه علماء الكون(40) من حقائق كونية ، وأسرار علمية،لم يكن في إمكان بشر أن يعرفها وقت نزول القرآن .
2- تصحيح الكتاب والسنة لما شاع بين البشرية،في أجيالها المختلفة ، من أفكار باطلة ، حول أسرار الخلق(41) لا يكون إلا بعلم من أحاط بكل شئ علما.
3- إذا جمعت نصوص الكتاب ، والسنة الصحيحة ، وجدت بعضها يكمل بعضها الآخر ، فتتجلى بها الحقيقة ، مع أن هذه النصوص قد نزلت مفرقة في الزمن، وفي مواضعها من الكتاب الكريم ، وهذا لا يكون إلا من عند الله ؛ الذي يعلم السر في السموات والأرض .
4- سن التشريعات الحكيمة ، التي قد تخفى حكمتها على الناس ، وقت نزول القرآن، وتكشفها أبحاث العلماء في شتى المجالات.(42)
5- في عدم الصدام بين نصوص الوحي القاطعة ؛ التي تصف الكون وأسراره، على كثرتها ، وبين الحقائق العلمية المكتشفة على وفرتها ، مع وجود الصدام الكثير، بين ما يقوله علماء الكون ، من نظريات تتبدل مع تقدم الاكتشافات، ووجود الصدام بين العلم ، وما قررته سائر الأديان المحرفة المبدلة.وصدق الله القائل : ﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ(48)بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ(49)وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ(50)أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(51)قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(52) ﴾ (العنكبوت:48-52).

تنبيه :
وكلامنا هنا محصور في قضايا الإعجاز العلمي؛ الذي تسفر فيه النصوص عن معاني لكيفيات وتفاصيل جديدة عبر العصور ، أما ما يتعلق بالعقائد والعبادات ، والمعاملات والأخلاق ، فقد بينها رسول الله r ووضح تفسيرها(43).

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:36 PM
أبحاث الإعجاز العلمي في ضوء منهج السلف وكلام المفسرين

للسلف منهج سديد ، في التعامل مع الأمور الغيبية ؛ التي جاء بها الوحي ، وخاصة فيما يتعلق بأمر الصفات الإلهية ، وأحوال يوم القيامة ، وما لا سبيل إليه من غير طريق الوحي ، ويتمثل هذا المنهج في الوقوف عندما دلت عليه النصوص، بدون تكلف ، لمعرفة الكيفيات والتفاصيل ؛ التي لم يبينها الوحي ، لأن البحث فيها كالبحث في الظلام ، وهي قسر لحقائق الوحي الكبرى في قالب تصورات ذهنية بشرية ، بحدود الحس والزمان والمكان ، المحيط ببيئة الإنسان .وكلام الخالق سبحانه ، عن أسرار خلقه ، في الآفاق والأنفس ، غيب ، قبل أن يرينا الله حقائق تلك الأسرار ، ولا طريق لمعرفة كيفياتها وتفاصيلها قبل رؤيتها ، إلا ما سمعنا من طريق الوحي، وكان السلف لا يتكلفون ما لا علم لهم به.إن معاني الآيات المتعلقة بالأمور الغيبية ، ودلالتها اللغوية معلومة ، لكن الكيفيات والتفاصيل محجوبة ، وإن من وصف حقائق الوحي الكونية ، بدقائقها وتفاصيلها ، بعد أن كشفها الله ، وجلاها للأعين ، غير من وصفها من خلال نص يسمع، ولا يرى مدلوله الواقعي، لأن وصف من سمع وشاهد غير من سمع فقط ، ومثلهما كمثل اثنين استمعا وصفا لمكتبة كبيرة من صاحبها ، وكان بعضها مشاهدا، وبعضها محجوبا بالستائر والظلام ، وكان أحدهما لا يملك قدرة على إزاحة الستائر، وتبديد الظلام ، فوصف ما حجب عنه في ضوء ما سمع، وقياسا على ما رأى ، وتمكن الثاني من كشف بعض الستائر ، وتبديد بعض الظلام ، فرأى دقائق، وتفاصيل ، وكيفيات، ما وصف له من قبل سماعا، فجاءت المشاهدة متوافقة مع السماع .ولقد وفق السلف الصالح من المفسرين كثيرا في شرحهم لمعاني الآيات القرآن ، رغم احتجاب حقائقها الكونية ، مع أن المفسر الذي يصف حقائق وكيفيات الآيات الكونية ، في الآفاق والأنفس ، وهي محجوبة عن الرؤية في عصره ، قياسا على ما يرى من المخلوقات ، وفي ضوء ما سمع من الوحي ، يختلف عن المفسر ؛ الذي كشفت أمامه الآية الكونية ، فجمع بين ما سمع من الوحي ، وبين ما شاهد في الواقع.ونظراً لعدم خطورة ما يتقرر في مجال الأمور الكونية ، على أمر العقيدة يوم ذاك، لم يقف المفسرون بها عند حدود ما دلت عليه النصوص. بل حاولوا شرحها بما يسر الله لهم من الدراية ؛ التي تيسرت لهم في عصورهم ، وبما فتح الله به عليهم من أفهام ، وكانت تلك الجهود العظيمة التي بذلها المفسرون عبر القرون ، لشرح نصوص الوحي ؛ المتعلقة بالأمور الكونية ؛ التي لم تكشف في عصرهم؛ مبينة لمستوى ما وصل إليه الإنسان من علم ، في تلك المجالات ، ومبينة لمدى توفيق الله لهؤلاء المفسرين .فإذا ما حان حين مشاهدة الحقيقة ، في واقعها الكوني ، ظهر التوافق الجلي بين ما قرره الوحي وما شاهدته الأعين ، وظهرت حدود المعارف الإنسانية ؛ المقيدة بقيود الحس المحدود ،والعلم البشري المحدود بالزمان والمكان ، وازداد الإعجاز تجليا وظهوراً.وكتب الله التوفيق للمفسرين ، فيما شرحوه من آيات وأحاديث ؛ متعلقة بأسرار الكون وخفاياه ؛ بفضل اهتدائهم بنصوص الوحي ؛ المنزل ممن يعلم السر في الأرض والسماء ، مهتدين بما علم لهم من دلالات الألفاظ ، ومعاني الآيات .
سرور رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بظهور التوافق بين الوحي ، وبين الواقع:
روى مسلم في صحيحه(44) عن فاطمة بنت قيس قال : … فلما قضى رسول الله rصلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال : "ليلزم كل إنسان مصلاه. ثم قال: أتدرون لم جمعتكم ؟" قالوا : الله ورسوله أعلم. قال "إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ، ولكن جمعتكم لأن تميما الداري ، كان رجلا نصرانيا ، فجاء فبايع وأسلم ، وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال" ثم ذكر لهم خبر تميم الداري ورحلته ؛ التي استغرقت أكثر من شهر في البحر، وجاءت موافقة لما أخبر به الرسول rمن قبل.وكان الناس يشككون في نسب أسامة بن زيد ، فعن عائشة رضي الله تعالى عنها – قالت : إن رسول الله دخل علىَّ مسروراً ، تبرق أسارير وجهه، فقال: ألم ترى أن مجززاً (45)نظر آنفا إلى زيد بن حارثة ، وأسامة بن زيد (وفي رواية، وعليهما قطيفة ، قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما)(46) فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض .وهكذا جاء الدليل من الواقع المشاهد ؛ ليحسم الخلاف ، فبرقت له أسارير وجه الرسول r.وكم يسر المؤمن في عصرنا ، وهو يشاهد حقائق الواقع،والمشاهدات الكثيرة،قد جاءت مصدقةلما جاءبه الوحي،قبل ألف وأربعمائةعام .

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:37 PM
أهمية أبحاث الإعجاز العلمي وثمارها

1-تجديد بينة الرسالة في عصر الكشوف العلمية :
إذا كان المعاصرون لرسول الله قد شاهدوا بأعينهم ، كثير من المعجزات ،فإن الله أرى أهل هذا العصر ، معجزة لرسوله تتناسب مع عصرهم ، ويتبين لهم بها أن القرآن حق ، وتلك البينة المعجزة هي : بينة الإعجاز العلمي ، في القرآن والسنة ، وأهل عصرنا لا يذعنون لشئ مثل إذعانهم للعلم، وبيناته ودلائله ، على اختلاف أجناسهم وأوطانهم وأديانهم ، وأبحاث الإعجاز كفيلة بإذن الله بتقديم أوضح الحجج ، وأقوى البينات العلمية ، لمن أراد الحق من سائر الأجناس. وفي حجج هذه الأبحاث قوة في اليقين ، وزيادة في إيمان المؤمنين .﴿ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ (الأنفال:2).وظهور هذه البينات العلمية ، يسكب الثقة مرة ثانية ، في قلوب الذين فتنهم الكفار من المسلمين عن دينهم باسم العلم ؛ الذي قام عليه التقدم والحضارة .

2- تصحيح مسار العلم التجريبي في العالم :
لقد جعل الله النظر في المخلوقات ؛ الذي تقوم عليه العلوم التجريبية طريقاً إلى الإيمان به، وطريقاً إلى الإيمان برسول الله ، ولكن أهل الأديان المحرفة كذبوا حقائقه، وسفهوا طرقه ، واضطهدوا دعاته ، فواجههم حملة هذه العلوم التجريبية ، بإعلان الحرب على تلك الأديان ، فكشفوا ما فيها من أباطيل، وأصبحت البشرية في متاهة ، تبحث عن الدين الحق ؛ الذي يدعو إلى العلم، والعلم يدعو إليه .إن بإمكان المسلمين أن يتقدموا لتصحيح مسار العلم في العالم، ووضعه في مكانه الصحيح، طريقاً إلى الإيمان بالله ورسوله ، ومصدقا بما في القرآن ، ودليلا على الإسلام ، وشاهدا بتحريف غيره من الأديان .
إن البشرية بحاجة إلى الدين الحق ؛ لإنقاذها مما حل بها من خواء في الروح ، وضياع في الشعور ، وشقاء في النفس ، بحاجة إلى الدين الذي يجمع لها بين الدين والعلم، والمادة والروح ، والنظام والخلق وسعادة الدنيا وحسن ثواب الآخرة ، ولكنها بحاجة إلى دليل من العلم يثبت لها صحة الدين ، وفي هذه الأبحاث جواب .ومما يبشر بإمكانية تحقيق هذا الهدف ، وجود قاعدة كبيرة من علماء الكون المنصفين، الذين لا يترددون في إعلان ما يقتنعون به من الحق ، وهم أهل الكلمة في شعوبهم ، ولا يستطيع المكابرون والجاحدون أن يحجروا عليهم في كثير من بلدان العالم ، فيما عدا البلاد الشيوعية ؛ التي جعلت الالحاد منهجاً لها في الحياة. ولكن وسائل الإعلام المعاصرة قد تكون سبباً لإبلاغ أهل تلك البلاد حقائق العلم والإيمان، وربما فتح الله فيها ما لا يتيسر في غيرها .

3-تنشيط المسلمين للاكتشافات الكونية ، بدافع من الحوافز الإيمانية :
إن التفكر في مخلوقات الله عبادة ، والتفكر في معاني الآيات والأحاديث عبادة، وتقديمها للناس دعوة إلى الله ، وهذا كله متحقق في أبحاث الإعجاز العلمي في القرآن والسنة. وهذا من شأنه أن يحفز المسلمين إلى اكتشاف أسرار الكون ؛ بدوافع إيمانية ، لعلها تعبر بهم فترة التخلف؛التي عاشوها فترة من الزمن،في هذه المجالات.وسيجد الباحثون المسلمون ، في كلام الخالق عن أسرار مخلوقاته ، أدلة تهديهم أثناء سيرهم في أبحاثهم ، وتقرب لهم النتائج ، وتوفر لهم الجهود .
واجب المسلمين :وإذا علمنا أهمية هذه الأبحاث في تقوية إيمان المؤمنين ، ودفع الفتن التي ألبسها الكفار ثوب العلم ، عن بلاد المسلمين ، وفي دعوة غير المسلمين ، وفي فهم ما خوطبنا به في القرآن والسنة ، وفي حفز المسلمين للأخذ بأسباب النهضة العلمية، تبين من ذلك كله أن القيام بهذه الأبحاث من أهم فروض الكفايات .وصدق الله القائل:﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾(البينة:1).

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:37 PM
ميادين أبحاث الإعجاز العلمي

إن كل موضوع تحدث عنه القرآن أو السنة ، في أي مجال من مجالات العلم ، التي ظهرت حقيقتها ، والتي لا يمكن نسبة خبرها الذي جاء به الوحي ، إلا إلى الله، هو ميدان من ميادين أبحاث الإعجاز العلمي،ولكن هذا المصطلح،يقصدبه الإعجاز العلمي ، الذي كشفت عنه العلوم الحديثة.وميادينه على هذا المفهوم :هي الميادين والمجالات الكونية ؛ التي جاء ذكرها أو الإشارة إليها في القرآن والسنة ، وتمكن العلم البشري من معرفة أسرارها ، إلى جانب الميادين التي يحتاجها الباحث؛لتفسير النصوص الشرعية، تفسيرا صحيحا لا شطط فيه،مع معرفةبتاريخ العلوم،وتقدمها،تعينه على توضيح جوانب الإعجاز

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:38 PM
(1) الترمذي كتاب باب ما جاء في فضل العلم على العباد 5/51.(2) انظر لسان العرب لابن منظور (مادة عجز) 5/370 ط دار بيروت , و المفردات للراغب الأصفهاني ص 322.(3) انظر معنى ذلك في تفسير القرطبي 1/96 وفتح الباري 6/581.(4) راجع الراغب الأصفهاني : المفردات ص 343؛ والشوكاني : إرشاد الفحول ص 4.(5) انظر سبب النزول ابن الجوزي : 2/257؛ الطبري 5/122؛ ابن كثير :1/590؛ الجلالين: ص 137.(6) الخازن في مجموعة من التفاسير : 2/210.(7) ابن كثير : 1/560.(8) الفتاوى: 14/196.(9) ابن الجوزي : 2/257؛ الزمحشري : 1/584؛ أبوحيان : 3/399؛ الألواسي :6/19-20؛ الشوكاني : 1/539؛ البيضاوي والنسفي و الخازن فى كتاب مجموعة من التفسير :2/210؛ الجلالين: ص 137.(10) البخاري : فتح الباري: 9/3, مسلم- كتاب الإيمان.(11)فتح الباري لابن حجر: 9/7.(12) القرطبي: 15/231.(13) أبو حيان: 7/412.(14) الطبري: 23/121.(15) الطبري: 7/147.(16) ابن كثير: 2/144(17) القرطبي: 7/111 الشوكاني: 2/128؛ الرازي: 7/25-26؛ القاسمي:6/575؛ أبو السعود: 3/147؛ البقاعي: 7/145-146.(18) قال زيد بن ثابت عندما أمره أبو بكر الصديق أن يجمع القرآن بعد أن كثر الشهداء من حفظة القرآن: فتبعت القرآن أجمعه من العسب و اللخاف وصدور الرجال(رواه البخاري-كتاب فضائل القرآن). والعسب:جمع عسيب وهو جريد النخل, واللخاف: الحجارة الرقاق.(19) انظر:مقاييس اللغة لابن فارس:1/114-115 لسان العرب:10/5-6؛الصحاح للجواهري:4/1446؛تاج العروس:1/279؛ المفردات للأصفهاني: 19.(20) فتح القدير: 4/523.(21) تفسير ابن كثير: 4/106.(22) الكاشف:3/458.(23) الفتاوي: 14/189.(24) القرطبي: 15/374-375.(25) انظر : الطبري : 25/24؛ أبو حيان: 7/505؛ الخازن في مجموعة من التفاسير: 5/395؛ الشوكاني: 4/523.(26) الجلالين: 638.(27) الطبري: 20/18.(28) ابن كثير: 3/380.(29) القرطبي: 13/246.(30) الآلوسي: 20/40.(31) أبو حيان: 7/103.(32) البقاعي: 14/229-230.(33) انظر الكتاب الذي ألفه الطبيب الفرنسي المشهور: موريس بوكاي بعنوان: "التوراة و الإنجيل والقرآن في ضوء المعارف العلمية الحديثة", وأثبت فية تحريف التوراة والإنجيل وصدامهما مع العلم, وسلامة القرىن من التحريف وسبقه للعلوم الحديثة.(34) انظر الأبحاث التي شارك فيها سبعة من كبار علماء الأجنة والتشريح وأمراض النساء, من غير المسلمين في لجنة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة, في القاعة الكبرى في المؤتمر الطبي السعودي الثامن المنعقد في الرياض, في محرم عام 1404هـ.(35) مثل البرفيسور: تاجاتات تاجاسن الذي أعلن إسلامه في قاعة المؤتمر الطبي السعودي الثامن في نهاية أبحاث الإعجاز العلمي.(36) انظر فتح الباري: 13/247.(37) هذه قاعدة جليلة يقررها علماء المسلمين,وألف أبو العباس بن تيمية كتابا من أحد عشر مجلدا لبيانها تحت عنوان: "درء تعارض العقل و النقل".(38) قال صلي الله عليه وسلم "بعثت بجوامع الكلم". (أخرجه البخاري في الجهاد) ومسل المساجد برقم 4523, والنرمذي في السير برقم 1553 والنسائي في الجهاد باب وجوب الجهاد. وقال ابن حجر في الفتح 13/247: كان يتكلم بالقول الموجز القليل اللفظ الكثير المعاني, ونقل عن البخاري قوله: بلفني أن جوامع الكلم: أن الله عزوجل يجمع له الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله في الأمرالواحد أو الاثين.(39) الفتاوي: 14/190.(40) البروفيسور: كيث ل. مور وهو من أشهر علماء العالم في علم الأجنة , وكتابه في علم الأجنة مرجع علمي مترجم إلى سبع لغات, منها : الروسية و اليابنية و الألمانية و الصينية. بعد اقتناعه بأبحاث الإعجاز العلمي, ألقى محاضرة في ثلاث كليات طبية في المملكة العربية السعودية عام (1404هـ) بعنوان: " مطابقة علم الأجنة لما في القرآن والسنة".(41) مثل ماكان شائعا بين علماء التشريح من أن الولد يتكون من دم الحيض واستمر ذلك الاعتقاد إلى أن اكتشف المجهر, في القرن السادس عشر الميلادي,ونصوص القرآن والسنة,تقررأن الإنسان يخلق من المني,وقد رد ابن القيم وابن حجر,وغيرهما من علماء المسلمين,أقوال علماءالتشريح أن مني الرجل لا أثرله في الولدإلا في عقده,وأنه إنما يتكون من دم الحيض,وأحاديث الباب تبطل ذلك".(42) مثل ماكشفه العلم حديثا من حكم في تحريم أكل لحم الخنزير.(43) التفسير والمفسرون للذهبي: 1/34.(44)صحيح مسلم " كتاب الفتن وأشراط الساعة" باب قصة الجساسة" حديث رقم 119" (2942).(45)مجزز: كان قائفا, والقائف: هو الذي يعرف الشبه ويميز الأثر.(46)انظر فتح الباري ج 12 ص 56.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:39 PM
2-مستندات التوفيق بين النصوص القرآنية وبين النتائج العلمية الصحيحة
أ. د. سعاد يلدرم رئيس قسم التفسير – جامعة أتاتورك – تركيا

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:39 PM
الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى ..إن اصطلاحات "الإعجاز العلمي" و "التفسير العلمي" و "معجزة علمية" أو "فنية" من التعابير ، التي استحدثت ، وشاعت في العصر الحديث ، ومعلوم أن هذه التعابير ، تفيد تأويل بعض الآيات القرآنية ، بما يتفق وبعض النظريات ، أو الاكتشافات الحديثة ، في العلوم الطبيعية .وعدد المؤلفين المعاصرين الذين حاولوا التوفيق ، بين المعنى القرآني ، وبين المسائل الفنية ليس بقليل. غير أن قسماً منهم أفرطوا في هذا الأمر، وتكلفوا في كثير من الأحيان. وهذا القسم تسبب في ظهور أهل تفريط ينكر هذا التوفيق رأساً. ومعظم المفسرين، الذين عاشوا في القرن الأخير ، اقتصدوا في هذا الأمر ولم يضلوا عن سواء السبيل.ونحن في بحثنا هذا نريد أن نؤصل هذا الموقف المعتدل ، ونظهر بعض أسانيده وبالله التوفيق .

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:39 PM
آراء المعترضين في التفسير العلمي :

وقبل أن نخوض في الموضوع ، يحسن بنا أن نذكر بعض آراء المعترضين ، وفي مقدمتها :

1- آراء أبي اسحق الشاطبي المتوفي سنة 790هـ. قال رحمه الله في الموافقات : 2/55-56 .
"أن كثيراً من الناس تجاوزوا في الدعوى على القرآن الحدَّ ؛ فأضافوا إليه كل علم يذكر للمتقدمين ، أو المتأخرين ، من علوم الطبيعيات والتعاليم ، والمنطق، وعلم الحروف ، وجميع ما نظر فيه الناظرون ، من أهل الفنون ، وأشباهها ، وهذا إذا عرضناه على ما تقدم :(1) لم يصح ..وإضافة إلى هذا فإن السلف الصالح ، من الصحابة ، والتابعين ومن يليهم كانوا أعرف بالقرآن ، وبعلومه ، وما أودع فيه ، ولم يبلغنا أنه تكلم أحد منهم في شئ من هذا المدعى ، سوى ما تقدم ، وما ثبت فيه من أحكام التكاليف ، وأحكام الآخرة، وما يلي ذلك ، ولو كان لهم في ذلك خوض ، ونظر ، لبلغنا منه ما يدلنا على أصل المسألة ، إلا أن ذلك لم يكن ، فدل على أنه غير موجود عندهم ، وذلك دليل على أن القرآن لم يقصد فيه تقرير لشئ ، مما زعموا"وفيما بعد : ادعى الشاطبي أن المعاني ، التي لا عهد للعرب بها ، غير معتبرة فقال :"وربما استدلوا على دعواهم بقوله تعالى﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾(النحل:8).وقوله﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾(الأنعام:38) .ونحو ذلك …، فأما الآيات فالمراد بها ، عند المفسرين : ما يتعلق بحال التكليف والتعبد، أو المراد بالكتاب في قوله﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾(الأنعام:38)اللوح المحفوظ، ولم يذكروا فيها ما يقتضي تضمنه لجميع تلك العلوم ، النقلية ، والعقلية "…" فليس بجائز أن يضاف إلى القرآن ما لا يقتضيه ، كما أنه لا يصلح أن ينكر منه ما يقتضيه ، ويجب الاقتصار في الاستعانة على فهمه ، على كل ما يضاف علمه ، إلى العرب خاصة ، فبه يوصل إلى علم ما أودع من الأحكام الشرعية ، فمن طلبه بغير ما هو أداة له ، ضل عن فهمه ، وتقول على الله ورسوله فيه ، والله أعلم وبه التوفيق" "الموافقات 2/55-56" في المسألة الرابعة من النوع الثاني ، في بيان قصد الشارع ، في وضع الشريعة للافهام .

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:40 PM
2- آراء.محمد حسين الذهبي
ويمكن أن نعتبر الأستاذ الدكتور محمد حسين الذهبي ممثل المنكرين للتفسير العلمي. يعرف الدكتور الذهبي: التفسير العلمي بأنه هو : التفسير ، الذي يحكم الاصطلاحات العلمية ، في عبارات القرآن ، ويجتهد في استخراج مختلف العلوم ، والآراء الفلسفية منها .ويعترض الدكتور الذهبي على التفسير العلمي من النواحي الآتية :

أولاً : الناحية اللغوية :
كثير من الألفاظ القرآنية ، تغيرت وتوسعت دلالاتها ، بمرور الزمان. وهذه المعاني كلها تقوم بلفظ واحد ، بعضها عرفته العرب وقت نزول القرآن ، وبعضها لا علم للعرب به ، وقت نزول القرآن ، نظراً لحدوثه ، وطروئه ، على اللفظ ، فهل يعقل أن نتوسع هذا التوسع العجيب ، في فهم ألفاظ القرآن ، وجعلها تدل على معان ، جدت باصطلاح حادث ؟.

ثانياً : الناحية البلاغية :
البلاغة هي المطابقة لمقتضى الحال ، والتفسير العلمي للقرآن ، يضر بلاغة القرآن. لأن من خوطبوا بالقرآن في وقت نزوله : إن كانوا يجهلون هذه المعاني ، وكان الله يريدها من خطابه إياهم لزم على ذلك أن يكون القرآن غير بليغ ، لأنه لم يراع حال المخاطب ؟ وإن كانوا يعرفون هذه المعاني ، فلم لم تظهر نهضة العرب العلمية ، من لدن نزول القرآن ، الذي حوى علوم الأولين والآخرين ؟

ثالثاً : الناحية الاعتقادية :
أنزل الله القرآن ، إلى الناس كافة حتى قيام الساعة. ولو ذهبنا مذهب من يحمل القرآن كل شئ، وجعلناه مصدراً للعلوم ، لكنا بذلك قد أوقعنا الشك ، في عقائد المسلمين ، نحو القرآن الكريم. وذلك لأن قواعد العلوم ، وما تقوم عليه ، من نظريات ، لا قرار لها ولا بقاء . ولو نحن ذهبنا إلى تقصيد القرآن ، ما لم يقصد ، من نظريات ، ثم ظهر بطلان هذه النظريات فسوف يتزلزل اعتقاد المسلمين في القرآن الكريم. لأنه لا يجوز للقرآن أن يكذب اليوم ، ما صححه بالأمس.(2)هذا ما قاله الدكتور الذهبي ملخصاً ! ونحن نظن أن الذهبي بمطالعاته هذه يرد على المفرطين ، والمسرفين ، في التوفيق بين النصوص القرآنية ، والمسائل العلمية. وإلا فهو ليس معترضاً – فيما يبدو – على كون القرآن يشير إلى بعض الحقائق العلمية رأسا. وهذا يظهر في آخر ما كتب في هذا الموضوع :"وحسبهم أن لا يكون في القرآن نص صريح ، يصادم حقيقة علمية ثابتة. وحسب القرآن أنه يمكن التوفيق بينه ،وبين ماجد ويجد من نظريات وقوانين علمية، تقوم على أساس من الحق ، وتستند إلى أصل من الصحة".أليس كون القرآن لا يصادم حقائق علمية ثابتة معجزة علمية ؟(3)

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:40 PM
3- الإعجاز العلمي للقرآن وآراء ابن عاشور ، وسعيد النورسي :
وفي الصفحات التالية سنعالج هذه الآراء ،وننتقدها ، مستفيدين من المفسرين المعاصرين، ولا سيما الأستاذ "محمد الطاهر بن عاشور" من "تونس" والإمام "سعيد النورسي" من "تركيا". لأن لهما فضلا كبيراً ، في هذا المضمار ، وقد وفقاً جداً في تأصيل هذا المنهج القويم ، في تفسير القرآن الكريم. ولأنهما لم يشتهرا بين المفسرين كما ينبغي لهما .قال ابن عاشور – رحمه الله – في تفسيره " في المقدمة العاشرة 1/127/-129" عند البحث عن إعجاز القرآن ما نصه :"وأما النوع الثاني ، من إعجازه العلمي ، فهو ينقسم إلى قسمين : قسم يكفي لادراكه فهمه وسمعه ، وقسم يحتاج إدراك وجه إعجازه إلى العلم بقواعد العلوم ، فينبلج للناس شيئاً فشيئاً انبلاج أضواء الفجر على حسب مبالغ الفهوم وتطورات العلوم. وكلا القسمين : دليل على أنه من عند الله ، لأنه جاء به "أمي" في موضع ، لم يعالج أهله دقائق العلوم ، والجائى به ثاوٍ بينهم لم يفارقهم. ولقد أشار القرآن إلى هذه الجهة من الإعجاز بقوله تعالى في سورة القصص:﴿ قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(49)فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ﴾( القصص:49-50) .ثم إنه ماكان قصاراه إلى مشاركة أهل العلوم في علومهم الحاضرة ، حتى ارتقى إلى ما لم يألفوه ، وتجاوز ما درسوه ، وألفوه .قال ابن عرفة عند قوله تعالى ﴿ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ ﴾في سورة آل عمران آية (27) "كان بعضهم يقول : إن القرآن يشتمل على ألفاظ ، يفهمها العوام، وألفاظ يفهمها الخواص ، وعلى ما يفهمه "الفريقان". ومنه هذه الآية ؛ فإن الايلاج يشمل الأيام التي لا يدركها إلا الخواص ، والفصول التي يدركها سائر العوام" .أقول ،وكذلك قوله تعالى﴿أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا﴾(الأنبياء:30).فمن طرق إعجازه العلمية(4) أنه دعا للنظر والاستدلال. قال في الشفاء :" ومنها جمعه لعلوم ومعارف ، لم تعهد للعرب ، ولا يحيط بها أحد من علماء الأمم، ولا يشتمل عليها كتاب ، من كتبهم ، فجمع فيه من بيان علم الشرائع ، والتنبيه على طرق الحجة العقلية ، والرد على فرق الأمم ، ببراهين قوية ، وأدلة كقوله﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾(الأنبياء:22).وقوله﴿ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ﴾ (يس:81) .ولقد فتح الأعين إلى فضائل العلوم ، بأن شبه العلم بالنور ، وبالحياة ، كقوله:﴿ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا﴾(يس:70).وقوله :﴿يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ (البقرة:257).وقال:﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾(العنكبوت:43).وقال:﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ (الزمر: 9)وهذا النوع من الإعجاز هو الذي خالف به القرآن ، أساليب الشعر ، وأغراضه مخالفة واضحة.هذا والشاطبي قال في الموافقات : (إن القرآن لا تحمل معانيه ، ولا يتأول إلا على ما هو متعارف عند العرب). ولعل هذا الكلام صدر منه في التَّفَصي(5)َّ من مشكلات في مطاعن الملحدين ، اقتصاداً في البحث ، وإبقاءً على نفيس الوقت ، وإلا فكيف ينفي إعجاز القرآن ، لأهل كل العصور ، وكيف يقصر إدراك إعجازه بعد العصر العربي ، على الاستدلال بعجز أهل زمانه ، إذ عجزوا عن معارضته .وإذ نحن نسلم لهم بالتفوق في البلاغة والفصاحة ، فهذا إعجاز إقناعي ، بعجز أهل عصر واحد ، ولا يفيد أهل كل عصر ، إدراك طائفة منهم لإعجاز القرآن .ثم يستدل الأستاذ ابن عاشور بحديث "ما من الأنبياء نبي إلا أوتي – أو أعطى– من الآيات ما مثله آمن عليه البشر ، وإنما كان الذي أوتيت وحياً أوحاه الله ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة" (البخاري فضائل القرآن1 ومسلم ، كتاب الإيمان 239"(6) "…" فالمناسبة بين كونه أوتي وحياً وبين كونه يرجو أن يكون أكثرهم تابعاً لا تنجلي ، إلا إذا كانت المعجزة صالحة ، لجميع الأزمان ، حتى يكون الذين يهتدون لدينه لأجل معجزته ، أمما كثيرين ، على اختلاف قرائحهم ، فيكون هو أكثر الأنبياء تابعا ، لا محالة ، وقد تحقق ذلك ، لأن المعنى بالتابع : التابع له ، في حقائق الدين ، لا اتباع الادعاء والانتساب بالقول "…" .وهذه الجهة من الإعجاز : إنما تثبت للقرآن بمجموعه ؛ إذ ليست كل آية من ، آياته، ولا كل سورة من سوره ، بمشتملة على هذا النوع من الإعجاز ،ولذلك فهو إعجاز حاصل،من القرآن،وغير حاصل به التحدي،إلا إشارة نحو قوله﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾( النساء:82).وقال الأستاذ ابن عاشور في المقدمة الرابعة "تفسير التحرير والتنوير 1/42-45""وفي الطريقة الثالثة : تجلب مسائل علمية ، من علوم لها مناسبة بمقصد الآية، إما على أن بعضها يومئ إليه معنى الآية ، ولو بتلويح ما ، كما يفسر أحد قوله تعالى :﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ (البقرة:269).فيذكر تقسيم علوم الحكمة ومنافعها ، مدخلا ذلك تحت قوله (خيراً كثيراً) فالحكمة،وإن كانت علماً اصطلاحياً ، وليس هو تمام المعنى للآية،إلا أن معنى الآيةالأصلي، لا يفوت ، وتفاريع الحكمة تعين عليه. وكذلك أن نأخذ من قوله تعالى﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ﴾(الحشر:7) .تفاصيل من علم الاقتصاد السياسي ، وتوزيع الثروة العامة ، ونعلل بذلك مشروعية الزكاة، والمواريث ، والمعاملات المركبة ، من رأس مال وعمل ، على أن ذلك تومئ إليه الآية إيماء. وإن بعض مسائل العلوم ، قد تكون أشدّ تعلقاً بتفسير آي القرآن ،كما نفرض مسألة كلامية، لتقرير دليل قرآني ، مثل برهان التمانع(7) لتقرير معنى قوله تعالى﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ﴾(الأنبياء:22).وكتقرير مسألة المتشابه ؛ لتحقيق معنى نحو قوله تعالى﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْد﴾ (الذّاريات47).فهذا كونه من غايات التفسير واضح.وكذا قوله تعالى﴿أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ﴾(ق:6).فإن القصد منه الاعتبار، بالحالة المشاهدة. فلو زاد المفسر ففصل تلك الحالة ، وبين أسرارها ، وعللها ، بما هو مبين ، في علم الهيئة ، كان قد زاد المقصد خدمة. وإما على وجه التوفيق بين المعنى القرآني ، وبين المسائل الصحيحة من العلم ، حيث يمكن الجمع. وإما على وجه الاسترواح من الآية كما يؤخذ من قوله تعالى :﴿ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ﴾( الكهف:47) .أن فناء العالم يكون بالزلازل ، ومن قوله تعالى ﴿ ِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ (التكوير:

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:41 PM
الأول .أن قانون الجاذبية يختل عند فناء العالم .وشروط كون ذلك مقبولاً أن يسلك فيه مسلك الايجاز ؛ فلا يجلب إلا الخلاصة من ذلك العلم ، ولا يصير الاستطراد كالغرض المقصود له ، لئلا يكون كقولهم "السى بالسى يذكر"(8).وللعلماء في سلوك هذه الطريقة الثالثة على الاجمال آراء : فأما جماعة منهم فيرون من الحسن : التوفيق بين العلوم غير الدينية ، وآلاتها ، وبين المعاني القرآنية ، ويرون القرآن مشيراً إلى كثير منها. قال ابن رشد الحفيد "هو محمد ابن أحمد بن رشد المتوفي 1198م" في فصل المقال : "أجمع المسلمون ، على أن ليس يجب أن تحمل ألفاظ الشرع كلها ، على ظاهرها ، ولا أن تخرج كلها عن ظاهرها، بالتأويل. والسبب في ورود الشرع بظاهر وباطن، هو : اختلاف نظر الناس ، وتباين قرائحهم ، في التصديق" .وتخلص إلى القول بأن بين العلوم الشرعية والفلسفية اتصالا. وإلى مثل ذلك ذهب "قطب الدين الشيرازي" في شرح حكمة الاشراق ، وكذلك الغزالي ، والامام الرازي، وأبوبكر بن العربي ، وأمثالهم صنيعهم يقتضي التبسط وتوفيق المسائل العلمية، فقد ملأوا كتبهم من الاستدلال على المعاني القرآنية ، بقواعد العلوم اُلحكْمِية(9) وغيرها .وكذلك الفقهاء : في كتب أحكام القرآن. وقد علمت ما قاله ابن العربي فيما أملاه، على سورة (نوح) وقصة (الخضر). وكذلك ابن جني ، والزجاج. وأبوحيان قد أشبعوا تفاسيرهم ، من الاستدلال على القواعد العربية ، ولاشك أن الكلام الصادر عن علام الغيوب تعالى ، وتقدس ، لا تبنى معانيه على فهم طائفة واحدة ، ولكن معانيه تطابق الحقائق ، وكل ماكان من الحقيقة في عمل من العلوم، وكانت الآية لها اعتلاق بذلك ، فالحقيقة العلمية مرادة، بمقدار ما بلغت إليه أفهام البشر ، وبمقدار ما ستبلغ إليه. وذلك يختلف باختلاف المقامات ويبنى على توفر الفهم ، وشرطه أن لا يخرج عما يصلح له اللفظ العربي ، ولا يبعد عن الظاهر ، إلا بدليل، ولا يكون تكلفاً بينا ، ولا خروجاً عن المعنى الأصلي ، حتى لا يكون في ذلك كتفاسير الباطنية .وأما "أبو اسحق الشاطبي" ، فقال في الفصل الثالث من المسألة الرابعة : "لا يصح في مسلك الفهم والافهام إلا ما يكون عاماً لجميع العرب. فلا يتكلف فيه فوق ما يقدرون عليه". وقال في المسألة الرابعة من النوع الثاني : "ينقل ابن عاشور قول الشاطبي الذي اقتبسناه آنفاً وتعقبه بقوله" :"وهذا مبني على ما أسسه ، من كون القرآن ، لما كان خطاباً للأميين ،وهم العرب ، فإنما يعتمد في مسلك فهمه ، وإفهامه ، على مقدرتهم وطاقتهم وأن الشريعة أمية. وهو أساس واهٍ لوجوه ستة.الأول : أن ما بناه عليه : يقتضي أن القرآن لم يقصد منه انتقال العرب من حال إلى حال ، وهذا باطل لما قدمناه ، قال تعالى﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا ﴾(هود:49).وهذا صريح في أن القرآن يحتوي على كثير من الحقائق التي يجهلها قومه ، والتي هي من قبيل أنباء الغيب والمعجزات .

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:41 PM
الثاني : أن مقاصد القرآن ، راجعة إلى عموم الدعوة ، وهو معجزة باقية ، فلا بد أن يكون فيه ، ما يصلح لأن تتناوله أفهام من يأتي من الناس في عصور انتشار العلوم في الأمة."وقال ابن عاشور في موضع آخر من تفسيره (1/104) : "إن وجوه الإعجاز ترجع إلى ثلاث جهات "…" الجهة الثالثة : ما أودع فيه من المعاني الحكمية والاشارات إلى الحقائق العقلية والعلمية ، مما لم تبلغ إليه عقول البشر في عصر نزول القرآن ، وفي عصور بعده متفاوتة ، وهذه الجهة أغفلها المتكلمون في إعجاز القرآن ، من علمائنا ، مثل أبي بكر الباقلاني ، والقاضي عياض ، "…" والقرآن معجز من الجهة الثالثة للبشر قاطبة ، إعجازاً مستمراً على ممر العصور ، وهذا من جملة ما شمله قول أئمة الدين : إن القرآن هو المعجزة المستمرة ، على تعاقب السنين ، لأنه قدر يدرك إعجازه العقلاء من غير الأمة العربية ، بواسطة ترجمة معانيه التشريعية ، والحكمية، والعلمية ، والأخلاقية وهو دليل تفصيلي لأهل تلك المعاني ، وإجمالي لمن تبلغه شهادتهم بذلك. "انظر أيضاً تفسيره 1/127-128".

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:42 PM
الثالث:أن السلف(10) قالوا : إن القرآن لا تنقضي عجائبه ، يعنون معانيه،ولو كان كما قال الشاطبي لا نقضت عجائبه،بانحصار أنواع معانيه .

الرابع : أن من تمام إعجازه : أن يتضمن من المعاني مع إيجاز لفظه ما لم تف به الأسفار المتكاثرة .

الخامس : أن مقدار أفهام المخاطبين به ابتداء لا يقتضى ، إلا أن يكون المعنى الأصلي مفهوماً لديهم ، فأما مازاد على المعاني الأساسية فقد يتهيأ لفهمه أقوام ، وتحجب عنه أقوام ، "ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه"(11).

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:42 PM
السادس : أن عدم تكلم السلف عليها : إن كان فيما ليس راجعاً إلى مقاصده ، فنحن نساعد عليه ، وإن كان فيما يرجع إليها فلا نسلم وقوفهم فيها عند ظواهر الآيات ، بل قد بينوا ، وفصلوا ، وفرعوا ، في علوم عنوا بها ، ولا يمنعنا ذلك أن نقفي على آثارهم ، في علوم ن أخرى راجعة لخدمة المقاصد القرآنية ، أو لبيان سعة العلوم الإسلامية. أما ما وراء ذلك ، فإن كان ذكره لإيضاح المعنى ، فذلك تابع للتفسير أيضاً. لأن العلوم العقلية تبحث عن أحوال الأشياء ، على ما هي عليه، وإن كان فيما زاد على ذلك ، فذلك ليس من التفسير ، لكنه تكملة للمباحث العلمية ، واستطراد في العلم لمناسبة التفسير ، ليكون متعاطي التفسير ، أوسع قريحة في العلوم.ثم قال ابن عاشور : "وأنا أقول" إن علاقة العلوم بالقرآن على أربع مراتب :
الأولى : علوم تضمنها القرآن،كأخبار الأنبياء ، والأمم ، وتهذيب الأخلاق، والفقه، والتشريع ، والاعتقاد ، والأصول ، والعربية ، والبلاغة .
الثانية : علوم ، تزيد المفسر علماً ، كالحكمة والهيئة ، وخواص المخلوقات.
الثالثة : علوم ، أشار إليها ، أو جاءت مؤيدة له ، كعلم طبقات الأرض والطب ، والمنطق.
الرابعة : علوم ، لا علاقة لها به ، إما لبطلانها ، كالزجر ، والعيافة ، والميثولوجيا(12)، وأما لأنها لا تعين على خدمته ، كعلم العروض ، والقوافي ، "تفسير التحرير والتنوير ، 1/45" .وقال الأستاذ ابن عاشور في المقدمة التاسعة من تفسيره "1/94" "في أن المعاني التي تتحملها جمل القرآن تعتبر مرادة منها" :"ولما كان القرآن نازلاً من المحيط علمه بكل شئ ، كان ما تسمح تراكيبه الجارية ، على فصيح استعمال الكلام البليغ ، باحتماله ، من المعاني المألوفة للعرب ، في أمثال تلك التراكيب، مظنوناً بأنه مراد لمنزله ، ما لم يمنع من ذلك مانع، صريح ، أو غالب ، من دلالة شرعية ، أو لغوية ، أو توفيقية. وقد جعل الله القرآن كتاب الأمة. كلها ، وفيه هديها ، ودعاهم إلى تدبره ، وبذل الجهد في استخراج معانيه ، في غير ما آية ويدل على تأصيلنا هذا ما وقع إلينا من تفسيرات مروية ، عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لآيات، فنرى منها ما نوقن بأنه ليس هو المعنى الأسبق من التركيب ؛ ولكننا بالتأمل نعلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام ، ما أراد بتفسيره ، إلا إيقاظ الأذهان، إلى أخذ أقصى المعاني ، من ألفاظ القرآن. ويمثل الأستاذ ابن عاشور لذلك بأمثلة متعددة من تفسير النبي r.والأستاذ "بديع الزمان سعيد النورسي" طار صيته ، في جميع أنحاء العالم الإسلامي كمجاهد. وهو كما اشتهر. إلا أنه لا ينبغي لنا أن نغض البصر عن ناحيته العلمية. كان رحمه الله عضوا في دار الحكمة الإسلامية. وهذه المؤسسة كانت كبرى المؤسسات العلمية في أواخر الدولة العثمانية. والأستاذ النورسي ألف تفسيره باللغة العربية. لسورة البقرة المسمى "باشارات الاعجاز في مظان الايجاز" عندما كان يحارب مع طلبته ضد الروس في الحرب العالمية الأولى ، أي ما قبل سبعين عاماً تقريباً. وألف كتبه المسماة "بكليات رسائل النور" باللغة التركية، في تفسير بعض الآيات القرآنية بعد هذا وانتهى من تأليفه سنة 1930م أي ما قبل خمسة وخمسين عاماً تقريباً. وتوفي – رحمه الله – في عام 1960م في السابع والثمانين من عمره ، الملئ بالعلم والجهاد ، حتى آخر أنفاسه. وفي الصفحات الآتية نعالج ونترجم قسماً من أفكاره إلى اللغة العربية للتوفيق بين المعنى القرآني، وبين الحقائق الصحيحة ، من العلوم الطبيعية ."قسم من آيات القرآن يزداد وضوحاً ، بمرور الزمان ، وبتطور العلوم. وهذا يعني أن القرآن الكريم خزينة ، لا تحصى جواهرها ، ولا تنقضي عجائبها. له محكمات ونصوص ، لا تتغير معانيها ، وأحكامها ، في كل الأزمان. ولكن له أيضاً معان ثانوية، تشير إلى بعض الحقائق العلمية ، التي تنكشف شيئاً فشيئاً، حسب تقدم المستوى العلمي البشري. أما الحقائق الظاهرية، التي بينها السلف الصالح فمسلمة محفوظة ، لا تعتريها شبة. لأنها نصوص ، ومحكمات ، وأسس ، وقواعد ، يجب الإيمان بها. والكتاب الكريم موصوف بأنه "قرآن عربي مبين". وهذا يقتضي كونه واضحاً ، في معانيه الأساسية. والخطاب الالهي يدرو حول هذه المعاني ، ويقويها ، ويظهرها. ومن ينكر هذه المعاني المنصوصة ، فكأنما يكذب الله تعالى ويتهم فهم الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم. للقرآن الكريم. إذن لا شك في أن المعاني المنصوصة مأخوذة من منبع الرسالة إلخ "المكتوبات 400-401".ويتساءل الأستاذ النورسي ، بعد أن تعرض لبعض المعاني الاشارية ، من قبيل الإعجاز العلمي فيقول :"فإن قلت : كيف نستطيع أن نعلم : أن القرآن أراد هذه المعاني ، وأشار إليها ؟ فالجواب : مادام القرآن خطة أزلية ، ومادام هو يدرس، ويخاطب كل طبقات البشر، المصطفة. جيلاً بعد جيل ، إلى يوم القيامة ، فلابد له من مراعاة تلك الأفهام المختلفة ، ودرج المعاني المتعددة ن وإرادتها ، ووضع القرائن للإرشاد بأنه أرادها. وكل هذه الوجوه والمعاني تعد من معاني القرآن ، بشهادات واتفاق أهل الاجتهاد ، وأهل التفسير ، وأهل أصول الدين ، وأهل أصول الفقه، بشرط كونه صحيحاً،من ناحية العلوم العربية ، وحقاً من جهة الأصول الدينية ، ومقبولاً من الناحية البلاغية . والقرآن وضع أمارة لكل وجه من هذه الوجوه:إما لفظية وإما معنوية.والأمارة المعنوية إما أن تفهم من سياق الكلام وسباقه،وإما أمارة مستنبطةمن آية أخرى تشير إليها "يعني إلى هذا المعنى" .وكتب التفاسير التي تعد بالآلاف ، والتي ألفها المحققون : تشهد بجامعية القرآن هذه وخارقيته "سوزلر(13) : أي الكلمات، 414-415".

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:43 PM
ويقول :
"فإن قلت : من شأن الهداية ، والبلاغة : البيان والوضوح ، وحفظ الأذهان عن التشتت ، فما بال المفسرين ، في أمثال هذه الآية ، اختلفوا ختلافاً مشتتاً وأظهروا احتمالات مختلفة ، وبينوا وجوه تراكيب متباينة ، وكيف يعرف الحق من بينها ؟ قيل لك : قد يكون الكل حقاً ، لكن الأمر يختلف من سامع إلى سامع، إذ القرآن مانزل لأهل عصر فقط ؛ بل لأهل جميع الأعصار. ولا لطبقة فقط ، بل جميع طبقات الإنسان ، ولا لصنف فقط بل لجميع أصناف البشر ، ولكل فيه نصيب من الفهم. والحال : أن فهم نوع البشر يختلف درجة درجة .. وذوقه يتفاوت جهة جهة.. وميله يتشتت جانباً جانباً .. واستحسانه يتفرق وجهاً وجهاً .. ومتعته تتنوع نوعاً نوعاً .. وطبيعته تتباين قسماً قسماً .. فكم من أشياء يستحسنها نظر طائفة ، دون طائفة ، وتستلذها طبقة ، ولا تتنزل إليها طبقة ، وقس. فلأجل هذا السر وهذه الحكمة ، أكثر القرآن من حذف الخاص للتعميم ، ليقدر كل مقتضى ذوقه واستحسانه .ولقد نظم القرآن جملة ، ووضعها في مكان ، ينفتح من جهاته وجوه مختلفة ، لمراعاة الأفهام المختلفة ؛ ليأخذ كل فهم حصته ، وقس ، فإذا يجوز أن تكون الوجوه بتمامها مرادة ، بشرط أن لا تردها العلوم العربية ، وبشرط أن تستحسنها البلاغة ، وبشرط أن يقبلها علم أصول مقاصد الشريعة . فظهر من هذه النكتة : أن من وجوه إعجاز القرآن : نظمه ، وسبكه في أسلوب ، ينطبق على أفهام عصر فعصر .. وطبقة فطبقة ( إشارات الإعجاز 40-41) .لنأخذ مثلاً قوله تعالى﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾( الأنبياء:30). هذه الآية تفهم من لم يتوغل في المسائل الفلسفية ، هذا المعنى : بينما كانت السماء صافية بدون صحاب والأرض جافة ، ليست قابلة للتوليد ، فتح الله السماء بالمطر والأرض بالخضروات، وزاوج بينهما ، وخلق من هذا الماء كل شيء حي ، وتفهم الآية الحكيم المحقق: أنه في ابتداء الخليقة كانت السموات والأرض كوماً ، بدون أي شكل ، وعجيناً بدون نفع ، ليس عليها أي كائن أو مخلوق ، ولكن الفاطر الحكيم فتحهما ، وبسطهما فجعل كلتيهما نافعة مثمرة ، مزينة ومنشأ لكثير من المخلوقات. يفهم هذا ويعظم حكمة الله تعالى . وتفهم الآية أيضاً في نظر حكيم معاصر : أن أرضنا وسائر (السيارات) التي تشكل المنظومة الشمسية كانت في ابتداء الأمر ممزوجة مع الشمس ، عجيناً ، ولكن القيوم القدير بسط هذا العجين ، ووضع السيارات في أمكنتها وخلق التراب فوق الأرض ، وأنزل المطر من السماء، وأرسل الأشعة من الشمس ، وعمر الدنيا بالحياة . يفهم هذا ويتخلص من شرك الطبيعة (سوزلر أي الكلمات 411-412) .إن الإنسان يتساءل : إن الواقع الذي نشاهده ضد ما أشار إليه القرآن في بعض الأحيان . فمثلاً نرى الشمس تشرق ، وتغرب ، والأرض منبسطة ساكنة ، ماذا تقول في ذلك ؟ نجيب عن هذا السؤال بأن القرآن كتاب هداية وإرشاد . والإرشاد إنما يكون نافعاً ، إذا كان على درجة (استعداد) أفكار الجمهور الأكثر . والجمهور باعتبار المعظم عوام . والعوام لا يقدرون على رؤية الحقيقة عريانة ، ولا يستأنسون بها ، إلا بلباس خيالهم المألوف . فلهذه النكتة صور القرآن تلك الحقائق بمتشابهات ، وتشبيهات ، واستعارات ، وحافظ على الجمهور الذين لم يتحملوا ، عن الوقوع في ورطة التكذيب بما لم يحيطوا بعلمه ، فأجمل في المسائل التي يعتقد الجمهور بالحس الظاهر مخالفتها للواقع ، لكن مع ذلك أومأ إلى الحقيقة بنصب أمارات . فإذا تفطنت لهذه النكتة فاعلم : أن الديانة ، والشريعة الإسلامية ، المؤسسة على البرهان العقلي ، ملخصة من علوم وفنون ، تضمنت العقد الحيوية في جميع العلوم الأساسية ، من فن تهذيب الروح ، وعلم رياضة القلب ، وعلم تربية الوجدان ، وفن تدبير الجسد ، وعلم تدبير المنزل ، وفن السياسة المدنية ، وعلم الحقوق والمعاملات وفن الآداب الاجتماعية ، وكذا وكذا … إلخ . مع أن الشريعة فسرت ، وأوضحت في مواقع اللزوم ، ومظان الاحتياج ، وفيما لم يلزم في حينه أو لم تستعد له الأذهان ، أو لم يساعد له الزمان ، أجملت بفذلكة(14) ووضعت أساساً، وأحالت إلى الاستنباط منه ، وتفريعه ونشوء نمائه ، على مشورة العقول ( إشارات الإعجاز 175).فمثلاً يراعي القرآن ، ويتلطف مع الحس الظاهري ، الذي يشاهد أن الأرض ساكنة ومنبسطة ، ولا يقول بصراحة : أن الأرض كروية ، تدور حول نفسها ، وحول الشمس بسرعة . لا ، ما أراد القرآن أن يلبس على الناس ويشوش أفكارهم، فيبعدهم عن هداية القرآن . ولو قال القرآن هذا وأمثاله ، من الحقائق العلمية ، لانفض الناس من حوله ، ولأنكروا ذلك ، لم يكن من ذلك شيء . إلا أن القرآن لم يهمل الإشارة إلى العصر ، وإلى المستوى ، الذي أدرك الناس فيه حقيقة شكل الأرض أو حركتها .وبناء على هذه الحقيقة لا بد للمفسرين المتأخرين ، من أن يوفقوا بين الحقائق الكونية المنكشفة ، وبين النص القرآني ، المشير إلى هذه الاكتشافات . لأن هذه الحقائق كانت توجد في القرآن مجملة ، وفي شكل الفذلكة .

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:43 PM
وليست هذه المسائل من قبيل العقائد ، والعبادات ، والأحكام ، والمعاملات . ولهذا يجوز أن تفهم ، وتؤمن الأجيال المتقدمة ، بالمعنى الإجمالي ويكتفوا به . وهذا لا يسبب أي نقيصة ، لا للقرآن ، ولا للمتقدمين من الأمة ، الذين لم يكن في استطاعتهم أن يعرفوا هذه المسائل بالتفصيل ، بل يكون دليلاً آخر للإعجاز القرآني .. لأن القرآن يعلن بصراحة : أنه يحتوي على بعض الحقائق ، التي لم تظهر حقيقتها في وقت النزول:﴿بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ﴾(يونس:39).والجملة الأخيرة من الآية صريحة ، في أن القرآن يحتوي على بعض الحقائق ، التي ستتضح بمرور الأزمان .يقول المفسر شهاب الدين الآلوسي في تفسيره المسمى بروح المعاني ، عند تفسير الآية المذكورة ما نصه : " فالتأويل : نوع من التفسير ، والإتيان : مجاز عن المعرفة والوقوف ، ولعل اختياره للأشعار بأن تلك المعاني متوجهة إلى الأذهان منساقة إليها بنفسها . وجوز أن يراد بالتأويل : وقوع مدلوله وهو عاقبته وما يؤول إليه . وهو المعنى الحقيقي عند البعض ، فإتيانه حينئذ مجاز عن تبينه وانكشافه أي : " ولم يتبين لهم إلى الآن تأويل ما فيه من الإخبار بالغيب ، حتى يظهر أنه صدق أم كذب .. والمعنى : أن القرآن معجز من جهة النظم ، ومن جهة الإخبار بالغيب ، وهم فاجئوا تكذيبه قبل أن يتدبروا نظمه ، ويتفكروا في معناه،أو ينتظروا وقوع ما أخبر به من الأمور المستقبلة(روح المعاني 11/120).وكذا قوله تعالى﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ (فصلت:53).هذه الآية صريحة في أن الله يظهر بعض الآيات أي بعض الحقائق القرآنية ، بعد زمن النزول .فلنقرأ ما كتبه المفسر ابن كثير (المتوفي سنة 774هـ) الذي هو أبعد المفسرين، عن التفسير المسمى بالعلمي ، قال رحمة الله في تفسير هذه الآية الكريمة : " أي سنظهر لهم دلالاتنا ، وحججنا ، على كون القرآن حقاً ، منزلاً من عند الله عز وجل على رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم بدلائل خارجية ، في الآفاق من الفتوحات ، وظهور الإسلام على الأقاليم ، وسائر الأديان ( … ) ويحتمل أن يكون المراد من ذلك ما الإنسان مركب منه ، وفيه ، وعليه، من المواد والأخلاط ، والهيئات العجيبة ، كما هو مبسوط في علم (التشريح الدال ، على حكمة الصانع ، تبارك وتعالى) تفسير ابن كثير 7/175. وقال ابن زيد : (آفاق السموات) : نجومها ، وشمسها ، وقمرها ، اللاتي يجرين، وآيات في أنفسهم أيضاً (تفسير الطبري 25/5) . ويصرح ابن كثير بأن هذه الآية تشير إلى بعض الحقائق ، التي يدرسها علم الأحياء ، وعلم التشريح ، وابن زيد من السلف يفسر (الآيات) بعلوم الكون ، بينما كان ابن جرير الطبري لا يلتزم هذا التفسير ، ناً بأن السموات والشمس والقمر ، كانت مشهودة ومعلومة عندهم .وقال الأستاذ النورسي ، دفعاً لبعض الشبه ، في هذه الموضوع : ثم اعلم أن آية: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ (البقرة:23).تشير إلى أن أناساً بسبب الغفلة عن مقصود الشارع في إرشاد الجمهور وجهلهم بلزوم كون الإرشاد بنسبة استعداد الأفكار وقعوا في شكوك وريب منبعها ثلاثة أمور ( … ) .
والثاني : أنهم يقولون : إن القرآن الكريم أطلق وأبهم ، في حقائق الخلقة ، وفنون الكائنات، مع أنه مناف لمسلك التعليم والإرشاد .
والثالث : أنهم يقولون إن بعض ظواهر القرآن الكريم أقرب إلى خلاف الدليل العقلي فيحتمل خلاف الواقع وهو مخالف لصدقه .

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:44 PM
والجواب وبالله التوفيق : أيها المشككون : اعلموا أن ما تتصورونه سبباً للنقص، إنما هي شواهد صدق ، على سر إعجاز القرآن …. .
أما الجواب عن الشبهة الثانية : وهو إبهام القرآن ، في بحث تشكيل الخلقة ، على ما شرحته الفنون الجديدة ، فاعلم : أن في شجرة العالم ميل الاستكمال وتشعب منه في الإنسان ميل الترقي ، وميل الترقي كالنواة يحصل نشؤه ونماؤه بواسطة التجارب الكثيرة ، ويتشكل ويتوسع ، بواسطة تلاحق نتائج الأفكار ، فيثمر فنوناً مترتبة ، بحيث لا ينعقد المتأخر ، إلا بعد تشكل المتقدم ، ولا يكون المتقدم ، مقدمة للمؤخر ، إلا بعد صيرورته كالعلوم المتعارفة . فبناء على هذا السر لو أراد أحد تعليم فن أو تفهيم علم – وهو إنما تولد بتجارب كثيرة – ودعا الناس إليه قبل هذا بعشرة أعصر ، لا يفيد إلا تشويش أذهان الجمهور ووقوع الناس في السفسطة ، والمغالطة .مثلاً : لو قال القرآن : (يا أيها الناس انظروا إلى سكون الشمس وحركة الأرض واجتماع مليون حيوان في قطرة ، لتتصوروا عظمة الخالق) لأوقع الجمهور : إما في التكذيب ، وإما في المغالطة مع أنفسهم ، والمكابرة معها ، بسبب أن حسهم الظاهري أو غلط الحس يرى انبساط الأرض ، ودوران الشمس ، من البديهيات المشاهدة . والحال أن تشويش الأذهان – لا سيما في مقدار عشرة أعصر، لتشهي بعض أهل زماننا – مناف لمنهاج الإرشاد ، وروح البلاغة ، يا هذا، لا تظنن قياس أمثالها ، على النظريات المستقبلة من أحوال الآخرة . إذ الحس الظاهري لما لم يتعلق بجهة منها بقيت في درجة الإمكان ، فيمكن الاعتقاد والاطمئنان بها فحقها الصريح التصريح بها ، لكن ما نحن فيه لما خرج من درجة الإمكان والاحتمال في نظرهم – بحكم غلط الحس – إلى درجة البداهة عندهم فحقه في نظر البلاغة الإبهام ، والإطلاق ، احتراماً لحسياتهم ، وحفظاً لأذهانهم من التشويش . ولكن مع ذلك أشار القرآن الكريم ، ورمز ، ولوح ، إلى الحقيقة ، وفتح الباب للأفكار ، ودعاها للدخول ، بنصب أمارات وقرائن . فيا هذا ، إن كنت من المنصفين إذا تأملت في دستور (كلم الناس على قدر عقولهم)(15) ورأيت أن أفكار الجمهور ، لعدم استعداد الزمان ، والمحيط ، لا تتحمل ، ولا تهضم التكليف ، بمثل هذه الأمور ، التي إنما تتولد بنتائج تلاحق الأفكار – لعرفت أن ما اختاره القرآن من الإبهام والإطلاق ، من محض البلاغة ، ومن دلائل إعجازه . أما الجواب عن الشبهة الثالثة : وهو إمالة بعض ظواهر الآيات إلى منافي الدلائل العقلية ، وما كشفه الفن . فاعلم ، أن المقصد الأصلي في القرآن : إرشاد الجمهور ، إلى أربعة أصول هي : إثبات الصانع الواحد ، والنبوة ، والحشر ، والعدالة ، فذكر الكائنات في القرآن: إنما هو تبعي ، واستطرادي للاستدلال ، إذ ما نزل القرآن لدرس الجغرافيا والقوزموغرافيا ، بل إنما ذكر الكائنات للاستدلال بالصنعة الإلهة ، والنظام البديع على صانع النظام الحقيقي جل جلاله. والحال : أن أثر الصنعة . والقصد ، والنظام، يتراءى في كل شيء . وكيف كان التشكل فلا علينا إذ لا يتعلق بالمقصد الأصلي . فحينئذ ما دام أنه يبحث عنها للاستدلال ، وما دام أنه يجب كونه معلوماً قبل المدعي ، وما دام أنه يستحسن وضوح الدليل – كيف لا يقتضي الإرشاد والبلاغة ، تأنيس معتقداتهم الحسية ، ومماشاة معلوماتهم الأدبية ، بإمالة بعض ظواهر النصوص إليها ، لا ليدل عليها ، بل من قبيل الكنايات ، أو مستتبعات التراكيب ، مع وضع قرائن وإمارات تشير إلى الحقيقة لأهل التحقيق .مثلاً لو قال القرآن الكريم في مقام الاستدلال : أيها الناس ، تفكروا في سكون الشمس مع حركتها الصورية ، وحركة الأرض اليومية والسنوية ، مع سكونها ظاهراً ، وتأملوا في غرائب الجاذب العمومي ، بين النجوم ، وانظروا إلى عجائب الكهرباء ، وإلى الامتزاجات غير المتناهية بين العناصر السبعين ، وإلى اجتماع ألوف ألوف الحيوانات في قطرة ماء ، لتعلموا أن الله على كل شيء قدير ) لكان الدليل أخفى وأغمض ، وأشكل ، بدرجات من المدعي . وإن هذا لمناف لقاعدة الاستدلال ، ثم لأنها من قبيل الكنايات ، لا يكون معانيها ، مدار صدق وكذب . ألا ترى أن لفظ (قال) ألفه يفيد خفة ، سواء كان أصله واواً أو قافاً أو كافاً .الحاصل:بما أن القرآن الكريم نزل لجميع البشر في جميع الأزمان،فالنقط الثلاث المذكورة من دلائل إعجازه (إشارات الإعجاز 180 – 182).ويرى الأستاذ سعيد النورسي في قصص معجزات الأنبياء عليهم السلام إشارات إلى المكتشفات العلمية الحديثة

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:44 PM
أيضاً .ومعلوم أن القصص القرآنية ليست مسوقة لتعليم الحوادث التاريخية فقط . بل لها عدة أغراض ، من بينها الإشارة والإرشاد إلى بعض الأمور الدنيوية . يقول الأستاذ : كما أن قصص معجزات الأنبياء ترشد إلى الاستفادة من كمالات الأنبياء الدينية ، في نفس الوقت ترشد إلى الاستفادة من معجزاتهم المادية أيضاً . نعم حقق الله هذه الخوارق على أيديهم معجزة، إلا أن هذه القصص تثير في الناس الميل إلى محاكاتهم . لأن الله لم يحقق هذه المعجزات بدون سبب ، بل جعل لها وسائل مادية. فمثلاً جعل الريح سبباً لسير سليمان عليه السلام مسيرة شهرين . يريد القرآن أن يقول من خلال هذه القصص : (فاعتبروا يا أولي الأبصار) لكم في معجزات الأنبياء عبرة من عدة وجوه ، فاستفيدوا من كل هذه الوجوه ، حاولوا وسيروا في هذا الطريق ، لعلكم تستطيعون أن تحققوا ، عن طريق سنن الله الكونية ، ما تشبه هذه المعجزات ، التي أعطاها الله لأنبيائه معجزة خارقة . ونستطيع أن نقول : إن بعض الكمالات المادية الدينية ، والخوارق الدنيوية أهديت إلى البشرية – مثل الكمالات الدينية – على يد الأنبياء ، فمثلاً السفينة ، أهديت إلى البشرية على يد نوح عليه السلام . ويقول الأستاذ النورسي : "ثم إني– نظراً إلى :﴿ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ (الأنعام:59) ، ومستنداً إلى أن التنزيل كما يفيدك بدلالاته و نصوصه ، كذلك يعلمك بإشاراته ورموزه – لأفهم من إشارات أستاذية إعجاز القرآن ، في قصص الأنبياء، ومعجزاتهم : التشويق والتشجيع ، للبشر على التوسل ، للوصول إلى أشباهها ، كأن القرآن ، بتلك القصص ، يضع إصبعه على الخطوط الأساسية ، ونظائر نتائج نهايات مساعي البشر ، للترقي في الاستقبال ، الذي يبني على مؤسسات الماضي ، الذي هو مرآة المستقبل . وكأن القرآن الكريم يمسح ظهر البشر بيد التشويق والتشجيع ، قائلاً له : " اسع واجتهد في الوسائل ، التي توصلك إلى أشباه بعض تلك الخوارق " .أفلا ترى أن الساعة والسفينة أول من أهداهما للبشر ، يد المعجزة . وإن شئت فانظر إلى ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ (البقرة: 31). وإلـى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ﴾ (سبأ:10). وإلـى: ﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ﴾ (سبأ:12). أي النحاس. وإلـى: ﴿ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا﴾ (البقرة:60). وإلـى: ﴿وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ (آل عمران:49). ثم تأمل فيما مخضه تلاحق أفكار البشر ، واستنبطه من ألوف فنون، ناطق كل منها – بخواص ، وأسماء – نوع من أنواع الكائنات ، حتى صار البشر مظهر : ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ...﴾ (البقرة:31) ، ثم فيما استخرجه فكر البشر ، من عجائب الصنعة ، من السكة الحديدية ، والآلة البرقية ، وغيرهما بواسطة تليين الحديد ، وإذابة النحاس ، حتى صار مظهر: ﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ﴾ (سبأ:10) الذي هو أم صنائعه. وفيما أفرخته أذهان البشر ، من الطائرات ، التي تسير في يوم شهراً حتى كاد أن يصير مظهر : ﴿... غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ﴾ (سبأ:12)، وفيما ترقى إليه سعي البشر من اختراع الآلات ، والعصى ، التي تضرب في الأرض الرملة اليابسة ، فتفور منها عين نضاخة ، وتصير الرملة روضة ، حتى أوشك أن يصير مظهر :﴿... فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ ... ﴾ (البقرة:60) وفيما أنتجه تجارب البشر ، من خوارق الطب ، التي طفق : أن تبرئ الأكمه والأبرص والمزمن بإذن الله ، وترى مناسبة تامة تصحح لك أن تقول تلك عبرها ومحاكاتها وذكرها يشير إليها ، ويشجع عليها …وكذا انظر إلى قوله ﴿ يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا ﴾ (الأنبياء:69). وإلى: ﴿لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ﴾ (يوسف:24) أي صورة يعقوب عليه السلام عاضاً على إصبعه في رواية(16) وإلى :﴿ وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ﴾(يوسف:94) وإلى :﴿... يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ ...﴾ (سبأ:10) وإلى : ﴿...وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ...﴾ (النمل:16) وإلى : ﴿... أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ...﴾ (النمل:40) وأمثالها . ثم تأمل فيما كشفه البشر، مرتبة النار التي لا تحرق ، ومن الوسائط التي تمنع الإحراق ، فيما اخترعه من الوسائل ، التي تجلب الصور ، والأصوات ، من مسافات بعيدة ، وتحضرها إليك قبل أن يرتد إليك طرفك ، وفيما أبدعه فكر البشر ، من الآلات الناطقة بما تتكلم ، وفي استخدامه لأنواع الطيور ، والحمامات، وقس عليها ، لترى بين هذين القسمين ملاءمة يحق بها أن يقال : (في هذه رموز إلى تلك) إشارات الإعجاز 253 – 255 .

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:44 PM
تتلخص من هذه المطالعات الأسس التالية :

1)إن القرآن الكريم ، هو كلام الله تعالى : وكلامه تعالى جاء من العلم الإلهي، الذي يحيط بكل شيء علماً . ولهذا السبب كانت معاني كلام الله واسعة، بدرجة لا يقاس بها كلام البشر ، الذي يستند إلى علم محدود .
2)إن القرآن ذاته يصرح ،بأن قسماً من حقائقه ،ستظهر بعد ،زمن التنزيل.
3)القرآن الكريم لا يتجه بالخطاب إلى جيل ومكان معينين،بل إلى البشريةكافة،في كل زمان ومكان،إلى قيام الساعة
4)إن محكمات القرآن من عقيدة ، أو عبادة ، أو عمل ، أو أحكام ،مفهومة تماماً بالتفصيل ،منذ عهد السلف الصالح ، وهذه المعاني الأساسية للقرآن لا تتغير ،ولا تتبدل ، بمرور الزمان.ولكن القرآن دون هذه المقاصد الأساسية . ويحتوي على معاني ثانوية،من المتشابهات الإضافية،معاني هذه المتشابهات تفهم على وجه الكمال والتفصيل،بعد زمن التنزيل بقرون.وقد يكون فهم سلف الأمة من بعض هذه المتشابهات الإضافيةفهماً ظاهرياً إجمالياً .
5)حكمة الله الحكيم المطلق أرادت أن يحوي كتابه على المتشابهات بأنواعها وبفضل هذه المتشابهات احتوى القرآن الكريم على معان لا تعد ولا تحصى. " لم يرد الله أن يكلف عباده في مثل هذه المسائل بقضية معينة ، بل فتح الله باب الاجتهاد للعقل البشري ليسلكه الإنسان ويحقق به نعمة الله عليه في الإدراك والفهم "محمود شلتوت ،تفسير القرآن الكريم ،القاهرة 67 – 68. " إن المتشابهات لا تعني إبهاماً كلياً بدون معنى ، كما يظنه بعض الناس . هذا الظن خطأ كبير . المتشابه ليس مهملاً ، ولا كلاماً بدون معنى ، بل لاحتوائه على معان كثيرة لا يمكن لنا أن نتبين المعنى المراد الذي يبدو مبهماً ، إنما يبدو مبهماً لأن الحقائق المحيطة التي تفيدها المتشابهات ، لا يستطيع أن يستوعبها فكر البشر . وإن المتشابه في الحقيقة : هو البيان الذي يحتوي على مجموع وجوه البيان:من حقيقة ومجاز ، وصريح وكناية ، وتمثيل وتحقيق ، وظاهر وخفي . ومن أجل ذلك وصفنا المتشابه بأنه (المعلوم المجهول)آنفاً . ومعلوم أن الإبهام في الكلام في بعض المواقع يعد من أثمن وجوه البلاغة ، كما أن كل شخص لا يكون أهلاً لكل خطاب ، وكذلك لا تستطيع القدرة البشرية على العموم أن تتحمل أفهام وتبليغ كلية العلم المحيط الإلهي "محمد حمدي باوزير، المفسر التركي المعاصر في تفسيره الثمين باللغة التركية المسمى بـ (حق ديني قرآن دلي) استانبول، 1935، 1/48 .وهكذا نستطيع أن نشبه بعض المتشابهات القرآنية بمصباح بلوري (كريستال ) ضوءه لا يتغير في الأصل ، ولكن بسبب الزوايا الكثيرة التي توجد على زجاجات البلور تتغير الألوان والأشعة،وتزداد بحسب الزوايا ، أي بحسب اختلاف نظر الناس ، وهذه الإشعاعات تتجدد دوماً .
6)إن لمعاني القرآن طبقات متعددة ،تحت معناه الصريح . والمعنى الإشاري والرمزي من هذه الطبقات . وكذا المعنى الإشاري أيضاً هو كلي له جزئيات وأفراد في كل عصر . وهذه الجزئيات ، فضلاً عن أن تنقص من قدر القرآن ، تخدم وتقوي إعجازه وبلاغته (سعيد النورسي،شعاعلر ،644 ).وليس معنى هذا أن القرآن مبهم تستطيع أن تجره إلى حيث تشاء ، بل معناه : أن لبعض الآيات القرآنية معاني متداخلة ، ( مثل الحلقات ، التي تشاهد على سطح الماء إثر غمس شيء فيه " بدون تغير المعنى الأصلي ، فالآية تحتوي على سطح ، وقعر ، وجذور ، كثيرة . أسلوب الآية يشمل كل هذه العناصر . من أجل ذلك يختلف فهم الناس ، بحسب مبلغهم من العلم .
7)قال الله تعالى ، واصفاً للقرآن الكريم :﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾(النحل:89) وقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في الحديث الشريف : " لا تنقضي عجائبه ، ولا يخلق على كثرة الرد " (رواه الترمذي في سننه في كتاب فضائل القرآن ، 14)(17) . ولو كان الحق مع الشاطبي والدكتور الذهبي وأمثالهما لانقضت عجائبه ، بانحصار أنواع معانيه . والآثار كثيرة في : أن القرآن ذو وجوه كثيرة . وكتب التفاسير التي تعد بآلاف المجلدات ، باختلافاتها ، واتفاقاتها ، تشهد بكثرة المعاني هذه . وكتب محمد رشيد رضا عندما تصدى لشرح إعجاز القرآن تحت عنوان . إعجاز القرآن بتحقيق مسائل كانت مجهولة للبشر) ما نصه :" الوجه السابع : اشتمال القرآن ، على تحقيق كثير من المسائل العلمية والتاريخية ، التي لم تكن معروفة في عصر نزوله ، ثم عرفت بعد ذلك بما انكشف للباحثين ، والمحققين ، من طبيعة الكون ، وتاريخ البشر ، وسنن الله في الخلق (وبعد أن ذكر أمثلة متعددة لهذا ختم قائلاً) : فكتابه تعالى مظهر لقوله 55/29 ﴿ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾(الرحمن:29) تفسير المنار 1/210 – 212 .
8)ورغم أن المقصود الأسمى من القرآن الكريم هو:الهدايةوالإرشاد، ا أنه مع ذلك حوى أصول الإعجاز:التشريعي ،والنفسي،والبياني ،والعلمي،الدكتور عبدالله شحاته ، تفسير الآيات الكونية ، القاهرة 1400/1980 ، ص 22 .
9)لا شك أن الكلام الصادر عن علام الغيوب تعالى وتقدس ، لا تبنى معانيه على فهم طائفة واحدة ، ولكن معانيه تطابق الحقائق ، وكل ما كان من الحقيقة في علم من العلوم وكانت الآية لها تعلق بذلك ، فالحقيقة العلمية مرادة بمقدار ما بلغت إليه أفهام البشر وبمقدار ما ستبلغ إليه ، وذلك يختلف باختلاف المقامات ، ويبنى على توفر الفهم ، وشرطه : أن لا يخرج عما يصلح له اللفظ العربي ، ولا يبعد عن الظاهر إلا بدليل ، ولا يكون تكلفاً بيناً، ولا خروجاً عن المعنى الأصلي ؛ حتى لا يكون في ذلك كتفاسير الباطنية،كما قال محمد الطاهر بن عاشور.
10)إن مقاصد القرآن راجعة إلى عموم الدعوة ، وهو معجزة باقية فلا بد أن يكون فيه ما يصلح لأن تتناوله أفهام من يأتي من الناس ، في عصور انتشار العلوم في الأمة .
11)إن عدم تكلم السلف عليها : إن كان فيما ليس راجعاً إلى مقاصد القرآن فنحن نساعد عليه ، وإن كان فيما يرجع إليها فلا نسلم وقوفهم فيها عند ظواهر الآيات ،بل قد بينوا ،وفصلوا ،وفرعوا ،في علوم عنوا بها ،ولا يمنعنا ذلك أن نقفي على آثارهم،في علوم أخرى،راجعة لخدمة المقاصد القرآنية،كما قال المفسر )الطاهر بن عاشور) رحمه الله
وهذا المسلك المعتدل الذي يقول : إن القرآن الكريم أتى بأصول عامة ، لكل ما يهم الإنسان معرفته ، ليبلغ درجة الكمال جسداً وروحاً ، وترك الباب مفتوحاً لأهل الذكر ، من المشتغلين بالعلوم المختلفة ، ليبينوا للناس جزئياتها ، بقدر ما أوتوا منها، في الزمان الذي هم عائشون فيه – سلكه عدد من العلماء ، في العصر الحديث مثل : الطاهر بن عاشور ، وسعيد النورسي ، ومحمد رشيد رضا : انظر على سبيل المثال : تفسير قوله تعالى: ﴿ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّام ٍ﴾ (الأعراف:54) في تفسير المنار ، 8/445-448 .وتفسير قوله تعالى : ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾( البقرة:23) في تفسير المنار ، 1/210 – 212 .والأستاذ المراغي : انظر على سبيل المثال :تفسير قوله تعالى :﴿... وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ ﴾(الحجر:19) في تفسير المراغي ، 14/15 . وتفسير قوله تعالى ﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ (يس:40) في تفسير المراغي ، 23/10 –11. وتفسير قوله تعالى: ﴿ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ﴾ (الزمر:5) في تفسير المراغي ، 23/145 . والأستاذ الدكتور / محمد عبد الله دراز انظر قوله تعالى ﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ(5)خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ(6) ﴾( الطارق:5-6) يخبر عن منشأ خلقة الإنسان. وقوله﴿ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ﴾ ( الحج:5) وقوله ﴿ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا﴾ ( المؤمنون:14) يخبران عن صفات الجنين في بطن أمه . وقوله :﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾(الأنبياء:30) يخبر بأن كل الحيوانات من أصل مائي . وقوله تعالى﴿ اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ﴾( الروم:48) يخبر عن تكون المطر . وقوله تعالى ﴿ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ﴾(الزمر:5) يخبر عن كروية الأرض . وقوله تعالى ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ (الرعد:41) و(الأنبياء : 44) يخبران بأن الأرض كروية إلا أن كرويتها ناقصة في أطرافها.وقوله تعالى﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا﴾( يس:38) يخبر بأن الشمس تجري إلى نقطة معينة .

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:45 PM
وقوله تعالى
﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ ﴾( الأنعام:38) يخبر بأن طوائف الحيوانات تعيش حياة جماعية مثل الإنسان ولا سيما النحل وقوله تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا ... ﴾ (يس:36) و(الذاريات: 49) يخبران بأن الله خلق كل شيء أزواجاً . وقوله تعالى ﴿ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ﴾( الحجر:22) يخبر عن التلقيح بواسطة الرياح وما إلى ذلك. وبعد أن انتقد الدكتور دراز الإسراف في التوفيق بين النص القرآني وبين النتيجة العلمية ، تحدث عن فائدة التفكر في الآفاق وفي الأنفس إلى أن قال: نحن لا نفسر نهائياً الآيات المذكورة بالمكتشفات المشار إليها ، ولكننا نشاهد التطابق المدهش بين النص القرآني وبين المكتشفات العلمية الناتجة عن بحوث المتخصصين المتلاحقة خلال القرون الكثيرة "وهذا لا يمكن أن يكون صدفة ، بل لابد من أن تكون معجزة.( المدخل في القرآن الكريم، ص 144) .والأستاذ / محمد المدني ، و الشيخ محمود شلتوت ، والأستاذ الشهيد حسن البنا(18) ،والأستاذ سيد قطب.قال الأستاذ الشهيدسيد قطب عند تفسير قوله تعالى﴿يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ﴾ (الزمر:5) : ( وهو تعبير عجيب يقسر الناظر فيه قسراً على الالتفات إلى ما كشف حديثاً عن كروية الأرض، ومع أنني في هذه الظلال حريص على أن لا أحمل القرآن على النظريات التي يكشفها الإنسان ) … مع هذا الحرص ، فإن هذا التعبير يقسرني قسراً على النظر في موضوع كروية الأرض … إلخ ) في ظلال القرآن ، 24/12 – 13 .وعند قوله تعالى ﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ﴾ ( الذاريات:49) تلكم عن عموم الزوجية بما فيها ززوجية الذرة مؤلفة من زوج من الكهرباء موجب وسالب وفي ظلال القرآن 27/25.وعند قوله تعالى ﴿ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ﴾ (فصلت:10) تكلم الأستاذ عن تكون السموات والأرض وعن تكون القشرة الأرضية بالتفصيل ونقل أشياء عن الكتب العلمية الحديثة( في ظلال القرآن 24/114-119).وانظر أيضاً على سبيل المثال:تفسير قوله تعالى﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ﴾(الأعراف:172) في ظلال القرآن 9/98 . وتفسير قوله تعالى ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾(البقرة:183) في ظلال القرآن 2/74- وتفسير قوله تعالى﴿ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً ﴾ ( المؤمنون:14) في ظلال القرآن 18/15-16 . وتفسير قوله تعالى ﴿ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ﴾(الطارق:7) في ظلال القرآن30/199 .وتفسير قوله تعالى﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ ﴾ ( البقرة:173) في ظلال القرآن 2/57.والعلامة الطباطبائي صاحب الميزان . انظر تفسير قوله تعالى : ﴿ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ ﴾ (الحجر:22) في تفسير الميزان 12/146. وتفسير قوله تعالى : ﴿ وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ ﴾ (يس:42) في تفسير الميزان 17/ 92 . وتفسير قوله تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ ﴾ (يس:36) في تفسير الميزان 17/87 . وتفسير قوله تعالى﴿ أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا﴾ )الأنبياء:30)في تفسير الميزان 14/277 . وتفسير قوله تعالى ﴿ وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ ﴾( الأنبياء:31) في تفسير الميزان 11/288. وقوله تعالى﴿ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ﴾ (يس:39) تفسير الميزان 17/90قوله تعالى ﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾(الذاريات:47) تفسير الميزان 18/382 وقوله تعالى﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا﴾( يس:38)في تفسير الميزان 17/89.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:46 PM
(1) يعني ماذكره سابقا في كتابه الموافقات – لم يصح.(2) انظر التفسير و المفسرون للدكتور الذهبي.(3) بلى: لكن هذا شئ , وكون القرآن الكريم مصدرا مباشرا للحقائق العلمية المفصلة شئ آخر ؟ "تلك وجهة نظر الذهبي, رحمه الله" المراجع د. إبراهيم الخولي "الهيئة".(4) دعوة القرآن للنظر و الاستدلال ميزة , تفوق بها وتميز من سائر الكتب السماوية , لكن إدخال هذا تحت الإعجاز العلمي ربما كان غير دقيق؟ " المراجع د.إبراهيم الخولي "الهيئة".(5) تفصى من الشئ , وعنه: تخلص منه. المعجم الوسيط ص. 692.

(6) هو في أوائل فضائل القرآن حديثة رقم 4981 وأيضا في الاعتصام باب 2 حديث رقم 7274. وفي صحيح مسلم في كتاب الإيمان باب 69 حديث 239/152, ورواه النسائي وفي التفسير وفي فضائل القرىن كما قال: المزي في الطراف, وكلهم عن أبي هريرة- " الهيئة".(7) لست ادري: ما الذي ينتهي إليه النظر, وبرهان التمانع يعرفه المناطقة مثلا, وعرفه أرسطو, وتحت الجاحظ وابن المعتز عما سمى: بالمذهب الكلامي؟ "المراجع د. إبراهيم الخولي " الهيئة".(8) السى: بسين مهملة مكسورة وتحية مشددة: النظير والمثل. لسان العرب جـ 14 ص 411- 412.(9) لكن السؤال الآن : ما قيمة هذا الذي حشوا به كتبهم من قواعد العلوم الحكمية وما إليها؟ وما مصيره في نظر العلم اليوم؟ "المراجع د. إبراهيم الخولي " الهيئة".(10) ليسوا السلف, وإنما ورد هذا الوصف في حديث الحارث العور عن علي- رضي الله عنه باسناد ضعيف. يرفعه للنبي صلي الله عليه وسلم.. أنظر : التاج الجامع للأصول. كتاب فضائل القرآن, وسنن الترمذي: كتاب فضائل القرآن.(11) هذه الجملة من حديث طويل رواه عمرو بن الأحوص عن النبي صلي الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع, رواه ابن ماجه في المناسك في باب 76 حديث رقم 3056- "الهيئة".(12) الميثولوجيا: الأساطير.

(13) سوزلر: مطبعة باستانبول.(14)حاشية: فإن قلت : إن القرآن وكذا مفسره(أعني الحديث النبوي) إنما أخذ من كل فن فذلكة, وإحاطة فذلكات كثيرة ممكنة لشخص؟ قيل لك : إن الفذلكة بحسن الإصابة في موقعها الماسب,واستعمالها في أرض منبتة, مع أمور مرموزة, غير مسموعة- قد أشرنا إلهيا في النكتة الثانية- تشف كالزجاجة عن ملكة تامة, في ذلك الفن , واطلاع تام في ذلك العلم, فتكون الفذلكة في حكم العلم, ولا يمكن لشخص أمثال ذلك.(15)كذا قال الباحث,ولكن لم نعثر عليع بهذا اللفظ في كتاب الحديث,وإنما ورد بلفظ( أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم) رواه الديلمي بسند ضعيف عن ابن عباس مرفوعا, وعزاه ابن حجر لمسند الحسن بن سفيان عن ابن عباس بلفظ" أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم " قال: وسنده ضعيف جدا, وفي صحيح البخاري في كتاب العلم باب 49 عن علي موقوفا حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله و رسوله" حديث رقم 127.وفي مقدمة صحيح مسلم في باب 3 عن ابن مسعود قال: ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلاكان لبعضهم فتنة, ملخصا عن العجلوني حديث 592-الهيئة.(16)ذكره السيوطي في تفسيره فقال:أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن ابي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس- وفيه – حتى رأى برهان ربه, جبريل عليه السلام, في صورة يعقوب عاضا على إصبعيه فذكره. وقد ذكر الطبري في تفسيره روايات كثيرة, بألفاظ مختلفة, في كلها مقال, وأقل ماقيل: كلها مضطربة- الهيئة.(17)رواه الترمذي في أبواب فضائل القرآن في باب 14 حديث رقم 2906, ورواه الدرمي في سننه 2/435 كلاهما عن الحارث عن علي. وفي إسناد هذا الحديث: أبو المختار الطائي وابن أخي الحارث العور وهما من المجاهيل, والحارث العور فيه كلام مشهور, وليس له متابع سليم من المقال وقال الشوكاني في الفوائد المجموعة نقلا عن الصنعاني موضوع, وقال المعلمي في الهامش: سنده ضعيف ومتنه حسن فلا يتجه الحكم بوضعه- راجع صفحة 296, وقال الألباني ضعيف- راجع ضعيف الجامع.تنبيه: في الترمذي "ولا يخلق على كثرة الرد, ولاتنقض عجائبه" يعني خلاف ماذكره المصنف- الهيئة.(18)انظر إلى كتاب (تفسير الآيات الكونية للدكتور شحاتة, ص 9).

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:46 PM
خلاصة بحث التفسير العلمي للقرآن بين المجيزين والمانعين
للشيخ محمـد الأمين ولـد الشيخ

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:47 PM
ينقسم أعلامنا الفضلاء في (موضوع التفسير العلمي للقرآن) إلى فريقين : فريق يجيز التفسير العلمي للقرآن ، ويدعو إليه ، ويرى فيه فتحاً جديداً وتجديداً في طرق الدعوة إلى الله،وهداية الناس إلى دين الله.وفريق يرى في هذا اللون من التفسيرخروجاً بالقرآن عن الهدف الذي أنزل من أجله،وإقحاماً له في مجال متروك للعقل البشري،يجرب فيه، ويصيب ويخطئ.لذلك كان لا بد من بحث القضية ، ولا بد من استعراض الأدلة ، ومناقشة حجج الفريقين المجيزين والمانعين .

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:47 PM
المجيزون للتفسير العلمي للقرآن الكريم :

أما مجيزوا التفسير العلمي وهم الكثرة ، فيمثلهم الإمام محمد عبده ، وتلميذه الشيخ محمد رشيد رضا ، والشيخ عبد الحميد بن باديس ، والشيخ محمد أبو زهرة، ومحدث المغرب أو الفيض أحمد بن صديق الغماري ، ونستطيع أن نعد منهم الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ، صاحب أضوء البيان في تفسير القرآن بالقرآن .وهؤلاء الذين يتبنون التفسير العلمي للقرآن يضعون له الحدود التي تسد الباب أمام الأدعياء الذين يتشبعون بما لم يعطوا .

ومن هذه الحدود :
1-ضرورة التقيد بما تدل عليه اللغة العربية فلا بد من :
أ) أن تراعى معاني المفردات كما كانت في اللغة إبان نزول الوحي .
ب) أن تراعى القواعد النحوية ودلالاتها .
ج) أن تراعى القواعد البلاغية ودلالاتها.خصوصاً قاعدة أن لا يخرج اللفظ من الحقيقة إلى المجاز إلا بقرينة كافية . 2- البعد عن التأويل في بيان إعجاز القرآن العلمي .
3- أن لا تجعل حقائق القرآن موضع نظر ، بل تجعل هي الأصل : فما وافقها قبل وما عارضها رفض .
4- أن لا يفسر القرآن إلا باليقين الثابت من العلم لا بالفروض والنظريات التي لا تزال موضع فحص وتمحيص . أما الحدسيات والظنيات فلا يجوز أن يفسربها القرآن،لأنها عرضةللتصحيح والتعديل إن لم تكن للإبطال في أي وقت.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:48 PM
المانعون من التفسير العلمي

أما المانعون من التفسير العلمي فيمثلهم في هذا العصر شيخ الأزهر الأسبق الشيخ محمود شلتوت ، والأستاذ سيد قطب ، ود . محمد حسين الذهبي .

وهؤلاء المانعون يقولون :
1- إن القرآن كتاب هداية ، وإن الله لم ينزله ليكون كتاباً يتحدث فيه إلى الناس عن نظريات العلوم ، ودقائق الفنون ،وأنواع المعارف .
2-إن التفسير العلمي للقرآن يعرض القرآن للدوران مع مسائل العلوم في كل زمان ومكان ،والعلوم لا تعرف الثبات ولا القرار ولا الرأي الأخير.
3-إن التفسير العلمي للقرآن يحمل أصحابه والمغرمين به على التأويل المتكلف الذي يتنافى مع الإعجاز ،ولا يسيغه الذوق السليم .
4-ثم يقولون : إن هناك دليلاً واضحاً من القرآن على أن القرآن ليس كتاباً يريد الله به شرح حقائق الكون ،وهذا الدليل هو ما روي عن معاذ أنه قال يا رسول الله إن اليهود تغشانا ويكثرون مسألتنا عن الأهلة . فما بال الهلال يبدو دقيقاً ثم يزيد حتى يستوي ويستدير ، يم ينقص حتى يعود كما كان . فأنزل الله هذه الآية : ﴿ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ...﴾(البقرة:189) .
ولكن هل تكفي هذه الحجج لرفض التفسير العلمي ؟
· إن كون القرآن كتاب هداية لا يمنع أن ترد فيه إشارات علمية يوضحها التعمق في العلم الحديث ، فقد تحدث القرآن عن السماء ، والأرض ، والشمس والقمر ، والليل والنهار ، وسائر الظواهر الكونية . كما تحدث عن الإنسان ، و الحيوان والنبات .
· ولم يكن هذا الحديث المستفيض منافياً لكون القرآن كتاب هداية ، بل كان حديثه هذا أحد الطرق التي سلكها لهداية الناس .
· أما تعليق الحقائق التي يذكرها القرآن بالفروض العلمية فهو أمر مرفوض ، وأول من رفضه هم المتحمسون للتفسير العلمي للقرآن .
· أما أن هذا اللون من التفسير يتضمن التأويل المستمر ، والتمحل ، والتكلف، فإن التأويل بلا داع مرفوض ، وقد اشترط القائلون بالتفسير العلمي للقرآن شروطاً من بينها أن لا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا إذا قامت القرائن الواضحة التي تمنع من إرادة الحقيقة .
أما الاستدلال بما ورد في سبب نزول الآية : ﴿ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ﴾ فهو بحاجة إلى أن يثبت وإلا فهو معارض بما رواه الطبري في تفسيره عن قتادة في هذه الآية: قالوا سألوا النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لم جعلت هذه الأهلة ؟ فأنزل الله فيها ما تسمعون ﴿ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ...﴾ فجعلها لصوم المسلمين ولإفطارهم ولمناسكهم وحجهم ولعدة نسائهم ومحل دينهم في أشياء والله أعلم بما يصلح خلقه .
وروى عن الربيع وابن جريج مثل ذلك . ففي هذه الروايات التي ساقها الطبري(1)، إن السؤال هو : لم جعلت هذه الأهلة؟ وليس السؤال ما بال الهلال يبدوا دقيقاً ثم يزيد حتى يستوي ويستدير ثم ينقص . ولذلك فإنه لا دليل في الآية على إبعاد التفسير العلمي .

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:49 PM
والخلاصـة :

· أن التفسير العلمي للقرآن مرفوض إذا اعتمد على النظريات العلمية التي لم تثبت ولم تستقر ولم تصل إلى درجة الحقيقة العلمية .
· ومرفوض إذا خرج بالقرآن عن لغته العربية .
· ومرفوض إذا صدر عن خلفية تعتمد العلم أصلاً وتجعل القرآن تابعاً .
· وهو مرفوض إذا خالف ما دل عليه القرآن في موضع آخر ، أو دل عليه صحيح السنة .
· وهو مقبول بعد ذلك إذا التزم القواعد المعروفة في أصول التفسير من الالتزام بما تفرضه حدود اللغة ، وحدود الشريعة ، والتحري والاحتياط الذي يلزم كل ناظر في كتاب الله .
· وهو – أخيراً – مقبول ممن رزقه الله علماً بالقرآن وعلماً بالسنن الكونية لا من كل من هب ودب ، فكتاب الله أعظم من ذلك .
· وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:49 PM
التوصيات الصادرة عن المؤتمـــر

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:50 PM
مقدمة :

تم – بعون الله تعالى وتوفيقه – عقد المؤتمر العالمي الأول للإعجاز العلمي في القرآن والسنة في مدينة إسلام آباد بباكستان في الفترة من 25-28 من صفر 1408هـ الموافق 18-21 أكتوبر 1987م ، وذلك تحت الرعاية المشتركة للجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد ، وهيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ، ورابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة .وقد اشترك في هذا المؤتمر 228 عالماً ينتمون إلى 52 دولة كما شارك في هذا المؤتمر 160 مراقباً . ولقد قدم للؤتمر 78 بحثاً علمياً غطت 15 تخصصاً علمياً ، تم اختيارها من بين أكثر من 500 بحث وردت للجنة المنظمة للمؤتمر من كل أنحاء العالم . ولقد تمت مناقشة تلك البحوث عبر ست جلسات عامة بالإضافة إلى عدد من جلسات العمل المتخصصة . وتم استبعاد ستة بحوث لعدم حضور أصحابها لإلقائها بالمؤتمر . والإعجاز العلمي يعني تأكيد الكشوف العلمية الحديثة الثابتة والمستقرة للحقائق الواردة في القرآن الكريم والسنة المطهرة بأدلة تفيد القطع واليقين باتفاق المتخصصين . وتهدف دراسته وإجراء البحوث فيه إلى إثبات صدق محمد صلَّى الله عليه وسلَّم فيما جاء به من الوحي بالنسبة لغير المؤمنين ، وتزيد الإيمان وتقوى اليقين في قلوب المؤمنين وتكشف لهم عن عجائبه وأسراره ، وتعينهم على فهم حكمه وتدبر مراميه . ويعتمد الإعجاز العلمي على الحقائق المستقرة التي تثبت بأدلة قطعية ، ويشهد بصحتها جميع أهل الاختصاص ، دون الفروض والنظريات . كما يجب أن يدل نص الكتاب أو السنة على الحقيقة العلمية بطريق من طرق الدلالة الشرعية ، وفقاً لقواعد اللغة ومقاصد الشارع وأصول التفسير ، فإن خرجت الحقيقة العلمية المدعاة عن جموع معاني النص لم تكن حقيقة في الواقع ونفس الأمر . ويجب أن يكون الباحث في مجال الإعجاز العلمي في القرآن والسنة من العلماء المشهود لهم بالتأهيل العلمي في مجال تخصصه ، إضافة إلى قدرته على فهم النصوص الشرعية من مصادرها ، والاستنباط منها ، وفق قواعد اللغة وأصول التفسير وعليه أن يستشير المتخصصين في العلوم الشرعية فيما يخفى عليه وجه الإعجاز فيه . ويستحسن أن تقوم بهذه البحوث مجموعات عمل تجمع الخبراء في العلوم الكونية والشرعية .وتقوم لجان الخبرة ومجموعات العمل التي تجمع المفسرين والعلماء الكونيين بإعداد البحوث وإجراء الدراسات في مجال الإعجاز العلمي حتى توجد المؤسسات التعليمية التي تخرج العالم بمعاني التنزيل وحقائق العلم .

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 01:50 PM
توصيات المؤتمـر

التوصية الأولى :
دراسة الإعجاز العلمي في الجامعات :
يوصي المؤتمر الجامعات والمؤسسات التعليمية بالعناية بقضايا الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في مناهجها الدراسية ، والعمل على إعداد وتدريس مادة جديدة في كل كلية أو معهد تعنى بدراسة آيات وأحاديث الإعجاز العلمي الداخلة في تخصص هذه الكلية أو المعهد،وذلك لربط حقائق العلم بالوحي، تعميقاً للإيمان وتقوية لليقين في قلوب الدارسين .

التوصية الثانية :
إعداد تفسير ميسر :
يوصي المؤتمرهيئة الإعجازالعلمي في القرآن والسنة،بالتعاون والتنسيق بين الجامعات ومراكزالبحوث والهيئات والمنظمات الإسلاميةفي البلاد الإسلامية،بإعداد تفسيرميسرللقرآن الكريم يعني بوجه خاص الآيات الكونية الواردة فيه

التوصية الثالثة :
ترجمة معاني القرآن الكريم :
يوصي المؤتمر هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة بالتعاون والتنسيق بين الجامعات ومراكز البحوث والهيئات والمنظمات الإسلامية بإعداد ترجمة دقيقة لمعاني القرآن الكريم ، مصحوبة بتعليقات وافية عن الآيات الكونية الواردة فيه ، لتعين الباحثين من غير الناطقين بالعربية في مجال الإعجاز العلمي في القرآن .

التوصية الرابعة :
إصدار مجلة علمية :
يوصي المؤتمر هيئة الإعجاز العلمي بإصدار مجلة علميةذات مستوى عالمي رفيع باللغتين العربيةوالإنجليزيةتعنى بنشر البحوث المتخصصةفي مجال الإعجاز العلمي في القرآن والسنةبعدإجازتها من المتخصصين في العلوم الإسلاميةوعلوم الكون

التوصية الخامسة :
تشجيع بحوث الإعجاز :
يوصي المؤتمر الجامعات ومراكز البحوث في البلاد الإسلامية بتشجيع البحوث والدراسات في مجال الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ، وتخصيص المنح الدراسية لطلاب الدراسات العليا ، ورصد الجوائز المالية لغيرهم من الباحثين في هذه المجال

التوصية السادسة :
مراكز بحوث الإعجاز العلمي :
يوصي المؤتمر الجامعات والمؤسسات العلمية والهيئات والمنظمات العاملة في حقل الدعوة الإسلامية في العالم الإسلامي بإنشاء مراكز متخصصة لبحوث الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ، كما يوصي الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد بأن تبادر بإنشاء أول مركز لهذا الغرض .

التوصية السابعة :
تمويل نشاط الهيئة :
يناشد المؤتمر الحكومات والهيئات والمؤسسات المالية ورجال الأعمال في البلاد الإسلامية أن يقدموا الدعم المالي لهيئة الإعجاز العلمي ومراكز البحوث التي تنشئها لتمكينها من تمويل نشاطاتها تحقيقاً للهدف الذي قامت من أجله من عقد المؤتمرات والندوات وحلقات البحث،وإعداد البحوث والدراسات التي تعمق الإيمان وتقوي اليقين في قلوب المؤمنين وتخاطب غيرهم بلغة العصرالتي يحتكمون إليها في قبول الإيمان،قياماً بواجب الأمةفي تبليغ دعوةالإسلام بالحجةوالدليل والبرهان.

التوصية الثامنة :
الدعوة للبحوث العلمية الأصلية :
يوصي المؤتمر هيئة الإعجاز العلمي وغيرها بالاهتمام بعقد الندوات المتخصصة وحلقات البحث ، وتكوين مجموعات العمي ولجان الخبرة ، لتطوير البحوث في مجال الإعجاز العلمي، ووضع خطة متكاملة لها توزع على الجامعات والمراكز البحوث في داخل البلاد الإسلامية وخارجها تمهيداً لعقد المؤتمرات الدورية التي تعرض فيها هذه البحوث الجديدة .

التوصية التاسعة :
البحوث العلمية والكشوف الحديثة :
يدعو المؤتمر الجامعات ومراكز البحوث في البلاد الإسلامية والعلماء المسلمين في العالم، إلى التعاون على إعداد خطة بحوث متكاملة في المجالات العلمية المختلفة والعمل على تنفيذها بالتعاون والتنسيق فيما بينهما ، امتثالاً لدعوة القرآن الكريم للمسلمين إلى البحث والنظر والتدبر في آيات الله في آفاق الكون وفي النفس لاكتشاف الحقائق العلمية والسنن الكونية واستخدامها في توفير سبل القوة وأسباب العزة للمسلمين ، وانتشالهم من التبعية الكاملة لغيرهم في مجال العلوم والتكنولوجيا.كما يوصي المؤتمر الحكومات الإسلامية باتخاذ الخطوات العلمية لجذب العقول الإسلامية المهاجرة للمشاركة في تنمية وتقدم مجتمعاتهم كما يوصي الهيئات والمؤسسات المالية ورجال بالمساهمة الأعمال في تمويل مشروعات البحوث التي تقوم بها الجامعات ومراكز البحوث والأفراد .

التوصية العاشرة :
نشر بحوث المؤتمر وإعلان نتائجها :
يوصي المؤتمر هيئة العلمي بنشر بحوث المؤتمر بعد مراجعتها على ضوء المناقشات التي دارت في جلسات المؤتمر وكذلك التقارير والتوصيات باللغتين العربية والإنجليزية واستثمار نتائجها . في الدعوة إلى الإسلام ، تحقيقاً للهدف من هذه البحوث،مع الاستعانةفي ذلك بتقنيات العصرفي الإخراج والعرض ووسائل الإعلام الحديثة في التأثير والإقناع ،كما يوصي المؤتمر الهيئةبإعداد سلسلة من المحاضرات في الجامعات ومعاهد العلم وتكليف العلماءالمهتمين بهذاالموضوع بإلقائها ودعوة الصحف ووسائل الإعلام في البلاد الإسلاميةللمشاركة بإعداد البرامج ونشرالمقالات في هذا المجال .

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:37 PM
الأستاذ الدكتور أحمد شوقي إبراهيم
رئيس لجنة الإعجاز العلمي بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - ج. م. ع

الإعجاز العلمي وآفاق الدعوة


عصر التقدم العلمي الحالي وهو عصر الحاسبات وثورات الاتصالات، عصر يعتمد على العلم، ولا يؤمن إلا بلغة العلم، وبيان الإعجاز العلمي في القرآن والسنة هو لغة هذا العصر، وهو اللغة التي يفهمها غير المسلمين، فلا يؤمن غير المسلمين بالأدلة الإيمانية أو الموعظة الدينية، ولكنهم يؤمنون بالإعجاز العلمي الذي يخاطب العقل؛ فإن الحقيقة العلمية التي اكتشفت في هذا العصر، ولم تكن معروفة من قبل، وذكرت في القرآن الكريم أو السنة المشرفة لا تكون دليلاً عند كل ذي علم وذي عقل على أن خالق هذه الحقيقة العلمية هو منزل هذا القرآن على عبده ورسوله محمد، وليس هناك احتمال علمي آخر، فالناس في عصر التقدم العلمي الحالي لا تؤمن إلا بالعلم، والإعجاز العلمي واللغة العلمية التي نستطيع بها أن نبرهن علميًا على أن القرآن الكريم هو الحق.. ومن هذا نفهم أن الإعجاز العلمي هو لغة العصر واللغة التي لا يفهم علماء الغد ولا يقتنعون إلا بها.

ماذا نعني بالإعجاز العلمي: هل يعني مجموعة الخوارق التي يتضمنها المصحف؟

العجز ضد القدرة، وأعجزه الشيء أي فاته، المعجزة اسم الفاعل، وهي الأمر الفوقي الذي هو فوق مقدور البشر، أي هي إعجاز البشر بالإتيان أو بمثله. أما الإعجاز فهو المصدر، وهو اتصاف الشيء بأنه خارق للعادة مقرونًا بالتحدي الذي لا يقبل المعارضة.
والإعجاز العلمي لا يعني مجموعة الخوارق، لأن الخوارق هي من باب المعجزة والمعجزات، وليس من باب الإعجاز العلمي يف القرآن والسنة، إنما الإعجاز العلمي في القرآن والسنة هو ما جاء في القرآن الكريم ويعجز البشر عن أن يأتوا بمثله.

أرجو مساعدتي في الحصول على شهادات علماء غربيين حول إعجاز القرآن العلمي من أمثال بوكاي. كما أرجو معرفة كيفية متابعة المؤتمرات الدورية التي تعقد في هذا المجال. وجزاكم الله خيرا.

لا يوجد مرجع علمي عن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة من علماء الغرب إلا كتاب الدكتور موريس بوكاي وعنوانه: "دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة"، ولم يؤلف أحد غيره من علماء الغرب -على قدر علمنا- كتابًا عن الإعجاز العلمي،
والمؤتمرات الدورية التي تعقد في هذا الموضوع يعلن عنها في الجرائد والمجلات.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:41 PM
سؤال وجواب
الدكتور عبد المجيد الزنداني

لماذا توقف استخدام الإعجاز العلمي في مجال الدعوة إلى الله؟ أنا لم أسمع منذ فترة عن علماء أسلموا لمواجهتهم بذلك الإعجاز.

الإعجاز العلمي لم يتوقف في مجال الدعوة الإسلامية، ولا يمكن أن يتوقف؛ لأن الإعجاز العلمي هو لغة هذا العصر الوحيدة التي يفهمها العلماء من غير المسلمين. وهناك مراكز إسلامية عديدة في أمريكا مثلاً تدعو إلى الله وتستخدم الإعجاز العلمي في الدعوة، ولقد أسلم الآلاف بل والملايين في العالم الغربي، بسبب بيان الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، لأن الحقيقة العلمية التي لم تعرفها الإنسانية إلا في العصور الحديثة والتي ذكرها القرآن الكريم لا بد أن تكون دليلاً عند كل ذي عقل على أن خالق هذه الحقيقة هو منزل هذا القرآن على عبده ورسوله. ولك أن تعلم يا أخي أن الإسلام انتشر الآن في أمريكا نفسها، حتى صار عددهم يزيد عن خمسة ملايين، بعد أن كانوا آلافًا تعد على الأصابع؛ مما اضطر الحكومة الأمريكية إلى أن تعترف أن الإسلام هو دين من الديانات الكبرى في العالم، وصارت اجتماعات الكونجرس تفتتح بقراءة القرآن بالإضافة إلى قراءة الإنجيل والتوراة.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:41 PM
أنا طالب أدرس العلوم في جمهورية التشيك، وأقابل بعض الملحدين الشباب في الجامعات هنا.. كيف يمكنني استخدام الإعجاز العلمي في دعوتهم؟

الشباب الملحد لا يمكن أن يؤمن بموعظة دينية أو دليل إيماني، وإنما يؤمن بدليل علمي، دليل يخاطب العقل ونجد ذلك في مجال الإعجاز العلمي؛ لأن بيان الحقيقة العلمية التي لم تكتشف إلا حديثًا وجاء ذكرها في القرآن الكريم قبل أربعة عشرة قرنًا من الزمان، تكون دليلاً لا يقبل الجدل على أن خالق هذه الحقيقة الكونية هو منزل هذا القرآن على عبده ورسوله، وهذا النوع من الإعجاز العلمي يعجز الإلحاد أن يجد موضعًا للتشكيك فيه، إلا أن يتبرأ من العقل، فالإعجاز العلمي هو اللغة الوحيدة التي يستطيع المرء أن يقنع بها غير المسلمين. وللسائل أن يتصل بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية في وزارة الأوقاف بالقاهرة، لنزوده بالكتب اللازمة لهذا الموضوع الذي يتحدث عنه.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:42 PM
أنا شاب ملتزم بفضل الله، ومهتم بقضايا الإعجاز العلمي، لكني أستشعر أن بعض الدعاية في هذا المجال تخلط بين الإعجاز العلمي وغيره من مجالات التعرض للنصوص الغامضة.. فما هي المعايير التي بها أحكم على ما هو من باب الإعجاز العلمي وما هو خلاف ذلك؟

الإعجاز العلمي في القرآن والسنة له منهج علمي محدد، لا يتعرض للنصوص الغامضة التي تقول عنها، كما أن القرآن لا توجد به نصوص غامضة، وأي نص غامض لك أن تعود إلى كتب التفسير ليزول عنك هذا الغموض عنه.
أما المعايير التي يمكن بها أن تحكم على ما هو من باب الإعجاز العلمي الصحيح وما هو خلاف ذلك، فهذا موضوع يطول الحديث فيه، وهناك بعض النقاط التي نعرضها عليكم:
أولاً: لا ينبغي أن يدخل ميدان الإعجاز العلمي إلا أهل الاختصاص، ممن بلغ في العلوم القرآنية والعلوم اللغوية وعلوم السنة والعلوم الإنسانية درجة مقبولة تؤهله للبحث أو الحديث في هذا المجال.
ثانيًا: لا يجب محاولة إخضاع النص القرآني للحقائق العلمية التي توصل إليها الإنسان؛ لأن هذا لا يليق مطلقًا بجلال القرآن العظيم.
ثالثًا: لا يجب أبدًا أن نفسر القرآن الكريم أو نبين الإعجاز العلمي فيه بواسطة نظرية علمية تتعرض للخطأ والصواب، وإنما يجب أن يكون بيان الإعجاز العلمي معتمدًا على الحقائق العلمية الثابتة وحدها.
ثالثًا: يجب أن يضع الباحثون في الإعجاز العلمي نصب أعينهم أن خير ما يفسر القرآن هو القرآن نفسه، ثم السنة النبوية المشرفة.
رابعًا: إن موضوع الإعجاز العلمي لا يزال بكرًا برغم كل ما كتب فيه، وللإعجاز العلمي نواح عديدة من الإعجاز العلمي والإعجاز التاريخي والإعجاز في الإخبار عن الأحداث المستقبلة، والإعجاز العلمي، ولا عجب أن يتصل القرآن بالعلوم جميعًا، فما العلوم جميعًا إلا نتاج فكر العلماء الدارسين لفطرة الخلق، والقرآن كتاب فاطر الفطرة، فلا غرو أن يتطرق القرآن لفطرة الخلق، وكلما تقدم علم الإنسان اكتشف في القرآن المزيد من الإعجاز العلمي، فالقرآن معجزة خالدة متجددة كل عصر، في القرآن الكريم إعجاز علمي لم يكن للناس والعصور السابقة أن يعرفوه.
وسنذكر المنهج العلمي في دراسة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة كما ينبغي أن يكون ذلك، في رسالة قادمة إن شاء الله بشيء من التفصيل في مجلات الإسلام وقضايا العصر بهذه الشبكة.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:44 PM
هل آن الأوان لصدور موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن بإشراف مجلسكم الكريم؟ مجرد اقتراح أرجو التعليق عليه.

موسوعة الإعجاز العلمي ابتدأ المجلس الأعلى للشئون الإسلامية في تأليفها، وهي تحتاج إلى وقت طويل لإتمامها، ومن العسير جدًا أن تتم هذه الموسوعة؛ لأن علم الإنسان كلما تقدم اكتشف المزيد من الإعجاز القرآني، فالقرآن معجزة خالدة متجددة عبر الزمان.. كل عصر ما أن يتقدم العلم فيه يجد في القرآن الكريم علمًا جديدًا وإعجازًا جديدًا لم يكن يعرفه من قبل، ولم تكن العصور السابقة يعلمون عنه شيئًا، وكأنما رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم في كل عصر من العصور، يدعو الناس إلى دين الله ويريهم دليلاً على صدق آية جديدة من آيات تطابق القرآن وفطرة الخلق. فبيان موسوعة للإعجاز العلمي أمر يتجدد عبر العصور، كل عصر يدلي فيه بدلوه، ويعطي فيه علمًا لم يكن السابقون يعلمونه؛ لأننا إذا وضعنا التقدم العلمي في كل عصر من العصور في خدمة بيان الإعجاز العلمي، لوجدنا أن الإعجاز العلمي القرآني دائمًا في تجدد وفي استمرارية، فموسوعة الإعجاز العلمي متجددة في كل عصر من العصور.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:44 PM
ما أحدث اكتشافات الإعجاز العلمي؟ وهل في القرآن أو السنة ما يتحدث عن الخريطة الجينية؟ وهل التحكم الجيني حرام؟

ما إن يكتشف الإنسان أي حقيقة علمية كونية في أي عصر من العصور، إلا ويجد في القرآن أو الحديث النبوي عنها بيانًا وعلمًا، إما تصريحًا وتوضيحًا وإما إشارة وتلميحًا، ولا نستطيع أن نحدد أحدث بيان في الإعجاز العلمي.

القرآن الكريم والسنة المشرفة لم يأتيا ليكونا مرجعًا علميًا في أي فرع من فروع العلم، وإنما الوحي الإلهي في القرآن والسنة رسالة هداية للناس جميعًا، وما جاءت الحقائق العلمية إلا ليستدل بها قارئ القرآن الكريم على حقائق غيبية تعقب بها الآية الكريمة.
ولقد ذكر القرآن الكريم الحقائق العلمية في كل فرع من الفروع، وترك تفصيلاتها لاجتهادات البشر في كل زمان ومكان وإلى يوم القيامة، فلم يتحدث القرآن الكريم والسنة المطهرة عن الخريطة الجينية تفصيلاً، وإنما أشار إليها في آيات كثيرة وأحاديث عديدة، كما في سورة المؤمنون وسورة الحج، وفي أحاديث شريفة كقوله صلى الله عليه وسلم: "تخيروا لنطفكم"، "وأنكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم"، والتخير هنا في مجال التناسل، وهو ما نسميه الآن الاختيار الوراثي، ومن هذا الباب ندخل على أبحاث القراءة الجينية وما شابهها.

أما عن التحكم الجيني، فهذا منزلق خطير جدًا، لأنه هو نظريًا لا يعتبر حرامًا، ولكنه هو طريق سيؤدي إلى المحرمات، فمثلاً اكتشاف البارود كان اكتشافًا من الممكن جدًا أن يفيد البشرية، إلا أن الإنسان أول ما استعمله استعمله في الأسلحة التي يقتل بها غيره من الناس، وكذلك الأمر في الطاقة الذرية فالطاقة الذرية ما إن اكتشفها الإنسان حتى استعملها أول ما استعملها في صنع قنبلة ذرية أهلكت مئات الآلاف من الناس، فالإنسان بطبعه يميل إلى الفساد والإفساد في الأرض، كما قال الله تعالى: "إن الإنسان لظلوم كفار"، أما الإنسان المؤمن فلا يكون ظلومًا ولا يكون كفارا، فالتحكم الجيني إذا قدر عليه العلماء فلن يستعملوه إلا في طرق لا ترضي الله تعالى، وإذا استُعمل في الناحية النظرية فهو اكتشاف علمي كبير، إلا أننا نخشى الدخول في هذا الباب؛ لأن الإنسان كما ذكرنا ينزع إلى الفساد.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:45 PM
أنا باحثة اجتماعية مهتمة بالقراءة في مشروع إسلامية المعرفة، وأود أن أسأل فضيلتكم: هل يوجد مجال للإعجاز العلمي في العلوم الاجتماعية كما في العلوم الطبيعية؟ وإن لم يكن فما البديل المتاح أمام العلوم الاجتماعية؟

إن المعطيات العلمية في القرآن والسنة في مختلف فروع العلم.. هي أوجه متعددة ومتنوعة لحقيقة واحدة.. هي سنة الله تعالى في خلقه، وتقديره في ملكوته، وليس في حقائق العلوم شيء إلا وله في القرآن العظيم أصل، وله في السنة المشرفة أساس، ونذكر قول الله عز وجل في سورة الأنعام: "ما فرطنا في الكتاب من شيء" الآية 38، وقال الإمام الشافعي رحمه الله: جميع ما يقوله البشر من حقٍ تفسير للسنة النبوية المشرفة، وجميع ما تقوله السنة النبوية المشرفة تفسير لما هو موجود في القرآن الكريم.. من هذا نفهم أن كل حقيقة علمية هي في أصلها حقيقة قرآنية، لذلك يجد العلماء في كل عصر من العصور اكتشافات علمية وتقدمًا علميًا في مختلف فروع العلم، وإذا درسوا علوم القرآن وعلوم السنة وجدوا أن ما اكتشفوا مذكور في القرآن أو السنة أو هما معًا، إما توضيحًا وتصريحًا وإما إشارة وتلميحًا، فكل العلوم الاجتماعية أو كل ما نعلمه نحن في هذا الموضوع موجود في الوحي الإلهي في القرآن والسنة.
وهناك كتب كثيرة جدًا في هذا الموضوع تتحدث عن علم الاجتماع في القرآن الكريم والسنة المشرفة.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:46 PM
هل أجد لديكم تفسيرا لمفهوم السماوات السبع؟
وهل تعرفون بحثا في العلاقة بين مواقيت الصلاة والساعة البيولوجية؟ شكرا.

جاء ذكر السماوات السبع والأرضين السبع في القرآن الكريم والأحاديث النبوية المشرفة، وراح العلماء والمفسرون في كل عصر من العصور يحاولون تفسير مفهوم السماوات السبع، وذهبوا في تفسيراتهم مذاهب شتى، فقال بعضهم: إن السماوات السبع هي الكواكب السبعة السيارة، ولما اكتشفوا أنها تسعة كواكب وجدوا أن مفهومهم لم يكن صحيحًا، وبعض الناس قالوا: إن الأرضين السبع هي طبقات الأرض، ولما فهم المفسرون أن كلمة أرض اسم جنس وتعني الأرضين جميعًا والكواكب جميعًا، تغير مفهوم الأرضين السبع.. إذن فالسماوات السبع لا بد أن يكون بعضها فوق بعض، كما قال الله تعالى في سورة الملك: "الذي خلق سبع سماوات طباقًا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت"، إذن فهي سبع سماوات طباقًا بعضها فوق بعض.
وحقيقة السماوات السبع حقيقة غيبية جاء ذكرها في القرآن والسنة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ما السماوات السبع والأرضون السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة، وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة".
واكتشف العلماء أمثال أنشتاين وهابل في النصف الأول من القرن العشرين اكتشافات مذهلة في هذا الكون، فقد اكتشفوا أن الكون كروي الشكل، ومن هذا نفهم أن السماوات السبع على شكل كرات تدخل في بعضها البعض، يعني السماء الثانية تحتوي السماء الأولى، والسماء الثالثة في جوفها السماء الأولى والثانية، وهكذا حتى السماء السابعة، ويقول الله تبارك وتعالى في آية الكرسي: "وسع كرسيه السماوات والأرض"، فالسماوات السبع والأرضون السبع في جوف الكرسي. ويخبرنا الحديث النبوي الشريف أن ملكوت السماوات السبع والأرضين السبع كحلقة إشارة إلى كروية السماوات السبع والأرضين السبع.
وما ذكرت السماوات السبع في القرآن الكريم إلا لندرك طلاقة قدرة الله تعالى في خلقه، وأن عالمنا في ملك الله الكبير لا يكون شيئًا مذكورًا، وإن كان عند الله مذكور.

أما مواقيت الصلاة فهي تتبع الزمن الجغرافي في الأرض في الليل والنهار، والساعة البيولوجية في الإنسان هي في مركزي النوم واليقظة في قاع مخ الإنسان، فهي تتبرمج مع الزمن الجغرافي في المكان الذي يعيش فيه الإنسان، فالساعة البيولوجية في مخ إنسان في مصر غير الساعة البيولوجية في مخ إنسان في أمريكا. الساعة البيولوجية في كل منهما مبرمجة تبعًا للزمن الجغرافي في نفس المكان.. إذن لا توجد علاقة مباشرة بين الساعة البيولوجية في مخ الإنسان ومواقيت الصلاة، وإنما العلاقة المباشرة هي بين مواقيت الصلاة والزمن الجغرافي في الأرض في نفس المكان الذي يعيش فيه الإنسان المصلي.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:47 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أستاذي الفاضل بارك الله فيكم وسؤالي هو: على الرغم مما وصل إليه الغرب من العلم والتكنولوجيا إلا أنهم ضالون عن طريق الهدى والرشاد، وفي تخبط ولهم في نشر الفساد والأمراض دور كبير.. فلماذا هذا الفساد؟

لأنهم لم يؤمنوا بكتاب الله وبسنة رسوله، وليس بعد الحق إلا الضلال، إذن فهم في ضلال، وهذا الضلال الذي هم فيه قادهم إلى الفساد في كل المجالات، ولن ينقذوا أنفسهم من التخبط والفساد إلا بالإيمان بما جاء به الإسلام، فهذا الفساد هو من صنع أيديهم وليس من أي شيء آخر، كما قال الله تعالى: "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس"، ولن يكتب لهم النجاة من هذا الفساد إلا بالرجوع عما هم فيه من ضلال، لذلك عقبت الآية بالقول: "ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون"، أي يرجعون عما هم فيه من ضلال.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:48 PM
ظهر مؤخرا تحول جديد في المفهوم الغربي لنظرية التطور والنشوء والارتقاء، ولا سيما بعد فك الجينوم البشرى، ودعا الدكتور "فيليب جونسون" الأستاذ في جامعة كاليفورنيا في "بيركيلي" لنظرية جديدة وهي نظريّة "التصميم الذكي للحياة" وطالب علماء الأحياء بأن يأخذوا هذه النظرية بكل جدّية، وأكد على أنها هي البديل الصحيح لنظرية التطور، ولكنه ما زال يبحث عن هذا الصانع الذكي! ويريد دليلا علميا على أن هذا الصانع الذكي هو الله سبحانه وتعالى.. فهل تدلنا على بعض من فيض الإعجاز العلمي للقرآن العظيم يؤكد لأمثال هذا العالم أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق البارئ المصور؟ وجزاكم الله خيرا.


الجينوم وأمثاله من الحقائق العلمية هي أشياء مخلوقة، يعني ليست أزلية فهي مخلوقة، وكل مخلوق لا بد له من خالق، ولم يدعي أحد من العلماء أنه خلق ذلك التصميم الذكي للحياة، ولكن الله تعالى يقول في كتابه العزيز: "الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل"، فأعلن الله عز وجل أنه خالق كل شيء، ولم يعارضه أحد، فخلصت القضية لله عز وجل، فهو إذن خالق هذا التصميم الذكي للحياة.
وهذا العالم الغربي الذي يتخصص في علم الوراثة قال: إن ما رآه تصميم ذكي على الحياة، ولو اجتمع مع أمثاله من العلماء في مختلف فروع العلم لوجد كل واحد منهم تصميمًا ذكيًا للحياة في العلم الذي تخصص فيه، فحتى حبة الرمل فيها تصميم ذكي في الخلق، وحتى الذرة المتناهية في الصغر التي لا تُرى بالعين فيها تصميم ذكي للخلق، وفي ذلك يطول الحديث.. كل شيء في هذا الكون ينطق بقدرة الله تعالى المطلقة وعلمه المطلق، وحكمته المطلقة، والله تعالى خلق كل شيء على علم وقدرة وحكمة، وهذا ما لم يفهمه العلماء الذين لا يؤمنون بالله، وقالوا عما رأوه في الجينوم إنه تصميم ذكي، وهذا يدل على أنهم لا ينظرون إلى هذا الكون وما فيه من دلائل ظاهرة على عظمة الخلق إلا من دائرة ضيقة جدًا.

الأدلة على أن الله تعالى موجود منها أدلة إيمانية لا يقتنع هذا العالم بها، ومنها أدلة علمية يمكن أن نتحدث عنها بإيجاز شديد: كان الناس في العصور القديمة يعتقدون أن السماء لا نهائية، أي لا أول لها ولا آخر، وما دام أمرها كذلك فهي أزلية، وما دامت أزلية فهي ليست مخلوقة، وبالتالي أنكروا وجود الله عز وجل خالق هذه السماء، إلى أن جاء أنشتاين وزملاؤه العلماء وأثبتوا أن الكون مكور على نفسه، وأنه محيز في زمان ومكان، وما دام محيزًا في زمان ومكان فله أول وله آخر، وما دام كذلك فلا يمكن أن يكون أزليًا ولا بد أن يكون مخلوقًا.. والله تعالى يخبرنا أنه خلق هذا الكون، ولم يظهر من الناس من يعارضه، فهذا دليل علمي على أن الله هو خالق هذا الكون.

وهناك أدلة أخرى على وحدة النظام في الخلق، مثل: نظام التناسل نظام واحد في كل المخلوقات الحية، نظام التنفس واحد في كل المخلوقات الحية، نظام التمثيل الضوئي واحد في كل عالم النبات، خلق النطفة واحد في كل الأحياء، خلق الذرة واحد في كل المخلوقات.. إذن هناك وحدة في نظام الخلق، ووحدة النظام في الخلق تدل على وحدانية الخالق وأنه لا إله إلا الله.
أما الذي لا يقتنع بهذه الأدلة العقلية والعلمية والمنطقية فهو إنسان قد تخلى عن الفكر السليم.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:49 PM
ما هي أفضل الكتب والأبحاث التي تنصح بها كمصادر لموضوع الإعجاز العلمي؟

المكتبات العلمية الإسلامية زاخرة بالكتب التي تتحدث عن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، ولعلي أوصي بواحد من هذه الكتب وهو: "الإسلام في عصر العلم" للمرحوم الدكتور محمد الغمراوي، وأمثاله آلاف الكتب التي تتحدث عن الإعجاز العلمي.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:49 PM
يعد موضوع الإعجاز العلمي من أهم الحجج المقامة على الكفار والمتكبرين، وهي من أعظم وسائل الدعوة إلى الله سبحانه وخصوصا للعلماء والمثقفين.. وعليه فلماذا:
ـ لم يعط هذا الموضوع حقه من البحث والتدقيق؟
ـ لا يدرّس كمادة أساسية في المناهج التعليمية وفي جميع المراحل؟
ـ ما هي الكتب أو البحوث التي تنصحون بها للمسلم بصورة عامة والداعية بصفة خاصة؟
وأخيرا جزى الله خيرا كل من بذل جهدا في هذا الموقع،
وأرجوكم صالح الدعاء.

هذا السؤال سؤال وجيه جدًا، ولكن يوجه إلى من بيده الأمر، ونحن معك في أهمية جعل الإعجاز العلمي مادة أساسية في جميع المراحل التعليمية.
أما الكتب والبحوث في مجال الإعجاز العلمي فهي كثيرة في المكتبات الإسلامية، وقد أشرنا إلى مثل هذه الكتب في إجابة سؤال سابق.

ولي رأي في موضوع الكتابة في الإعجاز العلمي أن كثيرًا من المفكرين طرقوا باب الإعجاز العلمي في عصرنا هذا، وأوغلوا فيه ولا ننكر على المؤهلين منهم أن يفعلوا ذلك، ولكننا ننكره على الكثيرين منهم الذين ليسوا على علم يؤهلهم للاجتهاد في هذا المجال، فالكثيرون منهم لم يفهموا بعد أبجديات المنهج العلمي للبحث في الإعجاز العلمي، كما أنهم ليسوا على مستوى من العلم يعينهم على ذلك.
وهناك شروط وضوابط للكتابة في الإعجاز العلمي في القرآن والسنة أشرنا إلى بعضها باختصار شديد في سؤال سابق، وسوف نتناول هذا الأمر بالتفصيل في الورقة التي عنوانها "المنهج العلمي في دراسة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة"، والتي سننشرها في هذه الشبكة قريبًا جدًا إن شاء الله

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:50 PM
ما رأيكم بجدوى إقامة مركز للأبحاث العلمية الإسلامية؟ ولماذا لم يتم إقامة مثل هذا المركز إلى الآن بحيث يكون على مستوى عالمي؟

هناك مراكز للأبحاث العلمية الإسلامية في كل من مكة والقاهرة، وربما في غيرها من البلاد الإسلامية. ففي مصر يوجد المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والأزهر الشريف، والمجالس الملحقة به، كما يوجد في مكة مركز الإعجاز العلمي.. هناك الكثير من المراكز والأبحاث العلمية الإسلامية في الدول الإسلامية.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:50 PM
السلام عليكم، وجزاكم الله ألف خير على ما تقدمونه لخدمة الإسلام. تحدث الدكتور طارق سويدان حفظه الله عن أن نسبة اليابسة إلى سطح الماء موجودة في القرآن الكريم بحساب عدد كلمات البحر والأرض الموجودة في كتاب الله عز وجل.. فهلا تفضلتم بتوضيح هذا الأمر؟ ودمتم.

الإجابة عن هذا السؤال هي أن الذي خلق البر والبحر هو الذي أنزل هذا القرآن على عبده ورسوله، فلا عجب أن تتطابق فطرة خلق اليابسة والبحار مع ما جاء في كتاب فاطر الفطرة وهو القرآن الكريم.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:51 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الدكتور الكريم، بارك الله في جهودكم وأيد بكم صف الإسلام، نود معرفة رأيكم في الإعجاز العددي وهل يعتبر من الإعجاز العلمي؟

الإعجاز العددي لا يعتبر إعجازًا علميًا، ولكنه يدل على أن الله تعالى أحكم كتابه وفصله على علم، فهو دلالة على الإحكام في كلمات الله تعالى وليس دليلاً على الإعجاز العلمي فيها.
ملحوظة :
وللتفرقة بين ما يعد إعجازا علمياً وما لا يعد من قبيل الإعجاز العلمي نرجو أن يعاود القارئ الفاضل بعض أسئلتنا السابقة التي أوردنا فيها العناصر الفارقة.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:51 PM
ما رأي سيادتكم في تفاسير الدكتور زغلول النجار؟

كلمات القرآن الكريم ليست ككلمات البشر، فكلمات البشر لها وزن واحد من الحقيقة، أما كلمات القرآن الكريم والأحاديث النبوية المشرفة فهي كالجواهر، كل كلمة لها أكثر من وجه، إلى أي وجه نظرت رأيت علمًا عظيمًا ونورًا مبينًا، فالدكتور زغلول النجار مثلاً شاهد وجهًا من وجوه العلم في كلمات القرآن الكريم فانبهر به وتحدث عنه، وغيره من الناس يشاهدون وجهًا آخر مختلفًا، فينبهرون به ويتحدثون عنه، وآخرون يرون وجهًا ثالثًا مختلفًا، ولا يوجد تعارض بين الثلاثة وكل منهم على حق؛ لأن كلا منهم ينظر إلى وجه من وجوه العلم في كلمات الله تبارك وتعالى، والقرآن الكريم لا تفنى عجائبه ولا تنتهي غرائبه، وإذا علمنا منه شيئًا الآن فسوف يعلم الذين سيأتون من بعدنا أشياء وأشياء لا نعلمها نحن الآن، فالقرآن الكريم رسالة متجددة لكل العصور وإلى يوم القيامة.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:52 PM
هل يصدر عن مجلسكم مجلة أو نشرة دورية تنشر المقالات والأبحاث والأخبار المتعلقة بالإعجاز العلمي؟
وهل توجد نشرة متخصصة من مصدر آخر؟

يصدر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية نشرات دورية وكتبًا تتحدث عن أبحاث إسلامية متعددة، وهي موجودة في المكتبات الإسلامية ومكتبة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية والأزهر الشريف. الإجابة

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:53 PM
تحدى القرآن الكريم العرب في أن يأتوا بمثله، والعرب أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب، والإعجاز العلمي يعني أن يأتي العرب بمثله وهذا متعذر عليهم، ويقول العلماء المعجزة من جنس ما نبغ فيه القوم وهي الفصاحة والبلاغة والبيان.. فعلى ضوء هذا ما مناط كلمة إعجاز علمي؟

تحدى القرآن العرب في مجال ما نبغوا فيه، فإنهم وإن كانوا لم يعرفوا القراءة والكتابة معرفة جيدة، إلا أنهم نبغوا في الفصاحة والبلاغة، وكانوا يتميزون بها بين شعوب الأرض، لذلك تحداهم الله سبحانه وتعالى بما نبغوا فيه، فعجزوا في أن يأتوا بسورة من مثله.
أما الإعجاز العلمي فلم يظهر إلا مع التقدم العلمي في عصر العلم الحالي منذ القرن السادس عشر، أما قبل ذلك فلم يكن هناك إعجاز علمي، وإنما إعجاز بلاغي، وابتدأ ذلك من القرون الأولى، فمثلاً في القرن الرابع الهجري ابتدأ العلماء يكتبون في الإعجاز البلاغي في القرآن، كالواسطي والخطابي، وفي القرن الخامس الهجري ظهر عدد كبير من المتكلمين والمؤلفين في الإعجاز البلاغي، منهم عبد القادر الجرجاني، والباقلاني، وابن حزم الأندلسي، وهكذا في باقي القرون إلى أن جاء عصر التقدم العلمي وعصر النهضة العلمية، والاكتشافات العلمية الحديثة التي اكتشفت الكثير من الحقائق العلمية الكونية، فظهر بذلك الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، وقد وجدوا أن أي اكتشاف علمي في الكون مذكور في القرآن الكريم أو السنة المطهرة، أو هما معًا، وهذا دليل واضح لا يقبل الشك على أن الذي خلق هذه الحقيقة هو الذي أنزل القرآن على عبده.
وكلما تقدم علم الإنسان اكتشف المزيد من الحقائق العلمية في الكون، ووجد أن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة قد سبقت بالإشارة عنها، وهذا النوع من الإعجاز وهو الإعجاز العلمي يعجز غير المسلمين من أن يجدوا موضعًا للتشكيك فيه، إلا أن يتبرءوا من العقل، فالإعجاز العلمي ضرورة في عصرنا هذا، لأنه لغة هذا العصر، اللغة الوحيدة التي يفهمها ويقتنع بها غير المسلمين، ولا يقتنعون بلغة سواها.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:54 PM
السلام عليكم ورحمة الله، القرآن الكريم هو معجزة محمد الخالدة
فلم لم نر حتى الآن موسوعة شاملة تعنى بالإعجاز العلمي تجمع كل ما كُتب عن هذا الموضوع ويترجم إلى عدة لغات، وينشر على الإنترنت؛ فالعالم الغربي لا يعترف إلا بالماديات، كما أن مثل هذا العمل الضخم سيكون مفيدًا جدًا لباحثين في شتى المجالات؟! هذا وجزاكم الله خيرا.

لا توجد مجموعة شاملة للإعجاز العلمي في القرآن والسنة تجمع كل ما كتب في هذا الموضوع. الموجود الآن كتب عديدة متوافرة في المكتبات الإسلامية في مختلف العالم الإسلامي، أما موسوعة شاملة فلا توجد حتى الآن.
ونوافقكم على أن العالم الغربي لا يعترف إلا بالماديات والأدلة العلمية، وهذا هو مجال الإعجاز العلمي في القرآن الكريم الذي يخاطب العقل حتى تستقر الحقيقة في قلوب أولئك الناس عن طريق عقولهم، وليس عن طريق موعظة دينية أو ما شابه ذلك.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:55 PM
من خلال ما أسمع وما أقرأ عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم أشعر أن مكتشفي هذا الإعجاز في الأغلب هم الأجانب وغير المسلمين، وأن الاكتشاف يحدث قَدرًا أو بالتوافق، وأن دور علماء المسلمين في الأغلب هو الربط بين الآية والاكتشاف الغربي أو الأجنبي.. ألا ترى في ذلك عارًا على علماء المسلمين؟
وهل يمكن أن يتم الاكتشاف من خلال عمل مؤسسي إسلامي؟
وهل ترى ضرورة إنشاء هيئة علمية إسلامية متخصصة في هذا المجال؟ وكذلك إنشاء كلية علمية متخصصة في الجامعات الإسلامية تخرج العلماء القادرين على الاكتشاف والربط بين العلم والشرع؟ وجزاكم الله خيرا.

كان العرب هم أساتذة العلم في العالم، وكان أهل الغرب يتعلمون في الجامعات الإسلامية في بغداد، وقرطبة والقيروان، إلى أن ضعف الوازع الديني لدى حكام البلاد الإسلامية، والتفتوا إلى متع الحياة الدنيا، وتركوا الدين وراء ظهورهم فانتهت بذلك النهضة العلمية الإسلامية، فبدأ الغرب من حيث انتهى العلماء المسلمون، ولم يبدءوا من الصفر، وإنما بدءوا من حيث انتهى العلماء المسلمون، وبذلك فالعلماء المسلمون هم المؤسسون الحقيقيون للنهضة العلمية الغربية، وقد انطلق الغرب وأخذ زمام الأمور في الميادين العلمية، واكتشفت اكتشافات علمية كان يجب أن يكتشفها المسلمون وبين أيديهم القرآن والسنة وحي خالق هذا الكون وكل ما فيه من آيات الخلق، وأسرار الفطرة.
ونحن إذ نبحث في الإعجاز العلمي إنما نستخدم ما وصل إليه علماء الغرب من اكتشافات علمية لم تكن معروفة من قبل، وبيّنا للعالم أنها مذكورة في القرآن من قبل، وفي هذا دلالة على أن الذي أنزل هذا القرآن الكريم هو الله عز وجل، وهو الذي خلق كل هذه الحقائق التي يكتشفونها الآن.
ولعل اعتمادنا على الاكتشافات العلمية الغربية يكون له أبعد الأثر في نفوس الغربيين؛ لأنهم لن ينكروا هذه الاكتشافات، لأنهم هم الذين اكتشفوها، فإذا بيّنا لهم أن كل ما اكتشفوه مذكور في القرآن والسنة من قديم، لكان ذلك برهانًا لا يقبل الجدل منهم، ودليلاً يفحمهم على أن هذا القرآن هو الحق من عند الله.

وإنشاء جامعات أو مؤسسات عالمية تجمع كل ما يقال في الإعجاز العلمي.. أمنية نتمنى أن تتحقق.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:56 PM
ما هي المؤسسات التي تهتم بهذا العلم؟ وهل لها مطبوعات دورية؟ وهل هناك مواقع إنترنت للمؤسسات التي تهتم بالإعجاز العلمي، أو بريد إلكتروني لها؟ وأين يمكننا متابعة تأثير هذا العلم على الدعوة والمسلمين؟

هناك مؤسسات متفرقة تهتم بالإعجاز العلمي منها مؤسسات أهلية ومنها مؤسسات حكومية، وكل منها يجتهد قدر استطاعته في هذا العلم، ويمكنكم متابعة ما يصدر من مؤلفات ونشرات عن هذه الهيئات في المكتبات الإسلامية.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:58 PM
سؤال وجواب : د.زغلول النجار


المفاصلة بين الدين والعلم
*هناك نظريات متعددة في مجال الإعجاز العلمي في القرآن والسنَّة، ما رأيكم فيها؟

ـ لايوجد تعدد لنظريات تفسير الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، ولكن هناك مؤيدون ومعارضون، والسبب في هذا الانقسام هو أن التعليم في الدول العربية بدأ يأخذ منحى متشابهاً للتعليم في الدول الغربية الذي يعادي فكرة الإيمان بشكل واضح، فالنهضة في أوروبا بدأت بمفاصلة كبيرة مع الكنيسة التي كانت تهيمن على مقدرات الأمور في الغرب· <الحكم، التعليم، الجيش، الزراعة··· إلخ>، وحينما تعلَّم الغرب منهج البحث العلمي عن طريق اختلاطه بالمسلمين وتراثهم في <أسبانيا> و<باليرمو> و<إيطاليا>، وفي بلاد الشام في أثناء الحروب الصليبية، بدأت نتائج تطبيقهم لهذا المنهج تؤكد خطأ المفاهيم التي أرادت الكنيسة أن تفرضها من خلال <سفر التكوين> في مطلع العهد القديم، و<سفر التكوين> يحكي عن خلق الكون وكثير من المظاهر الأخرى، وهو يعتبر الفصل الأدل في التوراة التي حُـرَّفت، والذي دوِّن بعد موسى ـ عليه السلام ـ بأكثر من 800 سنة في زمن لم يكن للإنسان معرفة علمية، وقد دوِّن بلغة غير لغة الوحي، فدخلته أساطير وخرافات تناقضت مع نتائج بحوثهم العلمية، فما كان منهم إلا أن طلَّقوا الكنسية، وأخذ العلم في العالم الغربي منحى معادياً تماماً لفكرة الغيب وفكرة الدين، وهذه التجربة لم يكن لها نظير في الحضارة الإسلامية على الإطلاق لأنها جمعت بين الدين والنهضة المادية، إلا أنه بعد عهد الاستعمار فرضت علينا هذه المفاصلة، فكان هناك جامعات شرعية تدرس الدراسات العربية والإسلامية بمعزل كامل عن المعطيات الكلية للعلوم، وأخرى مدنية تدرس الطب والهندسة والعلوم والزراعة··· إلخ بمعزل تام عن الدراسات الشرعية·

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 08:59 PM
ليّ أعناق النصوص
*ما رأيكم في قيام بعض المفسرين بليّ أعناق النصوص لتتوافق مع الظواهر الكونية والاكتشافات العلمية والأحداث المعاصرة؟

ـ الآيات الكونية في كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يمكن أن تفهم فهماً صحيحاً في إطار اللغة وحدها، فلابد من توظيف الحقائق العلمية الصحيحة حتى تفهم دلالة هذه الآيات وتطبق بضوابط شديدة، بمعنى ألا يتم تكلف أو اعتساف أو ليّ لأعناق الآيات، لأن القرآن لا يحتاج ذلك، ولأن القرآن في الأصل كتاب هداية··· أنزله الله هداية للإنسان في القضايا التي لا يستطيع الإنسان أن يضع لنفسه فيها ضوابط صحيحة كقضايا العقيدة، والعبادة والأخلاق والمعاملات، ولكن الله يعلم بعلمه المحيط أن الإنسان سيصل في يوم من الأيام إلى زمن مثل زماننا هذا، يفتح الله عليه الدنيا من أطرافها···· فيرى من حقائق هذا الكون ما يذهله وما يطغيه في الوقت نفسه، فيطبق هذه السنن في تقنيات متقدمة، ويتخيل أنه ملك هذا الكون وأنه المهيمن عليه فينسى الدين والآخرة والبعث والجنة والنار، فلا يؤمن إلا بالماديات الملموسة والمحسوسة، لذلك أبقى الله لنا في كتابه وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم هذه الإشارات الكونية لإقناع الإنسان أن القرآن لا يمكن أن يكون صناعة بشرية، فالإنسان لم يصل إليها إلا بعد مجاهدة طويلة عبر مئات السنين وعشرات الآلاف من العماء، ولكي يؤكد أن الذي خلق قادر على إفناء ما قد خلق وعلى إعادة بعثه من جديد وللاستشهاد على طلاقة قدرته في إبداع الخلق·
إلا أنه يجب التأكد أن القرآن الكريم وآياته المعجزة لم تأت لنا بهدف الإخبار العلمي المباشر، أي أنه ليس المقصود منها إعطاء الإنسان معلومة، لأن العقل البشري لا يستطيع أن يستوعب الأشياء دفعة واحدة، فالعقل البشري يحتاج إلى النظر والاستقراء والتجربة والملاحظة والاستنساخ حتى يفهم القضية·

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 09:01 PM
حقائق حول الأراضين والسموات السبع
*يقول الأستاذ الدكتور منصور حسب النبي ـ رئيس قسم الفيزياء بجامعة عين شمس سابقاً: إن هناك ستة أراضي أخرى غير أرضنا ولكل أرض سماؤها التي تعلوها، وما يؤكد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: <اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ورب الأرضين وما أقللن>··· كما يقول: إن هذه الأرضين يعيش عليها خلق آخرون عقلاء مستشهداً بقوله تعالى: (الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً) الطلاق:12، مما يدل على تنزل الأمر··· وأن هذا الأمر لابد أن يكون موجهاً إلى كائنات عاقلة، وأنه قد يأتي زمان تجتمع فيه كل هذه الكائنات مستشهداً بقوله تعالى: (ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير) الشورى:29··· ما تعليقكم على ذلك؟ علماً بأن هذا التفسير يتعارض مع آيات كثيرة في مواضع أخرى وعن ما يعلمه الكثير من تطابق السماوات وصولاً إلى سدرة المنتهى؟·

ـ الحقيقة··· هذا قصور في فهم دلالة الآيات، فالقرآن الكريم يقول: (الذي خلق سبع سماوات طباقاً) الملك:3، وطباقاً تعني أنها متطابقة حول مركز واحد يغلِّف الخارج منها الداخل، أي كرات سبع··· كرة داخل كرة حتى تصل إلى السماء الدنيا، والعلم التجريبي والفيزياء تقول: إن كوننا كون منحنٍ لأن الإنسان لا يستطيع أن يرى إلا جزءاً صغيراً من السماء الدنيا، والقرآن بنصه يقول: (ولقد زيَّنا السماء الدنيا بمصابيح) الملك:5، والمصابيح هي النجوم، والنجوم لا توجد إلا في السماء الدنيا، ولا يمكن لكوكب أن يوجد بمفرده دون أن يكون تابعاً لنجم، فإذا كانت النجوم قاصرة على السماء الدنيا··· فكيف توجد أراضين في سماوات أخرى ولا يوجد فيها نجوم؟!! هذا فهم قاصر··· والقرآن بنصه ينفي هذا القول، ولا يوجد دليل علمي يؤكد ذلك، لكن إذا كانت السماوات السبع متطابقة كما ذكرنا فلا بد أن تكون الأرضين السبع كلها لها الشبه نفسه الخارج منها يغلّف الداخل، ولذلك يتحدث القرآن الكريم عن أقطار السماوات والأرض، ولا يمكن أن يكون قطر السماوات والأرض واحداً إلا إذا كانت متطابقة بداخل بعضها بعضاً، وإلا إذا كانت الأرض في مركز الكون، ويؤكد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: <من اغتصب شبراً من هذه الأرض خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين>·
أما تفسير قوله تعالى: (يتنزل الأمر بينهن) على وجوب وجود خلق عقلاء على كل أرض، فهذا تكلف شديد في التفسير وقصور في فهم الآيات، وهذا لا يعني أننا ننفي أن الكون مليء بالخلق، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: <أطت السماء أطاً وحق لها أن تئط، ما في أربعة أصابع إلا وفيها ملك قائم أو راكع أو ساجد يعبد ربه> فنحن نسلم بنص القرآن الكريم على أن الكون مليء بالخلق، منهم ما أخبرنا عنهم بالملائكة والجن من الخلق الغيبي ومنهم من لم يخبرنا عنهم ولا نعرفهم ونحن غير مكلفين بمتابعتها·

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 09:02 PM
موقع السماء من الفضاء
*اكتشف <هابل> أن كل هذه الملايين المؤلفة من المجرات في ابتعاد مستمر عن بعضها بعضاً وبسرعات هائلة تصل إلى سرعة الضوء <ما عدا الأندروميدا وبعض المجرات الأخرى>، واستنتجوا أن الكون في تمدد حجمي أو في اتساع مستمر، وجاء المفسرون فقالوا: إن القرآن سبق العلم في ذلك في قوله تعالى: (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون) الذاريات:47، والسؤال: هل الفضاء نهائي أم لا نهائي، وإن كان لا نهائياً فأين السماء من الفضاء؟! وإن كان نهائياً فما هو عرض السموات؟!

ـ العلم التجريبي والنظر فيه عظيم، لكن النظر في العلم بغير هداية ربانية متاهة، وخصوصاً إذا دخل الإنسان في الأبعاد الشاسعة، أو دخل في نظريات الخلق، ولذلك أقول إن العلم التجريبي الكسبي الكوني إذا خاضه الإنسان بغير هداية ربانية قد يصل لبعض النتائج العظيمة إلا أنه سيضيع في هذا العلم، فهي أبعاد لا يستطيع العقل البشري أن يستوعبها أبداً، ولذلك فبالرغم من المعلومات الرائعة التي وصل إليها علماء الفلك ومنها <اتساع الكون، ومنها بدء الخلق من دخان، ومنها نظرية الانفجار العظيم ومنها نظرية الانسحاق الشديد> كل ما سبق إضافات هائلة، ولكن وضعها سوياً في تصور لخلق الكون إذا تم بعيداً عن الإيمان بالله تعالى يصبح متاهة للعقل، فمثلاً ثبت للعلماء أن الكون في اتساع، ولكن العلماء اختلفوا، هل هذا الاتساع إلى ما لا نهاية أم أن له نهاية؟، فالبعض قال: إنه كون مفتوح يتمدد إلى ما لا نهاية (لأنهم لايؤمنون بالله أصلاً) وبعضهم قال: إن لهذا التمدد نهاية لأن كمية الطاقة التي أدت إلى هذا الاتساع في تناقص ودرجة الحرارة التي بدأ بها الكون في تناقض فقد بدأ ببلايين الدرجات المئوية ووصل حالياً إلى ثلاث درجات مطلقة الآن نقيسها من أطراف الكون·
وبناء عليه فقوة الدفع في تناقص، فإذا تناقصت وتوقف اتساع الكون تبدأ الجاذبية، تجمع الكون مرة أخرى، ومن هنا جاءت نظرية <البيج بنج> أي <نظرية الانفجار العظيم> يقابلها نظرية <البيج كرانش> <الانسحاق الشديد>· ولكن حتى من نادى بذلك ظل في حيرة، هل هذا الانسحاق سيعيد الكون إلى حاله الأولى نقطة متناهية الضآلة في الحجم متناهية الضخامة في الكثافة والطاقة وتكون في حال غير مستقرة تنفجر وتتحول إلى سحابة من الدخان يخلق من هذا الدخان أرضاً غير الأرض، وسماوات غير السماوات، وهل ستتكرر العملية انفجار فانسحاق انفجار فانسحاق··· إلخ؟! أم ستتوقف عند هذا الحد؟ لا يستطيع العلم التجريبي أن يقول في هذا قولاً فصلاً لأنها عملية بعيدة جداً عن متناول الإنسان، والقرآن الكريم حسم هذه القضية، يقول تعالى: (أوَ لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي) الأنبياء:30· وهذا يؤكد عملية الانفجار الأولى··· ثم يقول تعالى: (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين) الأنبياء:104، وهذا يؤكد عملية الانسحاق··· ثم يقول تعالى: (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار) إبراهيم:48، فحسم القضية هي انفجار واحد ثم اجتماع لما انفجر ثم انفجار مرة ثانية ثم الآخرة·

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 09:04 PM
البرزخ
*الأستاذ الدكتور زغلول النجار فلننتقل من عالم الفضاء إلى عالم البحار ـ الصور الحديثة التي التقطت للبحار أثبتت أن بحار الدنيا ليست موحدة التكوين، بل هي تختلف في الحرارة والملوحة والكثافة ونسبة الأوكسجين، وأن البحار يفصلها خيط رفيع، وهذا ما ذكره القرآن في قوله تعالى: (مرج البحرين يلتقيان· بينهما برزخ لا يبغيان) الرحمن:9ـ20، فهل لهذا الاختلاف حكمة أو تفسير علمي، أم هو عدم الاختلاط لإحداث المعجزة الإلهية فقط أم أن هناك حكمة أخرى توصل إليها العلم؟

ـ كل شيء خلقه ربنا تبارك وتعالى له حكمة ولا يمكن أن نقصرها على مجرد إظهار الإعجاز الإلهي فمثلاً، آيات مرج البحار ذكرت في ثلاث آيات في القرآن الكريم، اثنتان تنطبق على الماء العزب مع الماء المالح، والثالثة تنطبق على الماء المالح مع الماء المالح، فاختلاط الماء العزب بالماء المالح واضح جداً في دلالات الأنهار، والماء العذب بطبيعته خفيف أي أنه أقل كثافة من الماء المالح في البحر لمسافات تقدر أحياناً بمئات الكيلومترات، يختلطان ولا يمتزجان امتزاجاً كاملاً حتى تأتي منطقة يختلط فيها الماءان فيتكون ماء وسط يسمى الماء المويلح، وهو يعني الماء قليل الملوحة، ومن الغريب أن تعدد هذه البيئات يجعل لكل بيئة أنماطاً خاصة من الحياة لا تستطيع أن تحيا إلا فيها، فالحكمة أن تتوافر بيئات متعددة في الوسط المائي الواحد، كل بيئة تتناسب مع أنماط معينة من الحياة، وفي آيات سورة الرحمن: يقول تعالى: (مرج البحرين يلتقيان· بينهما برزخ لا يبغيان· فبأي آلاء ربكما تكذبان· يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان· فبأي آلاء ربكما تكذبان) الرحمن:19ـ23 اللؤلؤ يمكن أن يعيش في الماء المالح أو الماء العذب أما المرجان فلا يعيش إلا في الماء المالح، فكيف مرج الله البحرين وكلاهما مالح؟ لم تتضح هذه الصورة إلا بعد تصوير البحار من الفضاء، واتضح أن في البحر الواحد تبدو كتل متجاورة من الماء تعطي ألواناً مختلفة في الأطياف المختلفة للضوء، فوجد العلماء أن كل كتلة لها صفاتها الطبيعية والكيمياوية الخاصة بها، ولكل منها أنماط حياة خاصة بها ولها أنواع رسوبيات تترسب منها، ولا تمتزج امتزاجاً كاملاً أبداً بما يجاورها، فهي آية حيَّرت العلماء كثيراً حتى اتضح لهم أن الماء سائل عجيب ووجدوا أنه مكون من ذرتين هيدروجين تحملان شحنات موجبة، وذرة أوكسجين تحمل شحنة سالبة، ولذلك يسمى جزيء مزدوج الكهربية أو القطبية، فجعل الله الشحنات المتشابهة داخل البحر الواحد متقابلة فيحدث تنافر بينهما وبذلك يحجز الماء نفسه عن الماء المجاور له·

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 09:04 PM
معجزة خلق الإبل
*الأستاذ الدكتور زغلول النجار بعد أن تحدثنا عن معجزات الله في عالم الأرض سننتقل إلى عالم الحيوان ونقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: <من أكل لحم جزور فليتوضأ> ثم يأتي القرآن فيقدم معجزة خلق الإبل على خلق السموات والأرض!! في قوله تعالى: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت) الغاشية:18 وفي السنَّة أيضاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصف بول الإبل لمبطون فصح، وفي التشريع تجوز الصلاة في مبارك الحيوانات باستثناء الإبل!! فهل من ترابط بين ما سبق أم أن هناك اكتشافاً علمياً يوضح هذا الإعجاز؟

ـ لا أستطيع أن أفتيك في كل قضية، ولكن ما يحضرني في هذا الموضوع أن إحدى شركات الأدوية الكبرى <شركة سورانو>، انطلقت من هذا الحديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم لكي تنتج دواء للتشجيع على الحمل للسيدات اللاتي تعانين من مشكلات أو قصور في الحمل من البول، ومازال ينتج حتى يومنا هذا، فالبول ليس كماً مهملاً كما يظن بعضهم، لأن به مركبات كيمياوية كثيرة ذات قيمة فاعلة في علاج الكثير من الأمراض·

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 09:05 PM
تحريم لحم الجوارح
*هل من علة علمية لتحريم أكل لحم الجوارح وكل ذي ناب وأكل لحم الخنزير؟ علماً أن هناك شعوباً على غير الملة يأكلونها ويتمتعون بصحة جيدة؟!

ـ علماء الحيوان يقسمون الكائنات على أساس طبيعة غذائها، إلى ثلاث مجموعات: منها ما يسمى <آكلات الأعشاب> و<آكلات اللحوم>، و<آكلات اللحوم والأعشاب>، والإنسان من النوع الثالث، ويقول العلماء: إن كل مجموعة يمكن أن تحمل الأمراض نفسها فيما بينها، والخنزير من مجموعة الإنسان نفسه <آكلات اللحوم والأعشاب>، لذلك فانتقال الأمراض منه وارد جداً، إذا أكله الإنسان، إضافة إلى أن أحد العلماء الألمان <أسلم> في أحد بحوثه يقول: <اتضح أن دهن الخنزير من أصعب اللحوم في الهضم>، وهذا يسبب للإنسان أمراضاً لا كبيرة لا يتحملها الإنسان، والأصل في التحريم أولاً وأخيراً أنه طاعة لله سبحانه وتعالى، سواء فهم الإنسان الحكمة أو لم يفهمها·

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 09:06 PM
التبرج سبب رئيس في سرطان الميلانوما الخبيثة
*نشرت المجلة الطبية البريطانية أن السرطان الخبيث <الميلانوما الخبيثة والذي كان من أندر أنواع السرطانات، أصبح الآن في تزايد، وأن السبب الرئيس لشيوع هذا السرطان الخبيث هو انتشار الأزياء القصيرة التي تعرض الجسد لأشعة الشمس لفترات طويلة، ولعل هذا يبرز حكمة التشريع الإلهي في فرضه للحجاب، فما تفسيركم لذلك، علماً بأن الوجه أيضاً يتعرض لأشعة الشمس، وأن الحجاب لم يفرض إلا على النساء دون الرجال دون أن يصاب الرجال بالمرض نفسه؟

ـ يحدث هذا المرض نتيجة لتعرض الجسد لفترات طويلة لأشعة الشمس، والأشعة فوق البنفسجية وهو يصيب مناطق الجسد بنسب متفاوتة، ويظهر غالباً في الساقين، والخالق أدرى بما خلق، فما خلقه رب العالمين ليُغطى يجب أن يغطى وما خلقه ليكتشف لا يضره الكشف، وما رصدته البحوث الأجنبية كان على الفتيات·

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 09:06 PM
مراكز الإحساس في جسم الإنسان
* يقول تعالى: (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها···· ) النساء:65، يقول المفسرون إن هذا هو ما اكتشفه العلم أخيراً من أن المراكز الحسية توجد في جلد الإنسان، ولكن هناك من يتساءل: نحن نشعر بالألم في داخل أجسادنا أيضاً فهل من تعليق؟

ـ قمة الشعور بالألم توجد في الجلد، لأن الأطراف النهائية في الجهاز العصبي موجودة في الجلد، وليس معنى هذا عمد وجودها في باقي الجسد، ولكن أي ألم في الجلد يحدث ألم في الجسد كله، وعلى العكس أي ألم في المعدة مثلاً لا نشعر بالألم إلا في المعدة، فإذا احترق الجلد يشعر الجسد كله بالألم، ولذلك خصه الله بالذكر·

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 09:07 PM
نطق الشجر في رام الله
*طلعت علينا القنوات الفضائية وجريدة <آفاق عربية> منذ فترة في تصريح للشيخ أحمد ياسين، بحدوث بشارة الرسول صلى الله عليه وسلم بنطق الشجر في رام الله ليدل على من يختبئ خلفه من اليهود فما تعليقكم؟

ـ كل كائن على هذه الدنيا له قدر من الإدراك وله قدر من الإحساس، ويعبد الله سبحانه وتعالى بطريقة لا ندركها، فإذا أنطق الله الحجر والشجر، فإن هذا لا يعجز الله سبحانه وتعالى، وهذا في مناقب الرسول صلى الله عليه وسلم، فالإمام ـ علي كرَّم الله وجهه ـ يقول مررت مع الرسول في أحد شعاب مكة، فما مررنا بحجر ولا شجر ولا جبل إلا وسلَّم على رسول الله بصفته، فنطق الحجر والشجر الآن أمر وارد جداً، ولكنه من الأمور التي لا يدركها كل الناس، ومن العلامات الصغرى للساعة، وكون بعض الأخوة شاهدوه، فإن ما يجري على الساحة العالمية بعامة وما يجري على الساحة الفلسطينية بخاصة يوحي بأن كل العلامات الصغرى قد ظهرت، ونحن في مواجهة العلامات الكبرى الآن·

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 09:09 PM
قضية الإعجاز العلمي في القرآن

مقدم الحلقة
ماهر عبد الله - رحمه الله

ضيف الحلقة
د. زغلول النجار، مفكر إسلامي

تاريخ الحلقة
22/07/2001

- الهدف من موضوع الإعجاز العلمي للقرآن الكريم
- سبب رفض البعض للإعجاز العلمي للقرآن
- ضرورة عدم التكلف وتحميل الآيات غير ما تحتمل
- قضية الإعجاز العلمي بين النظريات والحقائق المؤكدة



ماهر عبد الله: أعزائي المشاهدين، سلام من الله عليكم، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامج (الشريعة والحياة).

موضوعنا لهذا اليوم هو الإعجاز العلمي في القرآن الكريم أو قضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم. وسبب اختيارنا لهذا الموضوع يعود إلى أن هذه القضية أثارت الكثير من الجدل، وهو جدل –على الأقل- في القرن الماضي ليس بجديد إذ أول من هوجم في.. في هذا كان المرحوم محمد رشيد رضا، وبعده الشيخ طنطاوي جوهري عندما حاول إدخال بعض النظريات العلمية في محاولتهم لتفسير القرآن الكريم، والعبارة المشهورة التي قيلت في الرجلين: "أنهما أتيا بتفسيرهما بكل شيء إلا بالتفسير".

إذن قضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم جدلية سلبياتها وإيجابياتها هي موضوعنا لهذا اليوم.

يسعدني أن يكون ضيفي لهذه الأمسية الدكتور زغلول النجار، والدكتور زغلول النجار أعتقد أنه غني عن التعريف في هذا المجال، فهو زميل الأكاديمية الإسلامية للعلوم وعضو مجلس إداراتها، كما أنه أستاذ لعلوم الأرض في عدد من الجامعات العربية والأجنبية، كما أنه أستاذ في معهد (مارك فيلد) للدراسات العليا في بريطانيا، له أكثر من عشرة..

د. زغلول النجار: مدير المعهد.

ماهر عبد الله: مدير المعهد أيضاً.. له عشرة كتب في مواضيع علمية لعل أشهرها "الجبال في القرآن الكريم" بالإنجليزية وأعتقد إنه صادر في الولايات المتحدة، كما أن له كتاب بعنوان "صور من تسبيح الكائنات لله". سنعرض على بعض الكتب الأخرى ولكن دعنا ندخل في.. في الموضوع بالسؤال عن ما الذي يجعل إنسان جيولوجي مثلكم يتقحَّم أمر الإشارات العلمية في القرآن الكريم؟ ما الذي دفعك لأن تهتم بهذا الموضوع أولاً؟

د. زغلول النجار: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم.. أبدأ بحمد الله والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه ورسله، وبتحيتكم وتحية كافة المشاهدين الكرام بتحية الإسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ماهر عبد الله: وعليكم السلام.

د. زغلول النجار: وبعد.. فأنا أقول أن الإسلام لا يعرف الكهنوت، لا يوجد في الإسلام كهنوت بأي صورة من الصور، كل مسلم نال قدراً من الثقافة وقدراً من العلم مطالب بأن يدرس كتاب الله، وأن يدرس سنة هذا النبي الخاتم –صلى الله عليه وسلم-، ثم يعرض ما فتح الله تعالى عليه به من فهم للناس إذا كان قادراً على ذلك بالكلمة الطيبة والحجة الواضحة، والمنطق السوي.

ماهر عبد الله: طيب لو سألنا بداية قبل أن ندخل في الإعجاز العلمي أولاً من خلال هذه الثقافة الشرعية التي أؤيدك فيها في رفض فكرة الكهنوت، ما الذي نقصده عندما نتحدث عن إعجاز للقرآن الكريم؟
د. زغلول النجار: نعم يعني بادئ ذي بدء يعني بودي أن أقول أن القرآن الكريم هو كلام الله الوحيد الموجود بين أيدي الناس اليوم بنفس اللغة التي أوحى بها: اللغة العربية، محفوظاً بحفظ الله كلمةً كلمة وحرفاً حرفاً، تحقيقاً للوعد الإلهي الذي قطعه ربنا –تبارك وتعالى- على ذاته العلية، فقال عز من قائل (إنَّا نحن نزلنا الذكر وإنَّا له لحافظون). وأنا دائماً أقول أن مجرد حفظ القرآن الكريم على مدى ما يزيد عن 14 قرن بنفس لغة الوحي دون أن يضاف إليه حرف واحد أو أن ينتقص منه حرف واحد هو أمر من أكبر جوانب الإعجاز في كتاب الله، وهذا يتضح لنا في زمن تعرضت فيه كل صور الوحي السابقة إما للضياع التام أو لقدر من التحريف الذي أخرجها عن إطارها الرباني وجعلها عاجزة عن هداية البشرية. ولذلك فالقرآن كله معجز، نَظْمه، أسلوبه، ألفاظه، تشريعه، مفهوم الألوهية فيه، مفهوم العبودية.. العبودية فيه، مفهوم العبادة فيه، العقيدة فيه، دستور الأخلاق فيه، دستور المعاملات فيه، عرضه التاريخي لعدد من الأمم السابقة بدقة فائقة، وإن كان هذا يأتي من قبيل أخذ العبرة، خطابه إلى النفس البشرية وتحريكه.. وتحريكها من أعماقها كما لا يحركها شيء آخر، ما فيه زاوية من الزوايا ينظر منها محايد إلى كتاب الله إلا ويرى جانباً من جوانب الإعجاز تشهد له بأنه كلام الله الخالق، وتشهد لهذا النبي الخاتم -صلى الله عليه وسلم- على أنه كان موصولاً بالوحي ومعلماً من قبل خالق السماوات والأرض، فالقرآن كله معجز.

ماهر عبد الله: البعض –يعني قبل أن نخوض في.. في صلب الموضوع- البعض يقول أنك دخلت مجال غير مجال تخصصك، بمعنى هل أنت تحاول تقديم تفسير للقرآن الكريم، أم هي مجرد الاستفادة منه لحمل دعوة لنشر.. لنشر فكرة؟

د. زغلول النجار: طبعاً أنا أقول أن الآيات الكونية في كتاب الله الآيات التي تشير إلى الكون، وبعضاً من مكوناته وظواهر وأشيائه وسنن الله فيه، هذه كم هائل من الآيات، تقاربت سدس القرآن الكريم تتحدث عن الكون، وهذه الآيات الكونية لا يمكن فهمها فهماً صحيحاً في إطارها اللغوي فقط، اللغة مطلوبة، وفهم دلالة اللفظ في اللغة العربية مطلوب، ولكني أقول أن مجرد الفهم اللغوي لهذه الآيات الكونية لا يمكن أن يعطي الدلالة الحقيقية لها، ولا أن يعطي الحكمة المستفادة من عرضها.
ماهر عبد الله: قلت أن القرآن معجز كله. نظمه، وتشريعه..

د. زغلول النجار: نعم.. نعم.

ماهر عبد الله: لماذا الإعجاز العلمي؟ لماذا اخترت هذا المجال؟ هل ثمة قيمة خاصة بالجانب العلمي؟
د. زغلول النجار: نعم، أولاً هذا المجال الذي أتقنه، هذا مجال تخصصي، أنا درست العلوم على مدى أكثر من خمسين سنة، وأرى من واجبي كمسلم أن أعرض لهذه الآيات الكونية في حقل تخصصي بما يفيد حسن الفهم، لأن أعتقد أن هذه الآيات الكونية –على كثرتها- نزلت لزماننا، زمن تفجر المعرفة العلمية والتقنية بمعدلات لم تشهدها البشرية من قبل. ولذلك نقول أولاً توفر لنا من المعلومات ما لم يتوفر للسابقين لخدمة حسن فهم دلالة هذه الآيات، وخدمة عرض جوانب الإعجاز فيها.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 09:09 PM
الهدف من موضوع الإعجاز العلمي للقرآن الكريم

ثانياً: في زمن العلم والتقنية الذي نعيشه، وزمن البعد عن الأديان في الدول غير الإسلامية، أصبح الخطاب النفسي الروحاني الأخلاقي القيمي لا يحرك في الناس شيئاً على الإطلاق، ولكن يحركهم من الأعماق حقيقة أن كتاباً أُنزل قبل 1400 سنة يحوي من حقائق هذا الكون ما لم يستطع الإنسان إدراكه أو إدراك شيء منه إلا بعد مجاهدة طويلة استغرقت مئات من السنين وعشرات الآلاف من العلماء، ولم يتمكن الإنسان من الوصول إلى تصورٍ صحيح لها إلا منذ عشرات قليلة من السنين. هذا السبق هو الذي أشير إليه بأنه جانب من جوانب الإعجاز في كتاب الله نسميه "الإعجاز العلمي في القرآن الكريم".

ماهر عبد الله: يعني تسمح لي بس بتعريجة بسيطة أنت ذكرت أنه بعض هذه الآيات نزلت لزماننا لزمن تفجر المعلومات، مع يقيننا بأن تماشياً مع الأثر الذي قال أنه.. "إن القرآن لا يشبع منه العلماء ولا يعجز" لكن ثمة..

د. زغلول النجار: لا تنتهي عجائبه.

ماهر عبد الله: ولا تنتهي عجائبه..

د. زغلول النجار: ولا يخلق عن كثرة الرد.

ماهر عبد الله [مستأنفاً]: لكن مما يثير الفضول، ما يثير الفضول هو كيف فهمها السابقون إذا كان..؟ كيف تعتقد..؟

د. زغلول النجار: نعم، بارك الله فيك، هو يعني نقطة جيدة، ومن أعظم جوانب الإعجاز في كتاب الله أن الآية الكونية تأتي بصياغة معجزة، كلمات بسيطة، يفهم منها أهل كل عصر معنىً معيَّناً، وتظل هذه المعاني تتسع باستمرار مع اتساع دائرة المعرفة الإنسانية في تكامل لا يعرف التضاد..
ماهر عبد الله: طب اسمح لي..

د. زغلول النجار: وليس هذا لغير كلام الله.

ماهر عبد الله: اسمح لي نعود.. نعود إليها بعد هذا الفاضل.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 09:10 PM
ماهر عبد الله: سيدي أنا قاطعتك وأنت في منتصف الإجابة على سؤال، وأرجو أن يكون الجواب مختصراً لأننا سننتقل إلى فاصل إخباري هذه المرة.

كيف فهمها مَنْ قبلنا هذه الآيات المعجزة التي ذكرت أنها إنما..؟

د. زغلول النجار: خليني أضرب لك نموذج مثلاً: يعني نقرأ في سورة الواقعة قول الحق تبارك وتعالى بسم الله الرحمن الرحيم: (فلا أقسم بمواقع النجوم. وإنه لقسم لو تعلمون عظيم). هذه الآية الكريمة يسمعها البدوي على عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فيفهم منها أن النجوم مواقعها عظيمة، لا يمكن للإنسان أن يطولها بأي شكل من الأشكال، ولعظم بعدها عنا أقسم بها ربنا تبارك وتعالى، وهو فهم صحيح. الآن نفهم شيئاً من أبعاد هذه النجوم، فنعرف الآن أن بعد الشمس عنا 150 مليون كيلو متر، أن أقرب نجم إلينا خارج المجموعة الشمسية يبعد عنا 4.3 من السنة الضوئية، السنة الضوئية 9.5 مليون مليون كيلو متر، نعلم أن الجزء المُدْرك من الكون –وهو جزء من السماء الدنيا- يبلغ قطره أكثر من 12.. نصف قطره، قطره 24 بليون سنة ضوئية، يعني 24 بليون × 9.5 مليون مليون كيلو متر. ليس هذا فقط، يثبت العلم الآن أنه نظراً لعظم هذه المسافات فالإنسان لا يرى النجوم أبداً، ولكنه يرى مواقع مرت به النجوم، ليه؟ لأن بسرعة الضوء حينما ينبثق الضوء من النجم إلى أن يصل إلينا..

ماهر عبد الله [مستأنفاً]: بس.. بس تسمح لي يعني عندما نخوض –في هذه التفاصيل يعني أنا أذكر قرأت في كتاب لرجل يرفض هذا المنطق تماماً وكثيرٌ ما هم، يعني يعلق على كلام مثل هذا لسيد قطب في ظلال القرآن عندما يقول أن المسافة بين الشمس والقمر هي كذا سنة ضوئية.

د. زغلول النجار: نعم.. نعم.

ماهر عبد الله [مستأنفاً]: يقول: "سيؤُتي بهذا لضال المضل يوم القيامة ويُقال له: من أين لك هذا؟! قس هذه المسافة!!".

د. زغلول النجار: والله هذا جهل فاضح.. يعني.. يعني هذا جهل فاضح، كون الإنسان يحيا في هذا العصر دون أن يلم بالمعطيات الكلية للعلوم إنسان جاهل لا يمكن أن يخاطب الناس بلغة العصر، هذه حقائق، لم تعد نظريات ولا فروض ولا تصورات وهمية، هذه حقائق، وهذه حقائق تقاس بدقة فائقة. فأقول أن قُطْر الجزء المدرك من الكون الآن 24 ألف مليون سنة ضوئية، فلذلك مواقع النجوم حينما ينبثق الضوء من نجم من النجوم ويتحرك إلينا، في الفترة التي يصل إلينا الضوء يكون النجم تحرك من موقعه، فالإنسان لا يرى من النجوم إلا مواقع مرت بها، ليس هذا فقط بل إن الضوء ينحني في صفحة السماء، فحينما يصل إلينا منحنياً العين الرائي تراه على امتداد البصر، فيرى موقع وهمي غير الموقع الحقيقي للنجم.


ماهر عبد الله: سيدي، يعني بدايةً الأخ خالد خيري يعني أعجبته مقدمتك الأولى عن أن هذا شيء من الدعوة وليس بالضرورة يعني تفسير للقرآن يقول: "أنني قابلت في القاهرة العام الماضي رجل ألماني أسلم حديثاً، وقد جاء إلى القاهرة ليتعلم اللغة العربية حتى يحسن إسلامه، ولما سألته عن سبب إسلامه أشار في حديثه إلى أن الإعجاز العلمي في القرآن.. إلى الإعجاز العلمي في القرآن، وقال إن لهذا الأمر عظيم الأثر في إسلام أهل لغرب خاصة، الإعجاز العلمي في القرآن الكريم هو وسيلة إلهية في أيدي المسلمين للدعوة إلى الإسلام".

د. زغلول النجار: ما في ذلك شك.

ماهر عبد الله: وبالمناسبة بعض الإخوة الذين يسألون عن كيفية الاتصال بالدكتور زغلول النجار أعتقد أن أسلم طريقة –لأننا لا يمكن أن نعطي هاتفه على الهواء مباشرة- أن يراسلوه على معهد (مارك فيلد) للدراسات العليا، معهد مارك فيلد للدراسات العليا في مارك فيلد في المملكة المتحدة أو عن طريق الـ Islamic Foundation التي هي قريبة من معهد الدراسات العليا. وصل كثير من المشاركات على الإنترنت تتحدث عن الإعجاز الطبي، أنا أعلم من خلال تخصصك أنك يعني لا تعرف الكثير عن.. عن الطب كما تعرف عن مجال تخصصك الأصلي.

د. زغلول النجار: بدون شك.. بدون شك.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 09:10 PM
ماهر عبد الله: هل هذا يسبب نوع من الالتباس أم..

د. زغلول النجار: لا أنا دائماً أقول أن قضية الإعجاز قضية تخصصية، يعني لا يجوز أن يخوض فيها كل خائض، ولا يمكن للإعجاز أن يكون إعجازاً إذا تحدث فيه غير المتخصص، فالإعجاز قضية تخصصية لأنه موقف تحدي نريد أن نثبت به للناس كافة –مسلمين وغير مسلمين- أن هذا الكتاب الذي أنزل على نبي أمي -صلى الله عليه وسلم- من قبل 1400 سنة يحوي من حقائق هذا الكون ما لم يستطع الإنسان الإيمان به أو إدراكه إلا منذ عشرات قليلة من السنين. فلابد أن الذي يتحدث في هذه القضية يتحدث بأخر ما وصل إليه العلم، ولابد أن يتحدث بثقة كمتخصص في هذا الموضوع، ولذلك أنا أفهم الظلمات الثلاث لكني لا أريد أن أخوض في هذه القضية ليست من مجال تخصصي وأفهم كثير من القضايا الإعجازية في جوانب أخرى كثيرة، ولكني أفضِّل أن أتركها للمتخصص في هذه القضية كل في حقل تخصصه.

ماهر عبد الله: طيب.. إحنا ذكرنا قبل الفاصل قبل موجز الأنباء شيء عن مَنْ يرفضون هذا المنطق لأسباب دينية وعقائدية صرفة، ثمة من..

د. زغلول النجار: ليست دينية حقيقة، هو سوء فهم، هم سوء فهم.

سبب رفض البعض للإعجاز العلمي للقرآن

ماهر عبد الله: عند البعض يعني يزعمون أنه..، ثمة من.. من يرفضه من مدخل آخر مدخل فكري صرف وهو أن ما يقوم به الدكتور زغلول النجار وأمثاله، وقد استضفنا في.. في حلقة سابقة منذ شهرين أو ثلاثة من تحدث عن الإعجاز الطبي في القرآن الكريم، وكان أيضاً طبيباً متخصصاً، وحرص على أن يكون.

د. زغلول النجار: في دائرة تخصصه.

ماهر عبد الله: في دائرة تخصصه التي يعيها تمام الوعي.
ثمة من يقول أن كل هذه البدع الإعجازية ما هي إلا ركوب لموجة، نحن نعيش عصر العلم والكل يتحدث عن العلم..

د. زغلول النجار [مقاطعاً]: ليست بدعة، هذه حقيقة كيف تكون بدعة؟!

ماهر عبد الله: ركوب لموجة.

د. زغلول النجار: لا هي ليست بدعة وليس الموضوع موضوع الساعة، الإعجاز العلمي في القرآن الكريم طرق في القرن الهجري الثاني، منذ القرن الهجري الثاني والعلماء يسألون، الغزالي –عليه رحمة الله- وغيره من العلماء الذين عاصروه والذي سبقوه والذين جاؤوا من بعده تحدثوا في قضية الإعجاز العلمي، محاولة فهم دلالة الآيات الكونية في القرآن الكريم، هذه ليست بدعة يا أخي، هي أصل من أصول الدين.

ماهر عبد الله: قد تكون بدعة حسنة!!

د. زغلول النجار: إن شاء الله!!

ماهر عبد الله: طيب ثمة من يقول أيضاً أن ما تحاولونه هو جزء يعني امتداد لتطور بشري مُجْمَع عليه، وليس فقط خاص بالمسلمين، يعني قد نستخدم تعبير الأخ السابق. "أنه وسيلة إلهية للدعوة". ثمة رحلة عودة إلى الإيمان، العالم الغربي الذي قاطع الدين بعد مقاطعته الكنيسة ألحد فترة من الزمن، يعود –وإن كان بشيء من التعزز –إلى الإيمان هل هذا باعتقادك جزء من رحلة العودة إلى الإيمان؟
د. زغلول النجار: لأ إذا كان هذا قد.. قد حدث في الغرب فلم يحدث له نظير في العالم الإسلامي والعالم العربي، لم يحدث إلا في أفراد قلائل انبهروا بالغرب وانصهروا في بوتقته فقلدوا الغرب ونطقوا بما ينطقون به، الحضارة الإسلامية كانت أطول حضارة في تاريخ البشرية، وكانت أكمل حضارة، لأنها الحضارة الوحيدة التي جمعت بين الدنيا والآخرة في معادلة واحدة. المفاصلة التي تمت بين الدين والعلم التي حدثت مع بدايات عصر للنهضة في أوروبا لم يكن لها نظير في تاريخ المسلمين على الإطلاق. في أوروبا كانت الكنيسة مهيمنة على مقدرات الأمور، الحكم، الجيش، التعليم، المال، الزراعة كل شيء كان بيد الكنيسة، وأرادت الكنيسة أن تفرض على العلماء المفهوم البدائي الموجود في سفر التكوين في بدايات ما يسمى بالعهد القديم، وحينما أخذ العلماء الغربيون بالمنهج العلمي من الحضارة الإسلامية وبدؤوا يطبقونه وجدوا مفارقات كثيرة: بين ما تعطيه نتائج الاستقراء للكون وما هو موجود بسفر التكوين في بداية ما يسمى بالعهد القديم. هذا أدى إلى شبه مفاصلة صراع بين الكنيسة ورجال العلم، انتهى بانتصار رجال العلم وهزيمة الكنيسة، فبدأ العلماء ينطلقون من منطلقات معادية للإيمان بصفة عامة، منكرة للغيب، منكرة للخلق، منكرة للخالق. هذه العملية لم تحدث لها نظير عندنا على الإطلاق، إطلاقاً يعني العلم الآن في معطياته الكلية بدأ يؤكد على حقيقة الإيمان، الغالبية الساحقة من العلوم المختلفة بدأت في عطائها الكلي تؤكد على كثير من الأمور الغيبية التي كان ينكرها العلماء في مطلع عصر النهضة، موضوعنا موضوع مختلف تماماً، نحن نريد أن نوظف المعارف العلمية الحديثة لحسن فهم دلالة هذه الآيات القرآنية أولاً. ولذلك إحنا نفرق بين التفسير العلمي للقرآن الكريم، والإعجاز العملي للقرآن الكريم. التفسير العلمي محاولة بشرية لحسن فهم دلالة الآية القرآنية، الإعجاز العلمي موقف تحدي نتحدى به الناس كافة مسلمين وغير مسلمين على أن القرآن هو كلام الله الخالق، وأنه لا يمكن أن يوجد بين أيدي الناس كلام مساوي لهذا الكلام على الإطلاق.

ماهر عبد الله: فسر لي يعني مازال. أنت في هذه المرحلة الإيضاحية، يعني كيف للعلم المبني على محسوسات نلمسها.. نراها.. كيف سنصل من خلال ما هو محسوس والعلم لا يدخل إلا..

د. زغلول النجار: طبعاً.

ماهر عبد الله: سنصل إلى قضايا غيبية، لأنه الإيمان بمعناه البسيط هو الإيمان بالغيب.

د. زغلول النجار: بالغيب.. نعم.

ماهر عبد الله: لأننا لا نرى الله ولا نملك القدرة على رؤيته ولا الجنة ولا الآخرة، سنصبر حتى نموت.

د. زغلول النجار: إن شاء الله.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 09:14 PM
ماهر عبد الله: فكيف سيقع الربط؟ أنت قلت هو تحدي.

د. زغلول النجار: هو دايماً أن أقول أن المعرفة الإنسانية لها شكل هرمي، قاعدة هذا الهرم العلوم البحتة والتطبيقية، ليس احتقاراً لشأنها ولكن لأهميتها في القيام بواجب الاستخلاف في الأرض. يأتي فوق ذلك مباشرة ما يسمى بـ "فلسفة العلوم".

وفلسفة العلوم معناها.. الفلسفة –في الإسلام هي حب الحكمة، والحكمة هي: استخلاص العبرة من الشواهد المحسوسة". وأنا دايماً أقول لطلابي وإخواني وأحبابي من أمثالكم: ما معنى أن أقول للطالب مثلاً أن هذا الكون شاسع الاتساع، دقيق البناء، منضبط في كل حركة من حركاته، محكم في كل أمر من أموره، وأتوقف؟ إذا لم يدفعني ذلك إلى القول بأن خالق هذا الكون لابد أن يكون فوق هذا الكون، أن هذا الكون المادي الغير عاقل لا يمكن أن يكون قد أوجد نفسه بنفسه، بل لابد له من موجد عظيم، أن هذا الكون الدقيق لا يمكن أن يكون قد وُجد بمحض الصدفة بل لابد له من موجد عظيم، هذا الموجد العظيم لابد أن يكون فوق هذا الكون، لا تشكله المادة، ولا تكونه الطاقة، لا يحده المكان، ولا يحده الزمان ليس كمثله شيء كما وصف ذاته وممكن أن يصل الإنسان إلى هذا التصور من النظر في خلق الله، ولذلك القرآن يلح إلحاحاً شديداً على الناس كافة –مسلمين وغير مسلمين- أن ينظروا في أنفسهم وينظروا في الكون: (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب. الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض، ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار) والآيات كثيرة في هذا المضمار.

فوق فلسفة العلوم نجد الدارسات الإنسانية، لأن الإنسان مخلوق مُكَّرم، وكل ما يتعلق بهذا المخلوق المكرم لابد أن يكون مكرماً، اللغات بمختلف آدابها، الفنون بمختلف أشكالها، الدراسات السلوكية، الاقتصاد، الجغرافيا، التاريخ، كل هذا يأتي فوق العلوم الكونية وفلسفتها. يأتي فوق ذلك الفلسفة على إطلاقها بمعنى: توظيف كل المعارف المتاحة للإنسان في الوصول إلى خالق هذا الإنسان. في قمة الهرم ووحي السماء، ووحي السماء هو بيان من الله تعالى للإنسان في القضايا التي لا يستطيع الإنسان أن يضع لنفسه بنفسه فيها ضوابط صحيحة، كقضايا العقيدة والعبادة، والأخلاق، والمعاملات.
ماهر عبد الله: بس تقسيمك الهرمي هذا يعني يسير باتجاه معاكس تماماً للفلسفة الغربية التي تقول أن العقل الديني هو البداية، يعني قد لا يكون سيئاً، قد لا يكون رجعياً، ولكنه أبسط أنواع العقول نتيجة الخوف من الظواهر الطبيعية، نتيجة الخوف من الموت، ثم ينتقل إلى عقل فلسفي ثم إلى عقل علمي، هو معكوس.. هرمي معكوس تماماً.

د. زغلول النجار: هو طبعاً.. هي المأساة حقيقة بدأت بانحراف الغرب وانتقال هذه العدوى.. إلى نفر من أبناء العالم العربي والإسلامي، الغرب يعتقد أن الإنسان بدأ جاهلاً كافراً، وأنه قد تعلم بالتدريج وتعرف على خالقه لخوفه من الظواهر الطبيعية مثل: الرعد، والبرق، والعواصف، والطوفانات، إلى آخره. الأصل في الإسلام: عكس ذلك تماماً، في الإسلام (وعلم آدم الأسماء كلها) أن آدم عليه السلام أبو البشرية بدأ عالماً عابداً، لم يبدأ جاهلاً، ولم يبدأ كافراً بربه. وآدم علم بنيه هو الانحراف عن منهج الله هو الذي أدى بالبشرية إلى الحضيض، ولكن طالما التزمت البشرية بمنهج الله –سبحانه وتعالى- فالبشرية عاقلة، عالمة عابدة، فاهمة، ولن تصل أبداً إلى مستوى الحيوانية أو دون الحيوانية كما تُصوِّرها أغلب الدراسات الإنسانية في الفلسفات الغربية المعاصرة.

ماهر عبد الله: سيدي، قبل أن أعود للنقاش وصلني أكثر من.. من سؤال آخرها سؤال من الأخ حسام مصطفى يقول: "ماذا تقول في قضية ما يسمى بـ" الإعجاز العددي" في القرآن الكريم؟

د. زغلول النجار: هو الحقيقة موضوع الإعجاز العددي.. دائماً أنا أقول أن الأرقام أمر دقيق للغاية، وهو مُنزلق خطير، إذا لم يدخله الإنسان بدقة شديدة قد يدمر ذاته وبعض الإخوة يفرحون لبعض الموافقات، يعني عدد أيام ذكر الليل بيساوي ذكر النهار، عدد ذكر.. عدد الأيام 365 مرة، مش عارف ذكر بعض الأرقام.. الجنة تساوي عدد النار. لكن أنا لا أرى في هذا شيئاً يعني يستحق الانضواء تحت مفهوم الإعجاز العلمي للقرآن الكريم. قد يقول أي إنسان هذا مجرد مصادفة يعني، لكن هناك إعجازات عددية مبهرة حقيقة، من مثل مثلاً نجد في صورة الحديد (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس) السورة التي تتحدث عن أول مرة لإنزال الحديد على الأرض ويأتي العلم ليؤكد على أن الحديد أُنزل إنزالاً، ثم نجد أن رقم سورة الحديد يساوي الوزن الذري للحديد ورقم الآية في السورة يساوي العدد الذري للحديد، هذا أمر مبهر للغاية. أما قضية الموافقات أن الأضداد أرقامها متساوية الليل والنهار، الجنة والنار، الزكاة والعمل الصالح.. يعني الإيمان والكفر، يعني قد لا تكون يعني محركة لمشاعر الناس في العالم المادي الذي نعيشه.

ماهر عبد الله: يعني لا شك أنك سُئلت أكثر من مرة.. عندي سؤال من الأخ الشيخ نصر تحديداً على موضوع العدد (19) ثار يعني جدل كبير، أنا أعلم أنه خارج نطاق تخصصك، لكن لكثرة ما طرق أنا على يقين أنك..

د. زغلول النجار: نعم.. يعني هو طبعاً الرقم أثار جدلاً كبيراً في يعني السبعينات من القرن العشرين، وكان فيه شاب مصري في أميركا اسمه "رشاد خليفة" توفي، وتوفي مقتولاً يعني، وكتب كتاباً عن الإعجاز العددي في القرآن الكريم، وذكر أن رقم (19) له مدلول في القرآن الكريم، أن عدد حروف البسملة 19 وأن توزيع الحروف الهجائية خاصة في الحروف المقطعة في مقدمة السور نجد إن الألف.. مثلاً (ألم).. الألف أكثر الحروف تردداً، و(...) لا يقبل القسمة على (19) لكن شاب هذا الكلام لغط شديد منه أن رقم (19) له دلالة عند الماسونيين وعند البهائيين وعند اليهود، فيعني حوربت هذه الفكرة وقتل وربما رشاد خليفة من أجلها، خاصةً وأنه قد أصابته لوثة في آخر حياته وادعى النبوة، وادعى الألوهية، ونَكِلُه إلى الله سبحانه وتعالى.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 09:14 PM
ماهر عبد الله: طيب، تسمح لي بس بأخذ بعض المشاركات، نبدأ بالأخ كريم.. الأخ كريم من ألمانيا اتفضل.

كريم فرحات: السلام عليكم.

ماهر عبد الله: وعليكم السلام.

د. زغلول النجار: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

كريم فرحات: تحية لإلكم كبيرة خاصة للدكتور زغلول.

د. زغلول النجار: أهلاً وسهلاً.

كريم فرحات: ولو سمحت لي بسؤال مهم شوي يعني، فيقال بأنه أحد علماء الأرض الطبيعة على ما أظن (أنشتين) أظهر نظرية أثبت فيها إنه قيمة اليابسة على الأرض بتساوي 1/3 المساحة، بينما اليم بتساوي الـ 2/3 أو ما نسبته 72.72% هي نسبة اليم، و27.27 هي نسبة اليابسة من الأرض. وأنا في الماضي منذ سنوات عدة قرأت في أحد الكتب لا أذكر بأي كتاب يقال بإنه الله سبحانه وتعالى كان قد أتى على ذكر هذا الشيء بالقرآن الكريم بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وبيعزي السبب على إنه لو حسبنا عدد الآيات التي نزلت فيها كلمة يابسة في القرآن الكريم لو أحصيناها لوجدناها بأنها بتساوي 12 مرة، بينما لو حسبنا عدد الآيات التي نزلت فيها كلمة اليم لوجدناها بتساوي 32 مرة، وهنا تصبح العملية عملية حسابية، حيث إذا أردنا أن نعرف نسبة اليابسة من الأرض فنضرب 12 –واللي هو عدد موضع اليابسة من اليم- نضرب 12×100 ونقسمها على المجموع والذي هو 32+12 تساوي 44، فنقسم الـ 12×100 على الـ 44 فيأتي معنا النتيجة هي تساوي بالضبط 27.27%، وهي عملية حسابية يمكنكم فعلها. وإذا أردنا معرفة نسبة اليم من اليابسة على الأرض فنضرب 32 والتي هي عدد الآيات التي نزلت فيها كلمة اليم بـ 100 ونقسمها على المجموع والذي هو 44، ونحصل على نتيجة 72.72%. وهنا أريد –لو سمح الدكتور زغلول- بإيضاح هذا الشيء، فأنا حاولت في المرات السابقة أن أحُصي عدد هذه الآيات التي نزلت بها كلمة اليم واليابسة، لكني لم أستطيع وأظن بأنه ملم بهذه الأشياء. ثم أريد أن أذكر هنا شيئاً، يقول أيضاً بأن الله- سبحانه وتعالى- عندما تكلم مع النبي موسى عليه السلام وقال: (اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا)، وهو عدد موضع اليابسة من اليم. وشكراً و السلام عليكم.

ماهر عبد الله: طيب مشكور يا أخ كريم معاي الأخ بلال عساف، أخ بلال اتفضل.

بلال عساف: السلام عليكم أخي.

ماهر عبد الله: وعليكم السلام.

بلال عساف: حقيقة عندي مداخلة وسؤال إذا أمكن الوقت.

ماهر عبد الله: اتفضل.

بلال عساف: أقول بأن القرآن ليس بكتاب طبيعة ولا كتاب أحياء ولا كمياء ولا فيزياء، وما دام هو كذلك فلا يُتعامل مع نصوصه على أنه نظريات علمية، أي لا يجب أن يُنهج النهج العلمي بالتحليل والتفكير بنصوصه. الآن السؤال الذي يرد: إذن ماذا هو؟

حقيقة بالاستقراء لآيات القرآن نرى بأن القرآن كتاب أوحى الله –سبحانه وتعالى- إلى نبيه في مجموعة خطابات، ويُتعامل مع كل نوع من آيات الخطاب بما طلب الله منا العمل بها. فمثلاً حين يقول الله سبحانه (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون). فهذه الآيات وكثير من آيات التكليف تطلب منا العمل وهو القتال والجهاد، ولا يوجد بعد أكثر من هذا الفهم لا في عصر الصحابة ولا في عصرنا ولا في أي عصر آخر. أما الآيات التي ذكرت بعض الشواهد الطبيعية فقد ذكرت بأن الله حين أنزل آيات الإخبار عن الأهم السابقة أراد منها أخذ العبرة من عقوبات الله سبحانه وتعالى أو جزائه للأمم السابقة على صنيعهم، ولا يوجد فيها إعجاز، ولم يطلب منا الشارع أو الله –سبحانه وتعالى- أخذ أي شيء أكثر من هذه العبرة.

ماهر عبد الله: طب السؤال أخ بلال.

بلال عساف: نعم.. السؤال.. نعم.. السؤال: لو كان حقيقةً أن القرآن احتوى الإعجاز العلمي لتحدى فيه الله –سبحانه وتعالى- ببعض هذه الشواهد الأمم، ولكن الملاحظ بأن القرآن لم يحوي إلا بعض هذه الشواهد العلمية فلو.. كيف نوفق بين إنه..

ماهر عبد الله: طيب. السؤال واضح، أخ بلال مشكور جداً. معايا الأخ أحمد هويس من سوريا، أخ أحمد، اتفضل.

أحمد هويس: السلام عليكم.

ماهر عبد الله: عليكم السلام والرحمة.

د. زغلول النجار: وعليكم السلام ورحمة الله.

أحمد هويس: من حلب ظئر الإسلام والعروبة نحييكم.

ماهر عبد الله: أهلاً بيك.

أحمد هويس: أخي ماهر، أخي الدكتور النجار، في شخصك نحيي الشعب المصري الشقيق.

د. زغلول النجار: الله يبارك فيك.

أحمد هويس: واسمحوا لنا أن ندى بدلائنا في مجال علوم القرآن، وفقه لغة القرآن، والمجاز العقلي، والمجاز العلمي، والعددي، واللوني، في القرآن. أخي، ماهر، أبدأ -وهو الأساس- بالإجابة على سؤالك: ما الذي نقصده عندما نتحدث عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم؟ هذا هو الأساس للدخول إلى الموضوع. نقول هذا كلام معجز في بلاغته وعمق دلالته وجمالية أسلوبه، معجز –أي يعجز عقول الآخرين- عن الفهم والاستيعاب، ويمتنع عن التقليد والمحاكاة والمشابهة، فلا أحد من كبار الأدباء والشعراء والفلاسفة يستطيع تقليد الأسلوب القرآن المحكم المتين (ألر كتاب أُحْكِمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير). لا يستطيع أحد أن يجاريه في الدلالة بكل مستوياتها وأبعادها، وفي طرق توظيف المعاني بأبعادها السبعة كما يقول سيدنا علي، ومن خلال دراساتي الأكاديمية في لغة القرآن، ومن خلال أساليبه وصوره –بالصاد ليس بالسين- تأثيلاً وترثيثاً وسمةً وبياناً وبديعاً ومعانياً وتكراراً وتشابهاً، نجد أنه –أي القرآن- يزاوج في أساليبه البيانية بين المجاز العقلي، والمجاز اللغوي، والمجاز المرسل المنطقي الحداثي، وعلم الكلام والمنطق. فخطيب الجمعة والمشايخ البسطاء و (رجال الدين) –ضمن قوس- ومعظم العلماء لا علاقة لهم بهذه القول، ومعه حق الأخ ليس مطلوباً منهم هذا، هم كعامة الناس. إذن قمنا بإحصاء 18 علم في القرآن، فالعالم بفقه اللغة واللسانيات الـ Philological وعلوم الـ Linguistic هما المتخصصان في فهم وتأصيل وتحديد هذه العلوم الدقيقة، ومعظمها من العلوم الحديثة كما قال الدكتور زغلول سلام فالنهضة العلمية الآن تسمح لنا بأن.. هذه الظواهر الكونية بعظمتها تدل على عظمة خالقها: وكل شيء بحسبان كما يقول تعالى في الدراسات اللغوية ومحاولة اكتشاف معاني القرآن ودلالاته كما أسلفنا.

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طيب أخ أحمد.. أخ أحمد.

أحمد هويس: بقى.. بقى كلمتين.

ماهر عبد الله: اتفضل.. اتفضل.

أحمد هويس: يا أخ.. إحصائيات لابد منها.

ماهر عبد الله: اتفضل.

أحمد هويس: في القرآن 6236 آية منها 365 آية.. آيات القرآن المحكم والباقي متشابه 5871 آية، الآية (81).. الآية (7) من سورة آل عمران (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات..) إلخ نأخذ آيات الإعجاز العلمي والعددي وعددها (1200) آية شيء ما هو قليل، ظاهرة قوية في القرآن، وهي شاملة لكل الجوانب العلمية في الحياة والكون والظواهر.

أخي الدكتور، من نعمة الله علينا أن القرآن ثابت في إعجازه فلا يمكن اقتحامه أو اختراقه أو تقليده كما يقول أحد السفهاء: "اقتحام النص القرآني"، "اختراق الآية القرآنية"، لا يجوز مثل هذا الكلام في التعامل مع القرآن، المقدس الذي أمرنا الله باحترامه.

ماهر عبد الله: طيب أخ أحمد مشكور جداً يا أخ أحمد.

طيب سيدي.

د. زغلول النجار: خلينا نجاوب الأول.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 09:15 PM
ماهر عبد الله: طبعاً عندي يا سيدي الأخ بلال، لنبدأ بسؤاله قبل.. سؤاله: لو كان الإعجاز العلمي مقصوداً لذاته أو مقصوداً في القرآن، لماذا لم يقع التحدي به؟
د. زغلول النجار: حينما يقول القرآن الكريم: (ولتعلمن نبأه بعد حين)، ويقول رب العالمين مخاطباً

الكفار: (أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعل من الماء كل شيء حي) أليس هذا تحدياً بالعلم؟! أليس هذا تحدياً بالعلم؟! وأنا دائماً أقول يا أخي الكريم للأخ بلال هذا وأمثاله الحقيقة الذين يضيقون واسعاً بدون داعي على الإطلاق، القرآن الكريم هو في الأصل كتاب هداية، كتاب عقيدة وعبادة وأخلاق ومعاملات، لأن هذه القضايا هي قضايا إما غيب مطلق أو ضوابط للسلوك، وكلا الأمرين لا يستطيع الإنسان أن يصل فيهما إلى تصور صحيح بجهده منفرداً أبداً، لكن ما الذي يمنع أن يكون الآيات الكونية أيضاً جاءت لزماننا، زمن تفجر المعرفة العلمية والتقنية الذي نعيشه؟ ما الذي يمنع أن نوظف المعارف العلمية لحسن فهم دلالة هذه الآيات؟ يعني لماذا نقف عند حدود إطارها اللغوي فقط ونصمت؟!

ماهر عبد الله: ليس بالضرورة عند إطارها يعني هو مثلاً يقول.. يعتقد أن القرآن خطابات.. خطاب تكليف مثلاً من أجل العمل في المقام الأول، وحتى ما سِيق من قصص الأمم السابقة مقصود به في المقام الأول العبرة.

د. زغلول النجار: العبرة.. العبرة نعم.. لكن أيضاً حتى تحقيق تاريخ الأمم السابقة معجز، يعني أنا تحدثت في أكثر من برنامج عن اكتشاف قوم عاد، اكتشاف (إرم) مدينة قوم عاد، كان المؤرخون إلى زمن عشر سنوات مضت ينكرون أن فيه شيء اسمه "قوم عاد"، القرآن الكريم الذي يتحدث عن قوم عاد بإفاضة في آيات كثيرة أليست هذه معجزة أن يتحدث عن قوم عاد، ولم يكن للعرب على زمان المصطفى -صلى الله عليه وسلم- إلمام بهذه الحقيقة؟! فأقول القرآن كله معجز ولابد أن يُخدم القرآن من كافة الزوايا، ومن أبرزها الإشارات الكونية التي تمثل أكثر من سدس القرآن الكريم، وإهمال هذه الآيات كالذي يدفن رأسه في الرمال، ويدعي أن لا يرى الناس ولا يحيا في العصر، وإذا لم نوظف هذه الآيات لن نستطيع أن نبلغ عن الله وعن رسوله –صلى الله عليه وسلم- في زمن التقدم العلمي والتقني الذي نعيشه.

ماهر عبد الله: طب سؤال الأخ كريم أو تعليقك على كلام الأخ كريم يعني شعرت أنا وهذه أحد المخاوف أن نتناول مثل هذه القضية، يعني 72.72%..

د. زغلول النجار: نعم.. الذي تكلم به..

ماهر عبد الله: تضرب بـ 100 وتقسم.

د. زغلول النجار: نعم.. هذا كان موجود على الإنترنت، يعني ليس الأخ كريم أول من يقوله، وأنا.. أنا لا أرى ضرورة للخوض في هذه القضايا لأنها لا تخدم يعني لنا قضية، قد يكون مفيد للمسلم، لكن حينما أنقل هذا لغير المسلم لا يحرك فيه.. فيه ساكناً. ولكني أقول أن القرآن الكريم مليء بالحقائق الكونية التي سبق بها كافة المعارف الإنسانية، وعلينا أن نعرض ذلك للناس في غير تكلف ولا افتعال.
ماهر عبد الله: الأخت.. الأخ أبو بكر الصيداوي: "أنا تلميذ أعيش في سويسرا وكثير ما يستدلون في المدرسة على تعارض القرآن مع العلم بنظرية (درويتر) أفيدونا في هذا الموضوع.

د. زغلول النجار: نظرية؟

ماهر عبد الله: (درويتر).

د. زغلول النجار [مقاطعاً]: أم (دارون)؟

ماهر عبد الله: أعتقد ربما تقصد (دارون).

د. زغلول النجار: دارون.. نعم.. هو طبعاً موضوع التطور موضوع يحتاج إلى حلقة مستقلة وحده، لأنه موضوع معقد جداً، ولا نستطيع أن نفيه حقه الآن، ولكني أقول أن العلم في معطياته الكلية يؤكد على أن النقلة من طين الأرض إلى الخلية الحية لا يمكن أن تكون قد تمت بعفوية أو بصدفة، وأن تحرك هذه الخلية الحية لتعطي هذا الخلق البديع لا يمكن أن يكون قد تم بمحض الصدفة، وأن الإنسان خلق خاص لا علاقة له بالسلسلة الطويلة من قبله، ونحن كمسلمين إذا نفينا عشوائية الخلق الأول وعشوائية عمارة الأرض بمراحل متتالية من الخلق، ومحاولة ربط الإنسان بهذه السلسلة، لا حرج عندنا على الإطلاق أن نأخذ بهذه الفكرة وندرسها ونتناولها تناول الفاحص، المستنير، لأنها لا تزال في دائرة النظرية، لم تصل بعد إلى مقام الحقيقة.

ماهر عبد الله: طيب هذا كان أجبت أيضاً بطريقة أخرى على الأخ أحمد من.. من مصر –كان يريد أن يعرف عن رأيك في.. في نظرية دارون، الأخ عبد الله حسين –مهندس- يسأل: ما قولكم في الذين يقولون أن الألفاظ والمصطلحات القرآنية حول الظواهر العلمية مبهمة وعامة، وبالتالي ممكن تنطبق على كثير من الأشياء وكثير من..

د. زغلول النجار: لا.. لا، لا يمكن هذا يعني خانة التعبير الدقيق، حقيقة أن الإشارات الكونية في كتاب الله مجملة، ليست مبهمة، وليست عامة، هي مجملة، حتى كلما توسعت دائرة المعرفة الإنسانية يرى الإنسان فيها معنىً جديداً، وتظل هذه المعاني تتسع باستمرار في تكامل لا يعرف التضاد، وهذا عندي من أعظم الشهادات على إعجاز القرآن الكريم.

ماهر عبد الله: طب الأخ أحمد بهاء الدين يقول: هناك معلومة خاصة بطولة اليوم في بداية الخلق وبين محيط الأرض عند خلقها، يقول: أرجو أن تعيد سيادتك النظر في الحسابات التي أوردتها سابقاً والبحث في طول اليوم مرة أخرى.

د. زغلول النجار: والله أنا يعني ما ذكرت علاقة بقطر الأرض، الذي ذكرته أن القرآن الكريم يتحدث في آية مبهرة، يقول فيها ربنا تبارك وتعالى: بسم الله الرحمن الرحيم: (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً)، والموقع الوحيد الذي جاء فيه ذكر "يطلبه حثيثاً" الليل يطلب النهار بسرعة هي هذه الآية الكريمة لارتباطها ببدء الخلق، والعلم أكد الآن بأدلة لا يتسع المقام لعرضها أن سرعة دوران الأرض حول محورها عند بدء الخلق كانت ستة أضعاف السرعة الحالية، بحيث أنه كان عدد الأيام في سنة أكثر من 2200 يوم، وطول الليل والنهار معاً أقل من 4 ساعات.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 09:16 PM
ماهر عبد الله: طيب نعود إلى الأخوة على الهاتف، معي الأخ ناجي الكردي –من ألمانيا- أخ ناجي اتفضل.

ناجي الكردي: السلام ورحمة.

ماهر عبد الله: عليكم السلام.

د. زغلول النجار: عليكم السلام.

ناجي الكردي: لو سمحت أنا عندي مداخلة وبعض الأسئلة للسيد الدكتور الزغلول.

ماهر عبد الله: اتفضل.

ناجي الكردي: أنا شايف إنه بعض الأشياء اللي أوردها الدكتور زغلول فيها التحميل كبير جداً على النصوص القرآنية، وأعتقد إنها بعيدة جداً على سبيل المثال: موضوع الرتق والفتق، الرتق.. الرتق والفتق اللي ذكره الدكتور زغلول لا يقصد به الانفجار الكوني، وإلا كان القرآن ذكر بكل وضوح موضوع الانفجار، ولكنه ذكر موضوع الفتق، والفتق حتى في اللغة بعيد كل البعد عن الانفجار، الفتق هو عبارة عن قطعتين متلاصقتين يتم فتقهما من بعضهما البعض، وهنا يتكلم عن السماء في حالتها الحالية والأرض وكأنهما، متلاصقتين، ثم حصل الفتق بينهما أن رفع السماء وترك الأرض في مكانها وبالنسبة للجزء الذي قاله عن أن في التوراة هناك أخطاء ضد العلم، أنا قرأت الإصحاح الأول من التكوين ولم أجد فيه ما يتعارض مع العلم الحديث، وممكن الدكتور زغلول يفيدنا إذا كان هناك بعض الأخطاء العلمية في الإصحاح الأول من سفر التكوين، كما أنني أتابع ما يكتبه الدكتور زغلول في جريدة الأهرام يومياً وأخذت بعض النصوص من ما يكتبه في الجريدة، وناقشت بها بعض الغير المسيحيين وعندما جئت إلى النقطة التي تقول: وصنعنا من الماء كل شيء حي.
ماهر عبد الله: وجعلنا.

ناجي الكردي: قال لي أحدهم أنها واردة في الإنجيل قبل القرآن بـ 600 سنة فماذا.. ما هو الرد المناسب حيث أن الإنجيل سبق القرآن في أن (صنعنا من الماء كل شيء حي) وشكراً.
ماهر عبد الله: (وجعلنا من الماء كل.. ) طيب، الأخ هادي أبو عمرية -من السعودية- أخ هادي اتفضل.

هادي أبو عمرية: السلام عليكم ورحمة الله.

ماهر عبد الله: عليكم السلام.

د. زغلول النجار: يا ريت كنا نرد عليهم واحد واحد يا أخي.

هادي أبو عمرية : أنا يعني أري إن فيه مزلق خطير في التمادي في التفسير العلمي للقرآن، إذا كان ممكن أن تسمعوني لثواني.

ماهر عبد الله: اتفضل.

هادي أبو عمرية: أولاً: النظريات هذه التي تقولونها لم.. يعني يكتشفها علماء المسلمين القارئيين للقرآن.. القارؤون للقرآن، بل جاءت من الغرب ثم ذهبتم تبحثون عن آيات فيها تلميح أو شبه تلميح عن هذا الإعجاز فجعلتهم القرآن شاهداً للعلم ولم تجعلوا العلم شاهداً للقرآن، والعلم متغير متبدل لأنه نظريات عقلية، والقرآن حقائق ثابتة، وهذا فيه تشويش على أجيال المستقبل فيما لو إذا يعني تغيرت النظريات وتبدلت مفاهيم الناس، التمادي في هذا شيء والقرآن حمَّال أوجه فيه مزلق خطير وتشويش على الأجيال المستقبلية.

ماهر عبد الله: مشكور سيدي.

هادي أبو عمرية: فمثلاً كلمة أخيرة (أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما) كيف كان هذا الرتق وكيف كان الفتق؟ هل كما يقول العلماء حقاً، أم أنه قد تتغير نظرية العلماء إلى الفتق والرتق؟ ثم نحمل القرآن تارة أخرى على هذا؟ هذه مداخلات.

ماهر عبد الله: طيب مشكور جداً يا أخ هادي، معايا الأخ على –من السعودية- أخ على.

د. زغلول النجار: ..مش هنعرف نسأل نجاوبهم واحد واحد يعني.

علي نجاس: آلو.

ماهر عبد الله: لا – إن شاء الله – أنا كاتبهم، خلاص أنا كاتبهم.

علي نجاس: آلو.

ماهر عبد الله: اتفضل يا أخ علي.

علي نجاس: السلام عليكم.

ماهر عبد الله: عليكم السلام.

علي نجاس: سيدي بأسأل عن آيتين الله بيقول (ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم) والآية الثانية بتقول: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ) يعني الآيتين هذه بأعرف تفسيرها من دكتور زغلول.

د. ماهر عبد الله: طب اذكر لنا الآية الثانية بس لو تسمح.

د. زغلول النجار: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ. الخلق).

علي نجاس: أيه؟

ماهر عبد الله: خلاص، مشكور، فيه سؤال تاني.

علي نجاس: لا، جزاك الله خير.

ماهر عبد الله: شكراً يا أخ علي طب تبدأ بهذا السؤال.

د. زغلول النجار: أي واحد؟

ماهر عبد الله: هو السؤال الأخير: (ما أشهدتهم خلق السماوات).

د. زغلول النجار: يعني تبدأ بالعكس ليه؟ !.

ماهر عبد الله: لأنه هذا الموضوعات.. التفسير في الآية الباقية، لم تكن عندك نقاش طويل مع الآخرين.
د. زغلول النجار: طيب ماشي، ماشي، طيب يعني هو القرآن الكريم.. طيب القرآن الكريم يقول: (ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا) هنا إشارة إلى حقيقة واقعة أن نفراً من الإنس أو الجن لم يشهد عملية الخلق، لا خلق السماوات والأرض ولا خلق ذاته، ولذلك قضية الخلق من القضايا الشائكة التي إذا خاض فيها الإنسان بغير هداية ربانية فإنه يضل ضلالاً بعيداً لكن يأتي القرآن الكريم نفسه يقول: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق) ليؤكد لنا على أن الله تعالي من رحمته بنا قد أبقى لنا في صخور الأرض وفي صفحة السماء من الشواهد الحسية ما يمكن أن يعين الإنسان على الوصول إلى تصور ما عن كيفية الخلق ولكن هذا التصور يتعدد بتعدد خلفية النظر إليها، ولذلك لابد من الاستعانة بالإشارات القرآنية للوصول في قضية الخلق إلى تصور صحيح، لأنها قضية لا يستطيع العلم التجريبي أن يتجاوز فيها مرحلة التنظير.

ماهر عبد الله: طب الأخ ناجي الكردي.

د. زغلول النجار: ناجي الكردي.

ماهر عبد الله: أولاً يعتقد هو أن كل هذا تحامل على النصوص.

د. زغلول النجار: لا لا، لا كلام يعني واحد لم يدرس ولم ينظر ولم يفكر إطلاقاً بعقلية حينما يقول القرآن الكريم: (أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي) ثم يأتي العلم الحديث في مطلع القرن العشرين ليؤكد أن من صفات السماء أنها دائمة التوسع، وهناك شواهد حسية عديدة على هذا التوسع، وهذا التوسع يُقاس، ثم يقول العلماء: إذا عدنا بهذا الاتساع إلى الوراء مع الزمن فلابد أن تلتقي مادة الكون كلها - المنظور على الأقل – في جرم واحد، هذا الجرم كان له كثافة لا يكاد العقل البشري أن يتصورها وجعله في حالة حرجة، انفجر، تحول إلى غلالة من الدخان، والقرآن يقول: (ثم استوي إلى السماء وهي دخان) خُلق من هذا الدخان الأرض وباقي أجرام السماء وما بينها هذه الأجرام من غازات ومواد صلبة.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 09:16 PM
ماهر عبد الله: طب ما كان سؤال لو ربطنا بسؤال الأخ هادي بعده إنه ماذا لو نظرية الانفجار هذه تغيرت؟

د. زغلول النجار: حقيقة..، هي ليست نظرية، دا أصبح الانفجار حقيقة كونية، صحيح لا يستطيع العلم أن يقول أنها حق، لأن قضية الخلق لا يمكن للعلم البشري أن يصل فيها إلى جزم قاطع، نظرية من ضمن النظريات ولكن نظرية تقوم عليها من الشواهد ما يدعمها الكثير، توسع الكون يدعمها، وجود حرارة درجة الحرارة على أطراف الجزء المُدرك من الكون ثابتة، حيثما نظر الإنسان يدعمها، تخلق العناصر نفسه يدعمها، وجود سحابة من الدخان الكوني الذي بدأ منه الخلق صُورت يدعمها، فهي يعني ترقي الآن إلى مقام الحقيقة، ونحن نرتقي بها كمسلمين إلى مقام الحقيقة لوجود إشارة قرآنية لها، ونكون هنا ننتصر للعلم بالقرآن، وليس العكس –كما قال الأخ هادي أبو..

ماهر عبد الله: أيوه، ما أنا جاي لك على سؤال الأخ هادي، خلينا في سؤال الأخ ناجي سؤاله الثاني، سألك عن!

د. زغلول النجار: هل التوراة فيها أخطاء علمية؟

ماهر عبد الله: أخطاء في سفر التكوين.

د.زغلول النجار: نعم، طبعاً، أنا أحيلة إلى كتاب (موريس بوكاي) التوراة والإنجيل والقرآن والعلم، وهذا طبيب فرنسي كتب هذا الكتاب وهو كاثوليكي يتبع الكنسية الكاثوليكية، وقسم الكتاب إلى نصفين، النصف الأول استعرض فيه كل الإشارات الكونية في العهدين القديم والجديد، وأثبت بغير معاناة أن هذه الإشارات خاطئة في منظور العلم الحديث، ثم النصف الثاني من الكتاب استعرض بعض الآيات الكونية في القرآن الكريم وأثبت بغير معاناة أنها تتطابق تماماً مع المعطيات الكلية للعلوم في زماننا.
ماهر عبد الله: هل.. هل يحضرك أي من الأمثلة على.. على الخطأ؟

د. زغلول النجار: كثير جداً بس قد لا لا.. أريد أن أُفصِّل في هذا الأمر، هو ويرجع لكتاب موريس بوكاي، نعم، نعم.

ماهر عبد الله: خلاص، طيب.

د. زغلول النجار: حتة( وجعلنا من الماء كل شيء حي) أنا أقول: أن نحن كمسلمين نؤمن بأن عيسي عليه السلام تلقي وحياً من الله اسمه الإنجيل، وأن موسى – عليه السلام – تلقي وحياً من الله اسمه التوراة، لكن أين أصول هذا الوحي الذي جاء إلى موسى – عليه السلام – والذي جاء إلى عيسي عليه السلام؟ ضاع بالكامل، والذي بقي كُتب من الذاكرة والإنسان حينما يكتب عن قضايا علمية من الذاكرة في زمن لم تكن هناك هذا المستوى من المعرفة العلمية لابد أن يخطئ أخطاء كثيرة، ولكن يبقي في هذه الكتب على.. على تزويرها بقايا الحق القديم لا أنكره، فإذا كان جاء في.. في ما يسمي (بانتا تيوك) أو الكتب الخمسة في مقدمة ما يسمي بالعهد القديم إن (جعلنا من الماء كل شيء حي) هذه بقية من بقايا الحق القديم..

ماهر عبد الله: نعم، وفي الأساس نحن ليس لدينا مشكلة يعني لا مع التوراة ولا مع الإنجيل.

د. زغلول النجار: ليست لدينا مشكلة إطلاقاً، نعم.

ماهر عبد الله: طب أنا هأؤجل بس اسمح لي دقيقة بتأجيل سؤال الأخ هادي، لأن أنا أعتقد إنه يعني فيه الأكثر تحدي لجزء مما قيل، بس عندي إخوة على الهاتف من فترة إذا سمحت لي..

زغلول النجار: اتفضل اتفضل.

ماهر عبد الله: الأخ حسن – من المجر – أخ حسن تفضل.

حسن القديمي: آلو، السلام عليكم.

ماهر عبد الله: عليكم السلام.

د.زغلول النجار: عليكم السلام.

حسن القديمي: أنا فقط ليس لي إلا سؤال فقط قصير جداً وهو: كيف تفسر هذه الآية في ضوء المعارف الحديثة قول الله سبحانه وتعالي : (فلينظر الإنسان مم خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب إنه على رجعة لقادر) ؟ وشكراً.

ماهر عبد الله: طيب مشكور يا أخ حسن، معي الأخ سالم عبد الله – من بريطانيا – أخ سالم اتفضل.
سالم عبد الله: السلام عليكم.

زغلول النجار: عليكم السلام ورحمة الله.

ماهر عبد الله: عليكم السلام.

سالم عبد الله: أخي العزيز الدكتور الفاضل، المعجزة في الإسلام هي معجزة للبشر إلي يوم القيامة، يعني هى المعجزة تكون قائمة إلى قيام الساعة، وهذا ليس حال ما يسمي بالإعجاز العلمي، فهو كان معجزاً للسابقين ولكن ليس معجزاً الآن المعجزة يجب أن تكون في كل زمان ومكان للناس جميعاً، هذه الآيات اللي تفضلت فيها هي آيات قدرة وليست آيات إعجاز، لأن ما يجري في الكون من نظام دقيق الغرض منه هو لفت نظر الناس إلى عظمة الخالق المبدع القادر، فهذه النقطة الإسلام تحدى، الرسول – صلي الله عليه وسلم – تحدي العرب وتحدى البشرية إلى.. إلى يوم الساعة بالإتيان بسورة واحدة، وهذا التحدي لا يكون في الجانب العلمي، آيات ما تسمي بالإعجاز العلمي هي آيات قدرة وشكراً.

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طب أخ أخ سالم، أخ سالم تسمح لي، تسمح لي، بسؤال.

سالم عبد الله: نعم يا أخي.. اتفضل..

ماهر عبد الله: تسمح لي، ما الذي يجعلك تقول: إنه لأنها آيات قدرة فهي ليست آيات إعجاز؟

سالم عبد الله: المعجزة هي معجزة الآن الله –سبحانه وتعالى- تحدى البشرية أن يأتون بسورة واحدة من القرآن، وهذه المعجزة معجزة كانت للعرب السابقين والعرب الحاضرين والعرب الذين سيأتون من بعدنا، فهي معجزة للبشرية في كل زمان ومكان لا يأتون.. لا يستطيعون الإتيان بمثله أما هذه الآيات سابقاً العرب لم يفهموا حقيقية هذه الآيات، الآيات الكونية، الآن تم فهمها بشكل دقيق وبشكل علمي واضح، فلذلك هي لم تكن معجزة اليوم للناس، ولكن كانت..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: مشكور، أنا فقط فقط للاستيضاح أخ سالم، حتى لمَّا نحوِّل سؤالك على الأخ زغلول نكون نعبر عما.. عما أردت أن تقوله لا ما فهمته أنا خليني أرجع لك ليعني كلام الأخ سالم بيربطك في صميم موضوع الأخ هادي أبو عمرية، هو مزلق خطير في التمادي يعني إنه مزلق خطير أن نتمادي في التفسير العلمي.

د.زغلول النجار: طيب كيف يكون.. كيف يكون منزلق؟

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 09:17 PM
ماهر عبد الله: أحد.. أحد الأسباب التي ذكرها أن هذه النظريات كلها.. كلها جاءت من الغرب ليست من إنتاج العقل المسلم، وليست مبنية على فلسفة العلم عند المسلمين، ثم نبحث لها عن مُسوِّغ..

د. زغلول النجار: يا أخي، يا أخي، هذا كلام.. هذا كلام مردود تماماً، العلم بتراث البشرية على الإطلاق، بغض النظر من الذي أتي به، سيدنا رسول الله - صلي الله عليه وسلم – يقول: الحكمة ضالة المؤمن أنيّ وجدها فهو أولى الناس بها أي شيء يقوم عليه الدليل، يدعمه البرهان، تؤكده الحجة، نحن أولى الناس به، جاء به يهودي، جاء به نصراني، جاء به كافر، نحن أولى الناس به، لأن هذا الحق إذا بقي بأيدي الكفار والمشركين يوظفونه توظيفاً ضاراً بالشرية، على.. على إطلاقها كما هو حادث الآن، فالكلام إن أولاً: نحن لا نوظف النظريات، نحن نوظف الحقائق القطعية الثابتة التي لا رجعة فيها، نوظف النظرية فقط في قضية الخلق التي لا يمكن للعلم التجريبي أن يتجاوز فيها مرحلة التنظير، ونرتقي بالنظرية إلى مقام الحقيقة لوجود إشارة في كتاب الله أو في سنة رسول الله –صلي الله عليه وسلم- لها، كقضية الرتق والفتق وغيرها من قضايا الخلق.

ماهر عبد الله: بس تسمح لي، تسمح لي.

د.زغلول النجار: اتفضل نعم.

ماهر عبد الله: يعني أولاً: هذا الكلام فيه للرد عليه جانبين.

د. زغلول النجار: اتفضل.. نعم.

ماهر عبد الله: الجانب الأول: أنه في قضية الخلق أنت نفسك قلت أنه لا يمكن أن تنتقل إلى معنى الحقيقة المطلقة.

د.زغلول النجار: طبعاً، طبعاً.

ماهر عبد الله: هذا جانب، الجانب الآخر: أنه في الجوانب العلوم الطبيعية قد يكون هذا المنطق مقبولاً، لكن الغربي يعتقد أن العلوم الإنسانية أيضاً بنفس الدقة وبنفس التجريبية، فلو دخلنا هذا المنزلق، وتلك علوم مبنية على افتراضات عقائدية خطيرة.

د. زغلول النجار: لا يا أخي، لا تسميه مُنزلق..، لأ لأ، لا تسميه منزلق، هذا علم هذا معرفة، هذا نور، هذا حكمة كيف أسميه منزلق؟

ماهر عبد الله: في الدراسات الإنسانية.

د. زغلول النجار: يا أخي اترك الدراسات الإنسانية.. الآن، أنا بأتكلم عن إشارات كونية في كتاب الله تبلغ سدس القرآن الكريم، هل تفُهم أو نقف منها صُم عُمي لن نقول فيها قولاً، لابد أن تفُهم، وفهمها في إطار اللغة لا يكفي، لا يمكن أن يصل بك إلى تصور صحيح، فلابد من توظيف المعارف العلمية الحديثة لحسن فهم دلالة هذه الآيات، وإلا سنكون كالذي يدفن رأسه في الرمال، ونحيا أبد الدهر على تفسير القدماء، وهو في هذه القضايا لم يوفي الآيات الكونية حقها على الإطلاق.

ماهر عبد الله: طيب أنا عندي سؤال معكوس تماماً.

د. زغلول النجار: بس قبل أن.. أن تطرح سؤالك الأخ هادي أبو عمرية هذا قال: العلم متغير والقرآن ثابت.

ماهر عبد الله: والقرآن ثابت.

د.زغلول النجار: هذا كلام غير.. كلام غير صحيح، الناس دول لا يعرفوا قيمة العلم، العلم يصل إلى حقائق قطعية، حينما أتحدث عن كروية الأرض، هذه حقيقة، تباين الليل والنهار هذه حقيقة، مد الظل وقبضه هذه حقيقة، العلم ليس كله نظريات.

ماهر عبد الله: لا، هو يقول السؤال في.. في جانب آخر، وهو أنه قد يكون هذا البحث في الإعجاز الحقيقة لا أستطيع يعني أن أن أعثر عليه على الموقع، لماذا لا يكون.. لو كان العلم هذا مفيداً لكان الأولي أن يُفتَّح القرآن أذهاننا لاكتشاف هذه المكتشفات العلمية.

د.زغلول النجار: الله أكبر!!

ماهر عبد الله: بدل من أن.. لماذا لا يقع هذا..؟

د. زغلول النجار: الله أكبر! ! القرآن ملئ بالحض على النظر في الكون.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 09:17 PM
ماهر عبد الله: لا اسمح لي، تاريخياً، هذا يعني ليس اعتراضاً على القرآن، غالبية النظريات التي نستشهدها أو الحقائق التي نستشهد بها على إعجاز القرآن العلمي يكون الاستشهاد كالتالي: نكتشف حقيقة علمية، ثم بعد سنوات نبحث عليها فنقول: هذه الآيات تؤكد هذه النظرية.

د. زغلول النجار: يا أخي أنت تتكلم عن أمة متخلفة الآن، الأمة الإسلامية والأمة العربية أمة متخلفة الآن، ولابد لنا من الاعتراف بذلك، وفي ظل التخلف ماذا تتوقع؟ هل تتوقع أن تكتشف شيء؟ لا تتوقع أن تكشف شيء نحن أمة متخلفة، وهذا التخلف إذا لم يُرفع عن الأمة، وإذا لم نصل إلى.. نلحق بالركب، لا يمكن لك أن تكتشف تكتشف فين؟ العلم أصبح مكلفاً كلفة بالغة للغاية، لم بعد هزاراً ولا عملية يعكف عليها فرد لوحده، العلم تجربة غالية للغاية ينفق عليها مئات المليارات من الدولارات سنوياً، ونحن دول فقيرة متخلفة انشغلنا بالدنيا وبالقصور الفارهة وبالأثاث الوفير، ونسينا أن أمامنا مهمة كبيرة: أننا أمة وسط مطالبة بالتبليغ عن الله وعن رسوله صلي الله عليه وسلم، ولو وعينا ذلك ما وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن.

ماهر عبد الله: سيدي، بس ختاماً يعني اسمح لي أن أعتذر للأخ حسن الذي سأل عن تفسير آية (فلينظر الإنسان مم خلق) عذر الدكتور أنها موضوع طبي تخصصي وليس في مجال..

د. زغلول النجار: أنا أفهم مدلول الآية لكن أتوقف عن شرحها.

ماهر عبد الله: للتخصصي، طيب، جميل هذا الكلام للتخصص، الأخ سالم العبد الله من المملكة المتحدة يقول أن المعجزة الأصل فيها أن تكون إلى قيام الساعة بمعني أن.. أن تتسم بالإعجاز في كل الأوقات وفي كل الأزمنة، الإعجاز العلمي يتوقف على أن يكون إعجازاً حالما نعلم المقصود به وحالما يقع الربط، وبالتالي هو آيات قدرة – كما أسماها – وليست بالضرورة آيات إعجاز.

د. زغلول النجار: هذا مفهوم قاصر جداً يعني الحقيقة، ما معني آية قدرة وليس فيها في إعجاز؟ نحن نعلم أن الآيات الكونية تأتي كلها في مقام الاستدلال على طلاقة القدرة الإلهية، أن الله تعالي الذي أبدع هذا الكون هو الوحيد الجدير بالعبادة من غير شريك ولا شبيه ولا منازع وتشهد لله أيضاً بأنه الذي أبدع هذا الكون قادرٌ، على إفنائه وقادر على إعادة خلقه من جديد، الإعجاز هنا هو سبق القرآن الكريم في الإشارة إلى حقيقة لم يدركها العلماء إلا منذ عشرات قليلة من السنين، هذا هو الإعجاز، ويبقي معجزاً حتى بعد كشفها، إنما كوني أنا أدّعي أن المعجزة تزول بعد كشفها لا، هذا كلام قاصر وغير صحيح وغير دقيق.

ماهر عبد الله: طب الأخ أظن اسمه ذوق يقول: ألا تتفق معي بأن.. بأن الآية الكريمة (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان فبأي آلاء ربكما تكذبان) ترد على من ينكر وجود الإعجاز العلمي في القرآن خاصة إذا أثبت العلم صحة ذلك؟

ضرورة عدم التكلف وتحميل الآيات غير ما تحتمل

د. زغلول النجار: بدون شك، بدون شك، وكانت الجن يعني أفقه من الإنس .حينما سمعوا هذه الآية الكريمة فتردد في سورة الرحمن (فبأي آلاء ربكما تكذبان) كانوا يقولون على الفوز: ولا بأي من آلائك يا رب نكذب، فلك الحمد ولك الشكر، والإنس يسمعونها ولا يقولون ذلك!!
ماهر عبد الله: طيب سؤال من الأخ لؤي أحمد الشريف – طالب من مصر – ذكرت قول الله تعالي: (في ستة أيام) أي أن خلق السماوات والأرض ليس بالضرورة كونه اليوم المعروف من أيام الأسبوع.
د.زغلول النجار: لا لا، ستة مراحل.

ماهر عبد الله: لكن الرسول -صلي الله عليه وسلم- ولكن وقال الرسول – صلي الله عليه وسلم - :إن الله بدأ الخلق الأحد.

د. زغلول النجار: لأ، هذا الحديث ضعيف جداً، وأغلب الظن أنه من الإسرائيليات، وسنده ضعيف.
ماهر عبد الله: طيب الإخوة أو الأخت سهام من مجموعة –آخرين وهي موظفة من الكويت- يعني تريد، أكثر من سائل يريد أن يعرف إذا كان لك موقع على الإنترنت كيفية الاتصال مع بعض الإخوة المساهمين.

د.زغلول النجار: لي موقع في منظمة الطب الإسلامي في الكويت وموقع في الـ Islam on line وموقع باسمي النجار يعني يجدوا تحت منه مقالات كثيرة في هذا الأمر.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 09:18 PM
ماهر عبد الله: طيب نعود للهواتف، نأخذ الهاتفين الأخيرين، أولاً ثم نحصر نقاشنا في.. في الإنترنت، معايا الأخ عبد العظيم فاروق –من ألمانيا- أخ عبد العظيم اتفضل.

عبد العظيم فاروق: أهلاً وسهلاً، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

د. زغلول النجار: أهلاً بك، عليكم السلام ورحمة الله.

ماهر عبد الله: عليكم السلام.

عبد العظيم فاروق: أنا بأشكر الدكتور النجار وبأشكر الأخ ماهر على هذا اللقاء الجميل، أنا كنت أسمع ولا أريد أن أتداخل ولكن -سبحان الله- يعني وجدت التداخل من الأخ هادي أبو عميرة حثني إلى تداخل سمعت من أحد العلمانيين الذين هربوا إلى الغرب، أننا نستخدم علوم الغرب في تفسير القرآن، هذا يا أخي خطأ كبير جداً، أنا أعمل في ألمانيا منذ 12.. منذ 12 عاماً.

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: الموقف، تسمح لي يعني، الموقف خطأ أم تفسير الـ..؟

عبد العظيم فاروق: الموقف من الأخوة اللي بيقولوا: إن إحنا بنقدم العلم إن إحنا نفسر القرآن ده موقف خطأ.

ماهر عبد الله: نغم تفضل.

عبد العظيم فاروق: ولازم نفصل للإخوة إن إحنا بالفعل إن القرآن أصلاً يعني مش بالسهولة إن الإنسان يفسره أو يكتشفه، الأمراض الخبيثة زي مرض الكبد الوبائي ومرض الإيدز موجود من زمان، ولمَّا اكتشفنا تكنولوجيا الحياة الحديثة قدرنا نعرف إن إحنا كيف نعزل RNA ونتعرف عليه، البكتريا الموجودة في التربة دي حقيقة علمية وأنا اشتغلت فيها ودي لم.. لم تنشر إلى الآن، وهذا إعجاز علمي خطير جداً، 99%من هذه البكتريا لا يُعرف ولا ينُمي في أي بيئة إلى الآن، وكيف عرفنا ذلك؟ باستطاعتنا مع شركات كبرى في أميركا وأذكر شركة منها موجودة في الإنترنت وكل واحد يخش فيها على الإنترنت، شركة بايلوت فيزرا وعملت برءاة اختراع عن هذه الطريقة لعزل كل المادة الوراثية للكائنات الموجودة في التربة، وخصوصاً الكائنات البكتيرية والكائنات الميكروبيولوجية وهذه الطريقة صعبة جداً، لأن ربنا سبحانه وتعالي أوجد مادة في التربة هي مثبطة لكل إنزيم بيكسر DNA أو بيقطعه، فأنا ممكن أعزل DNA وما أقدرش أتعامل معاه، وهي بتسمي مادة الهرمون أسيد الهومونيك أسيد دي مش مشاكل؟ هي عبارة عن تكنولوجيا محتاجها الإنسان حتى يقدر يفسر إن ربنا –سبحانه وتعالي- خلقه، أنا أتحدي يعني إن إحنا نقدر في خلال الـ 200سنة القادمة رغم تقدم العلوم إن إحنا نعزل الـ 99% من البكتريا الغير معروفة، يعني المضادات الحيوية سواء يعني أبُيدت كيماوياً أو تراكم.. (المراحل) العليا في البكتريا..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طيب يا أخ، أخ عبد العظيم عندك مشكور على المداخلة، عندك سؤال عندك سؤال محدد للدكتور زغلول؟

عبد العظيم فاروق: نعم عندي سؤال محدد إن هناك ظواهر كونية موجودة لا يمكن تفسيرها، إلا.. إلا بالقرآن، وإلا بالرجوع إلى القرآن، فكيف نثبت لهؤلاء هذا الأمر؟ وكيف نوحد هذا الأمر وكيف نثبت لهم بطريقة بسيطة جداً إن.. إن هذا الأمر يعني اللي.. اللي بيقولوه ده خطير جداً؟
ماهر عبد الله: طيب مشكور جداً يا سيدي، معايا مكالمة أخرى الأخ أنور، تفضل يا أخ أنور.. من الدانمارك.

أنور عبد الله: نعم، السلام عليكم.

ماهر عبد الله: عليكم السلام.

د.زغلول النجار: عليكم السلام ورحمة الله.

أنور عبد الله: تحية طيبة للأخ ماهر والأخ الدكتور زغلول النجار.

ماهر عبد الله: حياك الله.

أنور عبد الله: الحقيقة أنا في السنوات الماضية بأكتب في موضوع قصور العلم الحديث، وهو قد يتفق وقد يتعارض مع ما طرحه الأخ الدكتور زغلول النجار، لأن مسألة الإعجاز العلمي في القرآن سيطرح إشكالية كبيرة في تعريف العلم، ما نقصد بالعلم؟ العلم الحديث هو علم تجريبي حسي، قياسي، وهو علم الكم وليس علم النوع كل ما قال وذكره الأخ الدكتور عن الأجرام وأبعادها والأقطار اللي في السماوات كلها أرقام، كلها أعداد، النوع هو يدخل في الغيب يعني العلم الحديث وصل الآن أن يعرف عدد ذرات الكون، ولكن هو يعجز أن يعرف مصير ذرة واحدة بعد ثانية واحدة، هم.. هم يسمونه Principle uncertainty بالإنجليزي، ونحن بالقرآن الكريم أو الغيب وهذا هو الفرق الكبير ما بين المطلق وما بين العلم الحديث، العلم الحديث لا يتجاوز عمره أربعة قرون فقط، ولو نرجع إلى المعرفة الإنسانية التي تمتد إلى ما يقارب ستة آلاف سنة، لوجدنا أن هناك جانب من الحكمة في المعرفة الإنسانية أكثر من العلم الحديث، العلم الحديث نحن في الغرب نقول عنه: smart unwise science .

د. زغلول النجار: أيه؟

أنور عبد الله: هو علم شاطر غير الحكيم.

ماهر عبد الله: smart unwise تفضل.

أنور عبد الله: فهنا الإشكالية، أنا طبعاً أتفق مع الدكتور ومع الإخوة اللي عملوا في مجال الإعجاز العلمي في القرآن، ولكن أدعو إلى الحذر في التعامل مع ما يقوله العلم.

ماهر عبد الله: طيب مشكور جداً يا أخ أنور، ولكن ستسمع تعليق الدكتور بعد هذا الفاصل.

ماهر عبد الله: سيدي،تعلق على كلام الأخ أنور بداية سنعود لسؤال الأخ عبد العظيم، سؤال الأخ عبد العظيم كان نصيحة أكثر منه يعني مداخلة، الأخ أنور يقول إنه يعني في دراسة أصول العلم الحديث هناك إشكالية في تعريف العلم، العلم الغربي على الأقل بشكله الحديث تجريبي حسي قياسي، وبالتالي في نظره هو علم كمي لا نوعي فيعني لابد من الدعوة إلى الحذر –باعتقاده- على اعتبار أنه علم ذكي ولكن بالحرف هو قال: لكنه غير حكيم، فكيف نوظف ما كان غير حكيم في خدمة الكتاب الأكمل؟

د. زغلول النجار: دائماً الكلام فيه تجني على العلم حقيقة يعني، العلم التجريبي هو استقراء لسنن الله في الكون وهذه السنن سنن ثابتة منضبطة دقيقة، والذي.

قضية الإعجاز العلمي بين النظريات والحقائق المؤكدة

يعين الإنسان على الوصول إلى حقائق منها هو ثبات هذه السنن، لو لم تكن هذه السنن ثابتة ما استطاع الإنسان بعقله المحدود وقدرات حسه المحدودة أن يصل إلى تصور دقيق أبداً ولا لفهم قانون واحد من قوانين الأرض أو قوانين الكون فاتهام العلم بأنه علم قاصر، لأ، هو القاصر حواس الإنسان وعقل الإنسان وقدرات الإنسان، لكن الذي يعطي للعلم التجريبي زخمه وأحقيته هو: ثبات السنن الكونية التي يمكن للحس الإنساني أن يصل إلى فهمها على الرغم من إمكانية الإنسان المحدودة، أنا كتبت مقدمة لكتاب رائع بعنوان قصور العلم البشري كتبه أخ مهندس من العراق توفي إلى رحمة الله المهندس (قيصر خرطاس)، وكتبت له مقدمة في أكثر من 30 صفحة، والرجل يعترف تماماً أن العلم البشري قاصر، لكن حينما يصل العلم البشري إلى اكتشاف سنة من سنن الله في الكون أو حقيقة من حقائق هذا الكون لا يصبح العلم قاصراً، حقيقة ثابتة يمكن استقرائها واسترجاعها والتأكيد عليها من ناحية آلاف من العلماء، فلابد أن نفرق بين الفرض والنظرية والقانون والحقيقة، هذه مراحل في.. في العلم، إذا وصل العلم إلى مرتبة القانون أو مرتبة الحقيقة وصل إلى حقيقة قاطعة لا لا.. ينطبق عليها قصور الإنسان في حسه وعقله ومحدودية مكانه وزمانه هو يقول: إن يعجز العلم الحديث عن خلق ذرة، طبعاً الخلق هو إيجاد من العدم، والإيجاد من العدم لا يقوي عليه إلا الله سبحانه وتعالي.

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: لا، هو هذا صحيح، بس هو لا يعني تعليقه بس للدقة قال: أن العلم الغربي الحديث بصورة يستطيع أن يعرف عد الذرات ولكن لا يستطيع أن يقول ما سيحدث لها بعد ذلك.

د. زغلول النجار: لا لا ولا يستطيع، لا ولا يستطيع، نحن ندرك جزءًا صغيراً من السماء الدنيا فقط، ما بعد ذلك لا يعلمه إلا الله -سبحانه وتعالي- لا يستطيع العلم أن يقول عدد الذرات في الكون كم وإن كانوا يحاولون لكن الخلق إيجاد من العدم، والإيجاد من العدم قدرة لا يملكها إلا رب العالمين فالقرآن يقول: (إن الذين كفروا لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له) نعم فالحقيقة يعني اتهام العلم بالقصور وبالعجز وبمحدودية إمكانات الإنسان، يعني وضع العاجز، العلم إذا وصل إلى قانون ثابت أو إلى حقيقة قاطعة وصل إلى علم من علوم الله سبحانه وتعالي لأن هذه الحقيقة صنعها الخالق سبحانه وتعالي.

ماهر عبد الله: هذا الكلام يؤيدك فيه الأخ عبد الرحمن –طالب من مصر- يقول إن العلم ليس من صنع الغرب، العلم من صنع الله، لكن الغرب للأسف هو الذي.

د. زغلول النجار: سبقنا في الكشف عنه.

أحمد سعد الدين
02-12-2010, 09:18 PM
ماهر عبد الله: في الكشف عنه، طب الأخ عبد الرحمن له يعني تعليق آخر، لا أدري ماذا تقول فيه: إنه لمن المحزن أن نسمع من المسلمين كلاماً يقيد صلاحيات كتاب الله المعجز ويحط من شأنه ويجعله مجرد كتاب قوانين، أو مجرد أوامر ونواهي وعبر هل مَنْ يقول ذلك جاهل؟ يعني.. برضو.. حتى..

د. زغلول النجار: لا أنا أقول حقاً لا نريد أن نتهم الناس بالجهل لكني أقول: هذا من مآسي زماننا الذي نحيا فيه أنه فُرض علينا ازدواجية في التعليم، نحن نربي دراسي.. دارسين للعلوم الإنسانية والدراسات الدينية والشرعية لا يعرفون شيئاً عن المعطيات الكلية للعلوم، ونربي خريجي كليات علمية وتطبيقية لا يعرفون قدراً كافياً من الدراسات الشرعية أو الدراسات اللغوية، فوُجدت هذه المفاصلة التي فرضت علينا من قبل الاستعمار، ولم تستطع الأمة بعد خروج المستعمر أن تعبر هذه الفجوة على الإطلاق، وأنا أنادي منذ القديم بضرورة عبر هذه الفجوة، لأنه بدون أن نعبرها ستبقي.. كحوار الطرشان لا يفهم بعضنا البعض الآخر، كل واحد في وادي كما رأيت من أسئلة الإخوة الذين طرحوا هذه الأسئلة لم يستوعبوا القضية، لم يفهموها، لم يفهموا دلالتها وهذا سببه -حقيقة- المفارقة بين.. أو المفاصلة بين أو الازدواجية بين التعليم عندنا، وهي ازدواجية لا يعرفها الإسلام.

ماهر عبد الله: الأخ عصام عثمان حمدي يقول: ما أود أن أشير إليه إلى أن القرآن مجمل بشكل عام، قد تستطيع أن تؤكد من خلال آياته أن الأرض كروية كما أنك تستطيع أن تثبت من خلال آياته أيضاً أن الأرض منبسطة كل هذا يعتمد على المفسر.

د. زغلول النجار: هذا كلام.. هذا كلام غير صحيح، يعني إذا كان بعض المفسرين قد أخطأ التفسير أنا أُحمِّل هذا للقرآن الكريم؟ أبداً حينما يتكلم القرآن يقول: (يكوّر الليل على النهار ويكوّر النهار على الليل)، كيف يمكن للأرض أن تكون منبسطة؟ يعني الليل والنهار ليسا أجسام مادية تُكوَّر ولكنها فترات زمنية تعتري الأرض، فإذا كور الليل كان هذا إشارة إلى كروية الأرض، وإذا كور النهار إشارة إلى كروية الأرض، تبادل الليل والنهار، إيلاج الليل في النهار والنهار في الليل، اختلاف الليل والنهار، كل دي لا يمكن أن تحدث إلا إذا كانت الأرض كروية والآيات الدالة على كروية الأرض أكثر من أن تحصى في لقاء كهذا.

ماهر عبد الله: كان أحد الاخوة سأل عن غُلبت الأرض في..

د. زغلول النجار: (غلبت الروم في أدنى الأرض).

ماهر عبد الله: (غلبت الروم في أدنى الأرض) يعني الحقيقة فقدت موقعها على الإنترنت، هل لها علاقة فعلاً بالموقع الجغرافي أنه ثبت أنه…؟

د. زغلول النجار: نعم، نعم، يعني المعركة تمت في حوض البحر الميت، وحوض البحر الميت أكثر أجزاء اليابسة انخفاضًا، فيبلغ مستوى منسوب البحر الميت 400 متر تقريباً تحن مستوى سطح البحر، ولا تعرف البشرية نقطة على اليابسة في هذا المستوى من الانخفاض، وكان قدامى المفسرين يقولون: أدنى الأرض يعني أقرب الأرض، لأن أدنى قد تحمل المعنيين، بمعنى أقرب وأخفض، فقالوا: أدنى الأرض هنا معناها الأقرب، لكنها بالإضافة إلى ذلك نفهم الآن روعة التعبير القرآني أدنى الأرض أنها أكثر أجزاء اليابسة انخفاضاً.

ماهر عبد الله: الأخت.. الأخت حلا حسن حكيم -من السعودية- على ذكر الأرض: ما هو المقصود بالأرض السابعة؟ أين توجد الأراضي السبع؟

د. زغلول النجار: نعم، طبعاً سؤال حيَّر المفسرين وعلماء المسلمين عبر التاريخ، وأنا لي مقال نُشر في جريدة الأهرام منذ أسابيع قليلة تحدثت فيه عن فهمي للإشارات القرآنية إلى السماوات السبع والأرضيين السبع، فالأرض ذكرت في القرآن الكريم في 461 موضعاً كلها بالإفراد كلها بالإفراد الأرض، وذكر في آية سورة (الطلاق) (الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن) فكما أن السبع سماوات متطابقة يغلف الخارج منها الداخل، فلابد أن تكون الأرضين السبع متطابقة يغلف الخارج منها الداخل، والعلم القياسي أثبت أن أرضنا تتكون من سبعة نطق متتالية لب صلب داخلي، يليه لب سائل، يليه أربعة أوشحة متمايزة، ثم الغلاف الصخري للأرض.

ماهر عبد الله: سيدي، في دقيقتين لو أردنا ختم الموضوع كثير من الاخوة يسألون عن دور النشر، دور النشر التي طبعت كتبك، هل.

د. زغلول النجار: والله دار الشروق تطبع كتاب الآن عن الإعجاز.

ماهر عبد الله: على.. على موقع الإنترنت موجود أسماء الكتب؟

د. زغلول النجار: موجود موجود، يعني دار الشروق تطبع كتاب عن الإعجاز، دار نهضة مصر طبعت كتاب (صور من تسبيح الكائنات لله) أقوم الآن بـ.. كتاب الجبال طبعته، r t (...) المعهد العالمي للفكر الإسلامي في فيرجينيا في أميركا، لي عدة مقالات منشورة في دوريات مختلفة.
ماهر عبد الله: طيب سيدي لو أردنا أن نختم في أقل.. أقل من دقيقتين، ثمة دعوى إلى إعادة صياغة العلوم وخصوصاً في جانبها الإنساني أكثر من جانبها العلمي، لأنها مبنية في الأساس على افتراضات، بعض هذه الافتراضات الفلسفة التي أنت ذكرت العلوم المادية ثم فلسفة العلم بعدها مباشرة، فلسفة العلم بشكلها الغربي غير موجهة، غير منطقية والآن هي في.. في حالة صراع للخروج من مأزق العدمية والعلم لذات العلم إلى نوع من التوجيه ما رأيك في قضية إعادة صياغة العلوم لتقترب أكثر من الإيمان.. من الحكمة..

زغلول النجار: والله يا أخي أنا دعوت في سنة 75 ميلادي دُعيت لمؤتمر في الرياض عن مؤتمر التضامن الإسلامي في مجال العلوم والتقنية، قدمت بحثاً عن ضرورة التأصيل الإسلامي للمعارف العلمية، ولقي البحث قبولاً كبيراً من كثير من الحضور، ولقي اعتراض أيضاً من كثير من الحضور، ولكن انبثق بعد ذلك مؤسسات كثيرة في العالم في أميركا وفي الدول العربية والإسلامية لإعادة صياغة العلوم من المنطلق الإسلامي الصحيح، لأننا حينما نقلنا هذه المعارف عن الغرب نقلناها بعثها وسمينها، وهذا الذي سبب شيء من البلبلة عند بعض أبناء المسلمين الذين لم يتربوا تربية إسلامية صحيحة في بيوتهم وفي مراحلهم التعليمية الأولي فأسلمة المعرفة ضرورة من ضرورات الأمة الآن، كما أن إلغاء الازدواجية ضرورة من ضرورات إصلاح التعليم.

ماهر عبد الله: طيب يا سيدي فقط في الختام الإخوة الذين يعني لاموني كثيراً على الإنترنت لعدم الخوض في تفاصيل الإعجاز العلمي أؤكدلهم أن هذا كان بطلب وإلحاح من الدكتور زغلول النجار الذي أحب طرح قضية الإعجاز العلمي دون الخوض في.. في تفاصيلها لأسباب يحتفظ بها هو، ولكن نعدكم بأن نعود لها إما معه أو مع غيره ليس بعد طويل زمن، لم يبق لي إلا أن أشكركم وأشكر باسمكم الدكتور زغلول النجار الخبير الجيولوجي المهتم بقضية الإعجاز العلمي للقرآن الكريم، إلى أن نلقاكم في الأسبوع القادم تحية مني، والسلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته